الرغيف لا يزال مسلوباً

الأخبار:

اتحاد الشباب الديموقراطي يواجه زيادة سعر الخبز:

أصبح عدد أرغفة الخبز في الربطة الواحدة ثمانية، بعدما كان تسعة أرغفة، والرغيف الذي سُلب من المواطنين بقرار من وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي، لا يزال مسلوباً، على الرغم من أن الصفدي كان قد أعلن أنه سيعيد وزن الربطة وسعرها إلى ما كانا عليه خلال أسبوع! هذا السلوك المعادي للفقراء استدعى المزيد من المواقف، واعتصاماً ثانياً لاتحاد الشباب الديموقراطي

رشا أبو زكي احتجاجاً على ذلك، نفّذ اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني اعتصامه الثاني على مقربة من وزارة الاقتصاد والتجارة، وتساءل شبابه عبر شعاراتهم «بدنا نشبع من الرغيف... نزل وزنو ليش وكيف؟»، فيما لم تغيّر النقابات والاتحادات العمالية آلية اعتراضاتها، أي عبر البيانات والتصريحات، فالاتحاد العمالي الذي غاب عن الشارع طويلاً، يتوعد الحكومة والوزارة بتحركات قد تصل إلى الإضراب العام إن لم يلتزم الصفدي قرار التراجع عن قرار زيادة سعر الخبز، فيما يطالب السائقون بعقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء لبحث موضوع الرغيف، ومواضيع مطلبية أخرى... 11 يوماً مرت على إصدار وزير الاقتصاد والتجارة قراره الشهير برفع سعر ربطة الخبز 161 ليرة، عبر إنقاصها رغيفاً، والشهرة التي اكتسبها البيان المذكور تعود إلى صياغته، التي اتسمت بتحوير الحقيقة وغش الرأي العام، إذ صدر بيان مقتضب جداً جاء فيه أنّ «وزير الاقتصاد والتجارة أبقى سعر ربطة الخبز بـ1500 ليرة لبنانية كحد أقصى، وحدّد وزنها بـ 1000 غرام كحد أدنى»، من دون أن يعلن أنه خفض وزنها عبر هذا القرار من 1120 غراماً إلى 1000 غرام، وكذلك تعود شهرة هذا القرار المشؤوم إلى ظروف إصداره بموافقة مجلس الوزراء في جلسة كانت تبحث في موضوع شهود الزور، إذ مرّ القرار بالتهريب من دون نقاش أو سؤال... إلا أنه بعد يومين من هذا القرار، نقل رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن عن الصفدي أن الأخير أكد أنّ لديه آلية لإعادة وزن الربطة وسعرها إلى ما كانا عليه خلال أسبوع... ومر الأسبوع ولا يزال الرغيف النحيف السيّئ النوعية مسلوباً من ربطة الخبز!

دفاعاً عن الرغيف

وعلى مرمى حجر من وزارة الاقتصاد، التي تشغل مكاتب فاخرة في مبنى اللعازارية، تجمّع حشد من الشباب والمواطنين تحت شعار «دفاعاً عن الرغيف المسلوب»، رغيف ملتصق بالعلم اللبناني يلوح بين المعتصمين، والشعارات التي يرددها الشباب لا تنتهي، ومنها «غلو الخبز وغلو الزيت... حتى بعنا عفش البيت»، و«هذه شروط البنك الدولي: جوع وذل وغلا أسعار»، و«ارفع سعر الخبز وعلّي... بكرا الثورة تشيل ما تخلّي»... وفي موقع الاعتصام لا وجود للنقابات العمالية، ولا للاتحادات النقابية، ورغم تواصل المعتصمين مع رؤساء عدد من النقابات والاتحادات، فإن الرفض كان واضحاً في عدم المشاركة، ربما في انتظار إشارة سياسية من الأحزاب التي تمسك بخناقها! وباسم المعتصمين، ألقت منى عوالي كلمة أشارت فيها إلى أن «أكثر من أسبوع مر على رفع سعر ربطة الخبز، وسلب رغيف منها، ولا يزال القرار من دون أية مراجعة، لا يزال وزير الاقتصاد محمد الصفدي يصمّ أذنيه عن سماع صرخات الأطفال والفقراء، ماذا بقي لنا أيها الملياردير غير رغيفنا؟ المدراس والطعام والبنزين والمياه والكهرباء والمستشفيات، كلها خدمات محرومون منها، وإن تنعّمنا ببعضها فبأسعار غالية لا تطاق». وتساءلت «ماذا بقي لنا غير رغيفنا لتسلبنا إياه؟ وتعود لتقول «إنها فقط 161 ليرة»، وتتلون الشاشات بأصحاب المطاحن والأفران ليقولوا «إنها فقط 161 ليرة»، لا، إنها رغيف، إنها حق، إنها مادة أساسية يأكلها الفقراء وذوو الدخل المحدود «حاف» في عز «الطفر» ...». واللوم طاول «القوى السياسية والحزبية بلا أي استثناء، التي تتأبط الصمت موقفاً، كلهم تبرّأوا من فقرائهم، كلهم تبرأوا من قواعدهم الشعبية، فرفع سعر الخبز سيفيد الأزلام، هؤلاء الذين يسيطرون على كارتيل المطاحن والأفران ...». مشيرةً الى أنه «لو كانت عملية السطو التي حصلت على رغيفنا تفيدكم سياسياً، لكان قد نزل الآلاف الى الشوارع، لكانت المنابر تغص بوجوهكم البشعة، لكانت ملامح الحزن الكاذب ترسم وجوهكم، وعبارات الشفقة على المواطنين تملأ أفواهكم، إلا أن الرغيف لن يحرك غرائز طائفية ولا مذهبية لدى أتباعكم، فالتزمتم الصمت، وهم التزموا». وتوجّهت عوالي الى «الحكومة بكل تلاوينها، وإلى وزير الاقتصاد بكل ملياراته، إننا نحن الخارجين عن التبعية والانصياع لن نسكت، سنملأ الشوارع ضجيجاً، وعلى قلة أعدادنا سنؤرّق أيامكم، حتى نستعيد هذا الرغيف». وبالطبع، في ظل شبه انعدام مشاركة المعنيّين في الاعتصام، وجّهت عوالي كلامها إلى المواطنين، وقالت «آن لكم أن تستفيقوا من غيبوبتكم، آن لكم أن تعرفوا من هو العدو، واعلموا أنّ السماح بسرقة هذا الرغيف، سيكون بطاقة سماح ليسرقوا ما بقي لكم من حياة».

العمالي: نحو التحرك

وإن كان غصن قد برر عدم مشاركة الاتحاد العمالي العام في الاعتصام بـ«حادث سيارة»، فقد أشار إلى «الأخبار» إلى أنه سيطلب من الصفدي توضيح الإجراءات التي سيقوم بها غداً (اليوم)، وعلى ضوئها سيدعو الى عقد مجلس تنفيذي لتقرير الخطوات التي سيقوم بها الاتحاد، مشيراً إلى أن الحكومة مشغولة بأمور ليست من أولويات الناس، وذلك على أبواب بدء موسم المدارس وارتفاع الأقساط، ومع بداية الشتاء وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وفلتان الأسعار من دون أي رقابة، «كأن الحكومة غير مبالية». ولفت غصن الى أنه سيرى اليوم إن كان الصفدي يتهرب مما صرّح به منذ حوالى أسبوع بأنه سيعيد النظر في قراره، «إذ إنّه قال لي إنّ لديه خطة لإعادة الوزن والسعر إلى ما كانا عليه، وقد مر أسبوع ولم يتراجع عن قراره»، «فإما أنّ الوزير ليس مسؤولاً عن مواقفه، وبالتالي لا يقوم بدوره، أو هو متواطىء في هذه العملية مع مجموعة الاحتكاريين من كارتيل المطاحن والأفران». وأشار غصن الى أن المجلس التنفيذي للاتحاد كان قد علّق إضراباً عاماً في السابق، إلا أنه سيبحث العودة الى الإضراب، وإلى دعوة جميع النقابات والعمال إلى التحرك بكل الأشكال التي يكفلها الدستور.

السائقون... غاضبون!

ورئيس اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية للنقل البري في لبنان عبد الأمير نجدة، رفض المشاركة في اعتصام الرغيف كذلك، إلا أنه استتبع تصريحه ببيان ينتقد فيه قرار رفع سعر رابطة الخبز، مطالباً رئيس الاتحاد العمالي العام بدعوة الاتحاد الى اجتماع طارئ، وإلى الدفاع عن حقوق العمال والفئات الشعبية. وتساءل لماذا «لا يعقد مجلس الوزراء جلسة خاصة لبحث مطالب العمال والغلاء المستشري وقضية الكتاب المدرسي وصرخة أولياء الطلاب من الأقساط المدرسية المرتفعة». ودعا إلى أوسع «تحرك شعبي من جميع الفئات الشعبية».

161 ليرة

هي القيمة التي زادها وزير الاقتصاد على كل ربطة الخبز، عبر خفضه وزنها من 1120 غراماً إلى 1000 غرام، وذلك بعدما دعم أصحاب المطاحن خلال شهر كامل بطحين زهيد السعر بحجة ارتفاع الأسعار العالمية.

حماية الاحتكارات

أشار رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن (الصورة) إلى أن وزير الاقتصاد السابق سامي حداد أطاح بقرار منه مرسوماً يحدد سقف الأرباح، وباستطاعة وزير الاقتصاد الحالي أن يعيد العمل بهذا المرسوم لوقف جشع أصحاب المطاحن والأفران. ولفت إلى وجود مجلس وطني للأسعار، إلا أنه معطل، ويرأسه وزير الاقتصاد، لافتاً إلى أن تبرير خفض سعر ربطة الخبز بأنه من مفاعيل «الاقتصاد الحر» يُعَدّ واهياً، إذ إن هذا النمط الاقتصادي لا يعطي الحق للتجار بالجشع، ولا يجعل المواطنين جمعية خيرية، ومن واجبات الوزير أن يوقف المطاحن والأفران عن ابتزاز الناس، إضافة إلى وقفه الاحتكارات الممنوعة وفق الاقتصاد الحر نفسه الذي يتسلح الوزير بتطبيقه.

عدد الخميس ٣٠ أيلول ٢٠١٠ | شارك

آخر تعديل على Wednesday, 08 February 2012 09:11

الأكثر قراءة