خالد صاغيةيقول الخبر إنّ محامياً مصرياً رفع دعوى قضائية على وزير العدل ممدوح مرعي، متّهماً إيّاه بتضليل الشعب المصري وإخفاء الحقيقة عنه. أما الحقيقة التي يخفيها وزير العدل ومن معه، بحسب الدعوى، فهي: موت الرئيس حسني مبارك منذ عام 2004. ويتابع نص الدعوى قائلاً إن السيدة سوزان مبارك ونجليه علاء وجمال مبارك استخدموا بديلاً للرئيس ليظهر في المناسبات العامة، فيما يحكم مصر الآن قرينة الرئيس ونجلاه من وراء الستار.الخبر لا يدعو إلى السخرية. فهو يكاد يختزل المشهد العربي. لقد بلغ الاهتراء حداً بات الديكتاتور نفسه، وسلامته الفردية، غير ذات معنى. لم يعد مصير البلاد مرهوناً بشخص. بات مرهوناً بصورة.فالمهمّ هو صورة الديكتاتور. أن تبقى تلك الصورة معلّقة على الجدران. وأن تجد من يلمّعها كلّ يوم. أمّا أن تكون تلك الصورة لفرد حيّ أو ميت، فالأمر سيّان. سنمرّ كلّ يوم أمام الصورة، وسنؤدّي التحية. ثمة من سيسجّل على ورقة صغيرة أننا أدّينا التحية. وهذا ما يجعل العجلة تستمرّ في الدوران.لكن، ما الذي دفع ذاك المحامي إلى مقاضاة وزير العدل؟ هل يهمّه حقّاً ما إذا كان الرئيس حياً أو ميتاً؟ فنحن نعرف تماماً أنّ هناك من سيتابع السير في خط الرئيس الأزلي، وأنّ الصور المرتاحة داخل البراويز السميكة، ستُستُبدَل بأخرى تحمل ألواناً أكثر إشراقاً.وزير العدل لم يكذب، لأنّ الرئيس لم يمت. وزير العدل كذب لأنّ مصر نفسها ماتت، ولم يخرج أحد على الناس لينعى جمهورية مصر العربية.اسألوا المحاصرين في غزّة. من بقي منهم حياً، ومن أصبح تحت التراب. سيخبركم الجميع أنّ البلاد التي تواطأت مع الحصار لا تدعى مصر.اسألوا العمّال في شوارع القاهرة. سيخبرونكم أنّ الشرطة التي تتولّى قمعهم، والنظام الذي يصادر حقوقهم، والشركات التي اشترت عرقهم بأبخس الأثمان، لا تنتمي إلى دولة تدعى مصر.اسألوا الذين قضوا في السجون تحت ضربات التعذيب، سيصرخون كلّهم: هذه ليست مصر.اسألوا الناس التائهين من المحيط إلى الخليج. ما زالوا يبحثون منذ زمن عن مصر «بتاعتهم».مصر أمّ الدنيا ماتت. لم يعدّ لها الجنازة أحد. لم يخبرنا بذلك أصلاً معالي الوزير.
عدد الخميس ١٥ تموز ٢٠١٠