هكذا يجيب مسؤولو منظمات شبابية عن التحركات المعيشية: السياسة أولاً والالتزام بالقرارات الحزبية ثانياً.. والوقت غير مناسب! ـ

السفير: حياة الحريري25/01/2011 مرة أخرى، يقف مسؤولو المنظمات الشبابية في الأحزاب اللبنانية على مفترق، في ما يخص دورهم وفاعليتهم واستقلاليتهم في بعض القضايا التي ترتبط مباشرة بحياتهم. لم يكن النقاش معهم حول حكومة «الوحدة الوطنية»، أو حكومة ما يسمى المعارضة أو ما يسمى الموالاة. ولم يكن النقاش يهدف إلى مهاجمة هذا الزعيم أو ذاك، أو إلى المجابهة بالولاء للحزب أو الطائفة أو الوطن. لم تحضر السياسة بشكل مباشر، فالقضية هنا هي قضية شعب حكم على نفسه بمعاناة اقتصادية واجتماعية دائمة عبر إنتاجه في كل استحقاق انتخابي الطبقة السياسية نفسها التي ساهمت بشكل أو بآخر، أكانت موالية أو معارضة، بالوضع الاقتصادي الذي وصلنا إليه اليوم. العنوان إذا: تحرك شعبي للدفاع عن لقمة العيش. الزمان: 30 كانون الثاني 2011. هي مسيرة دعا إليها «اتحاد الشباب الديموقراطي»، رفضا للغلاء المعيشي والفساد والبطالة والفقر والضرائب. حاور ملحق «شباب السفير» بعض ممثلي المنظمات الشبابية حول مشاركتهم في هذه التظاهرة أو ما يشبهها من حيث العنوان، باعتبار أن هؤلاء الشباب سيختلفون ربما في مقاربتهم للأمور عن أحزابهم، وسيتخذون المبادرة لإعادة تصويب المشكلة الحقيقة التي تمس حيواتنا بالدرجة الأولى، وهي الأحوال المعيشية والوضع الاقتصادي. لكن هذه الآراء كانت نسخة عن منطق مسؤولي أحزابهم، في اللغة التحريضية حينا وفي الهروب من المسؤولية أحياناً، فيما امتنع «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» عن المشاركة في النقاش، رغم ملاحقة «الملحق» المتكررة لممثلي المنظمات الشبابية فيهما. كذلك لم يشارك «تيار المستقبل»، نظرا للعجز عن بلوغ مسؤول الشباب فيه. «أمل»: ندعم.. ولكن «يؤيد» رئيس دائرة المنظمات الشبابية في «حركة أمل» حسان أشمر، «أي تحرك مطلبي». يؤيد، لكنه لن يشارك في مسيرة «تحرّك». لازمة التأييد هذه، يعزوها إلى أن منظمة الشباب في «حركة أمل» لا تقوم بأي تحرّك إلا ضمن إطار المنظمات الشبابية. «نبحث مع المنظمات الشبابية التي تشكل أغلبية الأحزاب، وإذا تم التوافق على تحرك ما، عندها نقوم به». وعند تذكير أشمر بأحقية المناسبة، وبأنها لا تحتاج ربما إلى دعوة رسمية، وبأنها تمسّ كل الناس، بمن فيهم قواعد الحركة، يؤيد كذلك، ويؤكّد على أحقية المناسبة، ولكنه يعود ليتهرب أو يبرر عدم المشاركة، بأن «الموضوع لم يطرح في اجتماعات المنظمات الشبابية على الرغم من أن «اتحاد الشباب الديموقراطي» و«الحزب الشيوعي» يشاركان فيها». هذا في الإطار العام، يقول أشمر. أما السبب الرئيسي، بحسبه، فهو «أن منظمة الشباب في حركة «أمل» تنضوي تحت تنظيم الحزب، وبالتالي لا نمثل قطاعات عمالية». ولكن، أين دور الحركة في القضايا المعيشية؟ «نحن نلبي ما تدعو إليه القطاعات العمالية»! إذاً، يكتفي الشباب في «حركة أمل» بتأييد المطالب والتحركات.. لا يتعدّون الخط الذي رسم لهم، ولا يتجاوزون «المهام»، إذ في الحركة مكتب عمالي يهتم بالقضايا المطلبية، والشباب يقتصر دورهم على التأييد، فقط! ماذا عن شباب الحركة؟ يرفض أشمر مشاركة مؤيدي الحركة وقواعدها في التظاهرة، أو «أي تظاهرة إذا لم تتم دعوتهم إليها». وهنا، يحمّل أشمر أي مشارك من الحركة مسؤولية أي خلل يمكن أن ينتج عن هذه المشاركة. «الاشتراكي»: نشارك.. لا نشارك لا يعلم مسؤول «منظمة الشباب الديموقراطي» ريان الأشقر تفاصيل التحرك لسفره في الفترة الأخيرة. لا يعلم، ولكنه يؤكد «أن من واجب «منظمة الشباب الديموقراطي» المشاركة في أي تظاهرة لها عنوان مطلبي»، معتبرا «أن هذه الأمور هي من أدبياتنا وتاريخنا، وأحد أهم أهداف كمال جنبلاط هو أن يعلو صوت الشباب في المطالبة بحقوقه». حماسة، ولكن.. يعود الوضع السياسي الراهن إلى الواجهة. «في هذا الوضع الدقيق، هناك هاجس موجود عند كل الشباب، من ضمنهم «اتحاد الشباب الديموقراطي» أن يتحول هذا التحرك إلى تظاهرة سياسية». القرار لم يحسم بعد عند الأشقر: «سوف نتأنى قبل المشاركة في أي تحرك يتحول إلى عنوان سياسي. هل عندما يحين موعد التظاهرة ستكون قد شكلت حكومة جديدة، أم لا؟ هل ستكون التظاهرة موجّهة إلى الحكومة الجديدة أم المستقيلة؟». وعندما نلفت انتباه الأشقر إلى أن التظاهرة موجهة إلى كل الطبقة الحاكمة، من كل الأطياف، والتي شاركت في الحكومات المتعاقبة، يؤكد أنه «لا يدعو إلى تأجيل التظاهرة، ولكن بسبب وجود أزمة سياسية كبيرة جدا، يجب أن نتأنى في المشاركة في أي تظاهرة قد تأخذ طابعا سياسيا ومن ثم نطالب بقضايانا المحقة».  القوات: كذبة.. مشبوهة لا مجال لفصل السياسة عن الاقتصاد عند رئيس «مصلحة الطلاب» في «القوات اللبنانية» شربل عيد. بحماسة واثقة، يجزم أنه لا يوجد في لبنان حركات عمالية ومطلبية، بل جماعة تحاول أن توجه رسائل سياسية». عند عيد، لا يعني هذا الأمر «أننا نتحسس من هذه الأمور»، لكن عيد لا يستطيع أن يتجاوز 7 أيار. «كانت شرارة 7 أيار التحركات المطلبية، ولم نر أي حركات مطلبية، بل رأينا السوري القومي يعلق صور بشار الأسد». معادلة «لا تقبل النقاش»، يطرحها عيد: «إن أكبر فرصة نعطيها للبنانيين تكون في أن نخلق مناخا لجلب الاستثمارات والفرص». ومرة أخرى يجد عيد في المناسبة منبرا للمناكفات السياسية. «لكي تحصل هذه الاستثمارات، يجب أن يكون لبنان دولة سيادية، وليس دويلة تورطه وتأخذ القرارات وحدها. أعتبر أننا أمام غزّة ثانية!». إذاً، ليس الوقت مناسبا لتظاهرة مطلبية، بل «أتمنى أن يتظاهروا ضد الحكومة التي ستتشكل، لأنها سوف تجلب العزل والعقوبات لأنها سوف ترفض المحكمة الدولية». نعود ونصوّب الحديث. نوضح لعيد أن «اتحاد الشاب الديموقراطي» لا ينتمي إلى أي حزب أو طائفة. يوافق، نسبيا، عبر تبرئة الاتحاد من أي شبهة سياسية. «أنا لا أقول إن الاتحاد بالذات لديه غاية ليست بريئة، ومن الممكن جدا أن تكون هذه التظاهرة فعلا مطلبية، ولكننا ملوّعون من هذه الدعوات». ويضيف، «بوجه من نصرخ اليوم؟». ولكن، لماذا لا تتضامن «القوات» مع هؤلاء الشباب كون شباب «القوات» يعانون من الغلاء المعيشي ذاته؟ يجيب عيد بغضب بأن منظمة الشباب في «القوات» أول مرة تسمع بهذه التظاهرة. «لكي نتضامن معهم، يتفضلوا ويحكونا»، من دون أن ينسى أن يميّز في الأسلوب بالتعاطي مع المسألة. «القضايا المعيشية هي جزء من ثقافتنا، لكننا نتعامل بجدية مع المواطنين وليس بغوغائية. إنه لأمر طفولي أن أشارك فقط لأصرخ، إذ ماذا يجدي الصراخ في الساحات من دون أن يكون لديّ بديل؟». من هنا، الحل سياسي بحت عند عيد. غير أن عيد كان الأقرب إلى الواقعية في رده على أن التظاهرة هي موجهة للطبقة السياسية بأكملها. «هذه كذبة كبيرة. الطبقة التي تحكم تأتي من الشعب. فليتفضل الشعب ويغيّر هذه الطبقة. هي لم تهبط على اللبنانيين، بل انتخبها الشعب في أكثر من انتخابات». الكتائب: لن نشارك.. ولكن يبدو مسؤول الشباب في «الكتائب اللبنانية» إيلي معلوف أكثر تصالحا مع نفسه في رفضه للمشاركة في تظاهرة «تحرك». بهدوء تام، يكشف أن شباب «الكتائب» «لم يتداولوا بعد في الموضوع، ولم يفكروا أصلا في المشاركة». وبضحكة تكشف عن سخرية يقول، «مش عبالنا»، إذ وكما في كل مرة، «وضع البلد لا يسمح بهذه الأشياء»!، و«بصراحة أكثر»، يتضح أن أحد أسباب القرار بعدم المشاركة عند «الكتائب» نابع من أنهم لم يتلقوا أي دعوة للمشاركة، «لا يوجد اتصال بيننا وبين الاتحاد، ولا معرفة مسبقة، ولم نلتق يوما ونتناقش في أي قضية. لقد سمعنا بالتظاهرة من دون أن نعلم ما هو مضمونها». وأيضا، بعد محاولة لفت الانتباه إلى أن المطالب المعيشية لا تحتاج إلى دعوة رسمية، تحضر السياسية بقوة في النقاش. بالنسبة للكتائب، «إن أفضل طريقة لتصحيح الوضع الاقتصادي هي عبر المؤسسات». حقيقة، لا تصبح قائمة عند معلوف إلا «عندما ترفع المعارضة يدها عن مؤسسات الدولة!». ويقول: «تصوّر المعارضة الأمر وكأن 14 آذار هم الذين يحكمون بأمرهم، في حين أن المسؤولية هي وطنية وتقع على الجميع». إذاً، قد تكون هناك نقطة تلاق. لكن لا، فهي سرعان ما تتبدد حين يعتبر معلوف «أن المشكلة الأساسية هي في أي لبنان نريد. ومن ثم نتباحث في النظام الاقتصادي الأنسب». ومنعا لأي «التباس» في أهمية العامل الاقتصادي عند «الكتائب» يلفت معلوف إلى أن شباب «الكتائب» كانت قد «عملت على المشاريع التي يقدمها النواب إلى البرلمان، لكن المعارضة لم تسمح لنا بالعمل!».

آخر تعديل على Wednesday, 08 February 2012 08:48

الأكثر قراءة