حسن عليق
كشفت مصادر رفيعة في وزارة الاتصالات أن الوزير شربل نحاس أنشأ فريقاً تقنياً من داخل الوزارة مهمته إجراء مسح شامل لشبكات الهاتف الخلوي في لبنان، إضافة إلى شبكة الهاتف الثابت. ويهدف المسح إلى وضع دراسة عن نقاط الضعف التي تعانيها هذه الشبكات، سواء من الناحية التقنية أو البشرية، والتي سمحت (وتسمح) بحدوث خروق أمنية كالتي اعترف بها موقوفا شركة ألفا، شربل ق. وطارق ر.وأشارت المصادر إلى أن الفريق قد يستعين بخبرات من خارج الوزارة، إذا احتاج إلى ذلك، وأن الخطوة منسقة مع الهيئة الناظمة للاتصالات. ولفتت المصادر إلى أن المأمول أن يؤدي هذا المسح إلى تمكين الوزارة من «شد البراغي المرتخية» داخل الشركات، التي كانت الرقابة فيها مترهلة، ما سمح بحصول خروق خطيرة كالتي كُشفت حتى الآن، والتي لم تتمكن الشركات من إحصاء أضرارها كاملة. وقد أجرى الوزير لقاءات مع إدارتي الشركتين وإدارة هيئة أوجيرو، لتسهيل عمل الفريق وتمكينه من تنفيذ مهمته.وفي الإطار عينه، لفتت مصادر مطلعة إلى أن اعترافات الموقوف طارق ر. تشير إلى أن ما نفذه لحساب الاستخبارات الإسرائيلية تفوق خطورته بأضعاف ما نفذه زميله شربل ق. لحساب الجهة ذاتها.وأشارت مصادر مواكبة للملف إلى أن حزب الله سيستمر في مواجهة «الاعتداء الإسرائيلي المتمادي من خلال التجسّس على كل القطاعات الحيوية في البلاد»، لافتة إلى أن «حملة الردود على الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لن تؤثر في هذا المجال، بل سيجري التعامل معها كما لو أنها لم تكن».وكانت لافتة أمس مطالبة رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، النائب حسن فضل الله، الحكومةَ اللبنانية بإرسال تقرير مفصّل إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عمّا وصفه بـ«الاحتلال الإسرائيلي لقطاع الاتصالات اللبناني»، لأن «أي تباطؤ في هذا الأمر هو بطريقة أو بأخرى محاولة للتهوين والاستخفاف لترك إسرائيل تتمادى أكثر».
ما نفذه الموقوف طارق ر. تفوق خطورته بأضعاف ما نفذه زميله شربل ق.من ناحية أخرى، خفت هجوم قوى 14 آذار على وزير الاتصالات شربل نحاس أمس، على خلفية السؤال الذي طرحه الأمين العام لحزب الله عمّا إذا كان فرع المعلومات على معرفة مسبقة بتعامل الموقوف شربل ق. مع الاستخبارات الإسرائيلية. وفيما استقبل رئيس الحكومة سعد الحريري وزير الداخلية زياد بارود للاطلاع منه على نتائج الاتصالات التي أجراها بشأن سؤال نصر الله، بدا نواب تيار المستقبل كمن يأخذ هدنة من محاربة نحاس. فبعدما خرج عدد من نواب قوى 14 آذار، وبالتحديد من تيار المستقبل والسياسيين المحسوبين عليه، للهجوم عليه من باب التلميح إلى أنه تعمّد تأخير وصول بيانات من شركتي الهاتف الخلوي إلى فرع المعلومات، بقصد السماح لمديرية استخبارات الجيش بالوصول إلى موقوف شركة ألفا قبل قوى الأمن الداخلي، التزم مطلقو الحملة الصمت طوال يوم أمس. وذكرت مصادر في قوى 14 آذار لـ«الأخبار» أن مسؤولين أمنيين لفتوا نظر عدد من سياسيي الفريق المذكور إلى أن ما أطلقوه عن عدم تلبية نحاس طلباً أرسلته المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى وزارة الاتصالات، وفقاً للأصول، يوم 14/6/2010، هو أمر غير صحيح، مؤكدين أن نحاس لبى الطلب المقصود فوراً. ويبدو أن حديث الأمنيين المحسوبين على قوى 14 آذار لم يشمل النائب خالد الضاهر الذي كرّر أمس ما قاله زملاؤه في اليوم السابق مطالباً باستقالة نحاس.لكن المسؤولين الأمنيين ذاتهم استمروا بالشكوى من «التأخير الدائم» في وصول البيانات الهاتفية من شركتي الهاتف الخلوي إلى الأجهزة الأمنية، محمّلين المسؤولية لوزير الاتصالات.الوزير شربل نحاس التزم الصمت بدوره، ولم يصدر بياناً يرد فيه على مهاجميه. وأكدت مصادر مطلعة في الوزارة لـ«الأخبار» أن الآلية المتبعة في الحصول على البيانات تحتمل ذاتياً إمكان التأخير، منذ أن أقرتها الحكومة الثانية للرئيس فؤاد السنيورة. وبحسب المصادر، فإن طلب الحصول على البيانات ينطلق من الجهاز الأمني إلى الوزارة المعنية ومنها إلى رئاسة الحكومة ثم الوزارة مجدداً قبل الوصول إلى وزارة الاتصالات. وفي عملية حسابية أجرتها الوزارة، تبيّن أن هذه المسيرة تحتاج إلى معدل زمني يبلغ 10 أيام. بعد ذلك، تضيف المصادر، يطلب وزير الاتصالات من فريق قانوني التأكد من قانونية الطلب ومدى مطابقته للآلية التي أقرها مجلس الوزراء، قبل أن يحيل الملف على هيئة مالكي شبكات الخلوي التي ترسلها إلى الشركتين اللتين تلبّيان الطلب وتبعثان بالنتيجة إلى هيئة المالكين، ومنها إلى الوزارة. وبحسب المصادر ذاتها، فإن المعدل الزمني الذي تستهلكه هذه العملية (داخل وزارة الاتصالات ومنها إلى الوزارة المعنية) يبلغ نحو 6 أيام. وبالتالي، فإن «التأخير الذي يتحدث عنه المسؤولون الأمنيون غير مرتبط بالوزارة التي لا تعامل جهازاً أمنياً ما بغير ما تعامل به جهازاً آخر». وتؤكد مصادر الوزارة أن إحدى المرحلتين اللتين يمر بهما الطلب قد تتجاوز المعدل أحياناً، إلا أن ذلك يعد جزءاً من الآلية البطيئة، داعية الأجهزة الأمنية إلى تسلم مركز التحكم بالاتصالات الذي ينص عليه القانون 140/99، والذي يتيح للأجهزة الأمنية ملاحقة أرقام الهاتف الخلوي لحظة بلحظة، إضافة إلى التنصت على المكالمات وفقاً لآلية حددها القانون. وذكرت المصادر أن وزارة الاتصالات أنهت تجهيز المركز المذكور منذ نحو شهرين، وأنه يلغي التأخير الذي تشكوه الأجهزة الأمنية.