امجد سمحان رام الله : كشفت إسرائيل النقاب عن ثلاثة مشاريع جديدة للاستيلاء على ما تبقى من فلسطين، أولها يتمثل بتطبيق قانون «أملاك الغائبين في القدس»، الذي يهدد بمصادرة آلاف العقارات في المدينة المحتلة، وثانيها القبول بتوصيات لهدم نحو أربعة آلاف منزل في المناطق «ج» في الضفة الغربية بحجة عدم الترخيص، وثالثها المصادقة على ما يسمى «قانون الولاء» الذي يفرض على فلسطينيي العام 1948 الاعتراف بإسرائيل كـ«دولة يهودية ديموقراطية». وقرر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشتاين، أمس، البدء بتنفيذ «قانون أملاك الغائبين في القدس» الذي يتيح لسلطات الاحتلال الاستيلاء على الأراضي والأملاك التي تركها أصحابها، وغادروا إلى ما يسمى «دولة عدوة». وقدم فاينشتاين طلبا للمحكمة الإسرائيلية العليا للسماح للحكومة الإسرائيلية بوضع يدها على ممتلكات الغائبين في المدينة، في خطوة ستقضي على آلاف العقارات في حال وافقت عليها المحكمة. وكان تطبيق القانون قد جمد خلال فترات متقطعة، لكن، بحسب ما يؤكد رئيس دائرة الخرائط في مدينة القدس خليل تفكجي، فقد «تم الاستيلاء على العديد من العقارات في القدس تحت ذريعة غياب ملاكيها، ومنها كرم المفتي، وفندقا (الأمباسادور) و(كليفت)». وكان الكنيست الإسرائيلي قد أقر هذا القانون في العام 1950، وهو يقضي بأن « كل من غاب عن مكان سكنه، وهاجر إما إلى مناطق مجاورة ليست في نطاق إسرائيل (أراضي العام 1967)، أو إلى لبنان أو مصر أو سوريا أو السعودية أو شرقي الأردن أو العراق أو اليمن، يفقد ملكية أملاكه وتتحول تلقائيا لخزينة الدولة». وقال تفكجي إن إعادة العمل بالقانون يعني أنّ إسرائيل «ستشارك الفلسطينيين في 13 في المئة من مساحة ما بقي من القدس، فهي تسيطر حاليا على 87 من المدينة، وعمليا سيؤدي تطبيق القانون من جديد إلى مصادرة نحو نصف ما بقي من أملاك أي مقدسي يعيش في الضفة الغربية أو خارج فلسطين المحتلة». وأضاف انّ «القانون يحمل بعدا خطيرا آخر، وهو قطع الشك باليقين حول استحالة أن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، فضم مدينة القدس إلى نطاق صلاحيات القانون يعني تحويلها رسميا وبصورة واضحة إلى أرض يهودية، وفق التعريف الإسرائيلي، تماما كما هي حال حيفا وعكا والرملة واللد». في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن القضاء الإسرائيلي طالب جيش الاحتلال بتكثيف هدم البيوت الفلسطينية في المناطق «ج» الواقعة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية بحجة البناء غير المرخص، مشيرة إلى أن جمعية يمينية يهودية طالبت المحكمة الإسرائيلية بإرغام الجيش على هدم منازل الفلسطينيين في هذه المنطقة كخطوة توازي في الأساس قرار حكومة بنيامين نتنياهو تجميد بناء المستوطنات لمدة عشرة أشهر. وكان تقرير صادر عن وكالة الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية قد أوضح في وقت سابق أن قرابة أربعة آلاف من منازل الفلسطينيين في المنطقة «ج»، التي تسيطر عليها إسرائيل ضمن اتفاق أوسلو (1994)، مهددة بالهدم، علماً بأنّ مساحة هذه المنطقة تشكل نسبة 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية. وبعد ساعات قليلة من القرار الإسرائيلي، هدمت جرافات الاحتلال منشآت في منطقة الأغوار شمال الضفة الغربية. وذكر شهود عيان من منطقة الفارسية في منطقة طوباس في شمال الضفة لـ«السفير»، ان جرافات إسرائيلية داهمت منطقة للرعاة صباح أمس وهدمت ما يزيد على 65 منشأة معظمها خيام للبدو الذين يعيشون في المنطقة منذ أكثر من 50 عاما. وفي موازاة ذلك، أرجأت الحكومة الإسرائيلية المصادقة على قانون «المواطنة والولاء» لجلستها الأسبوعية المقبلة. ويقضي هذا القانون بتضييق شروط منح الإقامة في إسرائيل لأي أسرة، يكون أحد الزوجين فيها فلسطينيا والآخر إسرائيليا. وأوضحت المحامية سوسن زهر، من «المركز القانوني لحقوق الفلسطينيين في إسرائيل» («عدالة») لـ«السفير»، أن هذا القانون «يحرم ما يقارب 25 ألف عائلة فلسطينية من لم الشمل، لأن احد الزوجين فيها فلسطيني». وأضافت أنّ القانون «يطلب من كل شخص يريد المواطنة أن يؤدي قسم الولاء لإسرائيل كدولة صهيونية يهودية ديموقراطية»، مشيرة إلى أن القانون»من أكثر القوانين عنصرية في التاريخ، وهو يستهدف شريحة العرب بالتحديد، ومفاده أن لا مزيد من حق المواطنة للعرب داخل إسرائيل على أن يتم ترحيل أكبر عدد يتواجد منهم بداخلها». ولفتت زهر إلى أن بندا في هذا القانون، الذي سيحظى بالمصادقة رغم الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية، يخص الفلسطينيين في شرقي القدس ومفاده أن «أي شخص فقد حق الإقامة وما زال يعيش في إسرائيل عليه أن يغادر إلى خارجها، وعلى أن يحصل على موافقة وزير الداخلية في حال أراد ألعودة إليها والحصول على الإقامة فيها»، موضحة أنّ 93 ألف فلسطيني في القدس يقيمون حاليا فيها بدون إقامة. ووفق زهر فإن القانون يشمل أيضا العرب البدو في منطقة النقب، حيث يقضي بـ«حرمان كل طفل لأب متزوج بأكثر من امرأة من حق الإقامة»، باعتبار أنّ القانون الإسرائيلي يحظر الزواج بامرأتين، وهو يعاقب الأبناء على أخطاء الآباء، لا سيما أن المستهدفين في هذه الحالة هم العرب البدو، حيث يظهر وجود تعدد الزوجات بين صفوفهم بنسبة 36 في المئة. في غضون ذلك، كشف المحامي الفسلطيني قيس ناصر، خلال مؤتمر نظمته «الهيئة الإسلامية المسيحية للدفاع عن المقدسات» في رام الله، عن خطة إسرائيلية لإقامة أبنية ومنشآت أخرى في جنوبي المسجد الأقصى، محذراً من أنّ هذه الخطة ستغير معالم المنطقة. وأوضح ناصر أنّ «هذا المخطط عرض في جلسة (بلدية القدس) يوم 27 من الشهر الماضي، ويهدف بالأساس الى إقامة مبان عدة في ساحة البراق، وتكثيف الوجود اليهودي في منطقة الحرم القدسي»، مشيراً إلى أنّ الحديث يدور عن ثلاثة أبنية، هي «بيت الجوهرة»، الذي سيقام على مساحة ثلاثة آلاف متر مربع، كمتحف للديانة اليهودية، و«بيت التوراة» و«مركز دافيدسون»، إضافة الى مخطط لإقامة مرأب للسيارات. من جهته، حذر مفتى القدس الشيخ محمد حسين من محاولات مستوطنين يهود دخول ساحات المسجد الأقصى، لافتاً إلى أنّ «هناك معلومات عن دعوات أطلقتها الجماعات المتطرفة لتنظيم مسيرات باتجاه المسجد الأقصى في ذكرى خراب الهيكل المزعوم (هيكل سليمان)»، محملاً الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن كل ما ينتج عن هذه الاستفزازات».