المستقبلآمنة منصورتظاهرات، اعتصامات وحملات جمع تواقيع في مختلف الجامعات، سنون نضالات شبابية لدفع مطلب، لا يتوانى الجميع عن الاعتراف بأحقيته وضرورة اقراره، عل تعديل المادة 21 من الدستور يسلك "اجراءات الروتين البرلماني" فيتم تخفيض سن الاقتراع من 21 الى 18.وبعد أن دنا الشباب من نهاية رحلة الألف ميل بادراج التعديل المنشود في سلة الاصلاح البلدي، أرخت أشهر من سيول الاقتراحات والاقتراحات المضادة بظلالها على مجلسي الوزراء والنواب، لينتهى السجال الى ترحيل التعديل الى مناسبة أخرى ويعود المطلب أدراجه الى الأدراج، فالاجماع الذي أبداه النواب في الجلسة الاشتراعية في التاسع عشر من آذار الفائت على وجوب منح من بلغ الثامنة عشر حق الاقتراع, بددته على أحقيته، هواجس الخوف من الغبن والتهميش، فآثرت غالبية النواب الامتناع عن التصويت حتى عودة الاجماع تحقيقاً لرغبة الطرف المسيحي باشراك المغتربين، وحفاظاً على الجو التوافقي العام وعدم تمرير أي تعديل دون الاتفاق والتوافق.على التزامهم بمواقف تياراتهم وأحزابهم من خفض السن، بالتأييد المطلق أو التأييد المشروط، يعنى الشباب الحزبي قبل غيره بالحكم السياسي الذي أعلنته مطرقة البرلمان بحق "خفض السن"، فيعرب هؤلاء الشباب عن تفاؤل متفاوت في امكانية استئناف الحكم يوما ونصرة الحق وانتصار "القضية"؛ اذ تعكس قراءاتهم لعدم اشراك شباب ولج عالم الراشدين بحقوق مدنية وسياسية منقوصة في الانتخابات البلدية المقبلة، صمود الأمل، اهتزازه وحتى فقدانه، ففي حين يؤكد مسؤول مكتب الجامعات في قطاع الشباب في "تيار المستقبل" طارق الحجار أن "شباب المستقبل الذين يدعون قبل غيرهم الى خفض سن الاقتراع، لم يفقدوا الأمل بعد من الوصول الى مبتغاهم، فالعقبات التي أدت الى تطييره لا بد من أن تذلل يوما ما ليسير لبنان في ركب الدول التي اعتمدت سن الثامنة عشر سنا للأهلية القانونية والسياسية معا"يؤيده في ذلك العضو القيادي في "اليسار الديموقراطي" أيمن أبو شقرا مؤكداً أن لديهم من صلابة الموقف والتشبث بشعاراتهم حتى تحويلها واقعاً، ما يجدد مناعتهم في وجه ما يعترضهم من صعوبات ويتعرضون له من صدمات. في المقابل ينعى عضو اللجنة المركزية لـ"الحزب الشيوعي اللبناني" رباح شحرور الثقة بالمسؤولين نوابا ووزراء، "لما أبدوه في التعامل مع الشباب على اختلاف المراحل وأمام مختلف القضايا".من جانبها، وعلى ما اشترطته من اصلاح مواز للسير بالتعديل الدستوري، بطرح اشراك المغتربين بالعملية الانتخابية في بلاد المهجر، لا تتردد القوى المسيحية في الحديث عن أسفها لعدم خفض سن الاقتراع.فمسؤول مصلحة الطلاب في "القوات اللبنانية" شربل عيد يلفت الى أن مقابلة القوات خفض السن باشراك المغتربين، لا ينتقص من أهميته ووجوبه، مشددا على أن لبنان بلد مبني على التوازنات، والخروج عنها سيعيق الاصلاح مهما بلغ حجم الجهود لتحقيقه، "لذلك نحن كشباب لبناني مسيحي نضع أملنا بجهود ممثلينا في البرلمان للتسريع في ايجاد آلية اشراك المغتربين اللبنانيين في بلاد الاغتراب في الانتخابات، ليكون ذلك بوابة الى خفض السن، فتتجلى مواطنية الشباب المقيم والمغترب معا بأبهى صورتها نهار الاستحقاق الانتخابي."الكتائب أعدت وتعد شباباً واعداً وواعياً، جديراً بالمشاركة في رسم مستقبل بلاده عبر الانتخاب" بهذه العبارة يؤكد رئيس مجلس الشباب والطلاب في حزب الكتائب باتريك ريشا على اهتمام الكتائب بهذه الفئة العمرية التي تسهر على اعدادها لتلج الحياة السياسية بخطى كتائبية متزنة وثابتة، ويوضح أن طرح الموضوع من باب المزايدات، وبشكل استفزازي وضعه في خانة الأمور الخلافية وحدا بالحزب الى رفضه.
بدوره يأسف رئيس لجنة الشباب والشؤون الطالبية في التيار "الوطني الحر" ماريو شمعون، الناشط في احدى الجمعيات الساعية الى شحذ الهمم لخفض السن، لكون لبنان في عداد الدول القليلة التي لا تعنى بمواقف شبابها وآرائهم في الأمور المصيرية، ويبرر الموقف العوني المعارض للتعديل بـ"غلبة التطرف والعصبية على المنطق والعقل، ناهيك عن الشرخ الحاد بين الشباب اللبناني الذي أفرزته الاصطفافات على مدى السنوات الخمس المنصرمة"..فيدعو الى العدول عن سياسة "الفرز والضم"، وابعاد الشباب عن تجارة السياسة وزرع الفتن وصناعة الموت، كي يعود "الوطني الحر" الى الصفوف الأمامية في المطالبة بخفض سن الاقتراع.ومع علو أصوات الشباب تشجب ما يتعرضون له من اجحاف وظلم، واستنسابية غير منطقية بالتعامل معهم، تارة كراشدين جزائياً، وتارة أخرى كقاصرين سياسياً، يوجه بعضهم أصابع الاتهام محملاً المسؤولية في ايصال الاصلاحات وعلى رأسها خفض السن الى حائط مسدود، اذ يتهم شحرور الطبقة السياسية بأكملها بـ"زرع العصي في دواليب الاصلاح والتطوير" فيحملها تبعة اغفال مطالب الشباب وحقوقه، وفي الاطار عينه يتهم عميد قطاع التربية والشباب في الحزب "القومي السوري الاجتماعي" صبحي ياغي الكتل المناوئة لهذا المطلب بالوقوف وراء تطييره، فيريميها بتقديم مصالحها السياسية على تحقيق هذا المطلب "الوطني بامتياز".من جهته يعزو رئيس منظمة "الشباب التقدمي" ريان الأشقر المشكلة الأساسية الى نظرة الطبقة السياسية الطائفية لهذا المطلب، فيجد أن الحديث عن الفروقات الديموغرافية بين الطوائف، والتهويل المنظم من نمو الهرم العمري بشكل متفاوت عند كل منها، قد أدى الى حرمان الشباب من المشاركة في الانتخابات البلدية المرتقبة، مؤكدا أن "نظرة تقدمية في خفض سن الاقتراع ما كانت لتؤخر اقراره".أبو شقرا لم ير على طول أشهر الجدال الذي رافق طرح الاصلاحات أية نية في التعطيل، أو مسعا للتهرب، أو تبدية لمصالح فئوية على حقوق الشباب، فهو يتفهم مشاعر الغبن والخوف التي حجبت أصوات أغلبية النواب عن مشروع التعديل..لذلك يقول "ان القينا اللوم نلقيه على الظروف، علها تتحسن يوما ما ويمشي الحال.."على النكسة التي تعرضت لها مساعيهم، والانهيار الذي شهدته آمالهم بعد أن طاول بناؤها تحقيق الحلم، يلتقي المطالبون بخفض سن الاقتراع الى 18 على أن التخفيض قادم لا محالة فنضال الشباب مستمر ولا يضيع حق وراءه مطالب.فساحة النضال ستذخر دائما بجهود شبابها لتستمر..وتنتصر، هكذا يطمئن أبو شقرا شباب اليسار وغيرهم من الداعين والمناضلين، ويدعوهم الى تكثيف الجهود عبر منظماتهم الشبابية وحملات المجتمع المدني وخاصة الحملة المدنية للاصلاح الانتخابي، لتوعية الشباب حول حقهم في الاقتراع من جهة، والضغط على المسؤولين للعدول والتعديل من جهة ثانية.وعلى الرغم من غياب برنامج واضح في الأفق، يؤكد رئيس دائرة الخريجين في "حركة أمل" قاسم الجشي على نية شباب "أمل" بالتحرك، لتنجلي تباعا الرؤية وتتضح مسارات النضال وتتوضح هويات سالكي طريقه وتتحدد أخيرا الخطوات. وسط تعبئة الحزبيين والمناصرين لاستئناف المساعي لانجاز الخفض كرها أو طواعية، يعلن الحجار عن احجام شباب المستقبل عن المشاركة في أي تحرك للضغط على المشترعين اجراء التعديل، احتراماً لمواقف أي معارض وطمأنة لهواجسه. وأهاب بالبرلمانيين كتلاً ومستقلين دراسة الاصلاحات بصورة متأنية وجدية، والأخذ بها ضمن جو توافقي بعيدا عن الكيدية والاستفزاز، حفاظاً على المناخ الهادئ والمستقر الذي تنعم به البلاد بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني بقيادة الرئيس سعد الحريري..لبنانيون منذ أكثر من عشر سنوات، لم يبلغوا الحادية والعشرين، لكنهم بلغوا من عقوبات القوانين أقصاها. هم مؤهلون لقيادة سيارة، لقيادة دفة عائلة، لاقتياد أحلامهم عنوة نحو المهجر، هم مؤهلون لمواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية، لمواجهة الاحتلال والوصاية والظلم، لمواجهة الأقدار المستعجلة والتكييف معها..هم مؤهلون قانونياً فقد بلغوا الثامنة عشر..حق هؤلاء، بالمشاركة السياسية عبر الانتخاب، أخضع هذه المرة، للجمع مع الاصلاحات فالضرب بالهواجس حتى تم طرحه من تعديلات قانون الانتخابات؛ ليبقوا بنظر الدستور، ومهما اشتد ساعدهم وازداد وعيهم وعظمت الأسباب التي استبعدتهم عن القوائم الانتخابية، غير مؤهلين لمواجهة الذات واختيار ورقتهم لصندوق الاقتراع... حتى إشعار اخر.