الحريري كسر الجليد... تحت ضغط الأساتذة

ارتياح متبادل بين الطرفين والحوار سيستمر والمقاطعة أيضاً (مروان بو حيدر)

من يتابع لقاء رئيس الحكومة سعد الحريري برابطتَي أساتذة التعليم الثانوي والمهني الرسمي، يمكنه الخروج بإيجابية واحدة هي كسر الجليد بين الطرفين. فالحريري، على عكس مواقفه السابقة، قبل بالتفاوض تحت ضغط مقاطعة تصحيح الامتحانات، رامياً الكرة في ملعب مجلس الوزراء اليوم

فاتن الحاجهل «يُقرَّش» الجوّ الإيجابي الذي اتّسم به لقاء رئيس الحكومة سعد الحريري برابطتّي أساتذة التعليم الثانوي والمهني الرسمي نسباً ودرجات للأساتذة في جلسة مجلس الوزراء اليوم؟ وهل سيتحمل الوزراء مجتمعين مسؤولياتهم الوطنية في إقفال ملف لم يعد يحتمل «التمييع» الذي دأب هؤلاء على انتهاجه منذ بداية التحرك قبل بضعة أشهر؟هذا، على الأقل، ما تنتظره القيادة النقابية بعدما ارتسمت ملامح الارتياح على وجوه أعضائها أمس «للانفتاح من قبل الرئيس ومن قبلنا» من دون أن يترجم ذلك لا بموافقة الحريري على الحد الأدنى من مطلب الأساتذة المتمثل بإعطائهم 20 في المئة في صلب الراتب ولا بعودة هؤلاء عن مقاطعة تصحيح امتحانات شهادة الثانوية العامة.صحيح أنّ الحريري لم يشترط على رابطتي الأساتذة تعليق مقاطعة تصحيح الامتحانات كأساس للتفاوض، لكن الصحيح أيضاً أنّه لم يتفق معهما على رقم المطالعة القانونية التي عممها وزير التربية والتعليم العالي د. حسن منيمنة على الثانويات والمهنيات الرسمية. وفي أجواء الجلسة أنّ رئيس الحكومة استمع على مدى ساعتين إلى حيثيات القضية التي باتت معروفة للجميع. أما الأساتذة فقد اكتفوا بطرح نسبة الـ20 في المئة في صلب الراتب من دون تحديد عدد الدرجات، حتى عندما طلب منهم الحريري الاختيار بين «4 درجات (سقف وزير التربية) و7 درجات (سقف الأساتذة)»، متمنين إعلان التوافق من السرايا الحكومية ومن مكتب الرئيس الحريري تحديداً. وبالنسبة إلى نتائج الاجتماع، علق أحد النقابيين: «لا سلبي ولا إيجابي ولم ندخل في جدولة الدرجات لأننا لم نتفق عليها أولاً». ولفت حنا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي، في تصريح له بعيد الاجتماع، إلى «أننا وضعنا رئيس الحكومة في أجواء حقنا الذي أعطي لنا لقاء الزيادة في ساعات العمل، وقدمنا شرحاً تاريخياً مفصلاً باسم الرابطتين معاً حول الموضوع، منذ بدايته في عام 1961 مروراً بمحطة عام 1966 ومحطة عام 1998 وحتى الآن». وأشار غريب إلى «أننا أظهرنا لرئيس الحكومة كيف جرى إخفاء نسبة الـ60 في المئة وكيف ظل أساتذة التعليم الثانوي الرسمي يعلّمون ساعات عمل إضافية من دون أن ينالوا حقهم، منذ حكومة الرئيس سليم الحص في عام 1999 وحتى الآن». وجدد رئيس الرابطة التأكيد «أنّ تحركنا نقابي ديموقراطي مستقل، بعيد كل البعد عن التجاذبات السياسية وأن لا خلفيات له ولا أبعاد، وأن الرابطتين في تحركهما المشترك وبالتنسيق مع نقابة المعلمين في المدارس الخاصة ومع المجلس المركزي لرابطات المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي على وفاق ووحدة نقابية كاملة، وخصوصاً أن الروابط تضم كل التلاوين السياسية على اختلاف أنواعها، وأن الأساتذة ملتزمون نقابياً بقرار الروابط، وهم الذين وقّعوا على مقاطعة أسس التصحيح والتصحيح من أجل الوصول إلى حقهم بالدرجات السبع».ونفى غريب «أن يكون الاجتماع قد توصل إلى نهاية سعيدة، ومع ذلك فالحوار سيستمر، وقد اتفقنا على أن يطرح الرئيس الحريري نتائج النقاش أمام مجلس الوزراء الذي سيعقد غداً (اليوم)، ومن جهتنا سنسير على خطَّي المقاطعة والحوار حتى نصل إلى إنهاء هذا الملف في أسرع وقت ممكن».ورداً على سؤال بشأن التراجع عن المقاطعة بانتظار استكمال الحوار، ما دام للأساتذة ثقة بكلام الرئيس الحريري كما يقولون؟ قال غريب: «سبق أن تراجعنا وقدمنا حسن النية في هذا الموضوع بالنسبة إلى الشهادة المتوسطة (البريفيه)، لكننا لم نصل إلى حقنا، وفي هذا الإطار نطمئن الأهالي إلى أنّ نتائج هذه الشهادة ستصدر خلال عشرة أيام لستين ألف طالب، واليوم أصبح لدينا بارقة أمل وسننتظر قليلاً لكي نصل إلى نتيجة نحل بموجبها مشكلة الطلاب، ونعطي الأساتذة حقوقهم التي لم يأخذوها منذ 12 سنة». وتعهد غريب «بأننا لن نقبل إلا بإعطاء تلامذتنا شهادة على مستوى، وعلى أيدي أساتذتهم».وماذا عن المدارس الخاصة التي أبدت استعدادها لتصحيح الامتحانات الرسمية؟ أوضح غريب أنّ هناك إجراءات وآليات بالنسبة إلى تصحيح الامتحانات الرسمية، ونحن مع رسمية الامتحانات الرسمية، لذلك اطمئنوا لا مشكلة».وعما إذا شعر الأساتذة المقاطعون لتصحيح الامتحانات بأنّهم اتخذوا خطوة ناقصة بأخذ الطلاب رهائن؟ أكد غريب أن «لا أحد يستطيع أن يزايد علينا في موضوع الطلاب، هؤلاء نعيش معهم منذ 40 سنة تماماً كما يعيش معهم أهلهم، ونحن بدورنا أهل، ولدينا أولاد قدموا الامتحانات الرسمية، والجميع يعلم كم عملت الرابطتان لتفادي الوصول إلى خطوة أبغض الحلال، فلم نترك باباً إلا طرقناه منذ مطلع العام الدراسي الجاري حتى الآن، بدءاً من باب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، مروراً بكل الكتل النيابية والوزراء والنواب، ونفذنا إضراباً واعتصاماً وتظاهرة وأظهرنا حقنا مراراً وتكراراً، والحق يعلو ولا يعلى عليه».

وسبق الاجتماع بين رئيس الحكومة ورابطتي الأساتذة الثانويين والمهنيين لقاء تمهيدي مع نقابة المعلمين في المدارس الخاصة برئاسة نعمه محفوض. وأشار محفوض في اتصال مع «الأخبار» إلى «أنّ النقابة المفوّضة من رابطة أساتذة التعليم الثانوي بالتفاوض مع رئيس الحكومة بشأن نسبة الـ20 في المئة والتي هي بتقديرنا 5 درجات، حاولت أن تمهّد لأجواء نتمنى أن تنتهي بصورة إيجابية». ومع ذلك، نقل محفوض عن الحريري قوله «لا أفاوض تحت الضغط ولا أحد يستطيع أن يأخذني إلى موقع لا أريده، وقد حددتُ الموعد مع الأساتذة للاستماع إلى وجهة نظرهم، وليس بالضرورة أن ألبّي ما يطلبونه ولو كنت سأعطيهم 5 درجات لكنت وافقت على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري».ثم شرحت النقابة أهمية المطلب ودور الأستاذ في العملية التعليمية وأنّ الدرجات الخمس هي حل وسط بين 4 و7 درجات. وجدد النقيب التأكيد «أنّ الكل محشور ويجب الوصول إلى نقطة مشتركة بين الجهات الثلاث: الحكومة التي تقول «ما فينا نعطي كل هيدي المبالغ المالية»، والأهالي والطلاب الذين ينتظرون شهاداتهم الرسمية والأساتذة الذين يطالبون بحقوقهم.على صعيد آخر، أكد د. حسن زين الدين، المسؤول التربوي المركزي في حركة أمل، في اتصال مع «الأخبار» أنّ الاتجاه لدى وزراء حركة أمل هو نحو دعم مطالب الأساتذة سواء في الدرجات الخمس أو الـ20 في المئة.

منيمنة: الاستعانة بـ«الخاصة» لإبعاد شبح الإفادات

استبق وزير التربية د. حسن منيمنة لقاء الأساتذة برئيس الحكومة باجتماع مع 30 ممثلاً لمدارس خاصة لا تنضوي داخل اتحاد المؤسسات التربوية. وتناول البحث رغبة المؤسسات في إيفاد مصححين للمشاركة في تصحيح الامتحانات الرسمية إذا لم تصل المفاوضات مع رابطة الأساتذة الثانويين إلى نتيجة إيجابية تنهي المقاطعة، و«لكي لا نقع في الفراغ ونصل إلى خيار الإفادات الذي يرفضه الجميع». وأعرب المجتمعون عن الاستعداد للقيام بتدابير فورية في هذا الإطار. وكرر الوزير القول «إننا ضد مبدأ إعطاء الإفادة، لكن إذا استمرت المقاطعة فربما نلجأ إليها كحل أخير».وأعلن الوزير أنّ جميع المؤسسات داخل الاتحاد وخارجه، أبدت استعدادها التام للتصحيح، طبقاً لما ينص عليه القانون بالمشاركة بين القطاعين في لجان الأسئلة والتصحيح. وأوضح أنّه دعا الرابطة إلى استئناف الحوار وطلب من الرئيس الحريري أن يلتقيها، «فليس نحن من يتعنّت، بل هم يتعنتون بإصرارهم على رفض الاقتراحات، وهناك طرق عدة للضغط، لكن ليس على الطلاب».

عدد الاربعاء ٢٣ حزيران ٢٠١٠
آخر تعديل على Tuesday, 01 September 2009 11:26

الأكثر قراءة