uldy

uldy

فئة الشباب كانت طاغية (هيثم الموسوي)بعد إعداد دام ستة أشهر، وبعد دعوات وجّهت عبر البريد الإلكتروني والفايسبوك، خرج الفلسطينيون أمس من مخيماتهم للمشاركة في مسيرة طالبت بحقوقهم؛ حق تملّك مأوى وحق العمل من دون أن يهانوا

قاسم س. قاسم فجأة، من بين كل المتظاهرين المشاركين في مسيرة «الحقوق المدنية والاجتماعية لللاجئين الفلسطينيين في لبنان» أمس، تعلق العين بوجه واحد يبدو مألوفاً. لكن؟ أليس هذا سيلفاتوري لومباردو مدير وكالة الأونروا في لبنان؟ بلى. تقترب أكثر للتأكد من الشخص، فقد اعتدت أن تراه بالبذلة الرسمية. لكنّ لومباردو لم يكن هنا بتلك الصفة، فقد أتى يدفع أمامه عربة طفلته التي لم تتجاوز أربع سنوات وبقربه زوجته، وهو هنا بصفة حرص على التأكيد أنها «شخصية»، وامتنع عن الرد على أسئلة «الأخبار». كان يمكن النواب المعترضين على إعطاء الحقوق الاجتماعية للاجئين أن يتمثلوا بلومباردو إن أرادوا، أو بأدنى حدّ كان بإمكانهم أن يتابعوا على الشاشات حوالى 4500 فلسطيني ولبناني أتوا للمطالبة بحقوق اللاجئين الممنوعة. لكنهم لم يكونوا هنا بالطبع. كان هناك مواطنون لبنانيون أتوا بدلاً من «ممثّلي الشعب» لكي يقولوا «ليس باسمنا» حرمان اللاجئين من حقوقهم. انطلقت المسيرة، ولكن ركوباً،» لأسباب أمنية»، من مختلف مخيمات لبنان باتجاه المدينة الرياضية وموقف الكرنتينا، ومنهما سار المشاركون إلى ساحة جبران، التي قدموا إليها ليوجهوا مذكرة تطالب بإقرار الحقوق المدنية للاجئين إلى الأمين العام للمجلس النيابي عدنان الضاهر، ليرفعها لاحقاً إلى رئاسة المجلس. المسيرة التي انطلقت في «عزّ الظهر» طغت عليها مشاركة شبابية فلسطينية، دليل تأثر هذه الفئة أكثر من غيرها بغياب هذه الحقوق، وخصوصاً حقَّي العمل والتملّك. ساروا رجالاً ونساءً تحت الشمس، كأنه منذ رواية غسان كنفاني لم يتغيّر شيء. «منعرف إنكم تعبتوا بس طريق إقرار حقوقنا متعبة»، يقول أحد «الهتيفة». أعلام الفصائل الفلسطينية غير موجودة: لا رايات لفتح ولا لحماس، لا جبهة شعبية ولا قيادة عامة. فقط علمان خفقا كقلوب المتظاهرين في فضاء بيروت: اللبناني والفلسطيني. غياب أعلام الفصائل لم يغيّب الانقسامات الموجودة في ما بينها عن جو المسيرة. ففي المخيمات انتشر خبر أن المسيرة لن تنطلق من المدينة الرياضية وستبقى هناك. شائعات عدّها ساري حنفي، أحد منظّمي المسيرة، أنها «تهدف إلى ضرب النشاط». على طول الطريق لم تهدأ حناجر المشاركين الذين رددوا «بدي عيش بكرامة/ بدي إحيا وما إنهان/ فلسطيني عالي الهامة/ يا عالم أنا إنسان». عند جسر سليم سلام انهال الأرزّ عليهم من على شرفات المباني المجاورة. تعب المشاركون قليلاً «لأنو في طلعة». في ساحة جبران، انتظرهم أبناء مخيمات الشمال والبقاع. في ساحة الإسكوا يبدأ النشاط الخطابي. يلقي عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كروم كلمة النائب وليد جنبلاط، وقال إن «نواب كتلة اللقاء سيستمرون بمتابعة هذه الحقوق إلى النهاية»، مؤكداً أن الكتلة «كانت على اتصال مع مختلف الكتل النيابية قبل طرح مشاريع القوانين، فهي لم تطرح فجأة. وصفة المعجل كانت من أجل عدم ضياع مشاريع القوانين على الطريق بين مجلس النواب ومجلس الوزراء». ثم وجهت لويزا مارتيني نائبة رئيس البرلمان الأوروبي السابقة كلمة مسجلة قالت فيها إن المسيرة «لتأكيد العيش بكرامة»، عارضة مأساة قرية نعلين التي «يتساقط فيها الشهداء من أجل أرضهم». وألقى د. ساري حنفي كلمة المفكر عزمي بشارة الذي انتقد في كلمته كيفية صنع «الآخر الفلسطيني الذي يستخدم في صناعة هوية داخلية».

عزمي بشارة انتقد صناعة الآخر الفلسطيني المستخدم في صناعة هوية داخلية

ورأى ممثّل منظمة التحرير في لبنان عبد الله عبد الله أن «إقرار الحقوق لا يلغي تمسّكنا بحق العودة، ولن يؤثر على البنية التركيبية للمجتمع اللبناني. فنحن لا نطالب بوظيفة حكومية». من جهته، قال مسؤول الجبهة الديموقراطية في لبنان علي فيصل إن «الشعب الفلسطيني شعب يستحق الحياة». وقد وجّه ممثل الحزب الشيوعي نديم علاء الدين دعوة إلى التظاهر في 5 تموز أمام المجلس النيابي، وذلك خلال جلسة الهيئة العامة المقبلة. ورأى مسؤول الجبهة الشعبية في لبنان مروان عبد العال أن معاملة الفلسطيني بكرامة «هي الضمانة كي لا تذوب الهوية الفلسطينية، ليبقى هناك مطالباً بحق العودة»، رافضاً «تحويل الفلسطيني إلى رقم أمني أو متسوّل على أبواب مكاتب الإغاثة». من جهته، قال أمين سر فتح في لبنان فتحي أبو العردات إن «من يريد حق العودة عليه تحسين وضع المخيمات». تنتهي الخطابات، تسلمك المذكرة، يعود بعض اللاجئين إلى مخيماتهم البعيدة، يبقى آخرون لمشاهدة العروض الفنية. هكذا، بعد إعداد ستة أشهر يقول المنظّمون إنهم راضون عن أعداد المشاركين التي وصلت بحسبهم إلى 4500 شخص، بينما قالت القوى الأمنية إن الأعداد تراوحت بين 3500 و4 آلاف. وفي مخيمي البارد والبداوي كان لتحرك الفلسطينيين نكهة خاصة. صباح الأحد، وهو يوم عمل عادي هنا، لأن طبيعة الأعمال لا تحتمل التمييز بين أول الأسبوع ووسطه ونهايته، خلت الأزقة من الحركة الاعتيادية وأقفلت أبواب المحال والدكاكين البسيطة، واقتصر المشهد على تجمعات متفرقة راحت تتقاطر من الزواريب لتلتقي في محطة سرحان وسط المخيم، حيث تجمعت الباصات لنقل المشاركين في مسيرة الحقوق نحو البرلمان اللبناني. «البهائم لا تعيش في براكسات البارد»، بهذه العبارة ميّز أبو نجيب درويش دوافع تحرك فلسطينيي الشمال. وأضاف «وإذا كان أحد النواب الأفاضل وهو محام بارع، وأعني به النائب بطرس حرب، فصّل بين الحقوق الإنسانية والمدنية، موافقاً على الأولى ورافضاً الثانية، فإنني أطالبه بأقل من الحقوق الإنسانية، وليسمح سعادته بإرسال وفد من لجنة «للرفق بالحيوان» لينظر في واقع الفلسطينيين في مخيم نهر البارد، حيث لا يعامل الفلسطينيون كبشر». بالقرب من الباص الرقم 1 وقف عمار يوزباشي، أحد منسّقي المسيرة. يقول إن هذا النشاط «خطوة أولى ستتبعها خطوات. فلأول مرة، ما يزيد على 130 مؤسسة فلسطينية ولبنانية تحت راية العلمين اللبناني والفلسطيني ستشارك في مسيرة حقوق اللاجئين المدنية». وقال «كنا نسعى لنجعل المسيرة مهرجاناً حضارياً أسوة بما يجري في ريو دي جنيرو وغيرها، لكنّ الإجراءات الأمنية حالت دون ذلك». قرابة العاشرة امتلأت ساحة المحطة بالمشاركين، وبدأ كل منهم يدلي بدلوه حتى من دون سؤاله. «نحن لاجئون، يقول الحاج أبو أيمن «أعطونا ما يسدّ الرمق إذا كنتم لا تريدوننا أن نعمل». أبو حسن، يحمل جنسية دنماركية لكنّ بناته يسكنّ المخيم، ومع ذلك «فأنا لا أتضامن مع بناتي فقط، بل مع هذا الشعب الذي تعطيه كل الدول حقوقه المدنية إلا لبنان، يحرمه أبسط مقوّمات الحياة». ورغم الإجماع الحاسم على موضوع الحقوق المدنية، إلا أن ثمة يأساً من إمكان إحراز الشيء الكثير، لكن «يكفينا أن نوفّر بعض الحقوق»، يقول أيسر حسن «فنحن في مخيم البداوي، دهانين ومبلّطين أو مليّسين، نقدّر وضع الدولة اللبنانية ولا نطالب لأنفسنا بل لأولادنا الذين لا مستقبل لهم. فلا الحراك في سبيل العودة مفتوح، ولا إمكانية للهجرة إلى الخارج، ولا مجال للعيش الكريم هنا؟ غير أن أبو لؤي أركان بدر، مسؤول الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين في مخيم البداوي، يثق ببعض النواب التقدميين، كما يثق بالبلد الذي «قاوم العدو الصهيوني ولا يزال يرسل سفن الحرية»، لذلك يطالب بعدم النظر إلى الفلسطينيين بوصفهم طائفة، فنحن «طائفة العودة إلى فلسطين بموجب القرار الدولي 194». وفي صيدا، أبلغ فؤاد عثمان، أحد منسّقي التظاهرة، «الأخبار» أن «سلطات الأمن اللبنانية لم توافق على إعطائنا إذناً للانطلاق سيراً من ساحة الشهداء في صيدا إلى بيروت، وأبلغنا بضرورة ركوب الحافلات». مشاركة الكبار في السن كانت لافتة، حسب ما رأينا داخل الباصات. أمر بررته ابتسام العوض بالقول «لكي لا يوقف الشبان عند حواجز الجيش»، بينما أبو محمود قدورة بدا غير متفائل «عمي هذه التحركات لن تقدم ولن تؤخر ولن يُعطى اللاجئون حقوقهم، لأن الدول الكبيرة تتآمر علينا والقيادات الفلسطينية تعمل لمصلحتها، لكن لابأس بمحاولة رفع صوتنا». جارته في الباص تنفعل بعد رواية بعض المشاركين لمعاناتهم قائلة «شو مفكرينا طمعانين بوطنكم، حبة تراب من فلسطين بتساوي الدنيي كلها». وفي شتورا اعتصم عشرات الفلسطينيين في ساحة شتورا للمطالبة بالحقوق المدنية والإنسانية. هذه الخطوة جاءت محطة قبل التوجه ضمن مسيرة الحقوق المدنية إلى مجلس النواب اللبناني في بيروت. وتحدث باسم المعتصمين رئيس اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني في لبنان وائل صالح، وقال «لبنان الذي أعطى الكثير لأجل فلسطين، لا يمكن أن يتناسب تاريخه مع القوانين التي تحرم هؤلاء اللاجئين أبسط حقوقهم». (شارك في التغطية روبير عبدالله، خالد الغربي، أسامة القادري)

عدد الاثنين ٢٨ حزيران ٢٠١٠
المفاوضات المباشرة باتت على الطريق. أسسها بدأت تتكشف بعدما قدم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس ورقة مطالبه إلى الإدارة الأميركية. مطالب حددت سقف الحد الأقصى لأبو مازن الذي لا بد سينخفض إلى ما دونه، لكنه سقف يؤدي في النهاية إلى دولة بلا سيادة، وبلا حدود 4 حزيران، مع تقسيم جديد للقدس المحتلة، إضافة إلى إسقاط حق العودة

حسام كنفانيحراك المفاوضات غير المباشرة ينتظر نتائج اتصالات الساعات القليلة المقبلة في ما يخص الانتقال إلى التفاوض المباشر. رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في القاهرة، ومعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل. حراك نتائجه حاسمة لجهة الانتقال إلى المفاوضات المباشرة أو عدمه، رغم أن أبو مازن حدد شروطه، وهو تلقّى ردوداً من إسرائيل في ما خصّ قضيّتي الأمن والحدود.كان أبو مازن أكثر تحديداً في مقابلته مع صحيفة «الغد» الأردنية حين أشار إلى أنه يريد من إسرائيل أن توافق «من حيث المبدأ» على فكرة أن يقوم طرف ثالث بدور أمني في أي دولة فلسطينية تقام في المستقبل على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967. كذلك فإن على إسرائيل أن توافق «من حيث المبدأ» على «التبادلية للأراضي في القيمة والمثل» لتعويض الفلسطينيين عن أراضي الضفة الغربية المقام عليها مستوطنات يهودية في أي اتفاق سلام.إلى الآن، بحسب ما تشي التصريحات الفلسطينية، وخصوصاً بعد لقاء الساعات الثلاث الذي جمع عبّاس وميتشل أول من أمس، فإن المبعوث الأميركي لم يقدم أي ردود إسرائيلية على المطالب الفلسطينية، «وليس هناك وضوح في الموقف من عدد من القضايا المتعلقة بالانتقال إلى المفاوضات بشأن الوضع النهائي»، بحسب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه.التصريحات والمطالب الفلسطينية الحالية هي الجزء المكشوف من لعبة التفاوض، التي تحوي أيضاً ورقة مستورة موجودة في حوزة الرئيس الأميركي باراك أوباما. الورقة سلّمها أبو مازن إلى أوباما خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، وفيها يحدّد الرئيس الفلسطيني المعايير التي يقبل بها في ما يخصّ قضايا الوضع النهائي في أي اتفاق سلام مرتقب.وإذا كان أبو مازن والمسؤولون الفلسطينيون يتحدثون عن عناوين عريضة للأمن والحدود قبل الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، فإن الورقة تغوص في تفاصيل ما هو مقبول ومرفوض. ويمكن تقسيم الورقة التفاوضية إلى خمسة عناوين: الحدود، القدس، المياه، الأمن، واللاجئون.

الحدود: لا 67

الورقة الفلسطينية تبدأ في حديثها عن الحدود بالمطالبة بـ«دولة فلسطينية على ذات المساحة التي احتلت في الخامس من حزيران في عام 1967». نصّ يعني أن لا عودة إلى حدود الرابع من حزيران، بحسب ما كانت المطالب العربية السابقة، ويكرّس مبدأ تبادل الأراضي الذي كان يدور الحديث عنه منذ ما قبل كامب ديفيد الثانية.ورقة أبو مازن تزيد في الحديث عن التبادل، الذي بات يحظى بقبول عربي، لتشير إلى النسبة التي من الممكن القبول بها. ورغم أن المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة كان قد أشار في السابق إلى أن نسبة التبادل لا تتجاوز 2,3 في المئة، إلا أن الورقة تؤكّد أن نسبة التبادل هي 1,6 في المئة.

تبادل أراض بنسبة 1,6% بعد ضمّ إسرائيل الكتل الاستيطانية الكبرى ونشر قوات دولية في منطقة الأغوار

وبحسب المصادر الفلسطينية المطلعة على الورقة، فإن النسبة التي يتحدث عنها أبو مازن مستندة إلى وثائق رئيس قسم الخرائط في مركز القدس للدراسات، خليل التفكجي، الذي يشير إلى أن هذه النسبة من الضفة الغربية تمثّل الكتل الاستيطانية الكبرى التي تنوي إسرائيل ضمّها بعد الاتفاق النهائي. والحديث هنا يجري عن أربع كتل استيطانية كبرى، كان سبق للسلطات العبرية أن كشفت عن مخطط لضمّها بنحو أحادي الجانب، وهي مستوطنات غوش عتصيون قرب بيت لحم، ومجمع مستوطنات «معاليه أدوميم» في القدس المحتلة، ومجمع مستوطنات «ارئييل» قرب نابلس ومجمع مستوطنات «جفعات زئيف» المقام في ضواحي القدس المحتلة.أبو مازن لا يشير في ورقته إلى مكان الأراضي التي ستخضع للمبادلة، إلا أن وثائق سابقة تتحدث عن خيارين كان قد جرى التداول فيهما خلال الAffinityCMSت التفاوضية في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، الذي كان قد اقترح توسيع قطاع غزّة باتجاه الشرق والشمال ليشمل مساحة من صحراء النقب. أما الاقتراح الثاني فهو الذي تفضله الحكومة الإسرائيلية الحالية، وحتى رئيسة المعارضة تسيبي ليفني، وهو يشير إلى ضمّ القرى العربية الواقعة في غلاف الضفة الغربية، والمحتلة منذ عام 1948.بالعودة إلى ورقة أبو مازن بالنسبة إلى الحدود، فإن الرئيس الفلسطيني يشترط الحصول على كامل مساحة شاطئ البحر الميت الواقعة في الضفة الغربية، والتي تبلغ 139 كيلومتراً. وبحسب مصادر فلسطينية مقرّبة من منظمة التحرير، فإن رغبة السلطة نابعة من المشاريع السياحية المنوي إقامتها على شاطئ البحر الميت، وخصوصاً بعد تنفيذ قناة البحرين، إضافة إلى مشاريع استخراج الفوسفات، الذي من شأنه دعم الاقتصاد الفلسطيني.كذلك فإن أبو مازن يشترط أن تكون قرى اللطرون الثلاث، عمواس ويالو وبيت نوبا، ضمن أراضي السلطة الفلسطينية، وهو ما ترفضه السلطات الإسرائيلية بسبب الموقع الاستراتيجي لهذه المنطقة، التي سمّيت تيمناً بدير اللطرون. فالقرى تتحكم في الطرق الرئيسية بين الساحل الفلسطيني ومدينة القدس. وعلى هذا الأساس، كان القرار الإسرائيلي بتحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة بموجب القرار 97، الذي اتخذته قوات الاحتلال في أعقاب عدوان عام 1967.

القدس: مقترحات كلينتون

لعل موضوع القدس هو أخطر ما في ورقة أبو مازن التي وضعها في عهدة أوباما، إذ إن الرئيس الفلسطيني أبدى استعداده للموافقة على ما سبق أن رفضه الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمار) في كامب ديفيد في عام 2000. وبحسب المصادر الفلسطينية، فإن عبّاس أعلن استعداده لحل قضيّة القدس «بناءً على مقترحات الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون».وبحسب هذه المقترحات، التي تتحدث فقط عن الشق الشرقي من القدس المحتلة الذي تبلغ مساحته 70 كيلومتراً مربعاً، فإن السلطة توافق على إعطاء إسرائيل الحي اليهودي وحائط البراق (المبكى) الملاصق للمسجد الأقصى، إضافة إلى المساحة الممتدة أمام حائط البراق التي يستعملها اليهود في صلواتهم. ومن المعلوم أن هذه المساحة كانت تحوي الحي المغاربي الذي جرفته القوات الإسرائيلية بعد احتلالها للقدس الشرقية في عام 1967.في المقابل، فإن السلطة الفلسطينية تتمتع بالسيادة على الحوض المقدس، الذي يضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، والقدس القديمة، إضافة إلى أبو ديس والعيزرية، حيث وُسّعت مساحة القدس لتضمهما. وبحسب ما قال كلينتون في ذلك الحين «فإن المناطق العربية ستؤول إلى فلسطين والمناطق اليهودية ستؤول إلى إسرائيل». ولدى تطبيق هذا المبدأ على الأراضي والأحياء في مدينة القدس والتي تقع خارج البلدة القديمة، فإن هذا يعني أن الجانب الفلسطيني سيسيطر على 25 حياً بمساحة إجمالية تمثّل 65 في المئة من مساحة المدينة، في المقابل ستضمّ إسرائيل 15 حيّاً استيطانياً تمثّل 35 في المئة من مساحة المدينة.وبناءً على هذا المقترح، الذي يشير أيضاً إلى خضوع المقدسات المسيحية للتدويل، فإنه لا عودة إلى القدس الشرقية المحتلة في عام 1967، بل إن التوجه هو لإعادة تقسيمها على أسس جديدة.

الأمن: تدويل

أبو مازن في تصريحاته الأخيرة أشار إلى شرط قبول إسرائيل طرفاً ثالثاً للانتقال إلى المفاوضات المباشرة. الورقة التفاوضيّة الجديدة تدخل في تفصيلات هذا الطرف الثالث، أو القوات الدولية التي ستكون منتشرة بين الدولتين، إذ إن أبو مازن، بعدما سبق أن وافق على دولة منزوعة السلاح خلال مفاوضاته مع إيهود أولمرت، يطرح اليوم مسألة انتشار القوات الدولية على الحدود والمعابر بين دولة فلسطين المستقبلية وإسرائيل. انتشار يشير إلى التنازل عن السيادة المفترضة للدولة الموعودة. كذلك فإن الرئيس الفلسطيني يطرح انتشار القوات الدولية في منطقة الأغوار، التي يدأب نتنياهو على إعلان رفضه الانسحاب منها «لغايات أمنية»، فيما تشير المصادر الفلسطينية إلى أن الغايات اقتصادية، على اعتبار أن المنطقة تعدّ «سلة غذائية» بسبب نسبة الأراضي الزراعية فيها.الورقة الفلسطينية تحدّد شكل القوات الدولية المفترضة. فبعدما كان الحديث يدور عن قوات أطلسية، أعلن أبو مازن في ورقته رفضه لأن تكون القوات «أطلسية أو عربية أو إسلامية»، مشيراً إلى خيارات أفريقية وآسيوية.كذلك يرفض عبّاس الحديث عن نشر نقاط إنذار مبكر على مرتفعات الضفة الغربية. ويشير إلى أن الأقمار الصناعية التي أطلقتها إسرائيل ذات قدرة فائقة على رصد أي تحرك في الأراضي الفلسطينية، وفي أي مكان آخر في العالم، من دون الحاجة إلى نقاط إنذار مبكّر.

اللاجئون: لا عودة

أبو مازن يتطرق في ورقته إلى وضع اللاجئين، لكن من دون منطلق حق العودة. يشير بالحرف إلى «الحق السيادي المطلق للدولة الفلسطينية في أن تستقبل من تشاء من لاجئيها من أي جهة أتوا». جملة تعني الحرص على الحق، من دون تطبيقه بالضرورة. كذلك فإن الحديث يجري عن عودة إلى أراضي عام 1967. أما العودة إلى أراضي 1948، فتتحدث الورقة عن «التوافق على عودة أعداد من الفلسطينيين».عبارة أيضاً خاضعة للمساومة والتأويل، بعدما كان قد اتُّفق في كامب ديفيد على العدد والآليات لعودة 50 ألف لاجئ، شرط أن يكونوا مولودين في أراضي عام 1948، وأن تكون لهم صلة رحم في الأراضي المحتلة، وأن تكون العودة للشخص نفسه من دون ذريته، وتجري على دفعات تمتد إلى عشر سنوات بمعدل 5 آلاف كل عام.مشروع مثل هذا قد لا يشتمل على 50 ألف فلسطيني، نسبة إلى أن الأحياء من مواليد عام 1948 قد لا يصلون إلى هذه العدد. ومن بقي منهم حيّاً، قد لا يصمد 10 سنوات لتطبيق حقّه.

ورقة مخبّأة

ترى المصادر الفلسطينية أن تسريب مثل هذه الورقة ونشرها بين القيادات الفلسطينية لمناقشتها يشيران إلى احتمال أن تكون هناك ورقة أخرى أسوأ مخبّأة يفاوض عليها عبّاس سراً، باعتباره «ملك المفاوضات السرية». وتشير إلى أن أبو مازن في ورقته هذه قد رسم «سقف حدّه الأقصى، الذي لا شك في أنه سيكون خاضعاً للتنازل والمساومة في المفاوضات».

سخاء مائيّ

 

ورقة أبو مازن تبدي سخاءً في الموضوع المائي، الذي يُعدّ إحدى أهم قضايا الوضع النهائي. وبحسب المصادر الفلسطينية، فإن عبّاس أبدى استعداده لتقاسم جزء من المياه الجوفية في الضفة الغربية. وبحسب الدراسات المائية، فإن المياه الجوفية في الضفة تقسم إلى ثلاثة أحواض رئيسية: الحوض الغربي، الحوض الشرقي والحوض الشمالي الشرقي.أبو مازن أبدى في ورقته الاستعداد لتقاسم مياه الحوض الغربي، الذي يعدّ الأكبر بين الأحواض، إذ تقدّر كميات التغذية السنوية له بـِ362 مليون متر مكعب، فيما يكون الحوضان الشرقي والشمال الشرقي، اللذان تقدّر كميات التغذية السنوية لهما بـ172 و145 مليون متر مكعب على التوالي، فلسطينيين. كذلك الأمر بالنسبة إلى المياه السطحية، رغم أنها قليلة في الضفة الغربية. مع العلم بأن الدولة العبرية تحصل على 25 في المئة من احتياجاتها المائية من الضفة الغربية و25 في المئة أخرى من الAffinityCMSن، والباقي من الأراضي المحتلة عام 1948، إضافة إلى مشاريع تحلية مياه البحر.

أحدث توقيف بعض الشباب اللبنانيين بسبب آراء أدلوا بها على موقع فايسبوك، صدمة لدى الرأي العام اللبناني. فالقضية لا تتعلّق بحرية الرأي وحسب، بل أيضاً باستسهال توقيف هؤلاء المواطنين من دون انتظار أي محاكمة. فهل دخلنا في زمن «العقوبة الفورية»؟

نزار صاغيّة*مع توقيف شبان ثلاثة بتهمة التعرض لمقام رئيس الجمهورية على أحد مواقع الفايسبوك، دار جدل واسع بهذا الشأن. فتأييداً لمبدأ التوقيف والملاحقة، صرّحت النيابة العامة التمييزية بأنه قانوني ما دام الإنترنت مساحة عامة يمثّل القدح والذم من خلالها جرماً يخضع لقانون العقوبات. وأضافت إلى ذلك رئاسة الجمهورية اعتبارات أخرى: فتصرفات هؤلاء «يندى لها الجبين»، وتالياً لا بدّ من توقيفهم من باب تربيتهم. وفي المقابل، استهجن كثيرون التوقيف لأنه يمس بحرية التعبير وتحديداً على الإنترنت، ولأنه يدخل لبنان في دائرة الدول القمعية ذوداً عن «سيادة الرئيس». وقانوناً، انقسمت هذه الآراء المعارضة إلى قسمين: ففيما رأى بعضها أن الشبكة غير مذكورة صراحة في قانون العقوبات مما يمنع ملاحقة المخالفات المنشورة عليها عملاً بمبدأ أن لا عقاب من دون نص (...)، رأى البعض الآخر ضرورةً في إعمال القياس بين الإنترنت والمطبوعات، مما يحظر التوقيف الاحتياطي في جرائم مماثلة تماماً كما هي حال جرائم المطبوعات كلها.والواقع، أنه بمعزل عن أهمية هذا الحدث بحد ذاته، وأبعد من كرامة رئيس الجمهورية، ثمة أسئلة لا تقل أهمية هي: على فرض جواز الملاحقة أو حتى التوقيف الاحتياطي، فما هو السبب الملحّ الذي يستدعي توقيف هؤلاء الشبان في قضية مشابهة من دون انتظار المحاكمة؟ أوليس السبب الوحيد وجود إرادة بإنزال «عقوبة فورية» بحقهم؟ وما يزيد هذه الأسئلة إلحاحاً أن هذا التصرف يأتي تبعاً لسلسلة من الأحداث تعكس كلها توجهاً رسمياً نحو إعمال العقوبة الفورية في المجالات المتصلة بحرية الرأي أو التعبير، وعلى نحو يوحي بضيق صدر إزاءها ولكن أيضاً إزاء إجراءات المحاكمة التي قد تطول مؤكداً. وقد تجلت هذه الظاهرة، ليس فقط في الملاحقات القضائية، بل أيضاً، وأكثر وضوحاً، من خلال مشاريع

قوانين متفرقة (مشروع قانون المعلوماتية 2010، مشروع قانون المس بهيبة القضاء الذي أعدّته وزارة العدل بناءً على طلب مجلس القضاء الأعلى في 2008 ألخ..) أو حتى في تصرفات غير قانونية (استدعاء المواطن خضر سلامة للتحقيق لدى استخبارات الجيش بحجة التعرض لرئيس الجمهورية على أحد المواقع الإلكترونية في آذار 2010). ففي حالات معينة (ولا سيما عند التعرض لمقامات رفيعة)، لا فائدة من انتظار المحاكمة، لا فائدة من منح حق الدفاع عن النفس، لا بل إن التريث على هذا الوجه معيب: ثمة حاجة لعقاب فوري ومباشر في موقف يذكّر الجميع بأن التطاول على هذه المقامات خط أحمر، أنه دوس في عالم المحرّمات.فإذا كان ذلك ممكناً قانوناً، فإن القيام به يصبح واجباً تطبيقاً للقانون! وإلا فلنتجاوز القانون أو إذا أردنا احترامه، فلنغيره بهدف تجويز العقوبة الفورية (الحبس الاحتياطي في قضايا التعرض للقضاء مثلاً)! وهكذا، يسوّغ قلب القواعد القانونية أو إعادة ترتيبها: فيصبح إعلان مسؤولية الأشخاص المعنيين وكَيْل الاتهامات لهم من منابر يفترض أن تكون عامة (القصر الجمهوري في حالة الفايسبوك) واتخاذ عقوبات بحقهم قبل أي محاكمة أمراً مندوباً... فيما يصبح أي تريّث للقيام بذلك بحجة قرينة البراءة، بمثابة تأخير للعدالة وتشجيع على توجهات مماثلة إضافية، بل ربما أيضاً تشكيكاً إضافياً بهيبة المقام الذي سوّغوا لأنفسهم «الصغيرة» التطاول عليه وتالياً انتهاكاً جديداً لها. كما نستشف إلى حد ما التوجه نفسه مع توسع القضاء المستعجل في التدخل في قضايا حرية التعبير عن طريق منع نشر أمر معين أو عرضه تحت طائلة تسديدها غرامة إكراهية تستحق فور ثبوت المخالفة (قضية الرحباني ضد MTV ونضال الأحمدية، والرحباني ضد الحياة والأخبار والجرس)، مما يوسع دائرة الأقوال الخاضعة لما يشبه العقوبة الفورية (الضريبة الفورية).والواقع أن أخطر ما في هذا التوجه (الظاهرة) هو أنه يناقض أحد أبرز مكاسب الصحافة اللبنانية التي تحققت تدريجياً، كردة فعل على فترة الانتداب الفرنسي وأول عهود ما بعد الاستقلال: فهكذا، وعلى وقع تذكر تجاوزات الانتداب الفرنسي، آل قانون المطبوعات تدريجياً إلى استبعاد التعطيل الإداري للصحف، ومن ثم إلى استبعاد التعطيل القضائي قبل انتهاء المحاكمة. كما آل تدريجياً إلى حصر الحالات التي يجوز فيها إنزال الحبس الاحتياطي في جرائم المطبوعات لينتهي إلى منعها منعاً كاملاً في 1974. وبذلك، منح المشرِّع الصحافة، من موقع تقديره لحرية التعبير، حق الدفاع عن نفسها أمام محكمة متخصصة من دون اتخاذ أي إجراء بحقها قبل انتهاء المحاكمة.وما يريده هذا المقال إذاً هو التنبيه من خطورة هذه الظاهرة التي قد تمثّل، في حال رسوخها وتناميها، خارطة طريق لنسف هذه المكاسب. ولهذه الغاية، لا بد بداية من إبراز أهم خصائص العقوبة الفورية، على ضوء تجارب أمكنني رصدها، وبالأخص على ضوء تجربة الفايسبوك الحديثة العهد التي تبقى في تفاصيلها فائقة الدلالة.

الخصوصية الأولى: الردع قبل «المحاكمة» أو عبر تجريد حرية النشر من حماية «المحاكمة»

بالطبع، إن الخصوصية الأولى لنظام العقوبة الفورية وربما الأهم، تكمن في انعكاساتها على الحماية القانونية التي يقرها قانون المطبوعات لحرية النشر. فبخلاف الوضع حين تحدد المسؤوليات بعد انتهاء المحاكمة، يؤدي فتح المجال أمام اتخاذ عقوبات فورية (احتجاز حرية، تعطيل منبر إعلامي..) إلى تجريد حرية النشر من جزء مهم من الضمانات القضائية يزداد أو يقل شأناً وفق طبيعة الإجراء الممكن اتخاذه وهوية المرجع المخوّل بذلك. وهكذا، فإن النيابة العامة (وهي لا تتمتع بضمانات الاستقلالية القضائية لأنها خاضعة للتسلسل الإداري والهرمية وترتبط بوزير العدل) هي التي أوقفت بداية الشبان المتهمين بالتعرض لرئيس الجمهورية قبل إحالتهم إلى قاضي التحقيق، كما أن مشروع قانون المعلوماتية ذهب إلى حد السماح لهيئة إدارية بوقف أي موقع إلكتروني عند وجود مخالفات معينة من دون تمكين القيمين عليه من الدفاع عن أنفسهم أو حتى إبداء آرائهم بهذا الشأن. وهكذا، تصبح المسألة على النحو الآتي: «في البدء المعاقبة بدرجة أو بأخرى، ومن ثم، يفتح الباب أمام الدفاع عن النفس». والأمر نفسه، يصبح متوقعاً في حال توسّع القضاء المستعجل في اتجاه فرض غرامات إكراهية في حال القيام بأي عمل مستقبلي مخالف للقانون (إساءة مثلاً).ومن هذه الزاوية، تبدو دعوة مجلس القضاء الأعلى والجمعية العمومية للقضاة في تموز 2008 إلى تسويغ التوقيف الاحتياطي في قضايا التعرض للقضاء أمراً ذا دلالة كبرى على خطورة التوجه ـــــ موضوع هذا المقال، بقدر ما هو عبثي. فوفق هذا المنطق، تتأتى هالة القضاء الجديرة بالحماية من ذاتها ولا بأس إذاً من التضحية بوظيفة القضاء، لجهة ضمان قدسية حق الدفاع وبمرجعيته لجهة تحديد الحقوق والمسؤوليات، على مذبح هذه الهالة!ومن الطبيعي إذ ذاك أن تزداد احتمالات التعسف ومعها قوة الردع بدرجة أو بأخرى، وأن يصبح تالياً النظام اللبناني من حيث مفاعيله في مكان وسط قد يكون أكثر قرباً من الرقابة المسبقة منه إلى نظام حرية النشر التي تبدو، إذ ذاك، وكأنها باتت مجردة من حماية المحاكمة العادلة.

الخصوصية الثانية: تعزيز الجهة التي تم التعرض لها أو مفهوم «الترضية الفورية»

هنا أيضاً نلحظ أن إعمال العقوبة الفورية أو المطالبة بها غالباً ما يرتبط بإرادة في تعزيز مكانة (عفواً هيبة) الجهة التي يتخذ الإجراء على خلفية التعرض لها. ففي حالات معينة، يمثّل التعرض لمقام معين تعرضاً لقيمة عليا في النظام القانوني اللبناني، و«تطاولاً» (الحظوا معنى هذه الكلمة الشائعة التي تصور السلطة على رأس الهرم)، فلا يمكن أن نتصور أن يترك مرتكبه حراً طليقاً بعد ارتكابه: فكيف نتركه طليقاً بعدما قال ما قاله، بعدما تفوّه بما تفوّه به، وكأن شيئاً لم يحدث؟ ومن هنا، فإن أي بشائر لتوجه كهذا لحماية هذا المقام أو ذاك، تبرز في كل مرحلة أولويات السلطة المبادرة أو مدى حساسيتها في هذا المجال.وهذا ما نستشفه بوضوح كلي في قضية الفايسبوك، بحيث ترافق توقيف الشبان مع سعي إلى إعلاء شأن رئاسة الجمهورية التي يمثّل أي تعرّض لها جرماً بالغ الخطورة، «يندى له الجبين». وهذا أيضاً ما نلحظه في مشروعي قانون العقوبات (2009) وقانون المطبوعات (2010) الصادرين عن لجنة تحديث القوانين النيابية واللذين ذهبا إلى حد رفع العقوبة المترتبة على التعرض لهذا المقام، فارتفع الحد الأقصى لعقوبة الحبس مثلاً من سنتين إلى ثلاث سنوات.وهذا أيضاً ما نقرأه بوضوح كلي في بيان الجمعية العمومية للقضاة (تموز 2008) حيث بُرّرت المطالبة المشار إليها أعلاه بأن «للقضاة هيبة قرروا ألا يفرّطوا بها»، وأيضاً في تضمين هذه المطالبة في مشروع قانون عنوانه «المس بهيبة القضاء». وقد ترافق هذا الأمر أيضاً مع رفع عقوبة القدح والذم بالقضاء في مشروعي القانونين المذكورين أعلاه.وفي الاتجاه نفسه، أمكن إطلاق حملة اعتقالات 7 آب 2001 على خلفية اليافطات المسيئة للرئيس إميل لحود التي رفعها شبان من تيارات سياسية معينة أثناء زيارة المصالحة التي قام بها البطريرك صفير إلى «الجبل»، علماً بأن هذه الاعتقالات ترافقت مع تعليق صور الرئيس لحود في محيط قصر العدل على نحو يوحي بأن العدل يبقى تحت سقف «الهيبة»!وإثباتاً لذلك، لا بأس من استقاء إحدى أهم الدلالات «الخطابية» من محضر إحدى الجلسات النيابية في 1962 والمنعقدة للبحث في مشروع قانون يسوّغ إمكان تعطيل المطبوعة إدارياً في حال التعرّض لرؤساء أجانب. فردًّا على الآراء التي دعت إلى تجنب آلية التعطيل الإداري التي غالباً ما استخدمها الانتداب الفرنسي لقمع الصحف المعارضة، جاء رد وزير الخارجية بأن هذه الآلية ضرورية لتمكين الحكومة من إعطاء السفراء المحتجين ضد الانتقادات الموجهة إلى رؤساء دولهم «ترضية فورية». فـ«عندما تقع تلك الإساءة ويأتي سفير تلك الدولة شاكياً وبيده المطبوعة، أتعتقدون، عقلياً، ومنطقياً، أن ذلك الرئيس سيكتفي بقولنا له إننا سوف ندعي على تلك المطبوعة وسوف نحيلها إلى المحكمة، وسوف يصدر الحكم بعد شهر أو شهرين، أو بعد سنة أو سنتين؟ وفي هذه الأثناء تستمر تلك المطبوعة في كتابة ما تكتب إذا كانت تقصد الإساءة وإذا لم يشأ صاحبها أن يرتدع، اسمحوا لي بأن أقول إن هذا لا يمكن أن يعتبر ترضية لذلك الشاكي، بل يجب أن يعطى له ترضية فورية، فنقول له، نعم إن هذه الكتابة تتضمن الإساءة ونحن كحكومة سنوقف هذه المطبوعة عن الصدور كذا يوماً عقاباً لها». وبالطبع، إن مجرد طرح قانون مماثل يمثّل إعلاءً لشأن كرامة الرؤساء الأجانب وفق ما أشار إليه عدد من النواب الذين ذكروا أن المشرّع يعاملهم على هذا النحو معاملة أفضل من معاملة رئيس البلاد، تجنباً لغضب دولهم. وإذا استغرب القارئ ورود مقطع من محضر قارب عمره الخمسين سنة لإثبات ظاهرة تحصل حالياً، يكفيه وضع هذه الكلمات نفسها في أفواه كل الذين يعمدون إلى تطبيق عقوبة فورية. فمن منّا لا يذكر مداهمة استوديو تلفزيون الجديد أثناء تصوير حلقة من برنامج «بلا رقيب» بناءً لقرار «المنع الاحترازي» الصادر عن النائب العام التمييزي عدنان عضوم (2003)، على أساس أنّها «تسيء إلى علاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية؟».

الخصوصية الثالثة: الحد من التخاطب العام بشأن المادّة المخالفة

الخصوصية الثالثة للعقوبة الفورية، هي بالطبع الحد من التخاطب العام بشأن المادة المخالفة. فعدا احتمال إخراس المنبر الإعلامي المعني، كما سبقت الإشارة إليه، وتهديد أي منبر آخر بمصير مشابه، فإن الشخص المعني أو المؤسسة المعنية يصبحان أكثر انشغالاً واهتماماً بوقف مفاعيل العقوبة الفورية المتخذة بحقهما مما هو في إعداد مرافعتهما دفاعاً عن مشروعية نشر المادة موضوع الملاحقة.وعلى هذا المنوال، يصب عامل الوقت في مصلحة الجهة المستفيدة من العقوبة الفورية التي تستغل كل دقيقة توقيف أو تعطيل لإخضاع المتهم بالتعرض ضدها. وتالياً، بقي دفاع شبان الفايسبوك عن أنفسهم خافتاً في ظل تضرّعات أمهاتهم الموجهة إلى رئيس البلاد بمعاملتهم كأب يرأف بأبنائه، فيما الكل سمع اتهام القصر الجمهوري لهم بانتهاك أصول التربية اللبنانية!بل أهم من ذلك، فإن إنزال العقوبة الفورية غالباً ما يجعل المحكمة من دون طائل بنظر السلطة المتضررة بعدما نالت ما تريده. وهكذا، غالباً ما ترى الجهة المتضررة في هذه الحالات غير متحمسة لاستمرار الادعاء العام أو المحاكمة، ما يحرم أحياناً الجهة «المعتدية» من منبر المحكمة للدفاع عن نفسها، ما يحد هنا أيضاً من إمكان التخاطب العام بشأن المخالفة. وهذا ما يفسر ربما أن بعض العهود التي أكثرت إعمال التدابير الإدارية السابقة للمحاكمة (عهد شارل الحلو) هي نفسها التي أقرت أكبر عدد من قوانين العفو عن جرائم المطبوعات (أربعة في غضون ست سنوات).

الخصوصية الرابعة: الإخضاع

الخصوصية الرابعة تكمن في ميل الجهة المتضررة للاستفادة من العقوبة الفورية وما تستتبعه من أضرار أو ضغوط معنوية لإخضاع الجهة التي تجرأت على التعرض لها.وفي هذا الصدد، نلحظ المناشدات التي وجهها ذوو الشبان المحتجزين في قضية الفايسبوك إلى رئيس الجمهورية للإفراج عنهم. وقد بدت تصريحات القصر الجمهوري كأنها تعلن عن تمام إخضاع الأهل: فبعدما أعلنت الرئاسة «أبوّتها العامة» تجاوباً مع طلب الأهالي بمعاملتهم بروح أبوية، سارعت إلى القول إن ما تفوّه به هؤلاء الشبان «يندى له الجبين» وإن أهاليهم بالطبع يوافقون على أن ما قاله هؤلاء الشبان يخالف تماماً أصول التربية التي نشأوا عليها وإن ثمة ضرورة لإعمال القانون بحقهم لإعادتهم إلى الطريق الصحيح. وهذه هي أيضاً الكلمات التي نقلتها الصحافة غداة استقبال الأمهات في القصر الجمهوري حين جئن يستسمحن للإفراج عن أبنائهن. وبالطبع، لم يصدر أي بيان عن الأهل بتكذيب هذا الخبر الذي أظهرهم أحلافاً مع رئيس الجمهورية في مكافحة آفة «قلة التهذيب» التي طالت أبناءهم. ولعل خير دليل على هذه الخصوصية، هو أن قرار قاضي التحقيق بالإفراج عن الشبان جاء بالتزامن مع الزيارة التي قامت بها الأمهات للقصر الجمهوري.كذلك فإن استخدام العقوبة الفورية بهدف الإخضاع بدا واضحاً في قضايا سابقة. ففي قضية الحق العام ضد صحيفة «الشرق الأوسط» على خلفية نشر خبر محاولة اغتيال الرئيس لحود، سارعت المديرية العامة للأمن العام، خلافاً لرأي وزير الإعلام وللقانون، إلى منع توزيع جريدة «الشرق الأوسط» في لبنان. وإزاء ذلك، سارعت الجريدة إلى تقديم الاعتذار تلو الآخر. وإذا تغيّب في ما بعد المدير المسؤول عن الجريدة عن المحاكمة، أُدين بالإساءة إلى رئيس الجمهورية عبر نشر خبر كاذب عن محاولة لاغتياله، وبالحكم عليه غيابياً بسنة حبس (وهي من أشد العقوبات التي أنزلتها محكمة المطبوعات في العقد الأخير). فإذا عاد وظهر في المحكمة، أصدرت المحكمة نفسها في غضون أقل من شهرين حكماً بإبطال التعقبات بعدما فطنت أن الجريدة أوضحت في متن الخبر نفسه أن «الرئيس لحود قد نجا منها»، وأنها تالياً لم ترتكب أي مذمة بحقه ما دام القول بنجاته يعني أن الله والشعب راضيان عنه (!!). والواقع أن هذا التحول يجد تفسيراً من اثنين: فإما أن المحكمة اكتشفت حقاً خبر النجاة كمن يكتشف أن عبارة «إلا الله» سقطت سهواً فأعلن إيمان الشخص بعدما أعلن كفره، وهذا الأمر مستحيل ما دام خبر النجاة كان بارزاً في العنوان العريض، وإما أنها استخدمت علم الخطابة لإبطال التعقبات ليس بسبب اكتشاف عبارة جديدة، بل مكافأة لإتمام فروض (طقوس) الخضوع (2002)!ولعل الدلالة الأكبر على هذا التوجه هي «مذكرة الإخضاع» التي يكون للمدير العام للأمن العام حق إنزالها بإرادته المنفردة، سنداً لتعليمات داخلية لمديريته، وبمعزل عن أي سند قانوني أو ضوابط، ومن دون منح الجهة «المتمردة» حق الدفاع عن نفسها أو حتى من دون إبلاغها فحوى القرار، وقد طبقت هذه المذكرة أخيراً في مواجهة قيمين على مطبوعة تجرأت في عرض صور مسيئة للدين برأي هذه المديرية. علماً بأن هذه المذكرة تمنع الشخص المعني من دخول مراكز الأمن العام والقيام بأي معاملة فيها، بما فيها معاملة تجديد جواز السفر! وهكذا، تبدو هذه المذكرة وكأنها تهدف إلى معاقبة المتمرد بغية إعادته إلى بيت الطاعة (وبالطبع، نلحظ هنا التشابه المنطقي مع التوجه التربوي الذي أعلنت عنه رئاسة الجمهورية)!

الخصوصية الخامسة: التسييس

لفهم ما جرى في قضية موقوفي الفايسبوك ينبغي العودة إلى محضر إحدى الجلسات النيابية في 1962

هذه الخصوصية تكاد تكون حصيلة للخصائص المبينة أعلاه. والواقع أن مناقشتها تفرض ذاتها في ظل إعلان رئيس الجمهورية أن توقيف شبان الفايسبوك هو أمر قانوني وليس سياسياً. وهذه الخصوصية تتأتى بالواقع من اعتبارات ثلاثة:الأول، أن إعطاء الأولوية لرد الاعتبار لـ«مقامات مختارة» وتغليبها على حق الدفاع عن النفس وأحياناً على حريتي الإعلام والنشر، هو سياسي بامتياز. وهكذا، وفيما تبدي بعض المقامات احتراماً لحرية النقد في فترات عزها وقوتها (وهذا ما نستشفه مثلاً من تعهد الرئيس لحود غداة انتخابه في 1998 بعدم ملاحقة أي صحافي على خلفية التعرض له)، فإنها تبدو شديدة الحرص على إعمال العقوبة الفورية في المراحل التي تتعرّض فيها مشروعيتها للاهتزاز (وهذا ما نستشفه من وقف توزيع جريدة «الشرق الأوسط» وأيضاً من أحداث 7 آب 2001). وكذلك الأمر على ما يبدو بشأن القضاء الذي تضاعفت الحاجة إلى صونه إزاء الانتقاد في فترة التجاذب السياسي بشأن التشكيلات والمناقلات، ولكن أيضاً في ظل الأسئلة الكبرى بشأن استمرار احتجاز الضباط الأربعة. ومن أهم الأدلة الخطابية على هذا التوجه، البيان الصادر عن الأمن العام تبريراً لمنع إدخال صحف أجنبية غداة وفاة الرئيس حافظ الأسد: فإذا أقر البيان بأن الرقابة عاجزة عن منع دخول الأفكار في عصر الإنترنت، فقد أعلن أن ممارستها ترتبط بالتزام الرقيب المواقف الوطنية الأساسية، وأنها تهدف قبل كل شيء إلى اعتماد القصاص المعنوي ضد الذين يسيئون عمداً إلى تلك المواقف خدمة للعدو أو لأحقادهم (مراجعة صحف 19/6/2000).الثاني، أن التسييس يزداد حضوراً أيضاً مع إناطة صلاحية إنزال العقوبة الفورية بهيئات إدارية تغلب لديها بطبيعة الحال الاعتبارات السياسية بمعزل عن حقوق الدفاع، كما هي الحال في مشروع قانون المعلوماتية وأيضاً مع إعطاء الأمن العام صلاحية إصدار مذكرات الإخضاع، وعلى نحو أو آخر بقدر ما تتوسع صلاحيات النيابات العامة في هذا الإطار.الثالث والأخير، أن العقوبة الفورية تؤول إلى تغليب النظرة السائدة التي تفرض ذاتها على الرؤى المعارضة لها، والتي غالباً ما تتوسل المحاكمة والتخاطب العام للتعبير عن تطلعات مغايرة!* محامٍ وباحث في القانون

أغاني تمجيد الجيش ملأت الأسماع بمجرّد ورود أنباء المناوشة في العديسة. بدا كأن موّالاً واحداً unifilمن نجوى كرم كافٍ لصدّ العدوان، وان صيحات نقولا الأسطا تدخل في بند الاستراتيجيا الدفاعيّة لوطن متثاقل يبحث عن عذر لإهمال سيادته مجدّداً ومجدّداً

أسعد أبو خليل* لم تكن تغطية حادثة العديسة عاديّة. صدحت وسائل الإعلام بما حصل كأن نصر تحرير الجنوب، وحتى نصر القضاء على الكيان الغاصب، بات قاب اليديْن. التهليل للجيش اللبناني ملأ الأسماع، والمطربون والمطربات ظهروا وظهرن بثياب الميدان. صور الجنود وهم يلتهمون الأفاعي (لماذا؟ هل هي ضرورة عسكريّة؟) عادت إلى الشاشات. وحده (؟) مجلس المطارنة الموارنة شذّ عن الإجماع على التنديد بالعدو الإسرائيلي. لم يكن بيان المطارنة عاديّاً حتى في إهانته للشعب اللبناني وقضيّة تحرير أرضه بالرغم من سوابق. أصرّ على تجاهل الفاعل. لم يرد ذكر إسرائيل في البيان مرّة واحدة. هذا هو توجّه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق وديدنه: لا يبدو ان له شأناً بالصراع مع إسرائيل. هو مشغول، لا بل مهووس، بصراعه مع سوريا. رفض ان يحضر حلف تكريم الملك السعودي والرئيس السوري في بعبدا لأنه لا يريد ان يلتقي بشّار الأسد، وهو الذي بجّل قيادة ديك تشيني أثناء عدوان تمّوز. لكن ما حصل لا يمكن ان يكون مناسبة للتهليل ـــــ أو للتهليل فقط. طبعاً، إن كل رشقة رصاص وحجارة وقنابل ضدّ العدوّ يجب ان تُقابل بالتهليل والترحيب. لكن عقيدة الجيش اللبناني ما زالت على المحك، وعقيدة الجيش هي فعل وممارسة لا بيان وكراريس مطبوعة وخطب رنّانة. تصرّ قيادة الجيش على الاحتفاء بالبطولة فقط من خلال التذكير بمجزرة نهر البارد. لا، لا مكان للبطولة في نهر البارد أبداً. ما هكذا تُصاغ عقيدة الجيش المبنيّة على التضاد مع إسرائيل. صحيح ان الجيش فقد أكثر من خمسين من عناصره في حرب تمّوز لكن معظهم قضى في أسرّتهم أو في مقاعدهم، أي إن البطولات آنذاك كانت فرديّة، وقد تكون بطولة الضابط الذي أمر بإطلاق الرصاص في العديسة بطولة فرديّة، وخصوصاً أن أوامر الحكومة اللبنانيّة وقيادة الجيش (التي تخضع لأمر السلطة السياسيّة) أتت في اليوم التالي لتعاكس أو لتبطل أمر الضابط الشجاع الذي أمر بإطلاق الرصاص على العدوّ.

لكن ردود الفعل كانت كالعادة نافرة ومُنسّقة. وبعض المواقف كان مضحكاً للغاية. حزب الكتائب اللبنانيّة ـــــ الحليف التاريخي للصهيونيّة بيننا ـــــ مثله مثل باقي فصائل 14 آذار، رأى أن مجرّد إطلاق الرصاص على القوات الإسرائيليّة المُحتلّة من الجيش اللبناني يثبت بالقاطع أن الجيش مجهّز ومُعدّ لمواجهة إسرائيل، وأنه صلب الاستراتيجيا الدفاعيّة. أي إن صلب الاستراتيجيا الدفاعيّة لرئيس اتفاق 17 أيّار هو رشقة رصاص على العدوّ. أما عقاب صقر، فقد كان نجم المحطّات السعوديّة والحريريّة، وإن كان يستفيض أكثر في الحديث عن «خادم الحرميْن» في التلفزيون السعودي حتى خِلت أن المذيعة تريد منه ان يتوقّف عن التملّق لأنه «زادها». عقاب صقر هذا قال ما يلي: 1) أن سعد الحريري «قطع إجازته» ـــــ من دون ان يقطعها ـــــ فقط لأنه استعمل الهاتف لإجراء بعض الاتصالات بحلفاء النظام السعودي في المنطقة. أي إن الإجازة، وفقاً لمنطق صقر، تُقطع بمجرّد استعمال الهاتف في سردينيا. 2) أفتى حضرته أن الذي يحمي لبنان ـــــ يا لبنان «بِحِبك» عن جدّ عقاب صقر ـــــ هو «شبكة أمان عربيّة»، حسب وصفة قريطم. و«شبكة الأمان العربيّة» كانت موجودة أثناء عدوان تمّوز لكنها، على ما نذكر ـــــ مثّلت شبكة أمان لحماية إسرائيل من الانتقاد وحرصت على تحميل حزب الله مسؤوليّة الحرب. وجوقة تيّار المستقبل، كعادتها، اجترّت كلاماً عن «عدم إعطاء الذريعة» ـــــ أي إن على لبنان الترحيب باعتداءات إسرائيل وتلقّف قنابلها وصواريخها بصدر رحب خشية «إعطاء الذريعة». أي إن ذرائع حروب إسرائيل كان مصدرها عربيّاً. يعني تيّار الحريري يُفضّل لو أن شعب فلسطين لم يعط الذريعة لإسرائيل لتحتل أرضه وتهجّر شعبه. أي إن القاوقجي والقسّام والحسيني أعطوا الذريعة لإسرائيل قبل ان تولد عنوةً في أرضنا. هناك من تطرّف في التعليق. جيزيل خوري تكاد تكون أقوى حجّة في تصوير الموقف الإسرائيلي من دعاة الحكومة الإسرائيليّة أنفسهم. قالت إنه ليس مهمّاً تحليل ما حدث في العديسة لأن هناك وجهة نظر إسرائيليّة وهناك وجهة نظر لبنانيّة، والموضوعيّة جيزيل ترفض ان تدخل طرفاً في نزاع بين إسرائيل وطرف عربي، لأنها موضوعيّة وغير منحازة، على طريقة «إيلاف» التي تنشر دعوات صهيونيّة وتأييد لحروب إسرائيل من باب الموضوعيّة الصحافيّة (نشرت «إيلاف» اسم الضابط اللبناني الذي أمر بإطلاق الرصاص على العدوّ الإسرائيلي في العديسة لكنها، للأمانة، لم تنشر عنوان منزله لإرشاد صواريخ إسرائيل إليه). وجيزيل خوري (التي يرصد مركزها «سكايز» التعدّي على الحريّات الصحافيّة في تلك البلدان غير النفطيّة، والتي لا تتمتّع بعلاقات جيّدة مع السعوديّة) أضافت في آخر برنامجها «استديو آل سعود» اقتراحاً لقطع كل الأشجار في المنطقة المُتنازع عليها من أجل أن تتضح الرؤية أمام كاميرات التجسّس الإسرائيليّة. النائب سمير الجسر رأى أن الدفاع عن لبنان هو «من اختصاص الجيش» وحده. لم يسأل أحد الجسر عن سبب تمنّع الجيش عن ممارسة اختصاصه في الدفاع عن لبنان في عدوان تمّوز؟ لماذا ترك الجيش مهمّة التصدّي لإسرائيل لصبية من المقاومين الذين مارسوا بمهارة ما بعدها مهارة اختصاصهم في الدفاع عن لبنان؟ أما مفتي صور المطرود، علي الأمين، فلم يبدُ عليه انه لاحظ ما حصل في الجنوب. لعلّ في ما حصل إحراجاً له ولدعواته ضد المقاومة. أما دوري شمعون، فقد هاله النزاع مع إسرائيل. شمعون هذا ـــــ وهو غير شمعون الذي رعى أنطوان لحد ـــــ سخر من انتصار تمّوز ورفض ان يصدّق الحكومة الإسرائيليّة نفسها بأنها أُذلّت في عدوان تمّوز. لا يزال شمعون يصرّ على أنه كان بمستطاع إسرائيل ان تقضي على المقاومة لو أرادت لكنها لم ترد لأن العدو الإسرائيلي رحيم وحريص على حقوق الإنسان العربي وعلى حياته. لعل دوري نسي كيف طُرد أبوه من قصر السعديّات شرّ طردة. لعلّه نسي لقاءات والده المُذلّة مع الإسرائليّين. لعلّه. والتفجّر في الالتفاف حول الجيش قد يكون سابقاً لأوانه وقد يكون مشكوكاً في دوافعه. وفريق آل الحريري سارع ليجد أن لا حاجة إلى مقاومة إسرائيل بعدما أطلق جندي النار. هذا مثل الذين قالوا بعد 7 أيّار إنهم لا يثقون بسلاح المقاومة بعد هذا اليوم لأنه استُعمل «في الداخل»، وكأنهم كانوا يؤيدون المقاومة قبل 7 أيّار. لكنّ أحداً لم يقل جهاراً إن المثال التاريخي واضح: كل مقاومة تستعمل سلاحها في الداخل، ويجب أن تستعمل كل مقاومة سلاحها في الداخل لأن لا احتلال من دون أعوان... في الداخل. لو لم تستعمل المقاومة الفرنسيّة سلاحها في الداخل، لكان عملاء النازيّة قد سادوا ومادوا أكثر بكثير مما فعلوا. وقيادة الجيش رضخت بصمت في اليوم التالي لأمر القيادة السياسيّة بترك إسرائيل تفعل ما تشاء وتقطع من الأشجار ما تريد دون ردّ. هذا الموقف لا علاقة له أبداً بالكرامة الوطنيّة والسيادة. جريدة «الحياة» نقلت رواية مهينة جداً للبنان عن تهديد إسرائيلي مفاده أن إسرائيل ستقطع من الأشجار ما تريد (وهو موقف جيزيل خوري نفسه، ولكنها الصدفة لا غير) وأنها ستقصف كل مواقع الجيش لو ردّ أو اعترض. فما كان من الحكومة اللبنانيّة إلا أن رضخت، كعادتها، لتهديد إسرائيل. أي إن عقيدة الجيش الجديدة تطبّق في نهر البارد وغيره من المخيّمات فقط. يعني أن الضابط الشجاع الذي لم يرد أن يقف الجيش ليرى العدو وهو يقطع الأشجار في أرض لبنانيّة تعرّض للمهانة من الحكومة اللبنانيّة. لو أن لبنان أراد أن يثبت حرصه على السيادة، لمنع إسرائيل من قطع أي شجرة في اليوم التالي ولدعم المقاومة في ممارسة اختصاصها في مقاومة إسرائيل وصدها. عاجلَ متحذلقو الفريقيْن بالاستشهاد بمعادلة «الشعب، الجيش، المقاومة». لكن المعادلة محاولة تلفيق سياسي ولا معنى لها ـــــ لا سياسيّاً ولا عسكريّاً. كيف نخترع كذبة إجماع الشعب اللبناني على المقاومة؟ أنسينا افتتاحيّات جريدة «النهار» في التسعينات ضد المقاومة؟ أنسينا جوقة جريدة «النهار» في تسويغ اتفاق 17 أيّار؟ أنسينا كيف وقف قطاع من اللبنانيّين ضد المقاومة على مرّ تاريخها (في طورها العلماني والإسلامي على حدّ سواء)؟ الكلام على أن «الكل قاوم» على طريقته، يسفّه المقاومة ويسخّفها ويحقّرها، إلا إذا أقحمنا دموع السنيورة وشاي أحمد فتفت وعلاقة سمير جعجع وأمين الجميّل وجورج عدوان (الماضية) بإسرائيل، في خندق المقاومة. أهذا ما يعنيه فؤاد السنيورة في كلامه الممل عن «النضال الحضاري» ـــــ وهل إفراطه في اصطناع الشوق والحرقة في مصافحاته للملك السعودي يدخل هو أيضاً في باب النضال الحضاري؟ ليس هناك مقاومة تحظى أو حظيت بمساندة كل الشعب. هل كنا نتوهّم ان بعض لبنان كان يهزج للجيش الإسرائيلي العدو في عدوان تمّوز وقد صرّح بعضهم بذلك لبعض الأجانب (كما صرّح بذلك رضوان السيّد أمام الأكاديميّة الأميركيّة، سابا محمود، التي نقلت الرواية لي)؟ هل كنا نتوهّم ان الجيش لم يقم بواجباته في عدوان تمّوز؟ هل الجيش هو الذي قاوم والمقاومة ساندت، أم أن العكس هو الصحيح؟ وإذا كان العكس صحيحاً، ألا يجعل ذلك المقاومة نفسها بدون إضافة ولا نقصان المُخوّلة الوحيدة والمُختصّة بالدفاع عن الوطن وصدّ العدوان؟ وقد ذكرت محطة «إن.بي.أن» أن الجيش و»بعض الأهالي» هم الذين صدّوا العدوّ في العديسة، ألا يتوجّب علينا إذن شكر «بعض الأهالي» الشجعان؟ أما رئيس الجمهوريّة، فقد قام بزيارة محمودة إلى جنوب لبنان، كما فعل قبله قائد الجيش اللبناني. لكن كلام رئيس الجمهوريّة يطرح أسئلة أكثر ما يجيب عنها. أما أن الجيش اللبناني بحاجّة ماسّة إلى تسليح، فهذا من نافلة القول. لكن مسألة جمع التبرّعات تصرف الأنظار وتبتعد عن لبّ المشكلة. لبنان لا ينفكّ يشكر دولاً، شرقاً وغرباً على عطاياها، حتى لو كانت بعض العطايا مسمومة (مثل العطايا السعوديّة أثناء حرب تمّوز التي أتت لتدعم السنيورة ولتغطّي على الخطيئة السعوديّة في تبنّي الحرب الإسرائيليّة، ظنّاً انها ستقضي على حزب الله، أو الدعم الأميركي والفرنسي للجيش، الذي يهدف صراحة إلى ضرب حزب الله والمخيّمات الفلسطينيّة). الجيش «يلمّ» تبرّعات؟ ماذا علينا ان نتوّقع الآن؟ أن يجمع الجيش جرحاه ويدور بهم في سيّارات مكشوفة (كما تفعل «دار الأيتام الإسلاميّة» التي تجمع الأطفال اليتامى في باصات وعربات مكشوفة وتجول بهم وبهن في شوارع بيروت طلباً للتبرّعات)؟ أما أن الجيش يحتاج إلى تسليح وإلى أسلحة مضادة للطائرات فهذا الأمر معروف من أيّ رضيع في جنوب لبنان. ولكن لماذا لم يقل ميشال سليمان هذا الكلام من قبل؟ لماذا لم يقله وهو يسلّم درع رئاسة الجمهوريّة إلى السفيرة سيسون وهو يعلم ان حكومتها هي (بالإضافة إلى إسرائيل) مسؤولة عن حرمان الجيش السلاح الضروري الذي يحتاج إليه والذي لا مناص منه إذا قرّر لبنان ولو متأخراً الدفاع عن السيادة وعن الحريّة وإلى ما ذلك من كلام دبلوماسي أميركي لا معنى له ولا طعم؟ لو كان رئيس الجمهوريّة والحكومة اللبنانيّة جديّين في مسألة تسليح الجيش وفي مسألة الدفاع عن لبنان لوجب أولاً (بعد إقصاء إلياس المرّ، وزير الدفاع الهزلي الذي ضمن للبنان طائرات حربيّة روسيّة ما لبث ان أكّد ان لا حاجة إليها البتّة) إعلان الحقائق، من نوع: إن الولايات المتحدة، لا الشح المالي، هي المسؤولة عن حرمان لبنان سلاحه، لأنها ترضخ للشروط الإسرائيليّة في تسليح كل الدول العربيّة. لكن الحكومة لا تعلن تلك البديهيّة ليس فقط لأنها لا تريد إغضاب أميركا، بل لأن الجيش يتمتّع ويتلذّذ (على مستوى القادة) ببعض ما يصله من سيّارات وامتيازات ودورات تدريب أجنبيّة تسعد كبار الضبّاط ولا تتعلّق أبداً بجهوزيّة الجيش وبإعداده للدفاع عن لبنان، لأن أميركا واضحة في مراميها من حيث حض الجيش على استخدام ما لديه ضد الأعداء الداخليّين دون سواهم. ليس في الأمر لغز أبداً، والصحافة الأميركيّة والإسرائيليّة ذكرت ما لا يُذكر في صحافة لبنان: ان أميركا تمدّ الجيش اللبناني بالمساعدة لاستخدامها ضد حزب الله والمخيّمات الفلسطينيّة. وعندما أعلنت الحكومة الأميركيّة أنها تأكدت أن لا أسلحة أميركيّة استعملت ضد إسرائيل في مناوشة العديسة، ألا يعني هذا انها تلقّت ضماناً في هذا الخصوص من الحكومة اللبنانيّة؟ وإذا كانت أميركا تصرّ على حظر استعمال سلاحها، مهما كان خفيفاً، ضد إسرائيل، فلماذا لا تعلن الحكومة اللبنانيّة من باب الكرامة ـــــ أو ذرّة منها لو توافرت ـــــ أنها لن تقبل الشروط الأميركيّة المهينة مقابل تلقّيها باصات وعربات وأسلحة أميركية ضد الأعداء الداخليّين؟ أما قوّات اليونيفيل، فهي وقفت كعادتها حارسة لأفعال إسرائيل ومُسبغة شرعيّة على عدوانها. لا مهرب من الاعتراف المُزعج: قوات اليونيفيل ما هي إلا قوّات احتلال رديفة للاحتلال الإسرائيلي البغيض. لم تأتِ لنجدة الجنوب، وهي تراقب التسلّح في جانب واحد من الحدود. وقد اختلقت لنا القيادة الصهيونيّة في الأمم المتحدة بدعة ما بعدها بدعة: قصّة «الخط الأزرق». والقصّة، كما يذكّرناأمين حطيط، نسجها الصهيوني المتعصّب تيري رود لارسن (الصديق المقرّب من رفيق الحريري، الذي ورد اسمه معه في الإعداد للقرار 1559) لاقتطاع ما تحتاج إليه إسرائيل من أراض في لبنان. وليس هناك في الحكومة اللبنانيّة، ولا في وزارة الخارجيّة، من يذكّر اللبنانيّين واللبنانيّات بحقيقة القانون الدولي في مسألة الحدود: أن لا دور أبداً للأمم المتحدة في ذلك، وأن ترسيم الحدود مسألة تخضع للعلاقات الثنائيّة بين دولتيْن، ولا تستطيع الأمم المتحدة إلا حفظ الاتفاقات الدوليّة بين الدول، ليس إلاّ. أما أن يفتي تيري رود لارسن او غيره من قوّات احتلال اليونيفيل في الجنوب في تقرير ما إذا كانت قطعة الأرض هذه لبنانيّة أو «إسرائيليّة» فهذا لا ينطلي إلا على اللوبي الإسرائيلي في لبنان، الذي لا يفوّت فرصة إلا يفعل ما بالمستطاع لإنقاذ إسرائيل من ورطاتها (هؤلاء، أعضاء اللوبي، تعرفونهم. كانوا يطلّون في عدوان تمّوز، لا للتنديد بجرائم حرب إسرائيل، بل لإحراج حسن نصر الله في كل واحدة من إطلالاته أثناء الحرب). لم يكن هناك خط أزرق قبل ان تختلقه إسرائيل من أجل ان تزيد من العمق التي تريده لنفسها لحماية احتلالها. قوّات اليونيفيل لا تأتمر بأمر قيادة محايدة، ومندوب الأمم المتحدة في لبنان بات «آخذاً راحته» لدرجة انه يعلّق حتى على الانتخابات البلديّة لأنه تعوّد على بلد يستسيغ بعضه الاحتلال. الأمم المتحدة وقوّاتها تتحرّك ولا تتصرّف من دون أوامر وأذون أميركيّة ـــــ صهيونيّة هناك في 14 آذار من لم يخجل من التصريح بأن ما حدث يدعو إلى دعم قوّات اليونيفيل. كأني به يقول إن ما حدث يدعو إلى تدعيم قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي. لا مجال للتذاكي. لا مجال للمناورة. إما أن لبنان يريد ان يستمرّ في إهانة نفسه وسيادته وبنيه، على عهده منذ إنشاء الكيان المسخ، وإما أن لبنان سيحزم أمره ويحترم أهله وأراضيه فيقرّر ان المقاومة هي حامية الوطن وأن الباقي يستطيع ان يساند ـــــ لو أراد. أما الكلام عن انتظار أسلحة من هنا أو هناك فلا يصلح إلا لكتابة مسرحيّة من نوع «الفارس» من تأليف إلياس المرّ. تستحق أرض الجنوب وأهله أكثر من ذلك بكثير، على الأقل قياساً بحجم التضحيات المُتراكمة.

خالد صاغية«أسطول الكراهية والعنف يدعم منظّمة حماس الإرهابية، وهو يمثّل استفزازاً فظيعاً لإسرائيل»... «المنظّمون معروفون بارتباطهم بالجهاد العالمي والقاعدة وحماس. لديهم تاريخ في تهريب الأسلحة والإرهاب القاتل»... «على متن السفينة وجدنا أسلحة أُعدّت مسبقاً واستخدمت ضدّ قوّاتنا. المنظّمون كانت نيّتهم عنيفة، ووسائلهم عنيفة، والنتيجة جاءت مع الأسف عنيفة»...هذه مقتطفات من تعليقات لداني أيالون، نائب وزير الخارجيّة الإسرائيلي، إثر الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية المتّجه إلى غزّة.أمّا وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، فأسف للخسائر في الأرواح، لكنّه أضاف إنّ الأسطول كان استفزازاً مدعوماً من متطرّفين يدعمون منظمة إرهابية.رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أسف لسقوط قتلى، لكنّه أكد أنّ الجنود الإسرائيليين «اضطروا إلى الدفاع عن أنفسهم». وأضاف نتنياهو إنّ الناشطين على متن السفن «تعمّدوا مهاجمة الجنود، وتعرّض هؤلاء للضرب بالعصيّ وطعنوا بالسكاكين. حتى إن البعض أطلق عيارات نارية، واضطر جنودنا إلى الدفاع عن أنفسهم حماية لحياتهم».إذاً، تفاوتت المفردات التي استخدمها المسؤولون الإسرائيليون في وصفهم لطاقم السفينة. لكنّهم أجمعوا على اعتبار الركاب إرهابيين، أو متعاونين مع الإرهاب، أو مؤيّدين له. وهذا ليس صدفة.فحين يأسف المسؤولون الإسرائيليون، ويضيفون إلى أسفهم عبارة تبدأ بـ«ولكن...»، إنّما يحاولون تذكير العالم بأنّ الذين أريقت دماؤهم ليسوا بشراً تماماً. إنّهم من أولئك الصنف الذي اعتادت إسرائيل (والمجتمع الدولي) وصفه بالإرهابي، لكونه لا يؤمن بالقيم «البيضاء» نفسها. ولنتذكّر أنّ الجريمة لا تكون جريمة حقاً، ما لم تُرتكَب ضدّ «شريك في الإنسانية».هذه الشراكة أُخرج منها باكراً كلّ من يدعم حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه، وكلّ من أدان حصار غزّة. فمَن لا يذكر كيف اجتمع ممثّلو الإنسانية على مائدة العشاء مع إيهود أولمرت ليباركوا له بانتهاء الحرب على غزّة، وكيف صفّق ممثّلو الإنسانية للقذائف الإسرائيلية حين كانت تنهال على المواطنين في لبنان؟ بعضهم صفّق، وبعضهم قدّم الذخيرة، وبعضهم سمح بنقلها. وحين كنّا نُقتَل هنا، كان يقال في العالم الأوّل: إنّه مخاض الشرق الأوسط الجديد.الألم يؤلم دائماً. لكنّه لا يكفي لسماع أصوات المتألّمين.

ليس ما يشير في الأفق إلى أن مصير رحلة كسر الحصار عن قطاع غزة المنطلقة من لبنان سيكتب لها النجاح، إذ يبدو أن ضغوطاً ــ داخلية وخارجية ــ تمارس على المنظمين والحكومة معاً، لغضّ النظر عن محاولة ستكون لها «تداعيات» تفوق، حسب البعض، قدرة لبنان على تحمّلها طرابلس ــ عبد الكافي الصمد تراجع على نحو ملحوظ الاهتمام السياسي والإعلامي والشعبي الذي اكتسبته في الأيام السابقة باخرتا «جوليا» و«جودت» اللتان كانتا تستعدان للإبحار إلى قطاع غزة، محمّلتين مساعدات إنسانية، في محاولة لكسر الحصار الخانق الذي يضربه الإسرائيليون حوله منذ أكثر من 3 سنوات ونصف سنة ، وذلك بعد مرور 12 يوماً على رسوّ الأولى على الرصيف الرقم 5 في مرفأ طرابلس، وبقاء مصير الثانية حتى الآن مشوباً بالغموض. وتبين بعد مرور هذه الأيام أن هناك أكثر من عقبة لا تزال تعترض عمل المشرفين على الرحلة، وهم ناشطون من منظمة «صحافيون بلا قيود» و«حركة فلسطين حرة» كانوا قد أطلقوا على باخرة «جوليا» اسم «ناجي العلي» تيمّناً برسام الكاريكاتير الفلسطيني الراحل، وعلى باخرة «جودت» اسم «مريم» تيمّناً باسم السيدة العذراء، إذ لا يزالون يرفضون إعطاء تفاصيل عن موعد إبحارهم من مرفأ طرابلس، وتوضيح العوائق التي تواجههم، فضلاً عن أن أي نشاط ملحوظ ولافت لهم لم يظهر (مثل تجهيز الباخرة، وصول مساعدات، توضيح بعض النقاط بشأن من سيكون معهم على متن الباخرتين)، ما يدل على أنهم لم يتجاوزوا بعد العراقيل التي تعترضهم في أكثر من مجال. مصادر مسؤولة في مرفأ طرابلس طلبت عدم ذكر اسمها، أوضحت لـ«الأخبار» أن «أي جديد لم يطرأ على موضوع الباخرة منذ أكثر من 5 أيام على التوالي، ما يدفعنا إلى الشك في ما إن كانت ستبحر أو لا، حتى إنه لا أحد من السفارات الغربية أو المسؤولين والمهتمين يتصل بنا لمعرفة آخر التطورات المتعلقة بها، بعدما كانت إحدى السفارات الغربية قد اتصلت بنا منذ أيام بعد الواحدة والنصف ليلاً لتسألنا إنْ كانت الباخرة قد أبحرت من عندنا أو لا؟». وإذ أشارت المصادر إلى أن «الحراسة المشددة في محيط الباخرة لا تزال على ما هي عليه منذ لحظة دخولها المرفأ»، كشفت أن «بقاء الباخرة على حالها سيدفعنا إلى إبعادها عن رصيف المرفأ، الذي يشهد هذه الأيام ازدحاماً في البواخر التي تريد الرسوّ فيه». ومع بقاء أسئلة كثيرة بلا أجوبة عن أسباب هذا الغموض ومصير الرحلة، رد وزير الأشغال والنقل غازي العريضي على سؤال بهذا المعنى خلال جولة تفقدية له أمس في مرفأ طرابلس، قائلاً: «قمت بكل ما طلب مني، وكان شكر من منظمي الرحلة لإدارة المرفأ، وشكر رسمي أبلغت به شخصياً على موقفي وعلى التسهيلات التي قدمت. أما موضوع تنظيم الرحلة أو لا، فهذا الأمر لا يعود لي»، موضحاً أنه «التزمنا بكل القوانين المرعية الإجراء، وتحت هذا السقف قدمنا كل التسهيلات المطلوبة. أما بالنسبة إلى عواطفنا وإلى اقتناعاتنا السياسية فهي واضحة، والنقاش لا يدور حول حق الشعب الفلسطيني في فك الحصار، ولا يدور حول إرهاب إسرائيل هذه الدولة المارقة الإرهابية في هذه المنطقة». وأكد العريضي أن «موقفي معروف في هذا الموضوع، أنا لا أناقش هذا الموضوع ولا أحد يناقشه معي. نحن نناقش المسؤولية الرسمية للدولة اللبنانية عن مرافقها. قلت نحن نتحمل المسؤولية عن المرافق اللبنانية، وفي إطار هذه المسؤولية حيث يجب أن نقول لا نقول لا ونبرر هذا الكلام ونتحمل المسؤولية، وحيث يجب أن نقول نعم نقولها، لا مسايرة لأحد إلا لاقتناعاتنا وضميرنا ومسؤوليتنا وأمانتنا». وسط هذه الأجواء، أكد المشرفون على باخرة «ناجي العلي» لـ«الأخبار» أنهم سيتحركون في الأيام القليلة المقبلة «بأقل قدر ممكن من الضجيج الإعلامي، وسنبقي نشاطنا بعيداً عن الأضواء، لأننا نريد أن نخفف الضغوط التي تمارس على الحكومة اللبنانية من الخارج، والذي تترجمه سفارات أجنبية في بيروت». وكشف المشرفون عن «معلومات لديهم تفيد بأن مسؤولاً أميركياً اتصل بمرجع حكومي وطلب منه الضغط علينا لمنعنا من الإبحار، وأن المرجع الحكومي وعده بأنه سيقوم بجهده لمنعنا من ذلك»، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن «نقاشاً داخلياً يدور في داخل صفوف الحكومة، يؤكد مروجوه أن الناشطين لن يتعدى مشوارهم قبرص، وأنهم سيذهبون إليها ثم سيضطرون للعودة إلى بيروت!». لكن المشرفين سلطوا الضوء على جانب عدّوه «الأكثر إثارة واستغراباً في هذا الموضوع» حسب قولهم، إذ أوضحوا أنه «ما من سفارة أجنبية في بيروت، ولا حتى منظمة تابعة للأمم المتحدة أو مكتبها الإعلامي، إلا اتصلت بنا للاستفسار عن موعد إبحارنا، وعن جنسيات من سيكونون على متن الباخرة، وهل هناك أحد من جنسيات دولهم؟ فكنا نبلغهم أننا لسنا موظفين عندهم، ورفضنا إعطاءهم أي معلومة، كذلك طلبنا منهم التزام معاهدة جنيف التي تحظر على السفارات الاتصال بمواطنين في دول أخرى، وأن يقتصر اتصالهم على وزارة الخارجية في البلد الموجودين فيه». ورأى المشرفون أنه «يجب على حكومتنا ووزارة الخارجية وضع حد لهذا الخرق لمعاهدة جنيف وأصول العمل والأعراف الدبلوماسية للسفارات العاملة في لبنان»، مستغربين «كيف أن وزارة الخارجية لم تتحرك لمتابعة هذا الأمر، ولا حتى بإصدار بيان تنبّه فيه السفارات إلى خرقها المعاهدة التي تنظم وجودها وعملها في بلادنا». مصادر مرفأ طرابلس: لا جديد في موضوع الباخرة منذ أكثر من 5 أيام وصول الأمر إلى هذا الحد رآه المشرفون «عملاً غير مقبول من السفارات، ويمثّل انتهاكاً فاضحاً للسيادة اللبنانية، وخصوصاً أن لا أحد منا يحمل جنسية أخرى غير الجنسية اللبنانية»، لافتين إلى أنه «نعد عبر وكيلنا القانوني رفع دعوى قضائية على السفارات الأجنبية التي اتصلت بنا وخرقت القوانين». في موازاة ذلك، أوضحت أوساط اللجنة المنظمة لباخرة «مريم» لـ«الأخبار» أنه «لا نزال ننتظر وصولها بين وقت وآخر»، لافتين إلى أن «هناك إجراءات تقنية وفنية وإدارية يجري إنجازها، وبعدها ستكون الباخرة في مرفأ طرابلس». لكن الأوساط كشفت أن الباخرة «جودت»، وهو الاسم البحري للباخرة «مريم»، «استُبدلت بباخرة أخرى لأسباب فنية، وأن الباخرة الجديدة ستحمل اسم «مريم» أيضاً، وهي ستصل في غضون أيام إلى لبنان»، رافضة الإفصاح عن مكان وجودها حالياً، في عرض البحر أو في موانئ إحدى دول البحر الأبيض المتوسط أو غيره، لافتة إلى أن «عقبات فنية ولوجستية تؤخر وصولها إلى لبنان». ونفت الأوساط المذكورة تعرضها لضغوط «لمنعنا من الإبحار إلى غزة»، وقالت في هذا الصدد إنه «لا أحد من المسؤولين تعاطى معنا في هذا الشأن منذ إعلان إطلاق حملتنا في 13 حزيران الماضي، ولم نلمس وجود ضغوط مباشرة أو غير مباشرة تمارس علينا». وعن خطتهم في الأيام المقبلة، أشارت الأوساط إلى أن «خطتنا في المرحلة المقبلة هي استكمال الإجراءات القانونية والإدارية المشابهة لباخرة «ناجي العلي»، والانتهاء من كل الترتيبات المتعلقة بالرحلة قبل تحديد موعد الساعة الصفر. أما ما قد يعقب ذلك من ضغوط، فتلك مرحلة أخرى من حملتنا سنتعاطى معها في حينه». لا إيرانيون في «ناجي العلي» يؤكد المشرفون على باخرة «ناجي العلي» اتخاذهم قراراً «يمنع سفر أي إيراني معنا في الرحلة، سواء كان نائباً كما أُشيع أخيراً، أو مواطناً عادياً»، لافتين إلى أنه «إذا أراد الإيرانيون أن يذهبوا فليفعلوا ذلك بمفردهم أو بالمشاركة مع غيرنا»، مبررين ذلك بأن «وجودهم معنا حسّاس جداً، ويحمل أبعاداً وتبعات نحن بغنى عنها». في المقلب الآخر، يؤكد القائمون على باخرة «مريم» أنها «ستقل على متنها نساءً فقط»، موضحين أن «اللواتي تقدمن بطلبات للذهاب معنا بلغن 508 سيدات، لكن العدد المقبول للإبحار في الرحلة سيتراوح بين 50 ـــــ60 سيدة على الأغلب». وكشف القائمون أن «النساء اللواتي سيغادرن معنا بينهن لبنانيات، وأخريات من جنسيات عربية وأجنبية، بعضهن وصلن إلى بيروت للمشاركة في الرحلة منذ 10 أيام، وأخريات منذ 3 أيام، وهن أتين من البحرين، الهند، تونس، مصر، الكويت، سوريا، صربيا، فرنسا وغيرها».

جريدة الأخبار

أدارت إسرائيل ظهرها لجميع التشريعات القانونية الدولية والدول الأوروبية، وارتكبت مجزرة بحق متضامني «أسطول الحرية»، بعدما قتلت ما لا يقل عن 16 متضامناً، غالبيتهم من الأتراك.

وسيطرت قوات سلاح البحرية الإسرائيلية على قسم من سفن كسر الحصار على قطاع غزة، واقتادتها إلى ميناء أسدود في جنوب إسرائيل، فيما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيحاي أدرعي، إن «10 نشطاء على الأقل على متن هذه السفن قد قتلوا خلال الهجوم». وأضاف أن قوات البحرية الإسرائيلية «سيطرت على قسم من السفن الست وتقوم بجرها إلى ميناء أسدود. لكن عملية السيطرة على بقية السفن ما زالت مستمرة» تحت قيادة قائد سلاح البحرية اللواء اليعزر ماروم. ووفقاً لأدرعي، فإن النشطاء الموجودين على متن سفن كسر الحصار قاوموا القوة الإسرائيلية التي سيطرت على سفن، و«كانوا مسلحين بسكاكين وفؤوس وعصي». وأضاف أن «عدداً من المتظاهرين خطفوا سلاح أحد الجنود وأطلقوا النار منه باتجاه القوة (الإسرائيلية)، وهكذا فقد أصبح المتظاهرون يستخدمون السلاح البارد والناري ضد قواتنا». وأضاف أدرعي أن البوارج الحربية الإسرائيلية «اعترضت سفن كسر الحصار عندما اقتربت من المياه الإقليمية وطالبتها إما بالعودة من حيث جاءت أو مرافقة سفننا إلى ميناء أسدود». وتابع أنه «بعدما استمرت السفن في طريقها باتجاه شواطئ غزة، أصدر الأمر بالسيطرة عليها بموجب قرار الحكومة. وبعد السيطرة على قسم من السفن واستخدام القوة ضد قواتنا، أصدر أمر بتفريق المتظاهرين بالقوة».

خلال تظاهرة أمام منزل السفير الإسرائيلي لدى تركيا في أنقرة (برهان   أوزبيليسي - أ ب) ورفعت الشرطة الإسرائيلية حالة الاستنفار في جميع أنحاء البلاد تخوفاً من تظاهرات واحتجاجات على اعتراض سفن كسر الحصار على غزة. ومنعت الرقابة العسكرية الإسرائيلية وسائل الإعلام من نشر تفاصيل عمليات محاولات سلاح البحرية السيطرة على السفن، لكن موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني تحدث عن طعن ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابتهم بجروح متوسطة، بعد صعودهم إلى سفن كسر الحصار وأنهم نُقلوا إلى مستشفى في مدينة حيفا. في السياق، أعلن «تلفزيون الأقصى» التابع لحركة «حماس»، إصابة زعيم الحركة الإسلامية في إسرائيل الشيخ رائد صلاح بجروح «خطرة» خلال الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية. ووصف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، سقوط عدد من الضحايا على متن الأسطول بالـ«مجزرة». من جهتها، أدانت تركيا بشدة الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية»، محذرة من عواقب «لا يمكن الرجوع عنها في العلاقات بين الدولتين». ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية، «استخدم الجيش الإسرائيلي القوة ضد مدنيين بينهم نساء وأطفال وشيوخ من دول عدة، رغبوا بنقل مساعدات إنسانية لشعب غزة». وأعلن رئيس هيئة الإغاثة التركية، محمد كايا، سقوط «15 شهيداً على الأقل»، معظمهم أتراك. وقال إن «عدد الشهداء وصل إلى 15 شهيداً على الأقل، ومعظمهم من المتضامنين الأتراك». واستدعت تركيا السفير الإسرائيلي في أنقرة. كذلك استدعى عدد من الدول الأوروبية سفراء إسرائيل في بلادها للاحتجاج على الهجوم الإسرائيلي. من ناحية أخرى، أعلنت قيادة الأركان الجوية اليونانية عن وقف مناورات جوية مشتركة مع إسرائيل تحمل اسم «ميوناس 2010» كانت قد انطلقت في 25 أيار، وتستمر حتى 3 حزيران، وذلك على خلفية الهجوم على السفن. عربياً، دعت سوريا إلى عقد «اجتماع فوري» لمجلس جامعة الدول العربية لبحث «تداعيات العدوان الإسرائيلي» على أسطول الحرية، بحسب وكالة الأنباء الرسمية «سانا». كما أكد رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري، الموجود في سوريا، أن الهجوم الإسرائيلي «خطوة خطيرة ومجنونة»، مطالباً المجتمع الدولي بالتحرك لوضع حد «لتعريض السلام الدولي للخطر». واعتبر أن من شأن مثل هذا الحادث أن «يؤجج الصراع في المنطقة».

تكشفت فصول جديدة من أعمال شركة «سوليدير» وممارساتها؛ فالشركة بدأت توسّع أعمالها في لبنان، إلى خارج منطقة وسط بيروت التجاري، وهي كانت قد أنشأت بهدف إعادة إعمار وسط بيروت المتضرر من الحرب... لكن تبيّن أنها تقوم، عبر «سوليدير إنترناشيونال»، بأعمال تطوير وإدارة مشروع عقاري في منطقة الحازمية، على عقار يُعرف باسم «العصفورية» قيمته 200 مليون دولار محمد وهبة مرّة جديدة تخرج شركة «سوليدير» من وسط بيروت، أو مغارة الذهب التي تتربع على عرشها. فقد تبيّن أخيراً أن «سوليدير إنترناشيونال» بدأت تعمل في مناطق أخرى في لبنان(!) وهي ستطوّر وتدير مشروع «العصفورية» في الحازمية. الأمر مفاجئ للمراقبين: «سوليدير لبنان»، لا تملك حقّ العمل محلياً إلا «لإعادة ترتيب وإعمار مناطق متضررة في لبنان من الحرب بسبب الأحداث الأمنية»، فلماذا «سوليدير إنترناشيونال» المُنشأة خلافاً لهذا القانون «تبحث عن عمل في لبنان»؟ وإلى أي مدى تعيش الشركة أوضاعاً حرجة في مشاريعها الخارجية؟ وهل ستتملّك حصّة في المشروع المحلّي؟ وما هو حجمها؟ وهل سيطبق عليها مرسوم تملّك الأجانب؟ قال عاملون في القطاع العقاري إن شركة «سوليدير إنترناشيونال» ستطوّر 95 ألف متر مربع في منطقة الحازمية ضمن مشروع «Uptown» لقاء حصّة من المشروع توازي كلفة التطوير والإدارة زائد الأرباح. وقطعة الأرض هذه، كانت تُعرف بـ«العصفورية» حيث كان هناك مبانٍ خاصة بمصحّ عقلي اشتراها خالد العصيمي، (مالك الجيفينور)، وتملّك الحصّة الأكبر من الأسهم مع شركاء آخرون مثل «بنك عودة» وأفراد من آل العسيلي... وقد جرت مفاوضات لتشتري مجموعة كويتية هذا العقار في مطلع عام 2005، إلا أن الصفقة لم تتم على أثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلى أن تمّت صفقة بيع الأرض في أواخر عام 2008 لمجموعة أفراد حصل بموجبها المصرفي، عبد الله تماري (معروف بأنه الواجهة الرئيسية لأعمال رئيس مجلس إدارة سوليدير ناصر الشمّاع)، على الحصّة الأكبر من الأسهم، فضلاً عن شركاء آخرون مثل مصطفى البساط. وقد بلغت قيمة الصفقة 100 مليون دولار، أي بسعر يوازي 1052 دولاراً للمتر المربع الواحد، أو ما يعادل 500 دولار لمتر الهواء (متر البناء) على أساس أن الحدّ الأقصى لعامل الاستثمار في هذه الأرض يسمح بتشييد 200 ألف متر مربع. وبحسب مصادر في السوق العقارية، فقد جرى الاتفاق مع شركة «سوليدير إنترناشيونال» للقيام بأعمال تطوير وإدارة المشروع لقاء حصّة منه، وقد وُضع المخطط المبدئي للمشروع وعُرض على بلدية الحازمية على أن تُنجَز التراخيص اللازمة لبدء العمل خلال فترة قريبة. ويشير الوسطاء العقاريون إلى أن هذا المشروع يعكس مثلاً صارخاً عن عشوائية ارتفاع الأسعار بسبب المضاربات العقارية، إذ إن تقديرات سعر المتر الواحد في الموقع المذكور تتجاوز 2000 دولار اليوم، وبالتالي يكون سعر متر البناء قد ارتفع من 500 دولار إلى ألف دولار، وربما أكثر بقليل، أي إن قيمة المشروع الحالية توازي 200 مليون دولار بالحدّ الأدنى، وقد تضاعف سعره بعد أقل من سنتين في مؤشّر واضح على مدى خطورة المضاربات العقارية التي تسبب ارتفاع الأسعار وتحقيق أرباح ريعية سهلة. إلا أن دخول «سوليدير إنترناشيونال» على مشروع «Uptown» في لبنان يثير الكثير من الشبهات، ويخالف الأهداف المعلنة لإنشاء الشركة العالمية؛ فقد تأسّست «سوليدير إنترناشيونال المحدودة» في دبي برأس مال يبلغ 700 مليون دولار، وهي مملوكة من «سوليدير إنترناشيونال هولدنغ» (مملوكة كاملاً من سوليدير الأم في لبنان) بنسبة 37.19%، وتملك فيها الشركة الأم مباشرة ما نسبته 1%. والمعروف أن تأسيس هذه الشركة العالمية جاء التفافاً على قوانين إنشاء الشركة التي لا تسمح بتوسيع أعمالها وتصدير «خبراتها» إلى مشاريع خارج لبنان، إذ إن إنشاء «سوليدير إنترناشيونال» مخالف للفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون الرقم 117/91 الذي أنشأ سوليدير الأم في لبنان، والذي نصّ على الآتي: «يتناول موضوع الشركة إعادة ترتيب وضعية وإعمار منطقة أو أكثر من المناطق المتضررة في لبنان بسبب الأحداث الأمنية...»، أي إن الشركة الأم حصرت أعمالها ضمن هذا النطاق المحدد، ولم تعط حقّ تأليف شركة عالمية في دبي. إلا أن شركة «سوليدير» القوية والقادرة، كانت أقوى من القانون والدولة، فانتقل عمل الشركة من «إدارة خاصة لمشروع عام، إلى إدارة خاصة لمشروع خاص»، بحسب ما يقول أحد أصحاب الحقوق في وسط بيروت. وبُرِّر تأسيس شركة سوليدير العالمية، بأنه لخدمة مصالح الشركة ومساهميها، إذ إن تطوير مشاريع عقارية خارج لبنان سيحقق توزيعاً لمخاطر الاستثمارات، وبالتالي سيخفف من انكشاف الشركة على أي خسائر أو فقاعات عقارية... لكن قيام الشركة بتنفيذ مشاريع إلى لبنان خارج وسط بيروت، يثير الشكوك حول انكشافها على مشاريع عدّة في مناطق أصابتها الأزمة العالمية وتضرّرت فيها أسعار العقارات، ما انعكس سلباً على أداء الشركة المؤسسة خلافاً للقانون. وكان أصحاب الحقوق في وسط بيروت قد حذّروا من خطر توسّع الشركة الذي يعرّضها لمخاطر الإفلاس في مشاريعها الخارجية... إذ أعلنت انخراطها في أكثر من مشروع، ولا سيما مشروع «الزوراء» في الإمارات العربية، لكن الشركة سجّلت انخفاضاً في رأس المال، في نهاية 2008، بقيمة 10 ملايين دولار... وأوضح مدير العمليات في الشركة، منيب حمود، أخيراً أنه كان «مخططاً لمشروع الزوراء أن يتّسع لنحو 200 ألف شخص، لكن بعد الأزمة العالمية قررنا أن نقلّص حجم هذه المدينة ونحولها إلى قرية سياحية... وستتجه سوليدير العالمية إلى شراء وتطوير عقارات في لبنان ومصر والجبل الأسود، والسعودية... فضلاً عن فرص بيع شقق سكنية لشريحة سكانية كبيرة من الشبان»، متوقعاً أن «ترتفع أسعار الأراضي في لبنان خلال 2010». وإذا كان دخول سوليدير إلى «العصفورية» عبر تملّك حصّة من المشروع، كما قالت مصادر مطلعة، فمن الطبيعي أن تخضع العملية لقانون تملّك الأجانب، باعتبار أن «سوليدير إنترناشيونال» أجنبية، ويجب أن ينطبق عليها قانون تملك الأجانب الذي يطلب من أي أجنبي يريد تملك أكثر من 3 آلاف متر أن يستحصل على مرسوم من مجلس الوزراء. دعوى وتنح يروي مستثمر خليجي أن مدير المبيعات السابق في «سوليدير»، نعمان عطا الله، الذي يعمل حالياً في دبي، أقرّ أمام محكمة البداية في بيروت، بأن نقابة تجار الذهب قد اشترت مساحات في أسواق بيروت، منذ 12 سنة، وسدّدوا 5% دفعة أولى، علماً بأن إدارة الشركة لم تكن قد استحصلت على رخصة بناء... وقد دفع هذا التصريح، محامو سوليدير، إلى اتهام عطا الله بالكذب... إلى أن طلب القاضي تنحية نفسه من القضية بعد تعرّضه للإهانة من محامي الشركة الذين لمّحوا إلى أنه حصل على رشوة من النقابة، علماً بأن الشركة كانت قد طلبت تنحية القاضي على خلفية استدعاء رئيسها ناصر الشماع
القاهرة ـــ محمد عبد الرحمنعلى رغم أنّ علماء الأزهر في مصر أكدوا مراراً أنّ «جبهة علماء الأزهر» ومقرّها الكويت، لا تمتّ إليهم بصلة، إلا أنّ هذه الجبهة تبدو ناشطة كثيراً، وخصوصاً في السنوات الأخيرة.الجبهة التي يمثّلها يحيى إسماعيل حبلوش، المقيم في الكويت، تحظى بانتشار إعلامي واسع في ظل اهتمام الصحف ومواقع الإنترنت بالفتاوى «الساخنة» التي تطلقها على موقعها الإلكتروني. وقد شهدت الأشهر الأخيرة نشاطاً كبيراً للجبهة بعد إصدار بيانات تكفّر الكثير من الفنانين والمثقفين.وآخر هذه البيانات، أصدرتها الجبهة ضدّ المخرج السوري يوسف رزق، بعد تصريحاته عن النبي إبراهيم في برنامج «الاتجاه المعاكس» على قناة «الجزيرة» (راجع المقال أدناه). واللافت أنّ البيان هو الأول الموجّه ضدّ شخصية غير مصرية في الفترة الأخيرة. إذ أصدرت الجبهة قبل أيام بياناً تضامنياً مع صحافيي مجلة «أكتوبر» الذين اتهموا رئيس التحرير مجدي الدقاق بإهانة الذات الإلهية، والسخرية من النبي محمد. وقالت الجبهة إنه إذا صحّ كلام الصحافيين، فإن الدقاق ــــ وهو من قيادات الحزب الوطني الحاكم ــــ يكون كافراً، و«خارجاً عن الملة». وهو ما دفع الدقاق إلى إصدار بيان ردّ فيه على الجبهة، وأكّد اعتزازه بالإسلام. وأضاف الصحافي المصري أنّه أدى فريضة الحج، وهو لا يقبل التشكيك بمعتقداته الدينية.كذلك، فإنّ الأمين العام السابق لـ«المجلس الأعلى للثقافة» في مصر جابر عصفور، كتب سلسلة مقالات ردّ فيها على الجبهة التي انتقدت وزير الثقافة فاروق حسني بسبب دعمه لمن أعادوا نشر كتاب «ألف ليلة وليلة». تحظى الجبهة بانتشار إعلامي بسبب اهتمام الصحف ومواقع الإنترنت بفتاواها المثيرة للجدل

 

وغالباً ما تستخدم الجبهة في بياناتها ألفاظاً وتعابير حادة. مثلاً، حمل البيان الصادر ضد يوسف رزق عنوان «بلاغ إلى الأمة كلها بعدما استخف بها أبناء المجون الرقيع». وقد يكون هذا العنوان «لطيفاً» إذا ما قارنّاه بعناوين بيانات أخرى مثل: «في جريمة سب الله ورسوله في مجلة «أكتوبر»»، و«إلى صبيان المواخير سفهاء ألف ليلة وليلة»... بينما حمل البيان الموجّه إلى مجموعة من نساء الأسرة الحاكمة في الكويت، والداعمات للفلسطينيين في غزة، نبرةً هادئةً ومشجّعة. ويبدو واضحاً من المواد المنشورة على موقع الجبهة دعمها الكبير لجماعتَي «الإخوان المسلمين»، و«حماس». حتى أنها تضع مقاطع فيديو لرئيس حكومة «حماس» المقالة إسماعيل هنية تحت عنوان «خطبة الجمعة لإمام المجاهدين».وتأسست «جبهة علماء الأزهر» عام 1967 وكانت بمثابة جمعية أهلية أو «نقابة» لإدارة شؤون العلماء الاجتماعية. ومع تولي سيد طنطاوي المشيخة عام 1996، بدأت الصدام مع الجبهة التي كانت تطلق فتاوى تتعارض مع فتاوى الراحل طنطاوي. ونجح هذا الأخير عام 1999 باستصدار حكم قضائي بحلّ الجبهة. وقد استجاب لهذا القرار معظم شيوخ الأزهر، لتختفي الجبهة تماماً حتى عام 1997، حين أعلنت عن انطلاقها مجدداً من خلال ممثلها الوحيد يحيى إسماعيل حبلوش.

«ربما كان هناك سوء تفاهم أو بعض الأخطاء، لكن علينا العمل على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه». بهذه الجملة، توّج قائد قوات اليونيفيل الجنرال ألبرتو أسارتا، يوماً طويلاً أمضاه بين بيروت والجنوب، محاولاً إثبات اكتسابه الخبرة التي غمز من قناتها وزير الدفاع إلياس المر أول من أمس. فهو لم يكتف أمس بالسير على خطى سلفه كلاوديو غراتسيانو، بعقد اجتماع مع ممثلي الأهالي وقيادة الجيش لمعالجة ذيول الإشكالات، ولا بالجولة على المسؤولين لاستطلاع آرائهم في التطورات، بل تفوّق على كل من سبقه بتوجيه رسالة مفتوحة غير مسبوقة إلى الجنوبيين. بدأ أسارتا يومه جائلاً على الرؤساء ميشال سليمان ونبيه بري وسعد الحريري، فسمع من الأول تمنيه أن «لا تتكرّر أي إشكالات في المستقبل»، ومن الثاني قوله إن «ما حصل أخيراً قد جرى تجاوزه»، وتأكيده «رفع مستوى التنسيق بين اليونيفيل والجيش والتعاون مع الأهالي كما كان ذلك منذ أكثر من ثلاثة عقود». أما الثالث فلم يوزع مكتبه الإعلامي ما قاله للمسؤول العسكري الدولي. واستكمالاً لهذه الجولة، زار ممثل الأمم المتحدة مايكل وليامز، مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي، وعرضا ـــــ بحسب بيان للحزب ـــــ الحوادث الأخيرة «التي سبّبت قلقاً للأهالي». وجرى التوافق على «استمرار التواصل لمعالجة الوضع على قاعدة إعادة الأمور إلى طبيعتها، وعلى أساس التنسيق الكامل مع قيادة الجيش اللبناني وفق منطق القرار 1701». بالترافق مع ذلك، استقبل الحريري سفراء ثلاث دول مشاركة في اليونيفيل، هي: إسبانيا وفرنسا وإيطاليا. وبعد اللقاء أعلن سفير إيطاليا غبريال كيكيا، أن مهمة القوات الدولية «ستتواصل في أفضل الظروف، ونحن نولي الحكومة ورئيسها الثقة لحل كل المشاكل التي يمكن أن تطرأ في هذا الإطار». وشدد على ضرورة التنسيق المستمر بين الدول المشاركة في اليونيفيل وبينها وبين الجيش. وفي هذه الأجواء، أقدم أسارتا على خطوته التالية، ألا وهي توجيه رسالة عبر الإعلام إلى الجنوبيين، تحدث فيها عن الإدراك لـ«مشاكل العمليات العسكرية في المناطق المدنية»، ورأى أن «الطريقة المثلى للتعامل مع هذه المشاكل، هي مناقشتها مباشرة مع قوات الأمم المتحدة (...) لا من طريق عرقلة عمل قوات حفظ السلام أو ضربهم». وذكر أن أوامره صارمة لأفراد اليونيفيل، باحترام الملكيات والخصوصيات وعدم الإضرار بالبنية التحتية العامة أو الخاصة، والتحدث إلى السلطات والمجتمعات المحلية لإزالة أي سوء فهم. وانطلق من ذلك للقول إن اليونيفيل «أظهرت أقصى درجات ضبط النفس عندما تواجه المدنيين المتوترين». وقال للجنوبيين إن اليونيفيل إلى جانبهم، و«تحاول دائماً بذل قصارى جهدها لمساعدتكم وحمايتكم، وكم كان من الصعب وجود قوة الأمم المتحدة لولا دعمكم القوي». وأكد التعاون مع الجيش «وعلينا أن نضمن أن جميع أنشطتنا منسقة تنسيقاً كاملاً»، لكن «هذا التنسيق لا يعني أن كل واحدة من الدوريات اليومية الـ350 يمكن أن تقترن بالوجود الفعلي للجيش». وبعد الجولة والرسالة، اجتمعت قيادة اليونيفيل في سرايا بلدة تبنين لأكثر من ساعتين مع 13 رئيس بلدية في قضاءي بنت جبيل وتبنين، برعاية وحضور ممثلين عن قيادة الجيش. وخرج أسارتا من الاجتماع ليؤكد أن الحوادث «لن تتكرّر بعد ذلك، وسيجري التنسيق مع الجيش اللبناني والسلطات المحلية قبل قيام اليونيفيل بأي عمل ميداني في القرى والبلدات، باستثناء الأمور الأساسية التي سيجري التنسيق بخصوصها مع الجيش فقط». وأعلن نائب رئيس اتحاد بلديات بنت جبيل رئيس بلدية عيترون سليم مراد، باسم رؤساء البلديات، الحرص الكامل على أفضل العلاقات مع اليونيفيل. وذكر أن رؤساء البلديات شددوا في الاجتماع على ضرورة تنسيق اليونيفيل مع الجيش في كل التفاصيل «فعدم وجود هذا التنسيق هو الذي أدّى إلى الأحداث الماضية». وذكر مراد لـ«الأخبار» أنه جرى التوصل خلال الاجتماع إلى نقاط عدة مهمة، منها: التزام قيادة اليونيفيل بمحاسبة المخلّين بالاتفاق، عدم استخدام الكلاب البوليسية وعدم دخول الأملاك الخاصة، إضافة إلى عدم دخول الدوريات المؤللة إلى الأحياء السكنية والتصوير فيها. وعلمت «الأخبار» أن أكثر ما جرى النقاش فيه هو «ضرورة التنسيق فقط مع الجيش اللبناني، لكن أسارتا احتج على ذلك، مبرّراً احتجاجه بعدم وجود عديد كافٍ من الجيش لمواكبة أعمال

اليونيفيل، فكان الرد من رؤساء البلديات والجيش بأن عدد الجيش (نحو 6000 جندي في الجنوب) كافٍ جداً لهذه المهمة، فوافق أسارتا على مضض». كذلك أثيرت نقطة إطلاق اليونيفيل النار في الإشكالات الأخيرة، باعتباره خطأً يجب ألّا يتكرر، فكان الرد الدولي بأن ذلك كان بسبب انفعال الجنود وخوفهم لدى مهاجمة المدنيين لهم ومحاصرتهم. وعندما برر أسارتا إطلاق النار وصدم دراجة نارية وعدد من السيارات المدنية في قبريخا وتولين بأنه «كان على المدنيين ألّا يتدخلوا مباشرة بأفعال جنود اليونيفيل في قراهم، لأنّ من واجبهم إعلام الجيش بذلك، الذي بدوره ينسّق معنا»، ردّ أحد رؤساء البلديات بأن «ما حدث ما كان ليحدث لو عمدت قوات اليونيفيل إلى التنسيق أولاً مع الجيش، وهذا ما نطالب به». يذكر أن هذا الاجتماع هو الثاني من نوعه، بعد اجتماع عُقد في السرايا نفسها أثناء ولاية غراتسيانو، على خلفية إشكال مشابه مع أهالي بلدة خربة سلم العام الماضي. ولاحقاً، أصدرت قيادتا حركة أمل وحزب الله بياناً أعربتا فيه عن ارتياحهما لمضمون كلام أسارتا بعد الاجتماع «ودعمهما الكامل للخطوات التي اتفق عليها في هذا الاجتماع». ومساءً، حضر الموضوع على طاولة مجلس الوزراء، لكن من وجهتي نظر، حيث تحدث رئيس الجمهورية بالعموم عن التمسك بالـ1701 والحرص على دور اليونيفيل التي وصف علاقتها بالأهالي بأنها جيدة منذ 30 عاماً. لكن رئيس الحكومة بدا متحاملاً على الأهالي، بالقول إن «التعرّض لقوات اليونيفيل غير مقبول»، داعياً إلى احترام الـ1701 «وعدم التسبّب بأي مشكلة مهما كانت مبررات انزعاج الأهالي وتفهمنا لها»... وبالنتيجة، أعرب المجلس ككل عن أسفه «للحوادث الأخيرة» في الجنوب، وشدد على دور القوات الدولية «بحسب ما نصّ عليه القرار 1701، ضمن القواعد المتفق عليها»، وعلى «تدعيم وجود الجيش وانتشاره ضماناً لفاعلية التنسيق».

تبنين ـ داني الأمين

عدد الجمعة ٩ تموز ٢٠١٠ |

الأكثر قراءة