محمد بدير
في موازاة استبعادها احتمال نشوب حرب خلال العام الجاري، لا تزال المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تتخوف من استعدادات تقول إن حزب الله يقوم بها، من بينها الاشتباه بأنه يعمل على حفر أنفاق تحت الحدود بين لبنان وشمال فلسطين بهدف تنفيذ عمليات على الجانب الإسرائيلي ضد أهداف مدنية وعسكرية. وبعد نحو أسبوع على تقديم قيادة المنطقة الشمالية أمام الصحافيين عرضاً موثقاً لمواد زعمت أنها تبين جوانب من خطة الانتشار الميداني لحزب الله في الجنوب اللبناني، ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أمس أن القلق يتزايد داخل الجيش الإسرائيلي من احتمال أن يكون حزب الله يحفر أنفاقاً من لبنان إلى إسرائيل بهدف مهاجمة سكان المناطق الحدودية الإسرائيلية أو مواقع الجيش الإسرائيلي. وذكرت صحيفة «جيروزالم بوست»، أمس، أن المخاوف بدأت تنتاب الجيش الإسرائيلي في الآونة الأخيرة من أن يقوم «مخربون (عناصر من حزب الله) باجتياز الحدود في اتجاه إسرائيل عبر الأنفاق ويدخلوا إلى مستوطنة حدودية مثل شلومي ويتحصّنوا داخل المنازل مع المدنيين». وأشارت الصحيفة إلى أن القلق ينتاب المؤسسة العسكرية أيضاً من أن يستخدم حزب الله هذه الأنفاق لزرع متفجرات تحت مواقع الجيش الإسرائيلي أو إلى جانبها، وهو التكتيك الذي استخدمته بنجاح عام 2004 حركة حماس التي فجرت نفقاً تحت موقع للجيش الإسرائيلي جنوب قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل خمسة جنود. وبحسب الصحيفة، فإن ضباط الجيش الذين يخدمون على طول الحدود مع لبنان يخشون من ألّا تقتصر العملية المستقبلية لحزب الله على إطلاق القذائف والصواريخ كما يفترض الجيش الإسرائيلي فقط، بل قد تكون عملية مزدوجة تهدف إلى خطف جنود والتسلّل إلى مستوطنة حدودية. رغم ذلك، قالت الصحيفة إن إسرائيل تعتقد أن الحزب غير معنيّ في هذه الأثناء بالحرب معها، إلا أنها تبدو مهتمّة بمواصلة الحزب التخطيط للانتقام لاغتيال قائده العسكري، عماد مغنية.
قال ميتشل للأسد: «أنتم تنقلون السلاح إلى لبنان»، فرد الأسد: «هذه الصور في سوريا»وفي السياق، أفاد كل من موقع «يديعوت أحرونوت» والقناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي أن التقدير الاستخباري السنوي الذي تعده شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش يستبعد اندلاع حرب على الحدود الشمالية خلال العام الجاري. لكن برغم ذلك، رأى كل من محلل الموقع للشؤون الأمنية، رون بن يشاي، ومراسل الشؤون العربية في القناة الأولى، عوديد غرانوت، أن استبعاد الحرب لا يجعل من الفترة الفاصلة عنها فترة استعداد على جانبي الحدود. ورأى غرانوت أن الهدوء القائم منذ أربع سنوات لا يخفي حقيقة أن العدو المقابل أصبح «أكثر حزماً». وأشار إلى أنّ هناك في الجيش من يرى أن حزب الله اليوم أصبح العدو الأكثر خطراً على إسرائيل «بسبب طريقة عمله وأدائه، وبسبب كميات الأسلحة التي يحوزها، وأغلبها يأتي اليوم من المخازن السورية لا من إيران».وبحسب غرانوت، فإنه في موازاة استبعاد الحرب حتى في خلال العام القادم، فإن التوقعات تشير إلى أن القيادة السياسية في إسرائيل ستتعرض لضغوط من أجل التوصل إلى سلام مع سوريا. ولفت على هذا الصعيد إلى أن حظوظ التفاعل مع هذه الضغوط ستكون أفضل في ظل تأييد وزير الدفاع، إيهود باراك، والاستخبارات العسكرية وقادة الأجهزة الأمنية الأخرى لهذا التوجه، إذ يرجّح هؤلاء أن يقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، باستغلال هذه الفرصة «ومن شأن هذا أن يبعد حزب الله عن إيران ويضع حزب الله مقابل معضلة، وهذا ما تريد إسرائيل أن تقوم به».من جهة أُخرى، ادّعت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي حصولها على تفاصيل عن مضمون اللقاء الذي جرى قبل أسابيع، بين الرئيس السوري بشار الأسد والمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل. وبحسب القناة، فإن محتوى اللقاء الذي وصل إلى مسؤولين كبار في إسرائيل يبيّن أن الأسد أنكر نقل سوريا سلاحاً إلى حزب الله، على الرغم من تقديم ميتشل صوراً التقطها قمر صناعي، ادعى أنها لقوافل من شاحنات السلاح وهي في طريقها إلى لبنان.وادعى نير دفوري، المراسل العسكري للقناة، أن الحوار يظهر مدى جهوزية الأسد كي يذهب بعيداً في لعبته. وبحسب مضمون الحوار الذي نقله دفوري، فقد قال ميتشل للأسد إن لدى الولايات المتحدة معلومات عن نقل سوريا سلاحاً إلى حزب الله، فأجابه الأسد بأن سوريا لا تنقل سلاحاً، وأن المعلومات المذكورة مغلوطة. عندها ردّ ميتشل: «سيدي الرئيس أنتم تنقلون السلاح في قوافل إلى لبنان»، فما كان من الأسد إلا أن قال له: «أنتم تكذبون». عندها، على ذمة الرواية الإسرائيلية، قال ميتشل للأسد: «سيدي، اسمح لي بأن أعرض أمامك صوراً التقطها قمر صناعي تظهر فيها قوافل من شاحنات السلاح وهي في طريقها إلى لبنان»، فأجابه الأسد: «التُقطت هذه الصور والشاحنات ضمن الأراضي السورية، فكيف عرفت أنها في طريقها إلى لبنان؟ وكيف عرفت ماذا في داخلها؟». وعندما حاول ميتشل تأكيد صحة معلوماته بقوله إن لدى الولايات المتحدة «معلومات استخبارية عن محتوياتها»، جاء رد الأسد قوياً وحازماً: «إذا كنا ننقل السلاح، فماذا إذاً؟».
نفي ظل الصمت السياسي الإقليمي، والسعي إلى إطلاق مفاوضات مباشرة بين إسرائيل وسلطة محمود عباس لا يتوقع لها الوصول إلى شيء، برزت إلى السطح معطيات ميدانية تعيد الاعتبار إلى خطر الحرب مع سوريا ولبنان. قرر الجيش الإسرائيلي نقل لواء «كفير» الذي يخدم تاريخياً في الضفة الغربية إلى الحدود الشمالية «تحضيراً للحرب الكبرى»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «معاريف» أمس نقلاً عن مصادر عسكرية. وقالت الصحيفة إن القرار الذي وصفته بـ«التاريخي» جاء في «ظل الضغط الذي مارسه قائد اللواء، العقيد أورن أفمن، والرؤية الاستراتيجية لقائد المنطقة الوسطى، الجنرال آفي مزراحي»، اللذين أديا إلى تطوير اللواء وصدور أوامر عن مزراحي الذي يخضع اللواء لإمرته بضرورة إعداده «استعداداً للحرب الكبرى التي قد تندلع في الشمال». وأضافت «معاريف» أن التوجيهات تفيد بأنه تتعين الاستفادة من المهنية الكبيرة لمقاتلي لواء «كفير»، كما تجلت في القتال داخل المناطق المبنية، وعلى طول الجدار الفاصل، «وخصوصاً أن مؤشّر الإرهاب في الضفة الغربية في انخفاض مستمر». ونقلت «معاريف» أن مزراحي أعلن في الآونة الأخيرة أن لواء «كفير» سيتدرب في محيط يحاكي لبنان وسوريا، وأنه من الآن فصاعداً ستنضم إلى كل تدريباته قوات مدرعة ومدفعية، وسيُعَدّ مقاتلوه للمشاركة في نشاطات عملانية على الحدود الشمالية العام المقبل. ومن المقرر نقل اللواء على دفعات إلى الجبهة الشمالية، بحيث تنتقل في المرحلة الأولى كتيبة واحدة فقط بدءاً من العام المقبل، على أن تستغرق عملية دمج بقية الوحدات في البيئة الشمالية عدة سنوات، سيتحول اللواء في أعقابها إلى «لواء مناوِر» على شاكلة ألوية المشاة الأربعة المعروفين في الجيش، وهي: غولاني، غفعاتي، المظليون وناحل. ومن المعلوم أن الجيش الإسرائيلي يخضع منذ حرب تموز 2006 لسلسلة من الخطط التدريبية التي تهدف إلى بناء الجهوزية وسط قواته في ظل حالة الترهل التي تكشفت فيها خلال الحرب. وليس سراً أن الجبهة الشمالية تحتل صدارة الاهتمامات في بناء هذه الجهوزية بوصفها الجبهة الأكثر خطورة بحسب التصنيفات الإسرائيلية، ما يفسر تعريف القوات المختلفة على طبيعة هذه الجبهة من خلال إرسالها إلى الخدمة فيها دورياً. ويتألف «كفير» من ستة كتائب مشاة مختلفة تألفت في بداية التسعينيات لمساعدة قوات المدرعات في أعمالها في الضفة الغربية، وخلال الانتفاضة الثانية تقرر تحويلها إلى كتائب ذات هدف محدد للقتال في المدن الفلسطينية، وفي عام 2005 وُحِّدت الكتائب الستّ تحت إمرة لواء موحد ومستقل. واشتهر اللواء منذ إنشائه بممارساته القمعية وأعمال التنكيل بحق السكان الفلسطينيين، إضافة إلى إعلان مجندين فيه رفضهم تنفيذ أوامر إخلاء المستوطنات. وتشير الإحصاءات إلى أن اللواء مسؤول عن 70 في المئة من الاعتقالات التي نفذتها قوات الاحتلال في الضفة الغربية. وأظهرت تحقيقات أعدها الجيش الإسرائيلي أخيراً، أن اللواء تصدر ألوية المشاة الأربعة في نسبة الانضباط الداخلي بين عناصره، وأنه يحتل المرتبة الأولى لجهة عدد الجنود الذين ينتقلون منه للدراسة في كلية الضباط.
ضرب حزب الله في سوريا؟
في هذه الأثناء، لفتت الانتباه التقارير الأمنية والإعلامية التي تتحدث عن تغييرات إضافية حاصلة على الجبهة الشمالية، وعن أن قوات الاحتلال تعمل الآن على نقل قوات كبيرة، بينها فرقة مدرعات إلى المنطقة الشمالية المقابلة للAffinityCMSن السوري ومزارع شبعا اللبنانية، وذلك ضمن مناورات ترتبط بعمل عسكري أو أمني ما، يمكن أن تفكر إسرائيل بالإقدام عليه. وبحسب المتداول، وما أوردته صحيفة «الراي» الكويتية أمس «فإن إسرائيل حشدت منذ أيام فرقة عسكرية مدرّعة دعماً لفرقة مماثلة موجودة أصلاً في مرتفعات الAffinityCMSن وحول مزارع شبعا. وقد ترافق ذلك مع تحليق مكثف لطائرات إسرائيلية من دون طيار. ونقلت الصحيفة عن مصادر أوروبية «أن لدى إسرائيل نية منذ أمد لضرب المخازن الاستراتيجية التابعة لـ«حزب الله» في سوريا، التي تحوي عدداً كبيراً من الصواريخ الاستراتيجية البعيدة المدى، والموجودة في مناطق نائية داخل سوريا، وأن الضربة الإسرائيلية المرجحة لن تقتصر على استهداف مخازن «حزب الله»، بل ستشمل مصانع حديثة للسلاح تابعة له في سوريا ويصار إلى نقل «إنتاجها» مباشرة إلى لبنان». وكانت إسرائيل قد أعدّت في أوائل العام الحالي خطة لتوجيه ضربة إلى مصنع قالت إنه أُقيم على الأراضي السورية، وإن إيران تولت تمويله مقابل تخصيص نصف إنتاجه من الصواريخ البعيدة المدى لمصلحة حزب الله، وإن كوادر ونشطاء من الحزب يعملون في هذه المنشأة الموجودة في منطقة سورية تقول إسرائيل إنها تملك معلومات تفصيلية عنها. والكل يذكر يومها مبادرة الرئيس السوري بشار الأسد إلى تحميل موفد أميركي رفيع المستوى رسالة إلى الإدارتين الأميركية والإسرائيلية تتضمن قراراً سورياً بالرد فوراً على أي هجوم إسرائيلي على أي موقع داخل الأراضي السورية. ثم أتبع ذلك وزير الخارجية السورية وليد المعلم بإطلاقه تصريحات تهدد بنقل المعركة إلى داخل المدن الإسرائيلية إذا اعتدت إسرائيل على سوريا.
حسابات إسرائيل والتوقعات
إلا أن الاستراتيجية الإسرائيلية تنطلق من حسابات وتقديرات غير واضحة تماماً. فمن جهة، يبدو أن أصحاب القرار في إسرائيل يدرسون الأمر من زاوية أنهم يضربون حزب الله داخل سوريا، وأن ضرب حزب الله خارج لبنان سيحرمه الحجة للرد عسكرياً. كذلك فإن توجيه ضربة إلى موقع يخص حزب الله يمكن أن يُعفي سوريا من واجب الرد. وبالتالي تراهن إسرائيل في جانب من حساباتها على أن الصمت سيكون هو الرد العملي على أي عدوان تشنه على سوريا. وفي حال حصول مواجهة ستعمد هي إلى توجيه رسائل نارية حادة إلى الجانبين السوري واللبناني بغية ردعهما ومنعهما من القيام بأي رد فعل. وإذا كانت إسرائيل تتحسب لاحتمال اندلاع المواجهة من خلال تعزيز جبهتها العسكرية ورفع مستوى الجهوزية لدى قواتها، فإن الصورة على الجبهة المقابلة ليست أقل وضوحاً لناحية أن جميع المعطيات تفيد بأن سوريا لن تسكت عن أي عدوان، وهي في حالة من الجهوزية التي تتيح لها الرد من خلال عمليات عسكرية واضحة المعالم، وهو الأمر الذي يعني في حال حصوله دخول المنطقة في مواجهة واسعة، لأن حزب الله لن يقف مكتوف الأيدي إزاء مواجهة بين إسرائيل وسوريا. ولدى الحزب أيضاً مستوى من الجهوزية العالية جداً التي تتيح له خوض معركة قاسية ومفتوحة بما يتجاوز تقديرات إسرائيل، وخصوصاً أن العامين المنصرمين شهدا نجاحات أمنية كبيرة للمقاومة في لبنان، تمثلت في جانب منها بعمليات مكافحة التجسس الإسرائيلي في لبنان، الأمر الذي أفقد العدو الكثير من الأهداف والمعلومات التي يحتاج إليها في أي حرب مع لبنان، بالإضافة إلى ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مناسبات عدة، عن وجود قدرات عسكرية برية وبحرية وصاروخية تمكّن الحزب من جرّ إسرائيل إلى مواجهة أوسع بكثير مما تريد هي.ورأى وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أن زيارة الرئيس الإيراني إلى لبنان «تعكس الاعتماد المتنامي لحزب الله على إيران». وقال باراك أثناء حضوره مناورة عسكرية في الAffinityCMSن المحتل إن «لبنان قد يتوقف عن كونه دولة مستقلة، وعلينا أن نتابع ما يحصل ونقوّمه من ناحية استخبارية ومن ناحية عسكرية»، مضيفاً «الجيش الإسرائيلي موجود والاستخبارات موجودة والعيون مفتوحة». تابعت إسرائيل زيارة أحمدي نجاد إلى لبنان بترقّب بالغ، ومررت رسائل إلى دول غربية مفادها أن زيارة الرئيس الإيراني إلى لبنان دليل على «التطرف الحاصل في لبنان الذي أصبح دولة تابعة لإيران كلياً». ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «هآرتس» عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن «زيارة نجاد تجسّد استكمال عملية تحويل لبنان إلى دولة تقع تحت الرعاية الإيرانية، وبذلك يكون لبنان قد ارتبط بمحور الدول المتطرفة التي تعارض عملية السلام وتدعم الإرهاب».أضاف المصدر أن «الرئيس الإيراني وصل إلى لبنان كقائد عسكري جاء لاستطلاع جنوده، مخرّبي حزب الله، الذين يُستخدمون كذراع عسكرية إيرانية في المنطقة».
ودعا عضو الكنيست الإسرائيلي اليميني المتطرف، أريه ألداد، الجيش الإسرائيلي إلى اغتيال أحمدي نجاد. وقال النائب في حزب الاتحاد القومي لموقع «يديعوت أحرونوت» على الإنترنت «إذا وُجد أحمدي نجاد ولو للحظة واحدة في منظار جندي في الجيش الإسرائيلي، ينبغي قطعاً منعه من العودة إلى دياره حياً». أضاف: «إسرائيل اليوم في وضع يمكّنها من تصفية أحمدي نجاد ويجب فعل ذلك، إذ إن تصفية أحمدي نجاد مثل تصفية هتلر»، معتبراً أن هذه التصفية ستغيّر مسار التاريخ.من جهته، رفض النائب الأول لرئيس الوزراء سيلفان شالوم، في حديث إذاعي، الدعوات إلى تصفية أحمدي نجاد، موضحاً «أن إسرائيل لا تقتل زعماء دول». أضاف «إن أحمدي نجاد ظاهرة عابرة، ولكنّ إسرائيل أبدية». ورأى وزير الخارجية الإسرائيلي السابق «أن إيران تعدّ زيارة رئيسها للبنان خطوة أخرى نحو تشديد قبضتها على الشرق الأوسط». أما تسيفي ليفني، زعيمة حزب كاديما، فقالت إن «حزب الله وإيران ينتميان إلى الجماعة المتطرفة التي تستغل النزاع في الشرق الأوسط سياسياً»، بحسب ما نقلت الإذاعة الإسرائيلية الناطقة بالعربية عنها. ورأت ليفني أن «حفاوة استقبال أحمدي نجاد في لبنان يجب أن تثير القلق، وهي دليل على العلاقة الإشكالية القائمة بين إيران وحزب الله، وهو شريك في الحكومة اللبنانية». واحتجاجاً على الزيارة، تظاهر قرابة 100 إسرائيلي قرب «بوابة فاطمة» عند الحدود الفلسطينية اللبنانية. وترأس نائب وزير تطوير النقب والجليل، أيوب القرا، من حزب الليكود، التظاهرة، داعياً اللبنانيين إلى «اليقظة ومنع سيطرة النظام الإيراني على دولتهم». وقال القرا إنه «بدلاً من أن يكون باريس الشرق الأوسط، فإن لبنان قد يتحول إلى دولة مظلمة وقاعدة عسكرية أمامية لإيران، من خلال طريق أحمدي نجاد إلى إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية». وتأتي تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بعد أيام امتنعوا فيها عن الإدلاء بأي تصريح عن زيارة نجاد إلى لبنان، بعدما حاولت إسرائيل الرسمية إفشالها عبر الاعتراض عليها بالقنوات الدبلوماسية. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أول من أمس، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية قررت بعد مشاورات وتبادل معلومات وتقديرات مع جهات سياسية معنية أن تلتزم الصمت وتمتنع عن التحرّك إعلامياً وسياسياً ضد زيارة نجاد، لكي لا يعطي هذا التحرك مفاعيل معاكسة ويؤثر سلباً على اعتراضات جهات لبنانية داخلية عليها. وقالت صحيفة معاريف، أمس، إن إسرائيل امتنعت في الأيام الأخيرة عن إثارة قضية زيارة الرئيس الإيراني في الوسائل الإعلامية العالمية، وقرّرت أن تترك الانتقاد للدول العربية ولجهات لبنانية داخلية أكثرت من الإعراب عن معارضتها لهذه الزيارة. ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي قوله: «لاحظنا وجود ردود فعل عربية تعارض زيارته بشدة. إن حملتهم كافية، والأفضل لنا أن نصمت كي لا نُفسد ذلك».
شالوم: زيارة الرئيس الإيراني للبنان خطوة نحو تشديد قبضتها على الشرق الأوسطوحجزت زيارة الرئيس الإيراني موقعها المتقدم في التغطية الإخبارية لوسائل الإعلام الإسرائيلية التي نقلت بالبث المباشر بعض محطاتها، وخصوصاً الاحتفال المسائي في ملعب الراية بالضاحية الجنوبية. ووصفت القناة العاشرة الزيارة بالاستفزازية لإسرائيل والمنطقة. وقال مراسل الشؤون العربية في القناة، تسفي يحزكيلي، إن هذه الزيارة «إشكالية جداً من ناحية إسرائيل ومن ناحية المنطقة، والدول العربية قلقة جداً من هذه الزيارة، فهي لا تثير الخلاف فقط، بل تقلق إسرائيل بنحو كبير». وقال يحزكلي إنه «يمكن تخيّل الآلاف من عناصر الحرس الثوري الذين سيعودون إلى علاقة وثيقة مع عناصر حزب الله، والتنسيق والتدريب، وإعطاء مبالغ كبيرة من الأموال، إضافة إلى تدشين العديد من المشاريع الإيرانية». ورأت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي أن نجاد «يأتي إلى لبنان بزيارة مشحونة بنحو خاص، لأنها تأتي «في ذروة انقسام سياسي وطائفي كبير يهدد بتفكيك الدولة». فيما أفادت القناة الثانية بأن هناك «استنفاراً عالي الوتيرة في الشمال، على خلفية زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان، التي ستبلغ ذروتها غداً (اليوم) حين يقوم بجولة على السياج الحدودي مع إسرائيل». وبحسب المراسل العسكري للقناة، نير دفوري، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتابع عن كثب كل الخطوات، مشيراً إلى أنها استعدّت على الحدود، «وخصوصاً استخبارياً»، لافتاً إلى احتمال أن تُعلن منطقة زيارة نجاد منطقة عسكرية مغلقة، كي لا يصل مدنيون إسرائيليون إليها، وكي لا يحصل استفزاز ويفقد أحدهم السيطرة». محمد بدير عدد الخميس ١٤ تشرين الأول ٢٠١٠من مدريد الى برشلونة، وصولاً الى اقليم الباسك وكل المدن الاسبانية، كانت الفرحة لا توصف، اذ اختلطت الصيحات بدموع الفرح، التي جسّدت مشهداً مغايراً لذاك الذي شهدته العاصمة الهولندية امستردام، حيث ساد البكاء حزناً على فشل المنتخب البرتقالي في العودة بالكأس الذهبية في ثالث مباراة نهائية يخوضها بعد عامي 1974 و1978، تاركاً نظيره الاسباني يحتفل بوضع أول نجمة ذهبية على قميصه الأحمر بفضل جيلٍ استثنائي
بحضور ملكي ورئاسي، وجمهور بلغ عدده 84490 متفرجاً على ملعب «سوكر سيتي» في جوهانسبورغ، رفع منتخب إسبانيا كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه بفوزه على نظيره الهولندي 1 - 0 بعد التمديد، في المباراة النهائية. وانتزعت اسبانيا بالتالي حكم العالم الكروي من إيطاليا حيث ستمتد ولايتها أربع سنوات أي حتى استضافة البرازيل للمونديال المقبل عام 2014. كما نسخت إنجاز ألمانيا الغربية بطلة أوروبا 1972 والعالم 1974، بإضافتها الكأس العالمية الى اللقب القاري الذي ذهب الى خزائنها قبل عامين، وباتت اول منتخب اوروبي يتوّج بعيداً من «القارة العجوز».وجمع المنتخب الإسباني في شارعه ما تفرّقه السياسة، فصفّق الكاتالونيون طويلاً لحارس ريال مدريد الكابتن إيكر كاسياس عند رفعه الكأس، وهم الذين كانوا قبل يومٍ واحدٍ فقط يتظاهرون مطالبين بالحكم الذاتي مجدداً. إلا أن صراخهم علا أكثر عند رؤيتهم كارليس بويول وزميله في برشلونة شافي هرنانديز يقبّلان علم الإقليم ويهللان للانتصار الذي كان لهما فضل كبير فيه، وخصوصاً الأول صاحب هدف الفوز على ألمانيا في نصف النهائي.كذلك لفت حضور لاعب كرة المضرب الإسباني رافايل نادال للمباراة النهائية، وهو ارتدى قميص منتخب بلاده ورسم العلم الإسباني على وجنتيه وزيّن رقبته به، وهو لم يتأخر عن دخول غرفة ملابس اللاعبين لتهنئتهم على إنجازهم قبل أن يدلي بتصريحاته الى الصحافيين، معبّراً عن فرحته.إينييستا بعد تسجيله هدف الفوز (رويترز)ولم تشهد تشكيلتا المنتخبين أي تغييرات، اذ لعب المدرب الهولندي بيرت فان مارفييك ونظيره الإسباني فيسنتي دل بوسكي بنفس العناصر الذين مكّنوهما من الفوز في الدور نصف النهائي. وكان الغائب الأكبر بالتالي المهاجم الإسباني فرناندو توريس الذي بقي على مقاعد البدلاء، مفسحاً المجال أمام الشاب بدرو رودريغيز للعب أساسياً ثانيةً الى جانب زملائه في خط وسط برشلونة.الا ان الفرصة الأولى في المباراة جاءت من رأس مدافعٍ هو الظهير الأيمن الإسباني سيرجيو راموس، الذي حوّل ركلة حرة لعبها شافي باتجاه المرمى الهولندي، حيث طار لها الحارس مارتن ستيكلنبرغ وأبعدها ببراعة قبل أن تخترق الزاوية اليمنى (5). وواصل راموس تألقه فقام بمجهودٍ فردي وسدد كرة كاد جون هايتينغا يحوّلها الى مرماه فذهبت الى ركنية، انتهت عند دافيد فيا الذي سددها بيسراه في الشباك الخارجية للمرمى (12).طرد هايتينغا نقطة تحوّل (رويترز)أما أولى الكرات الهولندية على المرمى الإسباني، فكانت من ركلة حرة مباشرة سددها ويسلي سنايدر والتقطها كاسياس (18).وانشغل اللاعبون بالخشونة، ما دفع الحكم الإنكليزي الصارم هاورد ويب الى توزيع البطاقات الصفراء بالجملة (بلغ عددها 15 بطاقة وزّعت على 14 لاعباً، وهو رقم قياسي في تاريخ المباريات النهائية للمونديال)، وذلك وسط تسديدات خجولة لم تقلق كثيراً الحارسين حتى أطلق أريين روبن في الدقيقة الأولى من الوقت المحتسب بدل الضائع، تسديدة زاحفة من خارج المنطقة أبعدها كاسياس ببراعة الى ركنية لم تثمر.الحكم ويب رفع 15 بطاقة (رويترز)ونشط المنتخب الهولندي في الهجوم مطلع الشوط الثاني، فظهر روبن مجدداً على مسرح الأحداث مهدداً مرمى كاسياس بكرة من خارج المنطقة ارتمى عليها الأخير (51)، ردّ عليها شافي من ركلة حرة لعبها من فوق الحائط الى جانب القائم الأيسر للمرمى الهولندي (54).وشهدت الدقيقة 62 أخطر فرصة في المباراة عندما انفرد روبن بعد تمريرة بينية من سنايدر، فواجه الحارس كاسياس وحاول لعب الكرة الى يمينه، إلا أن الأخير وضع رجله أمامها لتتهادى الى خارج الشباك. بدوره، كان فيا قريباً من افتتاح التسجيل بعد خطأ في التشتيت من هايتينغا، إلا أن المهاجم الاسباني سدد من مسافة قريبة في قدم الأخير المرتمي على الأرض (69).
هلّل الكاتالونيون للفوز بعد يومٍ على تظاهرهم ضد الحكومةرسم نادال العلم الإسباني على وجنتيه وهرع لتهنئة اللاعبين
ولم ينجح راموس في محاولته الثالثة للوصول الى الشباك، إذ علت كرته الرأسية العارضة إثر ركنية نفذها شافي (76). وأفلت روبن من الرقابة مجدداً، لكنه لم ينجح في تخطي كاسياس بسبب مضايقة بويول وجيرارد بيكيه له، مهدراً فرصة ثمينة أخرى (83).وذهبت المباراة الى تمديد الوقت الذي سرعان ما شهد انفراد البديل سيسك فابريغاس إثر تمريرة بينية رائعة من إينييستا، إلا أن الحارس ستيكلنبرغ تصدى له ببراعة (94)، لترتد الكرة هجمة مرتدة لمنتخبه، انتهت الى ركنية لعبت عن الجهة اليسرى وتابعها يوريس ماتييسن فوق المرمى، رغم أنه كان في موقفٍ جيّد للتسجيل (95).واستمر مسلسل إهدار الفرص بعد كرة سددها البديل الآخر خيسوس نافاس وتحوّلت من قدم جيوفاني فان برونكهورست، حيث كادت تخدع حارسه قبل أن تخرج الى ركنية (101)، أعقبها مجهود فردي لفابريغاس أنهاه بتسديدة قريبة من القائم الأيسر (104).وبعدما رفع ويب تسع بطاقات صفراء، كانت العاشرة من نصيب هايتينغا الذي حصل على إنذاره الثاني فخرج مطروداً (109)، ليستفيد الإسبان سريعاً عندما شنّوا هجمة مرتدة فضرب فابريغاس الدفاع الهولندي بكرة رائعة الى «رجل المباراة» إينييستا المنسلّ داخل المنطقة والذي هيأها لنفسه، ثم أطلقها بدقة قوية الى يمين ستيكلنبرغ، مسجّلاً أغلى هدفٍ في تاريخ بلاده (116).
فورلان يحمل الكرة الذهبيّة لأفضل لاعبحصل مهاجم منتخب الأوروغواي دييغو فورلان، على أغلى لقبٍ في مسيرته، وهو الكرة الذهبية التي تمنح لأفضل لاعب في المونديال، وذلك بعدما قاد بلاده الى الدور نصف النهائي، بفضل أهدافه الخمسة، والروح القيادية التي أظهرها في الملعب. وحصل فورلان (31 عاماً)، مهاجم اتلتيكو مدريد الإسباني، على الكرة الذهبية، بعدما حصد 23.4 بالمئة من الأصوات في الاستفتاء الذي أجراه الاتحاد الدولي لكرة القدم، بمشاركة المعتمدين في البطولة من خبراء وصحافيين، وهو تقدّم على الهولندي ويسلي سنايدر، الذي نال الكرة الفضية بنسبة 21.8 بالمئة من الأصوات، والإسباني دافيد فيا صاحب الكرة البرونزية بنسبة 16.9بالمئة من الأصوات. وخلف فورلان، قائد منتخب فرنسا وصانع ألعابه المعتزل زين الدين زيدان، الذي توّج بهذه الجائزة المرموقة عام 2006، عندما حمل منتخب بلاده إلى المباراة النهائية.يذكر أن النجم الأشقر كسب شعبية كبيرة في المونديال بفضل روحه الوديّة مع الجماهير، إذ لم يمانع يوماً من الوقوف وقتاً طويلاً من أجل التوقيع لهم، إضافةً الى تلبيته مطالب كل الصحافيين.
مولر أفضل هدّاف ولاعب شابجمع النجم الألماني الموهوب، توماس مولر، المجد من طرفيه، عندما أحرز جائزة «الحذاء الذهبي» لأفضل هدّاف، وجائزة أفضل لاعب شاب في مونديال 2010، ليبقي اللقبين مع منتخب بلاده، بعدما تُوّج بهما ميروسلاف كلوزه ولوكاس بودولسكي على التوالي في مونديال 2006، الذي استضافته بلادهم.وقد سجّل مولر 5 أهداف، وهو الرصيد عينه الذي سجّله كلّ من الإسباني دافيد فيا، والهولندي ويسلي سنايدر، والأوروغوياني دييغو فورلان، إلا أنّ الألماني الواعد (20 عاماً) نال اللقب بفضل تفوّقه في التمريرات الحاسمة وعددها 3 في النسخة الحالية، مقابل واحدة لكلٍّ من شركائه الثلاثة. كما أنه لعب أقل من منافسيه، إذ سجل أهدافه الخمسة في 6 مباريات، لكونه غاب عن مباراة الدور نصف النهائي أمام إسبانيا للإيقاف، قبل أن يعود في مباراة المركز الثالث ويضيف هدفه الخامس، مسهماً في إبقاء الميدالية البرونزية مع «المانشافت» أيضاً. وحاز جناح بايرن ميونيخ بطل ألمانيا، جائزة أفضل لاعب شاب، بعدما تفوّق على كلٍّ من المكسيكي جيوفاني دو سانتوس، والغاني أندريه أيوو، وذلك بعدما امتاز بفنياته الرفيعة، وتمريراته المتقنة وسرعته الفائقة.
«القفّاز الذهبي» لكاسياسحاز كابتن منتخب إسبانيا إيكر كاسياس جائزة «القفاز الذهبي» التي تمنح لأفضل حارس مرمى في كأس العالم، وذلك بعدما أدى دوراً رئيساً في تتويج منتخب بلاده باللقب العالمي للمرة الأولى في تاريخه، وخصوصاً بإنجازاته في المباراة النهائية ضد هولندا، حيث حرم لاعبي الأخير الوصول الى الشباك في مناسباتٍ عدة.وخلف كاسياس حارس مرمى إيطاليا جانلويجي بوفون الذي توّج بالجائزة عام 2006، عندما ساهم بدوره في تتويج «الأزوري» باللقب الرابع في تاريخه على حساب فرنسا بركلات الترجيح.وانضم كاسياس بالتالي الى كوكبة من الحراس الذين كتبوا اسماءهم بأحرفٍ مذهّبة في المونديال، بدءاً من البلجيكي ميشال برودوم أفضل حارس في مونديال 1994، مروراً بالفرنسي فابيان بارتيز (1998) والألماني أوليفر كان الذي أحرز لقب أفضل حارس وأفضل لاعب في مونديال 2002 رغم عدم فوز بلاده باللقب عامذاك.كذلك أضافت اسبانيا جائزة أخرى وهي «اللعب النظيف»، علماً بأنها امتلكت أفضل دفاع بدخول مرماها هدفين فقط، بينما كانت المانيا الأقوى هجوماً للمونديال الثاني توالياً بتسجيلها 16 هدفاً (مقابل 14 هدفاً في 2006).
عدد الاثنين ١٢ تموز ٢٠١٠ |حسن خليل الأزمة المالية العالمية التي بدأت في الولايات المتحدة وتغرق فيها أوروبا اليوم، أيقظت العملاقين على وهم الـBING BANG، أي الانفجار الكبير الذي تبنّاه ريغان وتاتشر أواخر الثمانينيات. إطلاق العنان لطمع المصرفيّين والأرباح أدى إلى فساد مالي غير مسبوق، فارتفعت مديونيات الدول بنسب غير منطقية حتّى وصل بعضها إلى حالة إفلاسية. ساد اعتقاد سنة 2008/ 2009 بأن الدولار سينخفض نتيجة عجز الموازنة وتضخّم المديونية، لنكتشف بعدها أنّ دول العملات الثلاث الرئيسية الأخرى (أوروبا واليابان وبريطانيا) ليست أفضل حالاً. اليوم، وفي ظل الأزمة الأوروبية، أصبح الدولار كما الين والفرنك السويسري عملات الأمان. انكشفت أوروبا بكل عيوب الاتحاد النقدي غير المتجانس مالياً وسياسياً. هنا مقارنة بين السيناريو الأوروبي ووهم الحصانة اللبنانية وأكذوبة نبوغ المسؤولين في تجنيب لبنان تجربة مماثلة لما حصل في أوروبا، وقبلها في الولايات المتحدة. الرقم ليس هواية، والأرقام والنسب كافية لفضح الجريمة الكبرى في لبنان، التي بات الجميع يتهرّبون منها ويرمون المسؤولية على «الآخرين»... الأزمة الماليّة في قلب أوروبا للمرّة الأولى منذ إنشاء الاتحاد الأوروبي واعتماد 16 دولة عملة اليورو، ينخفض تصنيف إحدى دوله (اليونان) إلى «نسبة الهلاك» (جونك)، فيما وضعت دول أخرى تحت المجهر لمراقبة أدائها المالي (إسبانيا، البرتغال، إيرلندا وإيطاليا). هذه التطورات السريعة وغير المفاجئة ما هي إلا نتيجة لسوء الإدارة المالية في الدول والمصارف، ممّا ولّد مجتمعاً عالمياً قائماً على الاقتراض المسرف يخرج عن قدرة المقترِض لخدمة دينه، بدءاً من دولة ما إلى مواطن عادي أينما كان. وللمرّة الأولى، باتت نسب المخاطرة في دول ناشئة كالصين والهند والبرازيل وروسيا ودول الخليج أقل من تلك التي تُعدّ قلب العالم الرأسمالي كأوروبا وأميركا. اليونان هي أول دولة تقع في سلسلة متلاحقة لا يعرف الخبراء حتى الآن كيفية تفاقم الأمور فيها، وإلى أية حدود. أسئلة عديدة بدأت تطرح نفسها نتيجة الأزمة الحالية: 1ـــــ إلى أي حد يمكن منطقتي اليورو والاتحاد أن تتماسكا في وجه أوّل أزمة حادة تعصف بهما؟ 2ـــــ هل اليونان هي الوحيدة التي خالفت معاهدة ماستريخت للوحدة النقدية، والتي حدّدت عجز الموازنة السنوي بـ3% من الناتج، وحجم الدين بـ60%؟ أم أن العديد من الدول الأعضاء هي كذلك؟ 3ـــــ هل يمكن الاستمرار في وحدة نقدية من دون وحدة مالية مشتركة؟ وهل باتت الوحدة السياسية مطلوبة لتثبيت أوروبا كقوّة؟ 4ـــــ كيف يمكن الاستمرار الوحدوي في ضوء ظهور تفاوت في مستوى الدخل والبطالة وحجم الاقتصاد والدين بين دولة وأخرى؟ الأزمة البنيوية في ماليات دول جنوب أوروبا ظهرت أكثر وضوحاً بعد فشل خطة التريليون دولار (750 مليار يورو) في تطمين المستثمرين إلى التزام الدول القوية بالعملة الموحّدة ودعم الدول المرهَقة. لم يدم الاطمئنان سوى ساعات قليلة، عادت بعدها الأسواق إلى الانهيار، بما فيها فرنسا وألمانيا، العمودان الرئيسيان، نتيجة الخوف من نسبة تعرّض مصارف الدولتين لمديونية جنوب أوروبا. أما السبب الرئيسي لعدم الثقة بالخطة الإنقاذية المالية، فهو ربطها بشروط من الصعب تطبيقها بالسرعة المطلوبة. ففي الوقت الذي دخل فيه العالم في ركود اقتصادي، وانخفضت العائدات من ضرائب ورسوم، وارتفعت النفقات الحكومية، تفرض الخطة شرط خفض نسبة العجز على الناتج وتقليص النفقات لخفض حجم الدين. وبالفعل، بدأت بعض الدول كإسبانيا والبرتغال تطبيق إجراءات أحادية الجانب، منها خفض الرواتب الحكومية 5% ورفع ضريبة الـTVA إلى 21%، والدخل إلى 50%. لكن هذه الإجراءات لم تفِ بالغرض، نتيجة التخوّف من مجموع الدين العام. فالأزمة بدأت مع اليونان التي تعاني عبء 320 مليار يورو ديناً، بينما لدى كل من إسبانيا وإيطاليا حوالى 1.2 تريليون يورو ديوناً، مما رفع إجمالي الدين العام لمجموعة الـ27 إلى 11.8 تريليوناً، وبنسبة 73.6% من الناتج المجمّع. في المحصّلة، يؤكّد بول فولكر محافظ الاحتياط الفدرالي السابق ومستشار الرئيس أوباما الحالي، وجون سنو وزير الخزانة الأميركي السابق، ومارفين كينغ محافظ البنك المركزي البريطاني الحالي، أن العالم ما زال في طور الخروج جزئياً من الأزمة، ولم يخرج منها بعد، وأن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه الاستمرار من دون تقليص المديونية وعجز الموازنات، بينما يجزم فولكر بأنّ الاتحاد غير قابل للاستمرار من دون مالية وخزينة مشتركة وأرضية سياسية في الحد الأدنى، وإلّا فستنضم دول أوروبية كبرى إلى نظرية شوفينية «أنا أوّلاً»، وتنقسم أوروبا إلى ثلاث مجموعات: شمال وغرب تضم ألمانيا وفرنسا وبعض الدول الاسكندينافية، وجنوب فيها اليونان والبرتغال، وشرق تضم الدول الخارجة من شيوعية القرن العشرين. سوء الإدارة المالية مستشرٍ في العديد من دول العالم بما فيها الاتحاد الأوروبي، وهذا ما دفع البعض في ألمانيا إلى معارضة مساعدة اليونان، لكونها بلداً لم يصل بعد إلى معايير الشفافية والمحاسبة والأخلاقية الألمانية، حيث هناك رشى وتهرّب من الضرائب وسوء إدارة إنفاق حكومية... كذلك الحال في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا ودول أوروبا الشرقية الحديثة العضوية في الاتحاد. ولذلك يريد البعض تحميل مَن يسيء إدارة المال التبعات والعواقب. وقد نصل إلى يوم غير بعيد لا تكون فيه أوروبا كما حلم بها البعض، ونعود إلى العملات المحلية. الحالة اللبنانيّة بدأ النموّ الفعلي التصاعدي للدين اللبناني بعد عملية التلاعب بتثبيت سعر الفوائد، التي وصلت في حدها الأقصى إلى 43%، وبقيت حوالى سنتين تنخفض إلى ما بين 20 و35% بحجة تثبيت سعر الصرف، ممّا كلّف حتى الآن حوالى 35 مليار دولار فوائد. ووصل الدين إلى 65 مليار دولار، يضاف إليها أو يحسم منها حوالى 15 ملياراً، حسب الجهة التي تحتسب. البعض يحتسب 75 مليار دولار، بينما تفترض الجهات الرسمية أنّ الدين الصافي بعد حسمها ودائع القطاع العام، يبلغ حوالى 48 مليار دولار. مهما يكن الرقم، فإنه في نظر القيّمين ما زال تحت السيطرة ما دامت الودائع تزداد، بغضّ النظر عن «كلفة الثقة»، حتى أصبحت اليوم تنفق ما يفوق مليار دولار سنوياً فقط لامتصاص السيولة الفائضة التي لا يحتاج إليها السوق، والتي تؤدي في الظروف العادية إلى خفض الفوائد على الودائع بنظرية العرض والطلب. أما في لبنان، فالبنك المركزي ووزارة المال يتناوبان على امتصاص السيولة بدفع فوائد على سندات ليسا بحاجة إلى إصدارها، ولكنها تساعدهما على ضخ الدم في شريان حياة مصدر تمويل الدين العام. توافرت ظروف للبنان وحظوظ لم تتوافر لبلد آخر في الأسواق الناشئة. فمع كل الأجواء السلبية فيه وواقعه الجيوبوليتيكي وموقعه الجغرافي على خطوط تماس متواصل، وطغيان المذهبية والقبلية، وبسبب السرية المصرفية التي لا يعلم أحد ما تخفي وراءها، ارتفعت ودائعه بوتيرة غير مسبوقة، مما سهّل لأصحاب الشأن تسويق أنهم مَن أنجز ذلك من خلال «حِرفيّة» المصارف، و«نباهة» البنك المركزي ووزارة المال. صحيح أن المصارف اللبنانية بممارساتها «التقليدية» جنّبت نفسها كوارث الجشع التي ألمّت بالمصارف العالمية، ولكنها وقعت في «كرم» الخزينة اللبنانية التي عوّضتها عن المضاربات في الأسواق العالمية، ممّا أدى إلى مضاعفة رأسمالها المجمّع 30 ضعفاً. بعدها جعل هذا الزواج «العرفي الماروني» الخزينة والمصارف أسيرتين إحداهما للأخرى كالتوأم السيامي. أكذوبة أخرى ابتدعها المعنيون وصدّقوها عن أنهم هم مَن حافظوا على الذهب، الذي استطاع البنك المركزي بارتفاع أسعاره التعويض عن عملية امتصاص السيولة وتكبير حجم الكتلة النقدية على مدى الـ15 سنة الماضية، ومحو جزء من الدين العام. ولكن الحقيقة أن عدم الثقة بين ملوك لبنان السابقين والحاليين هو ما حفظ الذهب.
المنطق المالي غالباً ما يفترض أن نسبة نمو الإنفاق أسرع من ارتفاع الودائع، وبالتالي تصل المالية إلى حائط مسدود إذا ما تسارعت الوتيرة. في لبنان، وقعت حرب التحرير واغتيال الرئيس رفيق الحريري وحرب تموز 2006 ونهر البارد واعتصام وسط بيروت و7 أيار، ومع ذلك ارتفعت الودائع من 30 إلى 108 مليارات دولار. لم يشهد الخبراء في مديونية الدول ظاهرة مماثلة. لكن بدلاً من الاستفادة من ظاهرة استثنائية، تحوّل تركيز الطبقة السياسية في لبنان على استنفاد أموال الديون كما استنفدوا قبلها موارد الدولة. يمكن تلخيص خلفيات النتائج التي أوصلت الحال المالية إلى دين الـ65 مليار دولار في نهاية 2010 (الرقم الرسمي المتوقع نهاية 2010 هو 56 مليار دولار)، فضلاً عن الأرقام المخفية، إلى 3 أنواع من الممارسة والطبائع التي تحكم المشهد السياسي في لبنان: 1ـــــ الجهل: شريحة كبرى من السياسيين والجمهور تجهل حتى التفاصيل البسيطة في الأمور المالية. 2ـــــ الجشع والفجور: بغضّ النظر عن جهل الجاهلين وعلم العالمين، يشترك معظمهم في عدم لجم نزعة تقاسم مغانم الدولة ضمن نظام النفوذ السياسي الموزّع على الأقطاب الرئيسيين. والمؤسف أن الشريحة التي عاصرت التغييرات الخارجية، والتي كانت قادرة على تغيير جذري في البلاد، ساومت مع «الجاهلين الطامعين»، وشاركتهم في الإفساد وسرقة المال العام، تقودهم جميعاً الأنانية والشوفينية وتثبيت «كانتونات النبلاء» في المناطق. 3ـــــ الحقد: قد يستغرب البعض أن جزءاً كبيراً من الخلل المالي، كما السياسي، ناتج من عدم الإنجاز في العمل الحكومي الإنمائي، مما سبّب عدم إصلاح الكهرباء والمياه مثلاً، بسبب عرقلة طرف لطرف آخر حتى لا يأخذ الأخير رصيد الإنجاز.
باباندريو والحريري: حوار مفترضيزور رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو لبنان، الأسبوع المقبل. صعبٌ التكهُّن بما يمكن المسؤول اليوناني بحثه في لبنان بعد أن وصلت بلاده إلى حافة إعلان الإفلاس. هل سيأتي لينبّه سعد الحريري إلى عدم الارتياح لأنّ الأرقام الماليّة في اليونان ليست بسوء الأرقام اللبنانية، ومع ذلك اضطرّت اليونان إلى أن تكون جاثمة على ركبتيها أمام شركائها للإنقاذ؟ سيأتي ربما قلقاً لأنه يعرف أن نسبة الدين إلى الناتج في لبنان 220% وعجز موازنته 15%، وقريباً ستتخطى كلفة خدمة ديونه مجموع إيرادات الدولة؟ هل سيشرح لسعد الحريري أن اليونان تندم لأنها أخطأت في عدم ضبط ماليتها وتغاضت عن التهرّب من الضرائب ومارس بعض مسؤوليها الفساد ما أدى إلى ارتفاع الدين إلى الناتج إلى 115% وعجز الموازنة 13.6%، ولذلك حلّت بها الكارثة؟ هل سينبّهه إلى أن الأوضاع المالية في لبنان أسوأ أضعافاً من أضعف دولة أوروبية، وأن لبنان إذا وقع، ما من اتحاد سيلتقطه؟ ماذا ستكون ردّة فعل سعد الحريري على ما قد يسمعه من باباندريو؟ هل سيجيبه كما سمع كارلوس سليم بما معناه أن لبنان غير معني بتجارب الدول الأخرى ومنطق خطورة النسب المالية. بل على العكس، هو مستعد، دولةً ومسؤولين، لإعطاء النصح للدول بشأن كيفية الاستدانة والإنفاق و«تركيب الطرابيش» من غير التعرض لهزات مالية. قد يقترح الحريري على باباندريو إمكان إرسال بعض نماذج وزراء المال السابقين لإعطاء المشورة بشأن نظرية «حجم الدين ثانوي أمام تكبير حجم الاقتصاد، والدليل أن الناتج ارتفع من 10 إلى 30 مليار دولار»، وهذا «دليل عافية»، ولو ارتفع الدين من 15 إلى 65 مليار دولار، لا يهم، أو يرسل له وزيراً يهندس له «أثينا 3» بدل «تضييع الوقت» في قمم الاتحاد الأوروبي الذي «يذلّ» اليونان بينما بقي لبنان «مرفوع الرأس» في «باريس 3». وقد يبعث له وزيراً آخر بالتعاون مع البنك المركزي يشدد على أهمية كتلة الودائع النقدية التي هي مصدر الأوكسجين الرئيسي لتمويل الدولة بدل الاعتماد على الاستثمار الخارجي، الذي هو عادة ما يظهر العيوب، لكونه البائع الأول عند حصول أزمة. النموذج اللبناني هو الأسلم. زواج عرفي بين الدولة والبنك المركزي مع المصارف التي ممنوع عليها الاستثمار في الخارج. ودائعها هي رهينة كبيرة للدولة ومصرفها المركزي. تُضمن أرباح المصارف ولو بكلفة إضافية 1.2 مليار دولار سنوياً غير أرباحها التشغيلية، تعويضاً لها على «وفائها الزوجي». وسيشرح الحريري وفريقه للضيف كيف أن أسعار السندات اللبنانية لم تتأثر بكل الخضّات العالمية نتيجة «الحنكة اللبنانية». ولكن من غير الواضح ماذا سيجيب سعد الحريري باباندريو عندما يسأله الأخير: ماذا لو وصلتم إلى آخر النفق ولم تعد ودائعكم تلبي طموحات الاستدانة لسد شغف «ملوك الحزب الماسوني» وطمعهم؟ مَن سيلتقطكم؟ وما هي سيناريوهاتكم؟ «باريس 4»؟ قد يقول باباندريو: «اسمع مني يا شيخ سعد وانتبه إلى أن الذين أوصلوا البلاد إلى حالة إفلاسية ليسوا هم مَن سينتشلونه لأنهم أسرى أنفسهم، وادعُ إلى لجنة طوارئ عاجلة تضم كل القوى السياسية لتنكبّ على مواجهة ما رفضنا التصديق أنه سيحصل عندنا».
واشنطن ــ محمد سعيدتعتزم الولايات المتحدة بيع السعودية طائرات مقاتلة من طراز «إف -15» بقيمة 30 مليار دولار ويستغرق تنفيذ صفقة البيع 10 سنوات. وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الصادرة أمس إنّ الصفقة المقترحة كانت مصدر توتر خلال شهور من المفاوضات بسبب الموقف الإسرائيلي، إذ ذكرت الصحيفة أنّ المسؤولين الاسرائيليين نقلوا مخاوفهم مراراً قائلين إنّ الولايات المتحدة تخاطر بتقويض ميزتهم العسكرية بتجهيز منافسين إقليميين بأحدث تكنولوجيا الطيران، الأمر الذي دفع المسؤولين الأميركيين إلى تقديم «توضيحات» في الأسابيع الأخيرة بشأن هذه الصفقة للمساعدة في تبديد شكوك إسرائيل. وقال مسؤولون مطلعون على المفاوضات إنّه لا يزال لدى إسرائيل بعض التحفظات لكنّها لن تتحدى الصفقة من خلال استخدام أنصارها داخل وخارج الكونغرس للضغط من أجل تعطيل الصفقة.كذلك جاء، نقلاً عن «مصدر رسمي في المنطقة»، أنّ الأمر الأهم بالنسبة لإسرائيل كان قرار إدارة أوباما عدم تزويد السعودية بأسلحة تحتوي على منظومات متطورة للمدى البعيد، والتي يمكن تركيبها على طائرات «أف -15» لاستخدامها في شن غارات على أهداف بحرية وبرية.ونقل عن الناطق بلسان البنتاغون، جيف موريل، الذي رفض التحدث في تفاصيل المفاوضات، قوله إنّ الولايات المتحدة وإسرائيل عملتا معاً على مستويات رفيعة من أجل معالجة مخاوف إسرائيل. وأضاف إنّ إسرائيل ليست الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها مخاوف أمنية، وأنّ هناك التزامات للولايات المتحدة تجاه دول أخرى حليفة. ومن المتوقع أن تخطر وكالة التعاون الأمني العسكري التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) رسمياً الكونغرس بشأن الصفقة في وقت مبكر من الشهر المقبل.وبموجب الصفقة الجديدة فإن السعودية سوف تشتري 84 طائرة مقاتلة من طراز «إف ـ 15» تنتجها شركة بوينغ الأميركية مزودة بأنظمة شبيهة بما يقدم لدول أجنبية أخرى ولكنّها لا تملك ذات التكنولوجيا المتقدمة في الطائرات التي يستخدمها سلاحا الجو الأميركي والإسرائيلي.ويذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أجرى مباحثات مع وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس وكبار المسؤولين خلال زيارته الأخيرة لواشنطن في الشهر الماضي. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله إنّ محادثات باراك التي تناولت الصفقة السعودية كانت «بنّاءة». وأضاف المسؤول «لقد شعرنا بالارتياح إزاء طريقة تجهيز طائرات السعودية»، مشيراً إلى أنّ السعوديين قدموا ضمانات خاصة للولايات المتحدة بأنّهم لن يضعوا الطائرات في قواعد قريبة من الحدود مع إسرائيل. وذكرت الصحيفة أنّ المسؤولين الأميركيين أبلغوا باراك أنّ صفقة الطائرات المقترحة للسعودية سوف تعزز «المعتدلين» في منطقة الخليج وهو في نهاية المطاف يعزز أمن إسرائيل.
حسن عليق
كشفت مصادر رفيعة في وزارة الاتصالات أن الوزير شربل نحاس أنشأ فريقاً تقنياً من داخل الوزارة مهمته إجراء مسح شامل لشبكات الهاتف الخلوي في لبنان، إضافة إلى شبكة الهاتف الثابت. ويهدف المسح إلى وضع دراسة عن نقاط الضعف التي تعانيها هذه الشبكات، سواء من الناحية التقنية أو البشرية، والتي سمحت (وتسمح) بحدوث خروق أمنية كالتي اعترف بها موقوفا شركة ألفا، شربل ق. وطارق ر.وأشارت المصادر إلى أن الفريق قد يستعين بخبرات من خارج الوزارة، إذا احتاج إلى ذلك، وأن الخطوة منسقة مع الهيئة الناظمة للاتصالات. ولفتت المصادر إلى أن المأمول أن يؤدي هذا المسح إلى تمكين الوزارة من «شد البراغي المرتخية» داخل الشركات، التي كانت الرقابة فيها مترهلة، ما سمح بحصول خروق خطيرة كالتي كُشفت حتى الآن، والتي لم تتمكن الشركات من إحصاء أضرارها كاملة. وقد أجرى الوزير لقاءات مع إدارتي الشركتين وإدارة هيئة أوجيرو، لتسهيل عمل الفريق وتمكينه من تنفيذ مهمته.وفي الإطار عينه، لفتت مصادر مطلعة إلى أن اعترافات الموقوف طارق ر. تشير إلى أن ما نفذه لحساب الاستخبارات الإسرائيلية تفوق خطورته بأضعاف ما نفذه زميله شربل ق. لحساب الجهة ذاتها.وأشارت مصادر مواكبة للملف إلى أن حزب الله سيستمر في مواجهة «الاعتداء الإسرائيلي المتمادي من خلال التجسّس على كل القطاعات الحيوية في البلاد»، لافتة إلى أن «حملة الردود على الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لن تؤثر في هذا المجال، بل سيجري التعامل معها كما لو أنها لم تكن».وكانت لافتة أمس مطالبة رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، النائب حسن فضل الله، الحكومةَ اللبنانية بإرسال تقرير مفصّل إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عمّا وصفه بـ«الاحتلال الإسرائيلي لقطاع الاتصالات اللبناني»، لأن «أي تباطؤ في هذا الأمر هو بطريقة أو بأخرى محاولة للتهوين والاستخفاف لترك إسرائيل تتمادى أكثر».
ما نفذه الموقوف طارق ر. تفوق خطورته بأضعاف ما نفذه زميله شربل ق.من ناحية أخرى، خفت هجوم قوى 14 آذار على وزير الاتصالات شربل نحاس أمس، على خلفية السؤال الذي طرحه الأمين العام لحزب الله عمّا إذا كان فرع المعلومات على معرفة مسبقة بتعامل الموقوف شربل ق. مع الاستخبارات الإسرائيلية. وفيما استقبل رئيس الحكومة سعد الحريري وزير الداخلية زياد بارود للاطلاع منه على نتائج الاتصالات التي أجراها بشأن سؤال نصر الله، بدا نواب تيار المستقبل كمن يأخذ هدنة من محاربة نحاس. فبعدما خرج عدد من نواب قوى 14 آذار، وبالتحديد من تيار المستقبل والسياسيين المحسوبين عليه، للهجوم عليه من باب التلميح إلى أنه تعمّد تأخير وصول بيانات من شركتي الهاتف الخلوي إلى فرع المعلومات، بقصد السماح لمديرية استخبارات الجيش بالوصول إلى موقوف شركة ألفا قبل قوى الأمن الداخلي، التزم مطلقو الحملة الصمت طوال يوم أمس. وذكرت مصادر في قوى 14 آذار لـ«الأخبار» أن مسؤولين أمنيين لفتوا نظر عدد من سياسيي الفريق المذكور إلى أن ما أطلقوه عن عدم تلبية نحاس طلباً أرسلته المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى وزارة الاتصالات، وفقاً للأصول، يوم 14/6/2010، هو أمر غير صحيح، مؤكدين أن نحاس لبى الطلب المقصود فوراً. ويبدو أن حديث الأمنيين المحسوبين على قوى 14 آذار لم يشمل النائب خالد الضاهر الذي كرّر أمس ما قاله زملاؤه في اليوم السابق مطالباً باستقالة نحاس.لكن المسؤولين الأمنيين ذاتهم استمروا بالشكوى من «التأخير الدائم» في وصول البيانات الهاتفية من شركتي الهاتف الخلوي إلى الأجهزة الأمنية، محمّلين المسؤولية لوزير الاتصالات.الوزير شربل نحاس التزم الصمت بدوره، ولم يصدر بياناً يرد فيه على مهاجميه. وأكدت مصادر مطلعة في الوزارة لـ«الأخبار» أن الآلية المتبعة في الحصول على البيانات تحتمل ذاتياً إمكان التأخير، منذ أن أقرتها الحكومة الثانية للرئيس فؤاد السنيورة. وبحسب المصادر، فإن طلب الحصول على البيانات ينطلق من الجهاز الأمني إلى الوزارة المعنية ومنها إلى رئاسة الحكومة ثم الوزارة مجدداً قبل الوصول إلى وزارة الاتصالات. وفي عملية حسابية أجرتها الوزارة، تبيّن أن هذه المسيرة تحتاج إلى معدل زمني يبلغ 10 أيام. بعد ذلك، تضيف المصادر، يطلب وزير الاتصالات من فريق قانوني التأكد من قانونية الطلب ومدى مطابقته للآلية التي أقرها مجلس الوزراء، قبل أن يحيل الملف على هيئة مالكي شبكات الخلوي التي ترسلها إلى الشركتين اللتين تلبّيان الطلب وتبعثان بالنتيجة إلى هيئة المالكين، ومنها إلى الوزارة. وبحسب المصادر ذاتها، فإن المعدل الزمني الذي تستهلكه هذه العملية (داخل وزارة الاتصالات ومنها إلى الوزارة المعنية) يبلغ نحو 6 أيام. وبالتالي، فإن «التأخير الذي يتحدث عنه المسؤولون الأمنيون غير مرتبط بالوزارة التي لا تعامل جهازاً أمنياً ما بغير ما تعامل به جهازاً آخر». وتؤكد مصادر الوزارة أن إحدى المرحلتين اللتين يمر بهما الطلب قد تتجاوز المعدل أحياناً، إلا أن ذلك يعد جزءاً من الآلية البطيئة، داعية الأجهزة الأمنية إلى تسلم مركز التحكم بالاتصالات الذي ينص عليه القانون 140/99، والذي يتيح للأجهزة الأمنية ملاحقة أرقام الهاتف الخلوي لحظة بلحظة، إضافة إلى التنصت على المكالمات وفقاً لآلية حددها القانون. وذكرت المصادر أن وزارة الاتصالات أنهت تجهيز المركز المذكور منذ نحو شهرين، وأنه يلغي التأخير الذي تشكوه الأجهزة الأمنية.
أليدا تشي غيفارا في بيروت. يمثّل الحدث استعادة لرمزية الثائر الأرجنتيني الأكثر شهرة، وخصوصاً أن الزيارة تأتي بالتزامن مع الذكرى الـ43 لاستشهاده على أيدي الاستخبارات الأميركية في بوليفيا. تصل الدكتورة في علم نفس الأطفال، في زيارتها الأولى للبنان، يوم الخميس المقبل بدعوة من «لجنة التضامن اللبنانية لتحرير المعتقلين الكوبيين الخمسة»، وستشارك الساعة السادسة من يوم السبت المقبل في حفل افتتاح «منتدى التضامن مع الثورة الكوبية» الذي تعقده اللجنة تحت شعار «من أجل حرية الأبطال الكوبيين الخمسة» في قصر الأونيسكو في بيروت.العنوان الأبرز للقاء هو التضامن مع الكوبيين المعتقلين في السجون الأميركية على خلفية قضايا تتعلق بكشفهم خلايا تعمل في وسط الجالية الكوبية في ميامي، بهدف تنفيذ عمليات تخريبية في كوبا. ومنذ اعتقالهم في أواخر عام 1998 حوّلت كوبا اعتقال هؤلاء إلى قضيتها الدبلوماسية والإعلامية الأولى، داخل كوبا وخارجها، واستحصلت على قرار من الأمم المتحدة بإدانة اعتقالهم التعسفي وطريقة محاكمتهم الجائرة.اختيار اليدا تشي غيفارا للبنان ليس صدفة، فلجنة التضامن اللبنانية لتحرير الكوبيين الخمسة، تصنف من جانب المنظمة الكوبية للصداقة مع الشعوب، باعتبارها من أنشط اللجان وأكثرها دينامية على مستوى العالم. وتنظم اللجنة اعتصاماً سنوياً أمام السفارة الأميركية في عوكر تضامناً مع الأسرى الخمسة. ويلقى أي نشاط حول العالم يتعلق بقضية هؤلاء اهتماماً غير مسبوق من الإعلام الكوبي.وفيقة إبراهيم، الناشطة في لجنة التضامن اللبنانية، قالت لـ«الأخبار»: «لإليدا تقدير كبير في قلوب من يحب كوبا. هناك أشخاص يرونها كابنة تشي جيفارا، وهي بالفعل ابنة هذا الرجل، وهي فخورة جداً بكونها ابنته. لكن أليدا ليست فقط ابنة لثائر وقائد مشهور، بل هي نموذج للسيدة الكوبية المناضلة التي تجوب العالم لإبراز الظلم اللاحق بشعبها والحصار الجائر المفروض عليه، وقضية الأبطال الخمسة هي أحد أبرز أوجه هذا الظلم».وعن زيارتها للبنان، أعلنت إبراهيم أن برنامج أليدا غيفارا سيشمل إضافة إلى المشاركة في المنتدى العديد من الأنشطة والزيارات واللقاءات، تختتمها بلقاء عند الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الاثنين 11 تشرين الأول في نقابة الصحافة.وتختم إبراهيم: «أليدا تواقة لزيارة لبنان، وهي تعرف أن في هذا البلد الصغير الكثير من النساء والرجال الذين يرون أن تشي قدوة في نضالهم ومقاومتهم».
بسام القنطار
أمس، عرضت «الحملة العالميّة لمقاومة العدوان» توصيات لقاء التنسيق والتشبيك لأسطول الحرية 2. هل ستشهد غزة «تسونامي» بحري وبري من أساطيل المساعدات؟ أم أن الآمال المعقودة على هذه الحملات ستتضاءل بفعل معوّقات كثيرة؟ الأيام المقبلة تحمل الإجابة
محمد محسنبعد عيد الفطر المقبل، سينطلق «أسطول الحرية 2» لكسر حصار قطاع غزّة. قد يكون هذا التحرّك «عيديّة» متأخّرة للأهالي المحاصرين. من سيكسر حصارهم في شهر رمضان ويمدّهم بغذاء يقوون به على صيامهم؟ الاستعدادات جارية في عواصم كثيرة «لكن الوقت كان خائناً»، والأسطول سينطلق بعد العيد.هكذا، وبرغم أن المؤتمر الذي عقدته أمس «الحملة العالمية لمقاومة العدوان» في نقابة الصحافة، كان مخصّصاً لعرض نتائج لقاء التنسيق والتشبيك لأسطول الحرية 2، إلا أن الحديث تشعّب نحو قوافل أخرى. لذلك، ستشهد الأشهر المقبلة ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة الحركة لكسر حصار غزة، في ظل معوّقات كثيرة تواجهها تلك الحملات، تبدأ بإحجام الكثيرين عن تأجير سفنهم، ولا تنتهي بالدول التي تمنع الإبحار باتجاه غزة من موانئها، الأمر الذي أوحى للمنظمين بتحرك قانوني إضافي هو مقاضاة الدول التي تمنع الانطلاق من موانئها الى غزة لكون الحصار غير قانوني.في التفاصيل، ستنطلق أولاً في 27 تموز الجاري قافلة «أميال الابتسامات 2» البرية التي تضم برلمانيين وإعلاميين عرباً وأجانب، بتنظيم من اتحاد البرلمانيين المتضامنين مع القضية الفلسطينية، إضافة إلى آليات محملة بالمساعدات بإشراف «ائتلاف الخير» الذي يديره الشيخ يوسف القرضاوي. أمّا في 18 أيلول فستتحرك ألف سيارة باتجاه غزّة من 3 مناطق أوروبية، مغربية وخليجية، ضمن قافلة «شريان الحياة 4».
مقاضاة السلطات التي تمنع انطلاق سفن المساعدات من موانئهالجان كسر الحصار كثيرة. تبذل الجهود على أكثر من صعيد، وقد شهدت تنامياً على مستوى «الرحلات»، كما بدا من ضخامة الحملات. لم يستغرق المؤتمر وقتاً طويلاً، وتحت عنوان «الحرية لغزة» تلا الأمين العام للحملة عبد الرحمن النعيمي، توصيات لقاء لجان كسر الحصار، أمام حضور لبناني، فلسطيني وخليجي. أولى التوصيات كانت «تحديد هدف واحد لهذا الأسطول، وهو كسر الحصار وفتح المعابر وميناء غزة ومطارها»، لكن من دون توضيح آليات الوصول إلى هذا الهدف. الجانب القانوني في التوصيات كان مهماً، إن على مستوى دعم الجهود المبذولة «ولا سيما الملاحقات القانونية لمجرمي الحرب الصهاينة» التي من شأنها تضييق مساحة حرية التنقل لمجرمي الحرب الإسرائيليين، إضافة الى إظهار اسرائيل بصورتها الحقيقية. لكن الأهم في هذا الشق، هو الدعوة إلى «دراسة إمكان المقاضاة القانونية للسلطات التي تمنع انطلاق سفن المساعدات من موانئها، باتجاه غزة باعتبار هذا المنع مخالفاً للقانون الدولي ومخالفاً لقانون الملاحة الدولية» وهو ما يشير، ضمناً، إلى وجود مشاكل تعانيها أساطيل الحرية مع الدول التي تنوي الإبحار من موانئها.وفيما عرض النعيمي الحملات التي ستنطلق لكسر الحصار، تتماهى التوصيتان الخامسة والسادسة مع الاستعدادات المتسارعة لإتمام عدّة أسطول الحرية 2. إذ ضمت التوصية الخامسة دعوتين للدول العربية: الأولى قديمة وهي بإطلاق سفن من كل ميناء عربي باتجاه غزة، على قاعدة أن السكوت عن الحصار مشاركة فيه، أمّا الدعوة الثانية فهي لتسهيل انطلاق السفن. أمّا التوصية السادسة فأكدت «التكامل بين المبادرات الإغاثية المتواصلة... انطلاقاً من لامشروعيّة ولاقانونيّة ولاأخلاقيّة هذا الحصار».وبعد انتهاء المؤتمر، أشارت مصادر الحملة لـ«الأخبار» إلى اقتراح تسيير سفينة أطفال من كل الجنسيات. لكن هذا الاقتراح ما زال مثار جدل، لأنه «يعطي ذريعة للإسرائيلي للقول إننا نستعمل الأطفال دروعاً بشرية». وتحدّثت المصادر عن أن دخول قافلة «أميال الابتسامات 2» إلى غزة قد جرى «الاتفاق عليه مع السلطات المصرية». أمّا على مستوى أسطول الحرية، فتؤكد المنسقة العامة لـ«غزة حرّة» هويدا عراف أن «حملات تبرع تجري في أكثر من دولة أوروبيّة وأميركية لإشراك شعوب هذه الدول في كسر الحصار عبر تبرعهم لشراء السفن التي ستنطلق من بلدان متعددة، وتلتقي في البحر المتوسط في الوقت نفسه».
جريدة الأخبار
بدأ أمس أساتذة الجامعة اللبنانية إضراباً عاماً يستمر 3 أيام في كليات الجامعة ومعاهدها ومختبراتها، احتجاجاً على إضراب المسؤولين، داخل الجامعة وخارجها، عن تطبيق القانون، على أن ينفذوا اعتصاماً أمام مجلس الوزراء بالتزامن مع انعقاد جلسته المقبلة في مكان انعقاد الجلسة وزمانها، تعبيراً عن استياء الهيئة التعليمية من سياسة الإهمال للقضايا الأساسية للجامعة الوطنية. وأكدت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة، في اجتماعها الدوري أمس، الاستمرار بعقد الجمعيات العمومية في الفروع وتعبئة الهيئة التعليمية لمواجهة التحديات المطروحة. كذلك أعلنت أنّها ستطلب مواعيد سريعة من وزراء التربية والتعليم العالي والمال والتنمية الإدارية ورئيس مجلس الوزراء، لتوضيح موقف الرابطة من الأسئلة المطروحة من مجلس الوزراء بشأن مشروع قانون احتساب الراتب التقاعدي بالقسمة على 35 بدلاً من 40 سنة والمطالب المطروحة. كذلك ستضع الهيئة مذكرة خطية تقدمها إلى الجهات المعنية، وستستمر بالحملة الإعلامية. وجاء في بيان الهيئة: «إذا كان البعض يتصور أن باستطاعته القفز فوق القانون، أو أن يتراجع عن التعهدات والاتفاقات المعقودة، فإن تصعيد تحركنا، وتضامن الهيئة التعليمية والإدارية والطالبية، سيدفعاننا إلى وضع الأمور في نصابها وتسمية كل الأمور بأسمائها، دفاعاً عن الجامعة وطلابها». وتوقفت الهيئة، في اجتماعها، عند التداعيات الخطيرة التي تعاني منها الجامعة، بغياب المديرين والعمداء الأصيلين لجميع الكليات والمعاهد والفروع. وتداولت في المسؤوليات التي كانت في أساس هذا الوضع من جانب المسؤولين ضمن الجامعة وخارجها، مع خطورة الخلفيات الأكاديمية والمحاصصات الفئوية التي تضرب مستقبل الجامعة والمستوى الأكاديمي المرموق فيها.