Hiba Awar

Hiba Awar

-حدث في 29 تشرين اول -

1863 - إنشاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي.1911- وفاة الناشر الاميركي جوزف بوليتزر الذي احدثت جوائز باسمه للاداب والصحافة في الولايات المتحدة.1914- الحرب العالمية الأولى: تركيا تدخل الحرب إلى جانب قوى المحور.1922- ملك ايطاليا فيكتور عمانوئيل الثالث يعين موسوليني رئيساً للحكومة.1923- إعلان قيام تركيا على أنقاض الدولة العثمانية المنهارة، وأول رئيس لها كان مصطفى كمال أتاترك.1929- انهيار بورصة نيويورك "وول ستريت".1952- بدء عملية "الورين" الفرنسية التي شارك فيها ثلاثون الف جندي للقضاء على قواعد تموين المقاتلين في فيتنام.1954– الرئيس المصري جمال عبد الناصر يحل جماعة "الإخوان المسلمين" إثر محاولة اغتيال فاشلة استهدفته.1956– اجتياح القوات البريطانية والإسرائيلية "سيناء" بغية احتلال قناة السويس بعد إعلان جمال عبد الناصر عن تأميمها.1960- فوز محمد علي كلاي في اول مباراة للملاكمة للمحترفين.1964- طنجنيقة وزنجبار تتحدان في جمهورية تنزانيا.1965– اختفاء المعارض المغربي المهدي بن بركة في باريس. 1998- بيع أقدم مخطوطة من أعمال عالم الرياضيات الاغريقي ارخميدس بمليوني دولار في مزاد علني في نيويورك.

إبقاء اللحم الأحمر ضمن سلّة الغذاء للفقراء هو هاجس وزير الزراعة (بلال جاويش)مستوردو المواشي يرفعون أسعار اللحمة 118% عمداًلم يعد هناك شكّ في أن كارتيل اللحوم الحيّة يرفع أسعار اللحمة عمداً لتحقيق أرباح غير مشروعة، ويضغط على وزير الزراعة حسين الحاج حسن لإجباره على التراجع عن قرارات تنظيم شروط الاستيراد، فالفواتير التي حصلت عليها «الأخبار»، تؤكّد أن أسعار اللحوم الطازجة لا ينبغي أن تتجاوز 11000 ليرة للمستهلك، أي أقل من السعر المباع حالياً بنسبة 118%!محمد وهبةتؤكّد الفواتير التي حصلت عليها «الأخبار» أن سعر كيلوغرام اللحمة في سوق المفرّق يجب ألّا يتجاوز 12100 ليرة، إذ إن متوسط سعر استيراد طن البقر يبلغ 1975 دولاراً، وإذا احتسبت الأكلاف التي يتكبّدها التجّار، بحسب ما صرّحوا خلال لقائهم مع وزير الزراعة حسين الحاج حسن، أول من أمس، أي خسائر الوزن التي تتراوح بين 5% و7%، وكمية اللحم الصافية للبيع، أي ما يوازي 40% من رأس البقر، ومتوسط أسعار مختلف أجزاء البقرة، ونسبة ربح تبلغ 20%، فإن السعر الذي يجب أن يصل الى تاجر المفرّق هو 11 ألف ليرة. أما إذا احتسبنا هذه العناصر على أساس هوامش الأرباح القصوى لتجار الجملة (5%) ونصف الجملة (5%) والمفرّق (10%)، والذي صدر أمس، فإن سعر 11 ألف ليرة يجب أن يكون للمستهلك، أي أعلى مما هو عليه حالياً (24 ألف ليرة) بقيمة 11900 ليرة وما نسبته 98.4%!فما هي خلفيات هذه الظاهرة واستهدافاتها؟حملة مسعورةتُظهر الوقائع أن كارتيل مستوردي المواشي الذين يحتكرون هذه التجارة، يرفعون الأسعار عمداً، فهم يسوقون حملة مسعورة ومنظّمة تستهدف تخريب قرارات تنظيم القطاع واستيراد اللحوم التي أصدرها وزير الزراعة حسين الحاج حسن، في إطار الأمن الغذائي للبنانيين، فهذه الحملة المسعورة أدّت إلى ارتفاع فجائي في أسعار اللحمة المبيعة في أسواق المفرّق في بداية الأسبوع الثاني من شهر تشرين الأول الجاري، إذ كان السعر الوسطي لكل كيلوغرام يبلغ 12 ألف ليرة، ثم تطوّر إلى 15 ألفاً، و18 في نهاية الأسبوع الماضي، ليصبح 24 ألفاً في اليومين الماضيين.ماذا جرى في هذه الفترة؟ وما الذي استدعى قيام حملة كهذه على الوزير حسين الحاج حسن؟ فالقرارات التنظيمية التي أصدرها الوزير لم تتضمن ما يعوق التجارة أو يقيّدها، بل كانت منسجمة مع المعايير العالمية لاستيراد اللحوم الحية والمذبوحة، كما أنها تلبّي جميع المستوردين وتساوي فيما بينهم، وبالتالي لم يعد لديهم دافع للجوء إلى «واسطة ما» توفّر لهم خدمات «السلطة العليا» أو «الباب العالي» في وزارة الزراعة، خلافاً للنظام الذي كان معمولاً به في السابق حين كان بإمكان كل تاجر الضغط على الوزارة، بأدوات مختلفة، لمنع «أذونات الاستيراد» عن هذا التاجر أو منحها لآخر.ما قام به الحاج حسن، هو أنه ألغى أذونات الاستيراد، واستبدلها بـ«علم وخبر» من أجل تبليغ الوزارة بالمعلومات المتعلقة بمصدر الكميات المستوردة ومسار الباخرة وقت وصولها إلى لبنان، وكل هذه الإجراءات هي لمصلحة التاجر والمستهلك، فلا يعقل أن يستورد التاجر المواشي من بلد موبوء وتصل الشحنة إلى لبنان ثم يتبين عدم صحّة دخولها إلى لبنان، وهذا سيكبده خسارة كبيرة في ثمن المواشي: أكلاف النقل... ويزاد عليها كلفة التلف إذا اضطر الأمر.ومن أجل التأكّد من مصدر الاستيراد ومطابقة الكميات المستوردة لمواصفات الغذاء السليم، تقرر أن ترسل بعثات إلى المصدر للتأكد من هذا الأمر «عند الضرورة»، وفرض أن يكون لدى كل مستورد محجر صحي يمكّنه من استقبال الحيونات الحيّة في انتظار بيعها، من أجل وقف ظاهرة البيع على الباخرة.قرار بالتصفيةلكن هذا الأمر لم يعجب كبار المستوردين الذين كانوا يتحكمون بالسوق ويتآمرون لشطب بعضهم من السوق، فيما كانوا على صراع مع مستوردي اللحوم المبرّدة والمجلّدة التي بدأت تستحوذ على حصص من السوق الاستهلاكية، فاتخذوا قراراً بـ«تصفية» ما أنجزه الحاج حسن، على أساس أن رفع الأسعار وإلقاء اللوم على قرارات الوزير لن يكونا مفهومين بالمعنى التقني لدى اللبنانيين لكونهم غير مطلعين على تفاصيل الاستيراد والمصالح المتضاربة بين التجار وهوية كبار المحتكرين ومدى سيطرتهم على السوق.ما فات هؤلاء، وهم 6 مستوردين للمواشي الحية «راسم ترايدنغ، نابلسي إخوان، خليفة ترايدنغ، مصري للمواشي، سيدرز ترايدنغ وتوفيق سليمان»، هو أن فواتير الاستيراد المصرّح عنها للجمارك اللبنانية في 20 تشرين الأول 2010، أي في الفترة التي تلت ارتفاع أسعار اللحوم في السوق المحلية، تفضح مخططاتهم وأهدافها، فهي تشير إلى أن متوسط سعر طن البقر الحيّ يبلغ 1975 دولاراً على الباخرة في محطة الوصول، وإذا احتسبت خسائر الوزن، وكمية اللحم الصافية للبيع بالمفرّق والتي توازي 40% من رأس البقر، ومتوسط سعر مبيع مختلف أجزاء البقرة، ونسب الربح المشروعة وفقاً لقرار هوامش الربح الأقصى بنسبة 5% لتاجر الجملة و5% لتاجر نصف الجملة وتاجر المفرّق (اللحام) 10% يصبح السعر للمستهلك 11000 ليرة، أي أعلى مما هو عليه حالياً (24 ألف ليرة) بقيمة 13000 ليرة وما نسبته 118%!عودة هوامش الأرباحإذاً، فإن السعر في السوق يمكن أن يعود إلى مستواه الطبيعي إذا قرّرت وزارة الاقتصاد القيام بوظفيتها وتطبيق هوامش الأسعار القصوى، والتي تحدّدت أمس في القرار الرقم 196 الذي أصدره وزير الاقتصاد والتجارة، محمد الصفدي، ليعيد العمل بالقرار 277/1 الذي يحدّد نسب الأرباح التجارية القصوى على السلع والمنتجات الحيوانية والحبوب والزيوت والسكّر والملح والخضر والفاكهة.لكن لهذا القرار قصّة تعود إلى الوزير سامي حداد ومكتب الـUNDP في وزارة الاقتصاد، فالاثنان قررا إلغاء هوامش الأرباح ووقف العمل بالقرار 277/1 بذريعة أنه يقيد التجارة ويعوّق انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية، والاتحاد الأوروبي، فالانضمام يجب أن يترافق مع فتح السوق اللبنانية أمام التجارة الخارجية من دون أي قيود أو رسوم... لكن عندما انتهى عهد الحدادين، وجاء الوزير الصفدي، أصدر قراراً يلغي قرار حداد، ويعيد العمل بقرار تحديد هوامش الأرباح القصوى للسلع الأساسية، لكن التجّار تكتّلوا في مواجهة القرار واعترضوا عليه في مجلس شورى الدولة حيث تصدر قرارات «غبّ الطلب»، فمنحهم القاضي شكري صادر هديّة بتعليق تنفيذ القرار لأن «التنفيذ قد يلحق بالمستدعي ضرراً بليغاً والمراجعة ترتكز على أسباب جدية.غير أن مجلس شورى الدولة نفسه وافق أمس على القرار الذي كان قد علّق صدوره سابقاً، فهل يملك التجار القدرة على تعطيل القرار مجدداً؟2050 يوروهو الحد الأعلى لسعر طن البقر الحي المستورد بتاريخ 20 تشرين الأول 2010 من بلدان أوروبا التي تعاني من فائض في الإنتاج، فيما تبيّن من فواتير الاستيراد أن الحدّ الأدنى لطن البقر الأوروبي يبلغ 1900 يوروذرائع للهروبمن أبرز الذرائع التي يقدّمها مستوردو المواشي لتبرير ارتفاع أسعار اللحوم الطازجة، هو التصوير أن هناك قراراً بمنعهم من استيراد الأبقار من أوستراليا، وقد اهتم رئيس الحكومة سعد الحريري (الصورة) بهذا الأمر باعتبار أنه سيحلّ مشكلة الأسعار، لكن تبيّن أن أوستراليا تشترط على لبنان أن يكون لديه محجر صحي بيطري، تلافياً لمشكلة جرت مع السعودية سابقاً. وتبيّن أن المحجر الخاص بوزارة الزراعة «استولت» عليه بلدية طرابلس وأقامت عليه منشآت ومحطة صرف صحي، وأنه يمكن حلّ شروط أوستراليا بأن يكون لدى كل تاجر محجر صحي.عدد الجمعة ٢٩ تشرين الأول ٢٠١٠

طربوش

خالد صاغيةكنّا نسمّيها صغاراً «العَبْدة». لم نعرف يوماً اسمها الحقيقي. لكنّها أحدثت انقلاباً في الحيّ. جاءت فجأة مع عائلتها السعيدة، وفتحت دكّاناً ساحراً. كان كلّ ما فيه جديداً على المدينة. كل أنواع «الحراتيق» التي يهواها الأطفال والفتيان، من حمّالات المفاتيح الملوّنة، إلى مجسّمات السنافر، إلى القمصان التي كان يمكننا اختيار أحد أبطال «ديزني» لطباعة صورته عليها.كانت صاحبة الدكّان تحمل جنسيّة سودانيّة على الأرجح، وكانت بشرتها سوداء. وهكذا كان أبناؤها أيضاً. أمّا زوجها، فلبنانيٌّ من مدينة طرابلس. وفي الواقع، لم يكن الدكان ومنتجاته وحدها ما سحرنا، لكن أيضاً العائلة نفسها التي بدا كل أفرادها جميلين ولذيذين. لقد أحببنا الدكان، وأحببنا أصحابه. لكنّنا لم نحفظ اسمه، ولا اسم أحد من العائلة التي تملكه. كنّا نغادر المنزل كلّما ادّخرنا بعض الفلوس، وإن سُئلنا: «إلى أين؟»، أجبنا: «عند العبدة». وحين نعود إلى المنزل بـ«حرتوقة» صغيرة، ونُسأل من أين اشتريناها، كنّا نقول: «من عند العبدة».وكانت «العبدة» تحبّنا أيضاً. تنظر إلينا، نحن الذين لم نبلغ العاشرة بعد، وتقول: «هيدول زبوناتي». لم أشعر وقتها بأنّ ثمّة ما هو خاطئ في تسميتي لصاحبة الدكان. كنت أدعوها «العبدة» بحبّ واحترام كاملين. لكن، حين أتذكّر ذلك الآن، أشعر بخجل عميق.أُقفلَ الدكان منذ زمن بعيد، ولا أعرف إن كانت العائلة قد عادت إلى الهجرة. لكنّي ما زلت حتّى الساعة أخاف أن ألتقي بصاحبته صدفةً. أخاف أن تكون قد عرفت بالاسم الذي كنت أناديها به.تذكّرت كلّ ذلك حين صادفت اليوم مركبات إعلانية تجوب شوارع بيروت لتروّج لمنتج «طربوش». و«طربوش» اليوم ليس إلا «راس العبد» سابقاً. بعد حملات عدّة، بدّل معمل «غندور» أخيراً اسم منتجه الفريد. بات بإمكاننا أن نذهب إلى دكان ما، ونطلب «طربوش غندور»، بدل أن ندلّ إليه بإصبعنا ونخجل من مناداته باسمه الوحيد المتوافر سابقاً، أي «راس العبد».و«طربوش» هو أكثر من اسم جديد. إنّه باب أمل بأنّ التغيير يمكن أن يطال عادات وأسماءً كنّا نظنّ أنّها راسخة إلى ما لا نهاية. إنّه باب أمل بأن يمرّ أسبوع من دون أن تقضي عاملة أجنبيّة بعد «سقوطها» من الشرفة، وأن يمرّ يوم من دون الاعتداء على عامل سوريّ أو مصريّ. إنّه باب أمل بأن يوضع يوماً ما حدّ لكلّ تجارة الرقيق التي بات اللبنانيّون لا يعرفون العيش من دونها.أيّتها الجارة، يا صاحبة الدكان السحريّ، أينما كنتِ في هذه الساعة، أريدك أن تعرفي أنّك غيّرتِ حياتنا إلى الأبد، وأنّ ظهورك المفاجئ في الحيّ، بدّل ملامحه الكئيبة. وأريدك أن تغفري لنا الاسم الذي اخترعناه لكِ. لقد كنتِ أوّل امرأة ذات بشرة سوداء أتعرّف إليها. ولهذه المناسبة، أهديك «طربوش غندور».عدد الجمعة ٢٩ تشرين الأول ٢٠١٠

سأل الأمين العام لحزب الله عن «حاجة التحقيق الدولي للملفات الطبية لنسائنا»؟ (هيثم الموسوي)ما بعد حادثة عيادة الطبيبة النسائية في الضاحية ليس كما قبلها. أولى خطوات الهجوم «العملي» على المحكمة الدولية بدأت أمس بخطاب الأمين العام لحزب الله، الذي انتقل من وصف المحكمة الدولية بـ«الإسرائيلية» إلى القول إن كل من يتعاون معها يكون داعماً لإسرائيل ضد المقاومة«كل من يتعاون مع المحققين التابعين للمحكمة الدولية يكون متعاوناً مع إسرائيل، ويسهم في الاعتداء على المقاومة». بهذه العبارة، مع كل ما يترتب عليها، يمكن اختصار خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس. فبحسب نصر الله، «كل المعلومات والبيانات التي يحصل عليها المحققون الدوليون تصل إلى الاستخبارات الإسرائيلية». وحتى ما قبل الحادثة التي وقعت بعد دخول المحققين الدوليين إلى عيادة نسائية في الضاحية الجنوبية، أول من أمس، كان الحزب يلتزم الصمت حيال كل الإجراءات التي يتخذها المحققون الدوليون. لكن ما جرى، هو بحسب نصر الله، «مفْصَل يجب التوقف عنده». وهذا المفصل، دفع الأمين العام لحزب الله إلى دعوة المواطنين اللبنانيين والمسؤولين إلى عدم الاستجابة لطلبات المحققين الدوليين، وإلى أن «يتصرفوا بمقتضى شرفهم وكرامتهم ووطنيتهم».الخطاب المتلفز لنصر الله أظهر أن الحزب لم يأخذ في الحسبان ما قيل خلال الأسبوع الماضي عن أن موعد صدور القرار الاتهامي أرجئ إلى آذار 2011، إذ إنه تحدّث عن معلومات وردته عن ضغوط أميركية تمارس على المدعي العام الدولي دانيال بلمار من أجل إصدار قراره قبل موعده المقرر، أي «كانون الأول المقبل»، رابطاً بين هذه المعلومات واتصال وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون برئيس الجمهورية ميشال سليمان، إضافة إلى الزيارة التي قام بها مساعدها لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان إلى بيروت. وكشف نصر الله عن أنه أُبلِغ هذا القرار منذ عام 2008، علماً بأنه «مكتوب منذ عام 2006، وهو يتضمن حرفياً ما ورد في لو فيغارو ودير شبيغل، وسترون ذلك».نصر الله قال إن حزب الله كان يصمت عن «الاستباحة الأمنية التي يمارسها التحقيق الدولي لكل شيء في لبنان، لكي لا يُقال إن هناك عرقلة. نعرف أن هذا كان يثير حساسيات كبيرة في البلد. (كنا نسكت) مراعاة لعائلة الشهيد الرئيس الحريري، ومُراعاة لتياره، ومراعاة للجو العام في البلد، ولاعتبارات متنوعة ومتعددة حصل ما حصل».ومنذ يوم أمس، أعلن نصر الله أن زمن السكوت قد ولّى. «وصلنا إلى مكان لا أعتقد أنه يمكن أن يحتمل أو يمكن أن يطاق أو يسكت عنه أو عليه تحت أي اعتبار سياسي أو داخلي أو خارجي أو كرامةً لأحد، أبداً، لن نسكت عن هذا الموضوع كرامةً لفلان أو فلان. هنا اسمحوا لنا في هذا الموضوع، ما هي حاجة التحقيق الدولي للملفات الطبية لنسائنا؟».عدّد بعض البيانات التي طلبتها لجان التحقيق الدولية وفريق المدعي العام الدولي: بيانات الهويات، بيانات الاتصالات الخلوية والثابتة والرسائل النصية (SMS) منذ عام 2003 لغاية الآن، لوائح مشتركي كهرباء لبنان، قاعدة بيانات الحمض النووي (دي أن آي) المتوافرة لدى الدولة اللبنانية، البيانات المتعلقة بجميع الطلاب الذين كانوا مسجلين في الجامعات الخاصة بين عامي 2003 و2006، بصمات من مديرية دائرة الجوازات في الأمن العام (كل البصمات لجميع جوازات السفر التي عليها بصمات قد طلبت وحصل جدل في الموضوع وحصلت تسوية حصل المحققون الدوليون بموجبها على بصمات وبيانات 893 شخصاً لبنانياً)، قاعدة بيانات نظام المعلومات الجغرافي في لبنان «من الحدود إلى الحدود: جبال، وديان، النقاط الحساسة، النقاط المهمة، هذا الأمر له عالمه ومصطلحاته، أما علاقته باغتيال الرئيس الحريري فهذا بحث آخر». وقال نصر الله إن المحكمة الدولية تتبلغ تباعاً كل ما يطرأ على بعض هذه البيانات من متغيرات. أضاف: «لم نتكلم مع علمنا أن هذه المعطيات هي أوسع وأكبر بكثير من تحقيق في عملية اغتيال، ومع علمنا بأن المحققين عملوا، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، على جمع معلومات عن حزب الله أوسع بكثير من موضوع يرتبط باتهام مجموعة أو مجموعات باغتيال الرئيس الحريري، ومع علمنا بأن كل المعطيات والمعلومات تصل إلى أجهزة أمنية غربية وإلى إسرائيل».وتساءل نصر الله عما يحتاج إليه المحققون الدوليون من عيادة «هي التي نتردد إليها نساء وزوجات وبنات قياديين وكوادر ومسؤولين من حزب الله»، وفي هذه العيادة ملفات لسبعة آلاف سيدة. وتوجه نصر الله بالسؤال إلى «مسؤولين لبنانيين، لأني سمعت أمس أشخاصاً صرّحوا عبر الإعلام، أريد أن أسأل الرؤساء والوزراء والنواب والقضاة والمواطنين: من منكم يقبل أن يأتي أي أحد ليطّلع على ملف زوجته أو والدته أو أخته أو ابنته، ملف طب نسائي، لو كان ملف عيون أو مشاكل أذن ماشي الحال، لكن ملف طب نسائي من يقبل بهذا الموضوع؟». وأعرب نصر الله عن «ذهوله» للسرعة التي تحرك بها المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، وفتحه تحقيقاً في الحادثة التي وقعت في العيادة، «وهو الذي سكت لسنوات طويلة عن شهود الزور. وأنا كنت أظن أنه أسرع لكي يدافع عن أعراضنا وعن كراماتنا».وتساءل نصر الله عن جواز «أن نبقى كلبنانيين، سواء كنا في مواقع الرئاسة أو الحكومة أو المجلس النيابي أو إدارات الدولة أو كشعب لبناني، نرضى بهذه الاستباحة التي تجري باسم التحقيق الدولي»، وخصوصاً أن «التحقيق انتهى، والقرار الظني مكتوب منذ عام 2006، وكل هذه التحقيقات التي تحدث هي للاستفادة من هذا الغطاء لتحصيل أكبر قدر ممكن من المعلومات». وقال نصر الله إن فريق التحقيق الدولي اتصل بأكثر من طبيب وطلب منهم الحضور «أنتم وملفات» عشرات الأشخاص، كاشفاً أن بعض هؤلاء تعرضوا للتهديد إذا لم يستجيبوا لطلبات فريق التحقيق.وكان نقيب الأطباء شرف أبو شرف قد كشف في حديث تلفزيوني أمس عن أن المحققين الدوليين طلبوا من أربعة أطباء الحصول على معلومات عن مرضاهم، مشيراً إلى أنه يحق للأطباء رفض طلب اللجنة. وأكد أبو شرف أنه «لا يحق للطبيب كشف الملف الشخصي للمريض، إذ إن ملفات الطبيب سرية، ويمكن الكشف عنها في إحدى حالتين، إما لسبب كبير أو بناءً على طلب من المريض».بدوره، أكد وزير الصحة محمد جواد خليفة أن محاولة المحققين الدوليين الاطلاع على سجلات المرضى في عيادة الطبيبة إيمان شرارة أمر مخالف لقانون الآداب الطبية ولحقوق المريض في لبنان، لافتاً إلى أنه «لا يمكن الكشف عن المعلومات الطبية للمريض قبل توقيع المريض أو بقرار قضائي»، معلناً أنه سيطرح الحادثة في أول جلسة تعقدها الحكومة.أبرز ردود الفعل على كلام نصر الله أتت من رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع الذي رأى أن ما قاله الأمين العام لحزب الله «خطير جداً، وفيه تهديد للدولة اللبنانية»، لأن «أول من يتعاون مع المحكمة الدولية هو الدولة اللبنانية، كما أن الحكومة الحالية تعهدت ببيانها الوزاري أن تكون مع المحكمة الدولية وأن تسهّل عملها». وقال جعجع إن نصر الله «يهدد بذلك المواطنين اللبنانيين»، مطالباً وزراء حزب الله بطرح الموضوع على الحكومة «أو الانسحاب منها». وتمنى جعجع على رئيسي الجمهورية والحكومة أن يعقدا «جلسة للحكومة لتأكيد التعاون مع المحكمة».نحاس: لا صدقية لاتهام يُبنى على الاتصالاتأكد وزير الاتصالات شربل نحاس، أمس، أن على فريق التحقيق التابع للمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري أن يأخذ في الحسبان أن «نظام الاتصالات في لبنان تعرض لخروق متمادية، وأن صدقية هذا المستند يجب أن تكون محدودة بحسب التقدير الفعلي لمستوى هذه الخروق» إذا كان القرار الاتهامي سيُبنى على الاتصالات.ولفت نحاس إلى أن مفاعيل القرار الظني «والاستغلال السياسي لتوقيته بدأت أضرارها تظهر بما يكفي»، داعياً القضاء اللبناني إلى إظهار «مدى اختراق قواعد المعلومات والاتصالات بنتيجة التحقيق مع العملاء».وأعرب نحاس عن افتخاره «بالاستحصال على إدانة إسرائيل لخرقها نظام الاتصالات في لبنان، وهذا إسهام وواجب، وإن كان محدوداً، في إطار الجهد الذي تبذله الدولة بمختلف مكوناتها ولا سيما الجيش، وكذلك الشعب اللبناني ومقاومته. وحيال تضحية الشباب بحياتهم، يبقى أضعف الإيمان أن يسهم مَن في مواقع قيادية في تحصين الدولة اللبنانية والشعب». ورأى نحاس أن القرار الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات «يستدعي متابعةً على الصعد الخارجية، وأيضاً على الصعد الداخلية، لكي نرتقي بنظام الاتصالات إلى مستوى الفاعلية والحصانة، وهما أمران متلازمان، لأن العجز الفني يسهّل الاختراقات، كل ذلك بغرض الارتقاء بهذا القطاع لخدمة السلامة الوطنية، وفي الوقت نفسه الاقتصاد والمستهلكين. ونأمل أن نسير في هذه الخطى بالسرعة التي يحتاج إليها لبنان وطناً وأفراداً ومواطنين ومؤسسات».كلام نحاس أتى عقب استقباله، بحضور رئيس الهيئة المنظمة للاتصالات بالإنابة عماد حب الله، وفداً من كتلة الوفاء للمقاومة النيابية، أمس، ضم النواب علي عمار وحسن فضل الله ونوار الساحلي. وبعد اللقاء، قال فضل الله إن قرار الاتحاد الدولي للاتصالات إدانة إسرائيل بسبب اعتدائها على قطاع الاتصالات اللبناني «هو انتصار دبلوماسي للبنان في مواجهة العدوانية الاسرائيلية، ويمثّل وثيقة دامغة تدل وتؤكد وتثبت أن اسرائيل اعتدت على هذا القطاع وتجسست عليه وتحكّمت فيه وسيطرت عليه فنياً وتقنياً، وتالياً ألحقت أضراراً بالغة بأمن هذا القطاع وسلامته، وبحرية أمن اللبنانيين وسلامتهم جميعاً».فضل الله، الذي شكر نحاس على جهوده بشأن قرار الاتحاد الدولي، طالب الحكومة باتخاذ كل «الإجراءات اللازمة، وخصوصاً لجهة استكمال هذه القضية في الأمم المتحدة»، بعدما تقدم لبنان بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي على إسرائيل بسبب زرعها للجواسيس في لبنان ومؤسساته الرسمية وقطاع الاتصالات. كذلك رأى فضل الله أن من واجب الحكومة أن تحصّن «هذا القطاع في وجه الاستباحة الإسرائيلية».عدد الجمعة ٢٩ تشرين الأول ٢٠١٠

كنعان: لا نستطيع إقرار الموازنة قبل درس قانون قطع الحساب (أرشيف ــ هيثم الموسوي)رشا أبو زكيلا يزال سجل الفضائح مفتوحاً في وزارة المال، إذ تكشف جلسات لجنة المال والموازنة النيابية في كل جلسة تعقدها فضيحة. وأمس، خلال الجلسة الثانية التي عقدت لمساءلة وزارة المال عن قطع حساب الأعوام بين 2006 و2009، وحسابات المهمة منذ عام 2001 حتى الآن، ظهرت فضيحة أخرى، إذ سأل النائب علي حسن خليل عن تقارير التدقيق المحاسبي في أعمال المؤسسات العامة والرقابة المؤخرة عليها، التي وردت في قانون الموازنة الصادر في عام 2001، اذ نص على وجوب تسليم هذه التقارير إلى المجلس النيابي، إلا أن هذا الأخير لم يحصل على هذه التقارير حتى الآن!وزيرة المال ريّا الحسن حضرت إلى المجلس النيابي مدججة بفريقها النيابي والاستشاري، إذ شارك في الجلسة أكثر من 40 نائباً، فلم تنجح في توضيح النقاط الملتبسة المتعلقة بالحسابات المالية للدولة، ولم تنجح في رفع وزارة المال إلى مستوى تحمّل المسؤولية، أو على الأقل إلى مستوى يُظهر القدرة على الدفاع عن المال العام، فهي لم تقدّم أي تقارير توضح كل ما حصل خلال فترتها (الحسن) وما قبلها.في المقابل، لم يشعر النواب في اللجنة أنهم اقتربوا من فهم حقيقة الأسباب التي كانت تمنع وزارة «بأمها وأبيها» من إصدار حسابات المهمة وقطع حسابات الإنفاق خلال السنوات الماضية بطريقة مفصّلة، ولا الأسباب التي جعلت كل حسابات الدولة غير دقيقة منذ عام 1993.تثير جلسات المساءلة هذه امتعاض تيار المستقبل، كما ظهر في جلسة أمس في الدفاع المستميت عن الحسن من جهة، ومن جهة أخرى التصعيد الإعلامي الذي يرافق الجلسات من الخارج، بحيث أعلن عدد من نواب تيار المستقبل أن ما يحدث في اللجنة هو اغتيال ثان للرئيس رفيق الحريري، في محاولة لتجييش الشارع ضد لجنة المال والموازنة التي تعمل على كشف ما سُتر طوال 17 عاماً.بعد جلسة طويلة أمس، خرج المجتمعون في اللجنة باتفاق على أن «هناك خللاً محاسبياً في الوزارة» وفق ما قالت الحسن، إلا أن الأخيرة لم توضح سبب وجود قطعين للحساب في سنة 2005 أرسلا إلى ديوان المحاسبة، ولا سبب عدم موافقة ديوان المحاسبة على أي حساب مهمة منذ سنة 1993 إلى سنة 2000، ولا اختفاء حساب المهمة من الوزارة منذ عام 2001 حتى الآن، ولم تقدم أي تبرير لعدم تقديم قطع حساب مفصّل للأعوام بين 2006 و2009، ولم تعلل غياب الرقابة بنحو مطلق عن حسابات الوزارة منذ عام 1993 حتى الآن... لا بل إنه بعد الجلسة الماراتونية السابقة للجنة المال والموازنة، وبعدما وعدت الحسن بتقديم إجاباتها عن الكثير من الأسئلة التي طرحت، أطلّت الحسن في الجلسة الثانية أمس لتدعو النواب إلى صياغة أسئلتهم مكتوبة: «لكي لا أضيع»، كما قالت.وقد أعلن النائب إبراهيم كنعان، إثر الجلسة، أن مسائل عديدة طرحت خلال الجلسة واستدعت نقاشاً مع النواب بشأن مسار المحاسبة العام ومدى احترام الأصول والقوانين المرعية، وهذا النقاش كان مفيداً جداً لحصر نقاط الخلاف وللوصول إلى عدد من الاقتراحات التي قد تسهم في تحديد أمرين: الاول هو أين الخلل والمسؤوليات؟ والثاني هو وضع حدود زمنية لمعالجة هذا الأمر جذرياً، «لا أن ننتظر 17 سنة ثانية، كما قال بعض النواب، للانتهاء من هذه المشكلة المزمنة».أما الاقتراحات فهي كالآتي:ــ تبنّي مضمون المادة 23 من موازنة 2005 التي أقرّت في عام 2006. ويرتكز هذا الاقتراح على معالجة الخلل المحاسبي القائم بين وزارة المال وديوان المحاسبة، وذلك بالتعاون في ما بينهما، ضمن مهلة محددة تحددها اللجنة.ـــــ تبنّي مضمون مشروع قانون صدر عن الحكومة في عام 2006، ويتعلق بمراجعة حسابات الأشخاص المعنويين وتدقيقها، وهذا المشروع يمكن أن يتطلب إعادة صياغة ليتلاءم مع الوضع الحالي الناتج من الخلل في مسألة قطع الحساب، وموضوع حساب المهمة.ـــــ اقتراح من نواب تكتل التغيير والإصلاح كرّروه في هذه الجلسة، بدعوة الوزراء المتعاقبين على وزارة المال إلى استيضاحهم بعض المسائل المتعلقة مباشرة بعملية إنجاز حساب المهمة وقطع الحساب في المرحلة التي كانوا هم فيها في موقع المسؤولية في وزارة المال.وقد قررت اللجنة:ـــــ الطلب من وزارة المال تزويد اللجنة تقارير التدقيق المحاسبي في أعمال المؤسسات العامة والرقابة بحسب قانون الموازنة الصادر عام 2001، ووعدت وزيرة المال بأن تلبّي هذا الطلب بحسب قانون موازنة عام 2001.ـــــ دعوة ديوان المحاسبة إلى حضور الجلسة المقبلة للجنة وتزويدها بالمراسلات الكاملة التي حصلت بينه وبين وزارة المال.ـــــ تحديد جلسة ثالثة لاستكمال هذا البحث، وتسلّم تقارير ومراسلات ديوان المحاسبة والتقارير المطلوبة منذ عام 2001 من وزارة المال، وذلك في جلسة حددت يوم الثلاثاء الواقع فيه الثاني من تشرين الثاني، العاشرة والنصف قبل الظهر.وأوضح كنعان أن جلسات الاستماع في موضوع قطع الحساب تتصل بالموازنة، لكنها لا تؤخر أو تعطّل إقرار أو إنجاز الموازنة، ولا علاقة لها بتأخير الموازنة، لا بل على العكس، فإن هذه الجلسات تسهم في التوصل إلى حلول وتحديد المسؤوليات، وإلى قانون قطع الحساب. في المقابل، تستمر أعمال لجنة المال، بالتوازي مع هذه الجلسات، في بحث مواد مشروع قانون موازنة عام 2010، وتسير اللجنة في خطى سريعة لإنجاز مشروع موازنة عام 2010، إلا أنه «لا نستطيع إقرار هذه الموازنة وتصديقها في الهيئة العامة قبل أن ندرس قانون قطع الحساب. لذلك، نحن مهتمون، وخصوصاً بعد الموقف الذي صدر عن ديوان المحاسبة، بعملية دفع الأمور إلى الأمام ومعالجة هذا الخلل المحاسبي القائم منذ عام 1993 حتى اليوم».عدد الاربعاء ٢٧ تشرين الأول ٢٠١٠

كشف عبد المجيد لطفي، المدير العام لشركة فينيسيا ـ آر رينتا ش. م. ل. (باك)، عن وثيقة بالغة الأهمية، في معرض ردّه على ما نشرته «الأخبار» في عدد أمس تحت عنوان «محمد زيدان يحتل المطار»قد يكون تسريب الوثيقة التي أرسلتها شركة «باك» إلى «الأخبار» ناجماً عن خطأ في تقدير مضمونها، أو بهدف إطلاق تهديد علني بأن أي قرار يؤدّي إلى إخراج شركة «باك» من السوق الحرّة في المطار سيكبّد الخزينة العامّة مبالغ طائلة، هي عبارة عن تعويضات مزعومة ستنجم عن تقصير مدّة العقد الأساسي، أي 15 سنة، وهو تماماً ما سعت «الأخبار» إلى فضحه، إذ أشارت إلى وجود «لعبة» تقضي بتمديد عقد الشركة كل 4 سنوات، في تحايل فاضح على القوانين وقرارات هيئات الرقابة، ولا سيما ديوان المحاسبة.هذه الوثيقة هي عبارة عن كتاب وجّهته الشركة، ممثلة برئيس مجلس إدارتها محمد زيدان، بتاريخ 8/3/2010، إلى الوزير غازي العريضي، تطلب فيه تعيين مدقق حسابات مستقل لتحديد التعويضات المستحقة لها، وذلك استباقاً لأي قرار يقضي بـ«الإنهاء المبكر للعقد الأساسي»، أي العقد الموقّع في عام 1996، الذي نصّ على السماح للشركة باستثمار مساحة إجمالية هي 8277 متراً مربعاً بمبلغ 38 مليون دولار فقط، وذلك عن كل فترة هذا العقد المحددة بـ15 سنة، وهو ما يخالف القوانين المرعية الإجراء التي تمنع «إشغال أو إدارة أملاك الدولة العمومية الخاصة» لمدّة تتجاوز 4 سنوات.وجاء في هذه الوثيقة ما يدين المسؤولين عن توقيع العقد، إذ أبلغ زيدان الوزير العريضي أن الشركة سددت مبلغ 38 مليون دولار سابقاً، على الرغم من أن مجلس الوزراء قرر تقليص مدّة العقد إلى 4 سنوات، وهذا دليل إضافي على ما أوردته «الأخبار» عن وجود تواطؤ بين الشركة والمسؤولين، ووجود تحايل على القوانين وآراء هيئات الرقابة وقرارات مجلس الوزراء. إذ كيف قبلت الحكومة حينها بتقاضي بدلات عقد على مدى 15 سنة بعد تقليص مدّته إلى 4 سنوات؟ ربما هذا ما يبرر بقاء دعوى الشركة ضد الدولة منذ 15 سنة وعدم إلزامها بإسقاطها عندما أُبرمت التسوية معها.ونظراً إلى أهمية هذه الوثيقة، فإن «الأخبار» تنشر أهم ما ورد فيها، مع الإشارة إلى أن الشركة لم تطلب في كتابها «الإنهاء المبكر» بحسب مزاعم لطفي، بل هي طلبت تعيين مدقق حسابات من بين 3 شركات اختارتهم هي، وهددت بالمطالبة بتعويضات كبيرة إذا تجرّأ الوزير المختص على إجراء مزايدة جديدة قبل استنزاف مدّة العقد الباطلة بطلاناً مطلقاً بحسب آراء هيئات الرقابة والجهات القضائية التي تدخّلت في هذا الملف. وتجدر الإشارة إلى أن الشركة تقرّ في كتابها بأنها كانت قد أرسلت كتاباً مماثلاً في 29/11/2005، أفضى إلى اتخاذ قرار في مجلس الوزراء حينها يقضي بتمديد العقد 4 سنوات إضافية قبل 8 أشهر من حلول نهاية مدّته، ومما جاء في الكتاب: «عطفاً على كتابنا إلى وزير الأشغال العامة المسجّل تحت الرقم 7905 تاريخ 29/11/2005 والمراجعة المرفقة به والموضوع المذكور أعلاه:1 ـــــ نص قرار وزير الأشغال الرقم 465/ ص تاريخ 28/6/2002 على اعتماد مدة الأربع سنوات وفقاً لرأيي مجلس شورى الدولة الرقم 75/ 2000 و78/ 2001 ووفقاً للأسس المحددة في هذين البندين، مع تقيّدنا بتنفيذ جميع الالتزامات التعاقدية بصورة كاملة وبموجب العقد الأساسي الموقّع معنا بتاريخ 8/3/1996.2 ـــــ تسلّمنا الموقع مع التحفّظ، كذلك نفّذنا جميع التزاماتنا بموجب العقد الأساسي، بما في ذلك دفع الرصيد الواجب عن الاستثمار لمدة 15 سنة والبالغ 18 مليون دولار، وذلك بتاريخ 2/1/2003، وكنا قد دفعنا فور تأسيس الشركة المستدعية، أي بتاريخ أيلول 1996، مبلغ 20 مليون دولار، زائداً عدد الدفعات السنوية حسب عدد الركاب.3 ـــــ ينص الرأي (شورى الدولة) الرقم 75/ 2000 في الصفحة 9 على ما يأتي حرفياً:«يمكن المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات خفض مدة العقد من طرف واحد حتى يأتي متوافقاً مع الأحكام القانونية التي ترعاه، ما دام هذا الحق هو من حقوق الإدارة، حتى لو لم يقترن بموافقة المتعاقد معها. ويبقى على عاتق هذا الأخير التقيّد بتنفيذ التزاماته التعاقدية تنفيذاً كاملاً، حتى لو أدى ذلك إلى إلحاق الضرر به، على أنه يحق للمتعاقد ذاته، في هذه الحالة، مطالبة الإدارة بالتعويض».4 ـــــ في حال تنفيذ القرار، وتقرير تسلّم المساحات عند انتهاء السنوات الأربع، وباعتبار أن تحديد المبالغ الواجب إعادتها يستلزم بحد ذاته دراسة علمية، إذ إن المبالغ قد دفعت بين عام 1996، عندما دفع أكثر من نصفها، وآخر عام 2002 عندما دفع الرصيد، ولهذا تدخل في تحديدها اعتبارات اقتصادية عديدة بينها معدل الفائدة، الذي أكدت لنا «إيدال» وجوب أن يتعدى 12% في كتابها الموجّه إلينا، والمؤرّخ في 21/11/1995.لهذا كلّه، ولأنه يجب أيضاً دراسة العطل والضرر الناتجين من تقصير المدة (أي 15 سنة)، فإننا نرى اعتماد مدقق حسابات مستقل مقبول من المالك، وفق أحكام هذا العقد، لدراسة هذا الموضوع وتحديد نتيجته. ونقترح أن يكون إحدى المؤسسات الدولية الآتية:1) Ernst & Young2) KPMG3) Deloite & Touche5 ـــــ لهذا، بما أن العقد الموقع بيننا وبين الدولة اللبنانية هو عقد تجارة دولية، وبما أن السوق الحرة كمرفق من مرافق المطار (...) يجب أن تبقى، دون أي انقطاع، بكامل وضعها المتقدم، الأمر الذي يستلزم حل هذا الموضوع، أي قبل انتهاء مدة السنوات الأربع الممددة بقرار مجلس الوزراء الرقم 7 تاريخ 5/1/2006 التي تنتهي بتاريخ 19/11/2010 بفترة معقولة تتيح انتقال الاستثمار دون أن يتأثر».(الأخبار)تمديد العقودأوضح عبد المجيد لطفي، المدير العام لشركة «باك»، في بيان تلقّته «الأخبار»، أن عقد الشركة ينتهي في 19 تشرين الثاني 2010، لا في 31 آب الماضي، إذ إن مجلس الوزراء اتخذ بتاريخ 2/10/2006 قراراً حمل الرقم 32 ويقضي بتمديد كل عقود الشركات العاملة في مطار رفيق الحريري تعويضاً عن فترة إقفال المطار القسرية أثناء فترة العدوان الإسرائيلي في حرب تموز. وبالتالي، فإن التمديد يصل إلى 69 يوماً لجميع الشركات... تنتهي في 19 تشرين الثاني المقبل بالنسبة إلى شركة «باك»، وبالتالي فهي تعمل ضمن الإطار القانوني.ونفى البيان التوضيحي أن يكون عقد الشركة رضائياً، إذ إن العقد وقّع بعد إجراء مزايدة عامة. وأشار إلى إن قرار جعل العقد أربع سنوات تُجدد تلقائياً قد اتخذ في مجلس الوزراء بتاريخ 5/4/2001 بقرار رقم 6، وكان الرئيس سليم الحص رئيساً للحكومة آنذاك، والوزير جورج قرم وزيراً للمال والرئيس نجيب ميقاتي (الصورة) وزيراً للنقل. وجاء في القرار «على أنه يمكن، في إطار هذا الخيار، النص في العقد على أن مدته هي لأربع سنوات تجدد تلقائياً ما لم يتفق الفريقان على خلاف ذلك، وفي هذه الحالة يلحظ العقد عدم التعويض على المجموعة عن الأضرار اللاحقة بها من جراء هذا التعديل».وقال إن شركة «باك» لم تطلب تمديد العقد قبل أربع سنوات، وهذا ما لا تطلبه اليوم أيضاً. وإذا رغبت الحكومة في التمديد مرة جديدة أو عدمه، فهذا أمر يعود إلى الدولة اللبنانية، إلا أن شركة باك كانت قد طلبت بكتاب وجهته إلى وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي بتاريخ 18 آذار 2010 الإنهاء المبكر، داعية إلى «الموافقة على تعيين مدقق حسابات مستقل مقبول من المالك يحدد التعويضات الواجبة لنا في حال الإنهاء المبكر، كما هو محدد في الفقرة (4) من ثانياً، وفق أحكام العقد».عدد الاربعاء ٢٧ تشرين الأول ٢٠١٠

ايلي الفرزليعندما عقدت لجنة المال والموازنة النيابية الأسبوع الماضي جلسة خاصة لمناقشة موضوعي قطع الحساب وحساب المهمة، لم يكن على جدول الأعمال، أكثر من «فضيحتين» كشفهما ديوان المحاسبة في بيانه الشهير حول عدم تسلمه حسابات المهمة منذ العام 2001، وكذلك استلامه قطعَي حساب مختلفين عن العام 2005.منذ تلك الجلسة وحتى جلسة الامس، بدا أن الدخول إلى «مغارة وزارة المال» يجعل من الصعوبة بمكان الوصول إلى نهايتها. فكلما فتحت كوة في جدارها تكشفت أنفاق جديدة، حتى بات الشغل الشاغل للوزارة والفريق السياسي الوصيّ عليها، منذ 1993 وحتى اليوم، البحث عن مخارج جانبية على شكل تسويات تقرّ بالمشكلة ولكن تدعو إلى تخطيها عبر التأكيد على المسؤولية المشتركة تارة، والإشارة إلى الخلفية السياسية للنقاش الدائر داخل اللجنة طوراً.كان من المفترض أن تكون جلسة أمس مخصصة للاستماع إلى أجوبة وزيرة المالية ريا الحسن على تساؤلات النواب في الأسبوع الماضي، ولكن ما حصل أن ملف الأجوبة الذي بين يديها استبدل بملف مليء بأسئلة جديدة ينتظر أن تجيب عليها في جلسة الثلاثاء المقبل.عنوان الجلسة الثانية للاستماع للحسن كان تثبيت إقرار الجميع بأن حسابات الدولة لا تخضع للتدقيق، وبالتالي فإن القوانين التي تحكم حركة هذه الحسابات لا تطبق. بين سطور هذا الإقرار، يطرح نواب من المعارضة اسئلة عن إمكان التعديل بهذه الحسابات بدون أي مستندات، مع ما يعنيه هذا الأمر من استباحة للمال العام.النواب الذين كانوا ينتظرون تبريراً لإرسال الوزارة قطعي حساب عن العام 2005، وجدوا أنفسهم أمام إقرار أفدح. فقد اعترفت وزيرة المال أن الأمر تكرّر مع قطعَي حساب سنتي 2006 و2007، أي أن ديوان المحاسبة تسلّم قطعَي حساب عن كل سنة لتكون النتيجة النهائية ستة قطوع حسابات عن ثلاث سنوات. مسألة تلقفها نواب المعارضة بكثير من الدهشة، لما تشكله من اصرار على مخالفة القانون. أما توضيح الحسن لهذه المخالفة فلم يسهم إلا في صبّ المزيد من الزيت على النار. إذ أنها بعدما أشارت في الجلسة الماضية إلى أنها أعفت مديرة المحاسبة العامة من مهامها، لأنها لم تأخذ موافقتها على تقديم قطع الحساب لديوان المحاسبة، في مخالفة واضحة لقانون المحاسبة العمومية الذي يلزم مديرية المحاسبة العامة بإرسال قطع الحساب إلى الديوان رأساً، عادت الحسن أمس، وقالت إنه بتقدير شخصي منها، اعتبرت أن الموظفة كان يجب أن تسألها على اعتبار أن البلد يمرّ بظرف سياسي حساس، كما أن الموضوع يدرس في الحكومة!وما كان مستغرباً من قبل نواب المعارضة أيضاً، إعلان الحسن أنها أصبحت جاهزة لتقديم حسابات المهمة للسنوات 2001 وحتى الآن. فكرت سبحة الاسئلة عن التغيير الذي طرأ، وكيف كان إعداد هذه الحسابات غير ممكن في السابق وأصبح اليوم منجزاً. ويسأل أحد النواب: «هل تلاعبتم بالأرقام حتى أصبحتم جاهزين لتقديم حسابات المهمة، وطالما أن كل شيء مسجل فلماذا لم تفرجوا عن هذه الارقام من قبل؟وعندما ازدياد الضغط، للوزيرة اجابة تتكرر: أنا ما خصّني اسألوا وزراء المالية السابقين. وهو طلب كان قد طلبه نواب تكتل التغيير والإصلاح وينتظر أن يبت به في الاسبوع المقبل، ولكن حتى ذلك الحين وطالما أن الحكم استمرارية، يقول أحد النواب، إن الوزيرة هي المعنية حالياً بالاجابة على كل تساؤلات النواب وتوضيح أسباب هذا الاهتراء داخل الادارة المالية للدولة. وهل هو الاهتراء الذي يسمح بعدم معرفة النفقات والمداخيل الفعلية؟ وإذ يثق النائب المعارض بأن الواقعية السياسية قد لا تسمح بتحويل المسؤولين عن هذ التسيب إلى القضاء، إلا أنه يؤكد ان المطلوب هو عدم السماح باستمرار هذا الفساد، عبر تفعيل عمل الجهات الرقابية وتمكينها للقيام بواجبها.في تبرير الحسن لما يجري في الوزارة، أكدت ان المشكلة تعود إلى الحرب الأهلية، التي أفرزت واقعاً مزرياً في الإدارة اللبنانية، والتي تقرر في العام 1993، وحينها كان الرئيس فؤاد السنيورة على رأس الوزارة، تصفير حسابات الدخول، بدل احتساب موجودات الخزينة والبناء عليها، بحسب أحد النواب، وهو ما أدى إلى وجود خلل في حسابات المهمة اللاحقة، منع ديوان المحاسبة من مطابقتها مع قطوع الحسابات المرسلة إليه، والتي كان يرسلها إلى المجلس النيابي مذيلة بعبارة «مع التحفظ لأننا لم نستطع التدقيق بالأرقام».وبالاضافة إلى هذه المعضلة التي واجهت عمليات التدقيق في مالية الدولة، نشأت في العام 97 مشكلة جديدة تمثلت باعتماد الوزارة على نظام محاسبة جديد، أتى ليزيد من صعوبة عمليات المطابقة، ويقضي على أي أمل بدور فاعل للهيئات الرقابية.ورداًَ على ما طرح عن إمكان إعداد قطع الحساب من دون حساب المهمة، أخرج النائب ميشال الحلو محضر اجتماع الهيئة العامة في العام 1995 أثناء مناقشتها الموازنة العامة، والذي يؤكد فيه السنيورة على «الرابط العضوي بين قطع الحساب وحساب المهمة»، معلناً أن الوزارة أصبحت بجهوزية تامة لإصدارهما. ولكن بالرغم من هذا فقد تخلت وزارة المال منذ الـ 2001 عن واجبها في إرسال حسابات المهمة، واكتفت بإنجاز قطع الحسابات في محاولة لفرص أمر واقع، يطرح، حسب عدد كبير من النواب، علامات استفهام عديدة على الأسباب الحقيقة وراء أداء الوزارة.ومع طرح الحلو مسألة إعداد حسابات الخزينة، وإرفاقها بسؤال المدير العام للوزارة آلان بيفاني عن سبب تنفيذه عقوبة بحق مدير المركز الآلي في الوزارة، اعترض نواب المستقبل بشدة، طالبين توجيه الاسئلة إلى الوزيرة فقط. وفي خلفية السؤال وكذلك الانفعال، ما يُشاع أن هذه الصلاحية سُحبت من مديرية الخزينة لمصلحة مياومين يعملون في المركز الآلي، صاحب الدور الأخطر في الوزارة، والذي يديره مباشرة المستشار الدائم لوزراء المالية نبيل يموت (موظف في برنامج «يو ان دي بي»).النائب انطوان زهرا خرج برأي مفاده أنه ليس مؤمناً بأنه سيكون هنالك موازنة، معتبراً ان اكبر دليل على ذلك هو هذه الجلسات التي تجري والتي لا علاقة لها بالموازنة.نواب المعارضة اعترضوا على كلامه من دون أن يخفي بعضهم ابتسامته، قبل أن يذكره رئيس اللجنة ابراهيم كنعان بأن قطع الحساب أولوية ولا يمكن إقرار الموزانة من دونه.وأمام وطأة الضغوط المعارضة قال النائب جمال الجراح: تعالوا نجد حلاً سوياً.ودعا النائب علي فياض الوزيرة الحسن إلى «الاعتراف بوجود خلل للخروج من هذا النفق المالي، والى عدم التعامل بانتقائية مع المساءلة التي تجري داخل الجلسة. فنحن لا نحاكم أحداً»، مشدداً على «أهمية مقاربة هذا الموضوع بموضوعية لمصلحة البلاد».في النهاية رفعت الجلسة، على أن يستكمل النقاش الثلاثاء المقبل، وصولاً إلى وضع خطوات محددة للخروج من الأزمة التي تعاني منها إدارة المالية العامة وضبط حسابات المرحلة الماضية.كما أكدت الحسن أنها جاهزة للبدء بالمعالجات وستشكل لجنة تدقيق وتراسل ديوان المحاسبة لإنشاء لجنة مشتركة، للبحث في الحلول الممكنة.كنعانبعد الجلسة، قال كنعان: هذا النقاش كان مفيداً جداً لحصر نقاط الخلاف وللوصول الى معالجة هذا الأمر جذرياً وليس ان ننتظر 17 سنة ثانية، كما قال بعض النواب للانتهاء من هذه المشكلة المزمنة، وهي تتصل اتصالاً مباشراً بالموازنة وهي من اولويات اقرار الموازنة في مجلس النواب.ورداً على سؤال عن اتهام نواب «المستقبل» ان تصويب النقاش في هذا الشكل هو اغتيال للرئيس الشهيد رفيق الحريري مرة ثانية: «هذا الكلام اقل ما يقال فيه انه اولا خارج اطار المؤسسات، لأن من يؤمن بعمل المؤسسات يعرف تماما ان ما نقوم به هو عمل مؤسساتي يهدف الى الوصول الى حلول لم تنتجها كل المعالجات والسياسات السابقة».

 من مناورة الدفاع المدني على انقاذ ضحايا حوادث السير (فادي أبو غليوم)جعفر العطارعند تقاطع وزارة الداخلية في الصنائع، والذي يبعد أمتارا قليلة عن مدخل الوزارة، سارت ثلاث دراجات نارية بعكس اتجاه السير، بمحاذاة المكان المخصص لوقوف شرطي السير، والذي بدا شاغراً، وكادت الدراجات أن تتسبب، باقتحامها المفاجئ، بوقوع حادث سير، أو أكثر. لكنها لم تتسبب بأي حادث، كما أنها لم تُحاسب على مخالفتها، لردعها عن أن تعيد الكرّة، ربما، عند تقاطع آخر، أو طريق أخرى..خلف تلك الأمتار القليلة، كان وزير الداخلية زياد بارود يتناول أزمة حوادث السير في البلاد، في مؤتمر صحافي، سلّط خلاله الضوء على أسباب وقوع الحوادث، والتي باتت معروفة لدى الرأي العام، ثم فنّد الحلول التي يراها مناسبة، وأبرزها ثلاث خطوات ستساهم، برأيه، في الحدّ من الأزمة، وهي: تثبيت رادارات متحركة، وتشكيل قوة ضاربة مؤلفة من أربعمئة ضابط وعنصر لقمع المخالفات المرورية في كل لبنان، وتحديد موعد نهائي لإنهاء التشكيلات في قوى الأمن الداخلي.ولأن الحلول التي قدّمها بارود بدت غامضة، حاولت «السفير» الاستفسار من وزير الداخلية الذي أفاد، في ما يتعلّق بالرادارات المتحركة، أنه لا يستطيع أن يكشف عن عددها أو أماكن توزعها، موضحا أنها غير تلك التي أقرّ مجلس الوزراء مؤخرا شراءها، مشيرا إلى أنه لا يريد للمواطنين أن يعرفوا أماكن انتشار الرادارات كي لا يعمدوا إلى تجنبها.أما تشكيل قوة ضاربة عديدها أربعمئة عنصر، وهي خطوة مرهونة أصلا بموافقة مجلس الوزراء، فتعتبر خطوة غير كافية لتغطية ومواكبة مخالفات السير في بلد مساحته 10452 كيلومترا. ويوضح بارود أن «عديد عناصر وضباط مفارز السير في لبنان حاليا هو ستمئة عنصر، ثلاثمئة منهم إداريون، أي أن مجمل عديد عناصر السير في لبنان، عملياً، هو ثلاثمئة عنصر فقط، لكل لبنان»، معتبراً أن «القوة الضاربة لن تحلّ أزمة السير، بل مهمتها ضبط المخالفات المرورية، وينبغي ألا تكون لطيفة مع المخالفين».ويقول بارود إنه أمهل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي حتى يوم الجمعة المقبل لإنجاز تشكيلات ضباط مفارز السير «وإلا فإنني سأتخذ التدابير اللازمة».ولكن كيف يمكن تشكيلات تطال ستة ضباط أو أكثر بقليل، هم المسؤولون عن مفارز السير، بأن تحدّ من كارثة حوادث السير؟يقول بارود إن التشكيلات وحدها لن تكون كافية، بيد أنها، كسائر الخطوات، ستساهم في الحلّ، على اعتبار أن «الضباط الجدد سيضخون دماءً جديدة في مفارز السير. ولأن القانون 17/ 90 لا يسمح لوزير الداخلية بإجراء التشكيلات، طلبت من ريفي ذلك».لكن الحلول الثلاثة لا تعتبر حلولاً جذرية للأزمة، التي تحصد يوماً بعد يوم أرقام لقتلى قد يُصنفون في خانة المجزرة لو قتلوا في يوم واحد، إلا أن بارود اعتبرها خطوات مساهمة في سياق الحدّ من أزمة حوادث السير، تزامناً مع مشكلته مع «عدة الشغل» التي لم تتوفر له كاملةً، والتي حتمت على بارود التلويح بتدابير كبرى قد يتخذها في حال تجاهل المعنيين في الدولة لمطالبه. ومن الحلول التي اعتبرها بارود «علاجية»، انتقل إلى الحديث عن قانون السير الجديد، والذي استقرّ في أدراج الدولة مدة خمس سنوات، ليقول إن الشعب اللبناني ينتظر «القانون الثورة»، مبدياً تفاؤله من اللجان المشتركة التي تعمل على إنجازه.وأعلن وزير الداخلية أنه تم إبرام اتفاق مع وزير الصحة محمد جواد خليفة، يقضي بإسناد مهمة رصد أرقام ضحايا حوادث السير إلى وزارة الصحة. واعتبر بارود أن «أولوية معالجة حوادث السير لم تكن قائمة لدى الحكومات السابقة، أما اليوم فقد باتت أولوية لأن عدد القتلى تجاوز السبعمئة».وقال بارود إن «التوتر السياسي لا يعفي أحداً من المسؤولية، والوضع السياسي المأزوم لم يؤد إلى سقوط أي قتيل، ولكنه أدى إلى وقوع قتلى على الطرق. والمسؤولية تبدأ في مجلس النواب، ومن الضروري إقرار قانون تنظيم السير ومعالجة النقاط السوداء التي تتكرر عليها الحوادث ولا نجد لها علاجاً».وكشف بارود عن «وجود ثلاثمئة ألف سيارة غير قانونية في لبنان، وفي الأسبوعين الأخيرين أوقِف أشخاص في محيط مركز المعاينة الميكانيكية يعملون على تأجير إطارات سيارات للذين يخضعون سياراتهم للمعاينة»، لافتاً إلى أن «نسبة أربعين في المئة من ضحايا السير هم من المشاة، بسبب غياب الجسور والممرات». وسأل بارود: «هل تعرفون شركة من دون مجلس إدارة؟»، مشيراً إلى أن «قوى الأمن هي من دون مجلس قيادة، والمجلس تعطل كليا في أوائل تشرين الأول 2010، علماً أنه يجب أن يكون منظما وفاعلا وقادرا على مواجهة التحديات». وقال رداً على سؤال لـ«السفير» إنه «استبق الشغور الأخير في مجلس القيادة، وأرسل مرسوما يقضي بملء الشواغر، لكنه ينتظر توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة». وشدد بارود على ضرورة «تنظيم قيادة الدراجات، كي لا نصل إلى منعها»، محذراً من «تدخل السياسيين لحماية أي ضابط مقصّر، ومن يتدخل فسيكون مشاركاً في الجريمة».

للمقابلة الثالثة مع الرئيس بشّار الأسد أهمية خاصة عند النائب وليد جنبلاط: الأولى في 30 آذار كان بمفرده في مصالحة أنهت قطيعة كبرى سبّبت كمّاً من الإهانات، والثانية في 4 آب رافقه فيها الوزير غازي العريضي، والثالثة بمفرده أيضاً مع الأسد الأحد الفائتنقولا ناصيفعاد رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من دمشق، الأحد، بانطباعات، أبرَزت له ضرورة استمرار دوره وجهوده لإيجاد تفاهم على ملفّي القرار الظني وشهود الزور وتجنيب البلاد فتنة مذهبية، وسمع من الرئيس السوري بشّار الأسد دعماً لهذا الدور. ينفّره القول إنه في منطقة رمادية. لم يكن مرّة، ولا من قبله والده كمال جنبلاط، في منطقة رمادية، ولا عرف بيته مكاناً كهذا. عندما خَاصَمَ سوريا بعنف بين عامي 2005 و2009، لم يكن كذلك. وعندما قرّر العودة إليها في 2 آب 2009 اختار الانعطاف الذي لم يسهل على حزبه وأنصاره تقبّله. وعندما يحادث جمهوره، ويجول في إقليم الخروب أيضاً دفاعاً عن معادلة توأمة العدالة والاستقرار، لا يشعر بأن أبناء هذه المنطقة يتقبّلون بسهولة منطقه.يقول جنبلاط: لست أبداً في منطقة رمادية، بل أتخذ كل خطوة في الوقت المناسب. لا أستطيع أن أفعل أكثر ممّا فعلت لو كنت في قوى 8 آذار. لا سوريا ولا هذا الفريق يستفيد من دوري إذا كنت إمّا هنا وإما هناك. حدّدت خياري والموقع الذي اتخذته مع سوريا، ولا أحتاج إلى تعليقات وتحليلات عمّا أفعل. يجب أن أكون حيث أنا، وليست هذه منطقة رمادية أبداً، كي أظلّ أتكلم مع الأميركيين والفرنسيين، وأحافظ على الثقة مع الرئيس السوري.في لقائه الثالث به، قال له الأسد إنه يتابع تصريحاته وتصريحات الوزير غازي العريضي الذي لاقى جنبلاط، بعد المقابلة، عند معاون نائب رئيس الجمهورية اللواء محمد ناصيف.بعد اجتماعاته الثلاثة، لاحظ جنبلاط الفرق بين الرئيس السوري ووالده الرئيس حافظ الأسد. كان الرئيس الأب في مستهل كل لقاء يدلي بمداخلة طويلة يستفيض فيها بالحديث عن وقائع تاريخية. كان حضوره مهيباً ويحمل الحاضر في مجلسه على التهيّب. الرئيس الابن يخوض للتوّ في الموضوع. هكذا كان لقاؤه الأول به عندما دعاه إلى طيّ صفحة الماضي ونسيانه، والتطلّع إلى المستقبل. يبادر بالحديث ويسأل ويستوضح ويعقّب ويستفسر عن الرأي المخالف. بين عامي 2000 و2005 لم يعرفه جنبلاط عن قرب. بعد لقاء أول عام 2000 كان موقف الزعيم الدرزي من إعادة تموضع الجيش السوري في لبنان لم تتقبّله دمشق بحماسة، فتعثّرت العلاقة في سنتها الأولى. ثم كان لقاء ثان، فقطيعة قاسية بين الرجلين. الآن يعرف أحدهما الآخر أكثر ويتفهّم وجهة نظره.في الخلاصة، يبدو جنبلاط مرتاحاً إلى حواره مع الرئيس السوري، وينمّي بينهما الثقة مذ اختار الموقع الذي هو عليه الآن. يقول جنبلاط أيضاً إنه يلاقي الأسد في رؤيته للمنطقة، ويشاركه في مخاوفه ممّا يحصل فيها: هناك عنوان عريض هو تفتيت المنطقة. قبل مئة إلا أربع سنوات كانت معاهدة سايكس بيكو التي رمت إلى تقسيم المنطقة. بعد قرن من ذلك التاريخ، تبدو إسرائيل في أوج قوتها والعرب في أوج ضعفهم، والمنطقة عرضة للتفتيت من العراق إلى السودان إلى اليمن.يضيف جنبلاط: لم يستطع باراك أوباما بناء سياسة أميركية مستقلة عمّا ورثه من جورج بوش والمحافظين الجدد الذين أوجدوا سياسة الفوضى البنّاءة لإدارة مصالحهم، وخصوصاً النفط. طبعاً الفوضى البنّاءة ليست لمصلحتنا، وتتوخى تفتيت منطقتنا.الرؤية المشتركة التي تجمعه بالرئيس السوري في مقاربة الوضع الإقليمي، أبرَزَت لجنبلاط خلال مقابلة استمرت من الحادية عشرة والربع حتى الثانية عشرة ظهراً، ملاحظات منها:1 ـــــ يقول الأسد إن دبلوماسية الرئيس الأميركي الحالي منيت بالفشل، ويتحمّل دنيس روس مسؤولية رئيسية في ذلك، لكونه ينادي بتفتيت المسارات. مع ذلك، يقول الأسد، لن يكون هناك رئيس أميركي أسوأ من جورج بوش.2 ـــــ عبّر له الأسد عن مودّة له ولرئيس الحكومة سعد الحريري. قال جنبلاط للرئيس السوري بضرورة احتضان الحريري وإطلاعه على الصورة الكبرى لما يجري في المنطقة، بغية تجاوز النصائح التي تُسدى إليه من بعض حلفائه ممّن لا يريدون علاقات مميّزة مع سوريا، ويحولون دون اتباع الحريري خيارات تأخذ في الاعتبار ما يسمّيه الزعيم الدرزي الصورة الكبرى للمنطقة بكل تحوّلاتها المهمة.يضيف جنبلاط أيضاً: إذا قارب الحريري الصورة الكبرى، يصبح في إمكانه ـــــ وإن لم يكن ذلك سهلاً ـــــ اتخاذ خيارات أخرى.3 ـــــ اعتبر الرئيس السوري أن علاقته الشخصية بالحريري جيّدة وهو يريد التعاون معه، إلا أنها لم تبلغ سياسياً المستوى المطلوب، وهي تتطلّب مزيداً من الترجمة. تبيّن لجنبلاط أن للأسد ملاحظات على رئيس الحكومة.4 ـــــ تحدّثا باقتضاب عن القرار الظني، واتفقا على ربط القرار الظني ومحاولات إحداث فتنة في لبنان بما يجري في العراق واليمن. وافق الرئيس السوري على معادلة تلازم العدالة والاستقرار، وميّز دائماً ولا يزال ـــــ يقول جنبلاط ـــــ بين المحكمة الدولية والقرار الظني.يقول الزعيم الدرزي: أفلتت المحكمة من اللبنانيين وأصبحت أمراً واقعاً بين يدي مجلس الأمن، إلا أن القرار الظني والاستقرار في أيدينا نحن، والموقف منهما شأن لبناني ويُقرّر في لبنان. العدالة من أجل الرئيس رفيق الحريري في كشف القتلة والمجرمين، وليست في إهدار الدماء. من أجل رفيق الحريري وإنصافه يقتضي تجنّب الدم.رحّب الأسد بالدور الذي يضطلع به جنبلاط لتحقيق تفاهم حول أفضل الوسائل لتفادي الانزلاق إلى فتنة داخلية، لكن جنبلاط أكد أن ما يقوم به لا يسعه التكفل به وحده، وهو يحتاج إلى مؤازرة الأفرقاء الآخرين.5 ـــــ قال جنبلاط للرئيس السوري إنه لا يسع الحريري اتخاذ خطوات وخيارات مؤلمة تحت الضغط، ولا التخلي عن المحكمة الدولية. لاحظ أيضاً أن بعض أفرقاء 8 آذار، كالرئيس ميشال عون، لا يساعدون الحريري على اتخاذ خيارات جديدة.6 ـــــ لم يلمس جنبلاط احتمال زيارة قريبة للحريري لدمشق، ولا رغب في طرح سؤال عن ذلك. لكنه سمع من الأسد أن سوريا مرّت في ظروف أصعب من تلك التي تواجهها اليوم. مرّت بمرحلة قاسية رافقت اتفاق 17 أيار 1983 وانتصرت فيها. الظروف اليوم ـــــ أضاف الأسد ـــــ صعبة، لكن العلاقات الوطيدة التي تجمع سوريا بتركيا وإيران، والعلاقة الشخصية بالعاهل السعودي الملك عبد الله، تجعله مطمئناً إلى تجاوز الأيام الصعبة الحالية. إلا أن الرئيس السوري أسرّ لضيفه بأنه يأسف لأن لا وجود للعالم العربي.قال الأسد أيضاً: في غياب العرب انتهت التسوية، لأن لا موازين قوى في المنطقة. لكننا، كما صمدنا في الماضي، سنصمد الآن.7 ـــــ تطرّق الرئيس السوري إلى القمّة التي جمعته بالملك عبد الله قبل أسبوعين في الرياض، وأبلغ إلى جنبلاط أنها كانت، خلافاً لما أشيع، إيجابية. سمع الزعيم الدرزي تكراراً تركيز الأسد على الجانب الشخصي في علاقته بعبد الله.8 ـــــ أبدى الرئيس السوري ارتياحه إلى الجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية ميشال سليمان وإلى علاقته به، وقال لجنبلاط إنه على اتصال دائم به، ويعتقد بأن سليمان يقوم بدوره كاملاً. ورحّب في النطاق نفسه بجهود الرئيس وجنبلاط الآيلة إلى التوصّل إلى مخرج معقول يتفادى التصويت في مجلس الوزراء على إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي، ويجنّب حكومة الوحدة الوطنية الانقسام.وقال جنبلاط للأسد إن البحث جار عن مخرج مناسب لا يتجاهل الحريري، وهو قيد الدرس لدى رئيس الجمهورية. يحمل ذلك جنبلاط على الاعتقاد بأن الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ستناقش ملف شهود الزور، ولكنها لن تبتّه ولن يُطرح على التصويت. لم يلمس أيضاً أن سوريا تضع مهلة لإتمام ملف شهود الزور.يلاحظ الزعيم الدرزي أن الدور التوافقي لرئيس الجمهورية يجعله يتفادى الانحياز إلى طرف دون آخر، وأن المسيحيين لا يلتفون حوله، لا مسيحيّو ميشال عون ولا مسيحيّو سمير جعجع، وكلاهما لا يريد رئيس الجمهورية. المسيحيون عبثيون، يقول جنبلاط.9 ـــــ يقول جنبلاط إن دمشق تريد من الحريري اتخاذ موقف مبكر من القرار الظني قبل صدوره يرفض اتهام حزب الله باغتيال الرئيس الراحل، ويقول إن الموقف الثابت لرئيس الحكومة من هذا الطلب حتى الآن هو رفضه، إلا إذا كان لدى دمشق والرياض ما يمكن أن يقدّم حلاً مختلفاً. كذلك يعتبر أن الحريري لن يكون في وارد رفض القرار الظني تحت وطأة الضغط عليه لإرغامه على ذلك، على نحو ما يفعل بعض الأفرقاء الآخرين في قوى 8 آذار الذين لا يساعدونه على تحديد خيارات مختلفة.يذكر جنبلاط أنه حادث الحريري في الموضوع، وأخطره أن ملفّي القرار الظني وشهود الزور يعالجان بالسياسة أولاً. إلا أنه لا يجاري رئيس الحكومة في المخاوف التي يدخلها إليه بعض حلفائه المتصلّبين الذين يذكّرونه بأن المجلس العدلي ربما استعاد ما حدث سابقاً، عندما لوحق الرئيس فؤاد السنيورة حينما كان وزيراً للمال، وعندما سُجن رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع. لا يرى جنبلاط مبرّراً لمخاوف الحريري من المجلس العدلي، كأن يجرّ ملفاً تلو آخر.يقول: ما دام الحريري بدأ بالاقتناع بالجهد السعودي ـــــ السوري لتحقيق الاستقرار في لبنان، وتكلم عن شهود الزور، يكون بذلك قد مشى خطوة أساسية إلى الأمام. لكنه يقدم خطوة إلى الأمام واثنتين إلى الوراء. تكلم عن شهود الزور وتراجع، أو توقف عن إكمال ما قاله. يحاول حلفاؤه الانعزاليون، مسيحيين ومسلمين، الحؤول دون تقدّم العلاقات المميّزة بين لبنان وسوريا. عن أي علاقات ندّية يتحدثون؟ لا علاقة ندّية عندما يكون أمن أحد البلدين واستقراره مهدّداً. في اتفاق الطائف نظّمنا العلاقات المميّزة بين البلدين. على كل، طلب مني الرئيس الأسد أن أنقل كلاماً إلى الرئيس الحريري. سأنقله. بعضه وصله عبر الصحف غداة عودتي من دمشق، والبعض الآخر أوصله إليه الوزير العريضي.يعبّر جنبلاط أيضاً عن عدم ارتياحه إلى ما أدلى به رئيس الحكومة السورية محمد ناجي العطري قبل أيام، عندما هاجم قوى 14 آذار: كنا في غنى عن هذا الكلام، لأنه أعطى هؤلاء الانعزاليين مادة كي يتكلموا فيها.جنبلاط ـ فيلتمان: الحجّة والحجّة المضادةعندما زار مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى السفير جيفري فيلتمان بيروت فجأة في 17 تشرين الأول، اكتفى بلقاء رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط. الأول رئيس الدولة التوافقي الدور، والثاني صديقه الذي ذكّره عندما التقاه بأنهما صنعا معاً المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. إبّان وجوده سفيراً لإدارته في بيروت بين عامي 2004 و2007، كانا يلتقيان يومياً تقريباً، وأحياناً مرتين في اليوم. وعندما سافر فيلتمان، صار يرسل إلى جنبلاط رسائل قصيرة بالهاتف. التقيا في باريس في 13 آب، والتقيا مجدّداً الأسبوع الماضي في بيروت. لكن لكلٍّ من الرجلين منطق مناقض للآخر، لا يلتقيان حيال المحكمة الدولية والقرار الظني.لم يقتنع فيلتمان بمعادلة جنبلاط التي توأمت العدالة والاستقرار لتفادي الفتنة، بل أصرّ على المحكمة الدولية في ذاتها. لاحظ أيضاً أن الضغط على الرئيس سعد الحريري يرمي إلى إلغاء المحكمة. قال له جنبلاط إن الأمر أفلت من يديْ اللبنانيّين وصار في عهدة مجلس الأمن.لم يوافق السفير على تأجيل القرار الظني، وقال إن إدارته لا تتدخّل في المحكمة، وأظهر في الوقت ذاته اهتماماً بالمحافظة على الاستقرار في لبنان. الكلام نفسه قاله لجنبلاط في باريس. ناقش جنبلاط كثيراً في تمسّكه بالمحكمة، فيما أبلغه الزعيم الدرزي أن المحكمة التي صنعاها معاً في لبنان كانت من أجل العدالة وكشف قتلة الرئيس رفيق الحريري، فأضحت الآن قنبلة موقوتة.تكلّما طويلاً في فلسفة المحكمة والاستقرار، ثم في تطورات المنطقة. بيد أنّ فيلتمان لم يكن مستعداً لتقبّل منطق جنبلاط الذي أبلغه أنه يؤيد المحكمة ويؤيد العدالة والاستقرار في الوقت نفسه، وسأل صديقه الأميركي الأخذ بفرضيات أخرى في التحقيق الدولي، في إشارة إلى احتمال دور إسرائيلي في جريمة الاغتيال. كان جواب فيلتمان، في معرض رفض الفرضية الجديدة، أن إدارته لا تتدخّل في التحقيق.استنتج جنبلاط أن فيلتمان، شأن العقل الغربي، لا يريد استيعاب ما يجري في لبنان ومغزى الربط بين المحكمة والاستقرار.ما قاله جنبلاط للسفير الأميركي السابق، قاله قبل أيام للسفير المصري. المطلوب إيصال الرسالة إلى الجميع.عدد الثلاثاء ٢٦ تشرين الأول ٢٠١٠ |

لم يناقش مجلس الوزراء قانونية العقد (مروان طحطح)اعتباراً من أوّل أيلول الماضي، أصبح وجود شركة «باك» في مطار بيروت الدولي غير شرعي، إذ انتهت مدّة عقدها الرضائي (الممدّد سابقاً) لإدارة السوق الحرّة واستثمارها. وحتى الآن، لم يُعرض الأمر على مجلس الوزراء، كذلك لم تتخذ أي جهة رسمية معنية الترتيبات اللازمة لتغطية هذا الوجود، ولو شكلياً... ويبدو أن كل ذلك يحصل وفقاً لخطة مرسومة سلفاً، صاغ تفاصيلها فؤاد السنيورة، الشريك الخفي لمحمد زيدانمحمد زبيبمضى نحو 56 يوماً على انتهاء مدّة عقد إدارة واستثمار السوق الحرّة الرضائي في مطار بيروت الدولي في نهاية آب الماضي. إلا أن شركة «باك»، التي مُنحت هذا العقد سابقاً بطريقة مخالفة للقانون، تواصل أعمالها ونشاطاتها كالعادة، كما لو أن العقد «المريب» لا يزال سارياً، أو أن التمديد حاصل لا محالة. وبالتالي، يواصل أصحاب هذه الشركة، العلنيون والسريون، الإفادة من أرباح صافية «غير مشروعة»، يقدّرها العارفون بما بين 125 ألف دولار و225 ألف دولار عن كل يوم عمل فعلي، وذلك على أساس حجم أعمال يصل، في أوقات الذروة، إلى نصف مليون دولار يومياً، بحسب ما تفيد به لوائح المبيعات المسلّمة إلى إدارة الجمارك في العام الماضي.هذا التقدير للأرباح الصافية المحققة يبيّن بوضوح أهمية السوق الحرّة في المطار، وحجم المنافع التي يحققها بعض السياسيين المتورطين في العلاقة مع صاحب الشركة الأساسي محمد زيدان، ولكن هذه الأرباح الطائلة، ذات الطابع الاحتكاري، ليست الدليل الوحيد على التواطؤ، إذ إن مسيرة العقد نفسه التي انطلقت منذ عام 1996، تكشف عن تفاصيل مثيرة جداً، ربما تصلح كسيناريو لفيلم «خيالي» عن قوّة الفساد ورسوخه وسيطرته على النظام العام.لعبة عدم اتّخاذ قرارففي 31 آب الماضي، انتهت مدّة عقد شركة «باك». وما عدا إشارة عابرة على لسان وزير الأشغال العامّة غازي العريضي، في خضم مناقشة تمديد عقود شركة سوكلين، في جلسة مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي، لم يتطرق أحد إلى هذا الملف، لا قبل موعد انتهاء العقد المذكور، ولا بعده، إذ إن العريضي قال «إننا مقبلون على مشكلة مماثلة عند مناقشة عقد السوق الحرّة»، لكنه لم يوضح أن مدّة العقد انتهت فعلياً، وأن الشركة الملتزمة تحتل السوق الحرّة حالياً، بذريعة «تسيير المرفق العام»، وبالتالي لم يناقش أحد في الأسباب التي منعت إطلاق مزايدة جديدة لتلزيم إدارة هذا المرفق واستثماره قبل وقت كاف من موعد انتهاء العقد، أو تقديم طلب لتمديد العقد الحالي ريثما يجري الإعداد للمزايدة الجديدة.كانت مجرد عبارة نطق بها الوزير العريضي، إلا أنها كانت كافية لتظهير مدى الإحراج الذي يصيب «وزير الوصاية»، ولا سيما أنها وردت قبل دقائق قليلة من تصويته ضد تمديد عقود «سوكلين» المماثلة. فوزير الأشغال العامّة والنقل يدرك تماماً خلفيات هذا الملف وتفاصيله «الفضائحية»، ولكنه، من موقعه السياسي، لم يمتلك سابقاً الجرأة الكافية لتقديم مقاربة تسمح بتصحيح الوضع الشاذ ومحاسبة المسؤولين عنه. لذلك اختار أن يترك «اللعبة» تسير كما يريدها رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الذي تتردد معلومات «دقيقة» عن وجود شراكة مالية وتجارية بينه وبين زيدان.تمديد سابق قبل 8 أشهرمضت على العقد 8 سنوات، وليس هناك نيّة لإجراء مزايدة لتلزيم السوق الحرّةفالسنيورة كان قد ورّط وزير الأشغال العامّة والنقل السابق محمد الصفدي في اللعبة نفسها، ولكن بالمقلوب، إذ عمد الصفدي في بدايات حكومة السنيورة الأولى إلى رفع طلب إلى مجلس الوزراء للموافقة على تمديد العقد مع شركة «باك» لمدّة أربع سنوات إضافية، وقد قرر مجلس الوزراء الموافقة على هذا الطلب (رقم المحضر 25 ورقم القرار 7) في جلسة عقدها في 5/1/2006، أي قبل 8 أشهر من انتهاء مدّة العقد الأصلية، ولم يجد الصفدي، ومعه مجلس الوزراء، أي حرج في تبرير قرار التمديد قبل هذه الفترة الطويلة بفقرة تقول «إن مصير العقد مع شركة باك يتطلب قراراً عاجلاً من مجلس الوزراء، وخاصة أن المدة الزمنية الباقية من العقد قد لا تكون كافية، إذا كان القرار من مجلس الوزراء يقضي بإنهاء العقد وإجراء مزايدة جديدة لاستثمار محال السوق الحرة، إضافة إلى ما يمكن أن يطالب به المستثمر من عطل وضرر».لا شك في أن مدّة 8 أشهر كانت أكثر من كافية لإطلاق المزايدة الجديدة، إلا أن القرار واضح، لا لبس فيه، فهو يريد استباق أي تطوّرات قد تؤدّي إلى إخراج محمد زيدان من المطار. فالأجواء السياسية يومها لم تكن توحي بالاستقرار، وكان السنيورة يخشى ألا يكون قادراً في وقت لاحق على اتخاذ مثل هذا القرار، لذلك سارع إلى وضع قرار التمديد في جيبه.فوضى منظّمةالأمر نفسه يحصل اليوم، ولكن بخط سير معاكس. فالانقسام حاصل داخل مجلس الوزراء منذ مدّة طويلة، وليس سهلاً إمرار قرار التمديد لشركة «باك» في ظل وجود وزراء جدد في النادي يبدون استعداداً متنامياً للاعتراض على أي قرار يحمل شبهة معينة، كالشبهة التي تحيط بهذا العقد تحديداً... لذلك قضت اللعبة ألا يتقدم وزير الوصاية بأي طلب يتصل بهذا العقد، فلم يجر الإعداد لإطلاق مزايدة جديدة لتلزيمه قبل أشهر من انتهاء مدّته الممددة، كذلك لم يُطلب تمديد العقد نفسه خوفاً من أن يتحوّل هذا الطلب إلى مناسبة لفتح ملفّه كاملاً، والسعي إلى مساءلة المتورطين فيه ومحاسبتهم، وإلزام الوزير المختص بإطلاق مزايدة جديدة ضمن مهلة معينة تؤدّي في النهاية إلى إخراج محمد زيدان وتفويت المزيد من الأرباح والمنافع على المتورّطين... بمعنى آخر، اتُّخذ قرار ضمني بترك شركة «باك» كشركة «أمر واقع» في مطار بيروت الدولي، تتحكم في واحد من أهم مصادر الدخل فيه، لا الدخل المباشر فقط المتأتي من العمليات التجارية المحددة في السوق الحرّة، بل أيضاً الدخل غير المباشر، الذي لا يقل أهمية عن الأول، في ضوء ما يُحكى عن عمليات تهريب من المنطقة الحرّة المعفاة من الضرائب والرسوم إلى السوق المحلية، وهي عمليات تشمل كميات كبيرة من الكحول والتبغ والعطورات ومستحضرات التجميل... وذلك بحسب شكوك يدلي بها وكلاء علامات تجارية مزدهرة، ما انفكوا يشتكون من وجود بضائع لا يعلمون مصدرها بالتحديد!مسيرة عقد مشبوهلماذا هناك إحراج في ملف عقد شركة «باك»؟ وما الذي يميّز هذا العقد عن عقود أخرى لشركات مماثلة تحظى بالتمديد القانوني وغير القانوني طوال الوقت؟ وما هو دور السنيورة في إدارة لعبة إبقاء سيطرة محمد زيدان على السوق الحرّة؟ وكيف؟تكشف مسيرة عقد إدارة واستثمار المنطقة الحرّة عن تفاصيل كافية لتقديم إجابات مجرّدة عن هذه الأسئلة. فالقصّة بدأت في عام 1995، عندما اتخذ مجلس الوزراء، برئاسة الرئيس المغدور رفيق الحريري، قراراً حمل الرقم 48/13 بتاريخ 22/8/1995، قضى بالتفويض إلى المؤسسة العامّة لتشجيع الاستثمارات (إيدال) توقيع عقد مع شركة «فينيسيا افرو اسيا وارينتا الدولية ش.م.م.» لاستثمار محال السوق الحرة في مطار بيروت لمدة 15 سنة.وُقّع العقد فعلياً بتاريخ 8/3/1996، وقد نص هذا العقد على السماح للشركة باستثمار مساحة إجمالية هي 8277 متراً مربعاً بمبلغ 38 مليون دولار فقط على كل فترة هذا العقد، تُسدّد 20 مليون دولار منها عند التصديق على هذا العقد في مجلس الوزراء، و18 مليون دولار عند تسلّم المساحات ومباشرة العمل... ونص العقد أيضاً على علاوة تدفعها الشركة للدولة إذا تجاوز عدد المسافرين عبر مطار بيروت الدولي سقف 1.5 مليون مسافر، تبلغ قيمتها 760 ألف دولار فقط عندما يصل عدد المسافرين إلى مليوني مسافر، و1.5 مليون دولار عندما يصل عدد المسافرين إلى 2.5 مليون مسافر، وهكذا دواليك.وافق مجلس الوزراء بموجب قراره الرقم 28 بتاريخ 3/4/1996 على العقد، وأحاله على كل من ديوان المحاسبة وهيئة التشريع والاستشارات لإبداء الرأي... وبحسب أحد الوزراء الذين شاركوا في الجلسة المذكورة، لا أحد ناقش في مدى قانونية هذا العقد، أو الغبن اللاحق بالدولة من خلال البدلات الهزيلة لاستثمار هذا المرفق الحيوي، كذلك لم يناقش أي وزير في صلاحية المؤسسة العامّة لتشجيع الاستثمارات بالتوقيع على عقد إداري لا يدخل ضمن نطاق مهماتها المحددة في قانون إنشائها!المهم أن رأي ديوان المحاسبة الرقم 1/98 تاريخ 14/1/1998 ورأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل الرقم 123/99 تاريخ 29/4/1998 جاءا في غير مصلحة التوقيع على العقد، إذ رأيا أن العقد الموقّع مع شركة «باك» لا يستوفي شروط نظام الـBOT، بل تنطبق عليه المادة 25 من قانون رسوم المطارات الصادر بتاريخ 19/3/1947 وتعديلاته، وبالتالي لا يجوز تلزيم السوق الحرّة لمدة تتجاوز أربع سنوات، وهو ما تنص عليه أيضاً المادة 60 من القانون الصادر بموجب القرار الرقم 275 تاريخ 25/5/1926 (قرار إشغال أو إدارة أملاك الدولة العمومية الخاصة)... وقرر الديوان والهيئة أنّ العقد باطل بطلاناً مطلقاً! وأنه لا يفي الدولة حقوقها. كذلك رأىا أن البند التحكيمي باطل أيضاً، وطالبا بإجراء مزايدة جديدة لاستثمار محال السوق الحرة في المطار... فاضطر مجلس الوزراء إلى تعليق قراره بالتصديق على العقد بناءً على رأي الديوان ورأي الهيئة، وذلك في قراره الرقم 35 تاريخ 12/5/1999.دعوى لا تزال قائمةسرعان ما حُرّكت شركة «باك» من أجل تقديم مراجعة إبطال اعتراضية ضد قرار مجلس الوزراء لدى القضاء المختص، مطالبة بما يأتي:ـــــ تنفيذ العقد الموقّع مع «إيدال»، ولا سيما في ما يتعلق بمدة الاستثمار واعتبارها 15 سنة.ـــــ تعويض الشركة عن الربح الفائت الناتج من التأخير في تسليم المساحات ومباشرة الاستثمار.ـــــ طلب التحكيم في المحاكم الدولية.فما كان من مجلس الوزراء إلا الاستجابة عبر قراره الرقم 10 تاريخ 12/12/2000 القاضي بإحالة ملف العقد الموقّع مع شركة «باك» على مجلس شورى الدولة، برئاسة القاضي سهيل بوجي الذي أصبح في ما بعد الأمين العام لمجلس الوزراء خلافاً للقانون، وذلك بحجّة إبداء الرأي، فأبدى مجلس شورى الدولة في رأييه الرقم 75/2000 ـــــ 2001 تاريخ 8/2/2001 والرقم 78/2001 ـــــ 2002 تاريخ 8/4/2002 في هذا الشأن ما يأتي: «إن نشأة العقد قانونية، ولكن يجب احترام مدة أقصاها أربع سنوات للعقد».في هذا الوقت اتخذ مجلس الوزراء القرارين الرقم 6 تاريخ 5/4/2001 والرقم 23 تاريخ 21/6/2001 القاضيين بتكليف وزير الأشغال العامة والنقل بالتفاوض مع شركة «باك»، فأفضت المفاوضات إلى موافقة الشركة على أن تصبح مدة العقد أربع سنوات، فاتخذ مجلس الوزراء القرار الرقم 31 تاريخ 13/6/2002 القاضي باعتماد رأيي مجلس شورى الدولة الرقم 75 والرقم 78، فرأى أن العقد الموقّع بتاريخ 8/2/1996 مع شركة «باك» قائم خلافاً لرأي ديوان المحاسبة، وسُلّمت هذه الشركة السوق الحرّة، على الرغم من أن هذه الشركة لم تتنازل عن دعواها المقامة ضد الدولة، وهذه الدعوى لا تزال قائمة حتى اليوم بغرض استخدامها عند الحاجة لتبرير دفع تعويضات هائلة للشركة إذا لم تضمن البقاء في المطار لمدة 15 سنة كما ورد في العقد الأصلي.وقائع إضافيّة عن الشبهةهذه الوقائع تُثبت بما لا يقبل الشك أن مجلس الوزراء كان يعلم كل العلم بأنه يخالف القوانين بتلزيمه السوق الحرّة إلى شركة «باك»، إلا أن الوقائع لا تنحصر في ما سبق، بل إن مجلس الوزراء كان قد وافق في الوقت الضائع على إجراء مزايدة جديدة لتلزيم السوق الحرّة لمدّة سنة، ريثما يُبتّ عقد شركة «باك»، فعمدت وزارة الأشغال العامّة والنقل إلى إجراء هذه المزايدة في 3/6/1999، ففازت بها الشركة نفسها، بمبلغ إجمالي بلغ 6.4 ملايين دولار، أي ضعفي المبلغ الرضائي الذي كانت الشركة نفسها قد وقّعت عليه مع «إيدال»!ومن جديد، رفض ديوان المحاسبة في قراره الصادر في 21/6/99 التصديق على نتيجة المزايدة الجديدة بسبب مخالفات في الشكل، وفي المضمون، ولا سيما لجهة الشوائب في ملف الشركة، الذي تقدمت به إلى هيئة إدارة المناقصات.وقد طلب وزير الأشغال العامّة والنقل من ديوان المحاسبة بتاريخ 12/7/1999 إعادة النظر في قراره، إلا أن الديوان أصرّ في قراره بتاريخ 22/7/1999 على قراره السابق، مؤكداً موقفه ومشدداً علىه.فما كان من مجلس الوزراء إلا أن اتخذ قراراً في تاريخ 18 آب 1999 بالموافقة على اقتراح تقدم به وزير النقل، يقضي بتوقيع عقد رضائي مع الشركة، على الرغم من رفض ديوان المحاسبة الموافقة عليه مرتين، وكان غريباً أيضاً أن يحصل التلزيم الرضائي لكل المحال في السوق الحرّة بعد أن أوصى ديوان المحاسبة بضرورة تفادي احتكار كل المحال من قبل طرف واحد، وطالب بتأجير كل محل على حدة.إلا أن الجرّة لم تسلم، فقد رفض ديوان المحاسبة، للمرة الثالثة، تلزيم محمد زيدان هذا العقد، متذرعاً هذه المرّة بوجود ملاحقة بحقه نتيجة شبهات في شأن ضلوعه بعمليات تهريب، إذ إن القانون يمنعه في هذه الحالة من الحصول على عقود من الدولة اللبنانية.نتيجة كل ذلك، عمد مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 8/9/1999 إلى الموافقة على اقتراح وزير النقل الجديد القاضي بتوقيع عقد رضائي لاستثمار كل محال السوق الحرّة مع محمد عبد الباسط الخولي، وهو كان في حينه موظفاً مع ولديه عند محمد زيدان... وقد بدا هذا القرار نتيجة تسوية لحفظ ماء وجه ديوان المحاسبة، إذ عمد الديوان بتاريخ 16/9/1999 إلى التصديق على قرار مجلس الوزراء تلزيم الخولي لسنة واحدة، على الرغم من معرفته بأن العقد هو في الواقع مع محمد زيدان نفسه، ولا سيما أن الخولي سلّم مباشرة شركة «باك» إدارة السوق الحرة عبر عقد من الباطن في عملية خداع مكشوفة جداً، إذ كان الجميع يعلم أن شركة «باك»، أي فينيسيا إيرينتا وفينيسيا تريدينغ ومحمد عبد الباسط الخولي ومحمد زيدان، هم جميعهم طرف واحد، ويمثلون المصالح نفسها التي تسعى إلى إحكام السيطرة على المداخيل التجارية في مطار بيروت لأطول فترة ممكنة واحتكارها، مع استبعاد وجود أطراف أخرى.ماذا بعد؟لقد مضى على العقد الحالي الموقّع منذ 2002 نحو 8 سنوات، وليس هناك أي نيّة لإجراء مزايدة جديدة لتلزيم السوق الحرّة، إذ إن الواضح أن هناك قراراً ضمنياً لإبقاء شركة «باك» 15 سنة، وهي مدّة العقد الأساسية، وهي حتى الآن نجحت في ذلك نتيجة وجود الشراكة بين محمد زيدان والرئيس فؤاد السنيورة، وهي شراكة غير مصرّح عنها في السجل التجاري، إلا أنها تمرّ عبر حلقات متشعّبة تضم شركات وأطرافاً أجنبية مهمّتها التغطية.وقد استفادت شركة «باك» كثيراً من هذه الشراكة «المموّهة»، فهي زادت المساحة المستثمرة من مبنى المسافرين في المطار من دون أي تعديل في العقد ومترتّباته، وذلك بسبب تغييب الرقابة على أعمالها وتكليفها بمراقبة نفسها في أكثر المرافق حساسية، كذلك استفادت من مداخيل غير منصوص عنها في العقد الأصلي تتصل بالإعلانات وتقديم عروض على سلع وخدمات داخل السوق الحرّة، فضلاً عن السماح للشركة بإقامة سوق حرّة للقادمين خلافاً للمنطق، إذ كيف يجوز أن يُعفى القادمون إلى لبنان من الرسوم والضرائب، فيما المقيمون غير مُعفَين منها؟ فهذا الأمر غير موجود في أي مطار آخر!والأهم، أن شركة «باك» عمدت طيلة الفترة الماضية إلى تأجير مساحات إلى الغير عبر عقود من الباطن، وتقدّر قيمة ريع هذه الإيجارات بأكثر مما سدّدته الشركة للدولة اللبنانية بكثير، فيما زيدان يحفظ لنفسه المساحات المخصصة لبيع السيجار والتبغ والكحول مجاناً ويجني أرباحاً طائلة على حساب المال العام وحقوق الدولة!عدد الثلاثاء ٢٦ تشرين الأول ٢٠١٠

الأكثر قراءة