يوم الجمعة الواقع فيه ٢٦ شباط ١٩٩٩، أزهرت بلدة أرنون الجنوبية حقلاً من الورود. بذوره من شبان وشابات (طلبة، عمال، مزارعون ومهنيون وعاطلون عن العمل) طهّروا أياديهم في تراب أرض الجنوب واقتلعوا عند الساعة الواحدة ظهرًا بتوقيت مقاومتهم المدنية المدجّجة بأعدادهم الوافدة من الجامعات والمدارس والمعاهد اللبنانية، ومن مدن وقرى لبنانية على اتساع مساحة الوطن، وبأسلحة هتافاتهم الوطنية، وقبضاتهم المرفوعة، وصدورهم العارية... وبقلب واحد وعزيمة قوية – حاسمة، أمسكوا الشريط المزروع من قبل العدو الصهيوني وأقتلعوه، ليدخلوا في كل اتجاهات البلدة الأسيرة ترافقهم شمس الحرية، دون إستئذان، إلى ربوع أرنون المحرّرة بهاماتهم الشامخة، ويلتحموا مع أشعتها في مشهدية تمثّل ولادة حقل ورودٍ جميل، لجيل يكبر فيه ومعه الوطن ترجمه بألوان مقاومته الوطنية تحقيقاً لحلم شعبنا الصامد المقاوم الذي لم يعرف الكسل ولا المساومة من أجل التحرير...
تحية وطنية إلى جميع أبطال عملية تحرير أرنون.. والتحية الواجبة إليهم ، ليس غرضها سرد مشهدية الرواية على أهميتها الوطنية التاريخية، أو التباهي الشكلي بها... فتاريخ مقاومة شعبنا حافل بذلك. إنما، الغرض منها، إبراز مسألة تتمثل في تجلّي النضال الشبابي والطلابي الديمقراطي في صورته الوطنية الحقيقية، وفي إظهار قدرة الشبيبة والطلبة على حمل القضية الوطنية والدفاع عنها برصّ الصفوف ووحدة العمل والنضال والمقاومة بعيدًا عن الخطابات الطائفية والتفرقة المذهبية التي تحاول القوى السياسية الطائفية فرضها وبناء جدران التفرقة بين الشباب والشعب اللبناني، لمنع ربط التحرير بالتغيير الديمقراطي.