مائدة الغرب المسمومة

سليمان تقي الدين لن يتوقف الغرب وإسرائيل عن محاولات إخضاعنا. على هذا الشاطئ نزلت قوات الأسطول السادس الأميركي عام 1958 لمنعنا من تصحيح سياسة الحكم الخارجية والداخلية. على هذا الشاطئ نزلت قوات المارينز والأطلسي عام 1982 بعد أن خرجت قوات منظمة التحرير الفلسطينية. كنا بين نارين أميركية فرنسية وإسرائيلية. جاؤوا لإخراج لبنان من موقعه وتاريخه وإرغامه على توقيع اتفاقية 17 أيار لا لتحييده عن نزاعات المنطقة. شنت إسرائيل حروباً متتالية علينا منذ عام 1968 ولم نكن طرفاً في حرب حزيران 1967. شهداء تلك المرحلة هم لبنانيون. لم يعيّنوا ناظراً للقرار 425 ولم يساعدوا على تنفيذه. نتحدث عن لبنان لا عن أكثر من مئتي قرار دولي حول حقوق شعب فلسطين، ولا عن القرارات الدولية التي استهدفت العراق تمهيداً لاحتلاله وتدميره. لم نكن نشكّل تهديداً لأحد عام 2004 حين قرّر الغرب إلحاق لبنان وسوريا بدائرة سيطرتهم من أفغانستان إلى المتوسط. هم مَن يعدّون سيناريوهات الحرب ويقومون بالمناورات ويضعون أهدافاً لآلة دمارهم. هم الذين يربطون استراتيجية الحرب على لبنان وعينهم على إيران وعلى لبنان وعينهم على سوريا ولبنان وعينهم على غزة. «مجلس العلاقات الخارجية الأميركي» يفاضل بين الضربة الأولى على لبنان أو سوريا أو إيران. عملياً هذه أهداف واحدة. لإسرائيل خصوصياتها بالأمن وهي تستعرض البوارج الحاملة لرؤوس نووية في الخليج، لكن إيران لا يجوز أن تمتلك تكنولوجيا نووية. هل غفل الغرب عن توازن الردع النووي بين الهند وباكستان!؟ هل تضخيم الملف النووي الإيراني هو المقدمة لاستخدام السلاح النووي وسيلة لتدمير هذه القوة الإقليمية الصاعدة؟ هل الإرهاب الدولي يريد أن يقفل سيطرته على العالم بنفس المشهد الياباني في الحرب العالمية الثانية!؟ علينا أن نتوقع كل شيء. الإمبريالية والحرب صنوان. التصميم على السيطرة، الرغبة في الإخضاع، الحاجة إلى فرض الإرادة والاستغلال شرعنت وتشرعن كل الأساليب والوسائل. كل عناصر قوة الغرب التي يهددنا بها هي حصيلة وثمرة مسلسل الجرائم ضد الإنسانية من الإمبراطورية الأميركية إلى الاستعمار الأوروبي إلى الصهيونية وتجسيدها في إسرائيل. البعض عندنا يبحث عن صداقة مستحيلة مع حكومات هذا الغرب، ومع هذا الوهم الذي يسمونه مجتمعاً دولياً. ينزّه هذا البعض الغرب عن المصالح وهو لا ينكرها، يضفي عليه صفات إنسانية هو يتنصل منها. يجعل منه محباً للسلام وهو إله الحرب منذ مئات السنين. يزرع الإسرائيليون على أرضنا مئات آلاف القنابل العنقودية الأميركية ويقدمون مساعدات لكي نحبهم. ينشرون الجواسيس والعملاء ويمسحون عقولنا كما يمسحون قاعدة المعلومات في شبكات الخلوي. يتحدثون كل يوم عن سلاح عندنا يهدد الاستقرار وأساطيلهم العملاقة تحاصرنا وتحتل أرضنا وإرادتنا. ونصدّق، بسذاجة لدى البعض، وبخبث، لدى البعض الآخر، أنهم يريدون لنا أن نعرف «الحقيقة» وأن نتذوّق طعم «العدالة». يقتلون، يحاكمون، ينفذون الأحكام المسبقة ويهيّئون لنا المائدة المسمومة للفتن. نحن مشوّهون بوعينا، عاجزون بإرادتنا، ضعفاء بقدرتنا على تنظيم طاقاتنا، لكنهم هم عنوان الجريمة وحماتها، عنوان الإرهاب الأعظم في العالم ورعاته، عنوان التخلّف بالقيم الإنسانية ولو ادّعوا عكسها. حذار أن نصدّق أنهم يريدون السلام أو الحرية أو العدالة
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة