قضية فائض السيولة في لبنان

أظهرت إحصاءات جمعية مصارف لبنان أن القطاع المصرفي واصل نموه العام الماضي فبلغت موجوداته أكثر من 350% من الناتج المحلي. وقال التقرير إن ارتفاع الودائع يعود إلى ارتفاع مستوى الفوائد المحلية على الليرة والدولار. وقد وصل إجمالي موجودات المصارف ما يعادل 155.3 مليار دولار. وذكرت الجمعية أن الفوائد العالمية ما تزال عند المستويات المنخفضة،  وأن مجلس الإدارة أوصى الأعضاء في الـ21 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بالالتزام بسقف فائدة عند 7% للودائع بالليرة اللبنانية و4% للودائع بالدولار. توظيف السيولة وقال وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي للجزيرة نت "بقدر ما يشكل فائض السيولة علامة ثقة بالقطاع المصرفي بقدر ما هو غير مريح في غياب توظيف كاف في المشاريع". وأضاف "لذلك أعدت الحكومة من خلال المصرف المركزي سياسة تسليف بالعملة اللبنانية بفوائد مدعومة أبرزها القروض السكنية والتعليمية ودعم الصادرات، ما من شأنه تخفيف الضغط بالعملة اللبنانية على المصارف نتيجة فارق الفائدة بين الدولار والليرة". وتابع "المصرف المركزي دخل على خط دعم القروض بالليرة اللبنانية لخفض كلفة التسليف بالدولار أو حتى أقل من ذلك في قطاعات محددة على أمل زيادة الطلب على الليرة بهدف امتصاص الفائض، علما أن سبب الفائض هو ارتفاع حجم التحويلات من العملات الأجنبية إلى الليرة اللبنانية مما خفض نسبة الدولرة بالاقتصاد اللبناني، ورفع حجم السيولة بالعملة اللبنانية". وعن سبب عدم اعتماد الدولة على الفائض من أجل تنمية محلية, قال الصفدي "بسبب ارتفاع الفائدة بالعملة اللبنانية، تمتنع الدولة عن السلفة من المصارف لتوظيفها في مشاريع مختلفة". في المقابل, رأت غريتا صعب رئيسة دائرة الاقتصاد في جامعة البلمند أن "فائض السيولة ظاهرة غير صحية تفترض امتصاصها في القطاعات المنتجة كالصناعة والزراعة". وقالت للجزيرة نت إن الاعتماد على السياحة في منطقة غير مستقرة لا يضمن مدخولا مستداما, ولن يحفّز الاقتصاد إلا بمشاريع استثمارية خصوصا في قطاع الصناعة. وأضافت أن معالجة الفائض تستدعي تنزيل الفوائد وهو ما يحفّز الاستثمار، والدخول إلى القطاعات المنتجة. واعتبرت الكاتبة الاقتصادية أن "تقرير الجمعية يعني وجود فائض سيولة نسيء الاستفادة منه، وسبب ذلك السياسة المتبعة بلبنان بعدم إيلاء الاهتمام للصناعة والزراعة، والخوف من الاستثمار في السوق العالمية بعد الأزمة". واعتبرت أيضا أن "الدولة لم تعر قطاعي الزراعة والصناعة الاهتمام بتشجيع القروض والاستثمارات فيهما، ولم تسع لتخفيف الديون، وكل هدفها خدمة الدين العام". ورأت أن "استمرار الفائض يسبب انخفاضا في قيمة العملة اللبنانية وفي أسعار الفوائد". رشا بو زكي -الجزيرة نت مؤشر سلبي أما الكاتبة الصحفية في شؤون الاقتصاد والناشطة السياسية والاجتماعية رشا بو زكي فرأت من جهتها أن "ارتفاع قيمة الودائع نسبة إلى الناتج المحلي مؤشر سلبي سببه اعتماد الدولة سياسة إبقاء أسعار الفائدة المحلية على مستوى مرتفع جدا نسبة إلى أسعار الفائدة العالمية". وأشارت في تصريح للجزيرة نت إلى أن أسعار الفائدة العالمية انخفضت كثيرا بفعل الأزمة المالية العالمية، وهو ما يؤدي حسب قولها إلى جذب الودائع إلى المصارف التجارية اللبنانية بشكل آلي. ولاحظت أن "80% من الدين العام هو داخلي، ومن هنا فإن ارتفاع أسعار الفائدة إلى هذا الحجم يؤدي إلى ارتفاع خدمة الدين العام، ولتغطية هذا الارتفاع تلجأ الحكومات إلى زيادة الضرائب والرسوم على المواطنين، ليصبح هؤلاء الممولين الأساسيين لأرباح المصارف". وختمت رشا بو زكي بأن "الودائع المصرفية المتهافتة على المصارف اللبنانية بعد الأزمة المالية العالمية حافزها الإفادة من الفوائد المرتفعة، وهي توظّف في القطاع العقاري لأن الربح العقاري والمضاربة العقارية معفيان من الضرائب". وقالت أيضا إن هذا يرفع أسعار العقارات والأبنية السكنية، ويحدث تضخما كبيرا يحيق بفقراء لبنان ومتوسطي ومحدودي الدخل
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة