ارتدادات لمهزلة «سن الاقتراع» ... والنسبية تترنح!

ظلت صدمة إسقاط «نواب الستين» مشروع تخفيض سن الاقتراع الى 18عاماً ترخي بظلالها على الوسطين السياسي والشبابي، فيما يُنتظر ان يكون للضربة الموجعة التي تلقاها هذا المشروع مفاعيل سلبية في أكثر من اتجاه، حيث إن الربط الذي حصل بينه وبين مسائل أخرى سيؤدي، في السياسة، الى هزات ارتدادية قد تطيح أو تؤخر أكثر من «مطلب مضاد»، ناهيك عن ان المشروع عاد من الناحية الدستورية الى نقطة الصفر، بحيث إن إعادة إحيائه تستلزم ان يدور من جديد دورة كاملة. وفي هذا السياق، قالت مصادر واسعة الإطلاع لـ«السفير» إن ما جرى في مجلس النواب أمس الاول هو خطير جداً لأنه كان من الخطأ الفادح ربط حق بحق آخر، مشيرة الى ان هذا التلازم الذي افتعله البعض سيعقّد إمكانية إنجاز أي تطوير حقيقي في النظام الانتخابي، وبالتالي فان الطريق امام إقرار آلية اقتراع المغتربين وقانون استعادة الجنسية لن تكون سهلة بعد إجهاض مشروع تخفيض سن الاقتراع. إضراب «الثانوي» وبينما يُفترض ان يعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية السبت المقبل لإقرار آلية اعتماد النسبية في الانتخابات البلدية، وسط معلومات تشير الى ان التوافق على الآلية لم يُنجز بعد، تعود الهموم المعيشية والاجتماعية الى الواجهة مع الإضراب التحذيري الشامل الذي ينفذه اليوم وغداً أساتذة التعليم الثانوي الرسمي احتجاجاً على إهمال مطالبهم، ما يعني إقفال نحو 260 مدرسة ثانوية رسمية وتوقف 6 آلاف أستاذ في الملاك عن العمل وبقاء قرابة 75 ألف طالب منازلهم ومعهم بضعة آلاف من التلامذة في المرحلة المتوسطة، خصوصاً في الثانويات التي تُدرس فيها هذه المرحلة. وفيما يواكب الاضراب اعتصام مركزي أمام مقر وزارة التربية في الأونيسكو، تتضامن رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني مع الثانويين، فتتعطل الدروس اليوم فقط في 107 مدارس ومعاهد، ويلتزم 1500 استاذ في الملاك بالإضراب، ومعهم نحو عشرة آلاف متعاقد، ويغيب عن الصفوف نحو 45 ألف طالب مهني. ومن المقرر ان يلي هذا التحرك إضراب آخر في الثالث من آذار المقبل لأساتذة الجامعة اللبنانية دعت اليه رابطة الاساتذة المتفرغين. وتتركز مطالب اساتذة التعليم الثانوي على تعزيز ملاكه وإقرار تدريس المواد الإجرائية وتوفير الكادر التعليمي في الملاك من خلال إجراء المباراة المفتوحة، وإصدار مرسوم قبول الفائض من الأساتذة الناجحين، وتنفيذ الخريطة المدرسية، إضافة الى الشق المطلبي - النقابي المتمثل في استعادة الستين في المئة التي كان يتقاضاها أستاذ التعليم الثانوي لقاء الزيادة في ساعات العمل منذ العام 1966 وحتى تاريخ دمج التعويضات في العام 1996 حيث فقدها. وأكد وزير التربية والتعليم العالي الدكتور حسن منيمنة لـ«السفير» إن معظم مطالب رابطة الثانوي قد تحقق وآخرها صدور مرسوم تعيين 757 أستاذاً، وهناك مطلب واحد وهو مالي يتعلق بزيادة رواتبهم، وهذا الأمر مطروح للنقاش، وتمنى أن يستمر الحوار وأن لا نعطل الدراسة على الطلاب، سيما طلاب الشهادات الرسمية. من جهته، قال رئيس الرابطة حنا غريب لـ«السفير» إنه «مضى على مطالبنا نحو 12 عاماً، فهل ننتظر صدور الموازنة ثم نعود ونطالب؟». وأكد أن «أساتذة التعليم الثانوي لم يقصروا يوماً في التعويض على الطلاب، وحتى قبل إعلان الإضراب نعمل على تكثيف الدروس ونحضرهم أيام العطل، فلا يزايدن علينا أحد». سن الاقتراع.. والنسبية سياسياً، أبدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان أسفه لـ«عدم إقرار قانون خفض سن الاقتراع خصوصاً بعدما سلك هذا المشروع الطرق الدستورية عبر إقراره في مجلس الوزراء وإحالته على المجلس النيابي»، مبدياً أمله في أن يُعاد طرحه وفي أسرع وقت ممكن وفقاً للأصول الدستورية. وعبّر عن «تمسّكه الشديد بإعطاء المغتربين الحق في الاقتراع الذي تمّ إقراره في القانون الانتخابي ويبدأ العمل به في الانتخابات النيابية المقبلة وكذلك بقانون استعادة الجنسية للمغتربين»، مؤكداً أن الهدف من هذين المشروعين ليس السعي الى التوازن الطائفي الذي ربما لن يتحقق من خلالهما، بقدر ما هو إشراك أبناء الاغتراب ولا سيما الشباب منهم في الشأن الوطني العام وكذلك إعادة الجنسية للذين فقدوها. في هذه الاثناء، سُجل أمس في الرابية لقاء لافت للانتباه بين رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ووزير الداخلية والبلديات زياد بارود، بحضور وزير الطاقة والمياه جبران باسيل والنائب ابراهيم كنعان. بعد اللقاء، أكد بارود «ان الانتخابات البلدية ستجري في مواعيدها، وانه متوافق مع العماد عون على العناوين الكبيرة»، فيما أبلغ أمين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان «السفير» ان البحث ذهب الى أبعد من عنوان الانتخابات البلدية ليشمل مسائل أخرى لا تقل حيوية، مؤكداً أن التكتل يلتقي مع قول بارود بان الانتخابات البلدية ستتمّ في موعدها، لأنه ما دام لم يصدر شيء مغاير عن مجلس النواب، فإن الواقع القانوني الراهن يُلزم بإجرائها في الموعد المحدد، وما نريده هو ان تكون الفترة الفاصلة عنها فرصة للاصلاح. وعلى بُعد ايام قليلة من الجلسة «البلدية» الحاسمة للحكومة، بدا ان صعوبات حقيقية ما تزال تعترض اكتمال ولادة «النسبية»، التي وفي حال تمكنت السبت من تجاوز قطوع مجلس الوزراء، فان المؤشرات توحي بان اختباراً صعباً، وغير مضمون النتائج، ينتظرها في مجلس النواب. من جهته، قال النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» إن النسبية قد لا تكون واقعية على مستوى الانتخابات البلدية، خلافاً لوضع الانتخابات النيابية، لافتاً الانتباه الى انها تشكل طرحاً مثالياً لا يتلاءم مع خصوصيات البلدات والقرى، لأن من شأنها ان تخلق تناقضات في العائلة الواحدة وأن تفرزها الى فئة أولى وفئة ثانية، الأمر الذي سيتسبب بمشكلات وانقسامات، نحن في غنى عنها. وأضاف: أنا أحترم وأقدر حماسة الرئيس ميشال سليمان ووزير الداخلية زياد بارود للنسبية ولكن عليهما ان يأخذا بعين الاعتبار اننا لسنا في نظام أحزاب، وان هناك أعرافاً عائلية ونزعة عشائرية تطغى على ما عداها في البلدات والقرى، متسائلاً عما إذا كانت هناك إمكانية للجمع بين تلك الاعراف والنسبية، وموضحاً ان نواب اللقاء الديموقراطي سيثيرون هذه الإشكالية عند المباشرة في مناقشة مشروع قانون الانتخابات البلدية في مجلس النواب. وفي سياق متصل، أكد المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل لـ«السفير» ان حركة أمل هي إيجابية في التعامل مع فكرة النسبية، ولكن ذلك لا يلغي ان هناك خيارات كثيرة بخصوص الآلية الافضل لترجمتها، مشدداً على ان النقاش حول الآلية التطبيقية ليس شكلياً ولا ثانوياً، والاتفاق عليها ما زال يتطلب بعض الجهد. وقال النائب حسن فضل الله لـ«السفير» إن اعتماد قاعدة النسبية في الانتخابات البلدية يحتاج الى نقاش عملي ودقيق، مشيراً الى ان تطبيق هذه القاعدة في الدوائر الصغرى قد يكون صعباً، بالنظر الى التركيبة الخاصة والمرهفة لتلك الدوائر. وأوضح أن حزب الله لا يملك موقفاً حاداً في ما خصّ موعد إجراء الانتخابات، فهو يؤيد إجراءها في موعدها إذا تم التوافق على ذلك، ولا يمانع في تأجيلها إذا سلكت الأمور هذا المنحى، مشدداً على مرونة الحزب في التعاطي مع الاحتمالين. وأبلغ وزير الدولة يوسف سعادة «السفير» أن تيار المردة يدعم خيار النسبية وكان من المتحمّسين لها في مجلس الوزراء، «إلا اننا نفضل ان تكون مرفقة بالصوت التفضيلي».
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة