يمثُل رئيس قسم المجتمع والاقتصاد في «الاخبار»، الزميل محمد زبيب، امام النيابة العامة التمييزية، عند العاشرة من قبل ظهر غد الخميس، في الدعوى التي اقامها ضده وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بتهم القدح والذم والتحقير، على خلفية نشر صورة شيك صادر من بنك المدينة الى المشنوق في عام 2002
هديل فرفور - الاخبار
مثّل استدعاء الزميل محمد زبيب للمثول امام النيابة العامة التمييزية في 21 ايلول الجاري انتهاكا فاضحا لحرية الصحافة المصونة في الدستور. يومها لم يجر الاستجواب نظرا لملابسات كثيرة، اذ جرى تبليغ الاستدعاء قبل 3 ايام من تسجيل دعوى شخصية تقدّم بها وزير الداخلية نهاد المشنوق. ومن دون تحديد اي سبب واضح للاستدعاء. وهو ما دفع الى تأجيل الاستجواب حتى الاول من تشرين الاول.
تجري ملاحقة الزميل زبيب على خلفية نشر صورة شيك صادر من بنك المدينة الى المشنوق، وعلى الرغم من اقرار المشنوق نفسه بصحّة هذا الشيك الا انه ادعى انه جزء من ثمن عقار في ضهور الشوير باعه في ذاك الحين، وتقدّم بدعوى شخصية امام النيابة العامة التمييزية بتهمة القدح والذم والتحقير، علما ان وكيله المحامي كارلوس ابو جودة اعلن ان الهدف من هذه الدعوى هو معرفة كيفية حصول الزميل زبيب على هذه الوثيقة ومن سرّبها! متجاوزا حق الصحافي في حماية مصادره، ومع ذلك ردد ان «القضية ليس لها طابع اعلامي»! قضية ملاحقة الزميل زبيب اثارت ردود فعل واسعة لدى الجهات المعنية بالدفاع عن الحريات الصحافية، وتحت شعار «دفاعا عن حرية الصحافة وتضامنا مع الصحافي محمد زبيب»، دعت مجموعة من الناشطين والناشطات الى المشاركة في وقفة احتجاجية امام قصر العدل في بيروت، عند الساعة التاسعة والنصف قبل ظهر غد الخميس، لـ «مواكبة الزميل زبيب اثناء استجوابه» ولـ «الوقوف ضد كل محاولة لاستعمال القضاء من اجل حماية اصحاب النفوذ ومنع مساءلتهم وملاحقة كاشفي فسادهم»، فضلا عن «الدفاع عن الحق في الحرية والمعرفة والوصول الى المعلومات ونشرها».
نقيب الصحافة عوني الكعكي اعلن دعم النقابة لحق الصحافيين وحريتهم في التعبير عن رأيهم، مشيرا الى عزم النقابة على عقد اجتماع لاصدار موقف واضح إزاء هذه القضية. وأبدى نقيب المحررين الياس عون دعم النقابة للزميل زبيب، انطلاقا من «الدعم المطلق لحرية الراي والتعبير»، مشيرا الى وجوب الدفاع عن حق الصحافيين في تأدية واجباتهم. وراى محامي مؤسسة «مهارات» طوني مخايل ان مسارعة السياسيين الى رفع دعاوى قضائية ضد الصحافيين يرمي على نحو اساسي الى تضليل الراي العام، لافتا الى وجوب رد المسؤولين على المعلومة بمعلومة، ومشيرا الى ان «توسّل القضاء يأتي في آخر مراحل المواجهة». ينطلق مخايل من هذا المبدأ ليشير الى ان «النيابة العامة التمييزية التي تنظر في ملفات الفساد وهدر الاموال العامة وغيرها، عليها الّا تُستخدم كفزّاعة للتوقيف»، لافتا الى انّ من واجب الصحافي اطلاع الراي العام على قضايا حسّاسة كادارة الاموال: «زبيب هو صحافي متمرّس، ويدرك ان المعطيات التي نشرها موثقة وصحيحة وهي تثير شكوك حول ملف بنك المدينة الموجود لدى القضاء نفسه، وبالتالي المطلوب فتح الملف للتحقق من المعلومات التي نُشرت». يضع مخايل القضية بوصفها «تمسّ حرية تداول المعلومات على نحو اساسي»، مستغربا استدعاء زبيب الى النيابة العامة التمييزية بناء على كتاب معلومات (قبل استدراك الامر بتقديم دعوى شخصية) «فهي ليست قضية جرمية خطيرة». في ما يتعلّق باستدعاء النيابة العامة التمييزية له، يقول مخايل ان هذا الامر ذو وجهين «إذ انه بات عرفا استدعاء القضاة للصحافيين مباشرة كي لا يخضع الصحافي لتحقيق لدى القوى الامنية او مخافر جرائم المعلوماتية»، لافتا الى انه كان بالامكان تحويل القضية الى محكمة المطبوعات او اقفال القضية إذا لم يُتوسع بملف بنك المدينة. يختم مخايل بالقول: «ان نشر اي معلومة او وثيقة يحصل بهدف المصلحة العامة هو اسمى من مصلحة اي مسؤول»، مشيرا الى «حق الصحافي في توصيف الوقائع المسندة الى معلومات صحيحة». يقول المدير التنفيذي لمركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية «سكايز» ايمن مهنا إن «من المرفوض على نحو كامل التعاطي القضائي مع أي صحافي إلا من خلال محكمة المطبوعات»، مشيرا الى انه «من واجب الصحافي الإضاءة على أي عمل مشبوه يقوم به المسؤولون السياسيون، على أن يحدد القضاء ما إذا كان هناك مخالفة ارتكبها السياسي». يرى مهنا أن من المفارقة أن تبدأ القضية بموضوع «خرق للسرية المصرفية» وتتحول إلى موضوع «قدح وذم وتحقير (...) فالصحافي ليس، بالقانون، مؤتمناً على السرية المصرفية. إذا أراد الوزير المشنوق محاسبة أحد على خرق السرية المصرفية، فيجب أن يقاضي من سرّب صورة الشيك في المصرف أو في القضاء أو في الأجهزة الأمنية. أما إذا كان الموضوع قدح وذم، فمحكمة المطبوعات وحدها المخولة بالموضوع على أن يجري القضاء تحقيقاً شفافاً أيضاً بخلفيات الشيك. واذا تبيّن أن خلف الشيك عملية مشبوهة، تسقط حكماً الدعوى بالقدح والذم. أما إذا ثبتت براءة الوزير، فعندها تستأنف محكمة المطبوعات عملها. لذا، فإن أي مسار قضائي موجّه ضدّ أي صحافي، وضد زبيب، قبل إظهار الحقيقة كاملة بموضوع الشيك، سيبقى مستغرباً ومشكوكاً بنيّاته».