أجلت الى اليوم او غداً عملية الافراج عن عدد من المعتقلين اللبنانيين الذين اختطفهم جيش الاحتلال الاسرائيلي من على متن إحدى سفن «أسطول الحرية» وهم رئيس البعثة اللبنانية الدكتور هاني سليمان، الزميل في قناة الجزيرة عباس ناصر والمصور اندريه ابي خليل، حسين شكر، ونبيل حلاق. وقد تم إرجاء اطلاق سراح المعتقلين نتيجة مماطلة سلطات الاحتلال في الافراج عن الدكتور سليمان بذريعة واهية تتعلق بوضعه الصحي، في حين رفض لبنان المناورات الاسرائيلية، على إيقاع وساطات متعددة الجنسيات شملت الاردن بطلب من الرئيس سعد الحريري، فيما تردد ان وزير الدفاع الياس المر طلب أيضاً تدخل السفارة الاميركية في بيروت. وأبلغ الحريري مجلس الوزراء في جلسته مساء امس بانه يتواصل مع الاردن للضغط على اسرائيل من أجل استعجال عودة الدكتور سليمان الى لبنان، موضحاً ان ثلاثة من اللبنانيين المحتجزين سيسلمون الى القوات الدولية في وقت قريب جداً. وكان الاحتلال قد ابلغ الـ«يونيفيل» أمس بنيته بالافراج عن ثلاثة من اللبنانيين هم ناصر وابي خليل وشكر، فتم ابلاغ الموقف الاسرائيلي الى قيادة الجيش اللبناني التي تواصلت بدورها مع الرؤساء الثلاثة ميشال سليمان ونبيه بري وسعد الحريري الذين اجروا مشاورات عاجلة في ما بينهم وطلبوا من قيادة القوات الدولية ان تنقل الى الجانب الإسرائيلي إصرار لبنان على إطلاق سراح كل اللبنانيين من دون استثناء. وأفادت المعلومات ان سلطات الاحتلال طرحت في بداية الامر تسليم المعتقلين الى الاردن، فرفض الرئيس نبيه بري الامر، وأبلغ قيادة الـ«يونيفيل» موقفاً حازماً بوجوب أن يعود اللبنانيون المحررون الى بلادهم عبر معبر الناقورة الذي درجت العادة على استخدامه في مثل هذه الحالات، سواء خلال عمليات تبادل الأسرى الشهيرة او حين جرى قبل أشهر استرجاع مجموعة لبنانية تمّ توقيفها على متن سفينة تضامنية حاولت كسر حصار غزة. وفي المعطيات التي توافرت حول سبب محاولة العدو تمييع الإفراج عن رئيس البعثة اللبنانية الدكتور سليمان ان تل أبيب تذرعت خلال النهار بان وضعه الصحي لا يسمح بنقله حالياً، وان استكمال علاجه ما زال يحتاج الى بعض الوقت، بعدما كان قد اصيب برصاصة مرتدة في قدمه خلال الهجوم على «اسطول الحرية»، علماً ان سليمان يرفض ان يُعالج في مستشفيات الاحتلال. وإزاء هذا الوضع، اتصل رئيس الحكومة سعد الحريري بالجهات المعنية في الجانب الأردني ووضعها في الاجواء طالباً مساعدتها في حل العقدة الاسرائيلية المفتعلة. وبالفعل أجرت عمان اتصالات بالجانب الاسرائيلي وأبلغته انه إذا كان الاعتبار الصحي هو الذي يحول بالفعل دون الافراج عن سليمان، فهي جاهزة لترسل على الفور سيارة اسعاف، مكتملة التجهيزات، من أجل ضمان نقله وتسليمه الى السلطات اللبنانية، ولكن الاسرائيليين اصروا على موقفهم، ما طرح علامات استفهام حول الخلفيات الحقيقية الكامنة خلف المماطلة في إطلاق سراح رئيس البعثة اللبنانية، بعد انكشاف هشاشة الذريعة المستخدمة لتبرير إطالة مدة توقيفه، وعدم استنادها الى أي مبرر مقنع، لا سيما وان إصابة سليمان ليست حرجة. وفي ما خص نبيل حلاق، ادعت سلطات الاحتلال بداية انها أضاعت أثره لانه ليس مندرجاً ضمن لائحة المعتقلين اللبنانيين، فجرى ابلاغها بانه يحمل جواز سفر ايرلنديا وانه شارك في المهمة التضامنية على هذا الاساس، وتم تسليمها رقم جواز السفر، فاتى الرد من الطرف الاسرائيلي بانه يريد بعض الوقت لتحديد مكان وجوده لان عدد المعتقلين كبير، وهم موزعون على أكثر من مكان توقيف. ولقطع الطريق على أي مناورة محتملة، تقرر ان تُرسل اليوم صورة لحلاق الى الجانب الاسرائيلي عبر الكولونيل المفاوض من الـ«يونيفيل»، فيما دخل السفير الايرلندي في تل ابيب على خط ملف حلاق، وسط ترجيحات بان يتم ترحيله في نهاية المطاف الى ايرلندا. وكانت نقطة راس الناقورة عند الحدود مع فلسطين المحتلة قد شهدت بدءاً من مساء امس وحتى ساعة متقدمة من الليل استنفاراً عسكرياً وازدحاماً إعلامياً، مع تداول أنباء عن احتمال اطلاق سراح المعتقلين. وبلغ عدد المراسلين المحليين والعرب والاجانب أكثر من مئة صحافي أمضوا الوقت الطويل من الانتظار الثقيل في تبادل التكهنات حول سيناريو الإفراج عن المعتقلين، قبل ان ينفضوا ليلاً بعد تأكد إرجاء إتمام العملية الى وقت لاحق. وحضر ليلاً الى المكان عضوا كتلة الوفاء للمقاومة النائبان حسن فضل الله ونواف الموسوي الذي أوضح ان حزب الله ينتظر ما ستؤول اليه جهود الحكومة اللبنانية قبل ان يحدد خطوته.