«الضوضاء حول سكود مفرقعات إعلامية لإحراج سورية... لا طائل منها»

اضغط  على الصورة لمشاهدتها بالحجم الطبيعي تحول تقرير «الراي» من واشنطن عن تزويد سورية «حزب الله» صواريخ «سكود»، كرة ثلج أوحى تدحرجها على نطاق واسع وعلى مستويات ديبلوماسية وعسكرية، بأنها مرشحة لأن تكون «كرة لاهبة» في المرحلة المقبلة، انطلاقاً من حجم التعليقات الاسرائيلية التي انخرطت فيها المؤسسات السياسية والعسكرية والديبلوماسية والاعلامية ومسارعة سورية الى نفي ما وصفته عبر سفارتها في واشنطن بـ «انباء كاذبة من صنع اسرائيل». غير ان ملابسات ما بات يعرف بـ «أزمة سكود» عاودت وسريعاً وضع الصراع بين اسرائيل و«حزب الله» تحت المعاينة الدقيقة بعدما كان تراجع الحديث عن «حرب وشيكة» إثر «الصورة النادرة» في 25 فبراير الماضي التي جمعت في دمشق الرئيسين السوري بشار الاسد والايراني محمود احمدي نجاد والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، واعتبرت في حينه بمثابة تطور استراتيجي فهمت اسرائيل معناه في سياق «توازن الردع» الذي ابعد احتمالات الحرب التي كانت تلوح في الافق. ويقلل «حزب الله» من شأن الضجيج الاسرائيلي حول صواريخ «سكود». وقالت مصادر معنية في الشأن العسكري في الحزب لـ «الراي»، ان الضوضاء الاسرائيلية المتعلقة بصواريخ «سكود» ما هي الا مفرقعات اعلامية لأسباب عدة، مشيرة الى ان اسرائيل تستغل الفرصة مدركة تماماً «النفس القصير» لمثل هذه الاثارة الاعلامية التي لن يكون من نتيجتها الا اشغال الرأي العام والاعلام بلا طائل. ولاحظ المصادر ان اسرائيل التي كانت تحدثت عن امتلاك المقاومة لبضع مئات او بضعة آلاف من صواريخ «فاتح 110» لم تفتعل الضجة الاعلامية عينها التي افتعلتها بالنسبة الى صواريخ «سكود» القديمة والبالية والتي سحبت من الخدمة منذ زمن طويل، لافتة الى ان «حزب الله» يبحث عن دقة الاصابة وليس عن حجم الصاروخ وقوته التدميرية غير المجدية. وأجرت المصادر المعنية في الشأن العسكري في «حزب الله» مقارنة بين صاروخي «سكود» و«فاتح 110-» فقالت لـ «الراي» ان «سكود ظهر العام 1957 وهو يعمل بوقود السائل الذي يعوق عملية التخزين والاطلاق، في وقت يعمل فاتح 110- بالوقود الصلبة وقد انتج في العام الماضي. كما ان سكود يستغرق إعداده للاطلاق بعد تدريبات طويلة عليه من 45 الى 60 دقيقة، بينما لا يحتاج فاتح 110، الا لأقل من 4 دقائق بأيد خبيرة»، موضحة ان الخطأ في «سكود» نحو 5 كيلومترات بينما يتمتع فاتح بدقة الاصابة التي لا يتجاوز الخطأ فيها سوى بضعة امتار (من 5 الى 10 امتار)، وهذا ما كان اشار اليه السيد حسن نصرالله على نحو غير مباشر حين كشف عن معادلة «المرفأ بالمرفأ والمطار بالمطار والشارع بالشارع»، وهو الامر الذي لا يستطيع «سكود» توفيره. ولفتت المصادر الى ان ميزة «سكود» قد تكون المدى الطويل لإصابته والتي تراوح بين 1000 و1500 كيلومتر، الامر الذي لا تحتاجه المقاومة، مشيرة الى ان «فاتح 110» يصل مداه الى 250 كيلومتراً، وهي المسافة المطلوبة للاصابة الدقيقة داخل كل الاراضي في فلسطين المحتلة. واضافت المصادر في معرض هذه المقارنة ان «سكود» بطيء الانطلاق والحركة مما يجعله هدفاً سهلاً للصواريخ الاسرائيلية المعترضة كـ «حيتس» و«باتريوت» و«ثاد»، بينما «الفاتح 110 يُعد من الصواريخ السريعة والمجنحة والقادرة على المناورة عند لقاء الهدف الى حدود 10 درجات، اضافة الى ان طول «سكود هو ضعفا الفاتح». وتعتقد المصادر ان هذه التسريبات الاميركية لن تؤدي مطلقاً الى اي حركة عدائية اسرائيلية يمكن ان تؤدي الى الحرب، بل على العكس فإن الجبهة اللبنانية - السورية - الاسرائيلية تعتبر هادئة، لأن اسرائيل لن تتجرأ على ولوج اي مغامرة لاعتبارات عدة. ورأت ان هذه «الجلبة» حول «سكود» لا تعدو كونها محاولة لإحراج سورية امام المجتمع الدولي وتوجيه رسائل مبطنة الى الرئيس بشار الاسد، محذرة من انه اذا بدأت اسرائيل حرباً على سورية فإن «حزب الله» لن يتردد لحظة في دخول الحرب لأنه يدرك انه الهدف. وأكدت مصادر قريبة من «حزب الله» انه كان تم التفاهم في «اللقاء الثلاثي» الذي عقد في دمشق بين الاسد ونجاد ونصرالله على «استراتيجية دفاعية مشتركة للتصدي بالتكافل والتضامن لأي حرب مقبلة مع اسرائيل. وان هذه الاسس المشتركة دفاعية، ولا تعني اخذ المبادرة في اعلان الحرب، انما مفادها ان اي عدوان على لبنان سيكون محكوماً بتدخل سوري لا مفر منه، واي اعتداء على سورية يجعل ايران ملزمة بتنفيذ اتفاقية الدفاع المشترك بين دمشق وطهران، الامر الذي يعني عملياً دخول ايران الحرب». فرغم الاقتناع بعدم جهوزية اسرائيل، فإن المجتمعين في دمشق الذين باتوا يتمتعون بجهوزية كاملة لن يبدأوا الحرب، لكنهم سيواجهون اي مغامرة اسرائيلية وفق استراتيجية تم الاتفاق عليها في اللقاء الذي جمع الرئيسين الاسد ونجاد والسيد نصرالله. وفي معلومات لـ «الراي» من مصادر قريبة من «اللقاء الثلاثي» الذي استضافته دمشق في 25 الشهر الماضي، ان سورية، التي لم تعلق مثلاً على الضربة الاسرائيلية لمنشأتها في دير الزور في 6 سبتمبر 2007 بسبب عدم جهوزيتها آنذاك، صارت في وضع مغاير تماماً، بدليل انها قامت اخيراً بالرد وعلى نحو قاسٍ على الاستفزاز الاسرائيلي، يوم لوّح وزير خارجيتها وليد المعلم بأن المدن الاسرائيلية ستكون تحت مرمى الصواريخ في حال التعرض لبلاده. وقالت مصادر قريبة من الاسد ان الرئيس السوري يعي تماماً حجم الخسائر التي ستصيب سورية في الضربة الاولى التي يمكن ان تشنّها اسرائيل على البنى التحتية السورية، لافتة الى ان الترسانة المدمرة الموجودة لدى «حزب الله» وصواريخه الحديثة تعد «بسيطة» بالمقارنة مع الترسانة التي باتت تملكها سورية. وأشارت الى ان حرب يوليو 2006 بين اسرائيل و«حزب الله» ارست مفهوماً جديداً اصبح مدرسة قتالية حديثة تقوم على ان الصاروخ اقوى من الدبابة المدرعة. فكثافة الصواريخ ودقتها ستكون سمة المفهوم العسكري في الحرب المقبلة، لذا فإن سورية تستطيع استيعاب الضربة الاولى حتى لو بلغت كلفتها آلاف الضحايا، لترد بقوة مدمرة على الداخل الاسرائيلي. وهذا يعني ان المعركة ستنتقل الى مساحة جغرافية اوسع ليكون مسرح العمليات داخل الاراضي الاسرائيلية تماماً كما هو داخل الاراضي السورية. وكشفت تلك المصادر ان القوات السورية النظامية استحدثت قواتاً شبيهة في اسلوب عملها بعمل المقاومة الذي اثبت فعاليته ضد اسرائيل وجدارته الفائقة في الحرب معها. اما في ما خصّ «حزب الله»، فإن مصادر قريبة منه قالت لـ «الراي» ان قيادة الحزب تعتبر الحرب مع اسرائيل واقعة لا محالة، وإن كان توقيتها مجهولاً الآن حتى من اسرائيل عينها، لأن الخطاب الاخير للسيد نصرالله الذي افصح عن بعض ما في الترسانة العسكرية للحزب والاعلان السوري عن الاستعداد لدخول الحرب الى جانب الحزب، فرض على اسرائيل اعادة حساباتها، مما ارجأ الحرب من دون ان يلغيها بطبيعة الحال. ولفتت المصادر الى ان ما صرّح عنه السيد نصرالله هو جزء مما اصبح لدى «حزب الله» من قوة ردع بحرية وجوية ومضادة للدروع والافراد، مشيرة الى ان المعركة المقبلة مع اسرائيل مصيرية ومعركة وجود بالنسبة الى الطرفين، قوى الممانعة واسرائيل على حد سواء. وأشارت الى ان «حزب الله» لن يكون المبادر رغم ان اسرائيل تستعد للحرب بدليل مباشرتها بناء مطار في صحراء النقب ونقل الشركات الكبرى معلوماتها الحيوية الى الخارج وتوزيع الأقنعة تحسباً لاحتمال استخدام اسلحة كيماوية في الحرب المقبلة. غير ان اسرائيل، وحسب المصادر القريبة من «حزب الله»، تعاني نقصاً في بنك اهدافها، وهو ما يفسر معاودة تنشيط عمل عملائها الموجودين على الاراضي اللبنانية «ومن يعاونهم كالسفارة الاميركية»، فاسرائيل تحتاج الى ضرب القيادة ومراكز اتصال المقاومة ومخازنها العسكرية في الضربة الاولى خلال الحرب المقبلة وهي معلومات لا تملكها حتى اليوم، اضافة الى ان المقاومة وضعت خططاً احترازية كبدائل للاتصالات ونشر المخزون الاستراتيجي على امتداد الاراضي اللبنانية ومنح المجموعات المقاومة استقلالية في البقع الجغرافية الصغيرة في حال الحرب. وقالت هذه المصادر ان «حزب الله» سينتهج في الحرب المقبلة اسلوباً يختلف كلياً عما اعتمده في حرب الـ2006، اذ لن يكون هذه المرة في موقع رد الفعل بل سيمسك زمام المبادرة في ادارة المواجهة عبر اسقاط استراتيجية «الحدود الآمنة» واعتماد النفَس الطويل في الرد المتدرج والمرن على النحو الذي يتيح له استنزاف الاسرائيليين والاحتفاظ بقدرة مفتوحة على المواجهة. لن يكون في وسع اسرائيل، بحسب المصادر القريبة من «حزب الله»، اثبات تفوقها القتالي كما درجت العادة، اذ اصبح في مقدور الحزب تحقيق «معادلة متساوية» في القتال، ما ينهي نظرية جعل لبنان مجرد «مسرح عمليات» على غرار ما كان يحصل في الحروب السابقة بدءاً من العام 1978وحتى العام 2006، فمسرح العمليات سيكون اسرائيلياً هذه المرة. وذكّرت المصادر بأنه في 2006دفعت اسرائيل بـ 700 طائرة الى الميدان كانت تنفذ 200 طلعة يومية في مهمات مختلفة، في وقت كانت صواريخ المقاومة تنطلق من حيز جغرافي ضيق حدوده جنوب لبنان، الامر الذي يختلف كلياً الآن بعدما امكن للحزب نشر صواريخه على امتداد جغرافيا واسعة من الجنوب الى اقاصي الشمال فالبقاع. ولفتت المصادر الى ان صواريخ «ارض جو» التي صار يملكها «حزب الله» ستؤدي الى ارباك الطيران الاسرائيلي في ادارة معركته، ولن يعود في وسع الطيار الاسرائيلي اعتبار مهمته في لبنان بمثابة «يوم عمل عادي»، اذ سيصبح مضطراً للتفكير لحظة اقلاعه انه ربما لن يعود، لانه بات في الامكان إسقاطه او أسره، وهو الامر الذي يعوق احد اهم مكامن القوة التي غالباً ما فاخرت بها اسرائيل في حروبها «الخاطفة» من الجو. و«حزب الله» الذي لا يقلل من مكانة الترسانة العسكرية الاسرائيلية وسطوتها، يعلم الكثير عن استعدادات تل ابيب، بدليل ان الحزب استعرض السيناريوات المحتملة للحرب وصار جاهزاً للمواجهة التي تأخذ في الاعتبار العمل على ضرب مبدأ «تكاتف الاذرع» الذي تعتمده اسرائيل (من البحر والجو والبر)، وتالياً، فانه رسم تكتيكات تقوم على «تشتيت الاذرع»، ربما يبدأها من حيث انتهى اليه في حرب الـ 2006. ففي تلك الحرب نجح الحزب في إعطاب السفينة الحربية الاسرائيلية ساعر 5- بصاروخc. 802، ما يعني ان سلاح البحرية سيكون عاجزاً عن لعب دور حيوي في الحرب. اما في البر، فإن الحزب عزز ترسانته بصواريخ من نوع «كورنت»، «ميس»، و«تاو» وسيكون قادراً على عرقلة حركة الدبابات واصطيادها. وقالت المصادر نفسها ان اسرائيل ستحاصر نفسها في اي حرب على لبنان، موضحة ان «حزب الله» سيرد على طريقة «الحصار بالحصار»، مضيفة: «اذا اغلقت اسرائيل مطار رفيق الحريري الدولي فحزب الله سيغلق مطار بن غوريون، واذا اغلقوا مرفأ بيروت، فالحزب سيغلق مرفأي حيفا وأشدود، كما ان الحدود البرية ستكون مسرح عمليات». وإذا كان «خط التماس» اللبناني السوري مع اسرائيل قابلاً للاشتعال ولو المؤجل، فما الذي سيدفع ايران للمشاركة في الحرب المقبلة؟ المصادر التي تسنى لها الاطلاع على مداولات لقاء دمشق، قالت لـ «الراي» ان ايران وعدت بأنها لن تتردد في الدفاع عن سورية وعن لبنان في حال اقدمت اسرائيل على استخدام اسلحة غير تقليدية، حتى وإن في شكل محدود (كالقنابل المعالجة نووياً)، ودخولها المواجهة سيكون عبر استخدام الاسلحة غير التقليدية عينها وبالقدرة التدميرية ذاتها، كاشفة عن ان من السهل تحويل الطاقة النووية الايرانية المخصبة لأغراض سلمية، للاستخدام لأغراض عسكرية دفاعية لفرض التوازن في الحرب المقبلة. وتحدثت هذه المصادر عن ان ايران تعتبر ان الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، في حال احباط اقتصادي وسياسي، وتالياً، من غير الوارد تدخله في اي حرب مقبلة بسبب فشل تجربته في العراق وأفغانستان، ما يعني ان دوره كشرطي في الشرق الاوسط انتهى وان على المنطقة تدبر امرها بنفسها. |«الراي» - خاص|
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة