سوريا | دمشق تطرح شروطها لتوقيع بروتوكول المراقبين ردّ «إيجابي» ينتظر جواب العرب

بلورت سوريا ردّها على الإنذار العربي الأخير، انطلاقاً من سياسة هجومية تقوم على ربط دمشق موافقتها على توقيع بروتوكول المراقبين، بطرح قائمة شروط تتخطّى بنود الخطة العربية لحل الأزمة، لتصل إلى إعادة العلاقة العربية ــ السورية إلى ما قبل سياسة العقوبات

لم ينتهِ بعد مسلسل الأخذ والرد بين الجامعة العربية وسوريا على خلفية الإنذارات العربية لدمشق التي تواصل سياسة إعادة الكرة العربية إلى ملعب الجامعة في كل مرة يتعلق الأمر بمهل عربية توجه لها أو بإنذارات على شكل فرص أخيرة. وبعد مفاوضات دارت في اليومين الماضيين من خلال رسائل واتصالات بين دمشق من جهة، والأمانة العامة للجامعة العربية والدوحة، صاحبة اليد الطولى في الإدارة العربية للملف السوري في هذه الأيام.

من جهة ثانية، خرج ردّ سوري جديد على الطلب العربي بتوقيع بروتوكول المراقبين العرب وخطة العمل العربية الخاصة بإنهاء الأزمة السورية، من غير الواضح ما إذا كان سيصل بلعبة الشد بين دمشق والجامعة إلى خواتيمها السعيدة. فقد وافقت سوريا على بروتوكول المراقبين الذين قرر وزراء الخارجية العرب إرسالهم إلى سوريا، وفق شروطها التي سبق للعرب أن رفضوها. ردّ جاء في مؤتمر صحافي للمتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، إضافة إلى تضمينه في رسالة وجهها وزير الخارجية وليد المعلم إلى الأمانة العامة للجامعة العربية.وقال مقدسي إن دمشق ردّت بـ«إيجابية» على الجامعة العربية بشأن موضوع توقيع بروتوكول نشر مراقبين في البلاد «وفق الإطار الذي يستند إلى الفهم السوري لهذا التعاون». وأشار إلى أن «الرد السوري كان إيجابياً، والطريق بات سالكاً للتوقيع، حفاظاً على العلاقات العربية، وحرصاً على السيادة السورية»، موضحاً أن المعلم أرسل مساء الأحد رسالة إلى الجامعة العربية في هذا الشأن. ولفت مقدسي إلى أن «سوريا طلبت أن تكون المراسلات (التي جرت بين سوريا والجامعة) جزءاً لا يتجزأ من البروتوكول»، مؤكداً أن «ما قدمته سوريا هو تعديلات طفيفة لا تمس جوهر البروتوكول». وعن طبيعة الاستفسارات السورية، أوضح المسؤول السوري أن دمشق طلبت «استيضاح بشأن العنف ممن وضد من؟ طلبنا أموراً لا علاقة لها بطبيعة المهمة، وطلبنا إخطار الجانب السوري بأسماء البعثة وجنسياتهم، وهي أمور لوجستية إجرائية بحتية لا علاقة لها بطابع المهمة». وكشف أن من التعديلات المطلوبة «تغيير عنوان البروتوكول ليصبح مشروع بروتوكول بين سوريا والجامعة العربية لمتابعة الوضع السوري».وشدد على أهمية «التنسيق مع الجانب السوري»، على قاعدة أن «نجاح المهمة يتوقف على التنسيق مع الجانب السوري». وتابع قائلاً إن «التنسيق سيكون في حال الموافقة، عالي المستوى بهدف إنجاح هذه المهمة، وسيكون للبعثة الحرية في التحرك بالتنسيق مع الجانب السوري». وخلص مقدسي إلى أن سلطات بلاده تعتقد أن «الطريق باتت سالكة لتوقيع الاتفاق إذا كانت النيات هي المساعدة للخروج من الأزمة». وأضاف أنه «إذا تمّ التوافق على المقترحات السورية، فإنّ الطريق أمام توقيع مشروع البروتوكول سيكون سالكاً لتوقيعه قريباً، إن توافرت النيات الحسنة»، وأشار إلى أن «سوريا قدمت أكثر مما لديها، وأن توقيع مشروع البروتوكول ليس نهاية الأزمة، بل خطوة على الطريق». وبشأن وجود مراقبين غير عرب في وفد الجامعة العربية الذي يمكن أن يزور سوريا، أجاب مقدسي بأنّ «الجامعة العربية تعتمد على الخبرات العربية. وإن كان هناك أشخاص غير عرب، يجب أن يكون بموافقة مجلس الجامعة العربية. هذا طلب نراه منطقياً للغاية، وأيضاً طلبنا من الأمانة العامة والأمين العام إمكان توقيع البروتوكول في دمشق». وختم كلامه بالإعراب عن أنه «متفائل بحذر ولننتظر رد فعل الجامعة أولاً».وعن فحوى الرسالة التي بعث بها المعلم إلى العربي، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أنها تضمّنت، إضافة إلى الاستفسارات والإيضاحات التي باتت معروفة، «المواقف والملاحظات التي تقدمت بها الجزائر وما صرّح به رئيس اللجنة الوزارية والأمين العام للجامعة، تأكيداً لرفض التدخل الأجنبي في الشأن السوري والتي تعدّ جميعها جزءاً لا يتجزأ حسب فهمنا لمشروع البروتوكول». وعن الشروط السورية للموافقة على البروتوكول، جاء في الرسالة أن الحكومة السورية «ترى جميع القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة بغياب سوريا ومن ضمنها تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية والعقوبات التي أصدرتها اللجنة الوزارية والمجالس الوزارية العربية بحق سوريا لاغية عند توقيع مشروع البروتوكول بين الجانبين». كذلك تضمّنت الرسالة نفسها دعوة الأمانة العامة للجامعة إلى القيام «بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة برسالة خطية تتضمن الاتفاق «والنتائج الإيجابية التي جرى التوصل إليها بعد توقيع مشروع البروتوكول، والطلب منه توزيع الرسالة على رئيس وأعضاء مجلس الأمن وعلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة كوثيقة رسمية».وكان وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي قد دعا الحكومة السورية إلى توقيع وثيقة بروتوكول بعثة المراقبين العرب إلى دمشق، مطمئناً إلى أن الموقف العربي بشأن سوريا مرتكز على أساسين، هما ضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة على المستوى العربي، وأن تعمل الجامعة العربية من أجل مصلحة سورية والسوريين. ولفت مدلسي إلى أن بلاده «تأمل أن تأخذ دمشق في الاعتبار المجهود العربي لاتخاذ موقف من شأنه أن يربط ما بين سوريا والجامعة العربية ارتباطاً متيناً للخروج من هذه المحنة».وفي وقت لاحق من يوم أمس، أوضح الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أنه يجري مشاورات مع وزراء الخارجية العرب حول شروط دمشق لتوقيع بروتوكول المراقبين إلى سوريا. وأكد العربي أن المعلم أرسل بالفعل رسالته إلى الأمانة العامة للجامعة العربية قال فيها «إن سوريا مستعدة لتوقيع بروتوكول بعثة المراقبين العرب. لكنه وضع شروطاً وطلبات تُدرس حالياً بالتشاور مع المجلس الوزاري». وكشف أنه أجرى «اتصالات مع وزراء الخارجية العرب وأُطلعوا على فحوى الرسالة السورية ولم يتقرّر عقد اجتماع لوزراء الخارجية حتى الآن»، محذراً من أن العقوبات العربية ضد سوريا «سارية»، مشدداً على أنه «لم تُعطَ أي مهل أخرى قبل تنفيذها». ورداً على سؤال عما إذا كانت الشروط السورية تفرغ المبادرة العربية لتسوية الأزمة السورية من مضمونها، أجاب العربي أن «هذه الشروط فيها أمور جديدة لم نسمع عنها من قبل».(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)

الأكثر قراءة