تجنبت الحكومة الإسرائيلية، أمس، مناقشة المطالب الأميركية بتمديد قرار تجميد الاستيطان، في ما بدا محاولة لكسب الوقت بانتظار ما سيخرج به اجتماع لجنة المبادرة العربية، بعد غد الجمعة، في مدينة سرت الليبية. لكنّ ذلك لم يمنع السلطات الإسرائيلية من مواصلة انتهاكاتها في القدس، حيث صادقت لجنة البناء والتخطيط في بلدية الاحتلال في المدينة على خطة هيكلية جديدة لحفر أنفاق وإقامة مراكز دينية يهودية في محيط المسجد الأقصى، وصفتها مصادر السلطة الفلسطينية بأنها التهديد الاكبر للقدس منذ العام 1967. وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ لجنة «السباعية» الوزارية عقدت، أمس، اجتماعاً اقتصر البحث فيه على «سبل مواجهة الأساطيل المتجهة نحو قطاع غزة، وعمل لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتحقيق في أحداث أسطول الحرية التركي»، مضيفاً أن «وزراء السباعية، وخلافاً لما تناقلته وسائل الإعلام، لم يبحثوا موضوع تجميد الاستيطان». وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت مسبقاً عن مسؤولين في حكومة نتنياهو إنّ وزراء «السباعية» سيناقشون خلال اجتماعهم مسألة تمديد قرار تجميد الاستيطان لمدة شهرين إضافيين، في مقابل ضمانات أمنية وسياسية تعهد بها الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وقالت المعلقة السياسية في إذاعة الجيش الإسرائيلي ايليت شرار إنّ «نتنياهو يبحث عن مخرج. فمن جهة، هو معارض لمواصلة تجميد الاستيطان كي لا يرضخ لمطالب الفلسطينيين، لكنه يريد أيضاً، من جهة أخرى، تجنب أي مواجهة مباشرة مع الإدارة الأميركية».وفي هذا الإطار، قال وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينتس للإذاعة العامة الإسرائيلية إن الفلسطينيين «غير مهتمين كثيراً بفكرة استئناف المفاوضات. لكنهم في المقابل مهتمون أكثر بكثير بإيجاد ذرائع وعرقلة هذه المفاوضات». غير أن وزير الدفاع ايهود باراك بدا متفائلاً في التوصل إلى تسوية، حيث أعرب عن اعتقاده في أنه «ما زال في وسعنا التوصل إلى اتفاق يضع حداً للنزاع وللمطالب المتبادلة». القدس في هذا الوقت صادقت لجنة التنظيم والبناء المحلية التابعة لبلدية الاحتلال في مدينة القدس على المخطط الهيكلي الجديد لباحة حائط البراق. ويقضي المخطط الجديد بإنشاء مدخل جديد لـ«حائط المبكى» (البراق) انطلاقاً من الباب المقابل لمدخل حي سلوان قرب السور الجنوبي للحرم القدسي وصولاً إلى باحة البراق، بالإضافة إلى بناء عدد من المراكز الدينية اليهودية في محيط المسجد الأقصى. ووصف مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبد القادر هذا المخطط بأنه «الأخطر على القدس منذ العام 1967», وأوضح أنّ المشروع «يقوم على هدم وإزالة كافة الآثار الإسلامية، وإحداث تغيير جغرافي غير مسبوق في اتجاه تهويد المنطقة، من خلال إزالة التلة التاريخية قرب باب المغاربة، إحدى بوابات المسجد الأقصى، وبناء جسر يمتد من ساحة البراق حتى بوابة المغاربة»، محذراً من أنّ «هذا المخطط يستهدف تأمين اقتحام اليهود للمسجد الأقصى من منطقة باب محمد الذي يقع أسفل المسجد ويطل على ساحة البراق بالإضافة إلى حفر أنفاق في ساحة البراق، وتسيير مترو أنفاق من الحي اليهودي في الجهة الشرقية المقابلة لنقل اليهود إلى ساحة البراق». ورأى خبير الأراضي والاستيطان خليل تفكجي أنّ المصادقة على هذا المخطط «تعتبر رسالة للسلطة الفلسطينية وللعالمين العربي والإسلامي من السلطات الإسرائيلية، بأن مدينة القدس عاصمة لدولة واحدة وليست عاصمة لدولتين». إلى ذلك، أظهر تسجيل بثته القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، جندياً من الاحتلال يرقص بشكل ملاصق لأسيرة فلسطينية محجبة مكبلة اليدين، وجهها إلى الحائط، حيث كان يقوم بحركات رقص «شرقية» على إيقاع «طبلة»، وهي لا تعلم ما يدور حولها، مقترباً أكثر من مرة من الأسيرة وهو يتراقص، بينما تسمع في الخلفية قهقهات زملائه الجنود الذين «وثّقوا الحدث» بتصويره. (تفاصيل ص 14) من جهة ثانية، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس محادثات في القاهرة مع الرئيس المصري حسني مبارك. وذكرت مصادر فلسطينية ومصرية أنّ اللقاء تناول «الجهود التي تبذلها القاهرة لإنقاذ عملية السلام»، بالإضافة إلى آخر التطورات في ملف المصالحة الفلسطينية. وكان القيادي في حركة حماس صلاح البردويل أعلن أنّه «تم ترتيب لقاء مشترك بين حركتي حماس وفتح في العشرين من الشهر الحالي في دمشق، عقب اللقاء الذي عقد بينهما مؤخراً وحقق نسبة نجاح» في ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، موضحاً أنّ اللقاء المقبل يهدف إلى «تشكيل لجنة أمنية مشتركة» لحل القضايا العالقة بين الحركتين. في هذه الأثناء، اتهمت حركة حماس «محكمة عسكرية تابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله بإصدار حكم بالسجن لمدة 12 عاماً على أحد عناصرها، وحكم آخر بالسجن لمدة عام على زوجته بتهمة إيوائهما خلية عسكرية تابعة للحركة». وحذرت الحركة من أنّ استمرار أجهزة الأمن للسلطة الفلسطيـنية باعتـقال عناصر لها في الضفة الغربية «لا يوفــر الأجواء اللازمة لإنجاح المصالحة الوطنية». («السفير»، «وفا»، «معاً»،