لم يكن يخطر في بال الفتى احمد داوود عبيد، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة (أصم وأبكم) أن رحلته القصيرة من منزله في بلدة العيساوية في القدس المحتلة إلى محل البقالة المجاور لشراء «البوظة» لشقيقته ستتحول إلى قصة رعب وتعذيب واعتقال، حيث باغتته قوات اسرائيلية خاصة، واختطفته من أمام منزله، واقتادته إلى السجن، قبل أن تطلق سراحه المحكمة وتقرر حبسه منزلياً. ووجهت النيابة العسكرية الإسرائيلية للشاب تهمة إلقاء الحجارة، وهو المسجل في تقارير طبية على أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة. واقتيد إلى المحكمة، التي مددت اعتقاله ثلاث مرات على مدار عشرة أيام، وحاولت حبسه 15 يوماً إضافياً على ذمة التحقيق، قبل أن يتمكن محاموه من تغيير القرار. ويقول المحامي نائل فهمي لـ«السفير» إن «ما حصل غريب جداً، فالقوانين الاسرائيلية ترفض فكرة اعتقال المعوق تحت أي ظرف، ولكن حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين تخرق القوانين، وتتغير المعادلات». وأضاف أنه «وفق قوانينها، لا يجوز لإسرائيل اعتقال المعوق اطلاقاً، ومع ذلك اعتقلت احمد عبيد، بل وقام جنودها بضربه وتعذيبه بطريقة همجية». وبعد قرارها الافراج عنه بكفالة، أقرت المحكمة حبس احمد عبيد منزلياً حتى موعد محاكمته في الـ23 من شهر تشرين الأول المقبل، وهو الذي اختطف واعتقل في 27 من آب الماضي. وهددت عائلته بأنه في حال غادر منزله، فإنه «سيعاد إلى السجن فوراً». وبحسب فهمي، فإنه «لا يمكن التنبؤ بنتيجة الحكم، فتهمة إلقاء الحجارة وفق القوانين الاسرائيلية تستوجب عقوبة سجن من ستة أشهر ولغاية 20 عاماً، وهناك ملايين المبررات لزيادة أو تقليل الحكم». أما والد الشاب فروى لـ«السفير» قصة ابنه ويتساءل «كيف يعتقلون فتى معوقاً، وكيف لفتى لا يتكلم ولا يسمع أن يتحمل رعب هجوم المستعربين والقوات الخاصة عليه، ثم ما هو الخطر الذي يشكله على أمن إسرائيل القومي». ويتابع الوالد، وهو الشاهد على الحادثة، أن «إسرائيل خصصت عشرات الجنود والمستعربين، وقد تجاوزوا كافة الخطوط الحمر... ألقوه أرضاً وبدأوا بضربه على رأسه، قبل أن يقيدوه والسلاح موجه إلى رأسه، ويجروه إلى سيارة بطريقة وحشية ومرعبة، وقد ضربوه خلال فترة اقتياده إلى السجن». وتوجه الوالد مباشرة إلى مركز لقوات الاحتلال، ويقول «عرضت عليهم أن يحبسوني بدلاً منه»، ولكنهم رفضوا وأصروا على سجنه برغم تقديم كل الاوراق التي تثبت أنه من ذوي الإعاقة الذهنية. وختم قائلاً إن «اسرائيل حين يتعلق الأمر بفلسطينيين تلغي كل قوانينها، وتتحول إلى دولة إرهاب».