خالد صاغية «عاشت كردستان»، هتف الشاب وهو يلقي الحذاء على رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان في مدينة إشبيلية. فقد وصلت عدوى منتظر الزيدي إلى إسبانيا، لكنّها لم تصل إلى لبنان بعد. فهنا، لم يتحوّل الرشق بالحذاء تعبيراً سياسيّاً، رغم مهارة اللبنانيّين عموماً في محاكاة الآخرين. «الهالووين» بات عيداً وطنيّاً، وليس للأحذية من يلتفت إليها. قد يُردّ ذلك إلى النفور من أيّ سلوك «غير حضاريّ». لكنّ الواقع هو غير ذلك. فنحن نرشق الأحذية، لكن ليس في وجه الحكّام والسلاطين. وأحذيتنا مصنوعة من الجلد الطائفيّ النادر. كثيرون عندنا حين يدلون بتصريحات، يظنّون أنّهم ينطقون. لكنّهم، في الواقع، لا يقومون إلا برشق الأحذية في وجه المواطنين. أحد النوّاب رفض، أمس، إلغاء الطائفيّة السياسيّة، لكنّه طالب بالدولة المدنيّة. حذاء. نائب آخر لم يبلغ الثامنة عشرة قبل زمن طويل، أراد، أمس، إحراج التيّار الوطني الحرّ. لكن، بدلاً من مساءلتهم عن موقفهم في مجلس النوّاب، عيّرهم بما قام به حلفاؤهم الذين صوّتوا «لصالح قانون يضرب بالعمق طائفة معينة»، قبل أن يضيف «إننا أمام تهديد حقيقي للمسيحيين في إقرار قانون سن الـ18». حذاء. هذان نموذجان وحسب من الأحذية التي تسقط فوق رؤوسنا كلّما أدرنا جهاز التلفزيون. الغريب أنّه ما من أحد ينبّه هؤلاء النوّاب إلى ما يفعلونه. وهم لا ينتبهون، حتّى عندما يعودون إلى البيت، أنّ أزواجاً من الأحذية قد نفدت من الخزانة. كأنّ كلاً منهم قد حصل مع اللوحة الزرقاء لسيّارته، على «بونات» لشراء الأحذية، أو على معمل أحذية خاص بالتصريحات الرسميّة. حذاء لمجلس النوّاب. وحذاء لمجلس الوزراء. وحذاء للطلعات المباشرة على الهواء. سيأتي يوم ينهض فيه اللبنانيّون من النوم، والورم يعلو جباههم. فخلال سباتهم العميق، لا بدّ أنّ أكثر من تصريح قد تردّد على الهواء، ولم يتمكّنوا من تفادي الأحذية المتطايرة. لكنّ الورم يبقى أقلّ ضرراً من الموت. ألف حرب أحذية، ولا كلاشنيكوف واحد. تكلّموا حتّى طلوع الفجر. ارشقوا الصنادل والكنادر والشحّاطات إن شئتم. البلاد كلّها معلّقة بانتظار سؤال واحد: متى يذهب وليد جنبلاط إلى دمشق؟ عاشت جمهوريّة الأحذية.