واصل الشباب اللبناني المناهض للنظام الطائفي «مغامرته»، ونظم للمرة الثانية خلال أسبوع تظاهرة ضد هذا النظام، شارك فيها حوالى 10 آلاف شخص، وهو عدد مضاعف مرات عدة عن الرقم الذي سجل في تظاهرة الاحد الماضي والتي بلغت نسبة المشاركة فيها قرابة الألفي شخص، ما يعكس نجاح التحرك في استقطاب المزيد من المؤيدين والمتعاطفين، وما يؤشر الى ان كرة الثلج تكبر شيئاً فشيئاً مع تدحرجها، بحيث لن يكون بمستطاع أهل النظام الاستمرار في تجاهلها. وقد انطلقت مسيرة الأمس من مستديرة جسر الدورة، باتجاه مبنى شركة الكهرباء في الجميّزة، وحمل المتظاهرون لافتات عبّرت بوضوح عن توقهم الى إسقاط النظام الطائفي، من خلال التحركات التي سينفذونها تباعاً. وبدا لافتاً للانتباه تجاوب المواطنين غير المشاركين في المسيرة، مع الشعارات التي أطلقها المتظاهرون، فثمة من انضم إليهم على الطريق، وثمة من رفع لهم شارة النصر، فيما راح آخرون يرشقونهم بالأرز ( راجع ص 6 ). وبينما كان الشباب اللبناني يطلق صرخته ضد الطائفية، كانت قوى 14 آذار تواصل معركتها السياسية والإعلامية «من طرف واحد» ضد السلاح، وسط استمرار حالة ضبط النفس لدى حزب الله الذي قرر ان يخوض معركته في الساحة التي يختارها هو، ولا يفرضها عليه الآخرون، فتجاهل حملة 14 آذار ليصوّب في المقابل على «الطلبات المشبوهة» للمدعي العام الدولي دانيال بيلمار والتي أعادت تحريك ملف المحكمة الدولية، وسط تسريبات عن احتمال الإعلان عن القرار الاتهامي قبل مهرجان قوى 14 آذار الاحد المقبل، ليكون جزءاً من ذخيرتها التعبوية. وفي سياق متصل، قالت مصادر مطلعة على موقف الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لـ«السفير»، إن استخدام موضوع طلبات بيلمار في الصراع الداخلي هدفه التجييش لحشد الجمهور في 13 آذار، وجر ميقاتي الى سجال لا يريده، وإلزامه بتعهدات مسبقة، وتحميله مسؤولية ما يمكن أن يحصل، علماً أنه دستورياً مسؤول فقط عن تشكيل الحكومة، لا عن اي قرارات او توجهات رسمية للبنان هي من مسؤولية حكومة تصريف الأعمال. ومن ناحيتها، قالت أوساط بارزة في المعارضة الجديدة لـ«السفير» إن أولويتها حالياً تنحصر في تأمين أفضل الظروف الممكنة لإنجاح الدعوة الى الحشد الشعبي، مشيرة الى ان المؤشرات جيدة حتى الآن ومتوقعة حضوراً كبيراً قد يتجاوز ما سجل في السنوات الماضية. الحكومة.. مؤجلة؟ في هذه الأثناء، لم يطرأ جديد بارز على طبخة الحكومة التي لم تنضج بعد، في ظل ارتفاع منسوب التكهنات بتأجيل تشكيلها الى ما بعد مهرجان 13 آذار وصدور القرار الاتهامي، فيما أبلغ مرجع واسع الإطلاع «السفير» انه يتوقع ان يُطلق الرئيس المكلف جولة جديدة من المشاورات السياسية في الأيام المقبلة، وخصوصاً على خط العماد ميشال عون، ولكنه استبعد إنجاز عملية التأليف خلال هذا الاسبوع. بري: معركة السلاح عبثية وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«السفير» إن الحكومة «تحت الدرس» ولا تواجهها مشكلات غير قابلة للحل، لافتاً الانتباه الى ان «الرئيس ميقاتي باله طويل ويتقن فن تدوير الزوايا». وعما إذا كان الخلاف على حصة رئيس الجمهورية ميشال سليمان يؤخر تشكيل الحكومة، أكد بري ان لا أحد يرفض ان تكون هناك حصة للرئيس سليمان، بمن في ذلك العماد ميشال عون، ولكن هناك آراء تتعلق بنوعيتها. وشدد بري على ان المعركة التي يخوضها البعض ضد سلاح المقاومة هي عبثية ومن دون أي أفق سياسي أو وطني، مشيراً الى ان البلد غير الطائفي يقدس المقاومة، أما في لبنان، فإن الطائفية البغيضة تتحكم بمواقف البعض ومصالحه. وتوقف عند خطورة ما يجري في الخارج بتواطؤ وتحريض من فئات في الداخل، مستشهداً بما كشفه الرئيس ميقاتي، الذي هو موضع ثقة، عن عمل دؤوب يجري لاستصدار قرار تحت الفصل السابع ضد لبنان. وأشاد بري بالتظاهرة الحاشدة للشباب اللبناني للمطالبة بإسقاط النظام الطائفي الذي يشكل اصل العلة في لبنان، قائلا: كلنا نبحر في سفينة مثقوبة نخرتها الطائفية وتغرق شيئاً فشيئاً، بالتالي فإن تحرك هؤلاء الشباب هو بمثابة قارب النجاة الذي يمكن ان ينقذنا جميعاً وينقذ البلد.