هناك مفهومان يستخدمان بكثرة في الحديث اليومي إن كان على لسان "السياسيين"(من في السلطة بشكل أساس) أم على لسان الناس (من هم المحكومين بشكل أساس(، ويحكمان باقي الحديث والمواقف التي يحملها الجميع تجاه القضايا "السياسية الكبرى" التي تواجهنا اليوم، ويظهر من خلال الحديث منطق فصل هذين المفهومين عن باقي القضايا الحياتية بكل أشكالها، ان كان التعليم أو العمل أو الإبداع(الفني والعلمي وغيرهما) أو طريقة الحياة(الحياة الشخصية، العلاقات، الخيارات...) أو الحق بالتعبير، أو مستوى الحياة الإقتصادي- الإجتماعي وكل ما هو جزء من حياة الإنسان، وهما ليسا مفصولين بتاتاً، بل هما أساس نمط الحياة
المفهومان هما: "الديمقراطية" و"الديكتاتورية". يستخدم المفهوم الأول(الديمقراطية) عادة كغطاء خادع، يمرر عبره المفهوم الثاني(الديكتاتورية)، ولكن القضية هي بالأساس الديمقراطية لمن؟ ولماذا؟وهي ليست قضية شكلية ظاهرية أبداً، من حيث هي انتخابات صورية مثلاً، أو مواعيد لها، أومقال هنا ومقال هناك، إنها قضية كيف يعيش الفرد وما هي شروط حياته المحكوم بها على كل المستويات.
في مجتمع يهمش الفرد في كل وقت وكل قضية لا ديمقراطية فيه، حيث لا قدرة للفرد على اتخذ أي قرار أساسي يخص حياته، ودوره في المجتمع مسلوب، أولاً بسبب نمط الحياة والعلاقات التي تحكمه وحصر دوره في هامش ضيق يخطف منه كل حياته، ألا وهو شكل العمل اليوم واستهلاكه لكامل فضاء حركة الفرد، علاقات تعيق الإبداع، إن كان علمياً او فنياً أو غيرهما، وتحكم على الإنسان بنمط فارغ متكرر من الحياة لا معنى إنتاجي له، بل مجرد متلقي سلبي للأحداث، يسمح له بالنقاش السياسي أو "حرية التعبير"، ولكنه لا يملك أي قرار في الحياة، لا في الإقتصاد وشكله، ولا في الفرص المقدمة له، ولا في تنظيم ميادين الحياة(النقل والسير، السكن، نوع العمل ومعناه، البيئة، التكنولوجيا وتطورها واستهلاكها، الاتصالات، التعليم، الثقافة والفكر، الفن، الزراعة، الصناعة، الحياة الفردية- الشخصية، تنظيم الوقت والموارد، إدارة الدولة...)وبشكل عام في قضية السلم والحرب والمصير العام للمجتمع وللناس فيه. وينتج عن هذا التغييب لدور الفرد في المجتمع تغييب قيمته وسلبها، فيكون محكوماً بكل تفاصيل حياته، لا حول له ولا قوة، إلا ظاهرياً، ومجمل ما ينتج عنها من وضع اقتصادي-اجتماعي وإحباط معنوي وتعب جسدي- نفسي، والشعور بفقدان معنى واهادف الحياة، والاهم والمطروح في كل لحظة، امكانية أن يسقط ضحية معركة أو انفجار أوحادث او حرب لم يكن له هو القرار فيها كلها، فيصير الإنسان شيئاً، له حق التعبير انتخابيا كل بعض سنوات او يومياً في نقاشات "سياسية"!!
إذاً إنها الديكتاتورية اليومية، عنف يومي، يمارس علينا في كل لحظة، انتهاك للإنسانية والقيمة الفردية، ومصادرة لحق تحديد المصير، أما الديمقراطية الحقيقية هي عكس كل هذا، هي في أن يكون للإنسان دور أساس لا مهمشاً، عندها تحضر قيمته، وقيمة كل الأفراد، لأنه حينها يصير كل فرد ضرورياً لكل المجتمع، ولا نعود ناساً قابل للإستغناء عنا.فليستعد كل واحد دوره ويبادر مع الجميع في خلق المجتمع بكل تفاصيله في كل مكان هو فيه، فتتأكد قيمته.
حملة # قيمتك_كبيرة
إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
بيروت- 26/5/2014