زينب سرور - السفير
من ساحة «مجلس النواب» إلى ساحة «المجلس الدستوري» في منطقة الحدث، استكمل «الحراك المدني للمحاسبة» مهمته. وعلى الرغم من أحوال الطقس الرديئة، لم يتوانَ بعض من ما زال يؤمن بأن لمصطلح الديموقراطية حيزا في قاموس اللعبة السياسية في لبنان من النزول والاعتصام أمام مقر «محاسبي السلطة». ليس الاستقلال ذكرى فقط. فبحسب من ما يزال يؤمن بالديموقراطية هو فعل يتجسد يومياً في الممارسة والحكم. وهذا العام تأتي الذكرى فاقدة لمعانيها. ليس غياب رئيس الجمهورية هو الانتكاسة الوحيدة. التمديد شكل انتكاسة أخرى لحق المواطنين باختيار ممثليهم. لذلك، وقف الحراك بالأمس كي يطالب آخر ما تبقى من مؤسسات دستورية بتكريس المعنى الحقيقي للاستقلال، فكانت الدعوة لـ»المجلس الدستوري» بأن يحكم باسم الشعب، وبأن يعيد للاستقلال قيمته. أمام المجلس الذي كان عقد أمس جلسته الثانية للنظر بالطعن المقدم ضد التمديد، وبحضور «حشد»ٍ إعلاميٍ فاق أعداد المعتصمين، تسمّر جمعٌ خجولٌ من المواطنين زهاء ساعتين في وقفةٍ رمزيةٍ صامتة. حملوا لافتاتٍ منددة بالتمديد وأخرى مطالبةً المجلس بالموافقة على قانون الطعن المقدم فيه من قبل نواب تكتل «التغيير والإصلاح». طالبوه، في كلمة الحراك التي ألقاها بول أبي مرشد، بـ»إسقاط قرار النواب الممددين لأنفسهم، باسم الشعب، وقبول الطعن المقدم أمامه، وإعادة حق الانتخاب إلى الشعب قبل أن تهدر باقي حقوق المواطن على التوالي وبذرائع واهية، وبإعادة استقلال الوطن الداخلي قبل الخارجي». يؤكد عضو «الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات» والناشط في «الحراك المدني» أجود بو حمدان سلمية التحركات والتصعيدات المحتمل اتخاذها. ويتوجه بالكلام إلى النواب بالقول «حلوا عنا»، لافتاً الانتباه إلى أن «حصانة النائب مصدرها الشعب، هذا الشعب الذي لم يعطَ حقه في اختيار ممثليه»؟ ويتساءل «هل سمح لكَ أيها القاضي أن تنتخب؟ أليس حقك في الانتخابات أيضاً مسلوبا؟». لا يلوم بو حمدان الشعب اللبناني على عدم المشاركة في اعتصامات رفض التمديد، واصفاً إياه بـ»الضحية المسروقة والمستغلة من قبل الطبقة السياسية». ليس الشعب ضحية بحسب الناشط طارق ملاح، إذ يرى أن «الشعب مشاركٌ في هذا الفساد بقبوله بهذه الطبقة السياسية الفاسدة والسكوت على خرقها الدائم للقانون». كما يطالب النواب الرافضين للتمديد «بأخذ موقف ومغادرة المجلس النيابي فوراً». ويؤكد ملاح أن «النزول اليوم إنما هو تعبيرٌ عن الغضب ضد الفساد الذي يطال كل أجهزة الدولة من دون استثناء»، معتبراً أن «لا كرامة للنواب لأنهم لو كانوا يتمتعون بشيءٍ منها لكانوا أعطوا هذا الشعب حقه في اختيار ممثليه». بعد طول انتظار، انتهت جلسة «الدستوري» بالأمس بعدم التوصل إلى قرارٍ بشأن الطعن. وعلى الرغم من عدم وجود أملٍ كافٍ بانتهاء الجلسة المقبلة بالإيجاب، إلا أن «الحراك المدني» عاهد نفسه بمتابعة هذه القضية التي ربما نسي ما تبقى من «مواطنين» أنها تعنيهم.
تأتي الذكری الحادية والسبعين لإعلان استقلال لبنان في ظروف سياسية واقتصادية لا تدل إلا علی مدی عمق أزمة النظام القائم.
نظامنا تابع بكل تفاصيله الصغيرة والكبيرة للقوی المسيطرة فلا قدرة له علی انتخاب رئيس او انتخاب مجلس نيابي او إقرار قانون في المجلس، أو حتى تعيين مدير عام فإحدى الوزارات دون إيحاء خارجي او صفقة اقليمية ودولية.
يعيش موظفوه وعسكره ومعلموه علی رواتب لم تصحح منذ عشرون عاما، وتمعن السلطة في التهرب من إقرار حقوقهم.
يمنع جيشنا من الدفاع عن لبنان والحفاظ على أمنه وتمنعه الدول الكبری وعلی رأسها أميركا من التسلح.
يظهر البترول والغاز تحت ارضه وشواطئه فيمنع من استخراجهما قبل نضوج الوضع في المنطقة ليسهل علی الغرب التحكم بتدفقاته ولتكتمل صفقات التحاصص بين اركان النظام.
فعن أي استقلال تتحدثون؟
لا استقلال دون التحرر من الهيمنة علی القرار السياسي ولا استقلال دون كسر التبعية الاقتصادية ولا استقلال بظل هذا النظام القائم المبني علی الارتباط والتبعية. لا استقلال دون نظام علماني يحقق العدالة الاجتماعية لجميع لمواطنيه.
ستستمر النضالات لتحقيق استقلال حقيقي يعيد الاعتبار لكرامة المواطنين وأمنهم ولقمة عيشهم وسنكون في طليعة المناضلين لهذا الهدف.
اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
المكتب التنفيذي21-11-2014
تبنت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" – "كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، اليوم، عملية اقتحام الكنيس الإسرائيلي في القدس الغربية المحتلة، معلنة أن المنفذين رفيقان في الجبهة. وقالت الجبهة، في بيان، "إننا في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، نبارك العملية البطولية التي نفذها الرفاق أبطال الجبهة الشعبية الشهداء غسان وعدي أبو جمل من جبل المكبر في القدس، صباح اليوم، حيث اقتحما معهداً دينياً يهودياً في معهد (هارنوف) في دير ياسين غربي القدس، ما أسفر عن مقتل أربعة مستوطنين بينهم رجل أمن إسرائيلي وحاخام، وإصابة تسعة آخرين، واستشهاد الرفاق منفذي العملية برصاص قوات شرطة الاحتلال بعد الاشتباك معها". وأضافت "أننا في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى نبارك أي عمل مقاوم يستهدف اقتلاع المستوطنين والمحتلين الذين يدنسون أرضنا"، مشددة على أن "هذه العملية وغيرها من العمليات البطولية التي ينفذها أبطال القدس رد طبيعي على جرائم الاحتلال وشكل من أشكال المقاومة الشعبية". ودعت إلى "تطوير هذه العمليات و توحيد كل الجهود نحو مقاومة موحدة، وتصعيد المواجهات ضد المحتلين و قطعان مستوطنيه". في سياق متصل، باركت حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" العملية. واعتبرت "حماس"، في بيان، أنها "رد طبيعي على جرائم الاحتلال المستمرة في الأقصى"، داعية إلى "استمرار عمليات الثأر". ورأت "حماس" أن هذه العملية جاءت رداً على "قتل سائق الحافلة يوسف الرموني على يد مستوطنين في حي جبل الزيتون المجاور لحي "هار نوف". (أ ف ب، موقع "عرب 48")
حمة الهمامي أو "إبن الشعب حمة رئيس"، كما يقول شعار حملته، ولد في الثامن من كانون الثاني العام 1952 في العروسة في محافظة سليانة (محافظة مهمشة في شمال غرب البلاد). عرف عن حمة (حمة هو تصغير لاسم "محمد" في اللهجة التونسية) نضالية وشراسة في مقارعة الأنظمة الاستبدادية من بورقيبة وصولا إلى بن علي، وحتى حكم الترويكا بعد ثورة العام 2011. هو أستاذ في الحضارة العربية، وانطلق نشاطه السياسي منذ العام 1970، حين كان طالباً، واعتقل المرة الاولى في العام 1972، اثر مشاركته في أحداث ما عرف بـ"السبت الأسود". نشط حمة في الاتحاد العام لطلبة تونس، والتحق في العام 1973 بمنظمة ''آفاق العامل التونسي" (منظمة ماركسية لينينية محظورة) ليحكم عليه بثمان سنوات سجناً، قضى منها ستاً في التعذيب الممنهج والوحشي. أسس مع عدد من رفاقه "حزب العمال الشيوعي" وهو حزب كان محظوراً آنذاك، وذو مرجعية ماركسية لينينية. بعد وصول بن علي إلى الحكم في العام 1987، باركت معظم الحركات السياسية ما اعتبرته "تحولا" في السياسة التونسية، إلا أن حمة الهمامي وحزبه حذرا من الرئيس الجديد ورفض التوقيع على الميثاق الوطني (وثيقة حقوق وحريات لتنظيم الحياة السياسية عرضها بن علي ووقعت عليها المعارضة لكنه انقلب عليها سريعاً وزج بمعارضيه في السجون) ليقضي حمة إثر ذلك عقدين من العمل السياسي بين السرية (10 سنوات) والتعذيب والتوقيف والتنكيل به وبزوجته راضية النصراوي (حقوقية) وعائلته. وعند انطلاق ثورة العام 2011، تعرض حمة للملاحقات لتنتهي بإيقافه في دهاليز وزارة الداخلية قبل ان يتم الافراج عنه يوم فرار بن علي. ظل حلم الحزب اليساري الكبير يراود حمة ورفاقه من الاحزاب والحركات اليسارية ليؤسسوا "الجبهة الشعبية" التي قدمت شهيدين من قادتها (شكري بلعيد زعيم الوطنيين الديموقراطيين، ومحمد البراهمي زعيم التيار الشعبي). وحصلت "الجبهة الشعبية" على 15 مقعداً في الانتخابات التشريعية الاخيرة، وهي بذلك القوة الرابعة في البرلمان. ويعول حمة في حملته الانتخابية على مناصري "الجبهة الشعبية" من العمال والفلاحين والبسطاء، وكذلك على رصيده النضالي، علاوة على تعاطف التونسيين مع "الجبهة" باعتبارها قدمت شهيدين خلال حكم الترويكا.
نعوم تشومسكي - السفير
«رسمياً: الولايات المتحدة باتت الدولة الإرهابية الرائدة في العالم، وهي فخورة بذلك». ما ورد أعلاه، يصلح كعنوان للتقرير الرئيسي الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، في 15 تشرين الأول الماضي. لكن التقرير نشر بعنوان ألطف: «دراسة وكالة الاستخبارات المركزية للمعونات السريّة تغذّي الشكوك بشأن مساعدة المتمردين السوريين». استند تقرير الصحيفة على مراجعة أعدّتها وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، بشأن العمليّات الأميركية السريّة الأخيرة، لتحديد مدى فاعليتها. وخلص البيت الأبيض إلى أنّ حالات نجاح السياسات التي جرى اعتمادها، كانت للأسف نادرة، ما يجعل إعادة التفكير فيها أمراً ضرورياً. ونقل التقرير عن الرئيس باراك أوباما قوله إنه طلب من وكالة الاستخبارات المركزية إجراء مراجعة بهدف إيجاد فصائل (معارضة) «عملت بشكل جيّد في البلاد، بهدف تمويلها وإرسال الأسلحة إليها، ولكن الاستخبارات الأميركية لم تخرج بنتيجة مهمة». لذا، بات أوباما متردداً إزاء استمرار تلك الجهود. وتستشهد الفقرة الأولى من تقرير «نيويورك تايمز» بثلاثة أمثلة رئيسية بشأن «المساعدات السريّة»: أنغولا، ونيكاراغوا، وكوبا، إذ تعدّ كلّ حالة من الحالات الثلاث تلك، عمليّة إرهابيّة قادتها الولايات المتحدة. في العام 1988، تعرّضت أنغولا للغزو من قبل جنوب أفريقيا، والتي، وبحسب واشنطن، كانت تدافع عن نفسها في وجه واحدة من «أكثر الجماعات الإرهابية، سيئة السمعة» في العالم، أي «المؤتمر الوطني الأفريقي» بقيادة نيلسون مانديلاّ. وكانت إدارة ريغان، في ذلك الوقت، تقف وحيدة، تقريباً، في دعمها لنظام الفصل العنصري، لدرجة أنها انتهكت عقوبات الكونغرس ضدّ ذلك النظام، من خلال زيادة حجم تبادلاتها التجارية مع حليفتها الجنوب أفريقية. وفي هذا الوقت، انضمت واشنطن إلى جنوب أفريقيا في تقديم الدعم لجيش يونيتا الإرهابي بقيادة جوناس سافيمبي في أنغولا. واصلت واشنطن دعمها، حتى بعد هزيمة سافيمبي الساحقة في انتخابات حرّة أجريت تحت رقابة مشدّدة، فيما سحبت جنوب أفريقيا دعمها. وبحسب تعبير السفير البريطاني لدى أنغولا ماراك غولدينغ: كان سافيمبي «الوحش الذي جلبت شهوته للسلطة، البؤس المريع لشعبه». عواقب ذلك كانت مريعة. ففي العام 1989، قدّر تحقيق للأمم المتحدة أنّ النهب في جنوب أفريقيا أدّى إلى 1,5 ملايين حالة وفاة في الدول المجاورة، ناهيك عمّا كان يحدث في جنوب أفريقيا نفسها. في كوبا، وبعد فشل غزو «خليج الخنازير» في العام 1961، أطلق الرئيس جون كينيدي حملته القاتلة والمدمّرة لجلب «أهوال الأرض» إلى كوبا ـ على حدّ تعبير المؤرخ ومستشار الرئيس الأميركي، آرثر شليزينغر، في كتابته سيرة روبرت كينيدي شبه الرسمية، وهو الذي تحمّل مسؤولية الحرب الإرهابية. كانت الأعمال الوحشيّة ضدّ كوبا شديدة، ووصلت خطط الإرهاب إلى ذروتها في انتفاضة تشرين الأول العام 1962، والتي كان يفترض أن تؤدّي إلى غزو أميركي للجزيرة. غير أنّ الدراسات تثبت الآن أن ذلك كان من أسباب وضع الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف الصواريخ في كوبا، مفتعلاً الأزمة (أزمة الصواريخ الكوبية) التي اقتربت من أن تصبح حرباً نووية. وفي وقت لاحق، اعترف وزير دفاع كينيدي، روبرت ماكنمارا، أنه لو كان زعيماً كوبياً، ربّما كان «توقّع غزواً أميركياً». وقد تواصلت الهجمات الإرهابية الأميركيّة ضدّ كوبا لأكثر من 30 عاماً. وكانت التكلفة، بالنسبة للكوبيين مرتفعة. وأُبلغ للمرة الأولى عن أعداد الضحايا بالتفصيل، في دراسة أعدّها الباحث الكندي، كيث بوليندر في العام 2010، بعنوان «أصواتٌ من الجانب الآخر: تاريخ شفهيّ من الإرهاب ضدّ كوبا». ويرتفع أعداد الضحايا في هذه الحرب، طويلة الأمد، من خلال الحصار الاقتصادي الهائل، الذي يستمر، في تحدٍّ للعالم، إلى يومنا هذا. ففي 28 تشرين الأول الماضي، أيّدت الأمم المتحدة للمرة الـ23، «ضرورة إنهاء الحصار التجاري والمالي والاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا». وجاء التصويت على الشكل التالي: 188/2 (الولايات المتحدة وإسرائيل)، فيما امتنعت ثلاث جزر تابعة لأميركا في المحيط الهادئ عن التصويت. ويورد تقرير لقناة «إيه بي سي» الإخبارية الأميركية، أنّ هناك بعض الأصوات المعارضة للحظر الاقتصادي ضدّ كوبا على المستويات العليا في الولايات المتحدة، لأن ذلك (الحظر) «لم يعد مجدياً» (نقلاً عن كتاب «خيارات صعبة» لهيلاري كلينتون). ويستعرض الباحث الفرنسي سليم عمراني الكلفة القاسية التي دفعها الكوبيون في كتابه «الحرب الاقتصادية ضدّ كوبا»، الذي صدر في العام 2013. وتكاد نيكاراغوا لا تُذكر، برغم أنّ محكمة العدل الدوليّة أدانت الحرب الإرهابيّة التي قادها الرئيس رونالد ريغان في ذلك البلد، مطالبةً الولايات المتحدة بإنهاء «الاستخدام غير القانوني للقوّة»، ودفع تعويضات كبيرة. وفي 16 تشرين الثاني الحالي، أحيا العالم الذكرى الـ25 لاغتيال ستة كهنة يسوعيين في سان سلفادور على أيدي وحدة إرهابية في الجيش السلفادوري، سُلّحت ودُرّبت على أيدي الولايات المتحدة. وبناء على أوامر القيادة العسكرية العليا، اقتحم الجنود الجامعة اليسوعية لقتل الكهنة وكل الشهود. وقد توّج ذلك الحدث حروب الولايات المتحدة الإرهابية في أميركا الوسطى في الثمانينيات، برغم أنّ آثار ما حدث، ما زالت في تقارير الصفحات الأولى عن «المهاجرين غير الشرعيين»، الذين ما زالوا يفرّون من تبعات تلك المذبحة، كما يتم ترحيلهم من الولايات المتحدة ليعيشوا في ما تبقّى من أنقاض بلدانهم. كذلك، برزت واشنطن كبطل العالم في توريد الإرهاب. إذ يحذّر محلّل وكالة الاستخبارات المركزية السابق بول بيلار، من «تأثير توليد الاستياء جراء الضربات الأميركية» في سوريا، والتي قد تحفّز المنظمات الجهاديّة مثل «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية» على «إصلاح أخطائها وبدء القيام بحملات ضد التدخل الأميركي، بتصويرها على أنها حربٌ ضدّ الإسلام». حتى الآن، هذه هي النتائج الطبيعية للعمليات الأميركية التي ساعدت على انتشار «الجهادية» من زاوية صغيرة في أفغانستان إلى جزء كبير من العالم. ويقول المحلّل السابق في وكالة الاستخبارات المركزيّة غراهام فرلر «أعتقد أنّ الولايات المتحدة هي أحد المبتكرين الرئيسيين لهذا التنظيم»، فتدخلاتها المدمرة في الشرق الأوسط، وحربها في العراق، كانت من الأسباب الأساسية لولادة داعش». ويضيف فولر إلى ما سبق ذكره، أن أكبر حملة إرهابية في العالم تتمثل بمشروع أوباما العالمي لاغتيال «الإرهابيين». ويحتاج «تأثير توليد الاستياء» وغارات الطائرات من دون طيار والقوات الخاصة إلى مزيد من الدراسة والدراية من أجل التعليق على ما يجري. وذلك ملف يجب التفكير فيه ملياً، مع قدر من الرهبة. ترجمة: ملاك حمود (خاص بـ «السفير»)
فاطمة بزي - الاخبار
الملصق للفنان السوري يوسف عبدلكي
بدءاً من غد الجمعة، يحتفل الحزب الشيوعي بعيده التسعين عبر برنامج يجمع بين الندوات الفكرية والأمسيات الفنية (راجع الصفحة التالية) ويمتد طوال 9 أيام في «قصر الأونيسكو». يقيم الحزب ندوات تحت عناوين لطالما كانت محل نقاش لدى جزء من محازبيه والمطرودين والخارجين منه. تحدّث رئيس لجنة المهرجانات في الحزب ريمون كلاّس عنها، مركزاً على أنّ الحزب يتوجه بهذه الندوات «إلى كل الناس لا جمهوره فقط». تحاول مواضيع الندوات إيجاد حلول مع أشخاص من خارج الحزب لمشاركة الأفكار وفتح النقاش الذي يشكل محطة أساسية لإعادة النظر في الكثير من خطط العمل.
■ 26/10 س: 6:00 – 8:00
النظام السياسي الطائفي وإشكاليات التغيير
لا يعتبر رئيس لجنة المهرجانات في الحزب ريمون كلاّس أنّ التغيير واجب الحزب وحده، بل يطال القوى الحزبية الأخرى. يتطلب ذلك تعاونها حميعاً وهنا تكمن المشكلة، فهذه القوى «مشرذمة» كما وصفها ويلعب الجو المذهبي والطائفي دوراً أساسياً في إحداث هذه الفجوة. يداخل في الندوة المهندس فضل شلق، وطلال العتريسي، وبسام الهاشم، ويدير النقاش علي غريب (عضو مجلس سياسي ومسؤول العلاقات في الحزب).
■ 27 /10 ■ س: 5:00 – 7:00
الوضع العربي: مخاض ولادة أم انتكاسة جديد؟
تغييرات وتحولات كبرى تمر بها المنطقة العربية، وستكون على طاولة نقاش تجمع ناشر «السفير» طلال سلمان، والكاتب سمير العيطة من سوريا، وأحمد بهاء الدين من مصر. يجتمع هؤلاء لمناقشة مستقبل المنطقة، وما إذا كانت التحولات الحالية مخاضاً لولادة جديدة أم انتكاسة أخرى. تدير اللقاء ماري ناصيف الدبس (نائبة الأمين العام في الحزب الشيوعي).
■ 28/10 ■ س: 5:00 – 7:00
النمط الاقتصادي في لبنان بين قابلية الحياة والبدائل المتاحة
تقارب الندوة الوضع الاقتصادي في لبنان وكيفية إيجاد فرص للعيش والعمل. يدير الندوة كمال حمدان بحضور المتكلمين الوزير السابق شربل نحّاس، والخبير الاقتصادي توفيق كسبار إلى جانب ألبير داغر. ■ س: 7:30 – 9:30
نحو الدولة الديمقراطية العلمانية: قوانين أساسية يحاول هذا اللقاء طرح حلول للخروج من النظام الطائفي الذي يضع لبنان في حلقة مفرغة منذ تأسيسه، مع ناصيف القزّي، وجاك قبنجي، وعزّة مروة.
■ 29/10 ■ س: 5:00 – 7:00
الحركة النقابية الجديدة: الرؤى والتوجهات البرنامجية
تقيّم هذه الندوة أداء الحركة النقابية التي تؤدي عملها خارج الشعار الذي وضعته كما يصف ريمون كلاّس. وتهدف الندوة إلى محاولة إيجاد أطر جديدة وحلول لتلك المشكلة.
■ س: 5:00 – 7:00
الشباب اللبناني بين الواقع المأزوم ومهمات التغيير
تناقش الندوة دور الشباب ومسؤوليتهم وإمكانياتهم في إحداث تغيير في واقعهم والمنطقة. يشرف على الورشة مسؤول قطاع الشباب في الحزب أدهم السيّد. وتهدف الندوة إلى استنباط أدوات للعمل وأساليب جديدة تتناسب مع أوضاع المنطقة المستجدة وظروف الشباب.
■ 30/10 س: 5:00 – 7:00
أزمة الحزب الشيوعي
يقول ريمون كلاّس إن الحزب طرح هذه الندوة كاعتراف بأزمته أمام الجميع بمشاركة الأمين العام خالد حدادة الذي يحاوره بول أشقر وجورج بطل. لقاء مفتوح أمام الجميع للإجابة على أسئلتهم والاستماع لطروحاتهم بشأن الأزمة.
■ العيد التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني: بدءاً من الغد حتى 1 تشرين الثاني (نوفمبر) ــ «قصر الأونيسكو» (بيروت)
بيار أبي صعب - الاخبار
صديقنا كان صغيراً في «العيد الخمسين»، فضلاً عن أنّه من عائلة وبيئة تحتفلان بعيد تأسيس حزب الكتائب، لا الحزب الشيوعي! لم يكن قد سمع بوجود حزب شيوعي أصلاً. كان قد فهم أن هناك مواجهة ما في البلد ـــ مثل أفلام الكاوبوي التي يدمنها ـــ بين فئة الأخيار التي ينتمي إليها، وفئة الأشرار «الذين لا يحبّون لبنان». بعد ذلك عرف أنّهم غرباء وملاحدة وناصريّون ويساريون ومخرّبون و… طابور خامس أو «عملاء الشيوعية الدوليّة». ثم مرّت الأيّام، وكبر المراهق الذي ربّاه والده المثالي على حب القراءة، ودخل إلى الجامعة، واكتشف الفكرة الشيوعيّة في «الغيتو الانعزالي» إيّاه.
صار يسمع «وعود من العاصفة»، ويقرأ بريخت وأراغون وناظم حكمت، ويغني لثورة القرنفل، ويبتسم ساخراً حين تطالعه على جدران الأشرفيّة عبارات من نوع «لقحوا أطفالكم ضدّ الشيوعيّة». يبدو أن اللقاح لم ينجح معه. أصلاً لم يحاول أحد أن يلقحه، بل بالعكس: الأفكار والكتب والمثل الأساسيّة التي تربّى عليها في بيته، هي نفسها رافقته في الانعطافة الهادئة التي دعاه إليها أستاذ الأدب في تلك الثانويّة البعيدة. «في حياة كل منّا أستاذ أدب»، كما قال ألان بورير، أحد دارسي سيرة آرتور رامبو، معلّقاً على رسائل الشاعر إلى جورج إيزامبار، أستاذه في شارلوفيل. تلك التحوّلات، عاشها صديقنا في بيئته السوسيو ثقافيّة نفسها. هكذا راح يشعر بقربه من الحزب الشيوعي. هكذا بإمكان آلاف الصبايا والشباب اليوم، في عمره آنذاك، من كل البيئات، أن يبحثوا عن وطنهم وانسانيّتهم في الحزب الشيوعي الذي يطفئ شمعته التسعين. صديقنا كان صغيراً على تظاهرات «معمل غندور»، التي تعرّف إليها لاحقاً في قصيدة شهيرة لعبّاس بيضون. في عام ١٩٧٤، لم يكن هناك أي احتمال لوجوده في «عروس البحر»، لكنه عوّض لاحقاً في جلسات استماع شبه صوفيّة، تحت القصف، مع «رفاقه» في الغيتو آنذاك، لتسجيلات العيد الخمسين للحزب الشيوعي اللبناني. لذا يشعر اليوم، وقد غزاه الشيب، كلّما ذهب لتدخين نفَس في المقهى الشعبي الشهير، أنّه كان هناك. يعرفهم جميعاً: من جعفر حسن الذي يعود الآن إلى بيروت للمشاركة في احتفالات العيد التسعين، إلى ثنائي حب مصر عدلي فخري وسمير عبد الباقي. بوسعه اليوم أن يردد أغنيات «عروس البحر، ١٩٧٤» بحرفيتها، وبالتسلسل الموجود على شريطي الكاسيت اللذين بريا من كثرة الاستماع. «الدم في طبق الرئيس الأمريكاني، الدم فوق صدر الوزير المعجباني، الدم في المزيكا وف نوط الأغاني… ألخ». كأنّها أغنية كتبت هذا الصباح! أربعون سنة، ولم يتغيّر شيء في طبيعة الصراع. الذي تغيّر أن أحد أطراف المواجهة، ذاك المعادي للاستغلال والاستعمار، ضؤل حتى لم نعد نراه خلف دخان الذكريات الكثيف، وتشنّج الأباراتشيك الممسكين بالجهاز، ومرارة «القدامى» واليائسين والمستقيلين والخائبين، وسخرية «الأسبقين» الذين مضوا إلى الخندق المعادي، كما يحدث دائماً. «الحزب» لم يعد كما هو. لم يعد يستقطب، لم يعد يمثّل، لم يعد يحمل مشروعاً. هذا الحزب الذي كان يردد جوزف سماحة، أنّه المكان الوحيد الممكن أن نلجأ إليه عندما نخرج من طوائفنا. وقد عبر عن فكرته تلك في فيلم رحل قبل اتمامه، لماهر أبي سمرا مع زياد الرحباني وابراهيم الأمين. «بيروت ٧٤» (عن غادة السمّان بتصرّف)، كانت كل الآمال مسموحاً بها والمشاريع الكبرى ممكنة، لتحقيق العدالة والحريّة. وكان للحزب الشيوعي قواعد شعبيّة، وكان يشكّل حالة محوريّة في الحياة الفكريّة والثقافيّة اللبنانيّة. «بيروت ٢٠١٤»، لا شيء يعلو فوق لغة الطوائف والمذاهب، والشعب ما زال يؤيد جلاديه، وبعض أهل العروبة سيحجّ قريباً إلى تل أبيب. والطوائف المذعورة تنتظر وصول البرابرة الجدد لترفع الرايات البيض… كلا، ليس انهيار جدار برلين حجة شافية، يقول صديقنا. ويسأل، هو الذي ينتمي إلى اليسار، ولم يفقد شيئاً من قناعاته الـ (ما بعد) ماركسيّة، لماذا يشعر اليوم بأن «الحزب الشيوعي اللبناني»، هو كائن متحفيّ غامض يشبه حزب «النجّادة»؟ لكن دعنا أيها الصديق العزيز لا ننغّص فرحة العيد. ولتكن الذكرى التسعون، مناسبة لانبعاث حزب فرج الله الحلو وحسين مروّة ومهدي عامل ومحمد دكروب… هل نجرؤ على استعادة الأمل؟
تصدر محكمة فرنسية في الخامس من تشرين الثاني المقبل، قرارها المتعلق بالإفراج أو عدمه عن المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبدالله المعتقل في سجون فرنسا منذ ما يناهز الثلاثين عاماً. وفي تصريح لوكالة "فرانس برس"، قال محامي الدفاع جان لوي شالانسيه إن "جورج ابراهيم عبدالله هو اقدم سجين سياسي في اوروبا". وأضاف المحامي "دائماً ما رفض ان يعمل في السجن. فهو يقرأ كثيراً، ويبقى مطلعاً على الوضع السياسي في لبنان وفي المنطقة. ونادراً ما رأيت شخصاً امضى عقوبة طويلة الى هذا الحد ولا يزال يتمتع بثقافة عالية". وكان عبدالله مؤهلا منذ سنوات عدة لعفو مشروط، لكن محكمة التمييز رفضت طلباته الثمانية. ورفع طلب تاسع، على أن يصدر قرار محكمة تطبيق العقوبات في الخامس من تشرين الثاني.
يحتفل حزبنا هذا الشهر بالذكرى التسعين لتأسيسه، ليكرس نفسه عميد السياسة اللبنانية وحكيمها. وعمر هذا الحزب من عمر نشأة نظام البورجوازية اللبنانية التابع لقوى الاستعمار في ذلك الحين، بعد تأسيس دولة لبنان الكبير. هو إذن الحزب النقيض للنظام الكولونيالي القائم، أو هكذا يجب أن يكون. وجود الحزب ليس خياراً ذاتياً تأخذه مجموعة من المناضلين الثوريين أو حفنة من المثقفين الماركسيين، بل وجوده حاجة موضوعية يفرضها التناقض الاجتماعي القائم بين الطبقة المهيمنة وبين المستغلين من عمال وموظفين ومستخدمين ومعطلين عن العمل. هذه المقدمة النظرية تعني في الجانب العملي أن الحزب الذي نريده هو حزب هذه الطبقة والحامل لقضاياها وهمومها على المستوى الاقتصادي وكذلك على المستوى الوطني. ومن موقعنا الشبابي والطلابي نرى أن على الحزب أن يكون فاعلاً ومؤثراً كي يصل بالقضايا التي يحملها إلى التحقق سياسياً، أو أن تتحقق منها أجزاء هامة مثلما تمكن قبل ذلك من حمل قضايا الجامعة اللبنانية، فساهم جدياً في الحركة الطلابية التي أدت إلى تأسيسها ثم توسعها، ومثلما حمل قضية قانون العمل فتمكن من خلال امتداده النقابي من انتزاع قانون العمل الذي تحاول السلطة نسفه اليوم. كذلك حمل حزبنا لواء المقاومة فأسس "جمول" وقدم فيها مئات الشهداء من أجل تحرير الأرض وكي يكون التحرير رافعة للتغيير السياسي. إن القضايا اليومية الملّحة التي تواجه اللبنانيين عامة والشباب خاصة هي ميادين نضال مفتوحة لا يشارك فيها الحزب بشكل فاعل، ومنها مسألة حق السكن الذي يمنع الشباب من الاستقرار اليوم ويؤخر سن الزواج إلى الثلاثينات ويشكل عائقاً حقيقياً أمام فقراء لبنان. أين حزبنا اليوم من النضال ضد المضاربات العقارية وأرباحها الخيالية؟ أين هو من النضال من أجل بناء مساكن شعبية مخصصة للفقراء ومحدودي الدخل؟ كذلك يعاني اللبنانيون ويكفرون يومياً بزحمة السير وغلاء وسائل النقل الخاص فيما تنكفئ القوى المعنية عن النضال من أجل النقل العام. هل كثير علينا أن نحلم بحزب يناضل من أجل "مترو" حديث في المدن وقطار بين المناطق؟ أما جامعتنا اللبنانية فتكاد تغرق في مستنقع الجامعات الخاصة. يتراجع عدد طلابها إلى الثلث اليوم بعد أن كان 70 في المئة من طلاب لبنان يتكسبون العلم من ألواحها ويتمرنون على العمل السياسي والنقابي في باحاتها. ألا يحق لطلابنا أن ينشدوا حزباً شيوعياً يضع المسألة الطلابية على أولويات جدول أعماله؟ نريد حزباً يحمل تلك القضايا وغيرها من الملفات الاجتماعية الملحة، والتي لا تجد لها بين كل الأحزاب القائمة من يحملها. هي قضايا اليسار أولاً واليسار لا يحمل اليوم قضاياه على محمل الجد. أما على المستوى الوطني فحزبنا يكاد يكون خارج معادلة المقاومة كلياً، لأسباب كثيرة منها ما هو موضوعي تتحمل مسؤوليته القوى الخصمة والصديقة على السواء، ولكن منها الذاتي الناجم عن قصور في المبادرة. إن عودة الحزب للعمل المقاوم وانخراطه مجدداً في الصراع للدفاع عن لبنان بوجه المخاطر القائمة من العدو الصهيوني أولاً، ومن القوى التكفيرية ثانياً، هو حاجة ماسة في الصراع الوطني الذي يجب على الحزب الشيوعي أن يكون رائداً فيه. لا حزب جماهيرياً دون حمل لواء التحرير والتغيير السياسي على الأرض لا في الأقوال والبيانات، ولدينا ثقة كاملة أن حزباً يحمل قضايا الناس سيأتي إليه الناس وتحديداً أولئك المتضررين من النظام القائم الذين لا يجدون من يحمل قضاياهم. اليوم قضاياهم غائبة، وإن رفعها عميد اليسار أحياناً فقد فعلها بخجل نأمل أن نخرج منه بما يليق بالفئات التي يمثل. أمين عام اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني
هاني عضاضة 21/10/2014ما زال "الحزب الشيوعي" في مراحل تدهوره المتسارعة، بانتظار مؤتمرٍ جديد يعكس الخلافات الحادة التي عادةً ما تنتهي بمزيدٍ من الانقسامات المؤسفة. وما زال هذا التراجع "المركزي" يلقي بظلاله على المنظمات والمجموعات اليسارية والحقوقية والمطلبية المناضلة، بعدما ساهم بإضعاف العمل المقاوِم المسلّح. لكن تراجع النضالات السياسية للأجيال السابقة من الشيوعيين، لم يعد يبرّر تراجع دور الشباب في الانخراط في الحركة السياسية والمطلبية، خاصةً بعد الموجة الثورية التي لفّت العالم العربي منذ كانون الأول عام 2010، والتي لعب فيها العنصر الشبابي الدور الحاسم. وكلنا يعلم بأن الظروف الاقتصادية والمعيشية، كما الأمنية والسياسية في لبنان، لا تقل تأزّماً عن مثيلاتها في بعض البلدان العربية التي شهدت الانتفاضات الشعبية. ولكن ما الذي يدفع بالشباب اللبناني اليوم إلى اعتماد كل الخيارات، إلا خيار النضال السياسي من أجل تغيير واقعه الرديء؟ وما الذي يمنع الشباب الشيوعي تحديداً، من خوض معارك العودة إلى صفوف الحزب لانتزاع حقّهم بأداة أساسية من أدوات النضال السياسي، أو تأسيس تنظيمات يسارية جديدة تبدأ بفعالية من حيث لم تستطع تلك الأداة أن تُكمل، ولو كانت صغيرة الحجم؟ ما الذي يضع الشباب الشيوعي في موقع المتفرّج الذي يكتفي بردود الأفعال والتعليق على هذا الحدث أو ذاك؟ الأسئلة كثيرة ولا تنتهي. ولكن هناك ما هو مشترك بين الشباب، وهي حالةٌ جماعية: لقد تشرّب معظم الشباب الذي يعتبر نفسه شيوعياً، أفكار الواقعية الانهزامية والممارسات السلبية، وتجذّر عنده الشعور بالضعف بوجه القوى المسيطرة وأحزابها، بحيث فقد الهمّة والعزيمة وروح المبادرة. إنها حالة إحباط جماعية، لن تنتهي بسرعة، وستستمرّ إلى أجلٍ نتمنى أن يكون قصيراً. ليس في هذا الواقع المرير، لومٌ على الشباب أنفسهم، بل يقع اللوم بشكلٍ رئيسي على القيادات المستقيلة من دورها السياسي والتنظيمي في وقتٍ واحد، وبشكلٍ ثانوي على الأجيال المناضلة السابقة التي ساهم انكفاؤها بشكلٍ أو بآخر في توسيع الهوّة بينها وبين الشباب، لتنقطع سيرورة من تراكم الخبرات والنضالات، ويجد الشباب أنفسهم بين مطرقة القيادات المترهّلة وسندان الواقع الاجتماعي المرير. شبابنا اليوم يفتقدون للمعنويات، أما الظروف الموضوعية فتفرضُ إما النضال أو الهجرة. شبابنا الذين ساهموا بكل ما لديهم من طاقات في قيادة حراك "إسقاط النظام الطائفي" ورفعوا شعارات مجتمع العدالة الاجتماعية والديمقراطية والعلمانية بإيمان وإخلاص من دون أن ينتظروا مقابلاً، ليسوا هم نفسهم اليوم. قلّةٌ منهم بقيت في لبنان، وفقط جزء من القلّة التي بقيت في البلاد انخرط حقاً في النضال السياسي اليومي، بعد تقييمٍ شامل ونقدٍ ذاتي قاسٍ قام بممارسته. في العيد التسعين لـ"الحزب الشيوعي اللبناني"، أدعو الرفاق الشباب، وكل الشباب اللبناني القلق والمرهق، إلى تجديد ثم تحديد خياراتهم، وعدم الاكتفاء بالانتظار، فالعمر يمضي، ونحن بحاجة لتشكيل القوة المادية على أرض الواقع.