نصف قرن من النضال
خمسون عاماً على الانطلاقة الرسمية لإتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، والتي سبقها نشاطات ومشاركات للشبيبة اليسارية اللبنانية في المهرجانات العالمية، واتحاد الشباب الديمقراطي جاء نتيجة الحاجة الموضوعية في المجتمع اللبناني يوم اتحدت الشبيبة الجامعية الطليعية المؤسسة للجامعة الوطنية وأنتجت أطرها من الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية واتحاد الشباب الديمقراطي وانتظمت صفوف الاتحاديين لتعبر المناطق اللبنانية من الجنوب الى الشمال والبقاع والجبل وفي العاصمة بيروت.
سنوات قليلة وكانت الحرب الاهلية تفكك أوصال الوطن، وبقي الاتحاد صلة وصلهم فيما يزرع بهم حلم التحرر والأمل. وهنا نتذكر شهيد الاتحاد الرفيق وليد صعب الّذي أصر على تحويل عيد الاتحاد الى يوم للفرح والحياة في ظل ظروف الموت والتهجير.
وتجذّر دور الإتحاد أثناء الإجتياح الصهيوني لبلدنا مطلقاً قسم الصمود الشعبي وأنصار المقاومة، منخرطاً بشكل مباشر في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية وقدم مناضلين في العمليات التي نتج عنها أسرى ومعتقلين كالرفيقة سهى بشارة وانور ياسين وغيرهم. استمر عمل المقاومة يحكم مسيرة الاتحاد حتى التحرير بتجربة المقاومة المدنية بتحريره لبلدة أرنون الجنوبية في العام 1999 ولم يتخلَّ عن الأسرى وفي طليعتهم جورج عبدالله.
ولم يغب الاتحاد يوماً عن دوره بين الشباب في العمل الطلابي الجامعي، المهني والثانوي، وفي العمل الكشفي، وبين العمال الشباب وكان طليعياً وجريئاً في الحضور بعد انقسام البلد في العام 2005 فخاف على الوطن ورسم حدود وحدته. كما كان الإتحاد حاضراً في حرب تموز بتأمين الصمود الشعبي للمهجرين من قراهم ومدنهم وقدّم بذلك نموذج في تجربة التكافل الاجتماعي كما انه وبشبابه صمد وتصدى للعدوان مقدماً شهداء من خيرة كوادره في الجمّالية وصريفا والبازورية.
ولأن التاريخ وحده لا يصنع التغيير فالاتحاد اليوم في قلب هذه المعركة يراكم لها منذ حراك اسقاط النظام الطائفي وحتى انتفاضة 17 تشرين مروراً بحراك هيئة التنسيق النقابية وحراك 2015. كما يسعى الاتحاد من أجل ذلك التغيير بتثوير الانتفاضة بعد أن سدّ باب الإصلاح في هذا النظام المهترئ وبات على طرف النقيض مع طموحات الشباب اللبناني ومعيقاً لمستقبلهم. فإنخرط الاتحاد في قلب الانتفاضة الشعبية محركاً وموجّهاً لها يعمل بشكلٍ يومي على تجذيرها في المطالب والاساليب وهو من اليوم الأول ساهم بإعطائها الطابع الوطني بإنغماس كافة فروعه وقطاعاته في العمل المباشر في الساحات والخيم.
يأتي عيد الإتحاد الخمسون في ظروفٍ محلية وعالمية معقّدة، فالأزمة الاقتصادية المحلية تنفجر وينفجر معها مصير مجمتع عليه تحديد الخيارات بين التغيير والتأبيد، وطريق التغيير هو طريق الثورة الوطنية الديمقراطية التي تقطع التبعية مع الامبريالية وتحاسب السلطة المحلية مجتمعة وهي المنغمسة بالفساد والمسؤولة عن نهب أموال واحلام هذا المجتمع. وبين تأبيد هذه السلطة وتأبيد تبعيتها التي تُشرعن اليوم بالانبطاح لصندوق النقد وشروطه المذلّة لما تبقّى من كرامة وطنية.
وليست الظروف العالمية بأقل خطورة فقد كشف فيروس كورونا ترنّح الرأسمالية العالمية وعجزها عن تأمين البقاء لشعوبها بعد ان سقط الوهم بدولة "الرفاه" والعالم بين خيارات قديمة جديدة، الاشتراكية أو الفناء.
بهذه الظروف يصارع إتحادنا منحازاً الى فقراء هذا الوطن وطموحات شبابه وحقهم في البقاء على أرضه والعيش الكريم ولأن السلطة باتت عائقاً لهذه الطموحات فالإتحاد في قلب معركة التغيير يوسّع قاعدة المتضررين منها ويصوّب على طبقية المعركة بين أقلية ناهبة وأكثرية متضررة. وهو على الصعيد العالمي بتحالفاته اليسارية مع الشباب المشتعل على كافة أرجاء المعمورة يساهم بصناعة عالم الغد.
في العيد الخمسين تكبُر التحديات وتتجذر منظمتنا في بيئتها وتقبل التحدي، الأفق الجديد بات قريب وما ناضلنا طويلاً لاجله بات ممكناً.