سبع درجات

خالد صاغية «عدّوا معي: من الجنوب أتوا 62 ثانوية من أصل 62، ومن الشمال أتوا 69 ثانوية من أصل 69، ومن الجبل أتوا 76 ثانوية من أصل 76، ومن البقاع أتوا 58 ثانوية من أصل 58، ومن بيروت أتوا إليها 25 ثانوية من أصل 25». هكذا هتف النقابي الذي لا يتعب، حنّا غريب، في اعتصام الأساتذة، أمس. عنوان التحرّك: «استعادة الموقع الوظيفي للأساتذة بإعطائهم سبع درجات». لكنّ الواقع أنّ الأساتذة، بمشهدهم الجميل وتضامنهم النقابي، قد حقّقوا سبع درجات من نوع آخر. الدرجة الأولى: بعد تظاهرات الأعوام الخمس الماضية، إنّها المرّة الأولى التي لا تفوح فيها رائحة الطائفيّة من أيّ تحرّك شعبي. لم يهتف المنظّمون بأسماء الزعماء، ولا بأسماء مناطق يكنّون بها طوائفهم. هتفوا بأسماء الثانويّات. تلك المباني التي يُفترَض أن يخرج منها جيل لبنانيّ جديد. الدرجة الثانية: يقدّم الأساتذة الحزبيّون داخل النقابة تجربة مناقضة للسائد. فلطالما سعت الأحزاب في لبنان لتسخير العمل النقابي خدمةً لأهداف سياسيّة مناقضة أحياناً لمصالح المنتسبين إلى النقابة. الأساتذة يقدّمون مزيجاً رائعاً من العمل الحزبيّ والنضال النقابي. الدرجة الثالثة: يفتح تحرّك أمس كوّة في جدار اليأس من الواقع النقابي في لبنان. فرغم كلّ شيء، ما زالت هناك فئات لبنانيّة تُحرّكها مصالحها المهنيّة، لا عصبيّاتها الطائفيّة. الدرجة الرابعة: يأتي تحرّك الأساتذة في زمن لم يستفق فيه العمل النقابي من صدمة الريغانيّة والليبراليّة الجديدة. ففي العالم، كما في لبنان، استخدمت السلطة كلّ حِيلها لضرب النقابات. ثمّة بؤر بدأت بالتحرّك بعد الأزمة العالميّة الأخيرة. لا تزال بؤراً صغيرة، لكنّ أحلامها ما زالت تهزّ العالم. الدرجة الخامسة: استطاعت الأعوام الأخيرة تغييب أي نقاش اجتماعي ـــــ اقتصادي. هيمَن على المشهد عنوان أو عنوانان سياسيّان جُرّ اللبنانيّون وراءهما. أعاد الأساتذة وضع الملفّ المعيشي على الطاولة. الدرجة السادسة: اعتاد اللبنانيّون الإعالة. الدول تدفع. الزعيم يدفع. والشعب يأكل الفتات. أمس، أعيد الاعتبار لمفهوم الحقّ. الأساتذة رفعوا قبضاتهم لا ليتسوّلوا، بل لينتزعوا حقوقهم من فم الحوت. الدرجة السابعة: استعاد الأساتذة، أمس، الشارع. شوارع المدينة وساحاتها التي صودرت طويلاً. وهذا يكفي كي نحلم بمدينة تستحقّ اسمها.
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة