uldy

uldy

خالد صاغيةالرئيس ميشال سليمان توافقيّ. ثمّة من فهم هذه الصفة بأنّها تعني الجلوس في قصر بعبدا، واستقبال الضيوف، والاكتفاء بالابتسام لهم. والواقع أنّ الرئيس أكثرَ من توزيع الابتسامات. وتجنّباً للإحراج، قضى وقتاً طويلاً في الخارج، لعلّه يعود بإنجاز يتعذّر الحصول عليه داخليّاً. لكن، رغم ذلك، يضطرّ الرئيس في بعض الأحيان إلى إصدار مواقف حاسمة. فما زال لموقعه بعض الأدوار التي لا يشاركه فيها أحد. وكلّما أصدر موقفاً، انتفض فريق يحاول إقناعه بالعودة إلى الجلوس على ذاك الكرسيّ في القصر، على طريقة: «كن توافقياً واصمت». والحجّة دائماً هي أنّه «أكبر» من التدخّل في اللعبة السياسيّة. مرّة، تزعل تيّارات 8 آذار. ومرّة، تزعل تيّارات 14 آذار.لكنّ القصّة مع طاولة الحوار أبعد من الزعل هذه المرّة. ذلك أنّ السذَّج وحدهم يعتقدون أنّ ثمّة أفكاراً جديرة بالنقاش ستُطرح على تلك الطاولة، وأنّ ثمّة خبراء استراتيجيّين وسياسيّين قلوبهم على البلاد والدفاع عنها سيبحثون أفضل السُّبُل للذود عن الوطن. فالحقيقة التي يعرفها الجميع هي أنّ ثمّة طرفاً يحاول استخدام طاولة الحوار منصّة يطلق منها الصواريخ باتجاه سلاح حزب اللّه، فيما يستخدم فريق آخر الطاولة نفسها لانتزاع صفة شرعية إضافية لسلاح حزب اللّه، تضاف إلى البيان الوزاري، والتأييد الشعبي مهما كان حجمه.وبما أنّه ما من نقاش حقيقي سيدور على تلك الطاولة، تصبح النتيجة النهائيّة التي تتمخّض عنها مرهونة بالأسماء التي يقدّمها رئيس الجمهورية للمشاركة في الحوار. يكفي عدّ الأسماء، واستنتاج الموقف من سلاح المقاومة. هكذا يصبح من يختار الأسماء هو من يحسم النتيجة. وإذا كانت هناك ضغوط لفرض حضور فؤاد السنيورة، فلا بدّ من إحضار النائب أسعد حردان.لكن، بالمناسبة، عن أي استراتيجية دفاعية نتكلّم في بلاد طَنْطَن وزير دفاعها ذات يوم لتحقيقه إنجازاً عظيماً هو الحصول على طائرات ميغ روسية الصنع. عاد وزير الدفاع من موسكو فاتحاً مزهوّاً، تماماً كما فعل بعد إنجاز تدمير مخيّم نهر البارد. حدث ذلك قبل أن يذهب رئيس الجمهورية إلى موسكو نفسها ليطلب استبدال الميغ بأسلحة أخرى أكثر ملاءمةً لحاجات الجيش، بناءً على توصية من قيادة الجيش ووزير الدفاع، أي وزير الدفاع نفسه الذي سبق أن طنطن للميغ نفسها، والذي يتحضّر الآن للمشاركة في طاولة الحوار. أهي استرايجيّة دفاعيّة أم استراتيجيّة طنطنة؟

عدد الثلاثاء ٢ آذار ٢٠١٠
خالد صاغية بعد شربل نحّاس، جاء دور زياد بارود. الأبواق التي فبركت الأضاليل محاولةً دفع وزير الاتصالات إلى الاستقالة، هي نفسها التي هدّدت وزير الداخليّة بإنهاء مستقبله السياسي. طبعاً لن تذهب الحملة على بارود إلى نهايتها. فهو، في النهاية، محسوب على رئيس الجمهورية، فيما نحّاس محسوب على العماد ميشال عون. لكنّ ذلك لا يلغي أوجه الشبه بين الحملتين. فما يمكن استنتاجه من السجال المستقبلي ـــــ البارودي، هو أنّ تيّار المستقبل، المصدوم أصلاً بنسبة الاقتراع المتدنّية في بيروت، لم يتحمّل ربط ذاك التدنّي بغياب النسبية. وعبّر عن ضيقه هذا بتنبيه وزير الداخلية إلى أنّ قريطم، لا سواها، هي التي تحدّد مستقبل الوزراء. في الواقع، لا يختلف تيّار المستقبل عن سواه من الحركات السياسيّة التي تحاول إقفال مناطق وطوائف بأكملها. حركات كهذه لا يمكنها أن تقبل بالنسبيّة لأنّ مشروعها واستمراريّتها قائمان على احتكار التمثيل. ولا يعنيها تعويض ما تخسره في منطقتها بما قد تعوّضه عليها النسبيّة في مناطق أخرى. لا يتحمّل المستقبل شراكةً في القرار في بيروت. هذا خبر قديم. أمّا الخبر الجديد، فهو أنّه لا يتحمّل شراكة رئيس الجمهورية في اختيار الوزراء، إلا إذا كان هؤلاء من النوع الذي لا يهشّ ولا ينشّ (وبعض وزراء رئيس الجمهورية المرضيّ عنهم هم من هذا النوع فعلاً)، أو من النوع الذي يقضي وقته محاولاً إرضاء جميع الأطراف السياسيين (لا مشكلة مع بارود حين يؤدّي هذا الدور). وإذا كان احتكار التمثيل السياسي وراء الهجوم المنظّم على بارود، فإنّ احتكارات اقتصاديّة هي التي قادت الحملة على نحّاس. ومن حيث لا يدري، تبرّع نائب مستقبليّ لشرح أسباب الحملة. فلم يرَ فيها «حملة سياسية بل حملة اقتصادية إصلاحية تحريرية لقطاع الاتصالات». فالقصّة لا علاقة لها إذاً بتقرير عن اتفاقية أمنية، بل بإزاحة وزير يرفض التوقيع على صكّ تنازل عن ممتلكات الدولة من أجل تحقيق بعض المحتكرين أرباحاً طائلة. لقد اعتادت المصارف وكبار المودعين الربح السهل والسريع الذي يحققه إقراض الدولة عبر سندات الخزينة. اشترِ سنداً، وغُطّ في سبات عميق. وحين تفتح عينيك، ستجد ثروتك وقد تضاعفت. أمّا حين تتوقّف الدولة لبُرهة عن الاستدانة، فترتفع صرخة الأموال المكدّسة في المصارف. اسألوا قريطم. لديها الحل. فلنشترِ ممتلكات الدولة، وبأسعار بخسة. وهي ممتلكات ذات طبيعة احتكارية. الربح فيها سهل ومضمون. والرابحون حيتان جشعة لن تضع رقبتها تحت رحمة وزير. لقد حاول تيّار المستقبل خلال الأعوام الخمسة الماضية احتكار الماضي، عبر فرض روايته الرسميّة للحقبة السوريّة في لبنان. أمّا اليوم، فالمستقبل ماضٍ في مشروعه لاحتكار المستقبل.
خالد صاغيةالحرّ في بيروت لا يطاق. مجنون من يحزم أمتعته في هذا الطقس، ويعود إلى لبنان، وخصوصاً إذا كان يعيش هانئاً على إحدى الجزر في البحر الأبيض المتوسّط. بعض الشائعات بدأت تسري بأنّ الرئيس سعد الحريري قد يترك سردينيا ويعود إلى بيته في وسط بيروت اليوم أو في الأيّام القليلة المقبلة. تضحية أخرى يقدّمها هذا السياسيّ الشاب من أجل وطنه. فهل يعقل مغادرة تلك الجزيرة الرائعة لتحمُّل حرّ بيروت؟جرى تبادل لإطلاق النار بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي في بلدة العديسة الجنوبيّة. سقط شهيدان للجيش وزميل صحافي. وتمكّن أحد الجنود اللبنانيين من قتل ضابط إسرائيلي. كادت الحرب تشتعل في المنطقة. نقاشات حول خط الحدود اللبنانية بين لبنان واليونيفيل. فرض قيود على تسليح الجيش اللبناني. رئيس الجمهورية في الجنوب. وسعد الحريري يكمل إجازته في سردينيا.المحكمة الدولية باتت على المحك. مؤتمر صحافي للأمين العام لحزب اللّه يتّهم فيه إسرائيل باغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. عرض صور جوية وإفادات عملاء. ردود الفعل تنهال من كل حدب وصوب. هذا يشكّك في صدقيّة الصور، وذاك يعتبرها شديدة الأهمية وينتظر قرار المحكمة، وآخر يطرح علامات الاستفهام حول مصدرها. وكثيرون يطالبون بمسار جديد للتحقيقات في جريمة 14 شباط 2005. وسعد الحريري يكمل إجازته في سردينيا.لا يملك المرء حقاً إلا التعاطف مع السيّد سعد الحريري. فهذا الشاب وجد نفسه مضطراً فجأة للدخول في اللعبة السياسية اللبنانية كي يحافظ على ممتلكات العائلة. ما له وتعلّم القراءة، ومخاطبة الجماهير، والإصغاء إلى متاعب الناس، وتحمّل الضغوط الداخليّة والخارجيّة، ناهيك بحضور اجتماعات مجلس الوزراء وجلسات في المجلس النيابي.مهلاً، طار الحريري من سردينيا إلى فرنسا للقاء الرئيس نيكولا ساركوزي. لا بأس ما دامت الرحلة لا تزال ضمن الأراضي الأوروبية، وما دام اللقاء في مصيف فرنسي. لكن، إيّاك وحرّ بيروت يا سعد. عُد إلى إجازتك. عائلتا شهيديْ الجيش اللبناني لن تعتبا عليك. وإن اندلعت الحرب، يمكنك دائماً قيادة دفّتها من اليخت.

خالد صاغيةفي تبريره الهجوم على أسطول الحرية واستمرار الحصار على غزّة، لم يكتفِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالحديث عن حركة «حماس» والخطر الذي تمثّله على دولة إسرائيل. قال إنّ حماس تهرّب آلاف الصواريخ إلى غزّة كي تطلقها باتجاه المدن الإسرائيلية. قال أيضاً إنّ لإسرائيل كلّ الحق في أن تمنع دخول هذه الأسلحة وتفتّش السفن التي تنقلها...لكنّ نتنياهو ذهب أبعد من ذلك. فـ«حماس» و«الإرهاب» ما عادا يحتلّان عناوين أمر اليوم العالمي. ونتنياهو، في كلمته المتلفزة أمس، لم يكن يخاطب شعبه بقدر ما كان يخاطب «العالم المتحضّر» لإقناعه بأنّ ما قامت به إسرائيل هو جزء من وظيفتها في المنطقة، تلك الوظيفة التي حدّدها «العالم المتحضّر» نفسه.ولمّا كانت إيران تمثّل كلمة السرّ العالميّة اليوم، كان لا بدّ من التركيز عليها. فالهجوم والحصار يهدفان إلى «منع إيران من إقامة ميناء على المتوسّط يبعد بضعة كيلومترات عن تل أبيب والقدس». وهذا لا يخدم إسرائيل وأمنها وحسب، بل إنّ «المجتمع الدولي لا يستطيع تحمّل ميناء إيراني على البحر الأبيض المتوسّط... بالقرب من إسرائيل، بالقرب من أوروبا». ويضيف نتنياهو: «البلدان نفسها التي تنتقدنا اليوم، عليها أن تعلم أنّها ستكون مستهدفة غداً».نتنياهو، إذاً، لا يطلب من أوروبا أن تتفهّم حقّ إسرائيل بالدفاع عن نفسها بالطريقة التي تراها مناسبة، لكنّه يطلب من أوروبا أن تتركه يدافع عنها. أن تتركه، ببساطة، يقوم بعمله!وإذا كانت أوروبا لا تعي حقاً الخطر الإيراني، فلا بأس من اللعب على وتر حساسية المسألة اليهودية لدى الأوروبيين. فوفقاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي، إنّ السفينة التي ارتُكبت أعمال القتل عليها «لم تكن سفينة محبّة، بل سفينة كراهية»... فقد كان على متنها «أعضاء ينتمون إلى منظمة متطرّفة تدعم منظمة إرهابية تدعى حماس. وقد حملوا معهم سكاكين وأسلحة أخرى. وأنشدوا هتافات ضدّ اليهود».ركّاب أسطول الحرية هم إذاً إرهابيّون، يعملون لمصلحة إيران، وفوق كلّ ذلك، معادون للساميّة.بكلمة أخرى، إنّهم يجمعون المجد من أطرافه.إذا كان هؤلاء لا يستحقّون القتل، فمن يستحقّه؟

خالد صاغية ليس واضحاً بالضبط ما المقصود بكلمة «إنماء». فهي ليست «النموّ»، أي إنتاج مزيد من السلع والخدمات المعدّة للعرض في الأسواق، وهي ليست التنمية، أي تحسين المستوى المعيشي من دخل وتعليم واستشفاء... حتّى «مجلس الإنماء والإعمار» يحمل في اللغتين الفرنسية والإنكليزية اسم «مجلس التنمية والإعمار». ولسبب ما، أُسقطت كلمة «تنمية» واستُبدِلت بـ«إنماء». الأرجح أنّ السلطات اللبنانيّة تؤثر استخدام مصطلح غامض لا يقيّدها بشيء، للدلالة على النيّة الطيّبة أو توفير ظروف ملائمة لزيادة الخير عموماً. هكذا يصبح «الإنماء» هدفاً من أهداف الحكومات المتعاقبة، ولازمةً تتكرّر في خُطب السياسيّين، وصولاً إلى رفعه شعاراً أوحد في الانتخابات البلديّة. فالبلديّات، على ما نسمع كلّ يوم، تُعنى بالإنماء ولا علاقة للسياسة بها. لا بل يستشيط بعض السياسيّين غضباً من إقحام السياسة في هذا الاستحقاق «الإنمائي». فوسط الإجماع على ضرورة إفراغ الانتخابات من معناها، ما كان يمكن إيجاد مصطلح أكثر ملاءمةً لعمليّة التفريغ هذه من الإنماء. فهو، على ما يبدو، يشمل كلّ ما تقوم به البلديّات من زيادة مساحات الباطون، وتوزيع مساعدات اجتماعيّة، وحتّى تعليق لافتات الترحيب بزوّار الأرياف... أمّا في الواقع، فالمعركة ليست إنمائية. التنمية المحلية جزء أساسي من العمل البلدي. وهذه التنمية فعل سياسي بالدرجة الأولى. هل تذكرون الفكرة المجنونة التي راودت بلدية بيروت بإقفال حديقة الصنائع وتحويلها مرأباً للسيارات؟ القرار بإقفال حديقة تماماً كالقرار بإقفال مدرسة. إنّه قرار سياسي نابع من رؤية سياسية ويحتاج إلى حماية سياسية. الذين يغفلون دور السياسة في الانتخابات البلدية، إنّما يريدون إغفال إشراك الناس باتخاذ القرارات التي تخصّهم، وإرغامهم على العيش كما تريد لهم تحالفات فوقيّة تلغي الديموقراطيّة بحجّة «الإنماء».

عدد الاربعاء ٢١ نيسان ٢٠١٠
بيار أبي صعب

لم يكن عليه إذاً أن يفعل شيئاً/ كان عليه أن يتسلق إلى طرف الطريق/ تاركاً وراءه/ حبلاً من الخطى التي فكّها عن قدميه/ وأن يقف هناك كالصاري (...)/ ويترك المصابيح تظلم بالترتيب/ خلف كتفيه». لم يكن عبّاس، ليلة الثلاثاء، يريد أن يفعل أكثر من بطل قصيدته القديمة. حاول أن «يتسلّق» إلى الضفّة الأخرى من «الرينغ» في الظلام الدامس، لأسباب مجهولة وغامضة طبعاً. لكنّه هذه المرّة، لم يتأخّر «بضع دقائق فقط»، كما هي العادة، عن موعده (الثالث) مع السيّارة التي صدمته... دائماً يخرج عبّاس بيضون من جسده ليكتب. يعطينا انطباعاً أنّه يكتب من خارج جسده، أنّه يعيش خارج حياته. يهيم فوقها كالأرواح، يتلصّص على نفسه كما نتلصّص على الآخرين. حياته ليست ملكه: يمكن أن يعيرها، أن يرثيها، أن يهجرها، أن يستبدل بها أخرى، أن يبدّل فيها قطعاً، فهو ميكانيكيّ حياته. «يستيقظ كالعادة/ فيجد الحياة هربت/ لكن الأمر لا يهمّ/ هناك قطع غيار بديلة/ ولا يحتاج إلى كلّ هذه الوفرة ليعيش/ الحياة كثيرة عليه»،

ما الذي أخذك إلى جسر فؤاد شهاب في مثل هذا الوقت يا عم عبّاس؟

كما كتب لبسّام حجّار. الحياة؟ لعلّها أفلتت منه في يوم بعيد، ثمّ تعوّد الفكرة. كان عليه أن يحاول استعادتها في القصيدة، بشكل عابر. أن «يعيرها لخدمه يعيشونها عنه». كان عليه أن يمضي وقته في استعادة كل ما يفلت منه: الوقت، المعنى، المشاعر، الصور، الأفكار الكبيرة، الذكريات. الألم. ملفّ الأخطاء. الوجوه الهاربة التي تسيل في دمه. النص الذي لا يقفله عادة، وكثيراً ما ينسى إكمال الجمل، إذ تضيع التتمّة في غياهب اللغة ـــــ الفكرة، تغرق في خضمّ الصور والمفاهيم. النص، كما حياته، يتركهما مشرّعَين على تأويلات واحتمالات كثيرة، مؤجّلة غالباً.اتصلت جميلة صباح أمس لتقول إنّ صديقنا في المستشفى (مهلاً، قرأت ذلك في قصيدة سابقة). صدمته سيارة، وهو يجتاز جسر فؤاد شهاب، الذي يصل بين البيروتين. ما الذي أخذك إلى جسر فؤاد شهاب في مثل هذا الوقت يا عم عبّاس؟ حتّى قنّاصة الحروب الماضية لا يعملون في الليل. من سريرك المسيّج بجمهوريّة الأصدقاء، سيكون عليك الآن أن تصمد، وأن تتحلّى بالشجاعة. هذا طلب شخصي. لا بدّ لنا من أن نستمرّ قليلاً ريثما نفقأ معاً «عين السيكلوب».

لو مررت بشارع الحمراء، لما تسنّى لك أن ترى «النصب» الخاص بخالد علوان. بطل من لبنان لا يدري به شعب هذا اللبنان. تستطيع أن تذرع أرض شارع الحمراء ذهاباً وإياباً، من دون أن ترى أثراً لتخليد خالد علوان وبطولته. إذ إن اللوحة الكرتونيّة صغيرة واسمه يحتاج إلى مكبّر ليراه المارّة. لوحة تخليد خالد علوان أصغر من لوحة «تخليد» جبران خليل جبران في مدينة بوسطن في «كوبلي سكوار»، التي جعلت منها «النهار» قبل أعوام نصباً عملاقاً

jammoulأسعد أبو خليل*نحتاج إلى أن نعتذر من خالد علوان ومن عائلته ورفاقه. نحتاج إلى أن نجعل من خالد علوان أسطورة في الممات، كما كان أسطورة في الحياة. خالد علوان يجهله تاريخ لبنان. لكن تجاهل علوان مفهوم، لا بل ضروري. تجول في شوارع بيروت ونواحي لبنان، وترى تماثيل ونصباً ولوحات تذكاريّة لرجال ـــــ النساء لا يُكرّمن في لبنان ـــــ من كل حدب وصوب. هذه تماثيل وأصنام عبادة أشبه بمخلّفات العهد الوثني تذكّر بمنجزات مقاول من لبنان رهن بلاده وقضيّة فلسطين لعائلة مالكة. هذه تماثيل وصور ونصب لأسوأ لبناني على الإطلاق: ذلك الرجل الذي خدم في ذلّ الجيش الإسرائيلي في لبنان وكاد هذا الجيش أن ينصّبه رئيساً علينا عنوةً. الرجل الذي كانت زوجته تعدّ لذيذ الأطعمة لأرييل شارون. شاءت آنذاك ـــــ كما روى هو في مذكّراته ـــــ أن يكون هو ضيفها الأول في القصر الرئاسي. القصر الرئاسي؟ قصر العار تقطن فيه وحدها. وصول آل الجميّل إلى قصر الرئاسة أصعب من فرصة حصول سعد الحريري على جائزة نوبل للفيزياء. شوارع وجادات سُميَت بأسماء مُستعمرين وحكام أجانب متسلّطين (تخلّد شوارع بيروت الممتازة أسماء الرجل المستعمِر الأبيض، فيما تتجاهل المُستعمِر التركي لأنه ليس أوروبيّاً ليُكرَّم. حتى المُستعمرون درجات في بلد التراتبيّة العنصريّة والطبقيّة). وحلفاء الصهيونيّة من اللبنانيّين ـــــ من رؤساء للجمهوريّة ووزراء ونوّاب ومطارنة ـــــ يُخلّدون في أسماء شوراع وجادّات ونصب تذكاريّة ولوحات ومهرجانات يتمثّل فيها الرؤساء الثلاثة ـــــ لم نقل الآفات الثلاث. مَن ناصر الحركة الصهيونيّة ومَن عقد اتفاقيّة رسميّة معها، يحظَ بتكريم طوابع وساحات، فيما يقف خالد علوان وحيداً أبيّاً. فليقف خالد علوان وحيداً وأبيّاً. مكانه ليس بينهم، وصورته يجب أن تكون بعيدة مسافة أميال عن هؤلاء. قف وحيداً وأبيّاً يا خالد علوان.يقف خالد علوان الشهم على عمود كهرباء. لوحته صغيرة وتبدو كأنّها أعدّت على عجل في كومبيوتر من قبل من تعلّم تشغيل الآلة

قبل أشهر فقط. تلك اللوحة الصغيرة استكثروها على خالد علوان. صبية من أتباع العائلة التي سيطرت على الدولة بمالها ونفوذ آل سعود احتشدوا قرب اللوحة لإزالتها. أرادوا أن ينزعوا عن شارع الحمراء فخره وزهوه وأحلى زينته. هؤلاء يزيّنون شارع الحمراء بصور أمراء النفط المُلوّثين. هؤلاء الصبية، أو رفاق لهم في البقاع، هتفوا تأييداً لزياد الحمصي عندما اعتقل. كان ذلك عندما اعتبرت شدا عمر على شاشة «إل.بي.سي» أن اعتقاله يساهم في تأجيج الصراع المذهبي. امتعضت شدا عمر لاعتقاله، وعلى الهواء. اللوحة الصغيرة لخالد علوان تعرّضت لأكثر من اعتداء. بعض من أوغاد (حلفاء إسرائيل أو حلفاء حلفاء إسرائيل، لا فرق) حاولوا أن يُتلفوا اللوحة الصغيرة بما توافر لهم من دهان في ظلام الليل. ثم هناك «كريستوفر هتشنز» (من أبشع نماذج التحوّل من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين في أميركا، لكن لدينا من تلك النماذج في صف قريطم الكثيرين والكثيرات) الذي حاول ثملاً أن يُتلف هو أيضاً اللوحة. «هتشنز» لا يقرأ العربيّة لكنه أتى إلى لبنان لهدف سياسي. هذا الرجل الأبيض الذي أتى إلى لبنان بدعوة من مجموعة «كوانتم» (وما أدراكم ما «كوانتم» في لبنان) كي تتبيّض صفحة ثوّار (حرّاس) الأرز قبل الانتخابات النيابيّة الفضيحة التي رجّحها على مذاقه الأمير مقرن. لم يعلم هتشنز من هو خالد علوان هذا. لكن خالد علوان يعلم من هو. لا يحتاج لتفسيرات وبيانات ونشرات مدائح ــــ بالأجر من الرجل الأبيض أو من مندوبيه في الصحافة السعوديّة في بلادنا. قدرة «هتشنز» على تلويث صورة علوان هي بقدرة «أبو مازن» على تشويه نضال غسان كنفاني، مثلاً.

يريدون من خالد علوان أن يذهب بعيداً. يريدون أن ينفوا خالد علوان. يذكّرهم بما يريدون أن ينسوا. يريدون أن يطمسوا حقبة من التاريخ، وطمس تلك الحقبة واجب وطني. واجب كي ينسى الناس العلاقة بين رفيق الحريري وأمين الجميّل في عهد 17 أيار. واجب كي ينسى الناس أن أمين الجميّل الذي يعظ اليوم في شأن المقاومة وشأن القضيّة الفلسطينيّة ووضع الفلسطينيّين في لبنان هو الذي أرسل أنطوان فتّال للتوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقيّة 17 أيار مع ديفيد كمحي (خرّيج الموساد) الذي انتدبته إسرائيل للمفاوضة مع لبنان إمعاناً في إذلال عهد أمين الجميّل الذليل (من ناحية انصياعه للمشيئة الإسرائيليّة). واجب من أجل أن ينسى لبنان أن الطبقة السياسيّة السائدة، بشخص صائب سلام وكامل الأسعد وفيصل أرسلان وسليمان العلي وعليا الصلح ــــ أي بقايا بقايا الإقطاع السياسي أو تشويهاته وتنويعاته ــــ أسبغوا بدعم من سعود الفيصل «شرعيّة» ــــ لم يكونوا يمتلكونها ــــ على بشير الجميّل، أسوأ لبناني على الإطلاق. واجب نسيان تلك الحقبة كي ننسى أن جريدة «النهار» نظرت بشخص صاحبها، غسان تويني («مُنسِّق المفاوضات اللبنانيّة ــــ الإسرائيليّة) من أجل وقف مقاومة إسرائيل ومن أجل الترويج لاتفاقيّة 17 أيّار، وساعد في ذلك الترويج، داود الصايغ نفسه، الذي انتقاه الحريري مستشاراً خاصاً تقديراً له على جهوده، كما انتقى جوني عبده مستشاراً ربما تقديراً لاستضافته أرييل شارون في منزله أثناء العدوان على لبنان عام 1982.لا أظن أن خالد علوان يكترث لتكريم الدولة أو لظهور رموز دولة مسخ الوطن الذين هرعوا من دون تثاقل لتكريم الشريك الأصغر للصهيوني اليميني، روبرت مردوخ، عندما أطلّ أميريّاً لافتتاح فندق سيكون مرتعاً لأثرياء النفط الذين يسقط بعضهم ضحيّة الإفراط في اللذّة في أجنحة رئاسيّة بالفنادق الفخمة في بيروت. خالد علوان لا يحتاج إلا لتكريم رفاقه والمقاومين. خالد علوان لا يحتاج إلا إلى مقاومين ومقاومات: يحتاج لمن يحرص على الحض ضد الصهيونيّة، في أرضنا وفي عقولنا وفي مخادعنا. تكريم خالد علوان الحقيقي يكون في طرد آخر جندي إسرائيلي من كل الأراضي العربيّة ومن فلسطين، طبعاً. تكريم خالد علوان يكون في معارضة تكريمه على أيدي رموز دولة 17 أيّار وبقاياها في لبنان.خالد علوان في صورته الصغيرة على لوحته التكريميّة يختفي وراء نظارات، لكنه يرقب ما يدور حوله. يتفحّص المارّة ويقرأ ما يقع على الأرض من صحف. خالد علوان هو الذاكرة لوقائع مواجهة إسرائيل: يوم غيّر كامل الأسعد رأيه عن جواز عقد جلسة انتخاب رئاسيّة في ظلّ احتلال بعد جلسة إقناع مع ميشال المرّ (الذي ردّ بالقول إنه غيّر رأيه بعدما انتزع مواقف من رئيس لبنان المُعيّن من احتلال إسرائيل). خالد علوان اختزن من الوطنيّة والهمّة ما في كل المزاعم الرسميّة والميليشاويّة عنهما. هذا الذي لم تصدّق عيناه أن صفاقة المُحتلّ الإسرائيلي دفعت بجنوده وضبّاطه للتسكّع في مقاهي الحمراء. استطاع المُحتل النازي أن يتسكّع في مقاهي باريس أثناء الحرب العالميّة الثانيّة، وأن يتجاور مع كوكبة من المُثقّفين الفرنسيّين، لكن خالد علوان من طينة أخرى. خالد علوان خطّط ونفّذ وفكّر وقاوم وحرّر. خالد علوان مدرسة، لمن يريد أن يتعلّم، في الجيش والشعب (لا تحتاج المقاومة لدروس في المقاومة). خالد علوان رفض التسكّع في المقاهي إلى جانب المحتلّ الإسرائيلي.خالد علوان مثله مثل «الرجل الخطير» لم يقبل بتغييرات المرحلة الإسرائيليّة المفروضة. رفض التقويم الصهيوني في تاريخ لبنان والمنطقة. ماذا حدث لقميص خالد علوان الذي ارتداه وهو ينفّذ القصاص ضد أوغاد الاحتلال الإسرائيلي في مقهى الويمبي؟ هذا القميص يمكن أن يكون في صدارة مقتنيات المتحف الوطني. تستطيع أن ترمي في سلّة المهملات كل ما يحوي المتحف الوطني من آثار فينيقيّة ترتبط بسياق السرديّة الانعزاليّة لتاريخ لبنان، وأن تُبقي قميص خالد علوان. قميص خالد علوان: لعلّه لا يزال يقطر دماً. من يأتي بقميص خالد علوان؟ لكن الياس الهراوي معروف أكثر من خالد علوان (وجائزة الياس الهراوي ذهبت للبطريرك الماروني، كأن يحوز سعد الحريري جائزة هاني حمّود). وصبية تيّار الحريري استكثروا أن يُقام تخليد في لوحة صغيرة لخالد علوان. هذا الذي أراد بنفسه وبيده أن يعكس التاريخ يومها. ماذا عساه يقول اليوم؟ماذا عساه يقول وهو يلاحظ أن إسرائيل لم تخرج من لبنان بعد؟ ماذا عساه يقول وهو يشاهد زمرة 14 آذار تهبّ منتفضة في رفضها التغطية الإعلاميّة لقضيّة المُتهم بالعمالة لإسرائيل؟ وإلياس المرّ (الذي أسهم أكثر من غيره في جعل منصب الوزارة في لبنان أضحوكة للأجيال، وللأبد، والذي ينتظر كل شهر طائرات من بلد مختلف، واعداً لبنان بطائرات ورقيّة لدعم سلاحه الجوّي) يضيف أن بعض الإعلام أورد معلومات غير دقيقة عن مُتهم بالعمالة لإسرائيل. أرغت وأزبدت علية 14 آذار، وسامي الجميّل، الذي يحاول إعادة تقليد عمّه البائد، وجدها مناسبة لشدّ العصب الطائفي الذي تخصّص حزبه المُنقرض فيه، مع أن الحزب يتمتّع برعاية من الأمير مقرن، مثلما تمتّع إبّان الحرب برعاية سعوديّة رسميّة لمواجهة الملاحدة في الحركة الوطنيّة اللبنانيّة. لم ندر ما أزعج 14 آذار في تغطية قصّة العميل الإسرائيلي المُتهم، والمزروع في أكثر الأجهزة أهميّة بالنسبة للعدوّ. لماذا تضايق فارس سعيد ــــ هذا المُستميت للعودة إلى الندوة النيابيّة دون مساعدة من صديقه رستم غزالة ــــ من اعتقال عميل إسرائيلي زرع أذناً وآذاناً لإسرائيل في كل بيت في لبنان وفي كل مخدع؟ ولماذا أشار إلى «اسم»؟ هل كان يقصد أن القبض على عملاء إسرائيل يجب أن يخضع لكوتا طائفيّة؟ هل قصد أن اسم العميل ينعكس سلباً على معنويّات طائفته أو من يؤجّج باسمها؟ ماذا قصد فارس سعيد العائد للندوة النيابيّة متى عاد رستم غزالة إلى لبنان؟ ماذا يريد فارس سعيد من الدولة أن تفعل في تعاطيها مع عملاء إسرائيل الذين لم يُعدم منهم واحد، حرصاً على العلاقة مع أميركا؟ماذا عسى خالد علوان يقول وهو يلاحظ أن أمين الجميّل هو نفسه، وأن بعض الشخصيّات هي نفسها من تلك الحقبة؟ سمير جعجع المتحالف جهاراً مع إسرائيل آنذاك، يحظى اليوم برعاية ودعم من النظاميْن المصري والسعودي. إنها العروبة، أو العروبة الحضاريّة كما يسمّيها فؤاد السنيورة الذي مثّل في تجربته في الحكم مناسبة لإعادة النظر في مسيرة سامي الصلح في عهد شمعون، لأن السنيورة تجاوزها بأشواط. فؤاد السنيورة بطل تدمير مخيّم نهر البارد يخطب في موضوع الحق الفلسطيني في لبنان؟من منكم يقف تحيّة إكبار وتقدير لخالد علوان عندما يسير في شارع الحمراء؟ هل منكم من يمشي في شارع الحمراء ولا يفكّر في خالد علوان؟ هل كان بإمكانكم (وإمكانكنّ) أن تسيروا في شارع الحمراء لو لم يقم خالد علوان بعمله البطولي؟ من منكم وقف وأخذ صورة مع صورة خالد علوان؟ كيف يمكنكم أن تمشوا في شارع الحمراء دون أن تربّتوا على كتف خالد عنوان؟ أيها الوطنيّون اللبنانيّون اللاهجون بحمد مسخ الوطن والذاهبون في الشوفينيّة إلى حدّ الجنون، أنتم مدينون لخالد علوان أكثر من غيركم. خالد علوان لم يناضل من أجل طائفة أو من أجل عصابة. خالد علوان هو من ناضل من أجل شعبه وفي بقعة أرض أكبر من أن تُختصر في مسخ وطن الأرز. خالد علوان يستحقّ يوماً وطنيّاً وطابعاً بريديّاً وحديقة عامّة وجادات عريضة ومباني وقاعات ومدارس ثانويّة وخاصّة باسمه. لكن خالد علوان لن يحظى بأي من هذا لأن خالد علوان لم يكن صاحب مليارات، ولم يتآمر ضد وطنه مع تيري رود لارسن، ولم يحظ بعطف ديك تشيني ولم يخلّد نفسه (ويحسب أن ماله خلّده) في طيّارة خاصّة. لا، خالد علوان من طينة غير تلك الطينة. خالد علوان لم يبع ولم يشتر ولم يقتل بأمر من أحد.قفوا أمام لوحة خالد علوان وأدّوا التحيّة. عانقوا العمود المتواضع الذي يحتضن اللوحة المتواضعة. اجعلوا من وجوهكم غطاءً لصورة خالد علوان. احموا صورته من أشعة الشمس في الأيام الحارّة. تذكّروا إرث خالد علوان وحافظوا عليه. لقد أدّى قسطه، فماذا أنتم فاعلون (وفاعلات)؟ إنزل من لوحتك يا خالد علوان. عملاق أنت لا تليق بك تلك اللوحة المتواضعة. لو ذوّبنا كل تماثيل الأثرياء والمتملّقين والصعاليك والمستعمرين الذين يملأون الساحات العامّة في مسخ الوطن، لما توافرت المادة المناسبة لصنع تمثال لك. تمثالك حدّه السماء واللانهاية. أنت يا خالد علوان منسي عن قصد: قصتك يا خالد عنوان فيها من العنفوان والشجاعة والهمّة والإقدام ما يتناقض مع قيم الذلّ والخنوع والطأطأة التي عليها أنشأ المُستعمِر مسخ الوطن هذا. كل تلك الصور والملصقات، ولا واحدة لك يا خالد علوان؟ أأسأت إليهم بعلمانيّتك وتواضعك؟ أكان عليك أن تقتني طائرة خاصة أو اثنتين قبل أن تطلق رصاصك في شارع الحمراء كي يتذكّرك الوطن؟وصبية الحريري الذين اعترضوا على تكريمك، ماذا تقول لهم؟ أتسألهم عن سبب تبرّمهم؟ ألأنك لست من طينة البكّائين المُحترفين والمُصفّقين المتجوّلين والهتّافين المغفّلين؟ هل ضايق هؤلاء أنك يا خالد علوان رفضت الزمن الإسرائيلي مثلما رفضه أياد نور الدين المدوّر و«الرجل الخطير»؟ من حاول أن يطلي لوحتك بالدهان يا خالد علوان؟ لقد فرّ الإسرائيليّون مذعورين منك يا عملاق بيروت؟ هل خاف حلفاء حلفاء إسرائيل أن يفرّوا هم خوفاً منك في مماتك؟ لا تغفر لهم يا خالد علوان، هؤلاء يدرون ما هم فاعلون بأيديهم الملطّخة. ولماذا رفضت لوحة خالد علوان

المتواضعة أن تتلوّث بالدهان فيما تلوّثت أيدي الفاعلين؟ ما يعني هذا يا خالد علوان غير أنك فوق الزمان والمكان؟ بلديّة بيروت كرّمت محتّلين ومتسلّطين وأعطت ــــ بأمر من رفيق الحريري ــــ مفتاح بيروت لغازي كنعان. لكن ماذا أعطتك بلديّة بيروت يا خالد علوان؟ شارل مالك الذي كان يتبادل قصاصات مزاح مع أبا إيبان عندما كان يُفترض أن الأول كان يمثّل الحق العربي في فلسطين في الأمم المتحدة حصل اسمه على جادة، كما أن فؤاد بطرس ــــ نقيضك يا خالد عنوان ــــ حصل هو أيضاً على تكريم في شارع فسيح. عندما كنت تطلق الرّصاص على المحتلّين كان فؤاد بطرس يحشر المقاومة الفلسطينيّة في لبنان ويساهم ــــ من دون علم أو إرادة أو قصد طبعاً، لأن غير ذلك يعني مساعدة الاحتلال الإسرائيلي في لبنان وهو بعيد عن ذلك طبعاً ــــ في تحقيق أهداف بشير الجميّل في لبنان.إمش يا خالد علوان في شارع الحمراء. هل ستتبيّن معالم الشارع الجديد؟ صحيح أنك ساهمت في طرد الغزاة الصهاينة لكنهم تركوا وراءهم حلفاء ووكلاء في مؤسّسات رسميّة وخاصّة. قد تقع على شعارات حركة 14 آذار يا خالد علوان: إنها حركة تأسست لمقاومة مقاومة إسرائيل. تلك الحركة التي تحظى ببركة الأمير مقرن تقول ما يلي: إن إسرائيل عدوّ ولمواجهة تهديداتها المستمرّة للبنان يجب أن يُنزع سلاح مقاومي إسرائيل من لبنان كي يتسنّى لإسرائيل ــــ وهي عدوّ كما تقول أدبيّات 14 آذار ــــ أن تقتل وأن تجتاح متى تشاء من دون أي وازع أو رادع أو مواجهة. هؤلاء ورثة بشير الجميّل يا خالد علوان.كيف مشيت في شارع الحمراء عندما أطلقت رصاصك على المحتلّ؟ كيف حدّقت إلى وجوه المارّة؟ هل أصابك الحنق وأنت ترى بعض اللبنانيّين يتسكّعون في المقاهي جنباً إلى جنب مع جنود المُحتلّ؟ هل خافوا منك يا خالد علوان؟ من يخاف منك إلا أعوان إسرائيل في لبنان؟ لم يعطوك مفتاح بلديّة بيروت، استكثروا عليك لوحة وضيعة تحتاج لحراسة «خاصّة» لأن هناك من يريد أن يقتصّ من لوحة تكرّم مُقاوماً شجاعاً. يَراكم خالد علوان عندما تتجوّلون وتتسوّقون في شارع الحمراء، فهل أنتم ترونه؟صمتَ خالد علوان في الحياة ونطقَ في الممات. شارع الحمراء؟ لا، إنه شارع خالد علوان، منذ عام 1982

نفّذت وزيرة المال ريّا الحسن تهديداتها لمديرة المحاسبة العامّة بالتكليف، رجاء الشريف، فأصدرت مذكّرة أمس قضت بإعفائها من منصبها وتعيين أحد الموظفين المحسوبين على النائب أحمد فتفت محلّها، هو زياد الشيخ تأتي خطوة الحسن رداً مباشراً على البيان الذي أصدره ديوان المحاسبة أول من أمس، وتضمّن معطيات مثيرة تنبئ بحصول عمليات تزوير جارية في الحسابات المالية للدولة عن السنوات الماضية، والتي كان للشريف، على ما يبدو، دور مهم في الكشف عنها عبر مراسلات إلى رئيسها المباشر والأجهزة المعنية، ومنها ديوان المحاسبة نفسه. وكانت الشريف قد كُلّفت بمهماتها على رأس مديرية المحاسبة العامّة في وزارة المال في أيار الماضي، بعد شغور هذا المنصب، وجاء تكليفها بناءً على التراتبيّة الوظيفيّة، باعتبارها الأعلى رتبة بين زملائها والأقدم والأكفأ... إلا أن الشريف رفضت كل الإغراءات التي قدّمت لها من أجل الخضوع للفريق المهيمن على الوزارة، وأصرّت على الالتزام بواجباتها وعدم مخالفة القوانين وأنظمة العمل، فتعرّضت لمضايقات جمّة موثّقة في مراسلاتها المذكورة، ومنها تهديد مباشر من مستشار الوزيرة الحسن، نبيل يموت، وهو وزير المال الفعلي، الذي قال لها مرّة: «اشتغلي معنا، وإلّا رح طيّرك من شغلك».

لم تأبه الشريف لهذا التهديد، فالأستاذة الجامعية الحاصلة على إجازة في الحقوق، أدركت منذ البداية أن قبولها بإدارة المحاسبة العامّة يفرض عليها التحلّي بالجرأة، في الظرف الحالي على الأقل، فعملت منذ البداية على تطوير إمكانات هذه المديرية، ولا سيما في مجال زيادة عدد العاملين في مجال التدقيق المحاسبي، وعمدت الى تكرار طلباتها من المديريات الأخرى المعنية لإعداد حسابات المهمّة العالقة منذ عام 2001، والتي تُعتبر ضرورية لإجراء المطابقة بينها وبين قطع الحساب لكل سنة، وبالتالي كشف أي تزوير أو تلاعب بنظام المعلوماتية، الذي أنشأه يموت نفسه عندما كان مستشاراً لوزير المال فؤاد السنيورة... وهذا ما أحدث إزعاجا كبيراً للفريق المسيطر على الوزارة، والساعي الى استمرار حال الفلتان والفوضى فيها، تحقيقاً لأهداف سياسية ومصالح شخصية وخاصة تندرج في إطار السطو على المال العام وقبول الرشى ومحاباة المكلّفين بالضرائب لقاء عمولات وأتاوات شتى.

إلا أن الإزعاج الأكبر، الذي أحدثته الشريف، كان بإقدامها على إرسال قطع حساب سنتي 2006 و2007 إلى ديوان المحاسبة، في الوقت الذي كانت فيه الوزيرة الحسن تدّعي أن وزارة المال عاجزة عن إنجاز هذا الموجب الدستوري لتبرير مشروع قانون إحالته على مجلس الوزراء يطلب إعفاءها من ذلك، كما عمدت الى إعادة إرسال قطع حساب سنة 2005 مرفقاً بلائحة طويلة من التحفّظات والملاحظات الجدّية، ولا سيما لجهة وجود فروق في الحسابات المذكورة ناتجة من عمليات تلاعب وتزوير هدفها إخفاء حجم الإنفاق العام ووجهته، وقد فضحت طبيعة نظام المعلوماتية الذي صممه يموت، بما يتيح الدخول إليه وإجراء التعديلات والتغييرات في أي وقت خلافاً لمعايير مسك الحسابات، وينطبق ذلك بوضوح على قطح حساب سنة 2008، إذ إن الفروق الواضحة بين أرقام مديرية الصرفيات وأرقام مديرية الخزينة حالت حتى الآن دون تقديمه إلى ديوان المحاسبة وهو ما دفع بالديوان الى إصدار بيانه أول من أمس، إذ كشف فيه عن فضيحة مفادها أن الوزيرة الحسن طلبت شفهياً من الديوان استرداد قطع حسابات السنوات 2005 و2006 و2007، «بغية إعادة صياغتها مجدداً»، ولما طلب الديوان منها تقديم كتاب خطي بالاسترداد، لم تفعل، لكنها لجأت الى «إرسال قطع حساب سنة 2005 مرة ثانية الى ديوان المحاسبة، مغاير للأول!». وقد طالب ديوان المحاسبة وزارة المال في بيانه المذكور بإيداعه قطع حسابات الموازنة عن السنوات الماضية، بما فيها قطع حساب سنة 2008، بالإضافة الى حسابات المهمة العائدة الى السنوات من 2001 إلى 2008، وذلك بعد التدقيق فيها من مديرية المحاسبة العامة لدى الوزارة عملاً بأحكام المرسوم رقم 3373 تاريخ 11/12/1965 (تحديد أصول تنظيم الحسابات المالية ومهلها)، لأنه يستحيل على ديوان المحاسبة، من الناحيتين الحسابية والعملية، أن يدرس قطع حساب سنة معينة ويدقق فيه بمعزل عن حساب المهمة العائد الى السنة عينها. وقال البيان «إن عدم إرسال وزارة المال حسابات المهمة الى ديوان المحاسبة منذ سنة 2001، حال عملياً دون تمكّن الديوان من تدقيق قطع حسابات الموازنة وفقاً للأصول». ويقول مصدر مطّلع في ديوان المحاسبة لـ«الأخبار» إن بيان الديوان واضح بدعمه الشريف، التي كان لها الدور البارز في تنبيه الديوان الى المخالفات الجارية في وزارة المال، وبدلاً من مساندتها لإنجاز واجباتها من أجل تحقيق معالجة قانونية ونظامية لمشكلة حسابات السنوات الماضية، عمدت وزيرة المال الى معاقبتها، وتعيين لجنة خاصّة لتغطية المخالفات التي كشفت عنها، وهذه اللجنة مكوّنة من مديرة الخزينة، موني خوري، والصرفيّات، عليا عبّاس، والموازنة، جوزيان سعد، وزياد الشيخ نفسه، الذي كُلّف برئاسة هذه اللجنة على الرغم من أنه موظف من الفئة الثالثة بينما الأعضاء الآخرون من موظفي الفئة الثانية... واللافت أن اثنين من أعضاء هذه اللجنة، على الأقل، هما موني خوري وعليا عبّاس، هما من المديرين المسؤولين عن المخالفات المرتكبة، وقد أشار الديوان الى مسؤوليتهما بطريقة غير مباشرة، ولا سيما مديرة الخزينة التي قال الديوان إنها لم تقم بواجباتها المفروضة عليها قانوناً، والتي تقضي بإيداعه حسابات المهمّة منذ عام 2001. ورغم ذلك، جرى دعم مديرة الخزينة، فيما أعفيت مديرة المحاسبة العامّة من مهمّاتها، لانها كانت تطلب من خوري باستمرار أداء عملها وتقديم حسابات المهمّة المتأخّرة ليتسنّى لها مطابقتها مع قطع الحساب. الجدير بالإشارة أن إعفاء الشريف من منصبها استبق تحقيقاً يفترض أن يكون التفتيش المركزي قد بدأه أمس في وزارة المال، وذلك على خلفية إلغاء الوزيرة الحسن تدابير عقابية بحقّ مديرة الخزينة ومدير مركز المعلوماتية جورج ضاهر بسبب عدم إنجاز حساب المهمة وقطع الحساب والدخول الى نظام المعلوماتية للتلاعب بالحسابات وأوامر الدفع وبيانات القبض بهدف إخفاء المعلومات التي تدين مسؤولين كباراً حاليين وسابقين. فهل سيجري التغاضي عمّا يحصل في وزارة المال كالعادة؟ أم أن إزاحة الشخص الذي يتولّى التدقيق والتصديق على الحسابات ستحرّك من يدّعي الحرص على كشف الحقيقة، كل الحقيقة؟ وما هو موقف المشاركين في الحكومة ومجلس النوّاب من إحكام «عصابة» سيطرتها على المديريات الرئيسة في وزارة المال؟ (الأخبار)

عدد الخميس ٧ تشرين الأول ٢٠١٠

نحاس: صناعة المحتوى ستنتقل لتسويق الخدمات العامةبين أزمة البطالة المنتشرة بين شباب لبنان، وعدم قدرة السوق اللبنانية على استيعاب الكفاءات والأفكار الجديدة ما يدفعها إلى الهجرة، تنساب بعض المبادرات الشبابية لتكسر الجمود الحاصل، ولتخلق مساحة أمل لها للبقاء في لبنان... آخر هذه المبادرات، إطلاق شركة «شبابية» جديدة أطلق عليها اسم I-LIMITS، وتكمن مصادر تميّزها في السعي نحو إدخال لبنان إلى ساحة «السوق الإلكترونية»، عبر مشروع يقوم على محرك بحث يُعتمد للمرة الأولى في الشرق الأوسط، يستطيع أن يمثّل حلقة وصل بين التاجر والمستهلك بطريقة تعتمد الشفافية والوضوح، إن كان من حيث نوع السلع أو أسعارها أو طريقة الحصول عليها. وأولى حلقات محرك البحث هذا هي Daweronline المختص ببيع السيارات وشرائها على الإنترنت. وأشار وزير الاتصالات شربل نحاس خلال مؤتمر عقد، أمس، لإطلاق الموقع الإلكتروني الجديد إلى أن المشروع يمثّل عينة من المنتجات التي يمكن أن يطلقها الشباب اللبناني، وخصوصاً على صعيد المحتوى، إذ يوفّر هذا المشروع التفاعل بين المورّد والمستهلك على شبكة الإنترنت، بحيث يجمع الموقع عدداً كبيراً من معارض السيارات، كما يرتكز المشروع على فكرة تسويقية تسهم في التشجيع على المنافسة بطريقة أكثر وضوحاً بين عارضي هذه السلعة. لافتاً إلى أنّ المشروع الذي يُطلَق اليوم يمثّل عيّنة من المنتجات التي يمكن أن يطلقها الشباب اللبناني، وخصوصاً على صعيد المحتوى.ولفت نحاس إلى أن البرمجة من الخدمات الأساسية التي تمتلك إمكانات تطويرية واسعة على الشباب اللبناني أن يستغلها، وإذا كان المشروع الحالي يستغل هذه الخدمة للتسويق التجاري الإلكتروني، فإن طاقات التطوير تبقى واسعة لتشمل خدمات كثيرة وأساسية.ورأى نحاس أنّ لبنان يستطيع أن يصبح مرجعية ليس فقط على مستوى التشغيل، بل على مستوى المحتوى كذلك، ليصبح مصدراً لها بدلاً من أن يكون مستهلكاً لها، وخصوصاً مع وجود بنى تحتية قادرة على تحمّل التطويرات المفترضة. وأضاف إنه يوجد انتقال تدريجي نحو التطور التكنولوجي، ونحو توسيع السوق التكنولوجية في لبنان، والتنافس على المحتوى عبر الاعتماد على الأفكار الجديدة، وهذا التوجّه ضروري لتحسين موقع لبنان على المستوى الدولي. وأشار إلى أنه يمكن التعاون بين القطاعين العام والخاص على صعيد صناعة المحتوى، إن كان في مجال التجارة الإلكترونية أو على صعيد الخدمات التي تعنى بحاجات المواطنين، منها الصحة والتعليم وغيرهما.وأوضحت حنين الشمالي في افتتاح مؤتمر إطلاق الموقع أن هذا الاقتصاد الهش، لا يعتمد الإنتاج في بنائه، وحين يعتمده يكون هذا الإنتاج متخلّفاً، ويخسر في لعبة التنافس. فنهرب منه إلى الاستهلاك المفرط، «لكننا قررنا العمل على إنتاج المعرفة، وطرقنا باب التكنولوجيا لنكسر الاحتكار، ونتحول من مستهلك لتكنولوجيا المعلومات إلى منتج ٍ لها».ولفت سمير شعيتو إلى أنّ Daweronline يقدّم أوسع قاعدة بيانات عن سوق السيارات في لبنان، عبر تضمين هذه القاعدة جميع السيارات المعروضة للبيع في كل المعارض على الأراضي اللبنانية. كما يجري تحديث دوري ودائم للمعلومات المتعلّقة بكل معرض على حدة، من خلال فريق عمل متخصص. إضافةً إلى أنّ الموقع يسمح للمتصفحين والمستخدمين باختيار موقع السيارة المطلوبة وتحديدها بسهولة تامة من خلال خدمة «Google map».فيما لفتت مديرة التسويق، هناء يحيى، الى أن هذا الموقع يأتي من ضمن مجموعة من المواقع الإلكترونية، التي تشمل جميع القطاعات في كل المناطق اللبنانية، المعنية مباشرةً بالمواطنين وحاجاتهم الأساسية، حيث سيجري جمعهم بمحرك بحث نوعي يُعيد نتائج تتعلّق بالمواقع والقطاعات المحلية حصراً. وشدّد مهندس الموقع، وليد الهادي، على أنّ جميع المواطنين سيبتاعون كل حاجياتهم، الأساسية منها والثانوية، عبر الإنترنت، و«أنّ أسعار السلع ستصبح في متناول المواطنين، وستكون منافسة لخفض الأسعار، وسيتعزز الدور الرقابي ذاتياً كان أم عاماً».(الأخبار)

على الرغم من سقوط مشروع التعديل الدستوري لخفض سن الاقتراع بامتناع 66 نائبا عن التصويت لصالحه، واقتصار المؤيدين على 34 نائبا، فان أحدا من النواب لم يصرح بأنه ضد المشروع، إذ تراوح الأمر بين «مع ولكن» وهم أكثرية 66 نائبا، وبين التأييد الذي اقتصر على 34 نائبا، استنكر بعضهم إسقاط المشروع واعتبروا ذلك خطوة الى الوراء. فقد أشار عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري «الى ان خفض سن الاقتراع الى 18 عاما يحظى بتأييد جماعي من قبل المجلس النيابي»، لكنه شدد «على ضرورة ربط هذا التعديل الدستوري بنقطتين: أولا أن يكون هذا التعديل ابتداء من 2013، ثانيا: آلية اقتراع المغتربين». كذلك، أعلن النائب مروان حمادة انه «مع خفض سن الاقتراع ومع آلية اقتراع المغتربين وان فصل الموضوعين هو أمر خاطئ من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري». وقال الرئيس نجيب ميقاتي: لقد صوت وزميلي في «كتلة التضامن» النائب أحمد كرامي في مجلس النواب تأييدا لخفض سن الاقتراع الى 18 عاما، انطلاقا من قناعتنا الثابتة بوجوب إعطاء الشباب اللبناني فرصة المشاركة في بناء الدولة ورسم صورة الحاضر والمستقبل. أضاف: «لقد ضمنت مشروع القانون الذي تقدمت به سابقا من الهيئة الوطنية الخاصة بقانون الانتخاب، برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس، فقرة خاصة تدعو الى «خفض سن الاقتراع الى 18 سنة وتمكين اللبنانيين غير المقيمين في لبنان من الاقتراع في الخارج»، لأنني أعتبر أن حرمان هؤلاء الشباب من هذا الحق يشكل انتقاصا فاضحا من حقوقهم الوطنية والمدنية». وتابع: «بقدر ما آلمنا المنحى الذي سلكه هذا الاقتراح في مجلس النواب، مما أدى الى سقوطه، فإننا نرى ضرورة تجاوز كل الملابسات التي رافقت هذا التصويت وتوفير المناخات المناسبة لإعادة درس هذا الاقتراح، مع يقيننا بأن تمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج والراغبين في ممارسة حقهم في التصويت بالانتخابات هو أمر ضروري». كذلك، أكد النائب هاني قبيسي ان موضوع خفض سن الاقتراع لن يؤدي الى أزمة سياسية. ورأى ان ما هو مطروح مشروع حضاري لا يجب ربطه بأي موضوع آخر أو رهنه باعتبارات سياسية معينة. وقال النائب حسن فضل الله: «أقول للشباب اللبناني إن الكثير من الشعارات التي تسمعونها قد سقط اليوم في هذا المجلس من خلال موقف الرفض ممن وافق في السابق على حق الانتخاب للشباب. واليوم قدمنا صورة غير إيجابية أمام برلمانات العالم وأمام الرأي العام اللبناني والشباب اللبناني، وقد تراجعنا خطوة الى الوراء في ما يتعلق بإعطاء الشباب الحق في الاقتراع». كما أسف عضو كتلة الحزب القومي السوري الاجتماعي النائب مروان فارس لما حصل، ورأى «أن ذلك سيعيد تشكيل الحياة السياسية في لبنان، علما أنها في حاجة الى إعادة تشكيل، لكن ليس على القواعد الطائفية ولا على القواعد المذهبية ولا على القواعد العائلية». واعتبر الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني د. خالد حدادة، انها «مرة جديدة، يؤكد حماة النظام الطائفي، في لبنان تمسكهم بمصالحهم الخاصة على حساب الوطن ووحدته، على حساب المستقبل وحق الشباب اللبناني بوطن ديموقراطي، لا يؤجل الحروب الأهلية ويؤمن السلام، بل يلغي أسباب تجدد الحروب الأهلية ولو بعد قرون». ورأى «إن اليوم سيشكل يوم عار جديدا لما يسمى الديموقراطية التوافقية اللبنانية، يضاف الى عار تاريخها الذي كلف اللبنانيين عشرات الآلاف من الشهداء المهاجرين والجرحى... والذي كلف الوطن سيادته واستقلاله وكلفه ايضاً احتلالاً لأرضه وتآمراً على حقه بالمقاومة والصمود». أضاف: إن حزبنا إذ يعلن تمسكه بحق الشباب، كما حق كل اللبنانيين في الداخل والخارج، كما حق المرأة بجنسيتها لها ولأولادها، يدعو الشباب اللبناني الى استمرار النضال». واعتبر النائب السابق الدكتور أسامة سعد أن «السبب في سقوط المشروع، هو الاعتبارات المذهبية والطائفية، وأنه بوجود هكذا اعتبارات لا يمكن للبلد أن يتطور أو أن يصل الى إصلاحات حقيقية». ودعا «الشباب اللبناني للتحرك من أجل المطالبة بحقهم». كذلك، اعتبر رئيس بلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري «أن إسقاط حق الاقتراع للشباب من سن الـ 18 عاما هو إسقاط لكل مشروع إصلاحي في البلد». ورأت «جبهة العمل الإسلامي» ان سقوط المشروع وعدم سنه وإقراره محاولة لتغييب الشباب عن فرصة المشاركة في بناء الوطن. واعتبرت «أن خوف الكتل النيابية الرافضة والممتنعة عن التصويت في غير محله». وأسفت هيئة «التنسيق الديموقراطية المشتركة» لـ«التجمع الوطني الديموقراطي» وحركة «العلمانيين الديموقراطيين» و«الحركة من اجل الديموقراطية والتقدم»، لعدم خفض سن الاقتراع.

الأكثر قراءة