اعتباراً من أوّل أيلول الماضي، أصبح وجود شركة «باك» في مطار بيروت الدولي غير شرعي، إذ انتهت مدّة عقدها الرضائي (الممدّد سابقاً) لإدارة السوق الحرّة واستثمارها. وحتى الآن، لم يُعرض الأمر على مجلس الوزراء، كذلك لم تتخذ أي جهة رسمية معنية الترتيبات اللازمة لتغطية هذا الوجود، ولو شكلياً... ويبدو أن كل ذلك يحصل وفقاً لخطة مرسومة سلفاً، صاغ تفاصيلها فؤاد السنيورة، الشريك الخفي لمحمد زيدانمحمد زبيبمضى نحو 56 يوماً على انتهاء مدّة عقد إدارة واستثمار السوق الحرّة الرضائي في مطار بيروت الدولي في نهاية آب الماضي. إلا أن شركة «باك»، التي مُنحت هذا العقد سابقاً بطريقة مخالفة للقانون، تواصل أعمالها ونشاطاتها كالعادة، كما لو أن العقد «المريب» لا يزال سارياً، أو أن التمديد حاصل لا محالة. وبالتالي، يواصل أصحاب هذه الشركة، العلنيون والسريون، الإفادة من أرباح صافية «غير مشروعة»، يقدّرها العارفون بما بين 125 ألف دولار و225 ألف دولار عن كل يوم عمل فعلي، وذلك على أساس حجم أعمال يصل، في أوقات الذروة، إلى نصف مليون دولار يومياً، بحسب ما تفيد به لوائح المبيعات المسلّمة إلى إدارة الجمارك في العام الماضي.هذا التقدير للأرباح الصافية المحققة يبيّن بوضوح أهمية السوق الحرّة في المطار، وحجم المنافع التي يحققها بعض السياسيين المتورطين في العلاقة مع صاحب الشركة الأساسي محمد زيدان، ولكن هذه الأرباح الطائلة، ذات الطابع الاحتكاري، ليست الدليل الوحيد على التواطؤ، إذ إن مسيرة العقد نفسه التي انطلقت منذ عام 1996، تكشف عن تفاصيل مثيرة جداً، ربما تصلح كسيناريو لفيلم «خيالي» عن قوّة الفساد ورسوخه وسيطرته على النظام العام.لعبة عدم اتّخاذ قرارففي 31 آب الماضي، انتهت مدّة عقد شركة «باك». وما عدا إشارة عابرة على لسان وزير الأشغال العامّة غازي العريضي، في خضم مناقشة تمديد عقود شركة سوكلين، في جلسة مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي، لم يتطرق أحد إلى هذا الملف، لا قبل موعد انتهاء العقد المذكور، ولا بعده، إذ إن العريضي قال «إننا مقبلون على مشكلة مماثلة عند مناقشة عقد السوق الحرّة»، لكنه لم يوضح أن مدّة العقد انتهت فعلياً، وأن الشركة الملتزمة تحتل السوق الحرّة حالياً، بذريعة «تسيير المرفق العام»، وبالتالي لم يناقش أحد في الأسباب التي منعت إطلاق مزايدة جديدة لتلزيم إدارة هذا المرفق واستثماره قبل وقت كاف من موعد انتهاء العقد، أو تقديم طلب لتمديد العقد الحالي ريثما يجري الإعداد للمزايدة الجديدة.كانت مجرد عبارة نطق بها الوزير العريضي، إلا أنها كانت كافية لتظهير مدى الإحراج الذي يصيب «وزير الوصاية»، ولا سيما أنها وردت قبل دقائق قليلة من تصويته ضد تمديد عقود «سوكلين» المماثلة. فوزير الأشغال العامّة والنقل يدرك تماماً خلفيات هذا الملف وتفاصيله «الفضائحية»، ولكنه، من موقعه السياسي، لم يمتلك سابقاً الجرأة الكافية لتقديم مقاربة تسمح بتصحيح الوضع الشاذ ومحاسبة المسؤولين عنه. لذلك اختار أن يترك «اللعبة» تسير كما يريدها رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الذي تتردد معلومات «دقيقة» عن وجود شراكة مالية وتجارية بينه وبين زيدان.تمديد سابق قبل 8 أشهرمضت على العقد 8 سنوات، وليس هناك نيّة لإجراء مزايدة لتلزيم السوق الحرّةفالسنيورة كان قد ورّط وزير الأشغال العامّة والنقل السابق محمد الصفدي في اللعبة نفسها، ولكن بالمقلوب، إذ عمد الصفدي في بدايات حكومة السنيورة الأولى إلى رفع طلب إلى مجلس الوزراء للموافقة على تمديد العقد مع شركة «باك» لمدّة أربع سنوات إضافية، وقد قرر مجلس الوزراء الموافقة على هذا الطلب (رقم المحضر 25 ورقم القرار 7) في جلسة عقدها في 5/1/2006، أي قبل 8 أشهر من انتهاء مدّة العقد الأصلية، ولم يجد الصفدي، ومعه مجلس الوزراء، أي حرج في تبرير قرار التمديد قبل هذه الفترة الطويلة بفقرة تقول «إن مصير العقد مع شركة باك يتطلب قراراً عاجلاً من مجلس الوزراء، وخاصة أن المدة الزمنية الباقية من العقد قد لا تكون كافية، إذا كان القرار من مجلس الوزراء يقضي بإنهاء العقد وإجراء مزايدة جديدة لاستثمار محال السوق الحرة، إضافة إلى ما يمكن أن يطالب به المستثمر من عطل وضرر».لا شك في أن مدّة 8 أشهر كانت أكثر من كافية لإطلاق المزايدة الجديدة، إلا أن القرار واضح، لا لبس فيه، فهو يريد استباق أي تطوّرات قد تؤدّي إلى إخراج محمد زيدان من المطار. فالأجواء السياسية يومها لم تكن توحي بالاستقرار، وكان السنيورة يخشى ألا يكون قادراً في وقت لاحق على اتخاذ مثل هذا القرار، لذلك سارع إلى وضع قرار التمديد في جيبه.فوضى منظّمةالأمر نفسه يحصل اليوم، ولكن بخط سير معاكس. فالانقسام حاصل داخل مجلس الوزراء منذ مدّة طويلة، وليس سهلاً إمرار قرار التمديد لشركة «باك» في ظل وجود وزراء جدد في النادي يبدون استعداداً متنامياً للاعتراض على أي قرار يحمل شبهة معينة، كالشبهة التي تحيط بهذا العقد تحديداً... لذلك قضت اللعبة ألا يتقدم وزير الوصاية بأي طلب يتصل بهذا العقد، فلم يجر الإعداد لإطلاق مزايدة جديدة لتلزيمه قبل أشهر من انتهاء مدّته الممددة، كذلك لم يُطلب تمديد العقد نفسه خوفاً من أن يتحوّل هذا الطلب إلى مناسبة لفتح ملفّه كاملاً، والسعي إلى مساءلة المتورطين فيه ومحاسبتهم، وإلزام الوزير المختص بإطلاق مزايدة جديدة ضمن مهلة معينة تؤدّي في النهاية إلى إخراج محمد زيدان وتفويت المزيد من الأرباح والمنافع على المتورّطين... بمعنى آخر، اتُّخذ قرار ضمني بترك شركة «باك» كشركة «أمر واقع» في مطار بيروت الدولي، تتحكم في واحد من أهم مصادر الدخل فيه، لا الدخل المباشر فقط المتأتي من العمليات التجارية المحددة في السوق الحرّة، بل أيضاً الدخل غير المباشر، الذي لا يقل أهمية عن الأول، في ضوء ما يُحكى عن عمليات تهريب من المنطقة الحرّة المعفاة من الضرائب والرسوم إلى السوق المحلية، وهي عمليات تشمل كميات كبيرة من الكحول والتبغ والعطورات ومستحضرات التجميل... وذلك بحسب شكوك يدلي بها وكلاء علامات تجارية مزدهرة، ما انفكوا يشتكون من وجود بضائع لا يعلمون مصدرها بالتحديد!مسيرة عقد مشبوهلماذا هناك إحراج في ملف عقد شركة «باك»؟ وما الذي يميّز هذا العقد عن عقود أخرى لشركات مماثلة تحظى بالتمديد القانوني وغير القانوني طوال الوقت؟ وما هو دور السنيورة في إدارة لعبة إبقاء سيطرة محمد زيدان على السوق الحرّة؟ وكيف؟تكشف مسيرة عقد إدارة واستثمار المنطقة الحرّة عن تفاصيل كافية لتقديم إجابات مجرّدة عن هذه الأسئلة. فالقصّة بدأت في عام 1995، عندما اتخذ مجلس الوزراء، برئاسة الرئيس المغدور رفيق الحريري، قراراً حمل الرقم 48/13 بتاريخ 22/8/1995، قضى بالتفويض إلى المؤسسة العامّة لتشجيع الاستثمارات (إيدال) توقيع عقد مع شركة «فينيسيا افرو اسيا وارينتا الدولية ش.م.م.» لاستثمار محال السوق الحرة في مطار بيروت لمدة 15 سنة.وُقّع العقد فعلياً بتاريخ 8/3/1996، وقد نص هذا العقد على السماح للشركة باستثمار مساحة إجمالية هي 8277 متراً مربعاً بمبلغ 38 مليون دولار فقط على كل فترة هذا العقد، تُسدّد 20 مليون دولار منها عند التصديق على هذا العقد في مجلس الوزراء، و18 مليون دولار عند تسلّم المساحات ومباشرة العمل... ونص العقد أيضاً على علاوة تدفعها الشركة للدولة إذا تجاوز عدد المسافرين عبر مطار بيروت الدولي سقف 1.5 مليون مسافر، تبلغ قيمتها 760 ألف دولار فقط عندما يصل عدد المسافرين إلى مليوني مسافر، و1.5 مليون دولار عندما يصل عدد المسافرين إلى 2.5 مليون مسافر، وهكذا دواليك.وافق مجلس الوزراء بموجب قراره الرقم 28 بتاريخ 3/4/1996 على العقد، وأحاله على كل من ديوان المحاسبة وهيئة التشريع والاستشارات لإبداء الرأي... وبحسب أحد الوزراء الذين شاركوا في الجلسة المذكورة، لا أحد ناقش في مدى قانونية هذا العقد، أو الغبن اللاحق بالدولة من خلال البدلات الهزيلة لاستثمار هذا المرفق الحيوي، كذلك لم يناقش أي وزير في صلاحية المؤسسة العامّة لتشجيع الاستثمارات بالتوقيع على عقد إداري لا يدخل ضمن نطاق مهماتها المحددة في قانون إنشائها!المهم أن رأي ديوان المحاسبة الرقم 1/98 تاريخ 14/1/1998 ورأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل الرقم 123/99 تاريخ 29/4/1998 جاءا في غير مصلحة التوقيع على العقد، إذ رأيا أن العقد الموقّع مع شركة «باك» لا يستوفي شروط نظام الـBOT، بل تنطبق عليه المادة 25 من قانون رسوم المطارات الصادر بتاريخ 19/3/1947 وتعديلاته، وبالتالي لا يجوز تلزيم السوق الحرّة لمدة تتجاوز أربع سنوات، وهو ما تنص عليه أيضاً المادة 60 من القانون الصادر بموجب القرار الرقم 275 تاريخ 25/5/1926 (قرار إشغال أو إدارة أملاك الدولة العمومية الخاصة)... وقرر الديوان والهيئة أنّ العقد باطل بطلاناً مطلقاً! وأنه لا يفي الدولة حقوقها. كذلك رأىا أن البند التحكيمي باطل أيضاً، وطالبا بإجراء مزايدة جديدة لاستثمار محال السوق الحرة في المطار... فاضطر مجلس الوزراء إلى تعليق قراره بالتصديق على العقد بناءً على رأي الديوان ورأي الهيئة، وذلك في قراره الرقم 35 تاريخ 12/5/1999.دعوى لا تزال قائمةسرعان ما حُرّكت شركة «باك» من أجل تقديم مراجعة إبطال اعتراضية ضد قرار مجلس الوزراء لدى القضاء المختص، مطالبة بما يأتي:ـــــ تنفيذ العقد الموقّع مع «إيدال»، ولا سيما في ما يتعلق بمدة الاستثمار واعتبارها 15 سنة.ـــــ تعويض الشركة عن الربح الفائت الناتج من التأخير في تسليم المساحات ومباشرة الاستثمار.ـــــ طلب التحكيم في المحاكم الدولية.فما كان من مجلس الوزراء إلا الاستجابة عبر قراره الرقم 10 تاريخ 12/12/2000 القاضي بإحالة ملف العقد الموقّع مع شركة «باك» على مجلس شورى الدولة، برئاسة القاضي سهيل بوجي الذي أصبح في ما بعد الأمين العام لمجلس الوزراء خلافاً للقانون، وذلك بحجّة إبداء الرأي، فأبدى مجلس شورى الدولة في رأييه الرقم 75/2000 ـــــ 2001 تاريخ 8/2/2001 والرقم 78/2001 ـــــ 2002 تاريخ 8/4/2002 في هذا الشأن ما يأتي: «إن نشأة العقد قانونية، ولكن يجب احترام مدة أقصاها أربع سنوات للعقد».في هذا الوقت اتخذ مجلس الوزراء القرارين الرقم 6 تاريخ 5/4/2001 والرقم 23 تاريخ 21/6/2001 القاضيين بتكليف وزير الأشغال العامة والنقل بالتفاوض مع شركة «باك»، فأفضت المفاوضات إلى موافقة الشركة على أن تصبح مدة العقد أربع سنوات، فاتخذ مجلس الوزراء القرار الرقم 31 تاريخ 13/6/2002 القاضي باعتماد رأيي مجلس شورى الدولة الرقم 75 والرقم 78، فرأى أن العقد الموقّع بتاريخ 8/2/1996 مع شركة «باك» قائم خلافاً لرأي ديوان المحاسبة، وسُلّمت هذه الشركة السوق الحرّة، على الرغم من أن هذه الشركة لم تتنازل عن دعواها المقامة ضد الدولة، وهذه الدعوى لا تزال قائمة حتى اليوم بغرض استخدامها عند الحاجة لتبرير دفع تعويضات هائلة للشركة إذا لم تضمن البقاء في المطار لمدة 15 سنة كما ورد في العقد الأصلي.وقائع إضافيّة عن الشبهةهذه الوقائع تُثبت بما لا يقبل الشك أن مجلس الوزراء كان يعلم كل العلم بأنه يخالف القوانين بتلزيمه السوق الحرّة إلى شركة «باك»، إلا أن الوقائع لا تنحصر في ما سبق، بل إن مجلس الوزراء كان قد وافق في الوقت الضائع على إجراء مزايدة جديدة لتلزيم السوق الحرّة لمدّة سنة، ريثما يُبتّ عقد شركة «باك»، فعمدت وزارة الأشغال العامّة والنقل إلى إجراء هذه المزايدة في 3/6/1999، ففازت بها الشركة نفسها، بمبلغ إجمالي بلغ 6.4 ملايين دولار، أي ضعفي المبلغ الرضائي الذي كانت الشركة نفسها قد وقّعت عليه مع «إيدال»!ومن جديد، رفض ديوان المحاسبة في قراره الصادر في 21/6/99 التصديق على نتيجة المزايدة الجديدة بسبب مخالفات في الشكل، وفي المضمون، ولا سيما لجهة الشوائب في ملف الشركة، الذي تقدمت به إلى هيئة إدارة المناقصات.وقد طلب وزير الأشغال العامّة والنقل من ديوان المحاسبة بتاريخ 12/7/1999 إعادة النظر في قراره، إلا أن الديوان أصرّ في قراره بتاريخ 22/7/1999 على قراره السابق، مؤكداً موقفه ومشدداً علىه.فما كان من مجلس الوزراء إلا أن اتخذ قراراً في تاريخ 18 آب 1999 بالموافقة على اقتراح تقدم به وزير النقل، يقضي بتوقيع عقد رضائي مع الشركة، على الرغم من رفض ديوان المحاسبة الموافقة عليه مرتين، وكان غريباً أيضاً أن يحصل التلزيم الرضائي لكل المحال في السوق الحرّة بعد أن أوصى ديوان المحاسبة بضرورة تفادي احتكار كل المحال من قبل طرف واحد، وطالب بتأجير كل محل على حدة.إلا أن الجرّة لم تسلم، فقد رفض ديوان المحاسبة، للمرة الثالثة، تلزيم محمد زيدان هذا العقد، متذرعاً هذه المرّة بوجود ملاحقة بحقه نتيجة شبهات في شأن ضلوعه بعمليات تهريب، إذ إن القانون يمنعه في هذه الحالة من الحصول على عقود من الدولة اللبنانية.نتيجة كل ذلك، عمد مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 8/9/1999 إلى الموافقة على اقتراح وزير النقل الجديد القاضي بتوقيع عقد رضائي لاستثمار كل محال السوق الحرّة مع محمد عبد الباسط الخولي، وهو كان في حينه موظفاً مع ولديه عند محمد زيدان... وقد بدا هذا القرار نتيجة تسوية لحفظ ماء وجه ديوان المحاسبة، إذ عمد الديوان بتاريخ 16/9/1999 إلى التصديق على قرار مجلس الوزراء تلزيم الخولي لسنة واحدة، على الرغم من معرفته بأن العقد هو في الواقع مع محمد زيدان نفسه، ولا سيما أن الخولي سلّم مباشرة شركة «باك» إدارة السوق الحرة عبر عقد من الباطن في عملية خداع مكشوفة جداً، إذ كان الجميع يعلم أن شركة «باك»، أي فينيسيا إيرينتا وفينيسيا تريدينغ ومحمد عبد الباسط الخولي ومحمد زيدان، هم جميعهم طرف واحد، ويمثلون المصالح نفسها التي تسعى إلى إحكام السيطرة على المداخيل التجارية في مطار بيروت لأطول فترة ممكنة واحتكارها، مع استبعاد وجود أطراف أخرى.ماذا بعد؟لقد مضى على العقد الحالي الموقّع منذ 2002 نحو 8 سنوات، وليس هناك أي نيّة لإجراء مزايدة جديدة لتلزيم السوق الحرّة، إذ إن الواضح أن هناك قراراً ضمنياً لإبقاء شركة «باك» 15 سنة، وهي مدّة العقد الأساسية، وهي حتى الآن نجحت في ذلك نتيجة وجود الشراكة بين محمد زيدان والرئيس فؤاد السنيورة، وهي شراكة غير مصرّح عنها في السجل التجاري، إلا أنها تمرّ عبر حلقات متشعّبة تضم شركات وأطرافاً أجنبية مهمّتها التغطية.وقد استفادت شركة «باك» كثيراً من هذه الشراكة «المموّهة»، فهي زادت المساحة المستثمرة من مبنى المسافرين في المطار من دون أي تعديل في العقد ومترتّباته، وذلك بسبب تغييب الرقابة على أعمالها وتكليفها بمراقبة نفسها في أكثر المرافق حساسية، كذلك استفادت من مداخيل غير منصوص عنها في العقد الأصلي تتصل بالإعلانات وتقديم عروض على سلع وخدمات داخل السوق الحرّة، فضلاً عن السماح للشركة بإقامة سوق حرّة للقادمين خلافاً للمنطق، إذ كيف يجوز أن يُعفى القادمون إلى لبنان من الرسوم والضرائب، فيما المقيمون غير مُعفَين منها؟ فهذا الأمر غير موجود في أي مطار آخر!والأهم، أن شركة «باك» عمدت طيلة الفترة الماضية إلى تأجير مساحات إلى الغير عبر عقود من الباطن، وتقدّر قيمة ريع هذه الإيجارات بأكثر مما سدّدته الشركة للدولة اللبنانية بكثير، فيما زيدان يحفظ لنفسه المساحات المخصصة لبيع السيجار والتبغ والكحول مجاناً ويجني أرباحاً طائلة على حساب المال العام وحقوق الدولة!عدد الثلاثاء ٢٦ تشرين الأول ٢٠١٠