«سوليدير» تدخل العصفورية

تكشفت فصول جديدة من أعمال شركة «سوليدير» وممارساتها؛ فالشركة بدأت توسّع أعمالها في لبنان، إلى خارج منطقة وسط بيروت التجاري، وهي كانت قد أنشأت بهدف إعادة إعمار وسط بيروت المتضرر من الحرب... لكن تبيّن أنها تقوم، عبر «سوليدير إنترناشيونال»، بأعمال تطوير وإدارة مشروع عقاري في منطقة الحازمية، على عقار يُعرف باسم «العصفورية» قيمته 200 مليون دولار محمد وهبة مرّة جديدة تخرج شركة «سوليدير» من وسط بيروت، أو مغارة الذهب التي تتربع على عرشها. فقد تبيّن أخيراً أن «سوليدير إنترناشيونال» بدأت تعمل في مناطق أخرى في لبنان(!) وهي ستطوّر وتدير مشروع «العصفورية» في الحازمية. الأمر مفاجئ للمراقبين: «سوليدير لبنان»، لا تملك حقّ العمل محلياً إلا «لإعادة ترتيب وإعمار مناطق متضررة في لبنان من الحرب بسبب الأحداث الأمنية»، فلماذا «سوليدير إنترناشيونال» المُنشأة خلافاً لهذا القانون «تبحث عن عمل في لبنان»؟ وإلى أي مدى تعيش الشركة أوضاعاً حرجة في مشاريعها الخارجية؟ وهل ستتملّك حصّة في المشروع المحلّي؟ وما هو حجمها؟ وهل سيطبق عليها مرسوم تملّك الأجانب؟ قال عاملون في القطاع العقاري إن شركة «سوليدير إنترناشيونال» ستطوّر 95 ألف متر مربع في منطقة الحازمية ضمن مشروع «Uptown» لقاء حصّة من المشروع توازي كلفة التطوير والإدارة زائد الأرباح. وقطعة الأرض هذه، كانت تُعرف بـ«العصفورية» حيث كان هناك مبانٍ خاصة بمصحّ عقلي اشتراها خالد العصيمي، (مالك الجيفينور)، وتملّك الحصّة الأكبر من الأسهم مع شركاء آخرون مثل «بنك عودة» وأفراد من آل العسيلي... وقد جرت مفاوضات لتشتري مجموعة كويتية هذا العقار في مطلع عام 2005، إلا أن الصفقة لم تتم على أثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلى أن تمّت صفقة بيع الأرض في أواخر عام 2008 لمجموعة أفراد حصل بموجبها المصرفي، عبد الله تماري (معروف بأنه الواجهة الرئيسية لأعمال رئيس مجلس إدارة سوليدير ناصر الشمّاع)، على الحصّة الأكبر من الأسهم، فضلاً عن شركاء آخرون مثل مصطفى البساط. وقد بلغت قيمة الصفقة 100 مليون دولار، أي بسعر يوازي 1052 دولاراً للمتر المربع الواحد، أو ما يعادل 500 دولار لمتر الهواء (متر البناء) على أساس أن الحدّ الأقصى لعامل الاستثمار في هذه الأرض يسمح بتشييد 200 ألف متر مربع. وبحسب مصادر في السوق العقارية، فقد جرى الاتفاق مع شركة «سوليدير إنترناشيونال» للقيام بأعمال تطوير وإدارة المشروع لقاء حصّة منه، وقد وُضع المخطط المبدئي للمشروع وعُرض على بلدية الحازمية على أن تُنجَز التراخيص اللازمة لبدء العمل خلال فترة قريبة. ويشير الوسطاء العقاريون إلى أن هذا المشروع يعكس مثلاً صارخاً عن عشوائية ارتفاع الأسعار بسبب المضاربات العقارية، إذ إن تقديرات سعر المتر الواحد في الموقع المذكور تتجاوز 2000 دولار اليوم، وبالتالي يكون سعر متر البناء قد ارتفع من 500 دولار إلى ألف دولار، وربما أكثر بقليل، أي إن قيمة المشروع الحالية توازي 200 مليون دولار بالحدّ الأدنى، وقد تضاعف سعره بعد أقل من سنتين في مؤشّر واضح على مدى خطورة المضاربات العقارية التي تسبب ارتفاع الأسعار وتحقيق أرباح ريعية سهلة. إلا أن دخول «سوليدير إنترناشيونال» على مشروع «Uptown» في لبنان يثير الكثير من الشبهات، ويخالف الأهداف المعلنة لإنشاء الشركة العالمية؛ فقد تأسّست «سوليدير إنترناشيونال المحدودة» في دبي برأس مال يبلغ 700 مليون دولار، وهي مملوكة من «سوليدير إنترناشيونال هولدنغ» (مملوكة كاملاً من سوليدير الأم في لبنان) بنسبة 37.19%، وتملك فيها الشركة الأم مباشرة ما نسبته 1%. والمعروف أن تأسيس هذه الشركة العالمية جاء التفافاً على قوانين إنشاء الشركة التي لا تسمح بتوسيع أعمالها وتصدير «خبراتها» إلى مشاريع خارج لبنان، إذ إن إنشاء «سوليدير إنترناشيونال» مخالف للفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون الرقم 117/91 الذي أنشأ سوليدير الأم في لبنان، والذي نصّ على الآتي: «يتناول موضوع الشركة إعادة ترتيب وضعية وإعمار منطقة أو أكثر من المناطق المتضررة في لبنان بسبب الأحداث الأمنية...»، أي إن الشركة الأم حصرت أعمالها ضمن هذا النطاق المحدد، ولم تعط حقّ تأليف شركة عالمية في دبي. إلا أن شركة «سوليدير» القوية والقادرة، كانت أقوى من القانون والدولة، فانتقل عمل الشركة من «إدارة خاصة لمشروع عام، إلى إدارة خاصة لمشروع خاص»، بحسب ما يقول أحد أصحاب الحقوق في وسط بيروت. وبُرِّر تأسيس شركة سوليدير العالمية، بأنه لخدمة مصالح الشركة ومساهميها، إذ إن تطوير مشاريع عقارية خارج لبنان سيحقق توزيعاً لمخاطر الاستثمارات، وبالتالي سيخفف من انكشاف الشركة على أي خسائر أو فقاعات عقارية... لكن قيام الشركة بتنفيذ مشاريع إلى لبنان خارج وسط بيروت، يثير الشكوك حول انكشافها على مشاريع عدّة في مناطق أصابتها الأزمة العالمية وتضرّرت فيها أسعار العقارات، ما انعكس سلباً على أداء الشركة المؤسسة خلافاً للقانون. وكان أصحاب الحقوق في وسط بيروت قد حذّروا من خطر توسّع الشركة الذي يعرّضها لمخاطر الإفلاس في مشاريعها الخارجية... إذ أعلنت انخراطها في أكثر من مشروع، ولا سيما مشروع «الزوراء» في الإمارات العربية، لكن الشركة سجّلت انخفاضاً في رأس المال، في نهاية 2008، بقيمة 10 ملايين دولار... وأوضح مدير العمليات في الشركة، منيب حمود، أخيراً أنه كان «مخططاً لمشروع الزوراء أن يتّسع لنحو 200 ألف شخص، لكن بعد الأزمة العالمية قررنا أن نقلّص حجم هذه المدينة ونحولها إلى قرية سياحية... وستتجه سوليدير العالمية إلى شراء وتطوير عقارات في لبنان ومصر والجبل الأسود، والسعودية... فضلاً عن فرص بيع شقق سكنية لشريحة سكانية كبيرة من الشبان»، متوقعاً أن «ترتفع أسعار الأراضي في لبنان خلال 2010». وإذا كان دخول سوليدير إلى «العصفورية» عبر تملّك حصّة من المشروع، كما قالت مصادر مطلعة، فمن الطبيعي أن تخضع العملية لقانون تملّك الأجانب، باعتبار أن «سوليدير إنترناشيونال» أجنبية، ويجب أن ينطبق عليها قانون تملك الأجانب الذي يطلب من أي أجنبي يريد تملك أكثر من 3 آلاف متر أن يستحصل على مرسوم من مجلس الوزراء. دعوى وتنح يروي مستثمر خليجي أن مدير المبيعات السابق في «سوليدير»، نعمان عطا الله، الذي يعمل حالياً في دبي، أقرّ أمام محكمة البداية في بيروت، بأن نقابة تجار الذهب قد اشترت مساحات في أسواق بيروت، منذ 12 سنة، وسدّدوا 5% دفعة أولى، علماً بأن إدارة الشركة لم تكن قد استحصلت على رخصة بناء... وقد دفع هذا التصريح، محامو سوليدير، إلى اتهام عطا الله بالكذب... إلى أن طلب القاضي تنحية نفسه من القضية بعد تعرّضه للإهانة من محامي الشركة الذين لمّحوا إلى أنه حصل على رشوة من النقابة، علماً بأن الشركة كانت قد طلبت تنحية القاضي على خلفية استدعاء رئيسها ناصر الشماع
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة