فاطمة كايابال
أنقرة | تحوّلت الاحتفالات بيوم الجمهورية في تركيا يوم الاثنين الماضي الى احتجاجات ضد الحكومة، بحيث تظاهر عشرات الآلاف من الأتراك، بينهم زعيم حزب المعارضة (الشعب الجمهوري)، كمال كلجدار أوغلو، في أنقرة رغم الحظر الذي فرضته الحكومة. وفي تبريرها لمنع التظاهر، قالت محافظة أنقرة إنها تلقت معلومات استخباراتية قوية تشير الى استفزازات محتملة في المسيرة. وأضافت أن «بعض المجموعات يمكن أن تسعى الى التحريض على الفوضى في البلاد» من خلال المشاركة في التظاهرة.
رغم هذه التحذيرات، أصرّت أكثر من 30 منظمة من المجتمع المدني بقيادة اتحاد الشباب التركي على التظاهر من أمام مبنى البرلمان الأول الى متحف أتاتورك. واحتج المتظاهرون على منع القوات الأمنية لنحو 110 حافلات من الدخول الى أنقرة بغرض المشاركة في المسيرة.
وحاول أكثر من 3500 عنصر أمني تفريق الحشود بالغاز المسيل وخراطيم المياه، ولم يسلم زعيم المعارضة من القنابل الغازية. ومع ارتفاع التوتر وحدة الاشتباكات في الشارع، رضخت القوات الأمنية وقررت السماح بالتظاهرة، فهتفت الحشود «تركيا علمانية وستظل علمانية».
وفي تعليقه على المسيرة في أنقرة، كتب نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، حسين سيليك، على حسابه على «تويتر»، «يبدو أن حزب الشعب الجمهوري لم يتعظ من المسيرات الجمهورية السابقة». وكانت المسيرات الجمهورية قد جرت في عام 2007 في المدن الكبيرة وبمشاركة ملايين الأشخاص، وذلك قبيل انتخاب عبدالله غول رئيساً للجمهورية. وفي ذلك الوقت، طالب المشاركون في التظاهرة برئيس علماني. واعتبرت التظاهرات الجمهورية هذه في ما بعد جزءاً من محاولات انقلاب على الحكومة من قبل تنظيم «إرغينكون»، الذي يضم جنرالات سابقين واساتذة جامعات وصحافيين، والذي لا تزال محاكته مستمرة حتى اللحظة.
وكتب محمدت تزكان في صحيفة «ميلليت» اليومية عن الحظر الذي فرضته الحكومة على التظاهر قائلاً، اذا كانت القوات الأمنية لديها معلومات استخباراتية قوية بحصول استفزازات محتملة، بدلاً من الحظر، كان يجب أن تكشف هؤلاء المستفزين، مضيفاً «لكن ان تحظر التظاهر بناء على استفزازات محتملة، فهذا أمر بمنتهى الخطورة»، مشيراً الى أن الأنظمة الديكتاتورية هي من تستخدم هذا التعبير. وتابع قائلاً «اذا بدأت الدولة باستخدام هذا التعبير، عندها لن يستطيع حتى شخصان من الاجتماع معاً، وهذا يعني نهاية الديموقراطية».
واتفق الكاتب في صحيفة «راديكال»، يرتفارت دانزيكان، مع تزكان، وقال إن حظر التظاهر هو مؤشر على الديكتاتورية، قبل أن يضيف أن الصراع يقوم بين نخبة العلمانيين السابقة ونخبة المحافظين الجديدة. وأشار الى أنّه «في الماضي، كانت النخبة السابقة تعتبر نفسها مالكة للجمهورية. ولكن بسبب أخطائها غالباً، فإنها خسرت السلطة الآن. ومن اجل احياء يوم الجمهورية، عليهم أن يواجهوا صعوبات تقوم على أنهم لا يمكن أن يتخيلوا متى كانوا في السلطة. اضافة الى النخب الجديدة، فإن المحافظين ليسوا دوماً أبرياء عندما يحاولون الإمساك بكل عناصر الدولة واجتثاث كل معالم النخبة السابقة».
وفي الوقت الذي كانت فيه الاشتباكات في الشارع، بدا خلال الاحتفال الرسمي هذا العام أن الحرب الباردة بين العسكر و«العدالة والتنمية» قد انتهت. في السنوات السابقة، كان القادة العسكريون يرفضون علناً التواجد في الغرفة نفسها مع زوجات قادة «العدالة والتنمية» المحجبات. كما لم يكونوا سعداء أيضاً بوجودهم في الغرفة نفسها مع نواب حزب «السلام والديموقراطية» الموالي للأكراد. وحتى وقت قريب، كان غول يعقد في هذه المناسبة احتفالين منفصلين، الأول خلال ساعات الظهيرة للجنود، والثاني في المساء. وكان الجنرالات يقيمون استقبالهم الخاص في المساء. هذا العام الوضع اختلف. كان هناك احتفال واحد شارك فيه الجنرالات والزوجات المحجبات ونواب حزب السلام والديموقراطية في قاعة واحدة.
الثلاثاء ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٢