محمد زبيب يبدأ مجلس الوزراء اليوم بمناقشة مشروع قانون موازنة عام 2010، بعد تأخير طويل جدّاً، لم يتبرّع أحد بتفسير أسبابه حتى الآن... إلا أن التقرير الذي أرفقته وزيرة المال ريا الحسن مع مشروعها، يكشف عن بعض هذه الأسباب. فإمراره في مجلس الوزراء، ثم في المجلس النيابي، مشروط بالتوافق المسبق على إمرار اقتراح القانون الذي تقدّم به النائب علي حسن خليل، وهو منقول عن مشروع قانون أعدّه وزير المال السابق جهاد أزعور والمجلس الأعلى للخصخصة، وأحيل على المجلس النيابي بموجب مرسوم نافذ حكماً في الفترة التي كان الرئيس نبيه بري يعدّ فيها الحكومة غير ميثاقية. ويجيز هذا الاقتراح للحكومة خصخصة النشاطات والخدمات والمرافق والقطاعات تحت عنوان إشراك القطاع الخاص فيها، ولا سيما القطاع المصرفي، وذلك من دون العودة إلى المجلس النيابي في كل عملية، خلافاً لما تفرضه المادة 89 من الدستور، التي تنص على أنه «لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود». قد لا يبلغ الوزراء، في مناقشاتهم اليوم، هذا الشرط. فبعضهم سيكون مشغولاً بمحاولة فهم «الأرقام» المبهمة وتفكيك القطب المخفية التي تكتنفها، والبعض الآخر سيركّز على المخالفات الدستورية الكبيرة والكثيرة التي تظلل المشروع برمّته، فيما سيُشغل البعض الثالث بالدفاع عن المشروع باعتباره إنجازاً بحدّ ذاته بعد غياب الموازنات كلّياً في السنوات الماضية. ولن ينسى هذا البعض تمنين اللبنانيين بكرمه عليهم عبر «تأجيل» زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 10% إلى 15% أو 12%، ليبرر من خلال هذا «التمنين» جنوحه نحو زيادة العجز في هذا العام من 8.59% إلى 10.74% من الناتج المحلي (وفق التقديرات المشكوك فيها للناتج وللعجز الحقيقي، التي تستند إليها وزارة المال) وزيادة الدين الحكومي (المعترف به رسمياً طبعاً) من 51.3 مليار دولار إلى 55.4 مليار دولار. هذا الفريق نفسه، الذي يمنّن اللبنانيين، هو الذي سيجرّ النقاش لاحقاً إلى ربط مشروع الموازنة باقتراح القانون المذكور، وهو سيستخدم من أجل ذلك كلاماً كبيراً عن خطورة زيادة العجز والدين العام إذا لم يجر بيع «الدولة» للتخلّص من الأكلاف المترتّبة على ممارسة وظائفها من الصحّة والتعليم إلى الأمن مروراً بالاتصالات والكهرباء والمياه والطرقات والنقل... سيستخدم هذا الخطاب من أجل التعمية على الأسباب الحقيقية وراء اللهاث نحو الخصخصة الآن وفوراً من دون إغفال التهديد بعدم إمرار الموازنة أو العودة إلى نغمة زيادة ضرائب الاستهلاك إذا وقف أحد ما في مواجهة هذا الاتجاه الخطير.
لماذا الخصخصة الآن؟
ففي ظل الأزمة المالية العالمية، شهد لبنان تدفقات كبيرة للودائع، حتى تجاوزت الميزانية المجمّعة للمصارف مستوى 119 مليار دولار في نهاية الفصل الأول من هذا العام، أي إنها باتت تقارب نسبة 400% من الناتج المحلي، وفقاً للتقديرات الموضوعية. وقد أسهمت هذه التدفقات في تراجع الفوائد على سندات الخزينة التي تصدرها وزارة المال وشهادات الإيداع التي يصدرها مصرف لبنان (ولو بنسب لا تتماشى مع الأسواق الخارجية الأخرى) ما جعل المصارف تخشى من ألّا تحقق مستويات الربحية نفسها في مراحل مقبلة، ولا سيما أن قدرة وزارة المال ومصرف لبنان على استيعاب فائض السيولة المتراكم لدى المصارف باتت محدودة جداً، إذ إن الأولى باتت تمتلك فائضاً في حسابها وصل إلى 10100 مليار ليرة في نهاية آذار الماضي، فيما محفظة الثاني من شهادات الإيداع بلغت أكثر من 24 ألف مليار ليرة، أي إن الدولة تحتفظ الآن بنحو 30 ألف مليار ليرة من السيولة المصرفية عبر هاتين الأداتين فقط (هناك أيضاً ودائع المصارف لدى مصرف لبنان)، وتسدد كلفة سنوية من جرّاء ذلك تتجاوز 2100 مليار ليرة، على حساب المكلّفين اللبنانيين! إلا أن المصارف لا تزال تمتلك الآن سيولة فائضة تقدّر بنحو 22 ألف مليار ليرة (نحو 155 مليار دولار)، وتحتاج إلى توظيف بعوائد عالية لا يمكن تحقيقها بواسطة الأدوات النقدية أو أدوات الدين العام أو بواسطة التسليفات للقطاع الخاص، لأن ذلك سيسهم في خفض معدّلات الفوائد أكثر بما ينعكس خفضاً في أرباح المصارف، أو خفضاً في أسعار الفائدة على الودائع بالليرة كما بالعملات الأجنبية، وهو ما لا يريده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خوفاً من انعكاسه على مستوى التدفقات الخارجية وموجوداته بالعملات الأجنبية التي بلغت مستويات قياسية غير مبررة. لقد اشتغلت العقول الجهنمية، واكتشفت أن المشكلة يمكن حلّها عبر «الخصخصة»، ولكن بأشكالها «التمويلية»، أي أن يوظّف القطاع المصرفي عبر شركات خاصة وصناديق استثمار سيولته في شراء رخص الاتصالات الخلوية والثابتة والإنترنت والبنى التحتية والخدمات وبناء معامل إنتاج الكهرباء والمحطات وسدود المياه والطرقات والمطارات والمرافئ... فبهذه الطريقة يمكن توظيف الأموال بعوائد أعلى من العوائد المحققة من الفوائد.
تجربة المجرّب
يُسوّق للشراكة كأنها اكتشاف جديد. إلا أن اللبنانيين اختبروا جيداً هذا الشكل من الخصخصة، وهم يتفقون على أن نتائجها كانت كارثية جدّاً. فالشراكة المطروحة هي نفسها التي تُعتمد في تمويل دكاكين التعليم الخاص المجاني بدلاً من تطوير وتعميم وتحديث التعليم الرسمي الإلزامي والمجاني فعلاً... وهي نفسها التي تُعتمد في تمويل الاستشفاء الخاص بدلاً من تطوير الاستشفاء الحكومي وتحديثه وتوسيعه... وهي نفسها التي تُعتمد في سوليدير حيث طُرد أصحاب الحقوق الفعليون ليتحوّل وسط بيروت إلى قطع عقارية مفروزة للمضاربات وجني الأرباح الريعية المعفية من أي ضريبة. لا تقتصر اللائحة على هذه التجارب. فهناك ما هو أكثر كارثية يتصل بنقل احتكار الدولة لقطاع النفط الحيوي بعد التدمير المنهجي للمصفاتين إلى احتكار «كارتيل» من القطاع الخاص يجني أرباحاً خيالية على حساب المستهلكين... كذلك هناك مولّدات الكهرباء في الأحياء بديلاً من الاستثمار في تجهيز معامل إنتاج الكهرباء لتوفير التيار على مدار ساعات اليوم وبكلفة تتماشى مع مستويات المداخيل المحلية... وهناك الآبار الارتوازية التي تمثّل خطراً جدّياً على الموارد المائية الجوفية، فضلاً عن مئات الدكاكين والصهاريج التي تبيع مياه الدولة إلى المستهلكين بدلاً من أن توفّرها الدولة على مدار ساعات اليوم عبر الحنفيّات في البيوت كما في كل العالم... واللائحة تتضمن مصادرة الأملاك العامّة البحرية والنهرية وإقامة منتجعات مقفلة أمام أكثرية اللبنانيين الذين يمتلكون مجموعين الحق الكامل في هذه الأملاك... وهذا ينطبق على استراحتي صور وصيدا وغيرهما، ومغاور كثيرة وآثار تُعدّ موارد طبيعية أو إرثاً تاريخياً لا يجوز لأحد بيعه أو تأجيره تأجيراً دائماً أو مؤقّتاً... إلا أن ما اختبره اللبنانيون بصورة أوضح، وكانوا متحدين في مواجهة نتائجه نظراً إلى الأكلاف الباهظة التي تكبّدوها، وما زالوا بفعل عقود الشراكة مع القطاع الخاص، تشمل نشاطات وقطاعات تكتنز أرباحاً وعوائد ضريبية هائلة، ولا سيما عقدَي BOT لشركتي سيليس وليبانسل في القطاع الخلوي وعقد تلزيم سوكلين في قطاع النظافة وعقد امتياز ليبان بوست في قطاع البريد وعقد BOT المشبوه في مغارة جعيتا. فقد احتكرت شركتا سيليس وليبانسل قطاع الخلوي بين عامي 1994 و2002، وفرضتا أسعاراً مرتفعة جدّاً على المشتركين، علماً بأن الاستثمارات الأولى مُوّلت بواسطة الاشتراك الإلزامي الذي فُرض بقيمة 500 دولار لكل مشترك... وبعيداً عن مفاعيل الاحتكار وما ولّده من أرباح للشركتين، تكبّدت الخزينة خسائر تقدّر بأكثر من مليار دولار بسبب مسلسل الفضائح في هذا القطاع الذي يعرفه الجميع.
أمّا في عقود سوكلين، فقد كشفت التقارير والدراسات أن كلفتها تعدّ من الأعلى عالمياً، إذ إنّ طنّ النفايات الواحد في بيروت وبعض مناطق جبل لبنان يكلّف البلديات أكثر من 120 دولاراً (تقدّر الكلفة وفقاً لدراسات أكثر تفصيلاً بنحو 155 دولاراً للطن)، فيما المتوسط العالمي للكلفة يراوح ما بين 50 و70 دولاراً، بحسب دراسات البنك الدولي (الواردة في برنامج مجلس الإنماء والإعمار لأعوام 2006ـــــ 2009)... والجدير بالذكر أن وزارة المال أعطت الأولوية المطلقة لتسديد كلفة هذه العقود رغماً عن البلديات نفسها، فيما كانت توزّع ما بقي في الصندوق البلدي المستقل على جميع البلديات، وهو ما انعكس سلباً على أدائها. ولُزّمت ليبان بوست في عام 1998 وأعطيت الشركة الملتزمة حصرية العمل في البريد الرسمي في لبنان، ومنذ ذلك الوقت حصلت على امتيازات لم تحظَ بها أي شركة أخرى، فباتت تزيد أسعار خدماتها اعتباطاً، ومن دون الركون إلى أي مرجعية خاصة أو رسمية. وتقوم الشركة الآن بأعمال حصرية لأكثر من 40 خدمة لإنجاز معاملات المواطنين في وزارات الدولة وإداراتها، وهي تحاول حالياً الحصول على حصرية معاملات الضمان الاجتماعي... علماً بأن الشركة تستعمل مكاتب مديرية البريد والهاتف، وكانت تستعمل الهواتف المخصصة للدولة عبر وزارة الاتصالات مجّاناً، فضلاً عن عدم تسديد كلفة استعمال صناديق البريد ومردود الإيجارات... وتطول لائحة الاستعمالات، فيما أسعارها زادت بنسبة تصل إلى 50% منذ انطلاقتها إلى اليوم. كذلك لُزّمت مغارة جعيتا لشركة خاصة من خلال عقد BOT جرى بالتراضي بين وزارة السياحة وشركة «ماباس» في عام 1994، من دون أن يصدر مرسوم بذلك من مجلس الوزراء ومن دون قانون يجيز العملية وينظّمها، باعتبار أن مغارة جعيتا تصنّف مورداً طبيعياً لا يجوز التصرّف به إلا بموجب قانون. ويعدّ هذا التلزيم عبارة عن عمليّة قرصنة على الدولة، وفق وصف رئيس بلدية جعيتا، سمير بارود. فالشركة لم تكن مؤهلة للعمل في هذا القطاع، إذ كانت مسجّلة على أنّها شركة تجارية متخصصة في قطع الغيار، وقد أطلقت حملة قبل منحها العقد، لإيهام الرأي العام بأن كلفة إعادة تأهيل المغارة ستبلغ ملايين الدولارات. لكن هذا الاستثمار يؤكد أن مردوده كبير جداً، إذ بلغت العائدات السنوية من المغارة 1.4 مليار ليرة سنوياً، على أساس أن رسم الدخول يبلغ 5 آلاف ليرة. هذه بعض الأمثلة عن التجارب. فهل اللبنانيون مستعدون لتجريبها مجدداً وتحمّل أكلافها كرمى لعيون المصارف؟
مخالفة أحكام الدستورخُصّص الباب الرابع، البند (ب)، من الدستور للأحكام المتعلّقة بمالية الدولة، ويمكن من خلال قراءتها إدراك مدى إمعان الحكومة في مخالفتها جميعاً: ـــــ المادة 81: تفرض الضرائب العمومية ولا يجوز إحداث ضريبة ما وجبايتها إلا بموجب قانون شامل تطبّق أحكامه على جميع الأراضي اللبنانية دون استثناء. ـــــ المادة 82: لا يجوز تعديل ضريبة أو إلغاؤها إلا بقانون. (أعطيت الحكومة صلاحيات استثنائية بفرض الرسوم الجمركية، فباتت تسمّي ضريبة البنزين رسماً كذلك فإنها تدسّ في قانون الموازنة ضرائب وتعديلات ضريبية يحتاج إقرارها إلى قوانين مستقلّة). ـــــ المادة 83: كل سنة في بدء عقد تشرين الأول، تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بنداً بنداً. (لا تلتزم الحكومة بالمهل الدستورية وهي تنفق وتجبي منذ عام 2005 من دونن موازنة). ـــــ المادة 85: لا يجوز أن يفتح اعتماد استثنائي إلا بقانون خاص. أما إذا دعت ظروف طارئة لنفقات مستعجلة، فيتخذ رئيس الجمهورية مرسوماً، بناءً على قرار صادر عن مجلس الوزراء، بفتح اعتمادات استثنائية أو إضافية وبنقل اعتمادات في الموازنة، على أن لا تتجاوز هذه الاعتمادات حداً أقصى يحدد في قانون الموازنة. ويجب أن تعرض هذه التدابير على موافقة المجلس في أول عقد يلتئم فيه بعد ذلك. (يجري فتح الاعتمادات الاستثنائية من دون مراعاة أحكام هذه المادّة، وتُعتمد تسمية سلفات الخزينة وتُنقل اعتمادات من احتياطي الموازنة إلى أبواب أخرى، وغالباً من دون أن يكون هناك قانون للموازنة أصلاً). ـــــ المادة 86: إذا لم يبتّ مجلس النواب نهائياً في شأن مشروع الموازنة قبل الانتهاء من العقد المعيّن لدرسه، فرئيس الجمهورية، بالاتفاق مع رئيس الحكومة، يدعو المجلس فوراً لعقد استثنائي يستمر لغاية نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة. وإذا انقضى العقد الاستثنائي هذا ولم يبتّ نهائياً في مشروع الموازنة، فلمجلس الوزراء أن يتخذ قراراً، يصدر بناءً عليه عن رئيس الجمهورية مرسوم يجعل بموجبه المشروع بالشكل الذي تقدم به إلى المجلس مرعياً ومعمولًا به. ولا يجوز لمجلس الوزراء أن يستعمل هذا الحق إلا إذا كان مشروع الموازنة قد طرح على المجلس قبل بداية عقده بخمسة عشر يوماً على الأقل. على أنه في مدة العقد الاستثنائي المذكور تجبى الضرائب والتكاليف والرسوم والمكوس والعائدات الأخرى كما في السابق، وتؤخذ ميزانية السنة السابقة أساساً ويضاف إليها ما فتح بها من الاعتمادات الإضافية الدائمة ويحذف منها ما أسقط من الاعتمادات الدائمة وتأخذ الحكومة نفقات شهر كانون الثاني من السنة الجديدة على القاعدة الاثني عشرية. (إن هذه المادّة تعني أن القاعدة الاثني عشرية تنطبق على شهر واحد من كل سنة هو شهر كانون الثاني فقط، فيما الحكومة تعمد إلى الإنفاق على أساس هذه القاعدة منذ 6 سنوات، بل إنها انفقت في بعض السنوات على أساس مشروع الموازنة غير المقدّم إلى المجلس النيابي، وهذه الممارسات تُعدّ من أهم المخالفات الدستورية المسجّلة) ـــــ المادة 87: إن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة، وسيوضع قانون خاص لتشكيل ديوان المحاسبة. (تجري الآن مناقشة مشروع موازنة عام 2010 قبل تقديم الحسابات بين عامي 2005 و2007 إلى المجلس النيابي). ـــــ المادة 88: لا يجوز عقد قرض عمومي ولا تعهد يترتب عليه إنفاق من مال الخزانة إلا بموجب قانون. (كل اتفاقيات باريس 3 هي باطلة بموجب هذه المادّة). ـــــ المادة 89: لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود. (اقتراح قانون الشراكة مع القطاع الخاص الذي رُبط مشروع الموازنة به هو باطل وفقاً لهذه المادّة).
كنعان يسأل الحكومة: لماذا التأخير؟يرى رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان أن مشروع موازنة 2010، بصيغته الحالية، يتضمّن أقل من 8 في المئة من البنود الدستورية، فيما البنود الباقية «مدسوسة» في الموازنة لتهريب قوانين وتعديلات ضريبية وإدارية وغيرها! هذه المخالفات، دفعت النائب كنعان الى توجيه سؤال الى الحكومة عبر رئاسة مجلس النواب أمس، يتمحور حول تأخير إعداد الموازنة العامة غير المبرّر، والذي يتخطى الاصول الدستورية والالتزامات التي أخذتها الحكومة على نفسها في بيانها الوزاري، الذي نالت الثقة على أساسه. وجاء في السؤال: - إن آخر موازنة مصدّقة من المجلس النيابي تعود لعام 2005 وقد جرى تصديقها في مطلع عام 2006، أي بعد انتهاء سنة الموازنة. أما مشاريع الموازنات العامة العائدة للأعوام 2006 و 2007 و 2008 فلم يجر تقديمها إلى المجلس النيابي. - كنا نأمل أن تتقدم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية بمشروع الموازنة العامة لعام 2009، إلا أن ذلك لم يحصل، لا بل إن هذه الحكومة قد اتخذت قراراً بتنفيذ مشروع موازنة العام المذكور كما أعدته وزارة المال، وأنفقت خلال عام 2009 على هذا الأساس، فخاب أملنا. - نص البند 15 من البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الدين الحريري على ما يلي: تتعهد الحكومة بالتقدم من مجلس النواب بمشروع موازنة لسنة 2010 يجسد التوجهات الواردة في هذا البيان في مهلة أقصاها نهاية شهر كانون الثاني 2010 يجري إقرارها بعد إقرار مشاريع قوانين الموازنة للأعوام السابقة، فاستبشرنا خيراً، آملين أن يقدّم مشروع الموازنة العامة لسنة 2010 متأخراً أفضل من أن لا يقدم أبداً. إلا أن أملنا قد خاب للمرة الثانية، فقد انقضى شهر كانون الثاني 2010 دون أن تنفذ الحكومة ما التزمت به. واستمر الوضع على هذا المنوال لغاية الرابع عشر من نيسان 2010 حين رفعت وزيرة المال مشروع الموازنة العامة لعام 2010 إلى رئاسة مجلس الوزراء. كنا نأمل أن تعوّض الحكومة عن التأخير الحاصل بالإسراع في دراسة المشروع في مجلس الوزراء، إلا أن أملنا قد خاب للمرة الثالثة إذ إن شهراً إضافياً يوشك أن ينقضي دون أن تباشر الحكومة بدرس المشروع تمهيداً لإقراره وتقديمه إلى المجلس النيابي، لافتاً الى أن حكومة الرئيس سعد الحريري قد باشرت التمرّس بتجربة حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة اللتين استسهلتا الإنفاق على أساس القاعدة الاثني عشرية. وأشار كنعان الى أن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة. وبالتالي، فإنّ الحسابات المالية العائدة للسنوات من 2005 ولغاية 2007 ضمناً لم تقدّم إلى المجلس النيابي، ما يستوجب تقديمها ودرسها قبل الموافقة عليها وقبل درس حسابات السنة المالية 2008 المقدّمة والموافقة عليها. وانطلاقاً من دور ممثلي الشعب اللبناني في الرقابة على أعمال الحكومة المكرّس دستورياً (المادة 43)، وبموجب النظام الداخلي لمجلس النواب (المواد 124 وما بعدها)، نسأل الحكومة عما يلي: 1- أسباب عدم التزامها بالمهلة المحددة في بيانها الوزاري الذي نالت ثقة المجلس النيابي على أساسه لجهة تقديم مشروع الموازنة العامة لعام 2010 قبل نهاية شهر كانون الثاني 2010. 2- أسباب عدم المباشرة بدرس مشروع الموازنة العامة لعام 2010 في مجلس الوزراء بعد أن أحيل المشروع إلى رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 14 نيسان 2010. 3- المهلة اللازمة للحكومة لدرس مشروع الموازنة العامة لعام 2010 في مجلس الوزراء وتقديمه إلى المجلس النيابي. 4- المهلة اللازمة للحكومة لتقديم الحسابات المالية العائدة لعام 2008 وبالتالي الحسابات المالية المتأخرة العائدة للسنوات من 2005 ولغاية 2007 نظراً لترابط حسابات أي سنة مالية بنتائج حسابات السنة المالية السابقة لها.