الشيوعي: مناقشة مشروع ال 2010 قبل قطع حساب النفقات مخالفة فاضحة

إعتبر المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، في بيان اصدره بعد مناقشته مشروع موازنة 2010، "ان المشروع جاء تكريسا للسياسات الاقتصادية المنفذة منذ مطلع التسعينيات وبيانا محاسبيا يعبر بشكل فاضح عن المصالح الطبقية للتحالف الممسك بالسلطة، ان لجهة أبواب الأنفاق أو لجهة مصادر مداخيل الموازنة، كما أظهر قصورا فاضحا في التعاطي مع الملفات الشائكة التي يعاني منها السواد الأعظم من اللبنانيين من كافة المناطق والانتماءات". وقال: "في أفضل الحالات يعتبر مشروع الموازنة الراهن محاولة ل"تدبير الأحوال"، وهو لا يرتقي الى مرتبة التأسيس لمرحلة جديدة عبر إحداث نقلة نوعية بين ما كان قائما من سياسات عامة في ظل الحكومات السابقة المتعاقبة وما هو مطلوب من سياسات وعدت بها حكومة "الإتحاد الوطني" في بيانها الوزاري". ورأى "ان لجوء الحكومة الحالية الى مناقشة مشروع موازنة 2010، قبل إجراء عملية قطع حساب نفقات الأعوام 2006-2009، يشكل مخالفة دستورية فاضحة وصريحة. فهذه النفقات لم تكن محكومة بعقود إنفاق في تلك السنوات، بسبب عدم إقرار قوانين الموازنات العامة، فضلا عن انقسام الجسم الحكومي واستقالة عدد من الوزراء. وفي غياب هذه القوانين، لجأت الحكومة السابقة الى الإنفاق على أساس القاعدة الإثنتي عشرية. ولكن النفقات العامة سجلت خلال السنوات الأربع المنصرمة زيادات قياسية تجاوزت نسبة 70 في المئة. ويتوجب على الحكومة الحالية أن تتثبت من حسن استخدام النفقات العامة وما طرأ عليها من زيادات، وأن تصدر عملية قطع حساب بشأنها". وقال: "لذا نشدد على ضرورة إسباغ الوضوح والشفافية على عملية قطع الحساب هذه، حتى لا تكون الحكومة الحالية، كسابقاتها، أداة لإنتاج وإعادة إنتاج علاقات المحاصصة بين اطراف الطبقة السياسية، القديمة منها والجديدة الوافدة". واشار الى انه "في ما يتجاوز الجانب الدستوري، يبدو أن التوجهات الرئيسية التي حكمت مشروع الموازنة لا تنسجم مع بعض الشعارات التي وردت في البيان الوزاري كتحقيق التوزيع المتكافئ لمنافع النمو بين القطاعات والمناطق والشرائح الإجتماعية المختلفة، ومكافحة الفقر والبطالة، وتصويب الخلل في سوق العمل، والحد من هجرة الأدمغة، إضافة الى جعل أولويات الحكومة إنعكاسا مباشرا لأولويات المواطنين". وقال الحزب الشيوعي "لم يتمخض مشروع الموازنة عن أي تغيير ذي أهمية، ما خلا التغيير الذي طاول البند الثاني منه، أي الإنفاق الاستثماري، حيث تم إدخال زيادات كبيرة نسبيا على هذا البند - وبخاصة على اعتمادات قطاعات الطاقة والإتصالات والنقل، أما باقي المسائل الجوهرية، فقد بقيت بشكل عام على حالها، سواء ما يتعلق منها ببنية النفقات أم ما يتعلق ببنية الواردات". وأكد "ان تحليل اعتمادات النفقات العامة المشمولة في مشروع الموازنة يشير الى جملة استنتاجات أهمها ان هناك إتجاها نحو إبقاء الإنفاق على الرواتب والأجور وملحقاتها، بما في ذلك معاشات التقاعد، عند المستوى الذي كانت عليه عام 2009 (مع زيادة بسيطة تقل عن 3 في المئة)، مع العلم أن تصحيح الأجور المقر عام 2009 لم يعوض أكثر من ثلث التدهور الذي طاول القوة الشرائية للأجر منذ آخر تصحيح سابق للأجور عام 1996، مما يؤكد النظرة الدونية للدولة إزاء الأجراء، لا سيما أجراء القطاع العام بمن فيهم المعلمون، أما ما يطرحه المشروع من إتجاه نحو زيادة ما يسميه "تقديمات صحية وإجتماعية" بنسبة 24 في المئة، فيأتي ضمن أتساق السياسات الحكومية نفسها المعتمدة راهنا، والمتميزة بقدر كبير من الهدر و"المزاربب" وتعدد الهيئات الضامنة، ومن دون أن تغطي الإعتمادات - على سبيل المثال - تنفيذ المشروع الحيوي الرامي الى تحقيق التأمين الإستشفائي لجميع اللبنانيين". واضاف: "يلحظ، بالنسبة لما جاء في مجال زيادة الدعم الممنوح الى بعض القطاعات والمرافق العامة (الزراعة، كهرباء لبنان، القمح)، ترجيح استمرار خضوع هذا الدعم للمحاصصات الفوقية بين أطراف الحكم والمتنفذين من رجال الأعمال، كأداة للإبقاء على سيطرة الزعامات الطائفية-الطبقية على "جماهيرها"، بدل أن تكون إعادة صياغة سياسة الدعم أداة فعالة في إجراء تغيير حقيقي في هذه المرافق والقطاعات، وفي أوضاع صغار المنتجين عموما، استمرار ثبات خدمة الدين العام على مستويات قياسية (4.4 مليار دولار أي نحو 35 في المئة من مجموع اعتمادات الموازنة)، مما يعكس تقصير الدولة بل تواطؤها إزاء وجوب إعادة التفاوض مع المصارف حول معدلات الفائدة التي يذهب القسم الأكبر من منافعها الى حفنة من المتمولين وأصحاب السلطة والمال في البلد، إقرار زيادات غير مسبوقة في الإعتمادات المخصصة لمجلس الجنوب وصندوق المهجرين (بنسبة 80 في المئة و100 في المئة تباعا)، تكريسا للوظائف السياسية والزبائنية المحلية التي تضطلع بها هاتان المؤسستان في إطار علاقات المحاصصة بين أطراف الطبقة السياسية. ويشير تحليل الواردات الضريبية في مشروع الموازنة، الى استمرار ارتهانها للتوجهات نفسها التي ما برحت سائدة منذ نحو عقدين، وهي توجهات تعكس وجود خلل بنيوي في أسس ومرتكزات السياسة الضريبية، فقد ارتفعت الإيرادات الضريبية بمعدل الضعفين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقدين المنصرمين، واستمر الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى في المدن والأرياف يتحملون الجزء الأكبر من عبء هذه الايرادات، في شكل ضرائب ورسوم متنوعة على الإستهلاك، وقد شكل بندا الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الاستيراد والتجارة وحدهما نحو 60 في المئة من إجمالي الايرادات الضريبية. ولو أضيفت إليها الرسوم الأخرى غير المباشرة (التي ينطبق عليها واقع الرسوم على الإستهلاك) مثل الرسوم على الإتصالات، لتجاوزت هذه النسبة كل حد معروف عالميا، بينما ضريبة الدخل، لا سيما الضريبة على أرباح الأغنياء، فانها بقيت مستقرة عند حدود متواضعة لا تزيد إلا قليلا عن عتبة 20 في المئة، أما الضريبة على الأملاك فانها لم تتجاوز في مشروع الموازنة عتبة 10 في المئة من إجمالي الواردات الضريبية". ورأى "ان هذه البنية الضريبية المتحيزة ضد الطبقة العاملة والشرائح الواسعة من الطبقة الوسطى والفقيرة، والمتزامنة مع بنية غير منتجة للنفقات، تنطوي على عملية إعادة توزيع، رجعية، للثروة والدخل، في صالح تحالف أطراف السلطة الحاكمة وأركان الطغمة المالية المهيمنة على مفاصل الإقتصاد الوطني". وقال: ان الحزب الشيوعي يثمن عاليا مضمون ورقة الوزير شربل نحاس، المقدمة الى إجتماع مجلس الوزراء والتي "دعت الطبقة السياسية الى الإنتقال في وضع الموازنات من المقاربة "المحاسبية" المسطحة الى المقاربة الإقتصادية - الإجتماعية ذات الأهداف الواضحة والمحددة، وهو يشاركه الرأي في تشخيص أزمة الإقتصاد الحقيقي، وغلبة النشاطات غير المنتجة عليه، وإستسهال مقايضة هجرة الكفاءات البشرية مقابل إستجلاب التحويلات ورؤوس الأموال من الخارج". ودعا الى "السير في عملية إصلاح شاملة للنظام الضريبي، تقوم على تخفيف العبء الضريبي عن كاهل العمال والفئات الفقيرة، وإقرار معدلات أكثر تصاعدية على ضريبة الدخل والأرباح، وإخضاع الأرباح العقارية والفوائد لهذه المعدلات التصاعدية ذاتها، وإجراء خفض ملحوظ في المكونات الضريبية المضمنة في تعريفات بعض المرافق والخدمات العامة، لا سيما الإتصالات". كما دعا الى "تحرير الأملاك البحرية والنهرية من قبضة أمراء الطوائف والمال والشلل المستظلة بهم، والى ربط أي سياسة لتسعير المحروقات وما تتضمنه من مكونات ضريبية، بالتقدم الفعلي الذي ينبغي إحرازه في مجال إنشاء وتشغيل نظام فعال للنقل العام يربط ما بين المدن الرئيسية كما يربط ما بين أحياء كل منها". وشدد على ضرورة "التفاوض من موقع قوة مع أركان القطاع المصرفي بغية دفعهم الى إجراء خفض تدريجي ومبرر في معدلات الفائدة، بحيث ينعكس ذلك إنخفاضا في خدمة الدين، التي إستنزفت لوحدها نحو 35 في المئة من إجمالي إنفاق الدولة خلال السنوات الستة عشرة الأخيرة". واكد ضرورة "معالجة الملف الإجتماعي الشائك والمعقد الذي يبقى، وإن تعددت مفاصله وعناوينه، مرتبطا أشد الإرتباط بحل مسألتين أساسيتين تحتلان موقع الصدارة في إهتمامات المواطنين: تحسين نوعية التعليم الرسمي في مراحله كافة، واستحداث نظام عام للتأمين الاستشفائي يغطي جميع اللبنانيين". وحذر من "الأصرار على التمسك بهذا النهج المنحاز ضد الكادحين وذوي الدخل المحدود والذي سينجم عنه تدهور متزايد في مستوى معيشتهم سوف يفاقم المشاكل والتناقضات الأجتماعية"، معلنا "العزم على تنظيم تحركات جماهيرية مكثفة لمواجهة هذه السياسات الظالمة بما في ذلك الأضراب والتظاهر".
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة