بعد فضيحة رشوة النصف مليار دولار التي قدمتها الإدارة الأمريكية لحلفائها في لبنان، لتشويه صورة حزب الله، واستمراراً لمسلسل فضائح الزيارات السرية التي تقوم بها إلى لبنان وفود أمريكية متخصصة في مكافحة الإرهاب، والتي انكشف بعضها، خصوصاً بعد الجولة التفقدية على الحدود اللبنانية السورية، والتي قام بها سرا في 29/4/2010 فريق من برنامج المساعدة على مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، حضر إلى لبنان قبل عدة أسابيع وفد أمريكي تابع لنفس برنامج مكافحة الإرهاب، والتقى في عدة جلسات سرية مع عدد من الشخصيات، حيث جدد الدعم المادي، فضلاً عن أنه ناقش مع مستقبليه عدداً من القضايا الأمنية والسياسة.
زيارة الوفد الأمريكي جاءت استجابة لطلب تقدم به فريق سياسي لبناني، لمواصلة الدعم المادي اللازم للاستمرار في حملة تشويه صورة حزب الله، وذلك بعدما قدم ذلك الفريق مفردات صرف المبلغ السابق، مع توضح الجهات والأشخاص التي استفادت منه، والذي كشف مساعد نائب وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدني؛ جيفري فيلتمان، في حزيران الماضي، أنه كان في حدود 500 مليون دولار.
وقد علمت (الثبات) أن الوفد الأمريكي وضع مائة وخمسين مليون دولار بتصرف "الحلفاء"، وذلك من خلال لجنة من اللبنانيين كان فيلتمان قد اختار عضويتها بنفسه، واتفق على أن تتولى عملية الإنفاق والمحاسبة حسبما يتراءى لها، لكن في غير بنود الصرف التي تقررها أمريكا.
لا تنتظروا الحرب الإسرائيلية
وبحسب ما توفر من معلومات، فقد ناقش الوفد الأمريكي مع اللجنة اللبنانية عددا من التطورات المستجدة في السياسة الأمريكية، ومن أهمها بدء الاهتمام بالنصائح التي يقدمها فريق من الخبراء والمختصين، والتي تنصح بعدم التعويل على أي حرب إسرائيلية ضد حزب الله في المدى المنظور، لاسيما بعدما فقد فريق 14 آذار دعم بعض القوى الأساسية والمركزية، وبعدما أكدت التطورات تنامي نفوذ القوى السنية المناهضة لفريق 14 آذار، وتمكّنها من استعادة قوتها ونفوذها في عدد من البؤر التي كانت تعد من قلاع ثورة الأرز.. ومن أبرز ما ناقشه الوفد الأمريكي من مقترحات ونصائح تنظر إليها الإدارة الأمريكية بجدية، ورقة تقدم بها دانيل كيرتزر؛ السفير الأمريكي السابق في القاهرة وتل أبيب، والأستاذ حالياً في دراسات الشرق الأوسط في جامعة برينستو، وينصح فيها الإدارة الأمريكية بفتح خطوط اتصال مباشرة مع حزب الله، الذي أصبح يتمتع، وفق تقدير كيرتزر، بنفوذ سياسي كبير في لبنان، فضلاً عن تضخم ترسانة سلاحه نوعاً وكماً، بحيث بات من السذاجة أن تبنى أية تصورات مستقبلية، في المنطقة عامة ولبنان خاصة، على فرضية إنهاء أو حتى إنهاك هذا الحزب.
الوفد الأمريكي حرص من خلال هذه النقاشات على تنبيه الحلفاء اللبنانيين إلى دقة وصعوبة المرحلة القادمة، والتي لا يجدي معها هدف كبير ومطاط مثل (تشويه صورة حزب الله)، كما كان المخطط في المرحلة السابقة، حيث أن الأجدى في رأي الأمريكيين، هو أن يتبنى 14 آذار هدفا أكثر دقة ووضوحاً للمرحلة المقبلة، وهو (إسقاط قدسية سلاح المقاومة).
ضرورة استيعاب جنبلاط مجدداً
الوفد الأمريكي شدد على تأجيل تأجيج أي خلاف مع السيد وليد جنبلاط، حيث أن هذه المرحلة تتطلب في البداية اطمئناناً كاملا إلى (حليف أقلوي جديد) في طريقه إلى البروز للمرة الأولى بوضوح كقوة أساسية ضاربة ضمن 14 آذار، وطالب الأمريكيون بأن يقتصر تناول مواقف جنبلاط، على دقة وحساسية الأوضاع الصعبة والحرجة للدروز والتي تملي على زعيمهم عدم الاصطفاف الكامل إلى جانب أي فريق سياسي، كما وضع الوفد الأمريكي عدداً من المعطيات التي تؤكد قرب الانتهاء من تأهيل الحليف الجديد الذي يملك خبرات وقدرات قتالية أعلى بكثير من تلك التي يمتلكها الحزب التقدمي الاشتراكي، فضلاً عن أن ذلك الحليف الجديد لا يسبب حرجاً دينياً أو مذهبياً لتيار المستقبل.
تنشيط ثورة الأرز في الخارج
وعلى الصعيد المالي، خصص الأمريكيون نسبة من الأموال لدعم ما يعرف بـ(ثوار الأرز في الخارج)، وقد عني بذلك توفير الأموال التي يطلبها بعض رموز ثورة الأرز في الخارج، وتنشيط عدد من الجمعيات والمواقع الإلكترونية التي أسست خصيصاً لمعاداة المقاومة، وعلى رأسها موقع (المجلس العالمي لثورة الأرز)، وموقع (يقال نت)، وموقع (حراس الأرز). أما أخطر ما كشف عنه، فهو تخصيص نسبة عشرة في المائة من أي هبة مادية أمريكية للفارين من جيش لبنان الجنوبي إلى فلسطين المحتلة بالتنسيق مع الوزير الإسرائيلي يوسي بيلد المكلف معالجة ملف جيش لبنان الجنوبي، للمساعدة في تمرير مشروع قرار يستهدف تمليك كل عائلة من (الجنوبي) بيتاً خاصاً، كذلك تخصيص جزء من المال لدعم موقع (لبنانيون في إسرائيل)، والذي تصدره قيادات جيش لحد. وقد شدد الأمريكيون على ضرورة أن تتعاون بعض رموز (ثورة الأرز)، وفريق 14 آذار مع ذلك الموقع، من خلال إمداده بما يحتاج من أخبار ومعلومات وتحقيقات، علاوة على المقابلات الصحافية، وقد أثنوا في هذا الصدد على تعاون التيار الشيعي الحر، والمقابلة التي أعطاها الشيخ محمد الحاج حسن للموقع.
فضائية لبنانية من اسرائيل قريباً
وقد علمت (الثبات) أن النية تتجه صوب توفير التمويل اللازم لإطلاق فضائية لبنانية من إسرائيل، تعمل على كسر ما يسمى بالحاجز النفسي الذي يفصل بين اللبنانيين وجيش لحد، خصوصاً أن تقديرات لبنانية أشارت على واشنطن بأن أوساطا شعبية ستكون ممهدة في المستقبل القريب للتسامح والتعامل مع أي جهة يناصبها حزب الله العداء، مذكرة بأن التجربة أثبتت أثناء مظاهرات ثورة الأرز مدى تسامح المتظاهرين مع من رفعوا صور إتيان صقر، وعقل هاشم، كما مرت شعارات ثوار الأرز المعادية للفلسطينيين.