حتبقى العيشة جنان

خالد صاغية«فاليري جيسكار ديستان... والستّ بتاعه كمان... حيجيب الديب من ديله... ويشبّع كل جعان».اقرعوا الطبول. وزّعوا المناشير. قفوا باحترام، وأدّوا التحيّة. لقد وصل النفط إلى لبنان. وها هو يدخل سريعاً، وهو لمّا يزل داخل باطن الأرض، في نفق السجالات السياسيّة. لا بدّ من تحديد طائفته قبل أن يبصر النور. ولا بدّ من توزيع عائداته، وتحديد الحصص في الشركات التي ستتولّى التنقيب عنه واستخراجه. وبما أنّ الحقول قد تكون مشتركة مع إسرائيل، فإنّ الخطابات الوطنيّة التي تتحدّث عن لبنان وشعبه ومؤسّساته، بات بإمكانها أن تضيف اليوم: «ونفطه».«ياسلامْلَمْ يا جدعان... ع الناس الجنتلمان... داحنا حنتمَنْجه واصل... وحتبقى العيشه جنان».يفرك المتفائلون أيديهم منذ الآن، منتظرين عائدات إضافية ستدخل إلى موازنة الدولة. لقد كبرت الكعكة من جديد، وبات بالإمكان تقاسمها براحة أكبر. فقد ولّت أيّام القحط. لن نجلس من الآن فصاعداً لنناقش في دستوريّة مادّة أو مادّتين من الموازنة، ولن يكون علينا التفتيش عن كلّ مليار يضيع هنا أو هناك. ستمطر الدنيا أموالاً. وستزهر الوعود الربيعيّة من جديد.«التلفزيون حَيْلوّن... والجمعيات تتكوّن... والعربيّات حَتْموّن... بدل البنزين بَرْفان».حتّى لو كان استخراج النفط سيتأخّر ثماني سنوات أو عشراً. سننتظر. وسيكون انتظاراً مليئاً بالآمال والأحلام. سيمتنع المعلّمون عن المطالبة بحقوقهم. ولتُرفَع الضريبة على القيمة المضافة. ولتستمرّ أسعار البنزين في صعودها الصاروخي. ما همّنا يا رجل. لقد بات لبنان دولة نفطيّة.«حتحصل نهضه عظيمه... وحتبقى علينا القيمه... في المسرح أو في السيما... أو في جنينة الحيوان».ومع كلّ برميل نفط، سنكتشف قدّيساً جديداً. ومع كلّ برميل نفط، سنكتشف شهيداً جديداً. ومع كلّ برميل نفط، سنكتشف متاريس جديدة ترتفع بيننا. أمّا بخصوص الأموال، فبإمكان الجميع أن يطمئنّوا. هناك من يجلسون الآن على كراسيّ جلديّة مريحة، وعلى وجوههم تظهر ابتسامات ماكرة. فهم يعرفون جيّداً أنّ أيّ فلس سيدخل إلى خزينة الدولة، سواء عبر النفط أو النهب، سيعود ويدخل إلى جيوبهم. فهم الدائنون، وإليهم ستذهب فوائد الدين العام.أمّا الفقراء، فـ«حياكلوا بطاطا... وحيمشوا بكل ألاطه... وبدال ما يسمّوا شلاطه... حيسمّوا عيالهم جان».رحم اللّه الشيخ إمام.

آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة