مخابرات الجيش توقف موظفاً ثانياً ... ومصدر أمني يعتبره «أخطر من شربل»
في الوقت الذي قامت فيه قيامة الدولة ولم تقعد بعد، ردا على فعل مستنكر في مطار بيروت الدولي، ولو أن «بطله» شخص فاقد الأهلية، فان هذه الدولة نفسها، لم تكلّف نفسها عناء اجتماع عمل حكومي واحد يخصص فقط لمعرفة حدود الخرق الاسرائيلي لمرفق حيوي، اقتصاديا وأمنيا وخدماتيا، كشبكة الاتصالات الخلوية، لا بل انبرى فريق محلي للتشكيك في ما يقوم به الجيش اللبناني، تماما كما حصل بعد توقيف أحد رموز العمالة لإسرائيل في البقاع قبل نحو سنة. وفي الوقت الذي لم تجد الدولة نفسها ما يستدعي أن تحيل المعاهدة الأمنية مع الولايات المتحدة قبل سنوات الى المجلس النيابي، مع ما تضمنته من منح اعفاءات جمركية ومنح حصانات لموظفين مدنيين أجانب، فضلا عن اعتماد المفاهيم الأميركية للارهاب، فان الدولة نفسها، استفاقت متأخرة، لتطعن بمشروعية وشرعية كل مضمون المعاهدة الأولى من خلال احالة الاتفاقية الأمنية بين لبنان وفرنسا، الى مجلس النواب! وفي الوقت الذي كان ينتظر أن يكون مجلس النواب الجديد، خلية عمل حقيقية بالمعنى التشريعي والانتاجي، فانه بسلوك بعض الأعضاء فيه، سيحطم رقما قياسيا، في اطلاق المواقف العنصرية، خاصة ازاء الشريحة الفلسطينية التي تسببت الجريمة الاسرائيلية باقتلاعها من أرضها الى لبنان قبل أكثر من ستين سنة، لتجد نفسها، أمام مأساة يومية متجددة. وفيما احيل «جاسوس الالفا» شربل ق. الى القضاء العسكري لاستكمال التحقيق معه، بدأ فصل آخر من الاختراق الاسرائيلي للهاتف الخلوي في لبنان مع تمكن مخابرات الجيش اللبناني من القاء القبض على موظف كبير في الشركة نفسها مشتبه بتعامله مع العدو الاسرائيلي. وحسب مصادر امنية واسعة الاطلاع فان المشتبه به يدعى (طارق ر.)، في العقد الرابع من العمر من سكان عرمون حاليا وقبلها في الطريق الجديدة، متأهل من دون اولاد، وهو مهندس اتصالات يعمل في الشركة منذ العام 1996، ووظيفته تحديد المحطات ونمط عمل الارسال، ويعد من المتميزين في هذا الاختصاص. ولم تؤكد المصادر الامنية او تنفي ان يكون المشتبه فيه قد تمّ اكتشافه بالاستناد الى الاعترافات التي ادلى بها «جاسوس الالفا»، الا انها اكتفت بالاشارة الى ان القاء القبض عليه تمّ ظهر يوم الاثنين الماضي، وقد بوشر التحقيق معه في اطار من السرية البالغة. وفي موازاة، احالة «جاسوس الالفا» على قاضي التحقيق العسكري الاول رياض ابو غيدا، اكدت مصادر مطلعة لـ«السفير» ان محضر استجوابه لدى مخابرات الجيش اللبناني تضمن اعترافات يروي فيها مسيرة تعامله مع العدو وصولا الى الخدمات التي قدمها للعدو الاسرائيلي وذلك حتى ما قبل ساعات قليلة من القاء القبض عليه... وأبرزها قدرته على ادخال الاسرائيليين على كل أقسام «الفا» بعدما تبين أنه يملك «مفتاح الدخول»(password) لكل العاملين في الشركة بما في ذلك الأعلى رتبة وظيفية منه. واكتفت المصادر بالقول ان «اخطر الخدمات وفـّرها شربل للعدو»، بحيث اعترف بأنه اعطى «مفتاح الدخول» للاسرائيليين وسهـّل لهم «دخولا مزدوجا» الى الشبكة الخلوية، بحيث يتيح الدخول الاول، للاسرائيليين من ناحية التحكم بالخطوط والمخابرات سواء بالتنصت الكامل وبحرية مطلقة على المكالمات الخلوية او تعقب المشترك وتحديد اماكن المشتركين، وقد نصب العدو مجموعة من الصحون اللاقطة وأعمدة الارسال والالتقاط على الجانب الآخر من السياج الحدودي وبالقرب من المستوطنات الاسرائيلية قرب الحدود مع لبنان لهذه الغاية. أما الدخول الثاني فهو الاخطر، تضيف المصادر، اذ ان قدرة الاسرائيلي الى دخول الشبكة عبر التسهيلات التي اتاحها شربل، يمكنه من تدمير الشبكة تدميرًا كاملا، عبر إرسال «فيروس» يمحو من خلاله كلّ شيء في الاجهزة، وبالتالي وقف الاتصالات في لبنان خلال دقائق قليلة جدا. وفيما كان وزير الاتصالات شربل نحاس يعقد سلسلة من الاجتماعات المتواصلة مع موظفي الوزارة وشركتي «الفا» و«ام تي سي» لاتخاذ اجراءات تحول دون تكرار ما حصل، فان رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله واكب ذلك أيضا عبر سلسلة مشاورات تحت عنوان «تحديد حجم الاضرار الناجمة عن هذا التجسس والاجراءات الواجب اتخاذها لتأمين السلامة الامنية وتحصين هذا القطاع». وقالت مصادر متابعة لـ«السفير» ان تحرك نحاس وفضل الله بالتنسيق مع قيادة الجيش جاء بعدما أكد اختصاصيون وخبراء في مجال الاتصالات ومن بينهم من يتولى مسؤوليات في قطاع الخلوي حاليا، ان حجم الخرق الذي قام به شربل «كبير جدا ويفترض استنفارا سريعا لاحتوائه». واوجز الاختصاصيون والخبراء الخرق في مجموعة نقاط ابرزها: ـ ان طبيعة عمله تخوله الدخول اينما اراد في الشركة، حيث لا توجد ضوابط او عوائق امامه. ـ انه يستطيع ان يقدم معلومات عن كل مشترك في الهاتف، ويستطيع ان يدخل الى الـ«سيرفير» المركزي، على اساس ان كل الشفيرة بين يديه، من موقعه في الصيانة. ـ يستطيع ان يحدد مكان أي متصل او مشترك ضمن شركة الفا وفي أي نقطة في لبنان. ـ يمتلك كلمات المرور العائدة لحواسيب الشركة ويستطيع الدخول بحرية مطلقة وان يفسح المجال للتحكم بالشركة عن بعد. ـ يستطيع ان يتلاعب بالداتا والقاعدة المعلوماتية. ـ يستطيع ان يكشف الشبكة بالكامل لاية جهة خارجية بحيث يتيح لتلك الجهة حرية ان ترى كل شيء وان تتصرّف بكل شيء وان تتنصت وتتعقب بكل حرية. ـ يمتلك القدرة على برمجة خط اضافي على أية بطاقة «سيم كارت»، أي ان يضع خطا ثانيا عليها. والمعروف انه لكل بطاقة «سيم كارت» رقم سري، وبمجرّد ان يفتح هذا الرقم السري يستطيع ان يدخل الى بنك المعلومات الخاص بصاحب البطاقة ووصول هذه الخدمة للاسرائيلي تضع كل شيء امام عينيه. وعلم أنه قد عقدت سلسلة اجتماعات لهذه الغاية بين النائب حسن فضل الله ووزير الاتصالات شربل نحاس اعقبه اجتماع بين رئيس لجنة الاتصالات وممثلي الشركات، ومن ثم مع الهيئة الناظمة للاتصالات، التي وضعت برنامج «عمل سريع» لمعالجة ما يمكن معالجته وتفادي حصول امر مماثل في المستقبل، واتخاذ اجراءات تحصينية لهذا القطاع من الداخل والخارج. وسلمت نسخا منه الى كل من رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الاتصالات والنائب فضل الله وقيادة الجيش اللبناني. وعلم ان الهيئة اقترحت في برنامجها ان تبادر شركات الاتصالات واوجيرو، وشركتي الخلوي وشبكات الانترنيت والمصارف، الى اعتماد سياسة امان كاملة وشاملة تهدف الى ضمان عدم انتهاك الشبكة او التسلل اليها من قبل أي كان، وهذا يوجب على تلك المؤسسات والشركات ان تجري سريعا عملية تدقيق شاملة للتأكد مما اذا كانت تعرّضت لعمليات تسلل او اختراق في الماضي. وترتكز سياسة الامان التي تدعو اليها الهيئة الناظمة الى ان تنشىء كل شركة او مؤسسة وحدة امان، وضبط سياسة والدخول الى الشبكة، وحماية كلمات الدخول والمعلومات الشخصية، وضبط الدخول المادي الى المواقع، واعتماد قيود صارمة حيال سياسة التعامل مع الاطراف الخارجيين من مصنعين او متعاقدين... واجراء مراقبة حثيثة ودورية لعمل الشركات المشغلة، وتحديد وسيلة واضحة للتأكد من ضبط وصوابية وحسن اختيار الشركة المشغلة والموردة لأي من عناصر واقسام الشبكات، والمقصود هنا التدقيق في الموظفين وجنسياتهم وخلفياتهم والى من يتبعون واين يصبون في نهاية الامر، كما التدقيق في الشركات الاجنبية وضمان الا تكون مخترقة من جهات معادية للبنان. نصرالله ـ عون: مواجهة كل الاحتمالات سياسيا، تقدم اللقاء الذي جمع الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون، على سائر العناوين السياسية الداخلية. وافاد بيان مشترك ان البحث تناول الوضع الحكومي ومختلف القضايا والمستجدات السياسية على مستوى لبنان والمنطقة. وتضمن البيان اشارة لافتة للانتباه الى ان موضوع المحكمة الدولية كان محل نقاش بين نصرالله وعون ولاسيما من زاوية ما يحضّر للبنان على هذا الصعيد. وأكد الجانبان على استمرار التفاهم والتنسيق الكاملين لمواجهة كل الاحتمالات بما يخدم المصالح الوطنية. من جهة ثانية، انعقد مجلس الوزراء في السرايا الكبيرة برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي أعرب عن استيائه من النقاشات النيابية التي أحاطت الاتفاقية الأمنية الفرنسية اللبنانية، مستغربا كيف ان مجلس الوزراء اقر تلك الاتفاقية بينما تشن حملة من جهة ثانية عليها في مجلس النواب، وشدد على حماية التعاون الوزاري لتمكين الحكومة من مواجهة التحديات، مشيرا إلى أن تعريف الإرهاب مشترك لدى كافة الاطراف السياسية والتعريف الوحيد ورد في الاتفاقية العربية ومتوافق عليه. ورد بعض وزراء المعارضة على رئيس الحكومة بالتذكير بالتحفظ الذي ابدوه في مجلس الوزراء خلال درس تلك الاتفاقية. ولم يبت مجلس الوزراء في البند المتعلق بـ«حزب التحرير» على اساس انه لم يرد في جدول الأعمال، واما بالنسبة الى ما حصل في المطار، فقد كلف مجلس الوزراء لجنة مشتركة خاصة لإجراء دراسة شاملة حول كافة الأمور. وفيما دعا الحريري الى اتخاذ الاجراءات الضرورية لتحسين سير العمل فيه، عرض وزير الداخلية زياد بارود قضية رئيس جهاز امن المطار العميد وفيق شقير، مؤكدا ان المسؤولية في المطار متشعبة وموزعة، وجهاز امن المطار ليس مسؤولا عن كل شيء، وهناك ثغرات، مشيرا الى ان شقير هو من اكفأ الضباط الذين عمل معهم.