ماذا لو أشادت بحاخام صهيوني؟ ال CNN تؤكد هويتها السياسية المتصهينة
طردت شبكة "سي ان ان" الاميركية للتلفزيون رئيسة قسم الشرق الاوسط في الشبكة اوكتافيا نصر، بعد أن كتبت على موقع تويتر رسالة إلكترونية أشادت فيها بالعلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله، الذى توفى الأحد الماضى، حسب ما أعلن أمس الأربعاء.وفى مذكرة داخلية، قالت نائبة رئيس "سى.إن.إن انترناشونال" باريسا خصروى، إنها بحثت الأمر مع الصحفية نصر "وقررت أن عليها أن تغادر المحطة"، مشيرة إلى أن "تعليقها خلق ردود فعل كثيرة نهاية الأسبوع"، موضحة "نعتبر أن مصداقيتها كصحفية متخصصة فى شئون الشرق الأوسط قد تأثرت" بما كتبته.وكتبت الصحفية التى كانت تعمل فى المحطة منذ العام 1990، فى رسالتها أنها "حزينة لتبلغها نبأ وفاة آية الله محمد حسين فضل الله أحد الرجال الكبار فى حزب الله والذى كنت احترمه كثيرا"، ثم سارعت إلى الإعراب عن "أسفها العميق" على الموقع الإلكترونى لمحطة "سى.إن.إن" على الرسالة التى نشرتها حول هذه الشخصية الإسلامية الشيعية التى أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة "الإرهابيين الدوليين".وقالت على موقع المحطة إن "الأمر يتعلق بخطأ من قبلى لأنى كتبت تعليقا من هذا النوع وبهذه البساطة"، موضحة "كنت أقدر عنده موقفه المتميز بين رجال الدين الشيعة حول حقوق المرأة"، مضيفة "هذا لا يعنى أنى كنت احترمه لكل شىء آخر قاله أو قام به".يشار إلى أن أوكتافيا نصر غطت النزاعات الرئيسية فى المنطقة لحساب "سى.إن.إن" طيلة 20 عاما، وقدمت برامج "سى ان ان وورلد ريبورت" و"سى ان ان انترناشونالز وورلد نيوز" من 1993 إلى 2003.وجاء رحيلها عن المحطة بعد شهر على رحيل عميدة المراسلين فى البيت الأبيض هيلن توماس، التى أحيلت على التقاعد بعد تصريحات مثيرة للجدل حول إسرائيل.
خاص الموقع
عرف الباحث اللبناني جان داية بالدقة في تقصي حقائق الموضوعات التي يتناولها وتفاصيلها الى درجة اكسبته وصفا عند بعض المهتمين بهذه الشؤون بانه "يفلّي النملة" اي لا يترك مجالا لا يتأكد منه كما "يفلّي" الانسان شعره تنظيفا له مما قد يكون علق به.كتاب داية عن الشاعر والكاتب السوري الساخر حمل عنوانا مركبا هو "محمد الماغوط وصوبيا الحزب القومي: مع نصوص مجهولة:غرام في سن الفيل وستين قصيدة ومقالة."جاء الكتاب في 384 صفحة متوسطة القطع مع عدد من الصور للماغوط وبعضها يظهره مؤديا التحية الحزبية عندما كان عضوا في الحزب السوري القومي الاجتماعي. وصدر عن مؤسسة "فجر النهضة" للنشر في بيروت.وتعبير "صوبيا" يعني المدفأة التي يتقي الانسان بها برد الشتاء. ويتذكر من عرف الشاعر الساخر في الحزب السوري القومي الاجتماعي ان حماسته المفرطة للحزب في اواخر خمسينات القرن الماضي قد ورّطت الحزب في دعاوى قضائية وطلبات تعويضات مالية بسبب حملات الماغوط الشديدة السخرية على سياسيين من خصوم الحزب.والماغوط الساخر حتى من نفسه لم يسلم حزبه وبعض رجاله من السخرية حتى خلال عمله النشيط فيه. وسئل الماغوط مرة في سنواته الاخيرة بعد ان توقف عن انتمائه الحزبي عن سبب انتمائه الى الحزب فقال ساخرا كعادته انه لفقره كان خلال صباه في مدينته السلمية في سوريا يلجأ الى مكاتب الاحزاب ليتدفأ وكان لدى الحزب في مكتبه في السلمية "صوبيا" لم تتوفر لغيره من الاحزاب فانتسب اليه.لكن السجلات الادبية وذاكرة من عرفه في الحزب تعرف ان حماسته للحزب كانت كما قال احدهم بحاجة "الى ثلاجة" لا الى مدفأة. وقد هرب الماغوط الى لبنان بعد مطاردة السوريين القوميين اثر اغتيال العقيد عدنان المالكي في دمشق عام 1954 .وفي لبنان خاض الماغوط اشرس المعارك القلمية مع خصوم الحزب وكتب ما يعتبره بعض النقاد من افضل نتاجه الشعري وسخريته ان لم يكن افضله على الاطلاق. ومن ذلك قصائد مجموعته الشهيرة "حزن في ضوء القمر" واعمال عديدة اخرى اورد كتاب داية قسما منها.جاء في كلمة الناشر على غلاف الكتاب وصف على طريقة "ما قلّ ودلّ" اذ قال "يتوزع القسم الاول من هذا الكتاب بفصوله السبعة على حياة محمد الماغوط الحزبية التي بدأت عام 1950 واستمرت اثنتي عشرة سنة. واحتراف العمل الصحافي في (البناء) البيروتية وغيرها من دوريات الحزب القومي وبعض الصحف الاخرى اضافة الى ادبه الملتزم والمتميز بسخريته الفطرية."ويتضمن القسم الثاني عشرات القصائد والمقالات ورواية "غرام في سن الفيل" وهي من بواكيره المجهولة. "اما صوبيا الحزب القومي التي نوه بها الماغوط اكثر من مرة فقد أمّنت له الدفء الروحي وفجرت سخريته الكامنة."وكان بعض النقاد والادباء الذين لم يعرفوا الماغوط الا من خلال كتاباته البارزة والاخيرة او عرفوه في سنواته الاخيرة ولم يعرفوه من خلال سنواته الحزبية قد سجلوا بعض المآخذ على كتاب داية هي في رأي عدد كبير ممن عرفوا الشاعر الراحل ومنهم كاتب هذه السطور ليست محقّة تماما.فداية الذي يغوص في التاريخ الفكري والادبي اللبناني والعربي الحديث تحدث في المقدمة عما اسماه نكتة الماغوط او "نهفته" كما وصفها. قال داية انه من خلال اصداراته عن عصر النهضة وما بعده وآخر هذه الاصدارات كتاب صدر حديثا عن جرجي زيدان وعد القراء باصدار كتب اخرى "تتناول باحثين وادباء وفنانين قوميين آخرين تركوا الحزب او طردوا منه او استمروا في صفوفه ومن هؤلاء محمد الماغوط."واضاف داية "ما هو مبرر اصدار كتاب عن اديب قومي يقول هو ان سر انضوائه في الحزب القومي دون غيره من الاحزاب ناجم عن وجود مدفأة" في مركز الحزب ناهيك عن انه "جمع التبرعات والاشتراكات الحزبية واشترى بها بنطلونا بدلا من تسليمها" للمسؤول المالي المحلي في السلمية. وقال داية "طبعا لو كانت نهفة المدفأة والبنطلون صحيحة لما كان من مبرر لنشر مقال عن حياته الحزبية ونتاجه العقائدي فكيف باصدار كتاب. لكن عشرات القصائد النثرية والمقالات العقائدية والسياسية الممهورة بتوقيع محمد الماغوط حينا او باحد اسمائه المستعارة احيانا تبرر اصدار الكتاب وتؤكد في الوقت نفسه ان نهفة المدفأة والبنطلون تنتمي الى الادب الخيالي الساخر."ونشر داية بين ما نشره من كتابات وقصائد الماغوط القديمة مقالة وجدانية قال ان الشاعر افتتح بها مقالاته الحزبية هي مقالة "ذكراك في قلبي الى الابد" المشهورة التي نشرها في مجلة (الدنيا) الدمشقية في 29 سبتمبر ايلول عام 1950 وقد وجهها الى زعيم الحزب القومي ومؤسسه انطون سعادة بمناسبة اعدامه في 8 يوليو تموز 1949 .واورد داية امثلة عديدة منها مقالة اخرى نشرها الماغوط في جريدة (البناء) البيروتية قال فيها ان الحزب السوري القومي الاجتماعي هو "اعظم حزب في تاريخ هذه الامة" واضاف باسلوبه الساخر المتميز ان "مباديء هذا الحزب العظيم لا تزيلها حرب الاعصاب والاغتيالات لانها ملتصقة كالاعلانات في قلب الشعب وضميره الحي."الكتاب الذي يعتمد التوثيق الذي تميز به داية اشتمل على " نصوص مجهولة" نشير من بينها الى 34 مقالا بينها الوجداني كما في مقالته السالفة الموجهة الى سعادة وبينها السياسي الساخر والحاد في مهاجمة خصوم الحزب والدفاع عنه وهي مجرد قسم من كتابات الماغوط وبعضها قبل لجوئه الى بيروت ومعظمها بعده.ومما اشتمل عليه الكتاب تجدر الاشارة الى 16 قصيدة "مجهولة" للماغوط فضلا عن رواية "غرام في سن الفيل" وفهرس اعلام وباب لصور للماغوط.في نهاية الامر كتاب داية عمل توثيقي متميز ويشكل قراءة ممتعة في قصائده وفي مقالاته التي تثير فيك الغضب القومي حينا وتجعلك تضحك حينا اخر. وفي هذه الحال قد يقول القارىء المتذوق للادب ومهما كان فكره السياسي : بوركت الصوبيا التي اسهم "دفئها" في اثراء تجارب الشاعر الراحل فاعطي روائع ابتداء من "حزن في ضوء القمر" وصولا الى المجهول الذي يكشف عنه داية. قراءة ممتعة .. انه محمد الماغوط.
اعلن المكتب الاعلامي للنائب السابق اسامة سعد، في بيان اليوم، ان سعد تلقى المزيد من الاتصالات والتقى وفودا اشادت بمواقفه "المبدئية الشجاعة في معركة بلدية صيدا".
وافاد البيان ان جميع الوفود، "عبرت عن التقدير للمبادىء والتوجهات التي خاضت تحت رايتها "لائحة الإرادة الشعبية" المعركة البلدية في صيدا، كما عبرت عن استنكارها لممارسات السلطة، واللجوء إلى استخدام المال والضغوطات والترهيب والتزوير من قبل الحلف المالي السلطوي المذهبي، وهو ما أدى إلى تزوير نتائج الانتخاب، وفوز لائحة لا تعكس الإرادة الشعبية فعليا، مشيدين بقدرة اللائحة المدعومة منه والحصول على ثلث أصوات المقترعين .
ومن أبرز المتصلين: رئيس الجمهورية السابق أميل لحود، الأمين العام للحزب "الشيوعي اللبناني" الدكتور خالد حدادة، الأمين العام لحركة "الشعب" نجاح واكيم، الوزراء السابقون: عبد الرحيم مراد، وميشال سماحة وفايز شكر، معن بشور، الشيخ أحمد الزين، الشيخ ماهر مزهر، النائب السابق فيصل الداوود، الشيخ صهيب حبلي، المسؤول عن قوات الفجر الحاج عبدالله الترياقي . ومن الوفود الزائرة، وفود شعبية من مدينة صيدا، ووفد يضم فاعليات وشخصيات من مدينة بيروت برئاسة أمين سر جمعية "شبيبة جورج حاوي" رافي ماديان، ورئيس حزب "التيار العربي" شاكر برجاوي.
26 عاماً وهذا الرجل يخضع في سجون بلد الحريات في فرنسا ما بعد الثورة الفرنسية، ففي العام 2010 لا تزال سجون فرنسا تضمّ سجيناً من بلدة القبيات العكارية حتى بعد أن استهلكت محاكم التفتيش الحديثة تهمها واستنفدت سنوات الحكم المنصوص عليها في القانون بعشر سنوات إضافية.يقول جورج عبد الله في تسجيل صوتي من داخل سجنه "نعم للإلتفاف حول السلاح المقاوم عبر تعزيز صمود الجماهير الشعبية الضمانة الأساسية لشرعية استمرارية كل عمل مقاوم".في القبيات عام 1951 ابصر جورج عبدالله النور في عائلة بسيطة لأب رقيب في الجيش اللبناني، أول من شدّ الطفل المتفوق دراسياً خارج مقاعد المدرسة لقاءه الفلسطينيين في طرابلس بعدما شردتّهم النكبة. وفي تلك الأيام عندما كان المدّ القومي واليساري يجتاح قرى لبنان وبلداته بدأ جورج عبدالله حياته من صفوف الحزب السوري القومي الإجتماعي فتلقّى تدريبات عسكرية جدية ونذر نفسه في سبيل قضية فلسطين.حمل جورج السلاح مدافعاً عن مخيمات الشمال والجنوب ليبدأ مرحلة جديدة من العمل مع حركة فتح اولاً قبل ان يشدّه الفكر الماركسي ويلتزم العمل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.عبدالله المناضل مارس مهنة التعليم منذ عام 1970 حتى اعتقاله 1984 الاّ أن تعاظم الضغوطات الداخلية على المقاومين دفع به الى التطلّع نحو الخارج عام 1978 فأسسّ مع عددٍ من المناضلين مجموعة قتالية وضعت نصب عينيها استهداف المصالح الإسرائيلية والأميركية في الخارج. ومن أعضاء المجموعة جوزفين عبده التي اعتقلت 12 عاماً في ايطاليا، وأحمد المعجوري من البيرة الذي اعتقل في ايطاليا أيضاً.في مدينة ليون وبتعاون بين الموساد وعددٍ من أجهزة المخابرات إعتقل جورج عبدالله عام 1984 بتهمة حيازة اوراق ثبوتية غير صحيحة وحكم عليه بالسجن 4 سنوات لكنّ السلطات الفرنسية اعادت محاكمته عام 1986 بتهمة حيازة اسلحة ومتفجرات ليسجن 4 سنوات أخرى. وبضغط اسرائيلي اميركي حكم عليه بالسجن المؤبد عام 1987 بتهمة التواطؤ في اعمال سميّت ارهابية.وبما أنّ حكم المؤبد يعني في فرنسا السجن 15 عاماً فان جورج إستوفى شروط إطلاق سراحه منذ عام 1999.رفضت النيابة العامة الفرنسية مراراً منذ ذلك العام اطلاق سراحه ومن الحجج المقدمّة أنّه يتابع من سجنه كل نشاطات التضامن مع الشعب الفلسطيني والحركات السياسية المقاومة وهذا يُشكّل دليلاً على خطره وعدم جواز اطلاق سراحه.كان يُمكن لجورج عبد الله ان يعتذر علناً عن تاريخه ليخرج الى الحرية ولكنّ بين حرية ثمنها المهادنة والمساومة وسجن يحفظ الكرامة والموقف اختار البقاء في سجنه ومن خلف تلك القبضان لا يزال يقول "لست نادماً وإذا عاد الزمان الى الوراء سأكررّ مجدداً ماقلته".
أوغاريت دندش
«فارس عربي أصيل»، هكذا وصفت جيهان حيدر سليمان زوجها الأسير في فلسطين المحتلة الدكتور هاني سليمان في وقت تحاول الاطمئنان إلى صحة زوجها وتستقبل المتضامنين مع العائلة في محنتها. وهاني سليمان واحد من مئات المتضامنين مع قطاع غزة على متن «أسطول الحرية» الذي هاجمته اسرائيل الاثنين واقتادت مئات من افراده الى سجونها بعدما قتلت عددا منهم. اصر على ركوب أمواج الخطر للوصول إلى البرّ الفلسطيني المحاصر رغم سنواته الـ62. وانطلق في رحلته قبل عشرة أيام على ما قالت زوجته. هناك، في المياه الدولية قبالة القطاع المحاصر، أصيب سليمان برصاصة إسرائيلية من تلك التي أطلقت عشوائيا على الناشطين العرب والاتراك والأوروبيين. الزوجة بدت منشغلة كثيرا منذ الصباح الباكر. فالأقارب والمحبون والأصدقاء بدأوا يتدفقون إلى المنزل منذ سماع اسم الدكتور على وسائل الإعلام. في البداية رفضت التحدث إلى الصحافيين. ولكن مع انهمار الطلبات عليها، قررت أن تحكي عن «زوجها البطل»، الذي قرّر أن يواجه إسرائيل بسلاحين: رأيه وجسده الاعزل. روت لـ «الراي» قصة وصوله إلى فلسطين المحتلة. ذهب إلى أنطاليا في تركيا أولا، ومن هناك إلى قبرص، حيث تأخر انطلاق الاسطول اسبوعا بسبب منع البرلمانيين والناشطين الأوروبيين من الالتحاق به. ودقت ساعة الابحار مساء الاحد في اتجاه الحدود البحرية لقطاع غزة. أستاذ العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، الرجل الذي «أمضى حياته مفتشا عن طرق مساعدة الآخرين، وعبثا كنت أقنعه بأن يهتم بعائلته أكثر وكان يصرّ على أنّ الاهتمام بالناس يجب أن يكون أساسيا»، على قول زوجته، لم يأبه بالتحذيرات العائلية خوفا على صحتّه، وأصرّ على التوجه إلى غزة مع مئات آخرين. هذه المرة كان مطمئنا أكثر لأنّ المسافرين معه بينهم أوروبيون كثر، و«كان مقتنعا بأنّ الاتجاهات بدأت تتغير مع انضمام الشعوب الأوروبية إلى الشعوب العربية في رفض أعمال إسرائيل العدوانية». لكنّ توقعات سليمان لم تكن في محلها، فالأوروبيون والأتراك تعرّضوا لإطلاق النار قبل سواهم. اكدت الزوجة أنّ سليمان لا يمارس أيّ نشاط سياسي محليّ سوى مناصرة الفلسطينيين والعراقيين: «ترشح فقط للانتخابات النيابية العام 2005 وحصل على نحو 5 آلاف صوت. ترشح يومها ليقول إنّه مستقلّ، وفي البقاع الغربي لأنه يعتبره نموذجا مصغرا عن لبنان، يضم غالبية الطوائف والانتماءات السياسية، علما انه من بدنايل في البقاع الأوسط». واضافت جيهان، المتعبة من قلة النوم والسهر أمام شاشة التلفزيون في انتظار الأخبار الجيدة أو السيئة، أنها تخاف على زوجها لكنّها مؤمنة بما يؤمن به: «نحن متفقان لكننا نختلف في التفاصيل وفي الخوف عليه وعلى صحته». وذكرت أنّه كان منسق «سفينة الاخوة اللبنانية» التي احتجزها الاسرائيليون مطلع فبراير 2009 بعدما حاولت دخول غزة اثر انتهاء الهجوم الاسرائيلي عليها. وكان ايضا واحدا من الذين حاولوا فك الحصار عن العراق قبل الغزو الأميركي العام 2003 فاستقل الطائرة الاولى التي حطت في بغداد. تاريخه حافل إذا بالوقوف في وجه الاحتلال. توجّه العام الماضي إلى غزّة حيث اعتقل وضُرب «وتضارب مع الاسرائيليين»، على قول الزوجة التي اصرت على أنّه «رجل المغامرات الصعبة الذي يريد طوال الوقت أن يساعد المظلومين وأن يكون في الصفوف الأمامية لنصرتهم». ابنته ريم، طالبة الدراسات العليا التي تعتبر والدها «بطلا» وتتحدث عنه بفخر واعتزاز، قالت من جهتها إنّها كانت خائفة عليه وطلبت منه ألا يذهب، لكنّها كانت في داخلها مقتنعة بذهابه «وأنّه يجب أن يكون هناك لأنّ هذا ما يفكر فيه وهذا ما يجب أن يفعله وإلا لا يكون الدكتور هاني». واضافت ريم «فرحت بذهابه لانه ذهب باندفاع غريب. وحتى حين اتصل كان يطمئننا ولا يطلب منا ان نرفع معنوياته، انه شجاع باستمرار، كان وسيظلّ أقوى من الاسرائيليين». لا تتردد الابنة في الابتسام وحتى الضحك، فالجو في منزل سليمان ببيروت ليس حزينا. الأصدقاء والأهل فرحون بما فعله، النساء والرجال يملأون المنزل، والمراسلون يتقاطرون للحصول على أحاديث من الزوجة والابنة والابن، أدهم، الذي اتصل به والده عند الاولى بعد الظهر وطمأنه الى صحته وصحة الذين معه من اللبنانيين. روى أدهم انّ الاتصال الأخير بوالده كان عند الساعة الحادية عشرة ليل الأحد على بعد 120 ميلا بحريا من ميناء غزة. وابلغه في تلك اللحظة ان السفن الإسرائيلية بدأت تتصل بالقبطان وتحذره من إنّه ممنوع من دخول المياه الإسرائيلية. وقالت الزوجة انّه كلمها عند الساعة 3.30 فجرا، قائلا إنّه صار على بعد 100 ميل من الشاطئ الفلسطيني ولا شيء خطيراً حتى الآن. «وبعدها انقطعت الاتصالات، لأعرف عند الساعة 4.30 فجرا انّ الأسطول تعرض للاعتداء، ولأرى صباحا صوره جريحا». وتابع أدهم أنّه عند الاولى بعد الظهر اتصل به والده من رقم غير معروف وكلّمه لأقل من دقيقتين، مطمئنا الجميع: «معنوياته كانت عالية جدا وصوته جيد جدا ولا يبدو عليه الخوف أو الحزن، بل كان شجاعا كعادته». اكد الابن أن «دم والدي ليس أغلى من دماء الفلسطينيين، وليس أغلى من دماء أكثر من 9 آلاف أسير في السجون الفلسطينية. لذا هو مستعد لان يضحّي بنفسه من أجل رفع الحصار عن كل مظلوم وعن الفلسطينيين في غزة وغيرها». سليمان المعتقل اليوم في إسرائيل كان مقتنعا بأنّ «أسطول الحرية» سيفكّ الحصار عن غزة، وأنّه ليس عاديا وعابرا كما صوّر البعض، وأنّ التحركات المدنية يمكن أن تغيّر من مجرى الاحداث. واكدت زوجته أنّ «الإسرائيليين جبناء وإلا لما اعتدوا على مدنيين يحملون الإسمنت والأدوية والمواد الغذائية للجائعين والمرضى، لا أسلحة ولاعتادا كما ادعوا». العائلة فخورة بما فعله الوالد. تحمد الله على سلامته وتتمنى عودته سريعا وتريد ان يدرك الأميركيون والأوروبيون مدى الهمجية الإسرائيلية ضدّ المدنيين العزّل. وبعد... «الدكتور المغامر» هاني سليمان ترك عائلته وقرّر أنّ يكون جزءا من كسر الحصار على غزة، بعدما شارك في تأسيس «لجنة المبادرة الوطنية لكسر الحصار على غزة». عائلته لا تعرف أين هو اليوم، لكنها تعلم جيدا أنّه حيثما كان، سيكون شجاعا وسيكون أقوى من معتقلِيه، وسيكون سعيدا بممارسة ما لم يتخلّ عنه طوال حياته: ممارسة اقتناعاته.
الرأي-الكويت
الحملة التي اطلقت أخيراً للفصل بين الأخوين رحباني، عاصي ومنصور ولعزل المطربة فيروز وهدم هذا «الثالوث» الفني الكبير، ما زالت مستمرة، وقد نحت منحى فاضحاً عندما رفضت إدارة كازينو لبنان أن تقدم المطربة الكبيرة فيروز على مسرح الكازينو عرضاً لإحدى المسرحيات الرحبانية القديمة في صيغة جديدة. هذا المقال وهو استعادة للأحداث التي حصلت ولتفاصيل الحملة التي ما زالت قائمة، كتبه أفراد من جمعية «فيروزيون» التي انطلقت قبل فترة، جامعة عدداً من المثقفين والشباب الذين يهوون صوت فيروز وأغنياتها. والمقال هذا مدعم ببعض الأحكام القضائية والقانونية الصادرة تباعاً.
يتلعثم القلم أحياناً أمام الواقع، فيلوذ بالخيال. لنتخيّل إذاً المشهد الآتي: فيروز ماثلة أمام القاضي. القاضي يتهمها بسرقة فنّ الأخوين رحباني المجسَّد بصوتها. في هذه القصة أمران يرفضهما عالم الخيال لسببَيْن مختلفَيْن. الأول لأنه حقيقيّ، ويتمثل بالدعوى وبالمدّعي (منصور الرحباني أولاً، وورثته بعد رحيله). والثاني لأنه سرياليّ: فيروز وراء القضبان!
كمّ مرّة سألنا لماذا تبخِل فيروز في إطلالاتها علينا؟ الحقيقة أتتنا مدوّيةً من خلف الصمت. كالغضب الساطع أتت. كدخول يسوع الناصري إلى هيكل التجارة والأحقاد والمكائد.
من الدعاوى المالية وبلاغات الاستحضار إلى الإنذارات بالملاحقة القضائية، والاتهامات بمخالفة قانون حماية الملكية الفكرية والأدبية، وصولاً إلى قرار وزارة التربية بتشكيل لجنة لتخليد «فن وأدب» منصور الرحباني والعائلة الرحبانية في المناهج التربوية... أحداث كثيرة وتفاصيل مثيرة، تفضح خطة مدروسة لتقويض السيدة فيروز وتهميش العمود الفقري في الحالة الرحبانية، أي عاصي وعائلته. من الوقائع ما بات متداولاً ومعروفاً، لكن أهمها لا يزال سرياً للغاية.
بالنسبة إلى الناس، برز الخلاف العائلي بعد رحيل منصور. وجرى الحديث في الإعلام عن استغيابه لشن حملة عليه من قِبل عائلة عاصي، بدأت بالبيان الذي أصدرته ريما الرحباني اعتراضاً على القرار الوزاري الآنف الذكر. لكن في الواقع المشكلة بدأت مع منصور، ثم تفاقمت إثر رحيله... و «المؤامرة مستمرّة».
ففي الوقت الذي كانت فيروز تتحدى تعب السنين وتجهد في التمرين والتسجيل، وزياد يعمل في إعادة التوزيع الموسيقي لمسرحية «صحّ النوم»، كان منصور الرحباني وأولاده يضعون، على ما يبدو، اللمسات الأخيرة على سياسةٍ جديدة/قديمة للتعاطي مع وريثة عاصي الرحباني. ناهيكم عن حملة التطاول الممنهجة على فيروز في الصحافة خلال الفترة الأخيرة (جهاد فاضل وديانا وهبه صديقة عائلة منصور، وغيرهما طبعاً)، والتي سعت الى تشويه الحقائق بغية إظهار فيروز على أنها شخصية «شريرة» في سجلها تصرفات رخيصة ومجحفة بحق عائلة منصور (مثل التصريح بأن DVD حفلات دبي تمّ سحبه من السوق بسبب عدم دفع فيروز المستحقات المترتبة لمنصور عن هذا الإصدار). وكل ذلك يُنسَج ويُظهَّر إلى العلن في ظلّ التعويل الضمنيّ على الصمت المعهود عند فيروز وأولادها.
نبدأ كرونولوجياً بسرد الأحداث نسبةً إلى الوثائق التي تثبت صحتها. نحن إذاً أمام ثلاث مراحل: قبل وفاة منصور، إثر وفاة منصور (القرار الوزاري)، وبعد وفاة منصور. في 2 نيسان (أبريل) 2008، طلب المدّعي، الأستاذ منصور الرحباني، من المحكمة الابتدائية الثانية في المتن (مالية)، تبليغ المدّعى عليها، السيدة نهاد حداد، المعروفة باسمها الفنيّ «فيروز»، استحضاراً في الدعوى المالية المقامة من قِبل الأول ضدّ فيروز. نوع الدعوى مالية. وقيمتها مئة ألف دولار أميركي. والسبب: «بدون الحصول على إذن أحد مؤلفي «صحّ النوم» الأستاذ منصور الرحباني، أقدمت المدّعى عليها على تقديم هذه المسرحية في دمشق على مرّات عدة (...) بالإضافة إلى حفلتين غنائيتين أحيتهما المدّعى عليها في البحرين من كلمات وألحان الأخوين رحباني (...) من دون أن تبادر هذه الأخيرة إلى الاتصال بالمدّعي (...) كي تحصل على الترخيص منه لعرض المسرحية والأغاني، أو لكي تعرض عليه حقوقه المشروعة كمؤلف وملحن هذه المسرحية، فضلاً عن أنها متمادية في تأدية إنتاج الأخوين رحباني، أي المرحوم عاصي والأستاذ منصور بدون الاهتمام في المحافظة على حقوق هذا الأخير المشروعة، الأمر الذي حمل المدّعي على أن يتقدّم بهذه الدعوى». في الدعوى، أضيفت فقرات عن قانون حماية الملكية الفكرية والأدبية، ورَدَ فيه التضليل التالي: «لصاحب حقّ المؤلف وحده الحق في استغلال العمل مادياً وله في سبيل ذلك الحق الحصري في إجازة أو منع أداء العمل (...)». وهنا يحدّد المدّعي بدل العطل والضرر موقتاً بمبلغ مئة ألف دولار أميركي بالإضافة إلى «الفائدة القانونية من تاريخ تقديم الدعوى حتى الدفع الفعلي والرسوم والمصارفات والعطل والضرر والأتعاب». لن نتبع هنا لدحض هذه الدعوى القنوات الأخلاقية والتاريخية الفنية. بمعنى أن نقول: حتى لو كان هذا محقاً من الناحية القانونية، هل يجوز ملاحقة فيروز في جرم أداء أعمالها؟ مستندين إلى التأويل التالي: حتى لو أن فيروز ليست هي صاحبة العمل نصاً ولحناً، لها حق التصرّف به لمجرد أدائها العمل بصيغته الأصلية ولولاها لما وصل إلى الناس، وبالتالي فالناس تحضر الحفلات لمجرّد وجود فيروز على المسرح. هذا صحيح. لكن، ما دام دحض النص بالنص ممكناً، لما اللجوء إلى منطق الأخلاق المعرَّض للتأويل؟! إذاً، دعوى منصور ترتكز على حقه الحصري في إجازة أو منع أداء العمل موضوع الدعوى («صحّ النوم» وأغاني الأخوين رحباني). لكن الأخوين رحباني مسجلان في «جمعية المؤلفين والملحين وناشري الموسيقى» (SACEM)، ومركزها باريس، في 13 كانون الأول 1963. ويقول قانون هذه الجمعية حرفياً: أولاً، على لسان المنتسبين إليها (طلب الانتساب): «أقبل الانضمام للجمعية بدون أي قيد طبقاً لقانونها الأساسي (...)، ولها وحدها وفي نطاق أغراضها الحق في الترخيص أو منع الأداء العلني والتسجيل الميكانيكي لجميع مصنفاتي بمجرد تأليفي لها»... ألخ. وثانياً، في قانونها: «تتمتع SACEM (...) بصلاحية القيام بما يلي: إجازة أو منع التأديات العمومية للأعمال الفنية المختلفة وإعطاء التراخيص بهذه التأديات». هذا لجهة طلب الترخيص بأداء المؤلفات. أما بالنسبة إلى المستحقات التي تعود إلى مؤلف العمل، فالقانون واضحٌ أيضاً، وترعاه وزارة الثقافة اللبنانية. وقد صدر في هذا الخصوص مراسيم نافذة وقرارات تنظم كيفية تأسيس وعمل جمعيات وشركات الإدارة الجماعية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والتي تؤكد باختصار أن الجمعية المذكورة مخوّلة وحدها إعطاء التراخيص في الأداء العلني، وكذلك تحصيل وتوزيع العائدات على أعضائها والشركاء فيها. إذاً، لا يحق لمنصور وأولاده مطالبة فيروز بترخيص منهم لعرض أعمال الأخوين رحباني، كما لا يحق لهم مطالبتها بالعائدات المترتبة لهم جرّاء أداء هذه الأعمال. إذاً، علاقتهم مع SACEM في الحالتين.
كما نعرف، عُرضَت «صحّ النوم» في الـ «بيال» بعد إلغاء العروض في مهرجانات بعلبك جرّاء عدوان تموز (يوليو)، وذلك قبل العروض في دمشق وحفلة البحرين. غير أن منصور الرحباني لم يعترض على عروض بيروت لسببَيْن. الأول، هو اعتقاد الأخير أن رحلة «صحّ النوم» ستنتهي في بيروت. وبالتالي تفاجأ في انتقال العروض إلى بعض الدول العربية. والثاني، مرتبط بالأول، ولكن على شكل آلية معتمدة من منصور. هكذا، عندما ورد خبر دعوة فيروز لتقديم «صحّ النوم» في الشام إلى منصور وأولاده، عرض الأخيرون على المنظمين أعمالهم بديلاً عن زيارة فيروز. ولمّا رفض القيمون، باشر منصور بإرسال إنذار إليهم (وإلى فيروز)، يحذرهم من استقبال فيروز التي لم تحصل على الترخيص (غير القانوني أساساً) من مؤلف العمل، أي منصور الرحباني أحد الأخوين. هذه الآلية اعتمدها منصور في دمشق والشارقة والبحرين.
أضِف كذلك إلى تلك الآلية في نسختها الدمشقية الميزات الخاصة الآتية:
الأولى. بعد رفض العرض «المنصوري» من قِبل المنظمين، والذي ولّد حكماً إنذاراً فورياً، لم يتأخر منصور من تسجيل «موقفٍ شريفٍ» يتلقفه محبّو فيروز كوقفة تاريخية إلى جانبها. إذ بادر إلى الدفاع عن حريتها في الذهاب متى تشاء إلى الشام (!)، رداً على الانتقاد الشهير لزيارتها العاصمة السورية من جانب أعداء النظام السوري السابقين في حركة 14 آذار اللبنانية.
الثانية. في 28 كانون الثاني (يناير) 2008، وبالتزامن مع الإنذارات المتعلقة بعروض «صحّ النوم» في دمشق، دعا منصور إلى حفل توقيع إصدار منفرد من قبله لمجموعاتٍ شعرية تتضمن مجلداً خاصاً بعنوان «قصائد مغناة» (للأخوين رحباني) من دون علم أو استئذان أو مشاركة أي من ورثة عاصي.
الثالثة. حاول منصور الرحباني عرقلة العروض الدمشقية عبْر منْع الممثل أنطوان كرباج (علماً أن دوره محوريّ في «صحّ النوم») بالسفر مع فيروز، وذلك بسبب مشاركة الأخير بمسرحية «زنوبيا». هكذا أرسل رسالة عبر الفاكس إلى محامي فيروز، مكتوبة بخط اليد وموقعة بتاريخ 12 كانون الأول (ديسمبر) 2007، تقول (نوردها حرفياً): «نظراً لتضارب مواعيدنا في الحفلات لن أسمح لانطوان كرباج اللذي (الذي) يمثل دوراً هاماً في زنوبيا، قلت لن أسمح له بالذهاب مع صح النوم الى سوريا، الرجاء الاتصال إذا كنت ترغب بالتفاهم».
تلا إذاً فشل الإنذار الدمشقي (والبحريني أيضاً)، الدعوى المالية التي عرضنا تفاصيلها أعلاه. لكن فيروز «لم تتعلّم». فقبلت دعوة تقديم «صحّ النوم» في إمارة الشارقة. فانطلقت آلية منصور تلقائياً: عرض باستبدال «صحّ النوم» بأحد أعماله فأتى رفض المنظمين لينقل الآلية إلى مرحلة الإنذار، وهذه المرّة عبْر مكتب محاماة إماراتي (كون لأبناء منصور علاقات تجارية في دبي). موضوع الإنذار (16 نيسان 2008): سرقة الحقوق الفكرية المتعلقة بمسرحية «صحّ النوم». وفيه «(...) علماً أنه لا يحق لها (فيروز) إطلاقاً الانفراد في التصرف بهذه الملكية الفكرية دون مراجعة موكلنا (منصور) (... ولمّا كان كذا وكذا)، ولما كان فعلها هذا يشكّل إخلالاً وخرقاً لقانون إتحادي صادر في دولة الإمارات العربية، وسيعرّضها لعقوبتي الحبس والغرامة، لذلك وبوكالتنا عن السيد منصور حنا الرحباني، جئنا بموجب هذا الكتاب ننذر موكلتكم بضرورة الامتناع عن عرض مسرحية «صحّ النوم» في إمارة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة وفي أية دولة أخرى، وإلا سنضطر آسفين إلى مراجعة السلطات المختصة وملاحقتها قانونياً، واتخاذ بحقها كافة الإجراءات القانونية والتدابير اللازمة والتعميم عنها أمام الشرطة وسلطات الموانئ والمطارات ومنعها من الدخول أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة والإدعاء عليها جزائياً وتوقيفها، كذلك استصدار قرار أمام قاضي الأمور المستعجلة يقضي بتوقيف العرض وإلغائه والمطالبة أمام المحاكم المدنية بالتعويض عن الأضرار والخسائر التي ألحقتها بموكلنا». غير أن فيروز ذهبت إلى الشارقة وقدّمت «صحّ النوم». فحاكِم إمارة الشارقة، ولدى معرفته بالموضوع، أخذ المسألة على عاتقه وحذّر من التعرّض للضيفة العزيزة من قبل الشرطة، وأمّن لها وللفرقة الحماية الخاصة، من باب الطائرة في مطار دبي إلى مكان إقامتها وأثناء العروض وحتى انتهاء الزيارة.
بعد انتصار الشارقة على منصور، جاءت هزيمة كازينو لبنان أمام ورثته بعد رحيله. إذ رفضت الشركة المذكورة تقديم فيروز مسرحية غنائية للأخوين رحباني على مسارحها، عاملةً بالرسالة التي وجّهها ورثة منصور إلى إدارتها (14 تموز 2009) والتي يطلبون فيها «الامتناع عن عرض أي من أعمال الأخوين رحباني على أي من مسارح كازينو لبنان دون الحصول على موافقة جميع ورثة الأخوين رحباني»، وراضخةً كذلك إلى الإنذار الذي تلا الرسالة، والموجّه أيضاً إلى فيروز، وفيه بالإضافة إلى التفاصيل القانونية (المزيّفة) والتهديدات بالملاحقة القضائية: «نحذر السيدة نهاد حدّاد المعروفة باسم الفنانة «فيروز» من عرض أي مسرحية أو أي عمل للأخوين رحباني بدون موافقة ورثة المرحوم منصور الرحباني». ليست المشكلة في عدم تحدّي الكازينو للتهديدات الباطلة فحسب، بل أيضاً في تنازل هذه الشركة عن حقٍ يمنحها إياه عقدٌ سنويّ موقعٌ مع SACEM، يجيز للكازينو استغلال أي من الأعمال الفنية موضوع دليلها الفني (أيّ، أعمال المؤلفين المنتسبين، والأخوين رحباني من بينهم) في صالاته ومسارحه، عن طريق الأداء العلني المباشر... ألخ.
وأكثر من ذلك، أنتج كازينو لبنان مسرحية «صيف 840» (الموقّعة باسم منصور على رغم إنجازها قبل رحيل عاصي) التي قدمها أولاد منصور على مسرحه. علماً أن فيروز كانت تحضّر لعرض مسرحية «يعيش يعيش». يا للخسارة المزدوجة!
من جهتها، ردّت فيروز على المعنيّين (عبر محاميها)، فذكّرت بالقوانين التي ترعى المسألة من كل جوانبها. وشدّدت على أن لا حقّ لمنصور وورثته في منعها من تقديم أعمال الأخوين رحباني بحسب قانون SACEM. كما ذكّرت الكازينو (27 تموز/يوليو 2009) بالعقد الموقع بينه وبين الشركة المذكورة. وأنذرت أيضاً SACEM (7 كانون الثاني 2010) على تدخلها عن سوء نية لدى كازينو لبنان (بإيعاز من أولاد منصور) لدفعه على النكول عن الاتفاق معها على رغم الترخيص السنوي الممنوح لكازينو لبنان لاستغلال جميع الأعمال الفنية بما فيها أعمال الأخوين رحباني. وهذا الكتاب، أرسِلَت نسخاً منه إلى وزارتَيْ الثقافة (الوصية على عمل SACEM)، والاقتصاد والتجارة. وفي 17 آذار (مارس) 2010 اعترضت فيروز لدى وزير الثقافة الحالي، سليم وردة، على أداء SACEM في ما يخص مهمتَيْها الأساسيتَيْن: منح التراخيص من جهة وتحصيل الحقوق والعائدات وتوزيعها على الفنانين المنتسبين إليها. كما شرحت تفاصيل المشكلة مع شركة الكازينو. ولكن، لم يحرّك أحدٌ ساكناً حتى اللحظة.
هذا في ما يخص الحفلات والعروض المسرحية. أما بالنسبة إلى الإصدارات المسجلة، فقد حصل أن وقّع منصور الرحباني على إجازة خطية لإصدار DVD يحتوي على تسجيلات حية من عدّة حفلات كانت قد أحيتها فيروز في دبي. ما إن توزّع العمل في الأسواق اللبنانية، حتى استغل منصور العطلة القضائية (صيف 2008) وطلب بسحبه من المحلات بحجة أن فيروز لم تطلب إذنه، وعندما أبرزت الإجازة الخطية الموقعة منه نكر إمضاءه. هنا انتقلت المسألة إلى المحكمة التي أكدت صحة الإجازة، وعاد الـDVD إلى السوق.
استناداً إلى كل ما تقدّم يمكن تسجيل الملاحظات والخروج بالاستنتاجات الآتية:
أولاً، إن عدم شرعية الفرض على فيروز موافقة منصور وورثته لأداء أعمال الأخوين رحباني ومطالبتها بالمستحقات المترتبة للشريك في التأليف قبل العرض (علماً أن هذا الموجب يقع عادة على المنتجين وليس المؤدين وذلك بعد إحياء الحفل وليس قبله وبواسطة SACEM وليس بواسطة كل ملحن أو مؤلف على حِدة) يحيلنا منطقياً إلى التالي: إمّا أنّ منصور وأولاده يعتبرون ضمناً أن فيروز (وزياد؟) تسيء إلى العمل الفنيّ. إمّا أنّ في الأمر محاولة لفرض هالة/سلطة المؤلف الثاني (منصور) لتغليب نسبة مساهمته الفنيّة في إبداع العمل الفنيّ، على شريكه التاريخي (عاصي) ممثلاً بوريثته (فيروز). إمّا الاثنين معاً.
ثانياً، إذا اعتبرنا أن مطالب منصور وورثته من بعده مشروعة، ألا يفرض ذلك منطقياً وقانونياً طلب منصور وورثته الإذن من وريثة عاصي قبل استخدام أي من أعمال الرحابنة؟ وأيضاً، ألا يطبّق هذا المنطق على من يريد أداء هذه الأعمال من أي فنان؟ لكن في الواقع، يبدو أن هذا القانون لا يطبّق إلا على صاحبة الحق المعنوي والفني والتاريخي. ماذا عن عشرات المغنيين والمغنيات الذي يجنون أرباحاً من أغنيات الرحابنة من دون طلب إذن، لا فيروز ولا منصور وورثته؟ وكذلك جميع العروض المباحة للغير من طرف أولاد منصور ومن دون العودة الى ورثة عاصي؟ ماذا عن التعدّيات المشابهة التي ترتبط بمشاريع فنية يرعاها ورثة منصور (مثل «الفرسان الأربعة» برعاية غدي الرحباني، وحفلاتهم «الرحبانية» في لبنان والخارج. والعرض الغنائي الذي قدّمته الأخوات طنب على مسرح قصر المؤتمرات، في برنامج يتضمن أغاني الأخوين رحباني بتوزيع غدي أيضاً)؟ ماذا عن الألحان التي «شرشحها» منصور في منح حق استخدامها لأغراض إعلانية رخيصة (دعاية شامبو للأطفال/ «شتي يا دنيي»، وغيرها)؟ هل يترتب على فيروز طلب إذن غناء «شتي يا دنيي»، ودفع نصف مردود أدائها لهذه الأغنية، تماماً كما تستأذن استخدام اللحن شركة إعلان مقابل مبلغٍ زهيد؟ ماذا عن عرض مسرحية «المحطة» في بعبدا، وأيضاً خلال مهرجانات البترون السنة الماضية (حيث جرى تكريم أولاد منصور على المسرح)؟ ماذا عن فيلم «سيلينا» (المأخوذ عن مسرحية «هالة والملك») حيث قام منصور وغدي الرحباني بوضع السيناريو وزجّا فيه أغانٍ جديدة؟ مع التذكير هنا بأنه لمّا وصل الفيلم إلى مرحلة التنفيذ أصدر منصور بياناً (مجلة «الشبكة» عدد 8 كانون الأول /ديسمبر 2008) يستنكر فيه التشويه الحاصل لعمل الأخوين، على رغم أنه هو مَن وضع السيناريو (مع ابنه غدي) وقبض منفرداً أتعاباً باهظة من المنتج نادر الأتاسي. لكنه سرعان ما تراجع عن موقفه، وأوكل إلى غدي مهمة إرسال الدعوات لحضور الفيلم، كما جلس الأخير في الصفوف الأمامية خلال العرض الأول. فما هو مقدار المبلغ الذي قبضه لتمرير «التشويه» (بحسب وصفه).
هل هكذا نكافئ فيروز ونحترم تعبها خلال أكثر من ستين عاماً لنشر فن الأخوين رحباني؟
ثالثاً، لا يمكن إلقاء اللوم على أولاد منصور ولا يجوز تبرئتهم. فالوقائع تدلّ من جهة إلى أن منصور هو «مؤسس» هذا الأسلوب في التعامل مع فيروز، وذلك منذ وفاة عاصي. ومن جهة ثانية، واستناداً إلى مسار الأحداث بعد رحيل منصور، نلاحظ أن الأولاد تابعوا المسيرة على نهج والدهم. وهذا ما يؤكد أنهم كانوا متواطئين مع الوالد، بما أنه كان بإمكانهم إرساء نمط تعامل مختلف مع فيروز بعد رحيل رأس العائلة، ولم يفعلوا.
كل ما تقدّم عنوانه: SACEM لا تقوم بعملها. لا بل تقوم بممارسات غير قانونية مسايرة لأولاد منصور الذين يدعمونها إعلامياً وقد أسّسوا مع هنري زغيب المقرّب منهم مجلس المؤلف اللبناني لدعم نشاطاتها في ظل الانتقاد الذي تتعرض له من قبل جمعية المؤلفين اللبنانية. ومنصور وورثته يستغلون الوضع للسيطرة على فيروز وتحجيم حضورها وللضغط على من يفكّر في دعوتها إلى أي ظهور فنيّ، وإنذاره وتهديده.