في مثل هذه الأيام من شهر أيلول عام 1982 انقض المجرمون على مخيم صبرا وشاتيلا كوحوش كاسرة استهدت إلى ضحية. المجزرة التي انطبعت في الذاكرة الفلسطينية والعالمية لم تمح السنوات صورها المؤلمة. فضحايا المجزرة الذين تركوا دماءهم في الشوارع ورحلوا لهم أهل لا ينسون استذكارهم ولا إضاءة شمعة وفاء لذكراهم. ولعلّ لجنة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» التي وصلت إلى بيروت مساء أمس الأول هي الصوت العالمي الأعذب والأكثر شجاعة الذي ينتصر لضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا. ويضمّ وفد اللجنة، التي كان المناضل اليساري الإيطالي ستيفانو كياريني قد أسسها، مجموعة من الشخصيات الإيطالية والأميركية إضافة إلى شخصيات أوروبية وآسيوية. وكان الوفد الذي دأب على زيارة لبنان في ذكرى المجزرة منذ أكثر من عشر سنوات، بدأ نشاطه الميداني في عاصمة المقاومة صيدا (محمد صالح)، واجتمعوا أمام نصب الشهيد معروف سعد، يرافقهم الأمين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» د. أسامة سعد وشخصيات اجتماعية ودينية بينهم الأب نقولا الصغبيني، حيث وضعوا إكليلاً من الورد على ضريح سعد. وقال سعد في كلمته: «إنّ صيدا شريكة الشعب الفلسطيني في نضاله الطويل لاستعادة حقوقه الوطنية». ووجه تحية إلى «روح مؤسس كي لا ننسى صبرا وشاتيلا، الرفيق الراحل الكبير ستيفانو». وشكر بـ«اسم المناضلين الوطنيين اللبنانيين والعرب، الوفد، على التضامن المستمر مع الشعب الفلسطيني، لاسيما في ذكرى صبرا وشاتيلا». أضاف: «هذا الاهتمام هو محل تقدير من جميع المقاومين في لبنان والمنطقة العربية، ووسط الشعب الفلسطيني أيضاً. نحن وإياكم في جبهة واحدة ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية، ونحن واياكم سنقدم التضحيات، وفي النهاية سننتصر». وختم: «المنطقة تمر في ظروف صعبة، والشعوب العربية تدفع أثماناً باهظة بسبب أطماع الإمبريالية والصهيونية وتواطؤ الرجعية العربية معهما، لذلك نعتز بوقوفكم كشعوب حرة في أوروبا وأميركا وفي كل العالم، معنا، دفاعاً عن حقوقنا من أجل حياة كريمة، ومن أجل تقدم شعوبنا وحريتها». بعدها زار الوفد الذي يرأسه موريزيو موسوليني معتقل الخيام حيث كان في استقباله ممثل «حزب الله» فايز علوية وعدد من الأسرى المحررين من السجون الإسرائيلية وشخصيات سياسية وحزبية. وقام الوفد بجولة في أرجاء المعتقل وشاهد الآليات الإسرائيلية التي غنمتها المقاومة خلال التحرير عام 2000. وسمع أعضاؤه شرحاً مفصلاً من الأسرى عن معاناتهم إبان الاعتقال في زنزانات العدو الاسرائيلي، والأساليب والأدوات التي كان الجلادون يمارسونها في إذلالهم وتعذيبهم. وشكر علوية الوفد على مبادرته الطيبة في إحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها جيش العدو وأعوانه. وأشار إلى «دور المقاومة في قلب المعادلة مع العدو الصهيوني، والتي كالت الصاع صاعين، وباتت عنوان الصمود والتحدي». وقال موسوليني باسم الوفد: «جئنا إلى هنا، إلى هذه الأرض المقاومة لنستذكر تلك المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المواطنين الآمنين في صبرا وشاتيلا، ولدعم المقاومة التي هزمت الجيش الذي لا يقهر. جئنا نقف إلى جانب الناس هنا، نرى أحوال الفلسطينيين والسوريين الذين نزحوا مؤخّرا إلى لبنان، لنتضامن مع المقاومة وندعمها بعدما تعرفنا إليها منذ سنوات وعلى قدراتها القتالية وإمكاناتها في إعادة إعمار ما تهدّم، آملين تحرير ما تبقّى من أراض لبنانية وعربية محتلة». ثمّ توجه الوفد إلى بوابة فاطمة في بلدة كفركلا قبالة نقطة المراقبة الإسرائيلية حيث استمعوا إلى شرح عن أبرز المحطات التي مرت بها هذه المنطقة من الإحتلال إلى التحرير وعمليات المقاومة، ليلقوا بعدها نظرة على الأراضي الفلسطينية. ثم توجه الوفد إلى حديقة إيران في بلدة مارون الرأس حيث كان باستقبالهم عضو المجلس السياسي في «حزب الله» النائب السابق حسن حب الله حيث جال الجميع في أرجاء الحديقة، وكانت إطلالة على المكان الذي استشهد فيه عدد من الفلسطينيين خلال مسيرة العودة في ذكرى النكبة عام 2011 لتقام بعدها مأدبة غداء على شرف الوفد. واستعرض حب الله في كلمة تاريخ مجازر العدو الصهيوني بحق الشعوب العربية وانتهاكه لحقوق الإنسان. وحيا نشاط الوفد «الذي أخذ على عاتقه إبراز وحشية وهمجية العدو الصهيوني في كل الميادين انتصارا لحقوق الإنسان ودفاعا عن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية». وشدد حب الله على أن «النهج الذي التزمت به المقاومة هو النهج الأصح في التعامل مع العدو المتغطرس