ريان الهبر: "بند جزائي" فشة خلقنا وخلق الناس ومشروعي الخاص هو "بسيطة

حلم أن نكون في عالم لا يعرف سوى الموسيقى، والأجمل أن نبقى نحلمه مثل ريان الهبر الآتي من عالم  موسيقى تتأجّج بالهمّ العام حيناً، وبالسخرية الإجتماعية أحياناً، وبما يحلو لنا من حزن أو فرح أو تفكير. اليوم لا بدّ من موسيقى صافية يتطلّع إليها ريان وإن كانت ستحمل مضمونها وتقول شيئاً للجمهور، موسيقى تشبه حماسته للتأليف والتلحين والتوزيع، كما تشبه  تلك "الحرب" الجميلة التي يشنها مع رفاقه الموسيقيين من أجل أحلام الأغاني عبر فرقة "بند جزائي" في نادي "موجو". ولكي تبقى أغاني لبنان في لياليه تعيش وتحلم من دون حرب ولا إزعاج، كان هذا الحوار مع ريان الهبر الموسيقي الذي يحرّضك  بتطلعاته على محاولة إكتشاف أسرار شوقه الكبيرفي موسيقاه المتوهجة شباباً.* ماذا تخبرني عن "بند جزائي"؟ - "بند جزائي" مشروع انطلق مع مجموعة شباب متأثرين بالأغنية اللبنانية، وأنا عضو في الفرقة مثل كل الأعضاء، فلكلّ منا مشروعه الموسيقي وهو دينامو في وظيفته، أما وظيفتي فهي الإشراف وإعداد الأغاني. نحن نقدّم أغاني لبنانية قديمة يعود عمر بعضها إلى خمسين سنة، نقدّمها في إطار معاصر، وهذه التوليفة  ذات القيمة الكبيرة تنسجم مع السهرات الليلية لإيقاعها الراقص، فنكون بذلك قدمنا أعمالاً محترمة وقيّمة وليست رخيصة كالأغاني التي يتم التركيز عليها في الإذاعات.* هل تقصد أنه تواصل مباشر مع ليالي الناس بأسلوب راق؟- صحيح، الناس يريدون أن يسهروا ويرقصوا، ونحن كموسيقيين نريد أن نعمل لنصرف على مشاريعنا المحترمة التي لا تطعم خبزاً في هذا البلد، فعملنا على هذه الخلطة. فمن قال إن أغنية "يا جار الرضا" لزكي ناصيف لا تثير تلك الحماسة للرقص، وكذلك أغنية طوني حنا "طال السهر" أو "يابا له لا لا" من التراث اللبناني... هذه الأعمال تعيش كلما قدمت، وفرقة "بند جزائي" ولدت على أساس هذه الأجواء فبدأت في النوادي الليلية وليس في المسارح وعمر الفرقة عام واحد، وهي تملك كل المقومات لتصير فرقة مسرح.* قلت إنك وأفراد "بند جزائي" كلّ يحمل مشروعه الموسيقي، أخبرني عن ذلك أكثر ...- نعم، هم  موسيقيون محترفون مثل بشار فران (غيتار بايس) وأسامة عبد الفتاح (عود) وغسان سحاب (قانون) وأحمد الخطيب (آلة الكاخون الإسبانية)، ورامي معلوف (فلوت). ورامي هو دينامو الفرقة في الدعايات والتسويق، وأنا على البيانو. أستطيع القول إن "بند جزائي" هي فشة خلقنا جميعاً نحن والناس. أما مشروعي الموسيقي الخاص فهو فرقتي "بسيطة" التي تقدّم حفلات على المسرح وبرنامجها هو أغان من تلحيني وتوزيعي ومعزوفات من تأليفي.* تعزف على البيانو وأنت العازف الشغوف بالبزق والغيتار؟- أعتبر أن البيانو هو خريطة الموسيقى وخصوصاً في التوزيع الذي هو مشروعي، وقد درست الغيتار في الكونسرفاتوار الوطني وهو آلتي الأساسية. أما البزق فهو ملجئي الجميل حين أريد أن ألحن أعمالاً على مقامات شرقية فيها أرباع الأصوات. لقد بدأت أعشق البزق وأنا في سنّ الرابعة عشرة، إذ كان هناك عازف بزق كردي رائع هو زورو يوسف عمل في فرقة والدي خالد الهبر كما عمل مع زياد الرحباني، وكنت متأثراً بزورو وحينها بدأت أتعرّف إلى الموسيقى الشرقية، فخلفيتي الموسيقية التي تربيت عليها كانت غربية ولم أكن أعرف سوى ثلاثة تجارب عربية هي والدي خالد الهبر والأخوين رحباني وزياد الرحباني.* ما يعني أنك تعرّفت أكثر إلى الأغنية السياسية أو الملتزمة عموماً؟- ليس بهذا المعنى، لكن فتحت عينيّ في البيت على أبي وصديقه زياد، وكان صوت فيروز رفيقنا ليلاً نهاراً، ومع إزدياد شغفي بالبزق والموسيقى الشرقية بدأت مشروعي الموسيقي. ثمّ  كان أن إتصل بي زياد الرحباني وطلب أن أكون معه كعازف بزق في حفلات أقيمت لمناسبة عيد الحزب الشيوعي عام 2004، وكانت تلك المرة الأولى التي ظهرت فيها، أي مع زياد وليس مع خالد الذي أراد أن يفصل إنطلاقتي الموسيقية عن كوني إبنه. أنا تربيت في حضن هذه الأغنية السياسية والملتزمة التي تأسسنا عليها، لكن مع تأثري الكبير بها، فإن مشروعي موسيقي بحت.* هل تعني أنك لا تسير على طريقة تداخل الموسيقى باليسار؟- هذا التداخل ضروري لكنه ليس مشروعي. "في ناس أشطر مني بكتير"، وكوني إبن خالد الهبر فهذا لا يعني أن أقدّم أغنية مطابقة في المواصفات، مع أني بالإنتماء يساري متطرّف لكن ليس بالموسيقى. ففي فرقتي "بسيطة" كنت أقدم الأغاني التي تربيت في حضنها، لكن شاركت الفرقة في إحتفالات عدّة، وسرت في خطي الخاص من أغان ومعزوفات، غير أني أصمّم دائماً في حفلاتي على تقديم عمل لخالد وآخر لزياد، تقديراً لهما إذ لولاهما لما فعلت شيئاً في حياتي... فمثلاً أقدم لهما أعمالاً لم تأخذ حقها تماماً عند الجمهور، وهنا أعود إلى الموقف السياسي الذي لا يغيب عن الموسيقى، فأقدّم  مثلاً المقدمة الموسيقية لمسرحية "فيلم أميريكي طويل". هناك رمزية لتلك المسرحية وكلنا يعرفها... بهذه الطريقة أنا مسيّس، لكن ليس الموقف هو الأساس إنما مشروعي الموسيقي، وهذا يختلف عن أغنية  الحرب، حيث كان هناك شيء إسمه "مدفعية ثقافية" تأثر الناس بها واندفعوا للنضال، وكانت أعمال زياد الرحباني تحمل إبداعاً في الموسيقى والموقف معاً. أما خالد الهبر فظلّ يكتب أغانيه ويقدمها على المسرح  بالطريقة ذاتها  حتى اليوم، ذلك أن الهموم لا تزال نفسها. والأحلى أن جمهور خالد هو جمهور شاب... لقد تأسسنا على أغنية زياد وخالد ومرسيل، لكن اليوم أختار الموسيقى والإلتزام.* الفن الملتزم يجد دائماً صعوبة في الإنتشار، فهل إخترت الطريق الصعب؟- صحيح فالأغنية الملتزمة تولد ويولد أعداؤها معها. كل الناس يجمعون على الأغنية الوطنية لكن ليس كلّ الناس يجمعون على الأغنية السياسية.* ألا تتنافر بالرأي أنت وخالد الهبر، وهل يمكن أن تغرق في تجربته؟- هو يحترم رأيي ويشجعني، وأعتقد أنه بقدر ما دفع أثماناً بسبب مواقفه، راح يدفعني إلى حرية خياراتي حيث الموقف في خدمة الموسيقى وليس العكس، وبالطبع استفدت من تجربته.* كيف شدّتك الموسيقى الشرقية وهذا ما نلاحظه في الأمسيات التي تقدمها "بند جزائي"؟- شدتني الموسيقى الشرقية كعالم  مختلف عن عالمي الأول من موسيقى كلاسيكية غربية وأخرى برازيلية وفرنسية... كان الفضل لأشخاص عديدين في تعريفي بعالم موسيقى الشرق وعلى رأسهم عائلة السحاب (الأساتذة الياس وفيكتور والمايسترو سليم سحاب) وعشقت موسيقى محمد عبد الوهاب، وأخذتني تجربة أم كلثوم التي لم يمرّ مثلها في تاريخنا، فأم كلثوم في الموسيقى مثل جمال عبد الناصر في الزعامة...* وماذا ستقدّم من خلال فرقتك "بسيطة" قريباً؟- سأصدر أسطوانتي الخاصة نهاية السنة، وقد تأخرت لعدم وجود إنتاج، فنحن لا شركات إنتاج وراءنا ولا من يحزنون. لكن هناك أناسا دخلوا في المغامرة، وسيكون هناك 14 عملاً بين معزوفات من تأليفي وأغان من كلماتي وألحاني، أما الغناء فلشادي حبيب ولمى أبو علي  وجورج نعمة الصوت الرائع الذي نسمعه من خلال "بند جزائي"، وهناك جولة حفلات على المسارح وفي الجامعات بعد صدور الأسطوانة.* في حين يقولون إن المسارح قلّت كثيراً في بيروت كم تستطيعون التنفّس أنت وغيرك من الموسيقيين الشباب، في غياب أي دعم لكم؟- صحيح، فليس منطقياً أن لا يكون في كل بيروت سوى مسرحين أو ثلاثة مسارح، بينما تمتلئ المدينة بالملاهي والمشاريع التجارية التي تسرّبت الى الثقافة وأوصلتها إلى نقطة الصفر. نحن كموسيقيين شباب، وأتحدث عن نفسي وعن زياد سحاب وخالد ياسين وغازي عبد الباقي وغيرهم، نحارب وحدنا وسط هذه الصعوبات، فنحن نقدم موسيقى صافية ولسنا مادة مربحة مثل "أغاني" النساء العاريات، ولن نحلم بأننا في أوروبا حيث يدعمون الفن الحقيقي، مع ذلك هناك جمهور يحضر حفلاتي من كل الفئات وما يهمني هو أن يصل مشروعي الى الناس.* وما هي أجندة "بند جزائي"؟- كلّ ليلة سبت في نادي "موجو" وكل ثلثاء في "بار لو" الجميزة،  ونقدم أغاني لبنانية وفيروزيات بتوزيع غربي في "سيمبلي ريد" الحمراء. 

نداء عودة

آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة