وحدة الأساتذة تنتصر

الأساتذة يتّفقون والحكومة: نصف انتصار ووحدة كاملة

أنجزت الوحدة النقابية للأساتذة الثانويين والمهنيين ثلثي مطلبهم، أي الأربع درجات ونصف الدرجة، من دون أن تعيد لهم حقهم المكتسب كاملاً. الحل ــ التسوية خرج من السرايا الحكومية، ولا يصبح نافذاً إلّا بعد موافقة مجالس المندوبين واللجان الفاحصة في الامتحانات الرسمية التي ينتظر أن تتخذ اليوم قراراً بالعودة إلى التصحيح، ابتداءً من يوم غد السبت

فاتن الحاج جاء الحل ــ التسوية بين رابطتي الأساتذة الثانويين والمهنيين ورئيس الحكومة سعد الحريري اعترافاً علنياً أمام الرأي العام والمسؤولين والسلطة السياسية وإقراراً صريحاً بأن الرابطتين لم تطالبا بزيادات غلاء معيشة ولا بتصحيح أجور، بل بحقهما المكتسب في ما بقى لأساتذتهما من الـ60% بموجب القانون 66/53، أي 35% (7 درجات) لقاء الزيادة في ساعات العمل. تحقق ثلثا المطلب، أي أربع درجات ونصف درجة، والباقي يستكمل بالنضال النقابي في بلد تنتزع فيه الحقوق ولا تعطى. هكذا، لم يتعنّت الأساتذة في الحصول على حقوقهم كاملة، كما كانت السلطة تحاول تصوير الأمور، بل ذهبوا إلى منتصف الطريق عبر المطالبة بالأرقام الوسطية، في سبيل نجاح الحوار وعدم ضياع العام الدراسي على طلابهم وأولادهم. وقدّموا تساهلات كثيرة إن في مبادرات حسن النية المتمثلة بالتراجع عن مقاطعة التصحيح في الشهادة المتوسطة ومراقبة الامتحانات المهنية. أثبت الأساتذة أنّهم نموذج يحتذى وخط الدفاع الأخير عن الحركة المطلبية في لبنان التي جهدت السياسة في تفتيتها. وخرج «النقابيون»، وإن كانوا لا يملكون حق التنظيم النقابي من معركة مقاطعة أسس التصحيح والتصحيح في امتحانات شهادة الثانوية العامة كما دخلوها موحدين متماسكين، لينتصروا بذلك على محاولات بعض القوى السياسية لشق صفوفهم على خلفية «ما بدنا وجع راس وليش ما كل جهة بتسحب جماعتها من رابطة الثانويين اللي هي صورة مصغرة عنا». هذه المحاولات لم تتوقف حتى في الجلسات الدستورية بامتياز، مراهنة على ضعف وحدة الأساتذة وتراجعهم، لكن الصمود كان أقوى من مراهناتهم. أما النقطة المضيئة التي يمكن الخروج بها من المعركة أنّه لا يزال هناك مكان للعمل النقابي الديموقراطي المستقل بدليل سقوط تهمة التسييس. فالأساتذة على اختلاف تلاوينهم السياسية، وبغض النظر عن هامش التحرك في هذا المجال، لا يترددون بالتمرد على قياداتهم السياسية عندما تتعارض تدخلات هؤلاء مع مصالحهم الوطنية والنقابية، والأمثلة كثيرة بدليل فشل كل الزيارات الميدانية التي كانت تقوم بها القيادات، في محاولة لإقناع قواعدها في المناطق بالعدول عن قرار المقاطعة، بحجة المشاكل التي تسببها مع القطاعات الأخرى، ولا سيما أساتذة الجامعة. ومع ذلك حظي التحرك بموافقة الجمعيات العمومية ومجالس المندوبين وتواقيع الأساتذة من أقصى لبنان إلى أقصاه. كذلك، أفشل هؤلاء محاولات استفراد أي قطاع من القطاعات التعليمية لخرق قرار مقاطعة التصحيح، فكانوا جسماً تعليمياً واحداً في القطاعين الرسمي والخاص. هكذا، التزم جميع معلمي المدارس الخاصة قرار نقابتهم، رافضين أن يكونوا متاريس في وجه زملائهم في الثانويات والمهنيات الرسمية. أما النقابة فلم تتردد في القيام في دور الوسيط بين رابطتي الأساتذة الثانويين والمهنيين والسلطة السياسية، وكرر رئيسها نعمه محفوض مراراً أنّ «وحدة الأساتذة أهم من المطلب ولا مكان للاختراق النقابي وبيننا». إذاً، بعد 15 يوماً من مقاطعة التصحيح، حصل التوافق الذي أُعلن من السرايا برعاية رئيس الحكومة ومشاركة وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة وحضور وفد مشترك من الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي برئاسة حنا غريب، ورابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي برئاسة جورج قالوش ونقابة معلمي المدارس الخاصة برئاسة نعمة محفوض. الوزير زفّ إلى اللبنانيين التوافق باعتباره إعلان نهاية مقاطعة تصحيح الامتحانات، وبدء التصحيح ابتداءً من صباح غد السبت. وشكر «كل من رافقنا في التوصل إلى هذا الحل، ولا سيما رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس الحريري ومجلس الوزراء مجتمعاً الذي أعطى باستمرار اهتماماً كبيراً لهذا الموضوع بمناقشته أكثر من ثلاث مرات داخل المجلس، إضافة إلى الجهد الذي بذله الرئيس الحريري في لقاءاته المتكررة مع الرابطة، وتفهّمه لجملة المطالب، وتفهم الرابطة للأوضاع العامة. كل ذلك أدى إلى هذه النتيجة التوافقية». وأمل منيمنة «أن ينفّذ الأساتذة وعدهم السابق بالإسراع في التصحيح لتعويض الأيام التي مرت نتيجة تعليق التصحيح، بحيث يبقى إصدار النتائج في مواعيدها». ووصف غريب الاتفاق بالتسوية التي تمكنت من خلالها الرابطة من استرجاع ثلثي مطلب الدرجات السبع. لكن الاتفاق لن يكون نافذاً، كما قال، ما لم توافق عليه اللجان الفاحصة غداً (اليوم) مع مجلس المندوبين المركزي والمصححين الذين يعقدون جمعية عمومية، عند الحادية عشرة صباحاً، في ثانوية عمر فروخ الرسمية. هكذا لم تقرر الهيئة الإدارية للرابطة تعليق مقاطعة التصحيح، بل أوصت بذلك، تاركة، وفق الأصول النقابية، لمجلس المندوبين اتخاذ القرار بالعودة إلى التصحيح، ابتداءً من يوم غد السبت. أما محفوض فرأى أنّ «الأساتذة لم يحصلوا على كامل حقوقهم، وما توصلنا إليه حل وسط يضمن من جهة جزءاً من حقوق المعلمين ويتيح من جهة ثانية حصول الطلاب على شهاداتهم في أسرع وقت ممكن ويأخذ الوضع الاقتصادي في البلاد بالاعتبار من جهة ثالثة. وأثنى النقيب على تفهم الرئيس الحريري لموقع الأستاذ في المرحلة الثانوية وأهميّته. وبالنسبة إلى مترتبات الأمر على الأقساط في المدارس الخاصة، تحدث محفوض عن دراسة أولية «أعددناها في حال إعطاء المعلمين خمس درجات لا أربع درجات ونصف درجة، وتبين لنا أن هذه الزيادة ترتب على التلميذ على مدى العام الدراسي الكامل زيادة قدرها 27 ألف ليرة لبنانية، هذه الدراسة أعدها اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة لا نقابة المعلمين، وأعتقد أن مبلغ 25 إلى 27 ألف ليرة عن كل تلميذ لن يكون كبيراً، وخصوصاً أنّه معلوم أنّ الجسم الثانوي في القطاع الخاص صغير. رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي جورج قالوش قال إنّ الحل جزء بسيط من مطالبنا الكبيرة في التعليم المهني والتقني الرسمي، لكنّه يؤكد أن العمل النقابي حر وليس مسيساً، كما كان يقال في بعض الأحيان.

التسوية

يتضمن الاتفاق بين رابطتي أساتذة التعليم الثانوي والمهني الرسمي ووزير التربية حسن منيمنة ورئيس الحكومة سعد الحريري إعطاء الأساتذة 4 درجات ونصف درجة كالآتي: كذلك يبدأ التناقص في ساعات العمل ابتداءً من السنة السادسة عشرة لعمل الأستاذ بعدما كانت في السنة الخامسة عشرة. 4 درجات في صلب الراتب موزعة على سنتين: درجتان ـــــ درجتان، وتقديم التدرج على جدول سلسلة الرواتب سنة واحدة (نصف درجة)، على أن يبدأ مفعول هذه الدرجات من 1/1/2010 بدلاً من 1/7/2011. ويأخذ الاتفاق في الاعتبار الأساتذة الذين سيتقاعدون هذا العام إما بسبب الوفاة أو بسبب بلوغهم السن القانونية بأن يحصلوا على 4 درجات ونصف درجة دفعة واحدة.

آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة