شبـــاب الأحـــزاب عـلى ديـــن... نوّابـــهم

امتنع نواب التيار الوطني الحر وتيار المستقبل والقوات اللبنانية عن التصويت لقانون خفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً، علماً أن حزبين من هذه القوى، على الأقل، «يؤيّدان» في أدبيّاتهما وتصريحات قادتهما هذا الأمر، إضافةً إلى أن الشباب في هذه الأحزاب يمثّلون نسبة لا بأس بها، وهم وقود تلك القوى في نشاطاتها ومواقفها. ليس موقف الخذلان الأول، وطبعاً، لن يكون الأخير. إسقاط   معظم نواب «الأمة» حق أبناء سن الـ18 عاماً في الاقتراع، لا يعدو كونه مشهداً كان حدوثه متوقعاً، مهّدت له تصريحات السياسيين، ممن بنوا حملاتهم الانتخابية سابقاً على شعارات تحسين أوضاع الشباب اللبناني.  في 7 آب من عام 2001 تظاهر شباب التيار الوطني الحر واقتيدوا إلى السجون. في 7 أيار 2008 قاتل شباب من تيار المستقبل في شوارع العاصمة، وفي أيام مشابهة كان شباب القوات اللبنانية عصب تحركاتها.  حينها، لم يُسأل هؤلاء عن معدّلاتهم العمرية، ولا عن ثقافتهم السياسية. الشباب لحمل السلاح والتظاهر والحشد في الساحات، فحسب. ممنوع عليهم التصويت، لكن، يمكنهم حمل علم أو توزيع لائحة للمرشحين ضمن الانتخابات. والمفارقة، المدهشة، تأتي على لسان الشباب أنفسهم. فآراء رؤساء قطاعات الشباب، أو المصالح الطالبية في هذه الأحزاب الثلاثة، تتماهى تماماً مع قرار نوابهم بإسقاط قانون ناضلوا هم، أي الشباب، من أجله منذ أكثر من عشرة أعوام. يبدو الحديث عن تمايز، ولو بسيطاً، بين الشباب وقياداتهم، كالبحث عن إبرة في كومة قش. تختلف أسباب قبولهم ما جرى في المجلس النيابي. فاقتران الثقافة السياسية بتصويت ابن الـ18 عاماً، أو الحفاظ على الاستقرار، أو منح المغتربين حق الجنسية والتصويت، كلّها أسباب تستدعي منع أبناء الـ18 من التصويت. يتحدث رئيس قطاع الشباب في تيار المستقبل سمير عشي عن مشاركته في نشاطات داعمة لمنح سن الـ18 حق التصويت منذ عام 1997، لكن الوضع الآن مختلف، والهدف الآنيّ هو أمران: الحفاظ على الهدوء والاستقرار، «وخصوصاً أن أحداث الأعوام الأربعة الماضية استنزفت الشباب كافةً». أمّا الأمر الثاني، فهو إجراء الانتخابات البلدية في موعدها. في المحصّلة، شباب المستقبل «راضون 100% عن قرار نوابنا الامتناع عن التصويت»، كما يقول عشي، مشدّداً على وجوب «الإصلاح لكل المراحل، لا لمرحلة واحدة فقط».

من جانبه، يؤكد رئيس مصلحة الطلاب في القوات اللبنانية، شربل عيد، أن تصويت أبناء الـ18 «حقّ مكتسب، لكن يجب اقترانه بأمرين: الأول هو إعطاء المغتربين حق التصويت، ومنح الجنسية وحق التصويت للمنحدرين من أصول لبنانية». بوضوح، يبدي عيد استعداد شباب القوات للتضحية بممارسة الحقوق السياسية، ولو مؤقتاً، مقابل توفير توازن ديموغرافي «هو أصلاً مفقود، فهل نشرّع قانوناً يزيد اختلاله؟»، يسأل عيد. ويرى أن المنظمات الشبابية تُعدّ جزءاً من أحزابها، وأن التمايز يمكن أن «نجده على طاولة النقاش داخل الحزب، أما في الخارج، فالمنظمات تلتزم بقرار القيادة». يبرّر مطالبته بمنح المغتربين حق التصويت، بأنهم داعم مهم للاقتصاد اللبناني. في التيار الوطني الحر، الشباب مقتنعون بوجهة نظر العماد ميشال عون «فخبرته أقوى من حماستنا»، بحسب رئيس قطاع الشباب في التيار، ماريو شمعون. ويرى شمعون أن السنوات الأربع الماضية «لم تسمح للشباب بتكوين ثقافة سياسية، وخصوصاً مع منع العمل السياسي في الجامعات». يرد شمعون الأمور إلى ظروف يجب أن تتوافر «نريد الدولة المدنية، هل نستطيع تحقيقها حالياً؟». ويغمز من قناة «فساد تنتشر ثقافته، ونحن نقف في وجهه»، مشيراً إلى رشى وترويج مخدرات في الجامعات، متمنّياً أن يمارس الشباب حقهم في انتخابات عام 2013. امتنع 66 نائباً عن التصويت لمصلحة خفض سن الاقتراع، بينما وافق 34 نائباً فقط، وصوّت نائب واحد ضد تعديل القانون. لكن، في مثل هذه الحالات، لا يمكن التفريق بين من يمانع ومن يصوّت بـ«ضد»، وخصوصاً أن النتيجة تصبّ في الاتجاه ذاته. كيف يمكن النواب، وخصوصاً الشباب منهم، إقناع الشباب بصوابية قرار «حرمانهم» حقّ التصويت في الانتخابات البلدية والنيابية؟ امتنع النائبان آلان عون (تكتل التغيير والإصلاح) ونديم الجميّل (كتلة نواب الكتائب) عن التصويت. يؤكّد النائبان أن تصويت أبناء سن الـ18 حق مكتسب «لا يمكن الهروب منه». لكن، لكلّ من النائبين شرح عمّا جرى في المجلس. فالنائب آلان عون، بعد تأكيده «أن القاعدة الشبابية مقتنعة برؤية التكتل»، يشير إلى أن الشباب هم «ضحية التوقيت». كيف ذلك؟ يدخل عون من الباب الواسع للسياسة، ليقول إن مشروع التصويت تحوّل إلى «عنوان لمعركة ترتبط بالتعاطي الانتقائي مع الملفات». ويسأل: لماذا تقرّ مشاريع بسهولة وأخرى تمر بصعوبة؟ يعطي مثلاً يرتبط باستعادة الجنسية وصعوبة إقراره. أما النائب نديم الجميّل، فيلاقي عون في اعتبار التصويت حقاً مكتسباً. ويشير إلى موقفه داخل حزب الكتائب: «كنت من الداعين إلى التصويت مع خفض سن الاقتراع، بمعزل عن أيّ قانون آخر». لكن، التزامه بقرار كتلته النيابية كان أقوى، وأدى إلى امتناعه. وكحل وسط لهذه المسألة، في ظل رفض بعض الأطراف منح حق التصويت على حدة، يقترح الجميّل إقرار الإصلاحات رزمةً واحدة يجري التوافق عليها.

آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة