فاجأت بريطانيا العالم أمس باعتقال جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس التي قالت إنه "حضر صباح أمس إلى مقر الشرطة البريطانية التي اعتقلته".وأضافت الشرطة أن أسانج (39 عاما) "اعتقل بموجب مذكرة توقيف أوروبية في الساعة 9:30 بتوقيت جرينتش".وأضاف بيان الشرطة البريطانية أنه "سيمثل اليوم (أمس) أمام محكمة وستمنستر". ووجهت إلى أسانج عدة تهم من بينها الاعتداء الجنسي والاغتصاب في وقائع تعود إلى آب (أغسطس) في السويد، بحسب البيان.وقد رفضت محكمة بريطانية أمس إخلاء سبيل أسانج بكفالة، وقررت حبسه على ذمة التحقيق حتى الأسبوع المقبل.وكان المحامي مارك ستيفنس وكيل أسانج قد أعلن أمس الأول أنه على اتصال مع الشرطة البريطانية لتنظيم لقاء على أساس طوعي مع مؤسس موقع ويكيليكس.وقال ستيفنس لـ "بي بي سي" إنه تلقى اتصالا من الشرطة تبلغني فيه أنها تلقت طلب ترحيل من السويد". وأضاف أن "الطلب هو لاستجواب جوليان أسانج". وأعرب عن خشيته من ترحيل موكله إلى الولايات المتحدة بعد توقيفه وتسليمه إلى الشرطة السويدية، مشيرا إلى "التصريحات العدائية التي تصدر من الولايات المتحدة" ضد موكله.وتهدد الولايات المتحدة بملاحقة جوليان أسانج ردا على نشر موقع ويكيليكس مذكرات دبلوماسية أمريكية سرية أثارت حرجا للولايات المتحدة وعديد من الدول. من جهته، قال الموقع أمس إنه سيواصل العمل على النحو المعتاد بعد اعتقال مؤسسه، وقال كريستن هرافنسن المتحدث باسم الموقع "ويكيليكس يعمل. نحن مستمرون على المسار نفسه". وأضاف "أي تطور يخص جوليان أسانج لن يغير خططنا فيما يتعلق بعمليات النشر اليوم وفي الأيام المقبلة". وقال إن عمليات الموقع ستديرها مجموعة من الأفراد من لندن وأماكن أخرى. وفي جنيف، أعلن فرع المعاملات المالية التابع لهيئة البريد السويسرية أمس إغلاق حساب أسانج لديها وذلك لإدلائه بعنوان خطأ مخالفا بذلك الشروط المتعارف عليها في فتح حسابات لديها. وقال بيان صادر عن فرع المعاملات المالية إن اسانج فتح حسابا لديها لجمع التبرعات وسجل في استمارة فتح الحساب عنوانا له في جنيف ثم تبين للإدارة أنه غير مقيم في هذا العنوان ولم يتمكن من إثبات عنوان إقامة ثابت له في سويسرا. ووفق القانون السويسري سوف يتم إغلاق الحساب وتجميد المبالغ المودعة فيه إلى أن يتقدم أسانج أو من يحمل توكيلا عاما منه بتسلُّم المبلغ أو تحويله إلى حساب آخر. يشار إلى أن خدمة المعاملات المالية عبر شبكة الإنترنت المعروفة باسم (بأي بال) قد أغلقت قبل أيام حساب أسانج لديها بزعم أنه خالف شروط التعامل معها دون مزيد من التفاصيل بيد أن مؤسسة (فاو ـــ هولند) الألمانية أعلنت أنها تواصل جمع تبرعات لاستمرار مشروع (ويكيليكس) الذي يتعرض لتضييق الخناق عليه بعد كشفه عن مئات الآلاف من الوثائق المتعلقة بالسياسة الأمريكية في العالم، أما أستراليا فقد أعلنت أنها ستوفر المساعدة القانونية لأسانج بصفته مواطنا أستراليا. وقال روبرت ماكليلاند المدعي العام الأسترالي في تصريح له "يحق لأسانج بصفته مواطنا أستراليا الحصول على مساعدة قانونية في الخارج إذا وُجِّهت إليه أي تهم جنائية كما أن من حقه أن يخضع لإجراءات عادلة فيما يتعلق بأي اتهامات". وتأخذ الحكومة الأسترالية على عاتقها توفير التمثيل المناسب له لضمان خضوعه لإجراءات عادلة وسليمة يمكن لأسانج بوصفه مواطنا أستراليا العودة إلى البلاد. لكن يتعين عليه أيضا أن يدرك أن أستراليا لديها التزامات بموجب اتفاقات دولية تم توقيعها تُحتِّم علينا تقديم المساعدة للدول التي تحقق في مسائل جنائية".وفي واشنطن، انتقد قادة الحزب الجمهوري أمس إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لعدم تعاملها بقوة مع تسريب الوثائق الدبلوماسية السرية لموقع (ويكيليكس) الإلكتروني داعين لملاحقة مؤسس الموقع جوليان أسانج قضائيا. وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل لشبكة (إن. بي. سي) الإخبارية الأمريكية إنه يجب توجيه اتهامات جنائية ضد أسانج واصفا إياه بأنه "إرهابي التكنولوجيا الحديثة". وأضاف أن أسانج "ألحق ضررا هائلا ببلدنا وأعتقد أن هناك حاجة إلى مقاضاته لأقصى حد يسمح به القانون "مشيرا إلى أنه "إذا أصبح هنالك مشكلة فإننا نحتاج إلى تغيير القانون". من جهته، قال رئيس مجلس النواب السابق نيوت جينجريتش لشبكة (فوكس) الإخبارية الأمريكية إن إدارة أوباما تتحمل جزءا من مسؤولية تسريب الوثائق الرسمية، مشيرا إلى أن الإدارة تعاملت كالهواة مع قضية "موجعة وخطيرة" تتعلق بالأمن القومي. وتطرق جينجريتش إلى مؤسس موقع (ويكيليكس) قائلا إن "حرب المعلومات هي حرب وجوليان أسانج منخرط في حرب .. إرهاب المعلومات الذي يؤدي إلى مقتل الأشخاص هو إرهاب وجوليان أسانج منخرط في الإرهاب" مشيرا إلى أن يجب التعامل مع أسانج باعتباره "عدوا مقاتلا" على صعيد آخر، قالت صحيفة "جارديان" البريطانية أمس الثلاثاء نقلا عن برقيات دبلوماسية أمريكية حصل عليها موقع ويكيليكس: إن واشنطن تعمل بشكل مستتر لمنع وصول أسلحة إيرانية وسورية إلى جماعات إسلامية في الشرق الأوسط. وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة ضغطت على حكومات عربية لحملها على عدم التعاون في تهريب أسلحة إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو حزب الله اللبناني مستخدمة في حالات كثيرة معلومات استخبارات سرية قدمتها إسرائيل.وقالت "جارديان" إن برقيات لوزارة الخارجية الأمريكية تظهر أن واشنطن حذرت السودان في كانون الثاني (يناير) 2009 من السماح بتسليم أسلحة إيرانية لم يكشف عنها كان من المتوقع تمريرها إلى حماس في قطاع غزة إبان هجوم إسرائيلي على القطاع قتل فيه 1400 فلسطيني.وأضافت أنه تم إبلاغ دبلوماسيين أمريكيين بأن يعبروا عن "قلق غير عادي" للسلطات السودانية."الاقتصادية" من الرياض
أربعة أشخاص يعرفون تفصيل ما يدور من أفكار واقتراحات للحلّ في لبنان بين السعودية وسوريا، لكن اليوم بات العالم أجمع يعلم أيّ فريق من الثوار هو فريق ثورة الأرز، الذي يطلب دعم الولايات المتحدة لتنفيذ اقتراحات لجنة فينوغراد الإسرائيلية لتفادي فشل آخر في لبنان، وكان من أبرز توصياتها تحطيم شبكة التحكّم والسيطرة لدى المقاومة في لبنان، أي شبكة الاتصالات
فداء عيتاني الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، الأمير عبد العزيز بن عبد الله، الرئيس السوري بشار الأسد، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، هم فقط من يعرف مضامين الأفكار وتفاصيل التفاوض الجاري حالياً بين سوريا والسعودية ومحورها. أما رئيس حكومتنا سعد الحريري وباقي الأطراف في السعودية وسوريا ولبنان، فهم يطّلعون على عناوين المحادثات، منعاً لأيّ تدخّلات أو مفاجأة غير مرغوب فيها خلال مسار التفاوض وتبادل الأفكار. إلا أن الوقت يدهم الأشخاص الأربعة، وخصوصاً مع إشاعة قيادات عليا في المعارضة معلومات عن أن سقف القرار الاتهامي هو 20 من الشهر الجاري، والموعد الأدنى هو 15 منه، وإن طلب التدقيق أكثر في الموعد فإن بعض القادة الرئيسيين في المعارضة في لبنان يتحدثون عن يوم السابع عشر من الجاري، علماً بأن جهوداً تبذل لدفع القرار (بحسب التزام سعودي سابق أمام سوريا) إلى آذار المقبل. إلا أن الولايات المتحدة، عبر مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان، تستعجل إصدار القرار الاتهامي أولاً، وتطلب أثماناً مرتفعة مقابل تسوية في لبنان، في مقدمها تعاون سوريا وإيران في باكستان وأفغانستان والعراق وفلسطين... وضمانات في ملفّ لبنان. وتشير أوساط قيادية في المعارضة في لبنان، ومعلوماتها تتقاطع مع ما يصل إلى العاصمة السورية، إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري ينتظر صدور القرار الاتهامي أولاً، قبل أن يخطو أي خطوة جدية في لبنان، ولا يضيره الانتظار والضغط على الأطراف الأخرى، تحت شعار أن هذه الأطراف تعطّل الحياة الإدارية والحكومية ولا تقيم وزناً لمصالح المواطنين المتوقفة نتيجة الشلل الحكومي. وهذه الوسيلة لتقطيع الوقت قد تنجح في دفع بعض أطراف المعارضة إلى مجلس الوزراء مجدداً، لكنها لن تؤدّي إلى تحويل ملفّ شهود الزور إلى المجلس العدلي. وتتقاطع المعلومات لدى الأطراف اللبنانية عن مسيرة تحريض مارسها سعد الحريري خلال AffinityCMSته الخارجية، للتعجيل في إصدار القرار الاتّهامي، وأسهم في هذه المسيرة التحريضية عدد من القادة في قوى 14 آذار. وأصرّ الحريري على ضرورة التعجيل في إصدار القرار نظراً إلى تعرّضه هو وفريقه لضغط من أجل الإسراع بالتسوية قبل صدرو القرار، ولأن الضغط يتزايد عليه.
التسوية وبديلها
تتحدّث المعلومات عن تواصل في المسعى السوري ـــــ السعودي من دون إشارة إلى تقدّم فعليّ. وتضيف أن التواصل حصل مرّات عدة، عبر زيارات موفد سوري لمسؤولين في المملكة، وعبر الهاتف ما بين شخصيات سعودية ومسؤولين سوريين، علماً بأن النتائج الفعلية لم تظهر بعد. الخطّ التركي في الاتصالات (الذي يتولّاه وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو) نشط مجدّداً وأطلق وعداً بالقيام بجولة من الاتصالات الخارجية، وخصوصاً مع إيران، لتأجيل موعد صدور القرار الاتهامي لمدة عام آخر.
تطلب قوى الثامن من آذار من الدول المعنية إلغاء المحكمة الدولية عبر: أولاً استقالة بلمار لمجموعة من الأسباب الموضوعية، ثانياً بدء المسار القانوني والتقني بتكليف قاض جديد والبدء بدراسة الملفّ من الصفر، وثالثاً: تجفيف المصادر المالية للمحكمة. وتطلب هذه القوى من سعد الحريري أن يخرج بعبارة مفادها: «رفيق الحريري استشهد من أجل لبنان، وأنا أطالب بإلغاء المحكمة من أجل لبنان». ورغم أن هذه العبارة لا تلغي المحكمة قانوناً، إلا أنها تكفي لتعطيل مخاطرها لبنانياً. وتفيد المعلومات بأن الرياض أبلغت سوريا وحزب الله أن الحريري يطالب بثمن مقابل قبوله التسوية: أن يعطى الحرية الكاملة في التعيينات الإدارية والدبلوماسية والأمنية والمالية، مقابل ما طلبه حزب الله الذي يرى أن ملفّ المحكمة ساقط، وأنّ المطلوب هو إعادة هيكلة العلاقات السياسية لفريق المستقبل، وإعادة تموضعه وأخذه مسافة من بعض حلفائه الذين لا يزالون يراهنون على تدمير حزب الله وتقسيم لبنان وإقامة علاقات ودّية مع العدو الإسرائيلي. أما بديل التسوية، بحسب ما تعتقد جهات نافذة في المعارضة، فسيكون مواجهة مع ما يسمّى المجتمع الدولي، وهي مواجهة بحاجة إلى أدوات محليّة سياسيّة وتنفيذيّة على مستوى المواقع الرئاسيّة، وبحاجة إلى وضع داخلي متماسك. وفيما بعض القيادات في المعارضة تستغرب لعب الحريري على حافة الهاوية وهو يعلم ـــــ وكذلك المملكة ـــــ أن الامتناع عن إبرام تسوية طويلة المدى، قبل صدور القرار الاتهامي، يعني أن آل الحريري والنفوذ السعودي لن يكون لهم أي هامش في لبنان بعد صدور القرار الاتهامي. واحدة من كبريات الشخصيات في المعارضة ترى أن بقاء رئيس الجمهورية الحالي في موقعه هو أمر بعيد الاحتمال، ولا سيما مع الحاجة إلى رئيس يمكنه مواجهة المجتمع الدولي. وفيما دلّت التجربة السورية على رئيس واحد قادر على المواجهة هو الرئيس السابق إميل لحود، فإن معارضين لبنانيين يقولون إما أن يتّعظ الرئيس الحالي من تجربة العامين في حكمه اللذين أثمرا الإخلاف بتعهّداته للداخل ولسوريا، وإما أن تقول له المعارضة: «قم فيقوم» ليُنتخب رئيس آخر للجمهورية. طبعاً، مع ملاحظة صعوبة تحقيق هذا الأمر في موقع حسّاس هو موقع الرئاسة الأولى.
شخصيّات وظلال
أعطونا السلاح وخذوا المحكمة، يقول أقطاب في 14 آذار سراً وفي الغرف المغلقة، بينما كانت وثائق ويكيليكس قد كشفت أن محاولات ضرب المقاومة في لبنان هي التي أدّت إلى يوم السابع من أيار، وقبله قرارات الخامس من أيار. واليوم، تطرح وزارة الاتصالات ملفّ الخروق الإسرائيلية لشبكات الهاتف اللبنانية المتنوعة، بينما رأس شركة أوجيرو يواصل العمل على دحض هذه المعطيات العلمية، وهو من سيكون في لحظة ما رأس حربة مجدداً في مواجهة المقاومة، كما كان في السابق رأس حربة في محاولة ضرب شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة. واليوم، مع التدقيق في الوزارة المعنيّة، يبدو ما حصل في الخامس من أيار أكثر من غريب. مع تهريب ملفّات الوزارة ومع إخفاء الوثائق، فإن إعادة صوغ تلك الأيام المبني على الوثائق المتوافرة، يمكن أن تبدو على الشكل الآتي: في نهاية حرب تموز عام 2006 بدأت عملية الانقضاض على شبكة التحكّم والسيطرة التابعة للمقاومة. اكتُشف كابل للشبكة على مقربة من السفارة الفرنسية في بيروت، وتألّفت لجنة مشتركة من المقاومة والجيش لإزالة هذا الكابل، ودراسة انتشار الشبكة في بعض النقاط، لكن في تلك الفترة نُشر كمّ من الشائعات عن الشبكة. كُلّف رئيس هيئة أوجيرو ومديرها العام، والمدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات عبد المنعم يوسف من وزير الاتصالات حينها مروان حمادة بإعداد تقرير مفصّل عن شبكة اتصالات المقاومة، بهدف فضحها وإلغاء جانبها العسكري، وزُوّد يوسف لهذه الغاية بمجموعة من التقارير الأمنية من فرع المعلومات وصور جوية استخبارية مجهولة المصدر.
كلّف عبد المنعم يوسف مجموعة من المهندسين والتقنيين والإداريين من أوجيرو ووزارة الاتصالات وفرع المعلومات بإعداد تقارير وملخّصات، ورسم خريطة شبكة الاتصالات. في الثاني من أيار عام 2008، توجّه عبد المنعم يوسف إلى منزل وزير الاتصالات مراون حمادة، وسلّمه تقريره، واتصل حمادة بالوزارة وسجّل رقماً في سجلّ الوزارة للتقرير (من دون إرسال نسخة عنه إلى الديوان) وأحال التقرير وخريطة شبكة اتصالات المقاومة والمستندات المرفقة على رئاسة مجلس الوزراء لإدراجها في جدول أعمال أول جلسة له، من دون حفظ هذه الوثائق في وزارة الاتصالات. من ناحية أخرى، دُفعت إحدى الجمعيات المذهبية في صيدا، الرابطة الإسلامية السنّيّة، إلى أداء دور المحرّض والمبلِّغ عن شبكة اتصالات يجري تمديدها من صيدا نحو كل لبنان. والجمعية المذكورة أنشئت في عام 2003، لكنّها فُعّلت في النصف الأخير من عام 2005، وهي برئاسة الشيخ أحمد نصار، ويشغل عضوية مجلس أمنائها التأسيسي عدد من الشخصيات أهمّهم أحمد الحريري ومحمد السعودي وفادي شامية وغيرهم من فريق تيار المستقبل في المدينة. وفي 21 نيسان، بالتزامن مع عمل عبد المنعم يوسف، وجّهت هذه الجمعية كتاباً مفتوحاً إلى كلّ من رئيس الحكومة ووزير الاتصالات حينها، فؤاد السنيورة ومروان حمادة، ووُزّع في صيدا، وأعلنت أن حزب الله يمدّد شبكة اتصالات سلكية ولاسلكية في صيدا نحو كل لبنان، رائية أنّ في الأمر فتنة، ومطالِبة بمواجهتها. ربما كانت من المرّات النادرة أن يُحوّل هذا الكتاب المفتوح في اليوم نفسه من مركز قوى الأمن الداخلي في منطقة الحسبة في صيدا إلى المركز الإقليمي لقوى الأمن الداخلي، ومن ثم إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيروت، بنشاط قلّ نظيره. في الثاني من أيار، أرفقت وزارة الاتصالات الكتاب المفتوح إلى رئاسة مجلس الوزراء بكل الملف الذي أنجزه عبد المنعم يوسف، والذي كانت حجة إظهاره شكوى الجمعية المذكورة، ويوقّع على كتاب الوزير الموجه إلى رئاسة مجلس الوزراء الرقم 1170/ا/و كلّ من الوزير ومحمد يموت وعمر غملوش، وجاء في الكتاب: «نظراً لقيام جهات لبنانية بمدّ شبكات هاتفية غير شرعية على معظم الأراضي اللبنانية، وبما أنّ هذا العمل يخالف النصوص والقوانين المرعية... ونظراً للأخطار الكبيرة التي قد تتسبب بها هذه المخالفة على أمن الدولة وسيادتها وعلى سلامة الأشخاص والسلم الأهلي، وبما أن العمل قد يستخدم لغايات تجارية تضعف موارد الدولة وتتسبب في هدر الأموال العمومية ويشكّل اعتداءً على الأملاك العامة والخاصة في أكثر من منطقة، يرجى التفضل بعرض هذا الموضوع على جدول أعمال أول جلسة مقبلة لمجلس الوزراء». بعد هذه الإحالة، عقد النائب وليد جنبلاط مؤتمراً صحافياً عرض فيه خريطة شبكة اتصالات حزب الله، ونوقش الملف في جلسة 4ـــــ5 أيار الشهيرة، حيث هدّد مروان حمادة بالانسحاب من الحكومة إذا لم يُتّخذ قرار واضح بشأن هذه الشبكة، وصدر القرار الشهير الذي يقضي عملياً باقتياد الأمين العام لحزب الله وقيادة حزب الله إلى مخافر الدرك لاعتدائهم على الأملاك العامّة. بعد هذه المعطيات يمكن العودة إلى ما نشرته «الأخبار» في الثاني من كانون الأول الجاري تحت عنوان «كيف أدار مروان حمادة معركة شبكة اتصالات المقاومة» نقلاً عن وثائق ويكيليكس.
من المؤكد أن الطريقة والظروف التي أحاطت عملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين سبّبت احراجاً كبيراً لواشنطن، أكان في توقيتها، فجر عيد الأضحى، أم في ظروفها حيث التقطت صور بالهاتف المحمول تظهر أحد الحراس يقول له «اذهب الى الجحيم»، وهو ما أنتج تعاطفاً مع صدام حتى من معارضيه. هذا ما تظهره وثيقة أخيرة لـ«ويكيليكس» مصنفة بأنها «سرية» ومؤرخة في 6 كانون الثاني 2007. وتقول إن السفير الأميركي في بغداد في ذلك الوقت زلماي خليل زاد عقد اجتماعاً مع نائب المدعي العام العراقي منقذ الفرعون وشكره بداية على شجاعته، مشيراً إلى أنها لم تكن مهمة خالية من المخاطر أن «تجلب صدام الى العدالة». ولكنه أكد أن ما جرى خلال عملية الإعدام لطخ الواقعة برمّتها، سائلاً عن وجهة نظر المدعي العام بذلك لأن «علينا أن ننظر الى الوراء اذا أردنا أن نتقدم»، في إشارة الى الإعدامات التي كانت تنتظر التنفيذ في حينه. وأعرب خليل زاد عن قلقه من أن يستغل مؤيّدو صدام الظروف المحيطة بعملية الإعدام لإدانة محاكمته. وأشار إلى أن أشخاصاً كانوا مسرورين لمثول صدام أمام العدالة امتعضوا من الطريقة التي نُفذت بها عملية الإعدام. ولما استفسر السفير الأميركي عن توقيت إعدام الرئيس العراقي قبل ساعة من إقامة صلاة عيد الأضحى عند السُّنة، أجاب الفرعون إن عملية الإعدام تمت قبل شروق الشمس، وهو ما يعني أن يوم العيد لم يكن قد بدأ بعد. ووصف الفرعون، بحسب الوثيقة، وصوله الى مقرّ رئاسة الحكومة في 29 كانون الأول، بعد إعلامه بأن الإعدام سينفذ صباح اليوم التالي. وقال إن مجموعة مؤلفة من مستشارين عراقيين من مكتب رئاسة الحكومة ومسؤولين حكوميين آخرين، بينهم مستشار الأمن القومي موفق الربيعي، ناقشت وخططت لعملية الإعدام.
وقال الفرعون إن 14 مسؤولاً عراقياً تنقلوا بالمروحيات الى موقع عملية الإعدام، وقام عناصر أميركيون بتفتيشهم في موقع الهبوط وأخذوا منهم الهواتف الجوالة. وسُئل عما إذا كان صحيحاً أن أشخاصاً آخرين حضروا الى الموقع بواسطة حافلة وأرادوا مشاهدة عملية الإعدام، فأجاب أنه لم يكن يعلم بأمر الحافلة، مؤكداً أن الشهود الوحيدين على عملية الإعدام كانوا المسؤولين الـ14، بالإضافة إلى الحراس، مشيراً إلى أنه لم يكن أي عنصر أميركي في مكان الإعدام. وقال المدعي العام إنه والقاضي انفصلا عن المجموعة لملاقاة صدام، وتلاوة نص الحكم عليه واصطحابه الى غرفة الإعدام. وأضاف أنه تعاطف مع صدام لدى رؤيته «مغطى الرأس ويداه مقيدتان وهو يرتجف». وعندما قرأ القاضي حكم الإعدام عليه، بدا صدام في هذه اللحظة مفعماً بالحيوية و«كان يتصرّف وكأنه لا يزال رئيساً». وعندما اقترب الربيعي من صدام ليسأله إن كان خائفاً، أجابه بأنه ليس خائفاً، وأنه كان يتوقع هذه اللحظة منذ أن وصل للسلطة، لمعرفته أنه كرئيس لديه الكثير من الأعداء. وأوصى صدام بإعطاء نسخة القرآن الذي كان يحمله الى ابن عوض البندر (القاضي العسكري السابق الذي أعدم شنقاً أيضاً). وسمع الفرعون أحد الحراس يقول لصدام «اذهب إلى الجحيم»، واصفاً تصرّفه هذا بالمشين. وأقرّ بأنه رأى مسؤولين حكوميين اثنين يلتقطان الصور بواسطة الهواتف الخلوية، على الرغم من منع إدخالها إلى قاعة الإعدام. وقال إن صدام رفض تغطية وجهه قبل الإعدام. وفيما كان يؤدّي الصلاة الأخيرة قبل إعدامه صرخ أحد الحراس «مقتدى مقتدى مقتدى». وأوضح الفرعون أنه رفع صوته مجدّداً ليسكت الشخص وقد تمت عملية الإعدام من دون تأخير وتوفي صدام على الفور. وعندما سُئل عن قانونية تنفيذ الإعدام بغياب توقيع رأس السطة التنفيذية، الرئيس العراقي جلال الطالباني، أجاب الفرعون أنه لم يُرسل مرسوم الإعدام إلى الطالباني، لأن صلاحيات الرئيس تنحصر في الجرائم العادية، وأنه بموجب القانون العراقي (المادة 27) لا يمكن تخفيف الحكم الصادر عن المحكمة العليا.
عدد الثلاثاء ٧ كانون الأول ٢٠١٠
الأنوار: بعلبك - محمد أبو اسبر نفذ اتحاد الشباب الديمقراطي فرع بعلبك اعتصاماً في ساحة سراي بعلبك احتجاجاً على موجة الغلاء الفاحش التي تطال كل السلع الغذائية، شارك فيه النائب كامل الرفاعي، رئيس جمعية تجار بعلبك نصري عثمان ومخاتير المدينة وحشد من الشباب.استمر الاعتصام ساعتين وألقى خلاله خالد حليحل كلمة اتحاد الشباب الديمقراطي فرع بعلبك دعا فيها الى مواجهة أزمة الغلاء التي تطال كامل السلع الغذائية والضرورية للناس، واعتبر أن الساكت عن الحق شيطان أخرس. واعتبر النائب كامل الرفاعي أن الاعتصام صرخة بوجه الظلم والجوع ونقول للدولة الغائبة الموجودة إما في الجو أو في بلاد الاغتراب، ولعل هذه الصرخة تحرك وجدان المسؤولين.
استنجد الحريري بتركيا والاردن واسبانيا للمساعدة في إطفاء الحريق أمس بدا لبنان كله يحترق. 120 حريقاً في 4 أيام، أكبرها حريق فتري. لم يشبع حريق البلدة الجبيليّة بعد. جدّد هجومه أمس، ملتهماً أحراجها ومحيطها. هكذا، ما إن هبت الرياح، حتى عادت النيران لتستعر في يومها السابع، مهدّدة محطات توليد الكهرباء والوقود بالانفجار. وكما في جبيل كذلك في بعبدا وحاريص وحلبا. لم تقع إصابات ما خلا بضع حالات اختناق عالجها الدفاع المدني سريعاً، فيما جاءه مدد معنوي يتمثل بزيارة لرئيس الجمهورية شخصياً
جبيل ــ جوانا عازار « كلّ نطاق فتري احترق». قالها رئيس بلديّة فتري بأسى، عماد ضو، مرتين كأنه لا يصدّق. مئة وخمسون ألف هكتار من الأحراج العتيقة الخضراء، احترقت عن بكرة أبيها. واكب ضو عمليّة الإطفاء بكل تفاصيلها، من أعلى الجبل الذي يشرف على البلدة، حتّى أسفله. قبل أسبوع، كان هذا الجبل نفسه، مكسواً بأشجار السنديان والصنوبر المعمّرة، أما اليوم، فلا شيء سوى هياكل سوداء ينبعث منها دخان كأنه دخان الأسف. حتّى «وادي نهر ابراهيم الأثريّ راح، احترق وصار كلّو رماد»، يضيف ضو. لم يكن رئيس البلدية وحيداً، في مراقبة فصول هذه المأساة البيئية. هكذا، وصل موكب رئيس الجمهوريّة، ميشال سليمان، الى البلدة، في منتصف النهار. النائب عن جبيل، سيمون أبي رميا، كان موجوداً هو الآخر في المكان، إلى جانب رجال الجيش اللبنانيّ والدفاع المدنيّ، ونحو 50 شخصاً من الأهالي، ممن استطاعوا الوصول. فالطريق قطعت من المفترق المؤدي إلى البلدة. لم يسمح إلا للإعلامييّن والرسمييّن بالوصول الى قلب فتري. هناك، يصبح المشهد واضحاً. النيران تلتهم الأشجار. الدخان يغطّي الجو. عدد من المواطنين يقصّون الأشجار عن الطريق العام لقطع تواصل الحريق حين لا يجد ما يلتهمه. مواطنون آخرون، يلملمون أطفالهم، ويوزّعون عليهم الكمّامات الواقية. إيلين كامل، إحداهنّ، قالت إن «الحرائق تلتهمنا، النيران وصلت الى منازلنا»، ثم تضيف وكأنها تريد أن تصف حجم الكارثة «وكلّ مؤسسات الدولة عندنا، حتّى رئيس الجمهوريّة في فتري». بدوره، أعلن سليمان «نرى الحريق وقد وصل الى بيوت الناس الطيّبين الذين لا دخل لهم بالسياسة، لذلك يجب أن نعرف أن لبنان يفقد لونه الأخضر ويجب أن ننكبّ على دراسة خطط حقيقية لا ارتجالية لإطفاء الحرائق». واستفاض الرئيس، وهو ابن المنطقة، معتبراً أن اللبنانيين «لا يملكون مساحات شاسعة، ويمكن أن نصل الى أماكن الحرائق، ولكن المشكلة تتمركز في عدم وجود خطط ولا طرقات». وما هي إلا ثوانٍ على انصراف سليمان، حتّى وصلت النيران إلى المكان الذي كان واقفاً فيه!! ميرنا البعيني، إحدى «الناجيات»، استطاعت أن تغادر منزلها ـــــ بصعوبة ـــــ بعدما هدّدته النيران. خرجت مع الإعلامييّن الى أعلى البلدة مرشدةً إياهم: «صارت النار عنّا» مبدية قلقها على المواطنين المحاصرين بالنيران. وفي هذه الزحمة الشعبية، والرسمية، المهددة باقتراب النار، شوهد المواطن إبراهيم سعيد، يستعين بمجرد «نربيش» مياه، لمنع النيران من الوصول إلى منزله الكائن على «كوع القصّ». تيريز سعيد التي كانت تتأمل المشهد وقد أسقط في يدها، قالت كمن يحدث نفسه: «خلصت الضيعة، مرحبا لبنان الأخضر». ثم صمتت، لتراقب عناصر الدفاع المدنيّ يملأون آليّاتهم بالمياه من «بير الهيت». أمّا وسام منصور، فهرع الى محطّة الوقود التي يديرها (على الطريق العامّ لفتري) محاولاً اتخاذ بعض «الإجراءات الوقائيّة». لكن، لم تكن تلك الإجراءات سوى قطع الأشجار في الحرج الكائن تحت المحطّة تجنّباً لوصول النيران إليها، حين لا تجد ما تلتهمه. في ذلك الوقت، وصل وزير الداخليّة والبلديّات زياد بارود إلى البلدة لتفقّد عمليّات الإطفاء، سائلاً عن إمكانات الدفاع المدنيّ، الذي لديه ثلاث طوافات فقط (سعة الواحدة 4 آلاف ليتر من المياه)، كانت تعمل بمؤازرة أربع طوافات تابعة للجيش اللبناني (سعة الواحدة 1200 ليتر). إذاً، كميّة المياه المتوافرة، أقلّ بكثير من الكميّة المحتاجة إلى إطفاء 120 حريقاً
اشتعلت في لبنان في يوم واحد. بارود قال «لم أعد أشكّ بأن تكون الحرائق مفتعلة». وقرابة الثالثة ظهراً، وبفضل تحول الهواء إلى الجنوب، هدأ الحريق قليلاً، وأخمدت النيران في محيط المنازل، وتمكّن السكّان من الخروج منها، بدون إصابات في الأرواح، باستثناء إصابة طفيفة لأحد عناصر الدفاع المدنيّ وبعض حالات الاختناق التي أوصت وزارة الصحّة مستشفيات القضاء بمعالجتها على نفقتها الخاصّة. بدورها، قطعت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان المياه عن جبيل والمنطقة لزيادة ضغط المياه في فتري، كي تتمكّن آليات الدفاع المدني من الحصول على المياه سريعاً، فيما دعا ضو أصحاب الصهاريج إلى مؤازرة الدفاع المدني ومدّه بالمياه. كذلك عمدت شركة الكهرباء الى قطع الكهرباء عن خطوط التوتّر العالي من 150 و220 فولت التي تمرّ فوق البلدة، ما أثّر على تغذية عدد من قرى القضاء بالتيّار الكهربائيّ. وفي الجنوب، التهم حريق صباح أمس، عشرات الأشجار المعمّرة، في بلدة حاريص (بنت جبيل). وقدّرت الخسائر في القرية بآلاف الدولارات، وفقاً لمصدر بلدي متابع. هكذا، فوجئ الأهالي باشتعال النيران، التاسعة صباحاً، فتوجّه العديد منهم الى المكان الذي تنتشر في بعض مناطقه القنابل العنقودية، محاولين إطفاء النيران، لكن سرعة الهواء زادت من سرعة انتشار الحرائق، ما صعّب مهمة الأهالي، كما أن فرقة الدفاع المدني في بنت جبيل تأخّرت عن الوصول، لكنها ساعدت عند وصولها في إنهاء الحريق. أما شمالاً، فقد اندلع حريق في بساتين الزيتون في خراج بلدتي حلبا والشيخ طابا، مقترباً من المنازل المحيطة، فغادرها سكانها مخافة امتداد النيران إليها، قبل أن يطفئ عناصر الدفاع المدني وقوى الأمن الداخلي الحريق، بواسطة الرفوش والوسائل البدائية، بمؤازرة سيارة إطفاء تابعة لمركز الدفاع المدني في حلبا. في هذا الوقت، أجرى رئيس الحكومة سعد الحريري اتصالاً بوزير البيئة محمد رحال، وأبلغه أنه طلب من تركيا والأردن وإسبانيا مساعدة لبنان على إطفاء الحرائق، وقد أبدت هذه الدول موافقتها. وقد أتت النيران، في الشمال، خلال أقل من ساعة على أكثر من 200 شجرة زيتون. أمس كان المشهد مؤلماً. فعلاً، باي باي لبنان الأخضر.
عدد الاثنين ٦ كانون الأول ٢٠١٠
أخضعت النار إسرائيل، وأجبرت قادتها على إظهار نوع من الاستسلام وطلب العون من أميركا وأوروبا. فقد انتشرت النيران في غابات جبل الكرمل، وامتدت بسرعة كبيرة غربا وجنوبا، بفعل رياح شرقية قوية، ما أدى إلى احتراق كيبوتس بكامله، وإخلاء السكان من العديد من القرى والموشافيم وبعض أحياء مدينة حيفا. وتم أيضا إخلاء الكثير من القواعد العسكرية القائمة في جنوبي حيفا، وكذلك عدد من المعتقلات والسجون. وتم الإعلان عن مقتل 40 من أفراد حرس السجون، فضلا عن إصابة كثيرين، بينهم عدد من كبار قادة الشرطة.وكان الحريق قد شب حوالى الساعة الحادية عشرة من صباح أمس، ولم تفلح قوات الإطفاء التي جمعت من كل نواحي إسرائيل في السيطرة عليه. وفي حوالى الرابعة ظهراً، كانت النيران قد بدأت في الاقتراب من مناطق مأهولة وأحرقت بالكامل كيبوتس بيت أورن. وفي البداية، حاولت بلدية حيفا اتهام بلدية عسفيا الدرزية المجاورة بأنها المسؤولة عن الحريق الهائل. وقيل إن السبب هو حريق في مزبلة بلدية عسفيا، لكن سرعان ما تبين أنه كانت للحريق ثلاث بؤر في مناطق مختلفة، وأن المزبلة لم تكن في دائرة الحريق.وقال قائد شرطة الإطفاء في حيفا «لقد فقدنا السيطرة على الحريق. لا نملك مواد إطفاء كافية في دولة إسرائيل تتيح لنا السيطرة على النيران». وأشار إلى أن قوات الإطفاء تحاول عبر استخدام خراطيم المياه السيطرة على الحريق. واعتبر مسؤول آخر في الإطفاء أن هذا ليس حريقا، وإنما حرب. وأضاف ان «الطبيعة هزمتنا، ولا نملك القوة على هزيمة النيران التي تزداد اشتعالا بقوة الرياح».وقال هذا المسؤول، في حديث للتلفزيون من موقع الحريق، إن مطالبة قبرص واليونان بتقديم العون تقارب الفضيحة، لأن هاتين الدولتين لا تملكان قدرات عالية على مواجهة الحرائق. وأشار إلى أن الولايات المتحدة هي الدولة التي تتوفر لها القدرات الكبيرة لمواجهة الحرائق، ما يعني أن النيران المشتعلة ستظل أياما وقد تحدث كوارث.وطلبت إسرائيل من الإدارة الأميركية إرسال طائرات ومواد إطفاء من قواعدها العسكرية في المنطقة. وأعلنت قبرص واليونان أنها سترسل طائرات إطفاء. وأشارت قبرص الى أنها سترسل مروحية الإطفاء الوحيدة التي تمتلكها للمساعدة. كما أن اليونان سترسل عددا من مروحيات الإطفاء. وطلبت الخارجية الإسرائيلية من بلغاريا وكرواتيا وفرنسا ورومانيا إرسال طائرات إطفاء تستطيع العمل ليلا، وكذلك مواد إطفاء كيميائية.وأعلن كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس شمعون بيريز أن حريق الكرمل هو «واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخنا». وقال نتنياهو ان «إسرائيل تحشد كل قوى الدولة من أجل وقف النار وإنقاذ المصابين، وكل جهدنا موجه لحماية أرواح الواقعين في دائرة النيران». وأشار نتنياهو إلى أن حريق الكرمل هو «كارثة بحجم لم يسبق أن عهدناه»، داعياً روسيا وإيطاليا واليونان وقبرص إلى تقديم العون العاجل لإسرائيل وإرسال طائرات لإطفاء النيران.كما قال بيريز ان «قلوبنا اليوم مع حيفا. والحريق لم ينطفئ بعد، ورجال الإطفاء يظهرون بطولة فائقة. ونحن نصلي من أجل حدوث معجزة، نصلي من أجل أرواح الناس».وأعلن وزير الدفاع إيهود باراك أنه أمر الجيش «بوضع كل القوات المطلوبة من أجل إطفاء الحريق ومعالجة المصابين وإنقاذ المحجوزين»، مشيراً إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي يعمل منذ لحظة علمه بالكارثة من أجل تقديم المساعدة بكل قوة ممكنة للتغلب على الحريق الشديد ويضع تحت تصرف المصابين كل الوسائل المطلوبة».وبعد مقتل 40 سجانا أمرت الحكومة الإسرائيلية بإخلاء أحياء طيرة الكرمل التي يعيش فيها ما لا يقل عن عشرين ألفا، والواقعة على السفوح الغربية لجبل الكرمل. كما أمرت سكان بلدات نير عتسيون وعين هود وعين حود على ساحل الكرمل بإخلائها. وكذلك تم إخلاء المدارس الداخلية في القرى المجاورة لجبل الكرمل.ويتحدث المسؤولون عن احتراق ما لا يقل عن عشرات الألوف من الدونمات الأمر الذي يزيد أضعافا عن الحريق الهائل الذي شب في المنطقة قبل عشرين عاما، والذي كان يعتبر كارثة كبرى. وتم إخلاء قرية عسفيا وكيبوتس بيت أورن وكفار سيترين، وكذلك موشاف نير عتسيون والعديد من الفنادق في تلك المنطقة.وتقع في جنوب حيفا العديد من القواعد العسكرية الكبرى، وبينها قاعدة الشحن قرب طيرة الكرمل. كما يقع في دائرة الحرائق معتقل الدامون الذي يحوي ما لا يقل عن 500 من أسرى الانتفاضة الفلسطينية، الذين تم إخلاؤهم إلى سجون أخرى.(«السفير»)
كشفت وثائق «ويكيليكس» المسربة أمس، عن عملية أميركية لها شق تجسسي أو «استطلاعي» وآخر «عملاني»، على الأراضي اللبنانية، تحمل اسم «مسح الأرز»، كانت وزارة الدفاع اللبنانية قد طلبت من واشنطن إجراءها انطلاقا من قاعدة بريطانية في قبرص، في فترة تمتد من نيسان إلى آب 2008، على أقل تقدير، وهي الفترة التي شهدت تصاعد الصراع السياسي الداخلي في لبنان في ظل حكومة فؤاد السنيورة، وانفجاره أمنيا في أحداث أيار الشهيرة.وقد أظهرت الوثائق أن مهمات «التجسس» الاميركية، على خطورتها، وانتهاكها الصريح للسيادة اللبنانية وتماثلها بذلك مع مهمات التجسس والاستطلاع الاسرائيلية اليومية، أثارت قلقا بريطانيا بأن تكون قد جاءت استجابة لطلب من وزارة الدفاع اللبنانية وحدها، لا مجمل الحكومة.وفيما تكتفي الوثائق المسربة، بتوصيف الهدف الأساسي لمهمات «مسح الأرز» على أنه «مكافحة الإرهاب»، فإنها لا تحدد المناطق اللبنانية التي خصتها الطلعات الأميركية بالعمل، ولا الجهات «الارهابية» التي تستهدفها، ما قد يعني أنها شملت اي منطقة لبنانية ربما تعتبر واشنطن ان من مصلحتها رصدها عن كثب.وإذا كانت الوثائق لا تشير إلى «حزب الله» والمقاومة بالاسم، الا ان الفترة الزمنية التي تتحدث عنها بالاضافة الى العلاقات الوطيـدة بين الإدارتـين الأميركيـة والبريطانيـة من جهة، والاسرائيلية من جهة، إضافة إلى كون وزير الدولة البريـطاني، كيم هـاولز، الرئيس السابق لمنظـمة «أصـدقاء اسرائيـل العماليين» قـد وافــق شخصيا على العملية، تعـزز وصــف صحيفة «الغارديان» البريطانية التي تمتلك مجمل الوثائق التي سربها «ويكيليكس»، لعملية «مسـح الأرز» على أن الطائـرات الاميركــية جمعت معلومات اسـتخباراتية، من اجل استهداف «حزب الله».«مسح الأرز»وأفاد المسؤول في «مكتب الخارجية والكومنويلث» البريطاني، جون هيلمان، في 14 أيار 2008، بمصادر قلق أو شروط لدى الحكومة البريطانية، حول عملية «مسح الارز». وقال هيلمان اولا إن مكتب الخارجية البريطانية الإقليمي، المسؤول عن لبنان، شكك في ضمانات الحكومة الأميركية بأن المهمات الاستطلاعية كانت طُلبت من قبل الحكومة اللبنانية. «وكان المكتب الإقليمي قلقا من أن طلب الاستطلاع قد يكون أتى من وزارة الدفاع اللبنانية فحسب، عوضا عن مجمل الحكومة اللبنانية، التي تتطلب على ما يبدو توافقا حول القضايا المثيرة للجدل».واعتقدت الحكومة البريطانية أن الحكومة اللبنانية قد تنكر تصريحات بأنها طلبت مساعدة استطلاعية إذا تم الإعلان عن الطلعات الجوية. وقال هيلمان إنه إذا أنكرت الحكومة اللبنانية طلبها، واتضح أنها لا تدعم هذه الطلعات الجوية، ستواجه الحكومة البريطانية صعوبة في الموافقة على استخدام أراض بريطانية في عملية «مسح الأرز».وقال هيلمان إن قسم حقوق الإنسان في مكتب الخارجية البريطاني، قد أشار، وعلى رغم ضمانات وزارة الدفاع اللبنانية بأنها «لن تستخدم المعلومات الاستخباراتية المتبادلة بشكل غير قانوني»، إلى أن منظمة «هيومن رايتس ووتش» وحتى وزارة الخارجية الأميركية قد وثقت حالات تعذيب وتوقيف اعتباطي من قبل القوات المسلحة اللبنانية.وأكد هيلمان أن اعتبارات حقوق الإنسان هذه ستتم مراجعتها في «دورة الموافقة المقبلة» على عملية «مسح الأرز»، في أول أيار 2008. وأكدت الوثائق وجود جدول بطلعات «مسح الأرز» التي تقوم بها طائرات من طراز «يو 2»، من اول أيار 2008 إلى آب 2008، على أقل تقدير، كما اكدت ان طلعات تجسسية تغطي أيضا شمال العراق وتركيا.وشدد هيلمان على ان قرار الموافقة على عملية «مسح الأرز» قد نوقش بشكل واسع في وزارتي الدفاع والخارجية، وقد اتخذ نهائيا من قبل وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط حينها، كيم هاولز، الذي ترأس لجنة «أصدقاء اسرائيل العماليين» في بريطانيا.من جهتها، اعتبرت السفارة الأميركية في بريطانيا، أن «هذه الشروط الإضافية لموافقة الحكومة البريطانية، والافتراضات حول قدرتنا على مراقبة كل اعتقال مرتبط بعملية مسح الأرز، ليست ثقيلة فحسب بل غير واقعية أيضا». وأوصت السفارة مسؤولي وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين بإقناع نظرائهم البريطانيين بأن «شروطا مفرطة كتلك المذكورة، سوف تهدد، إن لم تعرقل، جهودنا المشتركة في مكافحة الإرهاب».وشددت السفارة على «اننا لا نستطيع اتباع مقاربة لمكافحة الإرهاب بشكل يسمح الخوف من خرق حقوق الإنسان، للارهاب بالانتشار في لبنان. ونوصي بأن تنظر سفارتنا في بيروت في ما إذا كانت قادرة على المساعدة عبر حث الحكومة اللبنانية على التعامل مباشرة مع البريطانيين. الحكومة البريطانية تدعم حكومة السنيورة، وقد تكون أقل صلابة إذا طلبت منها المساعدة من قبل حكومة السنيورة نفسها».وأكدت الوثائق المسربة من السفارة الأميركية في لندن ان الطائرات التي تستخدم في عملية «مسح الأرز» تنطلق من قاعدة «أكروتيري» في قبرص، التابعة للقوات الجوية الملكية البريطانية. وتفيد الوثائق بأن مديرة الدفاع والاستخبارات في مكتب الخارجية البريطانية ماريوت ليسلي طالبت بضرورة فرض شروط على التفويض بالإقلاع للطائرات التجسسية، و«ميزت بين الطلعات الاستخباراتية العادية، والأخرى العملانية كعملية مسح الأرز».وأشارت ليسلي إلى انه ولمرات عديدة لم يتم اتباع المسار المتفق عليه للسماح بانطلاق الطيارات، من قبل الأميركيين، مؤكدة أنه «لأن طلعات مسح الأرز، هي عملانية كما هي مرتبطة بجمع المعلومات، تدخل انواع عديدة من الضرورات القانونية في المعادلة».وقالت ليسلي بحسب برقية بتاريخ 20 أيار 2008، إن الحكومة البريطانية «بحاجة ماسة» إلى قاعدة «أكروتيري» في قبرص، «وتبقى ملتزمة بجعلها متاحة لأميركا وفرنسا». لكنها أكدت أن القبارصة «بالغو الحساسية» تجاه الوجود البريطاني هناك، وقد «يوقفون الخدمات في أي وقت». وأعربت ليسلي عن امتعاضها لموقف هيلمان خلال اللقاء الموصوف في برقية 14 أيار، وأكدت أن الموقف البريطاني كان «يهدف فقط إلى إظهار ان موافقة الحكومة البريطانية على عملية مسح الارز، كانت على أساس ضمانة أميركية بأن الحكومة اللبنانية طلبت هذه العملية، ولم تكن الرسالة (البريطانية) هادفة إلى التشكيك في ما إذا كانت الحكومة الأميركية قد حصلت على الموافقة الكاملة من الحكومة اللبنانية».وثائق لبنانية أخرىإلى ذلك، أفادت برقية أرسلتها السفارة الأميركية في دبلن في 5 أيلول 2006، بأن وزارة الشؤون الخارجية الايرلندية أصدرت «قراراً شفهيا ولكنه محدد أثناء الصراع مع لبنان يمنع مرور معدات عسكرية أميركية إلى إسرائيل» خلال عدوان تموز 2006، وجاء بيان وزارة الشؤون الخارجية الأيرلندية بعدما بدأت الحكومة الأيرلندية «وضع قيود» على أشكال معينة لمرور المعدات العسكرية في مطار شانون وإبلاغ وزارة النقل الأيرلندية بصورة غير رسمية السفارة بأن كل المعدات العسكرية تعتبر «ذخائر حربية» ما يتطلب إخطارا مسبقا لوزارة النقل ووثيقة إعفاء لنقل البضائع.وتوضح البرقية أن خطوة الحكومة الأيرلندية «جاءت أساسا ردا على حساسيات الرأي العام إزاء التصرفات الأميركية في الشرق الأوسط». وأشارت البرقية إلى أن «بعض شرائح الجمهور الأيرلندي تعتبر مطار (شانون) رمزا لتواطؤ أيرلندي متصور تجاه الأخطاء الأميركية في الخليج والشرق الأوسط».من جانب آخر، ذكرت وثيقة من السفارة الأميركية في باريس، تعود إلى العام 2007، أن «ساركوزي الذي لم يكن منبهرا بقادة غالبية 14 آذار الذين التقاهم، تحسنت نظرته إلى سعد الحريري بعد لقاءات متتالية. وبعد اللقاء الأخير، وافق ساركوزي على إعلان مشاركة فرنسا بـ6 ملايين دولار من أجل المحكمة الدولية.وقال المدير السياسي لوزارة الخارجية الفرنسية حينها جيرار ارو، خلال لقاء مع مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ويليام بيرنز في حزيران 2007، إن «الدلائل ليست قوية بما يكفي (عن تهريب أسلحة ايرانية) إلى لبنان، لتبرير الضغط على ايران»، وإن فرنسا لا تريد المخاطرة في خسارة حوارها مع ايران، كونها «تحاول الابقاء على حوارها مع (رئيس البرلمان الايراني علي) لاريجاني. كما «أقر» ارو بأنه كان على فرنسا أن تستشير أميركا قبل الدعوة إلى مؤتمر «حوار وطني» لبناني.وأكد أرو أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قال لنظيره الأميركي حينها جورج بوش إن فرنسا ستواصل سياستها في لبنان، «ما عدا تركيزها الحصري على الحريري». أما في لقاء بين مسؤولين أميركيين ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فقال الاخير إن الأسلحة الروسية التي استخدمها «حزب الله» في العام 2006، لم تكن نقلت من قبل الحكومة السورية، بل شملت أسلحة تركتها القوات السورية وراءها عندما غادرت لبنان، وذلك بحسب وثيقة تعود إلى تشرين الأول 2007.مواقف لبنانيةوأكدت أوساط وزير الدفاع الياس المر لـ«السفير» أن كل ما ينشره موقع «ويكليكيس» غير صحيح، كما نفى المكتب الإعلامي للوزير المر ما أورده موقع «ويكيليكس»، عن تقرير منسوب الى السفيرة الأميركية السابقة في لبنان ميشيل سيسون تتحدث فيه عن أجواء وتحليلات نقلا عن وزير الدفاع. واعتبر أن «ما نشر يأتي في سياق اثارة الشكوك من رغبة لم تعد خافية لإثارة الفتن ليس في لبنان فقط بل في العديد من دول المنطقة كذلك». وتساءل المر «عن هوية من يختبئ وراء هذا الموقع المشبوه ولا بد ان تكشف الايام المقبلة الاهداف الحقيقية لهذه الحملة المفبركة».وأكد أن ما ورد في تقرير «ويكيليكس» مجتزأ وغير دقيق، والسؤال: «هل السبب هو حرج سيسون في الموقف الحازم لوزير الدفاع من إسرائيل او قصورها في التفسير؟».كما قالت مصادر عسكرية لبنانية لـ«السفير» ان العماد جان قهوجي عيّن قائدا للجيش اللبناني في التاسع والعشرين من آب 2008 وهو استلم مهامه رسميا في الأول من ايلول 2008 ولا علاقة له بكل ما نقله عنه الموقع، كونه لم يكن في سدة المسؤولية واتخاذ القرار. وأضافت المصادر «عندما يريد الاسرائيليون أو غيرهم استباحة الأجواء اللبنانية فهم لا يحتاجون الى إذن من أي طرف لبناني».بدوره، علق النائب مروان حماده على المواقف المنسوبة إليه في الموقع، وقال: «بين مخيلة السفيرة الأميركية وفبركة الموقع المشبوه، قرأت رواية كاملة مليئة بالافتراءات والتلفيقات عن بعض ما أحاط أزمة شبكة الاتصالات في العام 2008»، وأكد أن «الحكومة اللبنانية لم تطلب آنذاك حماية أحد للقرار الذي اتخذته اقتناعا منها بأن وحدة مؤسسات الدولة ومنشآتها واحترام القوانين تبقى الضمانة الأولى والأخيرة لحماية لبنان من الأطماع الاسرائيلية او من التفكك الداخلي
نشط أركان فريق 14 آذار والسفارة الأميركيّة لحل لغز اغتيال المسؤول العسكري السابق في حزب الله، في العاصمة السوريّة، كأنهم محقّقون دوليّون
في 14 شباط 2008، صدر عن السفارة الأميركية في بيروت تقرير إلى وزارة الخارجية عن الوضع في لبنان بالتزامن مع إحياء قوى 14 آذار الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري مع تشييع المسؤول العسكري (السابق) في حزب الله عماد مغنية. ركّز التقرير على الأحاديث الأكثرية حول مشاركة سوريا في اغتيال مغنية واعتقادهم أنه ثمن صفقة قد تعقد قريباً، فيما نقلوا عن ضباط في قوى الأمن الداخلي وجود اختلافات بين الرئيس السوري ومستشاريه وضباط استخباراته، فيما نُقل موقف خاص عن النائب غسان مخيبر الذي رأى أن من الغريب اغتيال مغنية بعد خروجه من أحد مكاتب الاستخبارات السورية.
نظريّات لبنانية في اغتيال مغنيّة
أبرز ما جاء في مقدّمة التقرير: في ظل التوتر الحاصل في لبنان نتيجة الأزمة السياسية المستمرة، يرى كثير من اللبنانيين أنّ بلدهم سيدفع ثمن مقتل عماد مغنية. ويطرح اغتيال مغنية، الذي يعدّ أيقونة للمقاومة الشيعية وأكبر الإرهابيين المطلوبين من الولايات المتحدة وإسرائيل، الكثير من الأسئلة حول من يريد موت مغنية وفي هذا التوقيت ولماذا. كثرت الشائعات والمواقف في شأن الطرف المسؤول عن اغتيال مغنية، فوجّه حزب الله وقوى المعارضة أصابع الاتهام إلى إسرائيل، فيما لم تستبعد شخصيات في قوى 14 آذار ضلوع سوريا بهذه العملية. في جميع الأحوال، تحدثت إحدى الشائعات عن إمكانية ضلوع 14 آذار في اغتيال مغنية، وثمة قلق واسع النطاق سيضرّ بلبنان.
تعاون أكثريّ ونصب تذكاريّة معارضة
شيّع حزب الله بطله عماد مغنية بعد ظهر يوم 14 شباط في أجواء ماطرة وحزينة، إذ خطب بالحشود الجنائزية كل من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ووزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكي. قبل ساعات من انطلاق جنازة مغنية وليس بعيداً عنها، احتشدت قوى 14 آذار الموالية للحكومة في ساحة الشهداء لمناسبة الذكرى الثالثة لاغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. ومثّل التجمّع الجماهيري لقوى 14 آذار (يراوح عدد المحتشدين بين 100 ألف ومليون مشارك) محاولة لإعادة تنشيط القاعدة الأكثرية واستعادة زمام المبادرة السياسية بوجه المعارضة. توعّد نصر الله بـ«حرب مفتوحة» مع «الصهاينة»، متعهّداً تنفيذ عمليات ضد إسرائيل خارج الحدود اللبنانية للثأر من مقتل مغنية. ركّزت الخطابات في المسيرة السلمية لقوى 14 آذار على حاجة لبنان إلى «إجماع واتفاق» وانتخاب رئيس للجمهورية فوراً. بين كل الخطباء، وحده الزعيم الدرزي وليد جنبلاط سجّل موقفاً صارماً وعنيفاً من سوريا وحلفائها في المعارضة، متعهداً أنّ لبنان «لن يُسلّم إلى دمشق أو إلى العالم السوري ـــــ الإيراني الأسود».
الشجب الرسمي لـ14 آذار: أكثر من دموع تماسيح؟
في 13 شباط، استنكر زعيم 14 آذار، سعد الحريري، اغتيال مغنية وقدم تعازيه إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. في اليوم نفسه، خلال مقابلة تلفزيونية له مع المؤسسة اللبنانية للإرسال، وافق الحريري حزب الله في اتهام إسرائيل بالوقوف وراء قتل مغنية، غير أنه غمز إلى دور سوري بإشارته إلى أنّ الأخير اغتيل في دمشق بالقرب من مدرسة إيرانية في منطقة تسيطر عليها الاستخبارات السورية. يوم الاغتيال. تحدث الأمين العام لقوى 14 آذار، فارس سعيد، عن مقتل مغنية كأنه درس لحزب الله. بما معناه أن يعي حزب الله أنّ حاميه وضامنه الوحيدين هما الدولة اللبنانية والجيش اللبناني لا ترسانته أو الأجهزة السورية. في الوقت نفسه، يعتقد الزعيم الدرزي وعضو 14 آذار، وليد جنبلاط، أن إسرائيل لأسباب واضحة، أو سوريا لأسباب مجهولة، قضيا على مغنية. وفي جميع الأحوال، وصف جنبلاط بصراحة مقتل مغنية بـ«الخبر الجيد». ورأى عدد من السياسيين الأكثريين، منهم السفير اللبناني السابق في الولايات المتحدة سيمون كرم ورئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون، أنّ سوريا صفّت مغنية «هديةً للأميركيين». إلا أنّ كرم وشمعون أملا ألّا تكون الصفقة على حساب لبنان. أبلغ وزير الداخلية، حسن السبع، السفير بأن مغنية، لحُسن الحظ، لم يغتل على الأراضي اللبنانية، وإلا لكانت اتُّهمت قوى 14 آذار بالتآمر مع إسرائيل على حزب الله. لا يزال السبع متردداً بشأن هوية مرتكبي الجريمة، معلقاً باحتمال أن تكون رسالة سورية إلى حزب الله أو الولايات المتحدة، أو أن تكون نتيجة انقسام داخل حزب الله. وأعرب السبع عن قلقه من دفع لبنان الثمن إذا كانت الرسالة موجهة إلى الولايات المتحدة، على أنها رسالة تذكير بأنّ على الأخيرة التعامل مع سوريا في ما يخص كلّاً من الانتخابات الرئاسية وحزب الله. خرجت نظرية أخرى من طاحونة الشائعات في بيروت، أشارت إلى أنّ السعوديين وآل الحريري تعاونوا مع جهاديين سنّة سوريين لتوجيه ضربة إلى المعارضة وحليفتيها سوريا وإيران. وتستند هذه الفكرة إلى الادعاءات السابقة بأنّ سعد الحريري والمملكة السعودية كانا متورطين بتسليح متشددين سنة، في جهود لمواجهة حزب الله.
ضبّاط أمن يتحدّثون عن بصمات الأسد
أبلغ ضباط من المستوى المتوسط في قوى الأمن الداخلي ضباطاً ورسميين في السفارة، اعتقادهم بأنّ قوات سورية، خاضعة للرئيس بشار الأسد، قد تكون مسؤولة عن الاغتيال، في جهد لفرض تسوية في ظل المأزق السياسي المستمر، وذلك عبر تخفيف الضعط عن سوريا. وتكهّن الضباط أنّ يكون للاغتيال وقع حادًّ على حزب الله، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتباك واسع وانعدام في التماسك. ويستند الضباط في تقييمهم هذا إلى التوتر المزعوم بين الأسد ورئيس استخباراته العسكرية، آصف شوكت، نتيجة اختلاف بين زوجتي الرجلين. وذكر الضباط أيضاً أنّ الأسد بات أكثر استقلالية بعد تهميش عدد من المستشارين الموثوق بهم سابقاً مثل شوكت.
معارضون يشكّون في ضلوع إسرائيل
فيما دعم معظم المراقبين في المعارضة اللبنانية نظرية حزب الله في احتمال أن تكون إسرائيل مسؤولة عن الاغتيال، أسرّ عضو كتلة عون، النائب غسان مخيبر، لضباط ومسؤولين في السفارة أن من الغريب أن يأتي اغتيال مغنية بعد خروجه من أحد مكاتب الاستخبارات السورية، مضيفاً أن مقتل مغنية يمثّل تحدّياً كبيراً لحزب الله. وعلّق مخيبر بأنّ الأيام المقبلة قد تكشف عن طبيعة «صفقة» يمكن التوصل إليها.
ميشيل سيسون بيروت في 14 شباط 2008 المصدر: سفارة بيروت، التصنيف: سرّي
جعجع: حظر السفر إلى سورياسمير جعجع مع القانون النسبي للانتخابات، لأنه يوصل إلى مجلس النواب «شيعة من 14 آذار»، هذا ما جعله يقول لسيسون إن أحمد الأسعد حصان طروادة في الجنوب والشيعة
التقى رئيس الهيئة التنفيذيّة في القوات اللبنانيّة سمير جعجع مع القائمة بأعمال السفارة الأميركيّة في بيروت ميشيل سيسون في الثالث من آذار 2008، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من زيارته لواشنطن.
مقاطعة القمّة العربيّة
عرض جعجع ما يعتقد أنه الموقف السعودي لجهة المشاركة في القمّة العربيّة التي ستُعقد في دمشق من 29 إلى 30 آذار: السعوديّة ستشارك إذا ما دعت سوريا رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. في المقابل يُريد جعجع أن يربط لبنان والسعوديّة مشاركتهما بالقمّة بانتخاب رئيس للجمهوريّة، وهو موقف يعتقد جعجع أن زعيم الدروز وليد جنبلاط قد يدعمه (مع ملاحظتنا أن جعجع غالباً ما يتعارض مع جنبلاط). على الأقلّ، يُريد جعجع أن تُعقد القمّة خارج سوريا، كقمّة استثنائيّة، وبذلك لا تكون تحت الرئاسة السوريّة. ويعتقد جعجع أن السنيورة سيقبل الدعوة السوريّة فيما لو وُجّهت له. بكلّ الأحوال، يسأل جعجع: هل ستدعو سوريا السنيورة وحده، وهو سنّي، معتبراً أن سوريا قد تدعو رئيس مجلس النواب الشيعي نبيه بري، لتتفادى دمشق الاعتراف بحكومة السنيورة.
14 آذار ترفض أفكار موسى
أبلغنا جعجع أنه من غير الواضح ما إذا كان الأمين العام لجامعة الدول العربيّة عمرو موسى سيعود إلى بيروت هذا الأسبوع أو لا. وشرح أن عرض موسى الأخير لزعيم الغالبيّة سعد الحريري كان أن يجري انتخاب رئيس للجمهوريّة، ثم تاليف حكومة وحدة وطنيّة يكون رئيسها من خارج قوى 14 آذار، وهو أمر ترفضه 14 آذار بشدّة.
الضغط لقانون انتخابي نسبي
بالعودة إلى زيارة موسى وAffinityCMSته التفاوضيّة الأخيرة، قال جعجع إن تحديث قانون الانتخاب يبقى عقبة، داخل فريق 14 آذار. هو يُنادي بقانون انتخابي مبني على النسبيّة، وهو نظام يعتقد جعجع أنه سيفيد مسيحيي 14 آذار ويكسر قوّة حزب الله. أكثر من ذلك، يُضيف جعجع إن التمثيل النسبي سيُضعف كتلة ميشال عون المعارضة، أي التيّار الوطني الحرّ بنسبة 50 في المئة. من الفوائد الإضافيّة هي انتخاب نواب شيعة من قوى 14 آذار، قال جعجع. رغم ذلك، هو اعترف بأن بعض نواب كتلة سعد الحريري سيخسرون، كما أن جنبلاط يحتاج إلى إقناع، ويطلب جعجع أن تحثّ الولايات المتحدة الحريري وجنبلاط على دعم القانون النسبي للانتخابات. (ملاحظة: بري أبلغ القائمة بالأعمال في لقائهما في 25 شباط أنه يُفضّل القانون الانتخابي النسبي، مع أنه يُفضّل الدائرة الانتخابيّة الكبيرة، بينما يُفضّل جعجع الدوائر الصغيرة).
التحالف مع الشيعة المعارضين لحزب الله
بعدما كانت القائمة بالأعمال قد التقت في وقت مبكّر من هذا اليوم بأحمد الأسعد، زعيم تيّار الانتماء اللبناني، حركة معارضة لحزب الله، سألت عن علاقة جعجع بالأسعد. أجاب جعجع بأن علاقته بالأسعد جيدة (الذي يدعم قانوناً نسبياً للانتخابات) وأنه مهتم بضمّه إلى تحالف 14 آذار، مدّعياً بأن الأسعد هو الأفضل لقيادة تحالف شيعي. جعجع يرى قدرات عند الأسعد، لكنّه يُشير إلى أن الأخير يحتاج إلى تمويل. وحذّر جعجع من أن سعد يُعارض الأسعد، وفي جزء من الأسباب لأن السعوديين (حلفاء سعد) لا يُريدون خلافاً مع حزب الله. لذلك، استنتج جعجع أن أي دعم أميركي للأسعد يجب أن يبقى مخفياً. واستناداً إلى جعجع، فإن الأسعد حصل على 15 إلى 20% من الأصوات في منطقته عندما خاض الانتخابات كمستقلّ. (ملاحظة: نحن مشكّكون. فبحسب معلوماتنا حصل الأسعد على نسبة أقلّ من الأصوات). وتتضمّن الاحتمالات الشيعيّة الأخرى، عائلة وزير العمل طراد حمادة، والصحافي المستقل عقاب صقر. وهذا هو حدّ الإمكانيات، ادّعى جعجع. ويقول جعجع إن المساعدات الأميركيّة لجنوب لبنان لم تنجح في إبعاد القاطنين هناك عن حزب الله، ولذلك يجب أن تذهب مساعدات الولايات المتحدة إلى الأسعد، كما إلى المسيحيين في الشمال.
تجديد الحكومة بوزراء مسيحيين
بالنظر إلى الوضع السياسي العالق، يرى جعجع أن هناك ثلاثة سيناريوهات: لا يزال جعجع يدعم خيار الانتخاب بالنصف الزائد واحداً، لكنّه يعترف بأنه ينقص هذه الخطوة الخطرة الدعم المطلوب في الوقت الحالي. هو يقترح تجديد الحكومة وإدخال ثلاثة ممثلين مسيحيين في وزارات أساسيّة مثل الداخليّة، التعليم، والاقتصاد. إذ إن بعض هذه الوزارات مشغولة بتكنوقراط. يرى جعجع أن لا عمل حكومياً حقيقياً في لبنان، لذلك لا تحتاج الحكومة إلى مهارات التكنوقراط، ولكنها تحتاج أكثر إلى ممثلين رمزيين عن المسيحيين، «يظهر الآن أنها حكومة الحريري؛ نحن نريدها أن تكون حكومة 14 آذار» يشرح جعجع. 1ــ استمرار الستاتيكو. 2ــ تنتخب 14 آذار رئيساً بأكثريّة النصف زائداً واحداً. 3ــ تجديد الحكومة بإدخال وزراء مسيحيين في الوزارات الرئيسيّة.
يو أس أس كول: الولايات المتحدة في ازدواجيّة
«أنتم تضعون أنفسكم في ورطة»، حذّر جعجع، استناداً إلى وجود يو أس أس كول مقابل الشواطئ اللبنانيّة. وعزا السبب إلى أنه إذا جرّب أحدهم شيئاً ما، ولم تتفاعل الولايات المتحدة، فيبدو هذا الأمر سيئاً. في المقابل، قال جعجع إذا تفاعلت الولايات المتحدة فستُذكّر بعام 1983. لا تستطيع الولايات المتحدة أن تقف مكتوفة الأيدي، ولا تستطيع أن تتراجع في هذه المرحلة. واقترح أن واشنطن ستكون داعمةً أكثر إذا فرضت حظر سفر على سوريا، لتمنع بذلك كلّ شركات الطيران والطائرات من السفر من وإلى سوريا. وبرأي جعجع أن الأوروبيين سيكونون أكثر قابليّة للحظر الجوي بعد اغتيال عماد مغنيّة، ما وفّر دليلاً دامغاً للعالم بأن سوريا تأوي إرهابيين. كذلك زوّد جعجع القائمة بالأعمال معلومات استخباريّة غير مؤكّدة عن تسليم إيران لسوريا 15 غواصة.
تعليق السفارة
فوجئنا لسماع التطوّر الإيجابي للعلاقة بين جعجع والأسعد ولملاحظة نسخة من كتاب «صعود الشيعة» (The Shia Revival) للكاتب فالي نصر على مكتب جعجع. جعجع وبري يشتركان في الاهتمام بقانون نسبي للانتخابات. انتهاء الملاحظة.
التوقيع: سيسون مذكرة رقم 12958 تاريخ 3 آذار 2008 المصدر: سفارة بيروت التصنيف: سري
المر وحمادة يردّانردّ الوزير الياس المر والوزير السابق مروان حمادة على «التقرير الذي نشره موقع ويكيليكس وفيه كلام منسوب إلى السفيرة الأميركية السابقة في لبنان ميشيل سيسون». ورأى المكتب الإعلامي لنائب رئيس الحكومة أن «ما أورده موقع ويكيليكس يستحقّ القراءة والتوضيح ولو كان لا يستحقّ الرد». وتساءل المرّ عن «هوية من يختبئ وراء هذا الموقع المشبوه»، متوقعاً أن تكشف الأيام المقبلة «الأهداف الحقيقية لهذه الحملة المفبركة». وأكّد أن «ما ورد في تقرير ويكيليكس مجتزأ وغير دقيق. والسؤال: هل السبب هو حَرج سيسون أمام الموقف الحازم لوزير الدفاع من إسرائيل أم قصورها في التفسير؟». بدوره، قال حمادة إنه «بين مخيلة السفيرة الأميركية وفبركة الموقع المشبوه، قرأ رواية كاملة مليئة بالافتراءات والتلفيقات عن بعض ما أحاط أزمة شبكة الاتصالات في عام 2008». وأضاف وزير الاتصالات السابق أن «الحكومة اللبنانية لم تطلب آنذاك حماية أحد للقرار الذي اتخذته اقتناعاً منها بأن وحدة مؤسسات الدولة ومنشآتها واحترام القوانين تبقى الضمانة الأولى والأخيرة لحماية لبنان من الأطماع الإسرائيلية أو من التفكك الداخلي». وإذ نفى حمادة «مجمل» ما نقل عنه في هذه التسريبة الجديدة، أكد أنه لا يزال عند اقتناعه، وزيراً آنذاك ونائباً اليوم، بوجوب «الإبقاء على وحدة الشعب والمؤسسات من خلال سيادة الدولة على قدراتها العسكرية والأمنية والقضائية والاقتصادية، وعلى سلامة البنى التحتية التي يتبين اليوم كيف تخرق من كل صوب، وخصوصاً من العدو الإسرائيلي». وفي ردّ على ما نقلته وثائق ويكيليكس على لسان المر، ذكرت قناة «أو. تي. في.» نقلاً عن مصادر عونية أن «عون أوقف عقله مرتين، في الأولى عندما أنقذ المر من جعجع، والثانية عندما حمل أباه على لائحته عام 2005».
عدد الجمعة ٣ كانون الأول ٢٠١٠
أخيراً تحقق الحلم. كأس العالم في الشرق الأوسط، وقطر تحتضن دنيا كرة القدم عام 2022. هو ملفٌ أدهش العالم وتفوّق على «القوة العظمى» الولايات المتحدة الأميركية، فأثار حماسة «الفيفا» وسرق الأضواء حتى من روسيا التي ستستضيف مونديال 2018
إنها قطر مجدداً، حديث الجميع، إذ توّجت نجاحاتها المتتالية على الصعيد الرياضي عبر الحصول على حق تنظيم أكبر تظاهرة كروية في العالم. حصول البلد الخليجي الذي يؤدي دوراً بارزاً في كل المجالات، على هذا الشرف، كان متوقعاً بالنسبة الى كل الذين تابعوا سير العمل على الملف على نحو حثيث، إذ فضلاً عن العرض الرائع للملاعب والبنى التحتية التي ستستضيف الحدث، كانت الخيارات مثالية لناحية الأشخاص الذين عملوا على إصابة هذا النجاح اللافت. وعلى رأس هؤلاء رئيس الملف الشيخ محمد بن حمد آل ثاني، هذا الشاب الذي يعكس تماماً الصورة الجميلة لكل شابٍ عربي مثقف، فبدا الإعجاب بحضوره على كل مستمعيه في كل مرة ظهر فيها خطيباً باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية التي يجيدها بطلاقة. فعلاً، تفوّق الشيخ محمد بحماسة الشباب على كل تلك الخبرة التي حملها المخضرمون والشخصيات الشهيرة من سياسيين ورياضيين وغيرهم الى مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم في زيوريخ، وهو حظي بدعمٍ كبير من والده أمير قطر الشيخ حمد ووالدته الشيخة موزة بنت ناصر المسند. وبطبيعة الحال، كان واضحاً التعاطف العربي الكبير مع الملف القطري والدعم المعنوي الذي أحيط به طوال الأشهر الماضية أو منذ اللحظة الأولى لإعلان قطر ترشحها لهذا التحدي الذي لا تجرؤ سوى الدول الكبيرة على دخول معتركه. كذلك لا بدّ من التوقّف عند عملية اختيار سفراء الملف بطريقة ذكية جداً، أكدت للعالم مدى الجهد الكبير الذي بذله القطريون من أجل اظهار كل شيء بصورة مثالية، فنطق افضل لاعب في العالم سابقاً الفرنسي زين الدين زيدان باسم «العنابيين»، ووقف الى جانبه مدرب برشلونة الاسباني جوسيب غوارديولا والهداف الارجنتيني التاريخي غابريال باتيستوتا والهولندي رونالد دي بور وغيرهم. منذ اليوم تقف قطر أمام تحدٍّ من نوعٍ آخر، بعدما وعد الشيخ محمد «الفيفا» بعدم تخييب ثقة العالم التي منحت لبلاده الصغيرة بحجمها والكبيرة بإمكانياتها. فالتنفيذ العماري والاستراتيجي والفني سيبدأ سريعاً، والأكيد أن وفود الاتحاد الدولي التي ستزور دورياً الدولة الخليجية ستُدهش بحسن سير العمل على غرار دهشها بالمخطط المختصّ بتلك الملاعب التي ستتحدى الظروف المناخية من دون أن تضرّ بالطبيعة. شكراً للاتحاد الدولي على هذه الثقة، وشكراً قطر لتحقيقها حلماً عربياً طال انتظاره.
اليوم الكبير في الدوحة
صحيح أن الفرحة كانت عارمة في زيوريخ واختلط فيها التصفيق بالدموع التي طالت حتى بعض الإعلاميين على شاشات التلفزة العربية، إلا أن المشهد في العاصمة القطرية الدوحة كان غير عادي، إذ انفجر العرب من كل الجنسيات فرحاً فور إعلان رئيس
الاتحاد الدولي لكرة القدم فوز قطر بشرف استضافة مونديال 2022. وشهد سوق واقف التراثي القريب من كورنيش الدوحة أكبر هذه التجمعات وأكثرها تنوّعاً، كذلك تقاطر الآلاف الى المدينة التعليمية في ضواحي الدوحة ومنطقة «أسباير زون» التي تضم استاد خليفة الدولي وأكاديمية «أسباير» للتفوق الرياضي. وكانت أصوات الفوفوزيلا التي اشتهرت في مونديال 2010 في جنوب أفريقيا طاغية في سوق واقف مع الأطفال والكبار ومئات الاشخاص الذين تجمعوا وقوفاً أمام شاشة عملاقة لمتابعة التصويت النهائي، بعد أن ضاقت بهم مقاعد عشرات المقاهي المنتشرة في السوق التراثي.
ردود الفعل
حققت قطر أفضل نتائج في التصويت منذ الجولة الأولى التي حصلت فيها على 11 صوتاً، مقابل 10 في الثانية و11 في الثالثة ثم 14 صوتاً في الجولة النهائية، مقابل ثمانية أصوات للولايات المتحدة. وبعد إعلان النتيجة، قال الشيخ محمد: «أولاً أودّ أن أشكر أعضاء اللجنة التنفيذية على ثقتهم بقطر، وأريد أن أعدكم بأننا سنفي بوعودنا ولن نخيّب آمالكم، وسنصنع التاريخ معاً». وأضاف: «بدل أن تشاهد شعوب الشرق الاوسط بأكملها كأس العالم على بعد آلاف الكيلومترات، سيتسنى لها متابعة أكبر حدث كروي على الإطلاق في ضيافتهم». هذا الفوز القطري قوبل بترحيب من قيادات رياضية خليجية رأت أن جميع دول الخليج معنية الآن بالاستضافة. وقال الشيخ أحمد الفهد، رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي: «نحن في الخليج مطلوب منّا الشيء الكثير لدعم قطر في مهمتها العالمية، ودول الخليج معنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بدعم الاستضافة القطرية».أما شقيقه الشيخ طلال الفهد، رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم، فقال بدوره «فوز قطر باستضافة نهائيات كأس العالم 2022 هو فوز لكل الخليج، بل فوز لكل العرب، والمطلوب حالياً من الاتحادات العربية على وجه العموم والاتحادات الخليجية وحكوماتها الوقوف إلى جانب قطر في كل ما يدعم استضافتها، لنباهي العالم بأسره». أما رئيس الاتحاد الإماراتي محمد خلفان الرميثي، فأوضح: «من دون شك إنه فوز لكل الخليج»، مضيفاً: «قطر واجهة حضارية خليجية في التنظيم، وكما أبدعت في السابق في تنظيم المناسبات الرياضية الكبرى، ستنجح بدرجة امتياز في استضافة كأس العالم 2022». كذلك أعرب الأمير سلطان بن فهد رئيس الاتحادين العربي والسعودي لكرة القدم عن ثقته بقدرة قطر على تنظيم مونديال 2022. وقال سلطان بن فهد في تصريح إلى تلفزيون «الدوري والكأس» القطري: «أثق كل الثقة بقدرة قطر على تنظيم كأس عالم على أعلى مستوى»، مضيفاً: «قطر تمثل الدول العربية، وأيضاً الإسلامية، ونتمنى لها التوفيق في التنظيم». وتابع: «تابعت عملية التصويت على الهواء مباشرة حتى سمعنا الخبر السعيد بفوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022. أهنّئ أمير قطر وولي عهده والشعب القطري». وأضاف: «ما قامت به قطر عمل جيد ومتقن على مدار السنة الماضية، حتى استطاعت الفوز بجدارة بتنظيم المونديال». وأبرق الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى أمير قطر أيضاً مهنّئاً «بالفوز الكبير والمستحق الذي حققته دولة قطر كأول دولة عربية وشرق أوسطية، والذي يمثل ثمرة الجهود الكبيرة والمميزة على أكثر من صعيد للفوز بهذا النصر الرياضي العالمي الكبير». (الأخبار، وكالات)
أضواء هي ... قطر!علي صفا والدولة الفائزة هي ... قالها بلاتر. وتفجّر الاسم على شاشات العالم، وشدهت عيون العرب من الماء إلى الماء، ونزلت دموع باردة من الأحبّاء الأوفياء... ورفع عمال النصر قبضات قلوبهم بين أميرهم ووروده، داخل القاعة التاريخية بين مئات من نجوم الأسماء والملاعب العالمية.. دهش بعض العالم من هذا اللاعب الصغير في كأس العالم الكبير. كيف غزا هذا النبيذي الألوان وتأهّل وخطف الكأس من الجميع؟ ماذا فعل ... كيف لعب، بأيّ خطة وتحت إشراف أيّ مدربين؟ من هي هذه الوردة التي قفزت من دوحة لتفوح في صحراء العرب؟ هي بلد من قالوا بتواضع «نعدكم ... لن تندموا على ثقتكم بنا». صغيرة كبيرة حوّلت العواطف العربية من فراغ الإنشاء الى عمل مخطط بعقول عصرية علمية تقود الى الانتصار، في دوائر الهزائم. وجذبت أصواتاً من هذا العالم المتناحر لتحترمه وتصوّت له، لبلد جرّب رجاله النجاح والتحدي قبلاً. نعم مانديلا، أيها الثائر المنتصر «إن الرياضة قادرة أيضاً على التغيير»، تغيير الرؤية والرؤى. فرجل قال في بلدي، بلد الصمود والانتصار ووقف مع من قاوم وانتصر، يقدر أن يخوض مع رجاله معركة رياضية حضارية، فيقاوم وينتصر. كم نحن بحاجة الى انتصار في هذا الوطن الكبير التائه. شكراً قطر ... شكراً لمن أهدى انتصاره الى الجميع.
عدد الجمعة ٣ كانون الأول ٢٠١٠
ابراهيم الأمينيحار المرء في كيفية التفاعل مع نصوص المراسلات بين السفارة الأميركية في بيروت ووزارة الخارجية في واشنطن بشأن تفاصيل سياسية وأمنية تخصّ لبنان.الوثائق الواردة إلى «الأخبار» بالمئات، والصفحات أكثر، وكلّها مصنّفة تحت خانة سري، وإن كان ما بداخلها ليس غريباً عن آذان اللبنانيين وعيونهم خلال السنوات الماضية. من ملف السجال السياسي الداخلي والعلاقة مع سوريا ومواجهة حزب الله والتحقيق الدولي والمحكمة وغير ذلك. وفي كل الأوضاع تبدو الولايات المتحدة مركز الاستقطاب.النصوص لا تشمل تعليقات ذات أهمية أو شروحاً لمواقف واشنطن من العناوين. والسيناريو محصور في محادثة طرفها الأول هو السفيرة الأميركية أو من ينوب عنها، وهي التي توجّه الأسئلة، والثاني هو الشخصيات اللبنانية التي تجيب، وتسهب في الشرح. لكن الأكيد أن الدبلوماسيين الأميركيين يعرفون أن مضمون هذه الاجتماعات سيطير سريعاً إلى واشنطن، وهم يعوّلون على سرية المحاضر، وعلى عدم وجود سابقة النشر. لكن المشكلة عند الشخصيات اللبنانية التي قد لا تعرف أن كلامها سيعاد نقله، والله وحده يعلم ما إذا كان النقل دقيقاً أو محرّفاً أو حسب ما فهم الأميركي الحاضر.لكن هذه الشخصيات لم تكن لتتصور أن ما تفعله ليس سوى شكل من أشكال التعاون مع جهة أجنبية، وأنها في وضعية المخبر الذي ينقل المعلومات ويحرّض على جماعة لبنانية أخرى، ومن دون قيود، وإذا ما جرى يوماً الكشف عن لائحة النفقات التي صرفها جيفري فيلتمان في بيروت، فإنه يمكن ساعتها فهم سبب هذه الحماسة والإفراط في تقديم المعلومات إلى السفارة الأميركية من هذه الجهات أو الشخصيات اللبنانية.إضافة إلى الجانب المسلّي في الأمر، لكن على طريقة «شر البلية ما يضحك»، فإن أهمية هذه الوثائق بالنسبة إلى اللبنانيين اليوم تكمن في ضرورة استعادة المرحلة الماضية، والعودة إلى مراجعة المواقف والتصريحات والقرارات التي اتخذها فريق 14 آذار على مدى أعوام، وكيف قامت وفق حسابات خاصة، وتحليلات ومعطيات ما أنزل الله بها من سلطان، وتدل في مكان واضح على حجم النفوذ الأميركي بين هؤلاء، وعلى مدى اتكال هذا الفريق اللبناني على الدعم الأميركي في كل شاردة وواردة. لكنه يعكس أيضاً حجم اللامبالاة الأميركية من خلال حجم الإلحاح في الطلبات.يمكن ببساطة اليوم فهم وتلمّس حجم التسييس في ملف التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ويمكن فهم التورط الداخلي في الحرب المفتوحة على المقاومة، ويمكن فهم الحرب المفتوحة أيضاً على العماد ميشال عون لأنه تفاهم مع حزب الله، ويمكن فهم عدم اكتراث الغرب، بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، لأي شيء في لبنان إلا ما يتصل بأمن إسرائيل.يصعب على بضع صفحات أن تحوي كل ما هو موجود، لكن ثمة وسائل كثيرة للنشر، و«الأخبار» ستنشر على موقعها الإلكتروني النصوص الحرفية للوثائق بلغتها الأصلية وترجمة لقسم منها إلى العربية، ولكل الوثائق التي تخصّ لبنان وعدداً من الدول العربية. ومن يرد أن يطّلع، فعليه أن يكون مستعداً لأن يقبل مسبقاً أن غالبية الحكومات عندنا، وغالبية قوى السلطة في عالمنا العربي، هي قوى مستعدة لبيع كل شيء من أجل البقاء في مواقعها... ثم يحدّثونك عن الحرية والسيادة والاستقلال.عدد الخميس ٢ كانون الأول ٢٠١٠