يوم الجمعة الواقع فيه ٢٦ شباط ١٩٩٩، أزهرت بلدة أرنون الجنوبية حقلاً من الورود. بذوره من شبان وشابات (طلبة، عمال، مزارعون ومهنيون وعاطلون عن العمل) طهّروا أياديهم في تراب أرض الجنوب واقتلعوا عند الساعة الواحدة ظهرًا بتوقيت مقاومتهم المدنية المدجّجة بأعدادهم الوافدة من الجامعات والمدارس والمعاهد اللبنانية، ومن مدن وقرى لبنانية على اتساع مساحة الوطن، وبأسلحة هتافاتهم الوطنية، وقبضاتهم المرفوعة، وصدورهم العارية... وبقلب واحد وعزيمة قوية – حاسمة، أمسكوا الشريط المزروع من قبل العدو الصهيوني وأقتلعوه، ليدخلوا في كل اتجاهات البلدة الأسيرة ترافقهم شمس الحرية، دون إستئذان، إلى ربوع أرنون المحرّرة بهاماتهم الشامخة، ويلتحموا مع أشعتها في مشهدية تمثّل ولادة حقل ورودٍ جميل، لجيل يكبر فيه ومعه الوطن ترجمه بألوان مقاومته الوطنية تحقيقاً لحلم شعبنا الصامد المقاوم الذي لم يعرف الكسل ولا المساومة من أجل التحرير...
تحية وطنية إلى جميع أبطال عملية تحرير أرنون.. والتحية الواجبة إليهم ، ليس غرضها سرد مشهدية الرواية على أهميتها الوطنية التاريخية، أو التباهي الشكلي بها... فتاريخ مقاومة شعبنا حافل بذلك. إنما، الغرض منها، إبراز مسألة تتمثل في تجلّي النضال الشبابي والطلابي الديمقراطي في صورته الوطنية الحقيقية، وفي إظهار قدرة الشبيبة والطلبة على حمل القضية الوطنية والدفاع عنها برصّ الصفوف ووحدة العمل والنضال والمقاومة بعيدًا عن الخطابات الطائفية والتفرقة المذهبية التي تحاول القوى السياسية الطائفية فرضها وبناء جدران التفرقة بين الشباب والشعب اللبناني، لمنع ربط التحرير بالتغيير الديمقراطي.
سنوات مضت على ذلك المشهد الشعبي والشبابي الذي تلاحم خلاله شابات وشباب لبنان وطلابه من كافة جامعاته ولبوا نداء إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني لتحرير بلدة أرنون التي حاصرها الإحتلال الإسرائيلي.
هذا الخيار الوطني بإمتياز الذي أكدته مقررات مؤتمرات منظمتنا، إنطلاقا من قناعتنا في مواجهة الإحتلال وتطلعاتنا نحو التغيير في سبيل بناء وطن حر ديمقراطي تقدمي تسوده العدالة الإجتماعية والمساواة.
إننا إذ نتقدم بأخلص التهاني لشعبنا اللبناني بالذكرى ال ١٨ لتحرير أرنون، متمنين أن يتحقق للوطن أمنه وإستقراره وتنميته، وأن يستكمل تحرير الأرض بتحرير الإنسان.
وعلى الرغم من هذا الإنجاز إلا أنه تبقى أمام شباب وشابات لبنان مهام جسيمة في التغيير وتحقيق التنمية في مختلف المجالات والإستفادة من هذه الطاقات لخدمة الوطن والمواطن ومحاربة كل مظاهر التخلف والفساد والدفاع عن الحق بحياة كريمة وبناء دولة الرعاية والمؤسسات.
إن الروح الوطنية التي تجلت في أرنون، لا شك أنها قادرة على التغيير ومواجهة سلطة الفساد والمحسوبيات التي تستكمل إنقلابها على الحقوق من سلسلة الرتب والرواتب الى الحق في تأمين فرص العمل والطبابة والتربية والتعليم والخدمات والأمن والإستقرار.
تأتي هذه الذكرى في ظل سياسة إقتصادية تتبعها الحكومة بمزيد من الضرائب والبطالة وهجرة الشباب.
وتأتي هذه الذكرى ونضالنا ثابت لا يحيد في وجه أطماع الإحتلال الدائمة في أرضنا، كذلك في نضالنا في وجه سلطة الإفقار والتجويع، سلطة الفساد والضرائب والإرتهان.
يا شباب لبنان إن الأسلاك التي فرضها الإحتلال أزلناها بإرادتنا وقوة الحق، لنستكمل تحرير الأرض بتحرير الإنسان من أسلاك نظامنا السياسي.
المكتب التنفيذي ٢٥-٢-٢٠١٧
يستنكر إتّحاد الشّباب الدّيمقراطي اللّبناني اللّقاء الّذي جمع مرشّحة الرئاسة الفرنسيّة زعيمة "الجبهة الوطنيّة" اليمينيّة المتطرّفة مارين لوبان وبعض السياسيّين اللبنانيّين.
وقد دعا مسبقًا الإتّحاد، بصفته جزءًا من حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان، رئيسيْ الجمهورية والحكومة والفعاليّات السياسيّة والشعبيّة إلى رفض لقاء هذا الوفد المتطرّف الداعم للصّهيونيّة والّذي تنضح مواقفه بالعنصريّة تجاه العرب حتّى في المجتمع الفرنسيّ نفسه.
ويذكّر الإتّحاد الدّولة اللّبنانيّة أنّ عدم استقبالها ما كان ليشكّل "خرقًا للبروتوكول" لكون هؤلاء "الضيوف" لا يمثّلون حكوماتٍ ودولاً. ويرى أنّ هذا الحدث يشكّل انتهاكًا صارخًا لموقف لبنان الرّسميّ المناهض للاحتلال الصّهيونيّ، والمؤيِّد لحقّ الشّعب الفلسطينيّ في العودة إلى دياره.
ويرى الإتّحاد أنّ هذه القضيّة قضيّة وطنيّة بامتياز إلى جانب قضيّة الأسير المناضل جورج عبدالله القابع في السجون الفرنسيّة منذ ثلاثة وثلاثين عام، والّذي عطّلت السلطات الفرنسيّة مرارًا طلب إجراءات الافراج المشروط عنه (التي تقدم بها تسع مرات) بحجّة أنّه رسب في فحص «معاداة السامية»!
وانطلاقًا من رفض دعم العنصريّة والصّهيونيّة بشكلٍ عام وانتصارًا للإنسانيّة بشكلٍ خاص، يدعو الإتّحاد إلى المشاركة في الاعتراض الشعبيّ على هذه الزيارة غدًا الثلاثاء خلال انعقاد مؤتمر لوبان الصّحفي، أمام مدخل الزيتونة باي، ابتداءً من السّاعة الواحدة بعد الظهر.
* يُذكر أنّ "الجبهة الوطنية" الّتي تنتمي لوبان إليها لا تقبل أعضاءً يتبنون أفكارًا معادية للساميّة أو يدعمون مقاطعة الكيان الصّهيوني.
لا تستقبلوا مارين لوبين وفريقَها الصهيونيّ العنصريّ في لبنان!
تزور لبنان في 19 و20 من الشهر الحاليّ المرشّحة إلى الرئاسة الفرنسيّة، وزعيمة "الجبهة الوطنيّة" (اليمينية المتطرّفة) مارين لوبين، يرافقها عددٌ من محازبيها الذين تنضح مواقفُ بعضهم (على الأقلّ) بالعنصريّة تجاه العرب والمسلمين في المجتمع الفرنسيّ نفسه.
منذ أن أزاحت لوبين والدَها عن رئاسة الحزب سنة 2011، وتصريحاتُها تثير الكثيرَ من الجدل في فرنسا والعالم. ومن اللافت، على وجه الخصوص، أنّ الدائرة المحيطة بها راحت تتقرّب إلى الأوساط الصهيونيّة في فرنسا، وإلى الحكومة الإسرائيليّة، في محاولةٍ لمسح تهمة "معاداة الساميّة" التي وَسمت "الجبهةَ الوطنيّة".
يرافق لوبين إلى لبنان المحامي جيلبير كولار، المعروفُ بمواقفه الفاشيّة والعنصريّة الرافضة لطلب الشعب الجزائريّ من الدولة الفرنسيّة الاعترافَ بجرائمها في الجزائر قبل التحرير. بل إنّ هذا الشخص كان محامي الجلّاد الفرنسيّ بول اوساريس، أحدِ قادة التعذيب الفاشيّ في الجزائر.
ومنذ أن دخل كولار دائرةَ لوبين الضيّقة وهو لا يوفّر فرصةً من أجل إظهار دعمه غيرِ المحدود لـ"إسرائيل" التي تشكّل في نظره "القلعةَ الأخيرةَ للحضارة اليهودية - المسيحية." وكان كولار قد قدّم في الثامن من كانون الثاني الفائت، على إثر العمليّة البطوليّة التي نفّذها الشهيدُ الفلسطينيّ فادي القنبر، تعازيَه الحارّة إلى "الشعب الإسرائيليّ الذي يُضرب مرّةً أخرى في لحمه وعلى أرضه."
وكولار هذا رفض اقتراحًا في البرلمان الفرنسيّ للاعتراف بدولة فلسطين أواخرَ العام 2014، قائلًا إنّ مثل هذا الاقتراح "دعمٌ لـ [حركة] حماس وللإرهاب وللكراهية،" ورافضًا المقارنةَ بين نظام الفصل العنصريّ (الأبارتهايد) في جنوب إفريقيا و"إسرائيل" لأنّ الأخيرة في زعمه "ليست عنصريّةً!"
وعليه، تدعو حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان المسؤولين اللبنانيّين، ولا سيّما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، كما تدعو مختلفَ الفعاليّات السياسيّة والمدنيّة والشعبيّة في لبنان، إلى عدم لقاء هذا الوفد، مشيرين إلى أنّ ذلك لن يكون "خرقًا للبروتوكول" لكون هؤلاء "الضيوف" لا يمثّلون حكوماتٍ ودولًا. على العكس، سيكون رفضُ لقائهم موقفًا منسجمًا تمامَ الانسجام مع موقف لبنان الرسميّ المناهض للاحتلال الصهيونيّ، والمؤيِّد لحقّ الشعب الفلسطينيّ في العودة إلى دياره.
يستمر النظام السياسي في لبنان خطواته الممنهجة في ضرب الجامعة اللبنانية الوطنية عبر قرار جديد يستهدف طلّابها بمنعهم من إكمال دراساتهم فيها (مرحلة الماجستير)، إلا في حال حيازتهم على معدل ٦٠٪ في ثلاث سنوات الإجازة (الليسانس) أو معدل ٦٥٪ في السنة الثالثة .
نرفض هذا القرار رفضًا قاطعًا حيث أنّه من الصّعب نسبيًّا على طالب/ة الجامعة اللبنانية أن يبلغ معدل علاماته/ا هذه الدرجة، دون أن ننسى أن ال ٥٠٪ التي ينالها توازي بسهولة علامة تفوق ال٦٠٪ في الجامعات الخاصة.
عقبة جديدة يتوجّب على الطلّاب المسارعة في إزالتها عبر مواجهة القرارات التعسفيّة التي تقلّل من شأنهم على حساب بعض "الدكاكين الخاصة" وذلك من خلال الاعتصامات ومقاطعة الدروس إن لزم الأمر، إلى حين تحصيل الحقوق والمطالب كاملةً.
#ال٦٠_مش_علينا
إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
٢٩/٠١/٢٠١٧
من إجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية المقاومة، ومن أجل إقرار قانون عادل للإنتخابات النيابية على أساس النسبية، خارج القيد الطائفي ولبنان دائرة واحدة، ومن أجل خفض سن الإقتراع إلى ۱٨ عاماً يدعوكم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني إلى المشاركة الكثيفة في التظاهرة نهار الأحد المقبل في الخامس من شباط وذلك في تمام الساعة الـ ۱٢ ظهراً عند تقاطع النهر - مار مخايل باتجاه المجلس النيابي.
إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
٢٤ كانون الثاني ٢۰۱٧
عمر ديب - الأخبار
يعيش معظم سكان العالم اليوم، وفقاً لآخر الإحصاءات، في المدن والضواحي المنتشرة حولها خاصة في الدول الغنية والمتوسطة الدخل. إلا أن هذا الاكتظاظ السكاني يترافق مع طفرة في وسائل النقل والتدفئة والمصانع ومصادر الانبعاثات الأخرى، ما يؤدي إلى تلوث خطير ومتزايد في المدن الكبيرة مع ما يسببه من أمراض تنفسية وسرطانية
يقاس تلوث الهواء بحسب نسبة تركز ثاني أوكسيد الكبريت (SO2) وثاني أوكسيد النيتروجين (NO2) وغيرها من الغازات والمركبات الكيميائية الموجودة في الهواء، بالإضافة إلى نسبة الجسيمات (particulates) الصغيرة غير المرئية للعين المجردة. وتكمن خطورة المادتين الأوليين في تفاعلاتهما الكيميائية مع جسم الإنسان بحال تنفسهما بكميات مرتفعة مع الهواء. أما الجسيمات فهي تتسلل إلى داخل الرئتين والمجاري التنفسية بسبب صغر حجمها وعدم قدرة دفاعات الجهاز التنفسي الطبيعية على صد طريقها، فتتجمع داخل المجاري الهوائية الدقيقة تدريجياً مما يؤدي إلى تضييقها.
توجد العديد من الملوثات الأخرى والتي يمكن أن تكون أقوى تأثيراً على الإنسان، إلا أن التركيز ينصب بشكل رئيسي على هذه المكونات إلى جانب ثاني أوكسيد الكربون (CO2) بسبب ارتفاع معدلات انتشارها بشكل صاروخي خلال العقود الأخيرة. هذه الانبعاثات لها تأثيرها أيضاً في عملية الاحتباس الحراري، إلا أن البحث هنا يطال فقط التأثيرات الصحية المباشرة الناتجة من تلوث الهواء.
تعتبر عملية الاحتراق الداخلي في المحركات من المصادر الأساسية لهذه المركبات الكيميائية خاصة من محركات الديزل (المازوت). ومع انتشار السيارات ووسائل النقل في المجتمعات الاستهلاكية وذات المدخول المتوسط وما فوق، تتراكم هذه الانبعاثات وتسجل كل عام معدلات أعلى من سابقه، ومعه ترتفع نسب الأمراض.
لندن تدق ناقوس الخطر
التلوث مشكلة مستدامة في عاصمة الضباب التي سجلت مع مطلع العام الحالي أرقاماً قياسية جديدة في نسب تلوث الهواء. فوفقاً لقوانين البيئة الخاصة بالاتحاد الأوروبي وكذلك وفقاً للمعايير البريطانية، يجب أن لا تتخطى نسبة انتشار ثاني أوكسيد النيتروجين 200 ميكروغرام في المتر المكعب 18 مرة سنوياً. ويجرى قياس هذه النسبة وتسجيلها كل ساعة. إلا أن المفاجأة كانت لهذا العام أن إحدى ضواحي جنوب لندن كسرت هذا المعدل 18 مرة في القياسات التي أجريت خلال أول أسبوعين فقط من العام، وهو رقم قياسي جديد على مستوى كل القارة الأوروبية مع بقاء 350 يوماً من التسجيلات التي ستجرى كل ساعة. أن تستنفذ المعدلات السنوية القصوى لقياسات التلوث في أسبوعين هو ناقوس خطر دفع السلطات المعنية إلى الإعلان عن إجراءات بيئية قد تساعد في تخفيض هذه النسب خاصة مع تسجيل 9000 حالة وفيات سنوية في المدينة التي يقطنها 12 مليون مقيم نتيجة أمراض تنفسية ناتجة من التلوث سنوياً، وتسجيل 2000 حالة عند الأطفال الذين نمت رئاتهم إلى أقل من الحجم الطبيعي.
مدن الصين والهند الأكثر تلوثاً
تشهد الصين والهند منذ ثلاثة عقود ثورةً صناعيةً كبيرةً تترافق مع تحسن سريع في الدخل الفردي ونشوء طبقة وسطى يبلغ تعدادها مئات الملايين من البشر الذين يمتلكون سيارات خاصة تجوب الشوارع وتملأ الطرقات ازدحاماً والسماء تلوثاً. ووفق دراسات حديثة تعتبر مدن بكين وشانغهاي ودلهي ومومباي من الأكثر تلوثاً في العالم على كافة المستويات وفي كل أنواع الغازات الملوثة المنتشرة في الهواء. ومن الانعكاسات الواضحة والمباشرة ارتفاع معدلات السرطان الذي أصبح السبب الأول للوفيات في الصين، بالإضافة إلى الأمراض التنفسية الأخرى المسببة للوفاة. وفيما تغلف المدن الأساسية في هاتين الدولتين سحب رمادية سامة بشكل مستمر، تظهر الدراسات أن 1% فقط من سكانها يحصلون على هواء صحي ونظيف بحسب المعايير العالمية المعتمدة. وتصل خطورة هذا الموضوع إلى الحد الذي يمكن اعتباره من أهم العوامل المؤثرة في مستقبل النمو الاقتصادي وفي الاستقرار الاجتماعي أيضاً. تسعى حكومات هذه الدول لمواجهة التفشي السريع للتلوث عبر تخفيض تدريجي في استعمال الفحم الحجري في توليد الكهرباء والديزل في النقل ووضع خطط طموحة لتأمين الكهرباء لمئات ملايين الناس من مصادر متجددة كالماء والشمس والهواء والطاقة النووية، لكنها تبقى على سباق سريع مع الوقت وسط استمرار نهضتها الصناعية والبشرية المولدة للانبعاثات.
عشرات المدن تمنع محركات الديزل
تعتبر محركات الديزل الأكثر تلويثاً بين محركات وسائل النقل التجارية المنتشرة. إلا أن كفاءة هذه المحركات وقوتها وقدرتها على تشغيل وسائل النقل الكبيرة كالباصات والشاحنات تجعلها واسعة الانتشار حتى على مستوى السيارات الصغيرة والمتوسطة. لكن مع الارتفاع الكبير في نسب التلوث ووصول العديد من المدن حول العالم إلى مستويات خطيرة منه، لجأت العشرات من هذه المدن إلى منع استخدام كل محركات الديزل داخل حدودها الإدارية، وهو ما قام به كل من مدينة مكسيكو ومدريد وأثينا وباريس التي تخطط إلى تحقيق هذا الهدف في عام 2025 كحدٍّ أقصى.
لبنان في قلب الأزمة
تكفي خلاصات دراسة الجامعة الأميركية في بيروت عام 2016 التي أظهرت أن نسبة «الديوكسين» المسرطن في الهواء في لبنان، والناتج من حرق النفايات قد ارتفعت 416 ضعفاً عن المعدل المسجل في عام 2014، ليظهر مدى التأثير الخطير الذي ولدته أزمة النفايات في تلوث الهواء في لبنان، وذلك إلى جانب التلوث الموجود الناجم عن الاكتظاظ والازدحام وكثرة السيارات وغياب أي رقابة بيئية موثوقة على وسائل النقل وعلى المصانع. والمشكلة الأبرز في لبنان أن لا دراسات كافية تجرى في هذا المجال كما هو الحال في الدول الأخرى لأسباب قد تكون مرتبطة بالإهمال السائد على كافة المستويات، أو لنية مبيتة لتخبئة الحقائق عن الرأي العام نتيجة سوء الواقع الذي وصلنا إليه. وفي حين تعاني مدن أخرى من ارتفاع معدل ملوث أو مركب كيميائي ما في هوائها، تجتمع في هواء بيروت باقة من الملوثات التي لم يكن ينقصها سوى «الديوكسين» كي تكتمل عائلة السموم الهوائية القاتلة.
ليست الحلول سريعة في معالجة هذه الأزمة لأنها ترتبط أولاً وأخيراً بنمط الحياة المجتمعي والحاجات الاقتصادية والحياتية للناس بشكل عام. إذ لا مناص للدول النامية من التوسع في صناعاتها، ولا قدرة على وقف التقدم الاجتماعي وانتشار وسائل النقل فيها أسوةً بالدول الكبرى الأكثر تلويثاً نسبياً. وهنا يكمن خلاف سياسي حقيقي حول الحلول العالمية أو على مستوى كل دولة. وإن كانت الدول الصاعدة اليوم أصبحت شريكة في تلويث البيئة، إلا أن الدول الغربية قد سبقتها بذلك بمئتي عام تقريباً، وهو ما يعني، بحسب الدول الصاعدة أن على الدول الأكبر تحمل مسؤولياتها أولاً وتخفيف انبعاثاتها بنسب أكبر منها لحين اكتمال نهضتها الصناعية والاجتماعية.
الأمراض التنفسية ليست قدراً لأبناء المدن لكن الحلول الأنسب لن تتحقق إلا بسياسات قائمة على الاستثمار في الخيارات المتاحة في الثورة التكنولوجية الناشئة التي يمكن أن تتوسع في مصادر الطاقة المتجددة حتى تصل خلال بضعة عقود إلى طاقة نظيفة صديقة للطبيعة. سوف تظهر نتائج هذا الرهان التاريخي، إن حصل، بدءاً من طاقة الاندماج النووي الثورية وصولاً إلى تخطي النفط كمصدر الوقود الرئيسي لقطاع النقل وهو رهان مرتبط أيضاً.
حكمت غصن - الأخبار
منذ نحو عام، كشفت دراسة علمية ارتفاع كميات مادة «الديوكسين» المسرطنة بنسبة 416 مرة جراء حرق النفايات. خطر السرطان الذي تسببه هذه المادة يوازيه أيضاً خطر أشد رعباً ظهر في حرب فييتنام، إذ استخدمت الولايات المتحدة الأميركية مبيد أعشاب لتجويع الفييتناميين، تبيّن لاحقاً أنه يحتوي على «الديوكسين»، ما أدّى الى تشوّهات خَلقيّة مرعبة في الولادات الجديدة لا تزال تظهر حتى اليوم.
«الديوكسين»، مصطلح جديد دخل إلى الحياة اليوميّة للمواطنين اللبنانيين من باب البيئة العريض بعد أزمة النفايات المستمرة منذ تموز 2015، فماذا نعرف عن هذه المادة؟
الشائع اليوم لدى القاطنين في البلد أنّ «الديوكسين» مادة مسرطنة تنتج من حرق النفايات التي تحتوي على مادة الكلور تحديداً، كبعض أنواع البلاستيك. إلا أنّ هناك خصائص كيميائية أخرى لهذه المادة قد لا يعرفها الكثيرون وهي على نفس قدر خطورة السرطنة. تعتبر مادة «الديوكسين» مادة ثابتة لا تتفكّك بسهولة، كما أنّها تتراكم في الأجسام الحيّة (Bioaccumulable) ولا سيّما في الخلايا الذهنية. أمّا جرعتها القاتلة، فهي 0.02 ميليغرام في الكيلوغرام عن طريق الفم لدى الفئران، ما يصنّفها ضمن المواد «السامة للغاية» على مقياس «هودج وستيرنر» لفئات السمّية.
منذ نحو عام، كشفت دراسة صادرة في كانون الأوّل 2015، عن وحدة بحثيّة بتعاون بين «الجامعة الأميركيّة في بيروت» و»جامعة سيدة اللويزة» و»جامعة القديس يوسف»، بإشراف الدكتورة نجاة صليبا، أستاذة الكيمياء ورئيسة فريق عمل إدارة النفايات الصلبة في «الأميركيّة»، عن ارتفاع كميات «الديوكسين» بقدر 416 مرّة، وقد نشرت «الأخبار» بعضاً من خلاصات هذه الدراسة تحت عنوان «حرق النفايات: تضاعف المادّة المسرطنة 416 مرّة». لكن في وطن لا تأبه السلطة فيه للبحث العلمي في كل المجالات، ماذا قدّمت لنا هذه الدراسة وماذا أغفلت؟
تناول جزء من الدراسة مسألة ارتفاع نسبة «الديوكسين» في هواء إحدى المناطق السكنيّة القريبة من محرقة عشوائية للنفايات، مقارنة بنسبة «الديوكسين» عام 2014 في إحدى المناطق الصناعية. كانت النتيجة ارتفاعاً كارثياً، 416 مرة. حسب مستويات هذه المادّة في السابق، كانت نسبة 0.1 بالغ أو 0.4 طفل من كل مليون نسمة تتعرّض لهذه الانبعاثات على فترة حياة كاملة يُحتَمل إصابته بمرض السرطان. تعتبر «هذه النسبة مقبولة تبعاً لمعايير وكالة حماية البيئة الأميركيّة التي حددت الحد الأقصى المسموح به لهذه النسبة بـ 1 من كل مليون نسمة. أمّا المستويات الحالية، فتشير إلى ارتفاع هذه النسبة إلى 34 بالغاً و176 طفلاً من كلّ مليون نسمة في المناطق السكنيّة المكتظّة، حيث يتمّ إضرام الحرائق في أكوام النفايات».
.يعدّ «الدّيوكسين» مركّباً «مشوّهاً» وهو العامل المباشر للتشوّهات الخَلقية في فييتنام
ولفتت الدراسة إلى مسألة السرطان وارتباطه بالانبعاثات السامة، حيث إنّه بجمع آثار «الدّيوكسين» ومادة الـ»داي بنزو أنثراسين» (Dibenzoanthracene)، التي ظهرت لأول مرة في الهواء المحيط في لبنان بحسب الدراسة، يرتفع خطر الإصابة بالسرطان في المناطق السكنيّة حيث يتم إحراق النفايات إلى معدل 37 بالغاً و186 طفلاً من كلّ مليون نسمة.
إلّا أنّ ما مرّت عليه الدراسة بخجل، وما غافله الإعلام حينها، مسألة لا تقلّ خطورة عن مرض السرطان، وللحديث عن هذه المسألة، فلنعد بآلة الزمن إلى سبعينيّات القرن الماضي، ونسافر إلى فييتنام.
ما الذي حصل في فييتنام؟ عندما كانت الولايات المتحدة الأميركيّة تمعن في نشر ديموقراطيّتها وإنسانيّتها المعهودة في حرب فييتنام، اشتهر مصطلح يعرف بـ»العامل البرتقاليّ»، وهو مبيد أعشاب اسمه العلمي «2,4,5-T»، استعمله الأميركيّون لإبادة الرّز في فييتنام الشمالية بهدف تجويع الشعب. لكنّ الأفظع هو ما حصل لاحقاً. فقد أدّت هذه الحرب الكيميائيّة إلى تشوّهات خَلقيّة مرعبة في الولادات الجديدة، لا تزال فييتنام تعاني منها حتّى اليوم، وقد شاع حينها أنّ سبب هذه التشوّهات هو المبيد «2,4,5-T». لكن، بعد تطوّر وسائل التحليل الكيميائيّ التي لم تكن قادرة في حينها على كشف حقيقة الأمر، تبيّن أنّ العامل المباشر لهذه المعضلة هو وجود «الديوكسين» مع المبيد بنسبة ضئيلة (25 إلى 30 جزءاً في المليون)، وذلك لأنّه منتج ثانويّ في عمليّة فبركة هذا المبيد، وتبيّن أنّ «الديوكسين» هو مركّب «ماسخ» أو «مشوّه» (Teratogen).
يقدّم لنا هذا المعطى العلمي التاريخي، إضافة إلى الكثير من الدراسات في العالم، دليلاً قاطعاً على احتمال اقتراب كارثة صحيّة واجتماعيّة قد تفتك بالقاطنين في البلد متمثلة بظهور حالات تشوّه خلقيّة لدى الأجيال القادمة، ولا داعي لشرح نتائج كارثة كهذه على صعيد المجتمع.
لذلك لا بدّ من إجراء المزيد من الأبحاث على المستوى الوطني، حيث إن غياب هذه المسألة عن بال الصروح العلميّة لا يثير الاستغراب أكثر ممّا يثير الحسرة والأسف على إهمال البحث العلميّ وتخلّف العلوم في بلادنا، رغم المستوى الأكاديميّ العالي للطلاب الذين ينتهي مصير معظمهم إمّا في بلاد الاغتراب أو في عمل روتينيّ غير منتج. وهنا، لا يمكن تحييد مسؤوليّة السلطة، ليس فقط في الفشل الذريع في الملف المسبّب لما نتحدّث عنه، أي ملف النفايات، بل في أحد الأسباب الأساسيّة لكلّ المشاكل التي نعيشها، وهي غياب دعم البحوث في مختلف القطاعات العلميّة.
ربّما شعر جزء من الشعب بالراحة للتسوية السياسيّة التي حصلت أخيراً في لبنان، وأمعن البعض في نسب هذا «الانتصار» إلى زعيمه أو خطّه السياسيّ. لكن ما يغفله جزء كبير من الشعب، وهذا ليس بمسؤوليّته بالمناسبة، أنّ الكوارث الصحيّة، كما الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة، ستفتك أكثر فأكثر بلبنان، طالما تتّبع هذه السلطة الحلول التي تناسب مصالح مكوّناتها، بعيداً عن أيّ حسّ إنسانيّ وعلميّ. فما هو أمامنا، في ظلّ الذّهاب دائماً إلى معالجة النتائج لا الأسباب، ليس إلّا غيضاً من فيض، وما خفيَ كان أعظم...
منذ أيام تحركت الأجهزة الأمنية عبر مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية لإعتقال الناشط باسل الأمين على خلفية نشره تعليقا" عبر صفحته على فايسبوك أعتبر إهانة للوطن ورموزه، في الوقت الذي تمارس الطبقة الحاكمة كل أشكال التحقير وإهانة الوطن والمواطنين عبر إغراقهم في النفايات والسموم وعبر ممارسة الفساد عدا عن إثارة الفتن والتحريض على من يعارض ممارساتها الرجعية المتخلفة.
إن اعتقال باسل الأمين هو خرق واضح وفاضح للدستور الذي حفظ في مقدمته حق التعبير عن الرأي وحرية المعتقد . كذلك هو خرق لبنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صادق عليه لبنان.
إننا في اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني إذ ندين ممارسات السلطة وأجهزتها الأمنية.
نؤكد تضامننا مع باسل الأمين ونهنئه بإطلاق سراحه، وندعو جميع القوى الوطنية والديمقراطية والمدافعين عن الحريات لتوحيد الصفوف لمواجهة أي حالة مماثلة ومنع تكرارها وتثبيت حرية الرأي والتعبير كما ينص عليه الدستور.