الفضل شلق - السفير
خرج المارد من القمقم. حدثت الثورة العربية. انتفضت الجماهير العربية من دون أن تستشير أحداً ومن دون إذن من أحد. ومن حسن الحظ أنها فعلت ذلك. يُفترض أن تكون الثورة انتفاضة ضد السلطة، سلطة الاستبداد والقهر والسلب والنهب... هذه الجماهير التي قامت بالثورة هي نفسها التي كانت تُضطهد وتُسجن في الوقت الذي كانت قوى الامبريالية وأتباعها من أنظمة النفط العربية ومحطاتها الفضائية تقيم علاقات إيجابية ومميزة مع السلطة المعنية. الامبريالية وأنظمة النفط التابعة لها غيّرت رأيها، وأعلنت خوض صراع مع أنظمة الاستبداد. لكن الجماهير لم تغير رأيها منذ البداية، أي منذ عقود من السنين عندما كانت تئن من الوجع ولا يستمع لها أحد ممن يرفعون راية حقوق الإنسان والديموقراطية والحداثة، إلى آخر المعزوفة. لا بد من التساؤل حول بعض الأمور المتعلقة بالتدخل العربي والأجنبي. لا شك في الأخوة العربية، لكن هناك شكاً كبيراً في ان الأنظمة العربية تتعامل مع بعضها انطلاقاً من هذه الأخوة. هذه الأنظمة جعلت الجامعة العربية نادياً لأنظمة الاستبداد، نادياً لتأكيد التباعد بين البلدان العربية، في وقت كانت الشعوب العربية تطالب بالوحدة. كانت الجامعة العربية خلال تاريخها نادياً للتجزئة مع محاولة دائمة لإرضاء شعوبها وكانت شعوبها عاجزة عن المطالبة بأكثر من هذا التوحّد الشكلي. لكن الجامعة العربية لم تجرؤ يوماً أن تخالف إرادة شعوبها مخالفة وقحة. إلى أن جاءت الثورة، وصارت الجامعة تتلقى وتنفذ الأوامر التي يفرضها عليها المجتمع الدولي، أي الامبراطورية، أي الامبريالية. لماذا انتقلت الجامعة العربية من عهد الخجل والحياء (مع إخفاء كمية كبيرة من الاحتيال على شعوبها) إلى مرحلة الوقاحة في أداء واجباتها تجاه السادة الذين يحكمون العالم؟ تشك الجماهير العربية في النوايا الديموقراطية والغيرة على حقوق الإنسان عند دول نفطية لا تعرف للبشري قيمة إلا بمقدار ما يكون أداة او ضحية يقدمها أمراء وملوك النفط على مذبح التقديس للامبريالية. أما عن سادة العالم الامبرياليين (ودعاة حقوق الإنسان والقانون الدولي) فإن الشعوب العربية يحق لها أن تتساءل: ما الحاجة إلى قرار آخر من الجامعة العربية بخصوص قطر عربي آخر؟ وهل ستكون النتائج كما في القطر العربي الآخر بعد قرار الجامعة العربية التي لم يكن أولياؤها يعلمون أي قرار اتخذوا؟ هل انتظر السادة قرار الأمم المتحدة او مجلس الأمن عندما قرروا دخول العراق؟ أم أنهم دخلوا العراق بعد تلفيق جملة من الأكاذيب قبل ان يكتشف العالم ما هي هذه الأكاذيب وكيف لفّقت. بعد ان دخلوا العراق، نعرف ماذا حدث وهم يعرفون، لكننا لا نعرف ولا هم يقولون متى سوف يخرجون. من دون استئذان أمراء وملوك وبقية أقزام النفط تتساءل الشعوب العربية عن حق السادة الامبرياليين في التدخل في الثورات العربية، سواء أكان التدخل لنصرة الحقوق أم عكس ذلك، فهو مرفوض. لكن التدخل لدعم القمع في قطر، والاستهتار بالثورة في قطر آخر، ومحاصرة قطر عربي غيرهما، والعمل مع الجيوش وأجهزة الأمن لمصادرة الثورة في مكان آخر، كل ذلك يُفهم منه ان التدخل الغربي انتقائي وتلفيقي، الخ... كثير من التعمية لا يخفي حقيقة أن التدخل الامبريالي الغربي لا يهدف إلا إلى شيء واحد: هو تحويل الثورة العربية عن مسارها، تحويل الثورة من صراع بين الجماهير والسلطات، إلى صراع بين السلطات ذاتها، صراع بين ما يسمى دولاً عربية. والأدهى من ذلك تحويل الثورة إلى صراعات اثنية وطائفية لا تنتهي. ربما تعلمت الشعوب شيئاً من تاريخها (خاصة الشعوب العربية في وعيها لتاريخها القريب وتجاربها المرة مع السيطرة الامبريالية والاحتلال الذي لا يزال قائماً، والذي يتوسع ولا يتقلص)، أما الامبريالية فإنها لا تتعلم شيئاً من تاريخها، لا من دروس التاريخ القديم ولا التاريخ الحديث. تعرف الشعوب العربية مكانتها في العالم: موقعها الجغرافي، مواردها الطبيعية، مواردها البشرية، ثقافتها الموروثة، الخ... وهي تعرف أن هذه الثورة تحدث في عالم مأزوم. الأزمة الرأسمالية الراهنة هي انهيار كبير لم يشهد العالم مثيلاً له منذ الربع الأول من القرن العشرين. الولايات المتحدة تتنافس مع أوروبا الغربية في احتدام الأزمة، وكلتاهما قادرة على ان تجر معها دول آسيا الشرقية المتصاعد اقتصادها، بما في ذلك الصين. العالم شديد الترابط. العولمة ليست وليدة أواخر القرن العشرين! العالم معولم منذ القديم. والثورة العربية لا تحدث بمعزل عن هذا العالم. يراد لنا أن يكون الصراع في هذه المنطقة العربية بين الإسلاميين والليبراليين، او بين أنظمة عربية وأنظمة عربية أخرى، يراد لنا ان نظنّ ان الثورة العربية صراع محلي او إقليمي. بمقدار ما تستطيع القوى الامبريالية حصر الصراع في النطاق الإقليمي او المحلي، تزداد ثقة هذه القوى بنفسها وبقدرتها على حل أزمتها وتلافي المزيد من الانهيارات. بمقدار ما تتطور الثورة العربية وتتوسّع وتتعمّق، تفقد الامبريالية الثقة بنفسها وبقدرتها على تقرير مصير العالم. لا نعرف ما هي الايديولوجيا التي سوف ترسو عليها هذه الثورة العربية. كل ايديولوجيا هي تعبير عن برنامج سياسي. ما نعرفه من دارسي تاريخ الثورات أن ايديولوجيا كل ثورة تظهر بعد حصول الثورة لا قبلها. ما من ثورة نتجت عن ايديولوجيا. الايديولوجيات نتجت، خلال التاريخ، عن ثورات. ستقرر هذه الثورة برنامجها السياسي (الايديولوجيا الخاصة بها) بعد القضاء على أنظمة الاستبداد، وبعد القضاء على السيطرة الامبريالية، وما الاستبداد العربي إلا شكل من أشكال السيطرة الامبريالية. حدثت الثورة العربية لأن «الكيل طفح» عند الشعوب العربية. الشعوب العربية تعرف أكثر مما تعرفه أية أمة أخرى. إنها الآن عند منعطف تاريخي في مسيرة العالم. تكون الثورة العربية عالمية الأفق بمقدار ما تستمر من دون قلق على المستقبل ومن دون خوف من المصير. سوف تستمرّ الثورة، وسوف يتغير العالم. وستكون الكلفة كبيرة، لأن كلفة الأزمة العالمية كبيرة.
شدد الامين العام للحزب "الشيوعي" خالد حدادة، بعد زيارته على رأس وفد من قيادة الحزب رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" امين الجميل، على "ضرورة الحرص على تأمين اصلاحات سياسية في البلد تضمن الحفاظ على الوطن وعلى وحدته بعدما آلت التطورات في بلدنا وعلى المستويات كافة الى ما يهدد بقاء هذا الكيان واستمراره في ظل الصيغة الحالية التي ادت الى حروب أهلية دائمة تتجدد باستمرار نتيجة العفونة التي يتميز بها هذا الوضع". ولفت حدادة الى ان "قانون الانتخاب القادم يشكل احد المداخل الممكنة للخروج من الوضع الحالي"، مشيرا الى انه تداول والجميل "في كل الصيغ المطروحة مع العلم اننا كنا طرحنا قانون النسبية على قاعدة الدائرة الواحدة دون القيد الطائفي بما يؤمن جمعا للنسيج الوطني اللبناني واحترام تمثيل جميع المكونات الاجتماعية والسياسية في وطننا"، معلنا ان الجميل "أبدى استعدادا للحوار حول الصيغ المطروحة لما فيه مصلحة الوطن وقيام حوار وطني تاسيسي بين كل اللبنانيين".
سألت صحافية روسية سفير بلادها السابق في ليبيا عن أهوال القمع القذافي. ففاجأها الدبلوماسي الروسي، فلاديمير شاموف، بالقول: «عن أي قمع تتحدثين؟ لكل ليبي حق مضمون بقرض سكني لمدة عشرين عاماً بفائدة صفر في المئة. ثمن ليتر البنزين 10 سنتات. الطعام بأسعار شبه مجانية. سيارة جيب جديدة ثمنها نحو 7500 دولار فقط...». حرضت هذه الأرقام الصحافية على اكتشاف المزيد، ما جعلها تخرج بهذه اللائحة عن الأرقام الليبية في زمن القذافي: معدل الدخل للفرد الليبي نحو 15 ألف دولار سنوياً (ما يعني أن عائلة ليبية متوسطة الحجم من أربعة أفراد دخلها السنوي 60 ألف دولار).
لكل مواطن ليبي مساعدة سنوية قدرها ألف دولار. العاطل من العمل يتقاضى مساعدة شهرية قيمتها 730 دولاراً. كل مولود ليبي يتقاضى والداه مساعدة قدرها 7 آلاف دولار. كل زيجة تسمح لعروسيها بمنحة سكنية قيمتها 64 ألف دولار. كل مشروع استثمار فردي يستفيد من هبة بقيمة 20 ألف دولار. التعليم مجاني في كل مراحله حتى الجامعية، داخل ليبيا أو خارجها. للعائلات الكبيرة العدد مخازن خاصة تبيع المواد الأساسية بأسعار شبه مجانية. الكهرباء مجانية لكل المواطنين. أي ليبي يشتري سيارة جديدة تدفع الدولة عنه نصف ثمنها... ولا تنتهي اللائحة. لماذا حصلت تلك المسماة «ثورة ليبية» إذاً؟ جوابان جاهزان: أولاً كرامة الشخص الإنساني في تلك البلاد، والأغلى من كل مكرمات القذافي ــــ كذا ــــ ومصالح الدول الغربية ثانياً. لكن ذاكرة بسيطة بعض الشيء، ولو قصيرة، كافية لاستذكار قصة المصالح الغربية بالصورة والصوت. قبل «ثورة 17 فبراير» بقليل، كان القذافي في إيطاليا، يقبّل برلوسكوني يده، تعويضاً باللغة الدبلوماسية الحضارية عن لعق القفا باللغة الواقعية العربية. وقبلها كان ساركوزي يتعمشق بجلبابه ليقبّل وجنتيه، يوم كانت أموال سيف الإسلام «تُزيِّت» ماكينات الديغوليين الجدد الانتخابية. (أصلاً باتت قاعدة فرنسية بعد رحيل شارل الكبير، ومعه فرنسا العظيمة: من ماسات بوكاسا مع ديستان، الى شيراك المتقاعد في شقة «مالكه» الحريري، بعدما أمضى أعوامه في السياسة الفرنسية متعاقداً معه)، وصولاً طبعاً الى لندن وواشنطن اللتين هندستا تسوية لوكربي، ما جعل بلير ورامسفيلد يكتشفان عبقرية كاتب «القرية القرية.. الأرض الأرض.. وانتحار رائد الفضاء»، ويعلنان تفوقه على شكسبير، أو «الشيخ إسبر»، كما أقرّا وسلّما بالدليل البترو دولاري القاطع. أما عن كرامة الشخص البشري في ليبيا، فيروي إعلامي عربي تعاقد مرة مع نظام القذافي لتطوير تلفزيونه الرسمي، أنه ذات يوم استدعي الى طرابلس الغرب على عجل. قيل له إن الطارئ مسألة حياة أو موت لكثيرين. وصل الى العاصمة الليبية ليتم إبلاغه بأن «القائد» مستاء من التلفزيون ومن الجماهير التي تقبل على مشاهدته. سأل: وماذا حصل؟ وجم «المطورون»، قبل أن يديروا جهاز التلفزيون، ليكتشف الإعلامي أن «القائد» قرر نقلاً مباشراً على مدى ساعتين، من باب العزيزية، لصورة قدميه عاريتين في وجه جماهيره، كتعبير عن عدم رضاه عنهم، حتى يتغيروا أو يغيروا ما في نفوسهم. بعد أيام كانت مناسبة «ثورية»، نزل الليبيون بمئات الآلاف، حيوا القائد، تماماً كما نزل أجدادهم لتحية السنوسي، ونزل آباؤهم لتحية «الملازم» قبل 42 عاماً، وكما سينزل أبناؤهم لاحقاً لتحية من سينقلب على الثائر الذي يحيونه اليوم. إنه جزء من بنية البؤس التكويني لتركيبة العقل (Episteme) في هذه المنطقة. بؤس بنيوي تكويني محظور الكلام عن أسبابه، على طريقة الرعب من الكلمات ــــ المفاهيم. في هذا الوقت، تفتح ليبيا علبة «باندورها»: مجتمع بدائي من زمن ما قبل العصر، مفتوح على كل تشوهات الأصوليات. فما لا يقوله المنتصرون اليوم، أن معظم قادة الجيل الجديد في تنظيم «القاعدة» هم من أبناء ليبيا الخضراء. من «أبو الليث» الذي أعلنه الظواهري قبل أربعة أعوام زعيماً لقاعدة ليبيا، الى «الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا»، التي كرستها الأمم المتحدة منذ عام 2001 «قاعدة رسمية»، مروراً بعطية عبد الرحمن الليبي، الذي اغتيل في وزيرستان، بعدما اعتبرته واشنطن أخطر رجل بعد بن لادن. وصولاً الى عبد الحكيم بلحاج، زعيم طرابلس الجديد، تلميذ عبد الله عزام وخريج معتقلات لندن والقذافي قبل «صلح» طرابلس، وقبل أن يقود غزوة «فتحها»، كما أحب داوود أوغلو العلماني تسمية معركتها. سقط القذافي. تماماً كما سقطت أفغانستان وبعدها العراق. حضّروا أنفسكم للإمارة الليبية الآتية. أما الغربيون فليحضروا أكياس الجثث، وبعدها ليعدّوا أنفسهم للتفاوض مع «قذافي» ما، للخروج من المستنقع بعد بضعة أعوام... إلا إذا خرج من هذه الجماهير من لا ترعبه الكلمات، أكثر من رعب الدم.
شدد أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة على ان "حل الوضع الامني يكون في اساسه سياسيا وليس امنيا ، وبالتالي اهمية توفير شروط الوحدة الوطنية التي تحمي لبنان من التوترات والانقسامات المذهبية بخاصة في هذا الجو العربي المتحرك الذي يمر بمرحلة انتقالية دقيقة".
حدادة وبعد زيارته على رأس وفد من الحزب وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، اعتبر ان "قانون الانتخاب وصيغته اما ان يساهما في الاستقرار الامني والوطني والسياسي في لبنان على اساس ديمقراطي فعلي وتحديد معايير وطنية فعلية او يساهما مرة جديدة في ايجاد نواة للانقسام الاهلي وحروب اهلية جديدة .ان اهمية قانون الانتخاب وطنية وليست فقط انتخابية او تمثيلية ، بهذا المعنى اكدنا اهمية القانون النسبي والدائرة الواحدة من دون القيد الطائفي".
اعلن ان "الوزير شربل وعد بطرح كل الصيغ التي تنطلق بالنسبة اليه من مبدأ النسبية كاساس في صياغة قانون الانتخاب عل القوى السياسية والاحزاب لعرضها واستمزاج الاراء عندما يجهز مشروع القانون الجديد" .
أسعد أبو خليل
كانت عائلة حسني مبارك تتوقّع نهاية مختلفة للطاغية. كان يعيش مرتاحاً في قصره المسروق في شرم الشيخ، تاركاً لابنه الطموح شؤون الحكم وشجونه في القاهرة. كانت العائلة تتوقّع أن يموت مبارك ميتة طبيعيّة، بعد عمر طويل، فأعمار طغاتنا طويلة جدّاً بفضل الطب الغربي. وأعمار الطغاة طويلة ولو عاشوا حتى العشرين. توقّعت عائلة مبارك أن يموت مبارك وأن تصبح جنازته مناسبة لتنصيب جمال مبارك ومبايعته. العدّة كانت مُعدّة. كان زعماء الدول الغربيّة والعربيّة سيتقاطرون على عجل إلى القاهرة لإسباغ أفضل الصفات عليه. كان الرئيس الأميركي سيكون أوّل الواصلين، وكان سيلقي خطاباً يتحدّث عن جهود حسني مبارك من أجل السلام. وكان الملك السعودي الأمّي، سيستغرق نحو نصف ساعة لقراءة سطريْن كُتبا له عن الراحل. وكان بنيامين نتنياهو سيذرف الدموع مُتذكّراً العلاقة الخاصّة مع الطاغية. وكانت قافلة من صحافيّي حسني مبارك، من مركز «الأهرام» ومن خارجها، سيقعون أرضاً من البكاء.
وكان عمرو أديب سيجهش على الهواء. وكانت جيزيل خوري ستفرد حلقات من «استوديو آل سعود» للحديث عن حكمة مبارك. وكانت 14 آذار سترسل طائرة خاصّة، أو اثنتين، لشكر مبارك على دعمه قضيّتهم المذهبيّة في لبنان. لكن تحوّلاً غير متوقّع حدث في العقد الأخير من عمر مبارك. لم يتسنّ لمبارك أن يشهد وهو مُسجّى، مجيء كل الرؤساء الأميركيّين الأحياء لتكريمه، كما حصل مع أنور السادات. فات مبارك أن يتنافس في رثائه كل صهاينة العالم. كاد جمال مبارك يصبح رئيساً طاغية، خلفاً لوالده. بدأ الصهاينة في أميركا إعداده، وبدأوا من خلال الإعلام الأميركي التنويه بقدراته. شبكة «سي.إن.إن» كانت تتسابق لتحصل منه على كلمة أو اثنتيْن. وتجمّع الطغاة وأولادهم وثقلاء البورجوازيّة في العالم كان يتعامل مع جمال مبارك على أساس أنّه واقف عند أعتاب الرئاسة. حاشية جمال مبارك كانت في حجمها حاشية طغاة. والطامعون من الأكاديميّين المصريّين ومن الصحافيّين، وخصوصاً هؤلاء المتلوّنين في «مركز الأهرام»، تزاحموا للحصول على انتباهه ورضاه. وبعض هؤلاء لحق بـ«الثورة»، كي يتسنّى له التلوّن والتكيّف من جديد. حسني مبارك في القفص، كان يمكن أن يصبح مهرجاناً متجوّلاً. أصدر الماريشال للّو المرّ قراراً عرمرميّاً عندما عيّنته الاستخبارات السوريّة وزيراً للداخليّة، من أجل أن يدور رفات القدّيسة رفقا على مختلف القرى والمدن في لبنان. يمكن، قياساً، أن يجول القفص الذي يضمّ حسني مبارك مع ابنيْه، على مختلف الدول العربيّة. يصبح القفص المتجوّل مصدر بهجة للصغار والكبار على السواء. لا يعني ذلك أنّ المهرجان المُتجوّل يجب أن يؤدّي إلى تجويع مبارك وولديه. لا، أبداً. يمكن دعوة الصغار إلى رمي حبّات الفول السوداني داخل القفص، كما كنّا نفعل أطفالاً في أقفاص القرود في حديقة الحيوان بالقاهرة. ما عادت السياسة مصدر سعادة في الحياة العربيّة، وقفص مبارك يستطيع أن يغيّر ذلك. يستطيع أن يبقى القفص مضاءً ومزيّناً في الليل، كي يستعين به أهل السمر، وخصوصاً في موسم السحور. لقد دخل حسني مبارك في القفص، وبدأت مرحلة رماديّة وضبابيّة في تاريخ مصر. لو لم يتسلم المجلس العسكري الحكم، لقلنا إنّ قفص مبارك فصل جذريّاً بين مرحلة وأخرى. لكن لا يجوز القول بعد. لا، ليس بعد. لم يكن المشهد عاديّاً. حسني مبارك الذي حكم مصر، وحكم بالنيابة عن النظام الإقليمي العربي الذي أنشأته أميركا وإسرائيل بعد «كامب ديفيد»، بات على سرير من الذل والهزيمة. كان مبارك يجمع الزعماء العرب مثل ناظر المدرسة الذي أوكلت إليه إسرائيل وأميركا مهمّة حفظ النظام القمعي الإقليمي، وغاب ذاك الناظر عن الساحة. من ينسى دوره بعدما ضمن غفران جريمة «كامب ديفيد» عندما كلّل الاتفاق بإجماع عربي ذليل، وحظي بمباركة ياسر عرفات الذي مشى على خطاه. سهّل له الملك فهد، واحد من أسوأ الحكّام العرب في القرن العشرين، على سوء المنافسة مهمّة عمليّة العودة إلى «الصف العربي». حسني مبارك كان كأم العروس في اجتماع الجامعة العربيّة في القاهرة بعد غزو الكويت: أراد أن يدشّن عصر الغزوات الأميركيّة المباشرة، بعدما كانت أميركا تعتمد على وكلاء محليّين. إنّ دور مبارك في الإعداد للغزوة الأميركيّة الكبرى للعالم العربي دور تاريخي، يحظى بأعلى تقدير من أميركا، ومن إسرائيل والسعوديّة. (طبعاً، لا يشتغل مبارك بالمجّان: قبض أثمان موقفه من السلالات الخليجيّة ومن أميركا). هوى مبارك، وإن لم يهو نظامه بعد. مشهده في القفص رمزي على أكثر من صعيد، وفي أكثر من مستوى. لنعلّق استهلالاً بالقول إنّ المجلس العسكري الحاكم لم يرد محاكمة جديّة لمبارك أو لفريق حكمه. خضع المجلس العسكري الحاكم لضغوط قويّة، وفق الصحافة الغربيّة، من الحكم السعودي والأميركي كي يُمنع ظهور مبارك في محاكمة. وفّق المجلس بين الضغط السعودي وضغط الشعب المصري الذي لم يتساهل أو يتهاون في أمر محاكمة نظام مُبارك، فأخرج مسرحيّة لا معنى لها. مسرحيّة المحاكمة ظاهرة في الصورة: لماذا سُمح لحسني مُبارك أن يظهر في سرير التمارض المفضوح؟ هل تدهورت حاله الصحيّة إلى تلك الدرجة، بعد أسابيع فقط من تنحيته؟ ولماذا لم تظهر عليه أثناء شهور حكمه الأخير أي من العوارض الصحيّة الطارئة التي تمنعه من الجلوس، وهو الذي كان يمتطي طائرته الخاصّة في رحلات لا تنتهي؟ من يقبض تلك المقولة من جهاز مُبارك الدعائي وهو لم يتوقّف عن العمل حول ولوجه في غيبوبة مجرّد أن ترد كلمة محاكمة في الصحف المصريّة؟ ألم يستطع القاضي أن يفرض عليه أن يقف، أو حتى أن يجلس احتراماً للمحكمة؟ كان مُبارك وهو يخوض حملته «الانتخابيّة» الأخيرة، يستمتع وهو يتحدّث مع مُروِّجه عماد الدين أديب، عن قوّته وصحّته وجبروته. هو الطاغية الذي منع التعرّض لأخباره الصحيّة تحت طائلة القمع الإضافي. أراد المجلس العسكري أن يظهر مبارك في سريره، كي ينمو تعاطف شعبي معه لقطع الطريق أمام محاكمة جديّة. لكن اللعبة فشلت، ولم يحظ الطاغية بأيّ تعاطف شعبي، ما دفع المجلس إلى قطع البثّ التلفزيوني. طبعاً، مشهد مُبارك في المحكمة ترك أثراً بالغاً في مآقي دعائيّي آل سعود. توافدوا لتعزية بعضهم لبعض. جفّ الحبر في أقلامهم وهم يذرفون الدموع عليه. ما طاقوا لهم تحمّل المشهد. أكثر من ذلك، بعض ليبراليّي أمراء آل سعود استفاق على المطالبة الليبراليّة بإلغاء عقوبة الإعدام لمبارك فقط. هؤلاء معجبون بطقس قطع الرؤوس الدوري (بمعدّل رأس كل أسبوعيْن) في مملكة القهر السعوديّة، وهم لم يستنكروا يوماً الإعدامات والتعذيب في عهد مبارك. لكنّهم فجأة، من أجل رأس مبارك، تذكروا وهم وهابيّون خجولون أنّ الاستعانة بالمطلب الليبرالي الغربي مفيد هنا. لكن للمشهد دلالات بالغة، أن يجلس طاغية عربي في قفص ليجيب عن أسئلة قاض، وأن يجاوره في القفص رمزا الفساد في نظامه، ابناه. الرمز هو في إذلال بسيط لرجل امتهن إذلال شعبه على مدى عقود طويلة: وحاله مثل حال زعماء العرب الكثيرين الذين يمعنون في إذلال شعوبهم، فيما هم يتشرّبون المهانة والذلّ على يد أميركا وإسرائيل. قُتل 23 مصرياً بنيران إسرائيليّة في عهد مبارك (وفق تعداد في جريدة «الشروق») ولم يحرّك ساكناً. والانتفاضة المصريّة اختارت أن تترك أحمد أبو الغيط (ضيف جيزيل خوري المُفضّل، إلى جانب «أبو فادي» دحلان) وشأنه، مع أنّه سخّر السفارات المصريّة للتجسّس والإخبار عن المعترضين المصريّين في الخارج، قبل سقوط مبارك. من ينسى مشهد أبو الغيط وهو يمسك بحرارة يد تسيبي لفني قبل أيّام من عدوان غزة؟ وابنا حسني مبارك قرّرا التقى والورع في السجن. الاثنان اللذان تصرّفا مع الدولة المصريّة كأنّها تركة عائليّة، وقفا في قفص خُصّص لوالدهما. علاء مبارك لا يستطيع أن يفارق القرآن. ألهمه السجن. وإذلال مُبارك، وإن كان صوريّاً، قليل جدّاً بالنسبة إلى ضحايا النظام. ولكن من أذلّ من؟ عندما خطف بلطجيّة حسني مبارك الصحافي المصري الشجاع، عبد الحليم قنديل، وعذّبوه وضربوه قبل أن يلقوه عارياً على طريق الهرم، هل أذلّوا قنديل؟ قضيّة قنديل لم تلق إشارة في أي من الصحف الغربيّة، لأنّه ليس داعية من دعاة التطبيع ومن دعاة آل سعود (هناك تطابق في الثقافة السياسيّة العربيّة بين الدعوة للتطبيع والدعوة لآل سعود). أخاف قنديل حسني مبارك، وليس العكس. صمتت الحكومات الغربيّة عن اعتقال الآلاف من المواطنين والمواطنات في مصر وعن تعذيبهم، بعدما زعمت تلك الحكومات عقب سقوط مبارك أنّها كانت دوماً إلى جانب الديموقراطيّة. مفهوم أن يصاب حكام الخليج، وكل الحكام العرب، بالجزع من مشاهد محاكمة مبارك، وإن كانت غير جديّة. يكفي أن ينتهي الحاكم في قفص، ويكفي أن يُجبر على مشاهدة كارهيه الجسورين. كان حكم الطغاة العرب، ولا يزال، يقوم على افتراض حب الشعب للحاكم. الطغاة الهاشميّون الذين يحظون برعاية ملحوظة من الإعلام الغربي، روّجوا لأكذوبة العائلة الأردنيّة الواحدة. أي أنّ قمع الوالد ومجازره ضد المخيّمات كانا من لدن أب عطوف. إنّ محاولة التماهي بين العائلة والدولة محاولة لتدجين الشعب ولتشبيهه بالأطفال: أي أنّه لا يزال يحبو ويحتاج إلى رعاية الطاغية، كي يستقيم له الوقوف والسير على قدميه. تخويف الشعب كان ولا يزال أساسيّاً في سلوك الطغاة العرب. لم يكن مبارك أوّل حاكم عربي يقف في الأسر. مشهد عبد الكريم قاسم في الأسر لا يزال ماثلاً. لكن لم يكن للرجل حاشية وثروات كي يُحاكم بتهم الفساد والرشوة. مات فقيراً شبه معدم، وكان حكمه يعكس الاهتمام بالفقراء والمُعدمين. اللواء أمين الحافظ في سوريا تبادل إطلاق النار مع المجموعة المُهاجمة في 1966. وإذا كان قاسم فقيراً، فإنّ الحافظ كان فقيراً ومُهرّجاً (أي مُضحكاً، خلافاً لكل الزعماء العرب الحاليّين، لكن مشروعه لتحرير فلسطين في ساعات لم يكن مُضحكاً البتّة). أما محاكمة صدّام حسين على جرائمه، فلم تنطلِ. مسرحيّات الاحتلال الأميركي باءت بالفشل، وفشل الشعب العراقي في الحصول على محاكمة لطاغية فريد. لم تكتس كلّ العمليّة السياسيّة في العراق منذ الغزو الأميركي أية شرعيّة أو مشروعيّة. تتمتّع جزمة الجندي الأميركي في العراق بقوّة ونفوذ، يفوقان نفوذ كل المجلس النيابي العراقي الواقع هو الآخر تحت الاحتلال. إنّ مشهد حسني مبارك في القفص مُنشّط للهمة الجماهريّة العربيّة. موضوع الاستكانة الشعبيّة العربيّة، التي شحذت الهمم الاستشراقيّة في الغرب خصوصاً في تنظيرات حول الاتكاليّة والجبريّة وعن طاعة الشعب للحاكم، حقيقة وإن طالت. ولا ينفع المكابرة حولها. لعقود، اعتاد الشعب العربي أن يتذمّر من حكّامه من دون التفكير بإحداث تغيير. طبعاً، هناك فئة قليلة شجاعة عارضت واحتجّت وسيقت إلى السجون وتعرّضت للتعذيب والقتل. لكن الاستكانة بصورة عامّة لم تأتِ من فراغ. نجح الطاغية العربي في فرض جو من التخويف والرعب في البلاد. أتقن الطاغية العربي فنون التعذيب والقتل والتنكيل، بالإضافة إلى إتقان دور إرضاء إسرائيل وأميركا للحصول على الثناء وعلى شهادة عليا بالاعتدال. لهذا، فإنّ وجود مبارك في القفص يقضي على عقود من بناء صورة الطاغية كالرجل الذي لا يُقهر. والرجل المعني، أي مبارك، أمضى ساعات في حوارات دعائيّة مع عماد الدين أديب حتى يروّج لنفسه ولقوّته في حملته «الانتخابيّة» الأخيرة. وكان إصرار على الاستفاضة في الحديث عن قدرات مبارك الخارقة في «حرب أكتوبر» الملعونة (إنّ كذبة «نصر أكتوبر» رسّخت قواعد النظامين السوري والمصري). الطاغية العربي لا يُقهر. قدراته عجائبيّة، وقد يتحلّى بمواهب خارقة (مثل ملوك آل سعود والملك الحسن الثاني في المغرب أو الملك حسين في الأردن، الذي أتقن فن رواية محاولات الاغتيال العديدة الحقيقية والمُختلقة التي تعرّض لها، ونجاته منها بقرار ربّاني، إذا ما أراد السامع أن يصدّق). ما حيلة المواطن والمواطنة أمام حاكم يتمتّع بقدرات خارقة!؟ لكن في مشهد مبارك داخل القفص دلالات أخرى. يحيط الحاكم العربي نفسه بحاشية هائلة تمنع عنه وصول أخبار وحقائق عن مقت الشعب له. يقع الحاكم، وهذا غير ضار للمحكوم، أسير أوهام تصيبه بالصدمة عندما يقع المحظور، بالنسبة إليه، عندما تتفجّر عواطف الجماهير ضدّه، وضدّ حكمه. من المرجّح أنّ مبارك لم يعلم بعمق كراهية الناس له إلّا بعدما اندلعت الانتفاضة المصريّة. وأبناء الجيل الثاني من الحكّام العرب يعانون أوهاماً مُضاعفة، لأنّهم ترعرعوا في كنف الطاغية والدهم. والحاشية رعتهم منذ الطفولة، وأسبغت عليهم الألقاب والشهادات والمناصب. نشأ هؤلاء على نظرة مُبالغة في قدراتهم كافّة، وفي حبّ الناس لهم. ظنّوا أنّ السلالة أبديّة. لو أنّ للناس قدرة على التعبير عن آرائهم الحقيقيّة من دون روتوش أو تجميل، لنطقوا بكراهيّتهم لكل الطغاة، كما فعل الشعب المصري ضد حكم مبارك. لو أنّ للناس الحريّة، لنطقوا ضد حكم السلالات كلّها، الجمهوريّة منها والملكيّة (من الطريف أنّ إعلام آل سعود يميّز لأسباب سياسيّة بين الأنظمة الملكيّة والأنظمة الجمهوريّة على أساس أنّ الأنظمة الملكيّة حكومات فاضلة ديموقراطيّة. ويساعد الراعي الأميركي وإعلامه في هذا التمييز من يسوّغ العلاقات الجهنميّة بين حكومته والطغاة الملكيّين والأميريّين. وليبراليّو الإعلام السعودي، أيّ الوهابيّون الخجلون، يشاركون في خطاب الزيف ذاك عبر التنديد بقمع الأنظمة الجمهوريّة، باستثناء حكم مبارك الذي حاز تأييد كلّ الليبراليّين العرب؛ لأنّه كان وثيق الصلة بآل سعود ويتلقّى الكنوز من زايد وأولاده، ويحافظ على أوثق العلاقات مع إسرائيل). وقد تجذّر الكره الشعبي للحكّام عبر العقود وازداد في عصر الإنترنت لشعور الشباب العربي بأنّ حيّز العالم الافتراضي أكثر أمناً. لا يجرؤ الشعب العربي التكلّم بسخرية عن الطاغية في المقاهي وفي المطارات، لكن تبادل النكات اللاذعة سريع بين الشباب على الإنترنت. كلّ الأخطاء والقصور والصفات والنعوت للحكّام التي يتناقلها الناس في السرّ، تصبح بادية للعيان في مراسلات إلكترونيّة سريعة. والطاغية يتعوّد أن يضحك الناس معه عندما يضحك، أو عندما يروي نكتة، أو أن يحزن الناس إذا حزن هو. أي أنّ الشعب العربي أصبح مسلوب العاطفة، منفيّاً عن نفسه، بوجود الطاغية. وتحوّل موت حفيد مبارك في السنة الماضية إلى مأتم حزين تفطّرت له قلوب المصريّين، وفق إعلام مبارك وكلام عمرو أديب (قد يكون الأخير النموذج المصري لجيزيل خوري، وليس في ذلك مديح لأيّ منهما). وقد حصل ذلك في سوريا عندما مات باسل الأسد. عاشت سوريا، ولبنان أكثر بحكم التملّق اللبناني التقليدي للنظام الأقوى، حالة من الحزن والعزاء استمرّت لسنوات. وهناك كتاب لأشعار المديح بشخص باسل الأسد، كان المساهمون فيها من اللبنانيّين في معظمهم. ولو كان رفيق الحريري شاعراً، لكتب ألفيّة عزاء في حق باسل الأسد، لكثرة ما ذرف من دموع، ولكثرة ما بالغ في تصنّع الحزن. ما كان في قدرة الشعب العربي أن يقول للحاكم إنّ حزنه هو غير حزنه، والعكس. ما كان في قدرة المحكومين الاعتراف بأنّهم لا يستظرفون أيّاً من حكّامهم. هل ثمة أسمج من رواية النكتة على لسان الحكّام؟ قد لا نرى مبارك في القفص مُجدّداً. أسدل المجلس العسكري الستار على الفصل الأوّل من المسرحيّة. تضايقت أنظمة صديقة من مسرحيّة المحاكمة (غير الجديّة) قبل اكتمالها. ولم يرق المجلس العسكري أن يتطرّق محام إلى اسم الطاغية الجديد. توقّف البث دون تفسيرات. والحكم الجديد في مصر يتعامل مع الحكم دون تفسير، وخلال الإكثار من الإلهاء المقصود: كأن يفرد موقعاً للاقتراع على الإنترنت، وفيه من الاختيار الحرّ ما في الانتخابات النيابيّة في عهد مبارك من الاختيار الحرّ. تصدر القرارات وتُلغى بدون تفسيرات مُقنعة. هل استدعي السفير المصري من إسرائيل أم لا؟ الصحافة الإسرائيليّة أدرى من الشعب: سارع العدوّ إلى إرسال وفد رفيع لترقيع الأمور. وحياة الجندي المصري عند المشير طنطاوي هي بأهميّة حياة الجندي في عهد مبارك. ضغط طنطاوي على رئيس حكومته، لإلغاء قرار استدعاء السفير. والعلاقة بين المشير وإسرائيل على ما يُرام، أو أكثر قليلاً. لكن فصول مسيرة مبارك لم تنته. مصر حبلى بالتطوّرات. أحمد شحاتة أبلغ إلى الصهاينة رسالة بليغة، كان غير مسموح الإفصاح عنها في عهد مبارك. والقفص جاهز. الانتفاضة المصريّة قابلة للتطوّر والنموّ. الثورة المضادة مجتهدة والثورة المضادة للثورة المضادة قد تتبلور لتنقضّ عليها في اللحظة المناسبة. سارع جيفري فيلتمان ليصبح «أم العروس» في عهد «الثورات»: تعلم عندها أنّ إفساداً هائلاً قد حصل. لكن من يدري. قد تصبح انتفاضة مصر ثورة كاملة: عندها، ترى المشير طنطاوي في القفص، ومن دون نجوم أو ميداليّات. لعلّه هو الآخر يظهر في سرير التمارض.
اختتم اتحاد الشباب الديموقراطي مخيمه التطوعي الثاني لهذا العام في بلدة لبايا في البقاع الغربي بمشاركة 130 شاب وشابة من مختلف المناطق اللبنانية. استمر المخيم من الخميس 11 حتى الاثنين 14 آب 2011 وتضمن عملاً تطوعياً في البلدة حيث قام الرفاق بغرس عشرات الاشجار في مناطق مختلفة من لبايا، كما تضمن تنظيف الشوارع الاساسية والفرعية فيها.
أما الجزء الاكبر من العمل فكان في تجهير الارضية لبناء ملعب رياضي عام مفتوح لأهل القرية، حيث قام الشباب بالمساعدة في تسوية الارض وتجهيزها بالبحص والحديد تمهيداً لصبها كملعب رياضي يصلح للميني فوتبول والكرة السلة والكرة الطائرة.
كما أحيا الاتحاد مهرجان شهداء الاتحاد مساء السبت 13 آب تكريماً لشهداء الاتحاد وشهداء حرب تموز بحضور حوالي 300 مشارك بينهم رئيس بلدية لبايا وعدد من فعاليات البلدة والمنطقة.
مخيم العمل التطوعي لاتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
العين – البقاع، 4 – 8 آب 2011
أقام اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني مخيمه التطوعي الصيفي الاول في بلدة العين – البقاع الشمالي وذلك ضمن خطة الصيف المركزية لعام 2011. استمر المخيم من الخميس 4 حتى الاحد 7 آب 2011 بمشاركة حوالي 50 شخص من البقاع والمناطق اللبنانية الاخرى. تضمن المخيم عمل تطوعي في الحديقة العامة للاتحاد في البلدة وفي مشروع الملعب الرياضي الذي يعمل عليه الاتحاد وتنظيف شوارع البلدة بالاضافة الى ندوات ونقاشات متنوعة بمشاركة من جمعية مسار.
بيان صادر عن اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
حول الاعتداء على المتظاهرين أمام السفارة السورية
يستنكر اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني ما تعرض له المعتصمون بالامس امام السفارة السورية من قبل مجموعة من الشبان المدنيين وغير المدنيين الذين قاموا بالاعتداء بطريقة همجية تعبّر عن قصور في الوعي، وعدم تقبّل للرأي الاخر وتنذر بسطحية تتجه اليها الحياة السياسية في البلد، اعتادت وتمرست في تربيتها اطراف الطبقة السياسية واحزابها.
ان هذه الممارسة التي باتت تتكرر أكثر من مرّة، عند كل تحرّك مطلبي او تضامني، خاصة في ما يتعلّق بمواكبة الحراك الشعبي العربي، والذي انطلق دفاعا" عن الحريات العامة وانتصاراً للديمقراطية وتعدد الاّراء، ورفضاً لسياسة القمع وانظمة عسس الليل والشبيحة .
الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يفند بالادلة الموثقة والمصورة المسار والاهداف السياسية للجنة التحقيق والمحكمة الدولية منذ نشأتها
كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن " طبيعة الحدث كان تفترض مؤتمراً صحفياً، ولكن ضيق الوقت والحاجة لبعض الإجراءات والجوانب الفنية حالت دون ذلك"، وأضاف السيد حسن نصر الله أن "حديثي إليكم بديل عن المؤتمر الصحافي، وسيعرض بعض مقاطع الفيديو كشواهد، كما جرى في المؤتمر الصحفي السابق، وكما اعتبرنا أن ذلك هو الجزء الأول، نعتبر هذا هو الجزء الثاني المتمم لذلك المؤتمر الصحفي"، وأشار الأمين العام لحزب الله أن ما دعا لهذا الخطاب هو "مناسبة ما يقال عن صدور قرار اتهامي بحق أخوة مقاومين لهم تاريخ مشرف في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي للبنان، وهذا القرار هو خطوة في مسار طويل بدأت تظهر معالمه في ما يتعلق بحزب الله بعد هزيمة "إسرائيل" في حرب تموز، حيث خرجت "لو فيغارو"، بعد أيام قليلة من انتصار المقاومة، بمقال تتحدث فيه أن التحقيق يسير باتجاه اتهام حزب الله بجريمة اغتيال الحريري"، وأضاف أن "هذا الموضوع علقنا عليه سابقا وقلنا أن هذه المادة كانت جاهزة بانتظار نتيجة الحرب، وشرحنا أيضاً في أوقات سابقة أن هذا المسار له مجموعة من الأهداف يريدون تحقيقها بعد بدء الإنتهاء من اتهام سوريا والإنتهاء من اتهام الضباط، ذكرنا مجموعة أهداف وقلنا في ما تعاونا عليه نحن وقوى سياسية أن نتعاون، لأن المحكمة لها أهداف تريد أن تحققها مهما حصل، لذلك ذهبنا لمرحلة قلنا فيها أنه يجب تعطيل هذه الأهداف، وأخطر هدف للمحكمة هو هدف إحداث فتنة أو حرب أهلية أو فتنة سنية ـ شيعية في لبنان، فلتوقيت القرار الإتهامي هدف خاص سنعرضه لاحقاً"، وقسم الأمين العام لحزب الله الحديث عن التحقيق والمحققين ولجنة التحقيق إلى مرحلتين، وأوضح أن "المرحلة الأولى: لجنة التحقيق، والمرحلة الثانية بعد تعيين بلمار حين أصبح التحقيق من مهامه، العنوان الثاني هو المحكمة التي يرأسها كاسيزي، والتي يطالبنا الآن البعض بأن نحتكم إليها أو يطالبون المتهمين ظلماً أن يقبلوا بالإحتكام إليها، وثالثاً: الموقف من القرار الإتهامي والتعاطي مع المرحلة الراهنة".
وتطرق الأمين العام لحزب الله إلى العنوان الأول قائلاً: "حول التحقيق، من المعروف أن على التحقيق الوصول إلى الحقيقة، من إشكالاتنا الأساسية أنه أخذ مساراً واحداً: أولا سوريا والضباط ومن ثم مسار حزب الله أو كوادر من الحزب، خلال العام الماضي قلنا أن هنالك مساراً آخراً، وهي الفرضية الإسرائيلية، فلماذا لا يتم العمل عليها"،وتساءل السيد حسن نصر الله "هل اهتم بلمار أو مكتب المدعي العام أبداً بهذه الفرضية ؟؟ بل طلبوا نسخة من قرائن حول هذا الموضوع وقالوا أنها غير كافية، مع العلم أن بلمار يحاول الإستناد إلى الأدلة الظرفية، فهذه الأدلة الظرفية لو طبقناها على فقط ما قدمناه في الموضوع الإسرائيلي لكانت كافية في توجيه الإتهام لـ"إسرائيل"، وقد راجعنا قضاة على المستوى الدولي، ولكن لم يهتم بلمار أو أي أحد في المحكمة بالقرائن، ولم يسأل الإسرائيليين شيئاً، وهذا منطقي وطبيعي لأن المحكمة أُسست لهدف سياسي واضح، وليس مسموحاً التحقيق مع إسرائيلي أو إسرائيليين"، وشدد الأمين العام لحزب الله أن "التحقيق مسيس والمحكمة مسيسة، ولذلك لم يأخذوا القرائن بعين الإعتبار، وبدل التحقيق مع الإسرائيلي أخذوا منه معلومات، وهذا ما يعترف به ميليس شخصياً في جواب لصحيفة "لو فيغارو" عام 2005"، وأضاف قائلاً: "تصوروا "إسرائيل" التي يجب أن تكون متهمة هي جهة تمد التحقيق بمعلومات، وليبرمان في مؤتمر صحفي مع فراتيني يقول: التعاون مع المحكمة هو تعاون مفتوحا وجرى باخلاص، ثالثاً، لدي سؤال في سياق التحقيق: يدرك الناس أنه عندما شكلت المحكمة وعين بلمار مدعيا عاماً، كانت بيروت عنواناً للجنة التحقيق، بعد إلغاء لجنة التحقيق نقلوا عدداً كبيراً من الموظفين والتجهيزات وأخرجوها من لبنان، الكل غادر إلا الكومبيوترات التابعة للجنة التحقيق 97 كومبيوتر، الغريب أنه تم نقلها عن طريق الناقورة إلى "إسرائيل"، وليس عبر مطار بيروت أو ميناء بيروت"، وتساءل السيد حسن نصر الله: "لماذا يتم نقلها عبر "اسرائيل؟ لماذا لم يتم إخراجها من مرفأ بيروت؟، وماذا حصل بهذه الكومبيوترات في "إسرائيل"؟ وكلنا يعلم أن "إسرائيل" متطورة جداً على المستوى التكنولوجي والإلكترونيات"،وذكر أنه "رابعاً، في ما يتعلق بالتحقيق أيضاً، إذا كان التحقيق منصفاً ونزيهاً يجب أن يعتمد خبراء ومستشارين محايدين بالحد الأدنى ليس لهم عداوة أو موقف مسبق من الجهة التي يريدون التحقيق معها، ولكن الضباط والمستشارين لهم خلفية سلبية من المقاومة، وأحد أهم مستشاري بلمار ضابط كبير في الـ"سي آي آي" متهم أنه يعمل على "حزب الله" وعماد مغنية وشريك في مسؤولية الـ"سي آي آي" عن مجزرة بئر حسن وأدت إلى استشهاد العشرات: أي الضباط والخبراء والمستشارين عند بلمار يصنفون في دائرة أصحاب المواقف المسبقة وليسوا حياديين يبحثون عن الحقيقة".
وخلص الأمين العام لحزب الله إلى أن "الذين أوكل إليهم أمر اكتشاف الحقيقة هم هذه النوعية من الناس: بعضهم معادي وبعضهم له موقف سلبي وأغلبهم مرتبط بأجهزة الإستخبارات"، وتساءل السيد حسن نصر الله: "هل هذا الطاقم يوصل إلى الحقيقة؟ هل هو مؤهل للعمل على فرضية: إسرائيل اغتالت الحريري؟"، وأضاف "خامساً، فساد المحققين، فنحن أمام لجنة تحقيق سنقدم الليلة نموذجاً، وهو "غيرهارد ليمان"، وكان نائب رئيس لجنة التحقيق الدولية قبل تشكيل المحكمة، ميليس معروف وليس بحاجة للتحدث عنه، وليمان يبيع وثائق واعترافات وشهادات مقابل الأموال، إذاً بالأموال يخون أمانة الشهود وبعضهم رجال كبار في السياسة، ولا مشكلة في تقديم نسخة عن الوثائق التي باعها"، وسأل الأمين العام لحزب الله: "إذا كان يخون الأمانة فماذا يصنع بالحقائق وبالتحقيق؟"، وأردف قائلاً: "بما يتعلق بالفساد الأخلاقي فحدث بلا حرج، هل تحرك أحد للتحقيق بمسألة الفساد هذه وكنا قد أعلنا ذلك سابقاً؟ سادساً، تورط لجنة التحقيق الدولية مع شهود الزور، السيد بلمار شخصياً، نحن لدينا معلومات ودليل ولكن لن نتحدث بذلك اليوم، عمل وتابع بنفسه مهمة رفع المذكرة الحمراء عن زهير الصديق لدى الأنتربول الدولي، ووقف الملاحقة المتعلقة به لأن جماعة التحقيق الدولي متورطون بهذا الأمر، سابعاً، سرية التحقيق، من أهم شروط أي تحقيق هو السرية، كل العالم يعلم أن هذا التحقيق لم يكن فيه شيئاً من السرية، كله في الصحف منذ سنوات، ماذا يبقى من صدقية هذا التحقيق؟"، وذكَّر بما طلب "لجنة التحقيق من بعض الإخوة الذهاب إلى التحقيق ولو بشكل مسرحي، قلنا لهم أوقفوا التسريب ولم يتوقف ذلك، وهذا سببه الفساد، ثانياً الإختراق الأمني، فكل واحد له علاقة بجهاز استخباراتي، و14 آذار لها وصول إلى بعض المعلومات أيضاً، وثالثاً هنالك تسريب متعمد لأن المطلوب تشويه صورة المقاومة"، وأعرب السيد حسن نصر الله عن أسفه "لأبشع مظاهر التسريب وهو ما حصل من أيام، فبلمار يلتقي مع مدعي عام التمييز اللبناني، وهم في الإجتماع بدأت تذاع الأسماء في وسائل الإعلام، وبعد يوم يقول أن الأسماء سرية، حتى من اللياقات في لبنان أن تكتب الأسماء كذلك: ب.ج، غ.ع، ولكن لماذا أعلنت الأسماء بهذا الشكل؟".
ووصل الأمين العام لحزب الله إلى "النقطة الأخيرة بعنوان التحقيق والمحققين"، وأكد أن "التوظيف السياسي للقرار الإتهامي، لخدمة فريق وليس لخدمة الحقيقة"، واستدرك قائلاً: "نسيت أن أقول أن الأسماء التي تم تسريبها مطابقة تماماً لما ورد في دير شبيغل والتلفزيون الكندي، دير شبيغل نشرت الأسماء في الـ2009، أيام الإنتخابات النيابية في لبنان، حين أنفقت بعض الجهات 3 مليارات دولار، وجزء من المعركة الإنتخابية، كان ما نشر في دير شبيغل، منذ مدة، عندما سقطت الحكومة السابقة، وذهبنا للإستشارات النيابية، حركوا القرار الإتهامي من جديد للضغط على مجلس النواب، وعشية الحشد المنشود لـ13 آذار تم تحريك القرار الإتهامي"، ولفت السيد حسن نصر الله إلى أنه "منذ يومين، بعد انتهاء البيان الوزاري، بين إقراره وزارياً والبدء بجلسات الثقة، أصدروا القرار"، وعزا ذلك إلى "أنهم كانوا يراهنون على فشل الأغلبية الجديدة في تشكيل الحكومة ولكنها تشكلت، لأن المطلوب إسقاط حكومة ميقاتي بأي ثمن، فأتى القرار الإتهامي ليقدم أسلحة لقوة سياسية في الفريق الآخر لإسقاط الحكومة، هذا القرار ليس لمصلحة العدالة بل لمصلحة السلطة"، وعرض قول البعض بأن "يسلم الشباب ذاتهم للمحكمة وليثبتوا براءتهم، أولاً، نريد إعادة النقاش حول دستورية المحكمة وكيفية تشكيلها، ثانياً، هنالك الكثير من الملاحظات التي تثير الشك حول قواعد الإجراءات والتعديلات التي أجريت عليها، ثالثاً، عدم توفر الإنصاف لا عند المدعي العام ولا عند المحكمة والدليل ما جرى مع الضباط الأربعة، اللواء جميل السيد منذ خروجه وهو يتابع المسألة حتى الآن لم يحصل على أبسط حقوق انسان برئي سجن لمدة 4 سنوات، رابعاً، رئيس المحكمة هو كاسيزي، من هو كاسيزي؟"، وأشار الأمين العام لحزب الله إلى شخصية كاسيزي التي عرضت جوانب منها في تقريرين، فأوضح أن "المقطع الأول للسيد أنطونيو كاسيزي وهو صديق عظيم لـ"إسرائيل" بحسب شهادة أحد أصدقائه الكبار الذي أدلى بها بمؤتمرٍ، والمطلوب منا أن نحتكم لصديق كبير لـ"إسرائيل"، وهو المطلوب منه تحقيق العدالة، صديق عظيم لـ"إسرائيل"، ويعتبر المقاومة إرهابية ومنظمات المقاومة إرهابية، تصوروا أن الذي يريد أن نحتكم إليه مسبقا يعتبر المقاومين إرهابيين، ونريد منه تحقيق العدالة هنالك نص بيان وقعه بخط يده ينصح فيها الإسرائيليين في ما يتعلق بأحداث غزة"، وتساءل السيد حسن نصر الله: "هل يمكن لمحكمة بهذا التاريخ والسيرة وبهذا الرئيس أن تحقق عدالة؟"، ليكمل قائلاً: "تصوروا أن "إسرائيل" في رأي كاسيزي هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي يسودها القانون وحقوق الإنسان، وما جرى على الفلسطينيين خلال 60 عاماً وما يقارب 11 ألف معتقل فلسطيني هذا كله حقوق إنسان، المجازر الإسرائيلية في لبنان لا مشكلة فيها بنظر، كاسيزي لأن "إسرائيل" تشن حرباً على الإرهاب".
وانتقل الأمين العام لحزب الله إلى "الوضع الحالي"، فقال: "هنالك قرار ظني اتهامي صدر بحق عدد من المقاومين، وكما قلت بعضهم له تاريخ طويل بمقاومة الإحتلال، بمواجهة هذا الوضع لدي كلام للناس ولـ14 آذار ولجمهور المقاومة، للناس أقول لهم، ما تسمعوه وما يتحدث به الإسرائيلي بشكل خاص، يأملون بحرب أهلية ولكن إن شاء الله لن تكون هنالك فتنة بين اللبنانيين وخصوصاً بين الشيعة والسنة، وقلت ذلك منذ سنة"، وكشف السيد حسن نصر الله أنه "من استهدافات التحقيق اشعال فتنة بين اللبنانيين ولن تكون فتنة، وأقول لكم بعد صدور ما يسمى بالقرار الإتهامي لن تكون فتنة ولا حرب أهلية في لبنان، وعلى شعبنا وأهلنا وكل الإتجاهات أن يرتاحوا ويثقوا، ومن جملة العناصر المهمة لوأد أي فتنة هو وجود حكومة مسؤولة وموثوقة وجاهزة للتعامل بروح وطنية مع حدث بهذا الحجم وليس بروح ثأر، ولم تكن جزءاً من الحرب على المقاومة في السنوات الأخيرة، كل الجهات الصادقة والحريصة على الوضع في لبنان حريصة على أن يتم التعاطي مع هذا الحدث بوسائل قضائية وقانونية على اختلاف مواقفنا من الحدث، المفترض المحافظة على البلد ومنع تحقيق أحد أهداف اغتيال الحريري والتحقيق والقرار الظني والمحكمة"، ووجَّه خطابه إلى قوى 14 آذار: "أنتم تعتبرون أنفسكم معارضة وهذا حقكم، وأعرف أنكم ستستفيدون من القرار الإتهامي، وهذا حقكم واللعبة الدولية دائماً، كانت إلى جانبكم، ولكن لدي نصيحتين أو فكرتين: أولاً، لا تحملوا حكومة ميقاتي في هذا الملف ما لا يجوز أن تحملوها وما لم تكن حكومة الحريري أن تحمله، فلو لم تكن اليوم الحكومة برئاسة ميقاتي وكانت حكومة منكم من لون واحد فهل كانت هذه الحكومة تستطيع أن تعتقل هؤلاء الأشخاص أو أن تنفذ مذكرات التوقيف المبلغة من بلمار، ولذلك لا تحملوا البلد تبعات أمر لو كانت الحكومة حكومتكم وحكومة متطرفيكم لما كانت تمكنت من ذلك، نحن نعمل على قاعدة عدم إحراج الحكومة، لا في سنة ولا سنتين ولا بستين أو 600 سنة يمكنهم أن يعتقلوا أو يوقفوا، بعد ثلاثين يوم ستذهب الأمور إلى المحاكمة الغيابية والحكم صادر، ويبقى أن يشتغلوا باللبنانيين لبعض الأعوام، قد تنتهي المحكمة بثلاثة أشهر أو ستة أو ثلاثين سنة".
وطرح الأمين العام لحزب الله "الإقتراح أو النصيحة الثاني لـ14 آذار"، وقال: "لا تطلبوا من الرئيس ميقاتي ولا من حكومته ما قبل الحريري أن يتخلى عنه مقابل البقاء في السلطة، إذا أرادوا سأمنحهم نسخة عن المذكرة المطبوعة عن تركيا وقطر، وكان الحريري موافق على كل شيء فيها، من باب اللياقة لم أخرجها إلى الإعلام، فاقبلوا من ميقاتي ما قبل به الحريري ولا تحمّلوا الرجل وحكومته ما قبل غيره أن يتخلى عنه، وفي تلك الأيام لو قبلنا الحريري رئيساً للحكومة لكانت الوثيقة وقعّت من قبل التركي والسوري والسعودي والفرنسي والقطري وكلينتون ستباركها، ولكن لم نقبل بذلك لإعتبارات وطنية، فالحكومة التي يرأسها الحريري لا تستطيع العبور بالبلد إلى برّ الأمان، لو قبلنا كان كل ما ورد فيها صار رسمياً"، وذكَّر بأنهم "قالوا منذ سنة، حتى لو صدرت مذكرات توقيف، لدينا عقل وسنرى الأدلة، وإذا الأدلة غير صحيحة أو تثير الشكوك فلن نوافق عليه، الدليل ما زال عند مدعي عام التمييز، لماذا يعتبرون الآن أن اليوم تاريخياً وأصبحنا على مقربة من العدالة"، وطمأن السيد حسن نصر الله جمهور المقاومة ومؤيديها قائلاً: "لا تصغوا إلى الاستفزازات التي يريدها البعض للوصول إلى الفتنة، لا سيما الفتنة بين السنة والشيعة التي يريدها البعض في قوى 14 آذار، على الأقل بعض مسيحيي 14 آذار، ولا تخافوا على المقاومة ولا تقلقوا عليها".
وهنا النصل الكامل لكلمة سماحته:" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.طبيعة الحدث كانت تفترض أن يكون الليلة لدينا مؤتمر صحافي، لكن ضيق الوقت والحاجة إلى بعض الإجراءات وبعض الجوانب التقنية والفنية حالت دون عقد مؤتمر صحافي.لذلك الليلة حديثي إليكم هو بديل عن المؤتمر الصحافي، وفي حديث الليلة أيضا باعتبار أهمية الموضوع سوف يتم عرض ـ أثناء كلامي أو بين كلامي ـ بعض مقاطع الفيديو كشواهد أو بعض بطاقات الهوية كما حصل في المؤتمر الصحافي السابق قبل عدة أشهر واعتبرنا أن ذلك هو الجزء الأول ونعتبر هذا الجزء الثاني المتمّم لذلك المؤتمر الصحافي.وأنا فيما سأعرضه إن شاء الله وأتناوله من جوانب في الموضوع لن أعيد ما ذكرناه سابقاً إذا ذكرت به ففقط باختصار شديد وللتذكير، لأن هناك موضوعات عديدة وجديدة نحن يجب أن نطرحها على الرأي العام فيما نواجهه الآن من حدث ومن موضوع. وأكتفي فقط بالتذكير من باب الإشارة ومن يريد أن يدقق ويفصّل يمكنه العودة إلى المؤتمر الصحافي السابق أو المؤتمرات التي عقدت فيما بعد، سواء المؤتمر القضائي أو المؤتمر الذي سبق له صلة بالاتصالات من قبل جهات رسمية وجهات أهلية.طبعا الداعي للتحدث إليكم اليوم هو مناسبة ما يقال عن صدور قرار اتهامي بحق إخوة مقاومين لهم تاريخ مشرف في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للبنان. هذا القرار الإتهامي الذي صدر هذه الأيام هو برأينا خطوة في مسار طويل بدأت تتضح وتظهر معالمه فيما يتعلق بحزب الله بعد هزيمة إسرائيل وانتصار المقاومة في حرب تموز انتهاءً حتى الرابع عشر من آب، حيث بعد أيام قليلة من هذا الانتصار خرجت جريدة اللوفيغارو في 19 آب 2006، بعد خمسة أيام بمقال تتحدث فيه أن التحقيق الدولي يسير باتجاه حزب الله أو أفراد وكوادر أو قياديين من حزب الله بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. طبعاً هذا الموضوع سابقاً نحن علّقنا عليه وقلنا إن هذه المادة كانت جاهزة بانتظار نتيجة الحرب، فحيث أن نتيجة الحرب كانت مختلفة، لذلك تم إظهار وشهر هذه المادة أو هذا السيف أو هذا السلاح في وجه هذه المقاومة المنتصرة.طبعا شرحنا أيضا في أوقات سابقة أن هذا المسار له مجموعة من الأهداف يريدون تحقيقها بعد الانتهاء ـ أو لا نستطيع أن نقول الانتهاء نهائياً ـ من اتهام سورية، الانتهاء من اتهام الضباط. الآن وصلنا إلى حزب الله.ذكرنا مجموعة أهداف وقلنا فيما تعاونّا عليه نحن وقوى سياسية وشخصيات ومراكز ووسائل إعلام في لبنان وفي العالمين العربي والإسلامي أن نتعاون لإحباط هذه الأهداف. كنا واضحين في كل ما مضى. نحن لا نستطيع أن نلغي المحكمة لأنها قرار صادر عن مجلس الأمن الذي تحكمه الإرادة الأمريكية ولأن المحكمة لها مسار ولها أهداف تريد أن تحققها مهما حصل وأيّاً تكن التبعات أو الخسائر أو الأرباح، ولذلك ذهبنا لمرحلة أخرى، قلنا إن هذا المسار له أهداف، تعالوا لنعطل هذه الأهداف. وتذكرون، تحدّثنا عن تشويه سمعة وصورة المقاومة وقياديها ومقاوميها، تحدثنا عن هدف النيل من إرادة وعزم المقاومة وقيادة المقاومة ومجاهدي المقاومة في مواصلة الطريق، والأخطر والأهم هو هدف إحداث فتنة في لبنان أو حرب أهلية في لبنان، أو بشكل خاص فتنة بين السنة والشيعة وبين الشيعة والسنة في لبنان. هذه الأهداف الرئيسية التي كنا قد تحدثنا عنها سابقاً.طبعا لتوقيت القرار الإتهامي هدف خاص يمكن أن نعرض إليه أثناء الحديث.بناءً عليه أنا سأتحدث بثلاثة عناوين:العنوان الأول: له علاقة بالتحقيق وبالمحققين ولجنة التحقيق في مرحلتيها. كلنا نتذكر بأن التحقيق ولجنته كان له مرحلتان:المرحلة الأولى هي لجنة التحقيق الدولية والمرحلة الثانية بعد تشكيل المحكمة وتعيين بلمار مدعياً عاماً حيث ألغيت لجنة التحقيق الدولية وأصبح التحقيق من مهام مدعي عام المحكمة السيد بلمار.إذاً العنوان الأول هو التحقيق والمحققون.والعنوان الثاني: هو المحكمة التي يرأسها السيد كاسيزي والتي يطالبنا الآن البعض بأن نحتكم إليها أو أن نقبل الاحتكام إليها أو يطالبون المتهمين ظلماً أن يقبلوا بالاحتكام إليها لإثبات براءتهم.والعنوان الثالث: هو الموقف من القرار الإتهامي والتعاطي مع المرحلة الراهنة وفي حديث للناس أولاً ولقوى الرابع عشر من آذار وجمهورها ثانياً ولجمهور ومحبي المقاومة ثالثاً. مقتطفات هامة:- رفضنا التوقيع على الوثيقة لسبب وطني ولو قبلنا بسعد الحريري رئيساً للحكومة لنسي المحكمة- لجمهور المقاومة ومحبيها أقول "لا تقلقوا من شيء" ما يحصل الآن هو جزء من حرب اسرائيل- نحن لا نريد إحراج الحكومة ولا بـ300 سنة يستطيعون ايقاف مقاومين من حزب الله- لدي مذكرة خطية من سعد الحريري يظهر فيها قبوله بنسيان المحكمة شرط الإحتفاظ بالسلطة - هل مطلوب من حزب الله الإحتكام الى كازيزي الصديق العزيز لإسرائيل - القرار الإتهامي هو سلاح لفريق المعارضة للعودة الى السلطة- غيرهالد ليمان يبيع فيها الوثائق مقابل المال - أحد معاوني بلمار ضابط في الـ"CIA" وهو من اصحاب المواقف المسبقة المعادية لحزب الله
بول الأشقرأطل الرئيس الفنزويلي، هوغو تشافيز، أول من أمس على شاشة التلفزيون من كوبا ليعلن أنه أخضع لعملية ثانية لاستئصال خلايا سرطانية من معدته. ومن دون تحديد موعد لهذه العملية الثانية التي جرت تقديراً قبل 10 أيام، ومن دون توضيح موعد عودته، أبلغ الرئيس الفنزويلي أنه يتابع شؤون البلد ويتشاور يومياً مع نائب الرئيس إلياس حوا (العربي الأصل).وقرأ تشافيز بغير عادته خطاباً دام نحو 14 دقيقة، كرس الثلث الأول منه لإعطاء معلومات طبية وافية عن تسلسل الأحداث حتى إجراء العملية الأولى ثم الثانية. وقرأ تشافيز نصه من دون الخروج عنه، فيما لم تظهر يداه الموضوعة خلف ظهره خلال كل التلاوة.والنص قطعة جدية وعاطفية في آن واحد، تستشهد بسيمون بوليفار (محرر أميركا اللاتينية) وتتحدث عن الزعيم الكوبي، فيديل كاسترو، وتتذكر مراحل سابقة وصعبة من سيرة تشافيز، ثم تعود وتلجأ إلى صور شعرية توحي بالأيام المقبلة وبالإنجازات التي ستواكبها.احتشام الأداء الجسدي والتزام النص الحرفي جعلا شبكة «سي إن إن» تشكك في أن الزعيم البوليفاري هو الذي ألقى الخطاب. ولمّحت إلى أنه قد يكون «شبيهاً له» حل محله. هذا التفسير غير كاف. وإذا كان المشهد غريباً حقاً، فمن الممكن أيضاً أن يكون نتاج رجل متأثر كتب نصاً على شاكلته أراده مليئاً بالمعلومات الطبية والسياسية والشعرية، وأراد حشرها في وقت محدد سمح به الأطباء، فكان على هذا الشكل.في كل الأحوال، بدا مفهوماً أن تأجيل قمة «سيلاك»، التي كانت ستجمع كل رؤساء أميركا باستثناء الولايات المتحدة وكندا، والتي كان موعدها يتطابق مع مرور مئتي عام على انتصار بوليفار واستقلال فنزويلا، أي في 5 تموز، بأن تشافيز يعاني وضعاً صحياً يمنعه حقيقة من حضورها.وكانت مناسبة في منتهى الأهمية في جدول عمل تشافيز. إلا أن الحدث يسلط الأضواء أيضاً على هامشية المؤسسات في النظام «التشافيزي»التي لم تسلّم السلطة لنائب الرئيس كما ينص الدستور.وإن دلت على شيء مجريات «الأزمة الصحية»، فقد دلت مرة جديدة على أن التشافيزية لا تعمل من دون تشافيز، وأصبحت الآن رهينة ليست فقط مشيئته بل أيضاً صحته.لعل أداء كبار مسؤولي الدولة في هذه الأيام خير دليل على ذلك.لن يتحرك أحد من مسؤولي النظام قبل أن تنجلي الصورة وقبل أن يتوضح مستقبل تشافيز الصحي ونتائج ذلك على سيرته السياسية. إلا أن هذه الحيرة لا تقتصر على الموالاة، والمعارضة لا تعرف أيضاً كيف عليها أن تتحرك، وفي صفوفها أيضاً هناك 5 أو 6 مرشحين ينظر بعضهم إلى بعض وينتظرون. كل واحد يريد منافسته في رئاسيات عام 2012 أو مبارزة خليفته الآن، ولا أحد يريد أن يتسرع لئلا يتهم بـ«الانقلابية».