الاحتلال يسلب الفلسطينيين ما تبقى من مياه

امجد سمحان- رام الله : ظل ملف المياه عالقا بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ توقيع اتفاق أوسلو قبل 16 عاما، وبقي أربعة ملايين فلسطيني يعيشون على نحو 10 في المئة فقط من المستحقات المائية الفلسطينية، فيما تذهب البقية لإسرائيل التي قلصت خلال الأسبوع الماضي، نسبة المياه لأربع قرى فلسطينية في نابلس إلى النصف، لتضاعف معاناتهم في ظل الجنون المناخي في فلسطين، حيث سجلت درجات الحرارة رقماً قياسيا في مدن مثل رام الله والقدس، حيث قاربت 45 درجة مئوية. وفي مدينة نابلس، في شمال الضفة الغربية، قلصت إسرائيل المياه المزودة لقرى روجيب وعزموط وسالم ودير الحطب من خمسة آلاف متر مكعب شهريا إلى ما يقارب 2500 من دون سابق إنذار، تاركة 16 ألف فلسطيني في القرى المذكورة يواجهون حر الصيف بنسبة خمسة أمتار مكعبة للفرد يوميا لكافة الاحتياجات. وقالت المواطنة أم محمد من قرية روجيب لـ«السفير» إن المياه مقطوعة في القرية منذ أسبوعين، وأن هناك أزمة كبيرة لدى السكان، خصوصا في المناطق العليا، مشيرة إلى أن الأهالي «يشترون المياه بصهاريج بتكلفة 30 دولارا للصهريج، وتستخدم للأغراض المنزلية، فيما يتم شراء مياه الشرب بشكل منفصل». من جهته، أكد رئيس المجلس القروي في روجيب أحمد عبد الله دويكات لـ«لسفير» إنّ «هناك أزمة مياه خانقة جدا، وهي تنعكس على القرى المجاورة. وأضاف «نحن نعاني جدا من نقص المياه في ظل الحرارة المرتفعة واعتمادنا بشكل كبير على الزراعة وتربية الحيوانات التي تكاد تموت عطشا وحتى الآن، ليس لدينا أي حل، ونحن مقتنعون بان إسرائيل فضلت المستوطنين علينا في ظل الحر». بدوره، قال رئيس سلطة المياه الفلسطينية شداد العتيلي لـ«السفير» إن السلطة تقدمت باحتجاج لدى الجانب الإسرائيلي على نسبة التقليص السابقة، والتي تشمل مئات القرى الفلسطينية الأخرى التي تتزود بالمياه من خطوط المستوطنات بحسب اتفاق أوسلو. وشدد العتيلي على أنّ «الأزمة لا تشمل القرى الأربع، وإنما مئات القرى الأخرى في الضفة الغربية»، لافتاً إلى أنّ «إسرائيل تعمل على تخفيض كميات المياه التي تخصص للقرى وتحولها لصالح المستوطنين في نهاية الأسبوع، وتعود لاحقا وتعوض الفلسطينيين عنها، لكن هذا لا يحل أزمة بل يفاقمها، في ظل تزويد المياه في غير وقت الحاجة». ويؤكد العتيلي أن أزمة المياه القائمة تهدد الفلسطينيين بشكل كبير وتنذر بحالة عطش غير مسبوقة في الأراضي الفلسطينية، موضحا أن الخلل يعود لتنصل إسرائيل من الاتفاقات السابقة وعدم سماحها للفلسطينيين بتطوير موارد المياه. وتبلغ كمية المياه النقية المتجددة المتوفرة في إسرائيل والأراضي المحتلة سنويا نحو 2600 مليون متر مكعّب، نصفها يجب أن يورد للفلسطينيين، لكن إسرائيل تأخذ نحو 90 في المئة منها، وتبيع السلطة الوطنية نحو 5 في المئة من الكمية المتبقية، فيما تسيطر الأخيرة على 5 في المئة فقط من الموارد المائية. وأشار العتيلي إلى أن السلطة الفلسطينية توصلت إلى اتفاق مع إسرائيل في العام 1995 يتم بموجبه تزويد الأراضي الفلسطينية بـ150 مليون متر مكعب سنويا، على أن تستحدث السلطة آبارا للمياه تزودها بنحو 80 مليون متر مكعب إضافية، لكنه أوضح أنّ «إسرائيل تنصلت من الاتفاق. وفي ضوء زيادة عدد السكان، وجفاف الينابيع، فإن الحصة المائية للفلسطينيين حاليا تبلغ 150 مليون متر مكعب وهي أقل بكثير مما تم الاتفاق عليه». ولفت العتيلي إلى أن إسرائيل تضع العراقيل أمام بناء بنى تحتية جديدة لمياه السلطة الفلسطينية، أو تطوير شبكات المياه الحالية المهترئة، ليحظى الفرد الإسرائيلي بـ400 لتر في اليوم، في مقابل 60 لترا للفرد الفلسطيني. يذكر أنّ إسرائيل استولت على غالبية الآبار الارتوازية الموجودة في الضفة، والتي يبلغ عددها نحو 350، فيما ضم جدار الفصل العنصري حوالي أربعين من الآبار الأخرى التي عثر عليها. وحظرت إسرائيل أيضاً على الفلسطينيين الاستفادة من مياه البحر الميت، ومياه نهر الأردن والحوضين الغربي والشمالي الشرقي. وفي قطاع غزة تبدو الصورة أكثر قسوة، وفق العتيلي، لاسيما أن نسبة الجفاف والملوحة بلغت مستويات قياسية، كما أن المياه الجوفية أصبحت بالكامل ملوثة وغير صالحة للشرب، بسبب تسرب مياه الصرف الصحي، إلى جانب التلوث الناجم عن الحرب الأخيرة.    

آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة