بسام القنطار
لم يتسنّ للرئيس ميشال سليمان أن يقرأ حائط صفحته على الفايسبوك، ولا سيل التغريدات التي لم تتوقف منذ أول من امس على حسابه على تويتر. رسالة النشطاء كانت واضحة «فخامة الرئيس، نطالبك بوضع قضية مواطنك الأسير جورج عبد الله على جدول مباحثاتك مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ونأمل منك المطالبة بوضع حد للتعسف الفرنسي بحقه، والإفراج الفوري عنه». عند الثامنة صباحاً، وقف ستة نشطاء على طريق مطار بيروت، حملوا صور عبد الله وهتفوا liberté Georges Abdallah. وأمام قصر الصنوبر، مقر اقامة السفير الفرنسي في بيروت، تجمعت عائلة جورج عبد الله وأصدقاؤه. لم يكلّ موريس عن الهتاف بالحرية لشقيقه، ومعه رددت حناجر العشرات من النشطاء عبارة «الحرية لجورج عبد الله»، فيما أعلن الناشط حسن صبرا أن «ما يعنينا من هذا الاعتصام ان تصل الرسالة الى جورج، الذي يقول من سجنه للعالم أجمع: انظروا، أنا لست وحيداً». جوزيف، شقيق جورج، أعلن ان التحرك «صرخة استنكار للاحتجاز التعسفي الذي تمارسه فرنسا بحق أقدم معتقل سياسي في سجونها». وأسف لغياب قضية عبد الله عن قمة الرئيسين سليمان ــــ هولاند. وسأل المعنيين في لبنان وفرنسا: «هل يظن هؤلاء أن صبرنا لا حدود له في تحمل الاستهتار والظلم والاضطهاد؟». الأرجح أن سليمان لم يهمس لهولاند حول قضية الأسير اللبناني. فسيد القصر، الذي استقبل عائلة عبد الله قبل شهر، رفض أن يعلن عن اللقاء أمام الإعلام. زيارة كان وراءها النائب هادي حبيش بدافع كسب اصوات العائلة في انتخابات عام ٢٠١٣، لكن «المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين»، يقول جوزيف، شقيق جورج، الذي كفر بالمتاجرة بقضية شقيقه من قبل الساسة، الذين لا يريدون أن يغضبوا «الأمّ الحنون». لا يملك سليمان ولا نجيب ميقاتي أوراقاً للتفاوض على حرية جورج عبد الله، لكن الاسير السياسي الذي دخل عامه التاسع والعشرين في المعتقل، لا يحتاج الى صفقة تبادل اسرى ليعود الى بلدته القبيات. في عام 2003، قرّر القضاء الفرنسي في مقاطعة بو إطلاقه، إلّا أن وزارة العدل الفرنسية استأنفت الحكم بضغط أميركي. وهذا دليل على زيف الاعلانات الفرنسية بأن قضيته قضائية لا علاقة للسياسة بها. قبل اسبوع تكرر السيناريو نفسه. فالمعلومات التي تسربت عن جلسة الاستماع، التي دعت إليها «محكمة تنفيذ الأحكام» للنظر، في الطلب الثامن الذي تقدم به عبد الله للإفراج عنه، تؤكد أن القرار السياسي الفرنسي، المعطوف على الموقفين الاميركي والاسرائيلي، هو الضغط باتجاه عدم اطلاقه، بالرغم من انه يستحق الإفراج المشروط منذ عام 1999. ويرجح أن تضغط النيابة العامة الفرنسية نهاية الشهر الجاري لتكرار سيناريو عام 2003، عندما نجحت في ابطال مفاعيل قرار محكمة فرنسية قضت بالافراج عنه» وفق ما يتوقع محامي عبد الله، جاك فرجيس. هذا كله يعني ان قضية عبد الله ستبقى أسيرة تلاعب سياسي ــــ قضائي، أدى إلى إدانته عام 1987. وهذا ما أكده إيف بونيه (مدير جهاز الاستخبارات الفرنسية المسؤول عن اعتقاله) في تصريحات عدة له، ولدى مثوله، بمبادرة منه، أمام القاضي الفرنسي المعني بملف عبد الله، حيث رأى بونيه أن «من المخزي إبقاء عبد الله في السجن». ورغم ان القاضي ألين مارسو كتب في مؤلفه «قبل أن ننسى كل شيء»، أن «جورج عبد الله أدين اساساً على ما لم يقم به»، إلا ان مارسو، الذي انتخب أخيراً نائباً عن الدائرة العاشرة للفرنسيين المقيمين خارج فرنسا، لم يحرّك ساكناً. أما النائبة الرديفة فابيان أبي رميا، فتجاهلت بدورها قضية عبد الله حتى الآن، رغم أن زوجها النائب سيمون أبي رميا تحلى بالجرأة ليوجه كتاب استجواب الى الخارجية اللبنانية، مسائلاً الحكومة عمّا تفعله الدولة في القضية. تجدر الاشارة الى انه حكم على عبد الله (61 عاماً) الرئيس السابق لـ «الفصائل الثورية المسلحة اللبنانية» بالسجن المؤبد في باريس في شباط 1987، بعدما ادين بتهمة التآمر في اغتيال دبلوماسيين في باريس عام 1982، هما الأميركي تشارلز روبرت داي، والاسرائيلي جاكوب بارسيمانتوف. وهو مسجون منذ 1984.