ما قاله ابراهيمي عن الأسد

هذا هو انطباع الإبراهيمي عن الأسد

طارق ترشيشي- ذكرت أوساط ديبلوماسية مواكبة لمهمّة الموفد ـ الأُممي ـ العربي الأخضر الإبراهيمي أنّ الجهات الدولية والعربية المعنية بالأزمة السورية حرصت في اتّصالها الأوّل مع الإبراهيمي، عقب زيارته لدمشق، على أن تسأله «كيف رأيت معنويات الرئيس بشّار الأسد؟»، ولم يكن يهمّها ما توصّل إليه في خلال محادثاته معه، بل كان همّها منحصراً بمعرفة الوضع النفسي والعصبي للرئيس السوري.

الإبراهيمي، حسبما تقول هذه الأوساط، كان حريصاً على أن ينقل انطباعه عن لقائه مع الأسد بأنّ الرجل كان مرتاحاً إلى وضعه، وأنّه يتصرّف على أساس أنّه يواجه حرباً طويلة في الزمن وكونية في أطرافها، وأنّه على رغم الالتباس الذي رافق بداية الأحداث مصوِّراً إيّاها على أنّها قتال بين نظام وشعبه، فإنّ الصورة باتت أوضح للرأي العام العربي والدولي، وهي أنّ سوريا تخوض واحدة من تلك المعارك التي خاضها العرب في مواجهة قوى دولية وإقليمية، ولكنّها في الحالة السورية استفادت من ثغرات داخلية.

وانطباع الإبراهيمي هذا عن الرئيس السوري، حسب تأكيد هؤلاء الديبلوماسيّين، هو الذي فسّر عزوف الموفد العربي ـ الأُممي عن طرح أيّ مسألة تتعلق بتنحّي الأسد، أو حتى مطالبته بعدم ترشيح نفسه للرئاسة السورية بعد انتهاء ولايته سنة 2014. وقد علّل الإبراهيمي ذلك للمستفسرين من أصحاب الرؤوس الحامية بأنّ ما طرحه هو أنّ إنتقالاً بسوريا من نظام رئاسيّ إلى نظام برلماني هو الكفيل بمعالجة عقدة تنحّي الأسد، خصوصاً أن لا شيء في الميدان السوري يشير الى أنّ النظام هو على قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.

وهذا الانطباع بدأت تنقله أيضاً أوساط إعلامية غربية كصحيفة "الغارديان" البريطانية نفسها التي نقلت صورة غير مشجّعة أبداً عن واقع القوى المسلّحة وتجاوزاتها وعلاقاتها بعضها ببعض في ريف حلب، أو صحيفة "الأندبندنت" على لسان أحد أبرز المعلّقين الأميركيين المعروفين برصانتهم، وهو الكاتب المحافظ باتريك كوكبرن الذي قال إنّه بعد زيارة استغرقت عشرة أيّام لدمشق وصولاً إلى حمص تبيّن له أنّ ما ينشره كثير من وسائل الإعلام العربية والغربية لا يصوّر الواقع في سوريا على حقيقته، فالمدن كلّها، ما عدا أجزاء بسيطة من حلب وأجزاء مماثلة من دير الزور، ما زالت في قبضة النظام، وإنّ القوات النظامية قادرة على أن تصل الى أيّ مكان في الاراضي السورية لتمنع تمركز المسلّحين المعارضين فيه.

وفي ضوء هذا الواقع يتحدّى مؤيّدو النظام في سوريا أن يتجرّأ قياديّ واحد من قادة المعارضة الخارجية على أن يقيم في أيّ منطقة من المناطق التي تقول المعارضة إنّها تحت سيطرة قوّاتها. فإذا كانت نسبة 60 أو 70 في المئة من الأراضي السورية خارج سيطرة النظام، فلماذا لا ينتقل قادة المعارضة إليها بدلاً من التجوّل بين عواصم العالم.

ويدعو مؤيّدو النظام المعنيّين بالشأن السوري إلى أن يتابعوا التصريحات التي تخرج بين الفينة والأخرى وفي وسائل إعلام معارضة للنظام، حيث ينتقد بعض المسلّحين المعارضين "المجتمع الدولي" على عدم دعمه الفعليّ لهم، كذلك ينتقد معارضة الخارج التي "لا تقدّم لهم من الجَمَل سوى أُذُنِه".

ولذلك يرى سياسيّون متابعون، أمام هذا الواقع غير المتكافئ بالنسبة إلى المعارضين، أنّ الاوضاع في سوريا قد تتّجه في إحدى طريقين: إمّا تسوية سياسية تنخرط فيها كلّ الجهات المعنية دوليّاً وإقليميّاً ومحلّياً، وإمّا انفجار شامل قد يصل إلى حدود حربٍ ذات أبعاد إقليمية ودولية.

ويتوقّع أصحاب هذا الرأي أن يتصاعد الحديث عن الأسلحة الكيماوية في سوريا، على غرار ما كان الأمر عليه في العراق قبل احتلاله عام 2003.

لكنّ معارضي هذا الرأي يؤكّدون أنّ الوضع سنة 2013 الجارية يختلف تماماً عنه عام 2003.

الأكثر قراءة