احتدام الصراع بين فنزويلا وكولومبيا:أميركا اللاتينية في قلب الصراع

قطعت فنزويلا علاقاتها الدبلوماسية مع كولومبيا لحظة قدّمت هذه الأخيرة chavez-maradonaأمام منظمة الدول الأميركية «إثباتاتها الدامغة عن وجود معسكرات لمنظمة الفارك (اليسارية) في فنزويلا». وقال الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، أول من أمس، بحضور النجم الكروي الأرجنتيني دييغو مارادونا، إن «الدمعة في العين، أعطيت أمر قطع العلاقات، وتوجّه الجيش إلى الحدود». لن تنشأ حرب بين الدولتين، فقط فصل جديد من العلاقات المتوترة السائدة منذ أن قرر الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي، في عام 2007، «صرف» تشافيز من الوساطة التي «عيّنه فيها» مع «الفارك» لإطلاق الرهائن الذين كانوا في حوزتها. وتجدّد التوتر عام 2008 بعد الغارة الكولومبية على معسكر الفارك في الإكوادور، التي أدت إلى أزمة إقليمية لبست أيضاً بزة الحرب ولم تندمل ذيولها حتى اليوم مع كيتو. وانتشر الحريق ـــــ الكلامي أيضاً ـــــ عام 2009 عندما وافقت كولومبيا على إعطاء سبع قواعد عسكرية للولايات المتحدة، مولّدة أزمة تخطّت حدود البلدين المعطّلة اقتصادياً لتشمل معاني الدفاع والعدو والصديق في كل دول أميركا الجنوبية. في كل تلك الأحداث، يقف رئيس كولومبيا المنتخب، خوان مانويل سانتوس، الذي يتسلّم رئاسته في 7 آب المقبل. فهو وزير الدفاع في حكومة أوريبي، ويصوّر كأنه «صقر» العلاقات. بعد انتخابه رئيساً، بدأ سانتوس يعمل جاهداً لتوسيع هامشه عن «عرّابه» أوريبي، والتفلّت من مبادئه الداخلية والخارجية. وكانت قد تكاثرت في الأسابيع الأخيرة إشارات التقارب والتبادل بين تشافيز وسانتوس، من رغبة في فتح صفحة جديدة، مروراً بتعيين سانتوس لماريا أنخيلا هولغين وزيرة خارجية ـــــ وقد عملت سفيرة في كاراكاس ـــــ واجتماعها مع وزير خارجية فنزويلا نيكولاس مادورو، وصولاً إلى دراسة تشافيز احتمال حضور حفل تسلّم سانتوس. هذا التقارب الحاصل والضمني بين تشافيز وسانتوس أراد أوريبي نسفه بعدما اعترض علناً عليه. ما يحاول أوريبي فعله في السياسة الكولومبية، سابقة، لأن الرئيس السابق، في بلد لا يسمح بالتجديد ولا بإعادة الترشّح، مصيره الحتمي التقاعد السياسي. عند أوريبي الباحث عن ولاية ثالثة ـــــ رفضها له القضاء ـــــ نهاية ولايته لا تعني أفول حياته السياسية. حتى آخر لحظة من عهده، سيحاول الإمساك بقيادة الفارك ليدخل التاريخ... وإلا... يعمل من دون هوادة لشدّ أواصر الاتجاه المتشدد من مريديه الذين أسهموا في نجاح سانتوس، وهو يحاول الآن التفلّت منه، وأيضاً للتحول إلى «زعيم اليمين» في استراتيجية إقليمية لحقبة ما بعد الحكومات التقدمية في القارة، وأحداث هندوراس أثبتت أن قوى اليمين جاهزة ولا ينقصها إلا وجوه مقدامة ومقنعة. بعد القطيعة المستحدثة، قال سانتوس إن «السكوت أفضل مساهمة أستطيع القيام بها الآن، والرئيس أوريبي هو رئيس الجمهورية حتى 7 آب». بالنسبة إلى تشافيز، القطيعة المعلنة قبل يومين لها صلاحية محدودة: حتى 7 آب. وإذا لزم الأمر، حتى 23 أيلول، موعد الانتخابات النيابية في فنزويلا. فتشافيز يحيّد اليوم سانتوس، ولكنه لا يريد أن يوفر «صنيعة الإمبريالية» أوريبي، لحظة قطع الحساب معه وبداية حقبة جديدة: «نحن أمام إعادة تمركز العقيدة الإمبريالية لمواجهة مسارات السيادة في أميركيّتنا... صرنا جزءاً من روتين مؤامرات الدول الكبرى، كتعاطي الولايات المتحدة بالطاقة النووية السلمية الإيرانية... أو كحصار غزة من قبل إسرائيل... حكومة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما تثبت بالأقوال وبالأفعال أنها إدارة بوش الثانية».

 

بول الأشقر

آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة