الشباب الديموقراطي «لإعادة النظر بالضرائب وهيكلية الضمان»ـ

السفير: يقف الحاج أبو زكور القادم من جرود الضنية إلى طرابلس بقبعته البيضاء، إلى جانب المعتصمين من اتحاد الشباب الديموقراطي أمام مالية طرابلس... يحدّق الرجل الثمانيني في وجوه الصبايا والشباب، يقرأ اللافتات، يستمع إلى الأغاني الثورية... ويجول في المكان شأنه في ذلك شأن كثير من رجال قوى الأمن الداخلي الذين حرصوا على تطويق الاعتصام الذي تمحور هذا الأسبوع حول الضمان الاجتماعي.

يسأل الحاج أبو زكور الشاب معروف مولود، أحد الناشطين في اتحاد الشباب الديموقراطي، «شو عم تعملوا يا إبني؟» يجيب معروف: «هيدا اعتصام يا عم... للاحتجاج على الغلاء عموما، وعلى ارتفاع أسعار البنزين، وعلى السياسة الضريبية للدولة»... يضحك أبو زكور ويسارع الى القول: «شو مفكرين إنو لح يطلع منكم شي، أو لح تقدروا تغيروا شي؟».. فيجيب معروف بجدية: «نحنا عم نعمل واجباتنا وعم نعبر عن وجعنا»... ويرد الحاج أبو زكور بلهجته الضناوية: «ياما اعتصمنا زمان، وياما تحركنا.. وياما عملنا مظاهرات علشان رغيف الخبز، وما كان في شي عم يتغير.. الدولة بدها تعمل يلي بدا ياه... بترفع سعر البنزين ألف ليرة، وبتضحك علينا وبتنزل السعر مئة ليرة، وبترجع بترفعوا 500 ليرة وبتنزلوا 50 ليرة، وما حدا قادر يعمل شي، هيك الدولة يا عمي ما بتجيب المصاري إلا من جيوب الناس»... ينتهي الحوار عند هذا الحد... يتجمع الشباب وترتفع أصوات الأغاني، وينشغل المعتصمون برفع اللافتات وفيها: «أنت بخطر... المعاش 550 ما بيكفي يعبي بنزين».. «أنت بخطر... كرمال الخزينة أكتر من مليوني لبناني نازلين تحت خط الفقر».. «أنت بخطر سقف الضمان الاجتماعي مخروق»... «نعم.. لضمان الطبابة المحترمة لكل اللبنانيين».. نعم لضمان يستفيد منه المسنون والعاطلون من العمل». الحاج أبو زكور لم يغادر.. رغم أنه همّ بالمغادرة أكثر من مرة، وابتعد أمتارا عدة عن المعتصمين، لكن الحنين إلى النضال والتحركات الشبابية سرعان ما كان يعيده إلى أمام مبنى المالية، ليجد نفسه متضامنا مع الشباب ومستعيدا بعضا من حيوية أضاعتها سنوات العمر، «يا عمي والله معكم حق.. الحالة ما عادت تنطاق».. يقول الحاج أبو زكور، وقد اتخذ قرارا بالمشاركة في الاعتصام.. طالبا من المنظمين إعطاءه لافتة، سارع إلى حملها وتقدم المعتصمين ليشكل علامة فارقة في اعتصام طرابلس لاتحاد الشباب الديموقراطي. وتخلل الاعتصام توزيع قصاصات على السيارات تطالب بإعادة النظر بكل السياسات الضريبية التي اتخذتها الدولة خلال السنوات الماضية، وتدعو إلى إعادة هيكلة الضمان الاجتماعي، فضلا عن توزيع رسومات كاريكاتورية مختلفة. وألقى فرج حنا كلمة باسم المعتصمين قال فيها: «من دون أي مقدمات، أنت بخطر، الحالة الاقتصادية في انهيار، والوضع المعيشي تخطى الحدود الحمراء، ووحش الغلاء يشق طريقه بكل نجاح ساحقا المداخيل المحدودة المتهاوية، بفعل الضرائب، باختصار واقعنا مترد، حياتنا قلقة، مستقبلنا مهدد، نحن بخطر».. «ثلاثون في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر بأقل من اربعة دولارات يوميا، 52 في المئة من الأسر اللبنانية لا تكفيها مداخيلها الشهرية لتغطية احتياجاتها الاستهلاكية، 31 في المئة من المقيمين في لبنان يعانون أوجه حرمان مختلفة ولا سيما خارج المدن، 0.05 في المئة من السكان يستأثرون بأكثر من 34 مليار دولار من الودائع المصرفية، 90 في المئة من الضرائب والرسوم تستعمل في تمويل الفوائد التي يستفيد منها الأثرياء، هذه هي أرقامكم أنتم، الظاهرة في دراساتكم أنتم، وهذه النسب المئوية هي نحن، هي معاناتنا اليومية من سياساتكم من محاصصاتكم من سرقاتكم وهدركم اليومي للمال العام»، وفق الشعارات نفسها. وانتقد حنا فرض رسوم جديدة على البنزين، لافتا إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور أدى إلى ارتفاع الأقساط المدرسية، وأسعار المنازل، وأسعار السلع، وبلغ الوضع المالي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الخط الأحمر، وبدأت إدارة الضمان تتصرف بمدخرات اللبنانيين وبحقهم في تعويض نهاية الخدمة من أجل تغطية عجز متراكم. وطالب حنا باسم المعتصمين إلغاء الضرائب والرسوم على البنزين من دون مساومة ومن دون مراوغة، وبخفض الدين العام من ثروات المسؤولين التي تراكمت خلال 18 عاما من مشاريع إعادة الإعمار الوهمية، وبوقف الاحتكارات والوكالات الحصرية التي تسيطر على 67 في المئة من السوق اللبنانية، مشددا على ضرورة وضع خطة لتغيير هيكلية الضمان ولمعالجة واقع الطبابة والصحة في كل لبنان كخدمة عامة من واجب الدولة تأمينها مقابل الضراب التي تجبيها. ويأتي اعتصام طرابلس بين أربعة اعتصامات نظمها الاتحاد في بيروت طرابلس وعاليه وصيدا بشعارات موحدة أمام مراكز وزارة المالية ومكاتبها. وكان موضوع الاعتصام لهذا الاسبوع متمحوراً حول الضمان الاجتماعي الرازح تحت عجز مالي كبير ولا يؤمن التقديمات الكافية والضرورية للعاملين والمتقاعدين والعاطلين من العمل ما مع يرافق ذلك من هدر وفساد، وكذلك حول السياسة المالية والضريبية للدولة عامة، التي تهمل حقوق المواطن في الطبابة والاستشفاء وتتقاعس عن تفعيل وتمويل شبكات الرعاية الاجتماعية العامة وعلى رأسها الضمان الاجتماعي. 29/3/2010
آخر تعديل على Wednesday, 08 February 2012 09:40

الأكثر قراءة