من خلال النقاشات والتقارير السياسية والاجتماعية المقدمة حول وضع الشباب في العالم، قام المجلس العام للوفدي بتحديث وإغناء رؤية الوفدي. وقد شهدت الفترة الماضية منذ انعقاد المجلس العام السابق منذ 9 أشهر حتى اليوم الكثير من التطورات والنضالات التي أثبتت دقة التقييم والمقررات الصادرة عن المؤتمر العام ال 17 للوفدي.
نحيي المقاومة الشجاعة لكل الشباب المناضل حول العالم بوجه الهجمة الامبريالية على بلدانهم حيث ناضلوا من اجل استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها، ما يلهمنا في نضالنا اليومي.
أما الازمة المالية العالمية، وهي نتاج تناقضات النظام الداخلية وطبيعته الاستغلالية، فتم استعمالها من قبل الحكومات التابعة للنظام العالمي الجديد لزيادة استغلال الشعوب والشباب ولابتزاز العمال وحرمانهم من حقوقهم من اجل حماية أرباح المجموعات الاقتصادية الكبرى. الاجراءات التي اتبعت مثل "تأميم" المصارف لم تكن إلا حقنات كبيرة من المال لمصلحة المجموعات الاحتكارية التي تمتلك هذه المصارف. وقد بانت طبيعة هذه المساعدات اليوم وأصبحت شديدة الوضوح بعد أن عادت هذه الاحتكارات الخاصة لتمسك بملكية هذه المصارف ببدلات قليلة.
في الوقت الراهن، تستمر البطالة وعقود العمل المؤقتة والفقر والاستغلال والخصخصة للخدمات العامة المرتبطة بالحقوق الاساسية (مثل الصحة والتعليم والثقافة...)، لا بل أنها تزداد في معظم دول العالم لتظهر أن الامبريالية وتطور الانسانية ضدان لا يتواءمان.
شكلت المقاومة الشجاعة والمستمرة للشعب العراقي والشعب الافغاني ضد احتلال بلديهما بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها الامبرياليين، وأوصلتهم الى موقع صعب حيث أصبح من الواضح أن الاحتلال سينتهي مهزوماً. قرار الناتو بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بإرسال 37000 جندي اضافي الى أفغانستان يشير الى عمق المستنقع الذي غرقت فيه الامبريالية من خلال الفوضى التي سببتها بنفسها. التزوير الانتخابي في أفغانستان كشف الدور الوسخ للحكومة التابعة المنصبة هناك من قبل الامبريالية على الشعب الافغاني. كذلك يشير الوفدي الى الفساد الانتخابي الذي ساد في الانتخابات اللبنانية في حزيران الماضي من أجل استمرار أميركا في تأثيرها السياسي في المنطقة. أخيراً، ليس فقط في العراق بل كذلك في اليمن تستعمل الولايات المتحدة الاميركية ومعها المملكة العربية السعودية حجة مكافحة الارهاب للتدخل في شؤون اليمن وفرض سيطرة استراتيجية على الخليج العربي.
وفي المنطقة نفسها، يستمر العدوان الصهيوني كمصدر للمشكلات الامنية ولزعزعة الاستقرار في الشرق الاوسط. ففي فلسطين تستكمل اسرائيل توسيع مستوطناتها في الضفة الغربية وتطرد الناس من أراضيهم في الضفة والقدس، وتقوم بفرض حصار مجرم على الشعب الفلسطيني في غزة، الذي يقاوم بكل بطولة ويتحدى الاحتلال رغم كل الهمجية الصهيونية. إن جدار العار – جدار الفصل العنصري الذي تبنيه في الضفة يشكل مشكلة جوهرية لحياة الشعب الفلسطيني حيث يقطع أراضيهم وقراهم ويسلب منهم أراضيهم الخصبة. كذلك تهدد اسرائيل يومياً بشن حروب مستقبلية على لبنان وسوريا من أجل تدمير مقاومة الشعب اللبناني واستمرار احتلالها لمرتفعات الAffinityCMSن السورية منذ 43 عاماً. وفي هذا الاطار يستنكر الوفدي قانون محاسبة سوريا واستمرار وضعها على لائحة الدول الداعمة للارهاب. بالاضافة الى ذلك تستمر اسرائيل الصهيونية باحتلال مزارع شبعا وكفرشوبا في جنوب لبنان وتعتقل ما يزيد على 11000 أسير فلسطيني بينهم أحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية وقادة فلسطينيين آخرين، ما يشكل أكبر اعتقال جماعي في العالم.
جراح غزة يعمقها الحصار الآخر المفروض من مصر التي تستكمل الدور الاسرائيلي وتقتل هذا الشعب الفلسطيني بهدوء. مؤخراً تقوم مصر ببناء جداء تحت الارض لوقف اعمال الانفاق التي يستخمها الفلسطينيون لتأمين حاجاتهم الاساسية في ظل الحصار. هذه الخطوة تثبت دور النظام المصري المحوري في مأساة وقتل الشعب الفلسطيني.
اما الانقلاب الذي حصل في هندوراس أظهر أن الامبريالية لن تتخلى عن العمل على السيطرة على أميركا اللاتينية بسهولة حيث يثبت التعاون المخزي بين الولايات المتحدة وحلفائها في العملية غير الديمقراطية التي حصلت. كذلك في كولومبيا، تستمر محاكمة الشيوعيين خاصة وكل المعارضين لسياسات ألفارو أوريبي عامة، وهو ما يستدعي تضامناً واهتماماً من كل الشباب المعادي للامبريالية حول العالم. هذا الواقع غير منفصل عن العدوانية المتزايدة لكولومبيا ضد الاكوادور وفنزويلا وارتباطها بالولايات المتحدة بعد ان قدمت لها الاراضي لإقامة سبع قواعد عسكرية كرد على القرار الاكوادوري الجريء بإزالة القاعدة الاميركية من منطقة مانتا. يدين الوفدي قرار الولايات المتحدة وادارة اوباما باستمرار الحصار ضد كوبا وابقائها على لائحة الدول الداعمة للارهاب، ويحيي الوفدي الشعب الكوبي على اصراره على النضال من اجل بناء الاشتراكية، ويؤكد على مطالبته بتحرير الاسرى الابطال الخمسة المسجونين ظلماً في الولايات المتحدة. أما الخطوات الايجابية والمهمة التي تتخذها مجموعة "الألبا" فتستحق الاضاءة عليها لما تقدمه من فرص لشعوب وشباب أميركا اللاتينية. وفي استمرار الانتصارات في أميركا اللاتينية يأتي إعادة انتخاب ايفو موراليس الساحق كعلامة ثقة للمستقبل. في الوقت نفسه وفي بلدان عديدة يستعيد اليمين بعض مواقعه ويشكل خطراً على شعوب المنطقة كما حصل في الانتخابات الاخيرة في التشيلي. أما في البيرو، فشكل انتصار السكان الاصليين ضد محاولة الحكومة والتكتلات الاقتصادية الكبرى لسلبهم أراضيهم نصراً مهماً. على صعيد آخر، ضرب الزلزال المدمر في هاييتي وسبب موت عشرات الآلاف من الناس ودمر منازل ملايين الآخرين والمنشآت العامة، لذلك يقف الوفدي بتضامن عميق مع شعب هاييتي ويرفض بشدة نوايا وأعمال الولايات المتحدة للسيطرة على هذا البلد تحت قناع المساعدات الانسانية حيث لن يجلب هذا التدخل سوى المزيد من السيطرة والعذاب لشعب هذا البلد.
يعبر الوفدي عن تضامنه القوي مع الأمة الكورية في كفاحها من اجل توحيدها عبر حل كل التحديات التي تفرضها القوى المعادية للوحدة عبر الاصرار الشعبي على التوحد من خلال الاتفاقية المشتركة الشمالية الجنوبية. كذلك يدعو الوفدي منظماته العضوة والصديقة لتنظيم حملة تضامن دولية لاستبدال اتفاقية الهدنة الموقعة بين كوريا والولايات المتحدة باتفاق سلام يكرس مرور 60 عاماً على اندلاع الحرب الكورية بانسحاب القوات الاميركية من كوريا الجنوبية من اجل دول موحدة ومسالمة ومستقلة.
أما التطورات الجارية في ايران فتظهر وضعاً معقداً تعيشه البلاد حيث يعيش الشعب والشباب الايراني في الوقت نفسه تحت قمع حكومته وتحت المحاولات الامبريالية المستمرة للتدخل في شؤونها من خلال دعم المعارضة في الانتخابات او من خلال التسويق لتدخل عسكري محتمل. يقف الوفدي الى جانب الشباب الايراني في نضاله من اجل حقوقه الديمقراطية، ويرفض كل أشكال التدخل الامبريالي الحاصل وتحديداً العسكري منه، ويدعو الوفدي الى رفع العقوبات الاقتصادية التي تطال الشعب الايراني.
في الصين تحاول الامبريالية زعزعة الاستقرار مجدداً عبر استعمال مجموعات صغيرة داخل البلاد تحت حجة "القمع الاثني"، حيث تعطى دعماً وتغطية اعلامية كبيرة من ضمن الهجوم المبرمج على الصين بعنوان "حقوق الانسان".
في افريقيا تشكل الصومال والسودان اليوم نواة التدخل الامبريالي فهناك العديد من القوات الاجنبية المنتشرة حولها في البلدان المجاورة بحجة الحفاظ على الامن في المنطقة. يدين الوفدي هذا الواقع التي تستحق المبادرة الى حملة بوجه الاستراتيجية الامبريالية للسيطرة فيها طمعاً بالموارد الطبيعية وبالموقع الاستراتيجي. ونشجع القوى الثورية في افريقيا لرفض كل محاولات الولايات المتحدة لتأسيس "افريكوم" كوحدة جيش مؤهلة ومخصصة لافريقيا لأنه بعد تأسيسه وتمركزه سيكون من الصعب ازالته.
كذلك يرفض الوفدي العقوبات التي تفرضها الامم المتحدة على اريتريا بحجة دعم المقاتلين الصوماليين، وذلك بعد ان نشرت قواتها على الحدود كخطوة دفاعية بوجه قيام "افريكوم" الذي يشكل خطراً ليس على اريتريا وحدها بل على مجمل القارة الافريقية. ويدعو الوفدي بريطانيا واميركا والاتحاد الاوروبي لرفع عقوباتهم الجائرة فوراً عن الشعب الزيمبابوي البريء. أما في موضوع الصحراء الغربية فيستنكر الوفدي الخرق الفاضح لحقوق الانسان في هذا البلد في الاجزاء المحتلة من المغرب. ونحيي في هذا الاطار المناضلة أميناتو حيدار لنجاحها في نضالها من خلال الاضراب عن الطعام الى ان جذبت الانتباه العالمي لقضية الصحراء وسياسية الكيل بمكيالين في هذه القضية. كذلك يدعو الوفدي الى اعتماد التفاوض بين الطرفين من اجل حق تقرير المصير للشعب الصحراوي.
كل المحاولات الهادفة الى اعادة التبعية الاستعمارية مثل التي استهدفت الموزامبيق وناميبيا عبر الدعم الدولي والداخلي لأحزاب المعارضة المتعاونة مع المستعمرين في بلدانها قد فشلت مرة أخرى بسبب توحد الشباب فيهما ضد التدخلات الامبريالية مما منع هذه المناورات. لذا نشجع حركة التحرر في افرقيا للقاء الدائم من اجل التنسيق والتخطيط لأن محاولة ازالتهم عن الخريطة السياسية تتكرر يوماً بعد يوم.
يدين الوفدي أيضاً فرض الاتحاد الاوروبي على شعوب وشباب دوله اتفاقية لشبونة الجديدة بالمواربة حيناً وبشكل مباشر أحياناً اخرى. هذا الواقع يشكل برهاناً جديداً على طبيعة الاتحاد الاوروبي المعادي للديمقراطية والذي يسعى الى المزيد من العسكرة ومن الاستغلال لشعوبه. وعلى الرغم من بعض النتائج الجيدة لبعض القوى التقدمية في الانتخابات الاوروبية الاخيرة، إلا انه كان هناك صعود لبعض الاحزاب الفاشية كنتيجة مزدوجة لتزايد الحرمان والاستغلال في ظل الازمة المالية العالمية للحملة المسعورة ضد الشيوعية داخل الاتحاد الاوروبي. يحيي الوفدي التطورات الهامة لنضال الطلاب في النمسا وقبرص وفرنسا والمانيا واليونان واسبانيا والبرتغال. كما يحيي النصر الذي حققته الشبيبة الشيوعية التشيكية التي تمكنت بعد حملة تضامن واسعة دولياً وداخلياً من استعادة حقها القانوني من المحاكم التشيكية بحرية العمل والنشاط، ونعتبر هذا النصر حافزاً جديداً لنضالنا بوجه السياسات المعادية للديمقراطية والاجراءات المناهضة للشيوعية بشكل خاص خاصة في ظل الواقع القائم حيث يبحث البرلمان التشيكي بمدى شرعية الحزب الشيوعي او في بولندا حيث تم منع كل الشعارات الشيوعية. وفي الاطار نفسه يستنكر الوفدي الحملة المعمقة التي اصطنعت من اجل الاحتفال بسقوط جدار برلين لتكريس بعض المفاهيم بين الشباب ضد الشيوعية، وفي الوقت نفسه لتدجين جيل شاب جديد من دون حقوق وآمال وقدرة على النضال بشكل منظم.
وقد شكلت قمة المناخ التي عقدتها الامم المتحدة في كوبنهاغن في الدانمرك محطة جديدة للتأكيد انه وفي ظل السيطرة الامبريالية ستبقى الاولوية للأرباح الشريعة للتكتلات الاقتصادية الكبرى بغض النظر عن ضرورات حياة الارض. ويظهر هذا بشكل اكبر عند مراجعة الاقتراح القاضي بخلق سوق للاتجار بالغازات الدفيئة (وكأن قوانين السوق ستكون افعل في وقف الانبعاثات) وفي مجاولة الاتحاد الاوروبي وأميركا تحميل بقية العالم مسؤولية مشتركة عن التلوث (بينما في الحقيقة يشكلان السبب الرئيسي للمشكلات البيئية)، وكذلك اغفال القضايا المهمة الاخرى التي تواجهنا اليوم مثل قطع الغابات وتسارع وتيرة نضوب مصادر المياه العذبة.
على الرغم من كل هذه الهجمة، ستبقى القوى التقدمية والمحبة للسلام فس موقع المواجهة والمقاومة لتحقيق انتصارات أعمق وأكبر، وطالما كان هناك ظلم واستغلال سيكون هناك مقاومة من الشعوب. نمر اليوم بمرحلة مقاومة وتجميع للجهود فيما تزداد آمال التغيير القادم، لذا نحن مثل كل الشباب متفائلون. لقد أصبح دور الحراك الشعبي عقبة بوجه الامبريالية على الرغم من اختلال موازين القوى. ولن يسمح نضال القوى التقدمية الشبابية المعادية للامبريالية بمنع النضال من اجل السلام والعدالة الاجتماعية وحقوق الشباب يداً بيد مع العمال من اجل مجتمع جديد أكثر عدلاً واخوة من دون استغلال الانسان للانسان. ندعو شباب العالم للانضمام الى درب النضال والنصر سيكون لنا.
يا شباب العالم توحدوا من اجل السلام الدائم