خالد صاغية ليس واضحاً بالضبط ما المقصود بكلمة «إنماء». فهي ليست «النموّ»، أي إنتاج مزيد من السلع والخدمات المعدّة للعرض في الأسواق، وهي ليست التنمية، أي تحسين المستوى المعيشي من دخل وتعليم واستشفاء... حتّى «مجلس الإنماء والإعمار» يحمل في اللغتين الفرنسية والإنكليزية اسم «مجلس التنمية والإعمار». ولسبب ما، أُسقطت كلمة «تنمية» واستُبدِلت بـ«إنماء». الأرجح أنّ السلطات اللبنانيّة تؤثر استخدام مصطلح غامض لا يقيّدها بشيء، للدلالة على النيّة الطيّبة أو توفير ظروف ملائمة لزيادة الخير عموماً. هكذا يصبح «الإنماء» هدفاً من أهداف الحكومات المتعاقبة، ولازمةً تتكرّر في خُطب السياسيّين، وصولاً إلى رفعه شعاراً أوحد في الانتخابات البلديّة. فالبلديّات، على ما نسمع كلّ يوم، تُعنى بالإنماء ولا علاقة للسياسة بها. لا بل يستشيط بعض السياسيّين غضباً من إقحام السياسة في هذا الاستحقاق «الإنمائي». فوسط الإجماع على ضرورة إفراغ الانتخابات من معناها، ما كان يمكن إيجاد مصطلح أكثر ملاءمةً لعمليّة التفريغ هذه من الإنماء. فهو، على ما يبدو، يشمل كلّ ما تقوم به البلديّات من زيادة مساحات الباطون، وتوزيع مساعدات اجتماعيّة، وحتّى تعليق لافتات الترحيب بزوّار الأرياف... أمّا في الواقع، فالمعركة ليست إنمائية. التنمية المحلية جزء أساسي من العمل البلدي. وهذه التنمية فعل سياسي بالدرجة الأولى. هل تذكرون الفكرة المجنونة التي راودت بلدية بيروت بإقفال حديقة الصنائع وتحويلها مرأباً للسيارات؟ القرار بإقفال حديقة تماماً كالقرار بإقفال مدرسة. إنّه قرار سياسي نابع من رؤية سياسية ويحتاج إلى حماية سياسية. الذين يغفلون دور السياسة في الانتخابات البلدية، إنّما يريدون إغفال إشراك الناس باتخاذ القرارات التي تخصّهم، وإرغامهم على العيش كما تريد لهم تحالفات فوقيّة تلغي الديموقراطيّة بحجّة «الإنماء».
عدد الاربعاء ٢١ نيسان ٢٠١٠